أهلا بك أخي الكريم ...
بالنسبة لسؤالك الأول .. وهو كون نوح عليه السلام هو أول رسول إلى الأرض ؟
فلا ترابط بين ذلك وبين لزوم أن يكون هو رسول للناس كلهم ...
مثال ....
عندي فصول في المدرسة .. ولم يدخل أي مدرس إلى فصله إلى الآن ....
والحين : قد أرسلت مدرسا إلى فصل (
ب) ...
ثم أتبعته بباقي المدرسين : كل إلى فصله .........
السؤال :
هل هناك أي تعارض بين قولي أن المدرس إلى فصل (
ب) : هو أول مدرس أرسلته إلى الفصول ؟؟؟.. وبين أن يُفهم من أولية إرساله أنه أرسل إلى فصل (ب) بعينه ؟!!..
أرجو أن تكون قد اتضحت الفكرة ...
وأما بالنسبة لسؤالك الثاني .. وهو دعاء نوح على كافري الأرض كلهم ...
فله تصريفان ...
الأول :
أن يكون هو ومَن معه بالفعل في ذلك الوقت : هم مؤمني الأرض .. سواء من بين قومهم أو من بين الأقوام الأخرى التي كفرت بدين الله من لدن آدم وشيث عليهما السلام .. بل وإدريس أيضا على أحد الرأيين ... وهذا يردنا لنفس الإجابة على سؤالك الأول ...
حيث جاء في أحد الأحاديث الموقوفة :
حدثنا أبو إسماعيل الترمذي : نا ابن بكير : نا ابن لهيعة : عن يزيد بن أبي حبيب : عن عبد الله بن عمرو بن العاص :
"
أن إدريس أقدم من نوح .. بعثه الله إلى قومه .. فأمرهم أن يقولوا : لا إله إلا الله ويعملوا ما شاءوا .. فأبوا .. فأهلكهم الله عز وجل " ..
وقد أخبر جمع من العلماء أن آدم وشيث وإدريس عليهم السلام كانوا أنبياء فقط .. وعلى ذلك نوح هو أول رسول ...
وهناك آخرون قالوا أن منهم مَن كان رسول : ولكن اختص نوح بوصف أول الرسل لخصيصة كونه للكافرين ..
فإما أنه هلك المؤمنون فلم يبق في الأرض غير الكافرين .. وإما أنه لم يكن هناك غير قومه وكانوا كافرين ..
الثاني :
أن التعميم في قوله : "
رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " : هو تعميم له تخصيص من السياق والمنطق .. ألا وهو أنه يقصد أرض قومه فقط .. وذلك تماشيا مع قول النبي أن كل رسول كان يُرسل إلى قومه خاصة : وأنه قد أرسل -
أي نبينا محمد - إلى الناس عامة .. وكذلك تماشيا مع قول الله تعالى صراحة : "
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه " في أول سورة نوح عليه السلام ...
وهذا التعميم الذي له تخصيص من السياق والمنطق ليس بغريب على القرآن ...
فقد قال عز وجل عن ريح قوم هود عليه السلام : "
تدمر كل شيء بأمر ربها " ..
فالسياق والمنطق يستثنيان باقي بنيان الأرض ومدن الأمم وقراهم إلخ إلخ .. ويُخصص المعنى ببنيان ومساكن قوم هود فقط عليه السلام ..
وهكذا .....
فهذا رأيي الذي اقتنعت به إلى الآن من ظاهر آيات القرآن والسنة وما وصل إليّ من نتائج تاريخية وعلمية ..
ولا أدعي لنفسي اليقين وإنما هو اجتهادي وغيري ...
والله تعالى أعلى وأعلم ....
Bookmarks