تصيبك الدهشة إلى حد الغضب ، ويصيبك العجب إلى حد الحنق و أنت تقرأ ما يكتب في الصحف في شأن الفتوى الشرعية . تلك الكتابات التي تمتلئ بعبارات ملغمة وكلمات مخيفة مثل (فوضى الفتوى) ، وترديد مصطلحات جذابة مثل ( توحيد الفتوى ) و ( ضبط الفتوى) و (التيسير ) وما شابه !

تطرح الكتابات المنافقة موضوع الفتوى بانتقائية عجيبة وتدفع باتجاه هدم هذه الممارسة الشرعية الأصيلة وإعادة بناءها وفق المنظومة العلمانية والرؤية المتحررة للدين والتدين .

والعجيب أن هذا الطرح يعارض ما يسعى المنافقون أنفسهم إلى نشره والترويج له من دعوى حرية الرأي وفتح الباب أمام من شاء أن يتكلم في أمر الدين والدنيا دون قيد ولا شرط .
و هذا الطرح يخالف ، من جانب أخر ، سنة الله في خلقه في اختلافهم وتباين رؤاهم و أحكامهم ، وهو اختلاف استطاع المسلمون أن يتعايشوا معه طوال قرون مند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي وفتح الباب أمام الاجتهاد ، وصدرت من العلماء أنفسهم مند القرون الأولى ضوابط في هذا الشأن ، ولم يكن أبدا من بينها منع الناس من الإفتاء ما داموا يقولون بقول الله و قول رسوله صلى الله عليه وسلم ويستنبطون الأحكام وفق الأصول الفقهية المعتبرة !


إن من المحزن أن ينجر البعض ويشاركوا في هذه الحفلة الصاخبة المنكرة التي ينتقص فيها من العلم وأهله ويوضعون موضع التهمة !

لقد ورد عن الأئمة الأربعة كلهم في عبارات متقاربة قولهم ( الدليل هو مذهبي ولو خالف قولي الدليل الشرعي فاضربوا بقولي عرض الحائط ) !

لماذا يصيب المنافقين الهلع والخوف من الفتاوى المؤصلة والمبنية على الدليل الشرعي من علماء مختصين كما هو الحال في فتاوى الشأن الاقتصادي مثلا ؟
لماذا يصر المنافقون - ومن يتبعهم من الجهلة بالعلم الشرعي وأصحاب الأهواء - على فرض الفتوى التي تتفق مع رؤيتهم في التمييع - وان سموه التيسير - ورفض ما عداها ؟

أليسوا يدعون أن الفتوى لا تؤخذ إلا من العلماء المختصين ، وينعون على الشباب الإفتاء دون علم ، ويتباكون على ( الفتوى ) التي صارت مرتعا لكل من هب ودب ؟
ماذا يريدون على وجه التحديد ؟ و لماذا يصرون على الوصاية على الناس و فرض رؤيتهم فيمن تؤخذ منه الفتوى ومن لا تؤخذ ؟
و لماذا لا يتركون الناس يقصدون العلماء الشرعيين المشهود لهم و يأخذون عنهم دينهم ؟

لماذا يصمتون صمت القبور عن صحفيين أغرار يكتبون في الشأن الديني ويطلقون الأحكام الشرعية بلا زمام ولا خطام ويخوضون في المسائل الشرعية في جرأة عجيبة في ذات الوقت الذي ينتفضون فيه ويصيبهم السعار حين يفتي أستاذ مختص في أمور الشريعة بفتوى لا تهواها عقولهم الصدئة ؟

إن من المحزن أن ينجر البعض ويشاركوا في هذه الحفلة الصاخبة المنكرة التي ينتقص فيها من العلم وأهله ويوضعون موضع التهمة !
ألا يعي أولئك أنهم صاروا من حيث لا يشعرون أدوات فاعلة لتنفيذ مشاريع تغريبية تلبس لبوس الإصلاح وترفع فيها شعارات مضللة كاذبة ؟

http://www.almoslim.net/figh_wagi3/s...ain.cfm?id=431