بما أن الملاحدة أنواع... قناعتي هي باختصار كالتالي: أنا مقتنع أن جميع الأديان هي صنع بشر. أما وجود الله من عدمه، فلا أدري. يحتمل أن يكون موجود، و يحتمل أن لا يكون موجود.
قناعتي تنبعث من هذه المحاور الرئيسية:
1- الكون و الوجود مجهولين جدا لدرجة يستحيل علينا الوصول لإستنتاج علمي بشأن وجود الله من عدمه. و حتى لو حاولنا الوصول للجواب فلسفيا و منطقيا، و ذلك عن طريق العلة الأولى.. فلماذا لا تكون العلة الأولى هي القوانين الكونية مثل ميكانيك الكم و الجاذبية و غيرها؟ هذه القوانين قادرة على خلق المادة و الأبعاد و الكون كما ذكر ستيفن هوكينق و غيره من علماء الفيزياء. أما السؤال عن من خلق هذه القوانين، فهو كمن يسأل عن من خلق الله. أي حجه يقولها المؤمن بالله للجواب على سؤال من خلق الله، يمكن استخدامها للجواب على سؤال من خلق القوانين. و بهذا يبقى الاحتمالين كلاهما مقبولان عقليا.
2- التصميم الذي نراه في العالم يمكن أن يكون الله صممه... و يمكن أن يكون نتيجة انتخاب طبيعي. الانتخاب الطبيعي يسمح بتراكمات الصدف البسيطة لصنع شيء معقد يبدو لنا و كأنه مصمم. كل أرقام الإحتمالات التي يحتج بها المؤمنين لا تمت للإنتخاب الطبيعي بصلة. أنا أول من يستنكر مثل هكذا صدف معكم، و لهذا أتقبل الإنتخاب الطبيعي و ليس الصدف المستحيلة. و إنما كما قلت، صدف بسيطة متراكمة. و بهذا، يصبح لدينا احتمالين منطقيين.. إما أن الله هو المصمم، و إما أن التصميم عن طريق الانتخاب الطبيعي.
3- أما بالنسبة للأديان، فهي تفتقر للدليل. بمعنى، أين البرهان أن هذا الكلام من عند الله؟ سأخص الدين الإسلامي لأنه هو مجالنا. أكثر حجة أسمعها هو أن يأتي أحد بمثل هذا القرآن. لدي إشكالات عديدة مع هذه الحجة.
الإشكالية الأولى: هل كون أنه لم يأتي أحد بمثل هذا القرآن دليل على أن مصدره غير بشري؟ موسوعة جينيس مليئة بالأرقام القياسية التي لم يتفوق عليهم بها أحد. نيوتن مثلا أتى بإنجازات علمية لم يأت بمثلها أحد لا من قريب ولا من بعيد. هل نيوتن إله أو نبي؟ الشاهد هو أنه حتى لو افترضنا أن القرآن هو أفضل كتاب عرفه البشر.. هل هذا دليل أن مصدره غير بشري؟
الإشكالية الثانية: من الحكم على نتيجة التحدي؟ بمعنى أنه لو أتى أحد بكتاب آخر و قال أن كتابي خير من القرآن. من يحكم هل هذا الكتاب فعلا أفضل أم لا؟ المسلم بطبيعة الحال لن يرى أفضل من القرآن، و الملحد سيرى كتبا كثيره أفضل من القرآن. المسألة أدبية و فكرية، و ليست رياضيات حتى نظهر برقم واضح يقبله الجميع.
4- الحجة الأخرى التي نسمعها كثيرا هي الإعجاز العلمي. و هذه لا أرى لها وزنا لأنها باختصار بأثر رجعي. إذا كان النص صحيح و صريح، لماذا لم يكون هذا النص هو مصدر هذا الاكتشاف العلمي؟ جميع حجج الإعجاز العلمي لا أراها تخرج عن إحدى هذه الحالات: إما أن النص مبهم و يحتمل عدة معاني، و بهذا تنتفي الحجة. و إما أن المعلومة كانت معروفة قبل 14 قرن، و بهذا لا يوجد إعجاز. و إما أن الزعم خاطئ من أصله، و أنه العلم الحديث لا يقول بهذا الشيء أصلا.
5- إضافة إلى نقص البرهان على إلاهية مصدر الإسلام... فإنه توجد أخطاء علمية صريحة. أحد أشد الأخطاء هو قصة يأجوج و مأجوج. هذا الشعب محبوس خلف سد بين جبلين، و سيتم هدم السد في آخر الزمان. نحن الآن نرى الكوكب كاملا بالأقمار الصناعية. أين هذا الشعب الذي يحاول نقب السد يوميا؟
أعتذر جدا على الإطالة.. و لكن أحببت أن أوضح نظرتي بشكل شمولي. لا داعي للرد على كل المحاور، و إنما يمكن إختيار أحدها و نتباحث فيه.
لكم جزيل الشكر على تقبل طرح الرأي الآخر في هذا المنتدى و هو ما يندر في المحتوى العربي. و لي طلب بسيط و هو عدم السخرية، و أيضا عدم القص و اللصق. نريد الحوار واضح و مباشر حتى نعرف مواطن الاختلاف بالظبط.
تحياتي.
Bookmarks