الزميل كونور، بل يبدو أن تصورك لمعنى (الحق) هو الخاطئ .. وتعريفك له يناقض مفهوم الحقيقة نفسها .. حيث تقول:يبدو أن هناك مفهوم خاطىء حول مسألة " الحق و الباطل " و سأوضح أكثر ..
الحق هو كل ما يؤمن به الإنسان بأنه صحيح .. و أن غيره خطأ ..
لو كان الحق نسبيا.. فلماذا النقاش أصلا بين عقول مختلفة في غياب مرجع أعلى يفصل بنيها؟كما أن الحق و الباطل أشياء نسبية فكل شخص يرى الحقيقة بحسب منظوره .. فأنا ملحد لأنى مقتنع بالإلحاد و أنت مسلم لأنك مقتنع بالإسلام
لو كان الحق نسبيا.. فمن أين أتيت بالقاسم المشترك الملزم لجميع الأطراف المتحاورة؟
ما كنت لتقبل الحوار- من حيث المبدأ - مع المخالف لولا إيمانك بوجود حق غير نسبي يلزم جميع الأطراف.
بذلك ترد غلى نفسك يا زميل..لذلك لا يجب على أحد ألا يحكم على الحق و الباطل بما يؤمن به فحسب .. بل يجب أن ينظر للأمور من منظور أعلى ..
لأنك في الأصل تحدثتَ عن الحق كأمر نسبي.. ثم رددتَ على نفسك بالحديث عن "منظور أعلى"
والسؤال الآن ما هو مصدر ذلك المرجع الأعلى الذي تؤمن به .. والذي يحكم على العقول المختلفة؟
بأي منطق أدركتَ وجود النسبية نفسها؟على الجميع أن يعلم أن كل الآراء هى وجهات نظر فى النهاية و هى لا تعبر عن واقع مطلق ..
كالراكب للطائرة فهو ينظر للبلاد بمنظور مختلف عن الماشى على قدميه فى أرضٍ ما ..
عندما تقول أن (الراكب ينظر الى ينظر للبلاد بمنظور مختلف عن الماشى) = (الجملة 1)
فهل تؤمن بصحة (الجملة 1) أم تؤمن بنسبيتها أيضاً.. وبصحتها وخطأها حسب العقول؟
الذي لم تلاحظه يا زميل أنه لا يمكنك أن تتحدث عن النسبية دون تحديد منطق مطلق ينظم ويضبط تلك النسبية !!
ما زال السؤال قائما: ما هو المرجع الأعلى الذي تسميه " منظور أعلى" والذي حكمتَ به على نسبية الحالات المختلفة؟
جميل.. بذلك تناقض تعريفك الأصلي للحقيقة .. حدد إذاً مرجعية تلك (الأرضية الواحدة) التي لا تتغير رغم اختلاف العقول.عندما تحاول إثبات شىء .. يجب أن نتفق على أرضية واحدة نقف عليها
بذلك تناقض اقتباسك السابق الذي يناقض بدوره اقتباسك الأول..هناك فرق بين كلمة "حقيقة" و بين كلمة "حق" لأنّ الحقيقة غير موجودة .. نعم إنّ الحقيقة غير موجودة .
بما أنت تقول أن الحقيقة غير موجودة، فهل حقيقي "أن الحقيقة غير موجودة" ؟ هل تؤمن أنك محق عندما تنفي وجود الحقيقة ؟
المجنون أيضا يفكر إذاً هو موجود..لا توجد إلا حقيقة واحدة و هى : أنا أفكر .. إذاّ أنا موجود .. أما غير ذلك من الأمور .. فما أدراك أنها حقيقة ؟
بعد أن اتفقنا أن الجميع موجود .. فهل تمتلك - أرضية مشتركة - غير حقيقة وجودنا - تلزم المتحاورين العقلاء ؟
عندما تحاول بناء استدلال سليم، هل تعتمد فقط على حقيقة أنك موجود؟ أم تعتمد على حقائق بديهية أخرى؟
أتفق مع تماما أن "الحق" كما تعرفه أنت هو شيء نسبي..أما "الحق" فهو شىء نسبى بحت .. كذلك كلمة "باطل" لأنه - ربما - لا يوجد اثنان فى هذا العالم يتفقان على "حق" واحد ..
مثال : هناك المسيحى الذى يقول بأن "يسوع" هو الله أو ابن الله .. هل أنت تراه على "حق" ؟ لا .. هل أنا أراه على "حق" ؟ لا .. هل هو يرى نفسه على "حق" ؟ نعم ..
وحسب تعريف فإن المجنون على حق بما أنك تقول أن "الحق هو كل ما يؤمن به الإنسان بأنه صحيح"
والمجنون يفكر .. إذاً هو موجود .. إذاً هو على حق .. (دائما حسب تعريفك)
المنهج القرآني في إثبات الحق لا علاقة له بفهمك الخاص للحق.. فلن تجد آية تقول "الحق هو الذي تراه.. لأنك تراه" فهناك فرق بين الحق و الهوى.ربما أنا لا أكلمك الآن و أنت فى مجرد حلم لم تستيقظ منه بعد .. أما "الحق" فيختلف من كل إنسان لآخر .. فأنت ترى أن الإسلام هو "حق" و غيرك يرى أنه "باطل"
دعنا يا زميل من "أكروباتية المصطلحات"!! إن كانت لديك مشكلة في استعمال هذه الكلمة "الحقيقة" .. فما رأيك أن نستعمل "权利" كوصف لما هو صحيح وملزم لكل عاقل ؟ فالدليل والبرهان الذي تسأل عنه لا يعتمد على نوعية الحروف التي نسمي بها الأشياء.. بل يعتمد على إقرارك وإيمانك بـ(الأرضية المشتركة) و(المنظور الأعلى) و(المرجع المطلق) للحق. والذي بدونه لن يكون هناك معنى للحوار بين عقول مختلفة وحادثة ومتغيرة. الإيمان من حيث المبدأ بجدوى الحوار بين العقلاء .. لا بد أن يسبق إيمان بمرجع أعلى هو المدخل لإثبات وجود الله.و لاحظ أننا لا نتحدث عن "الحقيقة" بل عن "حق" و "باطل" .. فإن ادعيت أنك تمتلك الحقيقة فعليك أن تثبت أنك تمتلكها بالدليل و البرهان ..
مرة أخرى:لاحظ أنك تدعى امتلاك الحقيقة المطلقة .. و هذه مغالطة لأن الحقيقة التى تدعى امتلاكها اذا كانت فعلاً الحقيقة .. لما رأيت اثنان يختلفان عليها الآن ..
فما هو القاسم المشترك الذي تؤمن به .. والذي ستلجأ إليه العقول المتحاورة.. لتحتكم إليه وتلتزم به؟
- بما أن المطلق نقيضه النسبي
- وبما أن النسبية هنا متعلقة باختلاف المراجع العقلية
- وبما أنك لا تؤمن بوجود حقيقة مطلقة
تحياتي.
Bookmarks