قضية وجود الشر في العالم بين الايمان والالحاد
-----
بسم الله الرحمن الرحيم :
" سأل سائل بعذاب واقع* للكافرين ليس له دافع" سورة المعارج
وهذا السائل هو النضر بن الحارث حين قال: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" وهو ممن قتل يوم بدر .
والمعنى: دعا داع على نفسه بعذاب واقع و لا يدفع ذلك العذاب الواقع به أحد
----
قضية وجود الشر في العالم من القضايا التي ناقشها الملحدون والمؤمنون ..
فاي الفريقين اعمق فكرا واصدق قولا ؟
يسأل الملحدون: اي إله عادل ذلك الذي تقوم للشر قائمة في ملكه؟!! بين حروب لا تنتهي، وكوارث لا تنقضي، واوبئة تصيب الكبير العاقل والصغير الغافل، وغلبة الظالم للمظلوم، وانتشار الجور والاستبداد حينا بسيطرة فرد على جماعة، او اقلية على اغلبية .

بينما يسأل المؤمنون : هل يمكن نور بغير ظلمة؟ وهل من المعقول ليل بغير نهار؟ وهل من سمات الخلق السوي في كون الله الواسع ان يكون على نهج واحد لا يتغير ولا يتبدل؟ وأي معنى للرحمة دون الم؟ وللمحبة دون بغض؟ وللسلم دون حرب؟ وللجمال دون قبح؟ واي حكمة الهية تُفْترض في عالم يستوي فيه الحسن بالسيء؟ والقوي بالضعيف؟ وكيف تقاس الاحكام إن لم نعرف اضدادها؟ وكيف تعرف الفروق بين الاشياء إن لم توجد المتفرقات؟ وأين هو الشر المحض الذي لا خير فيه؟ اهو موجود في دنيا الناس؟!، ثم هل نكره النار لأنها تحرق؟ وهل نكره الماء لأن الجاهل بالبحر واهواله قد يغرق؟ وهل نعاف الطعام لأن اناس قد زاد عن حاجتهم فماتوا تخمة؟ واخرين نقص عن مقدار ما يحتاجونه فماتوا جوعا؟

كل ذلك يعلمه المؤمنون بالبديهة، فلا حجة في الشر على انعدام العدالة الالهية، بل ان وجود ما نسمية الشر اكثر دلالة على وجودها، فما هناك شر محض لا خير فيه لاحد، ولا خير محض لا ضرر منه على احد، إنما هي نسب تتفاوت في دنيا الاحياء والاموات وتسع الكون كله

والواقع ان قضية الشر، دفعت المؤمنين الى سؤال جميل قالوا: وأين حرية الارادة في عالم لا خير فيه يطلب ولا شر فيه يدفع؟ وما قيمة الحرية إن لم تكن اختيارا بين متناقضين؟

صحيح، ما قيمة الحرية هنا؟!!