الرسالة العاشرة
الحمد لله الذي خلق الكون فنظَّمه وخلق الإنسان وكرَّمه وسنَّ الدين وعظَّمه ووضع البيت وحرَّمه ورفع النجم وسوَّمه وسخر الطير وألهَمه وسير السحاب وكوَّمه وبعث العظم ورمَّمه وأنزل الكتاب وأحكَمه ورفع القمر وقوَّمه وخلق النحل وفهَّمه وحفظ إبراهيم من النار وسلَّمه ونادى موسى وكلَّمه ووهب سليمان ملكاً وفهَّمه وأرسل محمداً بالحق وعلَّمه سبحانه ما أعلى مكانه وأعظَمه وما أكثر جوده وأكرَمه وأعزَّ سلطانه وأقدَمه وما أعظم لطفه وأرحَمه سبحانه من إلهٍ حليمٍ ما أعظَمه.
اما بعد
السلام عليكم أخ هاني ورحمة الله وبركاته كم كان سيكون حوارا شيقا ومفيدا للمسلمين لو أنك وافقت على أن تكون مرجعية الحوار بيننا كلام الله ورسوله وميرزا غلام أحمد رغم أن الأخير لا يعنيني لا من قريب ولا من بعيد ولكن لأنك تؤمن أنه نبي فأضفنا ما قال في كتبه حتى يكون الحوار عادلا ومع ذلك أبيت إلا أن تلزمني باستنتاجاتك وتحليلاتك وكأنك معصوم وعقلك يملك الحقيقة المطلقة وعينك ترى ما لا نرى.وفوق هذا لم تجبني على الكثير من أسئلتي السهلة.وأنا ومن يرى حوارنا _فيما بعد_ سيعلم أني عند كل فقرة من كلامك توقفت وعلى كل سؤال طرحته رددت وحتى أدلة صدقه التي وجدتها لك مهربا من الرد على رسالتي التاسعة بدأت بها أنا قبل أن تحددها أنت حيث ناقشت عن معجزة اللغة العربية التي يتغنى بها كل احمدي وقد فندتها لك وسأضيف لك شيئا جديدا حول معجزته حيث يقول في كتابه ضميمة حقيقة الوحي الاستفتاء ص630 أتقولون سارق؟فأتوا بصفحات مسروقة كمثلها في التزام الحق والحكمة إن كنتم تصدقون وإليك أكثر من 30 فقرة مسروقة من مقامات الحريري
ركز على اللون الأحمر فقط
*يقول الحريري في مقاماته
فما زالَ بهِ قُطوبُ الخُطوبِ وحُروبِ الكُروبِ وشَرَرُ شرِّ الحَسودِ وانْتِيابُ النّوَبِ السّودِ حتى صفِرَتِ الرّاحَةُ وقرِعَتِ الساحَةُ وغارَ المنْبَعُ ونَبا المَرْبَعُ وأقْوى المجْمَعُ وأقَضّ المضْجَعُ واستَحالَتِ الحالُ وأعْوَلَ العِيالُ وخَلَتِ المَرابِطُ ورَحِمَ الغابِطُ وأودى النّاطِقُ والصّامِتُ ورَثى لَنا الحاسِدُ والشّامِتُ وآلَ بِنا الدّهرُ الموقِعُ والفَقْرُ المُدْقِعُ الى أنِ احْتَذيْنا الوَجى واغْتذدَينا الشّجا واستَبْطَنّا الجَوى وطَوَيْنا الأحْشاءَ على الطّوى مقامات الحريري ص 7
ويقول الميرزا
حتى اشتدت عليه الأهوال و صفرت الراحة و نهب المال وأعول العيال و عذب بالعذاب الموقع و دقق بالفقر الموقع و طالما احتذى الوجى و اغتذى الشجى و استبطن الجوى كذلك أنفذ عمره في الكرب وانتياب النوب ثم هاجر إلى الهند مخذولاً ملوماً و عاش مطعوناً مكلوماً ما زال به قطوب الخطوب و حروب الكروب و لعن اللاعنين و طعن الطاعنين حتى تواترت المحن و تكاثرت الفتن وأقوى المجمع و نبا المرتع حجة الله ص 211 – 212
*يقول الحريري
حكى الحارثُ بنُ همّامٍ قال:عُنيتُ مذْ أحْكَمتُ تَدبيري وعرَفْتُ قَبيلي منْ دَبيري بأنْ أُصْغيَ الى العِظاتِ وأُلْغيَ الكَلِمَ المُحْفِظات... وهمْ مُنتَشِرونَ انتِشارَ الجرادِ ومُستَنّونَ استِنانَ الجِيادِ ومتواصِفونَ واعِظاً يقصِدونَهُ مقامات الحريري ص 51
والصّبْيَةُ يتَضاغَوْنَ من الطّوى ويتمنّونَ مُصاصَةَ النّوى مقامات الحريري ص 87
والميرزا يقول
فالحمد لله الذي كفاني من غير تدبيري و جعل لي فرقاً و فرق بين قبيلي و دبيري و كنتم لا تصغون إلى العظات و لا تحفظونها بل تؤذون بالكلم المحفظات... فلا تستنوا استنان الجياد ..و أنه من أعطي حظاً من التقوى و لو كمصاصة النوى فلا يكتم شهادة أبداً كتاب حجة الله ص 191
وأيضا الميرزا غلام قام هنا بقص كل العبارات المكتوبة باللون الاحمر و حشا معظمها في صفحة واحدة من كتابه الإلهامي حجة الله. و المضحك هو أنه عندما استعمل عبارة الحريري لقد أمسيت أخا عيلة لا أملك بيت ليلة فإنه لم يلتفت إلى جملة أخا عيله لأنه استعملها في صيغة الجمع و ليس المفرد حيث قال الميرزا و يمسون أخا عيلة يسألون الناس و لا يملكون بيت ليلة حجة الله ص 190.
لقد اثبتنا أنه كان من السارقين ولقد أتينا بشيء يسير من سرقاته وأن معجزته مجرد قص ولصق من أقحاح العرب.
ثم في رسالتي التاسعة سألتك سؤالا هل معجزة الكسوف المزدوج في رمضان معجزة خاصة بميرزا غلام أم لا؟ وكنت انتظر إجابتك ولم تجب فلماذا قلتَ في رسالتك السابقة أنتظر الآن مناقشة الدليل الأول من الثلاثين أنا منذ أول رسالة بدأت معك بمناقشة أدلة صدق ميرزا غلام وكنت أريد منك أن تضعها لي دليلا دليلا نتحاور عليه ولكن يبدو أن
الكتابة على لوحة المفاتيح بدأت تتعبك فأرسلتَ لي كتابا كمرفق وقد طلبتُ منك أن لا ترسل لي مرفقات حتى من يتابع حوارنا يعرف ما ستقول وعلى كل حال سأعتبر جوابك على سؤالي حول معجزة الكسوف المزدوج نعم وأنت تعرف أن المعجزة شيء خارق للعادة ولا يمكن حدوثها فلهذا يؤيدها الله تعالى لنبيه وحسب ما هو سائد في عصر قومه ليصدقوه أليس كذلك؟
ولنعد قليلا إلى الحديث وسأفنده لك فقرة فقرة وسأثبت لك انه مكذوب عقلا ونقلا حدثنا أبو سعيد الاصطخري حدثنا محمد بن عبد الله بن نوفل حدثنا عبيد بن يعيش حدثنا يونس بن بكير عن عمرو بن شمر عن جابر عن محمد بن علي قال: إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منـه ولم تكونا منذ خلق اللـه السماوات والأرض سنن الدار قطني
1*إن لمهدين آيتين
أي معجزتين ومعتقد الأحمدي لا يؤمن بمعجزات الأنبياء ويؤول كل معجزة حتى يفرغها من محتواها وهنا ازدواجية بغيضة ولو تخلى عن معتقده هذا فسنرد عليه أيضا ونقول المعجزة شيء خارق للعادة كما هو معروف والكسوف المزدوج ليس إلا سنة من سنن الله تعالى وهذا أول دليل على كذب الحديث.
2*لم تكونا منذ خلق السموات والأرض
أي لم تحدثا وقد سجل التاريخ 157كسوف وخسوف مزدوج في رمضان منذ الهجرة النبوية الشريفة حيث أن الكسوف المزدوج يتكرر تقريبا كل 21-23 سنة وأيضا حدث في حياة الميرزا قبل إدعاء المهدية وبعد ولا زالت تكرر وهذا ثاني دليل .
3*ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان
وهذا محال فلكيا فكيف ينكسف القمر أول ليلة وهو أصلا غير ظاهر للعيان وهذا ثالث دليل.
4*وتنكسف الشمس في النصف منه
وهذا أيضا محال فلكيا فكسوف الشمسلا يكون إلا أواخر الشهر القمري أنكم تبحثون عن حديث ينكسف القمر في النصف منه وتنكسف الشمس في آخره ولكن للأسف هذا الحديث غير موجود إلا في خيالكم وتأويلكم الفاسد وهذا رابع دليل.
5*ولم تكونا منذ خلق السموات والأرض
لقد ذكرت لك أن ظاهرة الكسوف المزدوج في رمضان تكرر وستبقى تكرر إلى ما شاء الله تعالى وأيضا تكرر هذه الظاهرة غالبا كل عامين أو ثلاثة أعوام متتالية وقد ظهرت أيضا في عصر دعاة المهدية وإليك بعض الأسماء
*صالح بن طريف البراغواطي ادعى المهدية والنبوة عام 125 هـ
وحدث كسوف مزدوج في رمضان بتاريخ 125 هـ وتكرر في العام 126 هـ وأيضا 127 هـ
*أبو غفير محمد بن معاذ ادعى المهدية عام 268 هـ
وحدث كسوف مزدوج في رمضان بتاريخ 282 هـ وتكرر في العام283 هـ
*أبو منصور عيسى ادعى المهدية والنبوة عام 341 هـ
وحدث كسوف مزدوج في رمضان بتاريخ 349 هـ وتكرر فيالعام 350 هـ
6*رواة الحديث عمرو بن شمر وجابر الجعفي
عمرو بن شمر كذاب رافضي كان يشتم الصحابة رضوان الله عليهم وكذلك جابرالجعفي وقد تكلم العلماء عنهم قبل مئات السنين ولوعدت إلى كتاب سنن الدار قطني لوجدت في الحاشية كلام الإمام عن هذين الكاذبين ولكن الاحمدي لا يرى إلا ما يريد أن يراه تطعنون في أبي هريرة رضي الله عنه وتصدقون عمرو بن شمر
وهل تستوي البعرة والدرة؟
يسعدني استئناف الحوار معك إذاوافقت على أن تكون مرجعية الحوار بيننا كلام الله ورسوله وميرزا غلام وإلا فلا فائدة ترجى إذا لم يكن لأي حوار مرجعية معينة وسيصبح الحوار حوار طرشان.وإذا لم توافق فسأعتبر الحوار قد انتهى ولا كيل لك عندي.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلطان الركيبات
2012/3/13
الرد على الرسالة العاشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي العزيز سلطان
لو أنك تناولت الأدلة دليلا دليلا لكان اعتراض السرقة في مكانه، ومع هذا فلا بأس أن أردّ عليه الآن، فردا على تهمة السرقة التي تحدث عنها بير مِهِر علي شاه الغُلَرْوي والمولوي محمد حسن الفَيْضي، حيث اتهما المسيح ### بسرقة جُملٍ من مقامات الحريري والهمداني وضمِّها إلى كتبه، فردَّ عليهما حضرته بما تعريبه:
"كل ما أدّعيه هو أنني قد أوتيتُ معجزةَ القدرةِ على الإنشاء بالعربية تأييدًا من عند الله تعالى، لكي نكشف للدنيا معارف القرآن وحقائقه بهذا الأسلوب أيضًا، ولكي نسخّر ذلك الاحتراف البلاغي الذي كان قد راج في الإسلام بشكل خاطئ مشين، ونجعله خادمًا لكلام الله العزيز. فما الجدوى من إنكار هذه الدعوى ما لم يكتبوا بمثل ما كتبناه.
أما مجرد الطعن فلم يسلم منه حتى القرآن الكريم، فقد اتهم بعض الأشرار الخبثاء بأن مضامينه مسروقة من التوراة والإنجيل....كما يزعم اليهود عن الإنجيل بأن فيه عباراتٍ مسروقةً حرفًا حرفًا من التلمود. فقد ألف يهودي في الآونة الأخيرة كتابًا - وهو في حوزتي الآن - قدّم فيه عباراتٍ كثيرة من التلمود، وردت أيضًا في الإنجيل دون أي تغيير أو تعديل. وهي ليست بضع جمل أو فقرات، بل إنها تشكل جزءًا كبيرًا من الإنجيل، وهي هي كما وردت في التلمود...
كما ألّف مؤخرًا شخص آخر كتابًا يريد أن يثبت فيه أن "سفر التكوين" - الذي يُعتبر أساسًا وأصلاً للفلسفة التوراتية - قد سُرق من مصدر آخر كان موجودًا في زمن موسى. فكأن كلاً من موسى وعيسى عليهما السلام كان سارقًا في نظر هؤلاء!
هذا فيما يتعلق بالشكوك التي أثاروها ضد الأنبياء عليهم السلام. أما الأدباء والشعراء فقد تعرضوا أيضًا إلى تهم مخجلة للغاية. فهذا هو المتنبي الشاعر الشهير.. لقد زعم شخص أنه قد أثبت أن كل بيت في ديوان المتنبي مسروق من الشعراء الآخرين. وبالاختصار لم يسلم أحد من تهمة السرقة، لا الأسفار الإلهية ولا المؤلَّفات البشرية.
والأمر الذي يتطلب بحثًا وتنقيحًا الآن هو: هل لمزاعمهم هذه حظٌّ من الصدق والصحة حقًّا؟ إنما جوابه أنه فيما يخص عباد الله الذين يتلقون منه الوحي والإلهام فإن زرع هذه الشكوك في القلوب حول وحيهم كفرٌ بواحٌ ودأبُ الملعونين. إذ ليس بعارٍ على الله تعالى أن يُلقي في قلوب عباده الملهَمين عباراتٍ وجُملا من الكتب السابقة، بل هكذا جرت سنة الله منذ القدم.
أما ظاهرة ورود عبارات أو أبيات للأدباء والشعراء القدامى - بعينها أو بشيء من التغير - في كتب المتأخرين، فلا يمكن لنا إلا أن نسمّيها تواردًا محضًا، كما تؤكد لنا التجربة الكاملة. ذلك أن الذين قد خلفوا آلافًا من الصفحات من كتاباتهم البليغة، مِن الظلم أن ننكر بعد ذلك كفاءاتهم الثابتة لمجرد ورود بضع جمل أو فقرات في كتبهم توجد عينُها أو مثلها في مصدر آخر أيضًا.
إذن فحريٌّ بهؤلاء القوم أن ينظروا في قضيتي بعين الإنصاف. لقد كُتب وطبع من مصنَّفاتي بلسان عربي فصيح بليغ حتى الآن اثنان وعشرون كتابًا مقرونةً بالتحدي، بالإضافة إلى الإعلانات المختلفة...
بعد ذلك يذكر حضرته أسماء الكتب المشار إليها ويستأنف قائلا... فكيف يمكن لإنسان أن يُعدّ كلّ هذه الكتب العربية التي تفيض بدقائق المعاني وشتى المعارف والحِكم بدون أن يعطَى بسطةً كاملة في العلم. هل أعدّ كل هذه الكتب العلمية مما سرقه من مقامات الحريري والهمذاني؟ ومتى تتوفر في مقاماتهما ما ذكره في كتبه من معارف الدين ودقائق القرآن التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى؟ هل من الإنسانية أن يتكلموا بهذه الوقاحة؟ لو كان عندهم ذرة من الحياء لآثروا الموت على الحياة، لأن الذي رموه بالبلادة والجهل التام بالعربية.. استطاع أن يكتب هذا الكم الهائل من الكتب بلسان عربي مبين، ولكنهم - مع كفاءاتهم الهائلة التي يدّعون بها - عجزوا عن أن يأتوا بشيء من مثله، وذلك بالرغم من أنه لا يزال يتحداهم باستمرار، ومنذ ما يقرب من عشر سنوات، بأن يؤلّفوا ولو كتابًا واحدًا من مثله. لكن غاية ما فعلوه هو أنهم ما برحوا يردّدون: "لو شئنا لقلنا مثل هذا"، كما فعل الكفار من مكة!!...
لو كان بإمكان الإنسان أن يؤلف كتبًا مليئة بآلاف المعارف والحقائق بمجرد سرقة عبارات من الروايات الخيالية، فمن ذا الذي منعكم طوال هذه الفترة (يقصد حضرته طوال هذه السنوات وهو يتحداهم) من اللجوء إلى هذا الأمر؟ ألا تجدون مثل هذه الكتب في الأسواق حتى تسرقوا الجُمل منها؟ لماذا لزمتم الصمت على اللعنات التي دعونا بها عليكم في حالة عدم قبولكم التحدي؟ ولماذا فقدتم القدرة على كتابة التفسير بلغة عربية فصيحة بليغة ولو لسورة واحدة، حتى تطَّلع الدنيا على مبلغ علمكم بالعربية. لو كانت نيتكم حسنة لجلستم حذائي في أحد المجالس لكتابة التفسير، لكي يَسْوَدَّ في الحال وجهُ الكاذب العديم الحياء. لا بأس، فليست كل الدنيا بعمياء، بل لا يزال فيها أولو الألباب.
لقد أعلنّا مرارًا وتكرارًا أن تعالَوا نبارزْ في تأليف كتيب بالعربية، ثم نحتكم إلى علماء العربية، فلو ثبت أن كتيبكم هو الأفصح والأبلغ فإن دعواي ستُعتبر باطلةً تمامًا. وها إني أقرّ وأعترف الآن أيضًا أنكم لو نازلتموني في ميدان كتابة التفسير بالعربية، ثم ثبت أن تفسيركم هو الأفضل والأعلى لفظًا ومعنًى، فسوف أعطيكم خمس روبيات على كل غلطة تعثرون عليها في تفسيري. فالأولى بكم - قبل أن تطيلوا عليّ ألسنتكم بالمطاعن التافهة هكذا - أن تُثبتوا علوَّ كعبكم في العربية بكتابة التفسير العربي. ذلك أن الذي لا يكون ضليعًا بفن من الفنون فإن طعنه على رجالات ذلك الفن لا يستحق الاعتبار أبدًا...
ثم يشرح حضرته مسألة اقتباس العبارات فيقول:
ويعرف الأدباء أن ورود بضع جُمل مقتبَسةٍ في كتاب يحوي آلاف الجمل والفقرات لا يقدح في قوته البلاغية أبدًا، بل إن مثل هذا الاقتباس يزيده قوةً وبلاغة. انظروا إلى التوارد المتواجد في شطر بيت واحد لدى اثنين من أصحاب المعلقات السبع:
حيث يقول أحدهما: يقولون لا تَهلكْ أسًى وتَجمَّلِ
بينما يقول الآخر: يقولون لا تَهلكْ أسًى وتَجَلَّدِ
فبالله، أخبِروني الآن أيهما سارق.
علما أن صاحب المعلقة الأولى هو امرؤ القيس والثانية لطرفة بن العبد
ويتابع حضرته فيقول: "إن الجاهل لو سُمح له أن يكتب ولو بسرقة من كلام الآخرين فلن يقدر على كتابة شيء، لأنه محروم أصلا من المقدرة الأساسية. أما الموهوب القادر على الكتابة المسترسلة دون أية صعوبة إذا بيّن المواضيع العلمية الحكيمة والمعارف والحقائق دونما عائق وفي عبارة بليغة مليحة فلا بد من اعتبار كلامه أمرًا معجزًا دونما شك". نزول المسيح، ص 59 - 65
لا شك أن ما اقترحه المسيح الموعود ### على معارضيه من أن يجلسوا حذاءه لكتابة التفسير بالعربية، لأمرٌ يبطل كل ما رموه به من تهم وطعن. إذ لو كان ### في الواقع جاهلا بالعربية، يستكتب مؤلّفاتِه من الآخرين وينشرها باسمه.. لما قدر على الجلوس حذاءهم في حشد من الناس، لكتابة تفسير يحتوي على شتى المعارف والحقائق المبتكرة، بلسان عربي مبين، وبالتالي لانكشف على الناس بكل سهولة صدقُ ما يقوله المشايخ ضده. ولكن انحرافَهم عن سلوك هذا الطريق البسيط السهل وعدمَ قبولهم هذا التحدي بشتى الأعذار في كل مرة.. يدل دلالة واضحة على أن كل ما ساقوه ضده من اعتراضات وتهم كان سخفًا على سخف وكذبًا في كذب. كما يؤكّد هذا أن الله تعالى هو الذي وهب المسيحَ الموعود### بسطةً في علم العربية بشكل خارق، ومن أجل ذلك لم يجرؤ معارضوه على قبول التحدي الصادر من قبله.
هل يستطع طالب في الابتدائية تعلّم قليلا من الإنجليزية أن يقتبس من شكسبير عبارات رائعة ويوظفها توظيفا رائعا؟ لو فعل هذا لكان ذلك أمرا خارقا ومذهلا. هذه هي القضية ببساطة، فالتناصّ الذي يتحدثون عنه ويسمونه سرقة هو دليل آخر على قوة إعجاز آية الكتابة بالعربية البليغة المليئة بالمعاني.
إنه دليل على قدرة المسيح الموعود ### على فهم مقامات الحريري وغيره، والتي لا يسهل فهمها على كثير من العرب أنفسهم، ثم هو دليل على قدرته الكتابية الإعجازية؛ حيث يستطيع أن يقتبس من هذه النصوص، ثم هو دليل على قدرته على وضع المعاني في هذه القوالب التي كانت في أصلها ضعيفة في معانيها. فهي معجزة ثلاثية.
ومع هذا فلا أقول إنه كان يقتبس، بل إن عاشق لغة كتاب الله تتوارد على قلبه العبارات الجميلة بكل سرعة، وهذا مكمن معجزة اللغة العربية، وإلا فلا أرى أن حضرته معه وقت ليراجع هذه المقامات ثم يقتبس منها بهذه الطريقة، ولو فعل هذا لكانت معجزة من نوع جديد، و ستظل معجزة، وفي كل الحالات هي معجزة.. أي هي قدرة خارقة زوده الله تعالى بها بفضله الخاص فتحدى بها الجميع ولم يجرؤ أحد على مقابلته.
أنت تضع تعريفا للمعجزة لا دليل عليها من كتاب ولا من سنة، ثم تبني عليه، وإلا فلو حدث هذا الخسوف والكسوف في كل رمضان فلا يُنقص من قيمة هذه المعجزة، ولو صادف ألفا من أدعياء المهدوية السابقين ما نقص من هذه المعجزة شيئا، لأنّ أحدا من هؤلاء لم يعلن أن هذه الآية تخصّه. وبهذا ينتهي كل الشغب حول تكرر هذه الآية، ولا داعي لأن يُبحث فيه أصلا.
أما حديث الدارقطني فمهما قيل في ضعف رواته، أو في كذبهم فهذا لا يؤثر شيئا ما دامت نبوءة قد تحققت.
يكفي أن تقرأ شعر المسيح الموعود بعيد حدوث آية الخسوف والكسوف لتعرف أنها معجزة مزدوجة لا يُنقص من قيتها اعتراضات الزائغين. أدعو الله تعالى ألا تكون منهم.
والسلام عليكم
هاني طاهر
Bookmarks