كتب محمد رشيد بمنتدى الشريعة
أما بعد .. فقد وجدت تخبطا لدى طلبة العلم في تمييزهم ( المعلوم من الدين بالضرورة ) و ( المجمع عليه ) .. و تفرع على هذا الخبط في التمييز خبطا في الأحكام المبتنية على صحة التمييز ، فكتبت الضابط لحل هذا الإشكال ، و اسأل الله تعالى أن ينفع به و أن يجعله في ميزان حسناتي .. آمين
خذ مني هذا الضابط اخي الطالب و عض عليه
(( كل معلوم من الدين بالضرورة مجمع عليه ، و ليس كل مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة ))
فالإجماعات نوعين ، نوع علم من الدين بالضرورة ، و هذا هو الذي يكفر جاحده أيا ما كان ، و أيا ما ادعى ، و نوع لم يعلم من الدين بالضرورة ، و هو معظم الإجماعات المعلومة لدى الدارسين للفروع .
وخذ هذا الضابط النفيس للإمام ابن عابدين رحمه الله تعالى الذي ذكره في حاشيته القيمة (( رد المحتار على الدر المختار )) ، يقول 4 / 242 حلبي :
(( مطلب في منكر الإجماع
وهذا موافق لما قدمناه عنه من أنه يكفر بإنكار ما أجمع عليه بعد العلم به ، و مثله ما في نور العين عن شرح اللعدة أطلق بعضهم أن مخالف الإجماع يكفر ، و الحق أن المسائل الإجماعية تارة يصحبها التواتر عن صاحب الشرع كوجوب الخمس و قد لا يصحبها ، فالأول يكفر جاحده لمخالفته التواتر لا لمخالفته الإجماع ))
ثم قال :
(( أو لم يكن الإجماع إجماع الجميع أو كان ، و لم يكن إجماع الصحابة أو كان ، و لم يكن إجماع جميع الصحابة ، أو كان إجماع جميع الصحابة ، و لم يكن قطعيا بأن لم يثبت بطريق التواتر ، أو كان قطعيا لكن كان إجماعا سكوتيا ، ففي كل من هذه الصور لا يكون الجحود كفرا ، يظهر ذلك لمن نظر في كتب الاصول ، فاحفظ هذا الأصل فإنه ينفعك في استخراج فروعه حتى تعرف منه صحة ما قيل ؛ إنه يلزم الكفر في موضع كذا ، و لا يلزم في موضع آخر ))
فاحفظ و دقق في إناطة الحكم بالكفر بالتواتر وإناطته بمجرد الإجماع ، فإني رأيت ذلك مما يخلط فيه كثير من الطلبة ، حتى كان الطالب يكفر بمجرد الإجماع الذي قد يكون هو علمه لتوه بعد ن كان يجهله منذ ساعات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندنا مسائل مجمع عليها ، و هذه المسائل لو أردنا تقسيمها سنرى منها ما لا يعلم الإجماع فيه إلا بالتتبع و الدراسة ، كحرمة حلق اللحية ، و كنجاسة الدم المسفوح ، وكميراث الجدة للسدس . و منها مسائل معلومة من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة ، و حرمة السرقة .
فهذه المسائل التي هي معلومة من الدين بالضرورة يكفر منكرها ، لا لمجرد كونها مجمع عليها ، بل لأمر زائد فيها و هو كونها معلومة من الدين بالضرورة ، أي أنها متواترة في الأمة ، و لا يعذر منكرها بالجهل لأنها لا يتصور الجهل بها . بخلاف المسائل الأخرى المجمع عليها و التي لا يكفر منكرها ، لأنها ليست معلومة من الدين بالضرورة .
ومن هنا يكون الغلط من بعض الطلبة في إطلاق أن مسائل الإجماع يكفر منكرها ، و إنما الصحيح هو أن المسائل التي يكفر منكرها هي مسائل الإجماع التي علمت من الدين بالضرورة ، دون مسائل الإجماع التي لم تعلم من الدين بالضرورة ، أي لم تتواتر في الأمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط الموضوع
http://www.sharee3a.net/vb/showthread.php?t=1697
Bookmarks