النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: (شارعٌ غيرُ آمنٍ للجميع) .. صفعةٌ في وجهِ (منظومةِ ‏التحرير) !!‎

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مِن كل بلاد الإسلام أنـا.. وهُـم مِنـّي !
    المشاركات
    1,508
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي (شارعٌ غيرُ آمنٍ للجميع) .. صفعةٌ في وجهِ (منظومةِ ‏التحرير) !!‎


    (شارعٌ غيرُ آمنٍ للجميع) .. صفعةٌ في وجهِ (منظومةِ ‏التحرير) !!‎

    كتبه/ أميرة الجلباب.
    ‎‎
    ***
    ‎‎
    في غمامةٍ مُعتمةٍ من هواجسِ الخوفِ المحيط‎.. ‎ وحالِ ضنكٍ وشرٍ يُنتظر .. وعلى شفا جُرُفٍ هارٍ من نقيعِ الخطر ..
    ‏أضحت‎) ‎المرأةُ الجديدة)(1) تعيش حياتَها اليوم تحت مِظلةِ ‏‏(المنظومةِ التحرُّريَّة)(2).. كما أراد لها من قبلُ ‎‎مُحرِروها .. ‏وكما خَطط لها من ولدوها .. لمّا خرجوا مبَشِرين بها يومَ مولدِها‎‎‎ .. ‎ولكنهم في ظلام الخبثِ وأَدوها‎ !!

    كم كانت وجوهُهم سوداء ‎!

    صمتـًا !.. لا‎‎تسلْ بأيِّ ذنبٍ قتلوها‎..

    صعبٌ براءتُها هنـا‎ !

    فلا تسلْ حُزنَ القلوبِ‎ .. ‎ولا دمعَ المروءةِ والحيـاء‎..

    ولا تسل ندي الجبينِ إذا ما انكشفَ الغطـاء‎..

    ولا تسل عن غيرةِ الحُر .. ولا روحِ الإبـاء‎..

    وسل أُمتي عن شِرعةٍ ‎‎نُبذت وراء..

    فحلَّ البـلاء‎ !

    الخطبُ جمٌّ .. ولا عـزاء‎!!


    تبحثُ عن أمان‎ !
    ***


    هل أُخبرتْ؟!.. لقد أضحت ‎‎مهمةُ العثورِ على (شارعٍ آمنٍ ‏للجميع)(3) .. مهمةً شاقةً، ومعاناةً دائمةً، وأزمةً‏‎‎ نفسيةً.. ‏تُثقلُ كاهلَ (المرأةِ الجديدة)، وأُمنيةً ‎‎من الأمانيِّ العزيزةِ عندَها، كلما أرادت الخروجَ من ‏بيتها!.. فهي اليومَ وكلَّ يومٍ ‎تتوقعُ الخطرَ الدَّاهمَ أن يصيبَها ‏والأذى أن يحيطَ بها.. في ظلِّ منظومةِ التحررِ ‎‎والعلمانيةِ ‏والاختلاطِ والمساواةِ والتقدميةِ النكراءَ التي ابتدعوها، وفي ‏النفوسِ ‎‎نفثوها، وفي كلِّ مناحي الحياةِ بثّوها، وفي عروقِ ‏المجتمعِ سَرى سُمُّها وبدمِه ‎‎مزجوها‎.

    ‎ضريبةً تنزلُ كالمطرقةِ على رؤوسِهم.. وفضائحَ تُزلزِلُ قواعدَ ‏منظومتِهم ‎‎المتهالِكة.. وتتصدعُ أركانُها وهي للسقوطِ أصلاً ‏آيلة.. وتنفرجُ بوضوحٍ فيها هذه الشقوقُ‎‎ الغائرة.. التي لم ‏يكن يراها من قبلُ إلا البصير‎!

    وكم نصحَ البصيرُ: أنِ ‎‎احذروا..
    فقالوا: لا نُحبُّ الناصحين‎!

    وقد بُحَّ صوتُ المنادي مشفِقًا: لا تفسدوا..
    ‎فقالوا: إنما نحن ‏مصلحون‎!

    تجمعت غمامةُ الخوفِ هذه مثلَ (سحابةٍ سوداءَ) في ‎‎سماءِ ‏حياةِ هذه المرأة كلما أرادت الخروج من بيتها، بعدما أفرزَتها سنواتٌ طِوالٌ من تدويرِ نفاياتِ ‏منظومةِ التحررِ‎‎ الغربيةِ في القلوبِ والعقولِ وفي وسائلِ ‏الإعلامِ والتعليمِ والفنِّ والفكرِ والثقافة‎!

    تحت غمامةٍ دهماء، وتحت مِظلةٍ سوداءَ، باتت (المرأةُ ‏الجديدة) تعيشُ حياتها.. ظلماتٌ‎‎ بعضُها فوق بعض.. ومن لم يجعلِ اللهُ له ‏نورًا فما له من نور‎.

    رحم اللهُ آدابًا‎‎ مزَّقوها.. وحضارةً رفضوها.. بَشَّرت بخروجِ ‏‏(المرأةِ المسلمة) من بيتها وهي آمنة، من القادسيةِ إلى بيتِ الله‎‎ تعالى لا تخاف أحدًا إلا اللهَ ‏تعالى‎!



    نظرةُ تأمُّلٍ وتحليل‎!
    ***


    إن ‎‎المجتمعاتِ بطبيعتِها في حالٍ دائمةٍ من التغيُّرِ والتحوُّل، ‏وهذا التغيرُ يكون مشاهَدًا ‎‎ملموسًا، أو يكونُ بطيئًا يتعذرُ ‏الوقوفُ عليه إلا بمقارنةِ المجتمعِ القائمِ اليومَ بما ‎‎كان عليه فيما ‏سبق، وفي كل حالٍ هناك عواملُ أدت لهذا التحوُّلِ ‎‎والتغيير(4).

    وما يعنينا هنا هو التحولُ البطيءُ وعواملُه المتراكمَة(5)‏‎.. ‎فإن ألوانَ (الأذى) المتصعِدةُ التي تتعرضُ لها بعضُ النساءِ ‏اليوم، والتي لم تكن من قبلُ ‎‎قد استشرتْ بهذا الشكل المخيف، ما هي ‏إلا ثمارٌ قبيحةُ المنظرِ، كريهةُ الرائحةِ، مُرَّةُ المذاقِ، ‎‎لسنواتٍ طويلةٍ ‏من المعيشةِ المتحررةِ من دين اللهِ تعالى، المنفلتةِ من قِيمِ وآدابِ ‏الإسلامِ ‎‎في كافةِ مجالات الحياة‎..

    إذ يُعدُّ وقوعُ (الأذى) - في حدِّ ذاتِه - على المرأةِ‏‎‎ إذا ‏خرجت من بيتها داخلَ المجتمعِ الطاهرِ النظيفِ أمرًا واردًا، ‏حيث لا ينفكُّ احتمال‎ُ ‎ورودِه -بطبيعةِ الحالِ- عن وجودِ البشر، ‏لكنه في الوضعِ الطبيعيِّ لا يتعدى كونَه حالةً شاذةً‎‎ أو سلوكًا ‏فرديًا مستهجَنًا، كفيلاً -إذا وقع- بأن تَغلي لأجله الدماءُ في ‏العروق، أو ‎‎تُسَلَ لأجله السيوف، أو تندلِعَ له الحروب وتُغزى ‏الدول، كما حدث في التاريخ من قبل‎!

    لكن أن يتفاقمَ الأمرُ ويطفو على السطح، ويتجمَّعَ هذا ‏‏(الأذى) – في بعض الأوضاع‏‎ - ‎ليس في صورةٍ فرديةٍ وحالةٍ شاذةٍ محدودةٍ فحسب؛ ‏بل في صورةِ سلوكٍ جماعيٍّ غوغائيٍّ بغيضٍ غريبٍ، تحُفُّه ‎‎الدياثةُ واللامبالاةُ.. فهو –لعمرُ اللهِ- الخطبُ الجللُ والنذيرُ الخَطِر!!

    إن هذا ‎‎السلوكَ المنحرفَ بصورتِه الجماعيةِ تلك، أو بصورتِه ‏الفرديةِ المنتشرة، ينمُّ عن وجودِ خَللٍ ‎‎فوق الطبيعي، خللٍ في ‏النَّسق القِيَميّ، (الذي تَعرَّض بدورِه إلى مجموعةِ تغيُّراتٍ نتج ‏عنها ‎‎تهميشُ القيمِ الدينيةِ وإحلالُ قيمٍ سلبيةٍ أثَّرت عليه ‏وأدت إلى وجودِ ما يمكنُ أن نطلقَ‎‎ عليه أزمةً أخلاقية) (6).

    إنَّ طبيعةَ هذا السلوكِ وأسبابَه التي تحيطُ به ‎‎ودواعيه، تُشيرُ ‏في مُجملِها بأصابعِ الاتهام – في نظر الباحثين – إلى عدةِ عواملَ، ‏من ‎أهمِّها وأكبرِها عواملٌ ثقافيةٌ وفكرية، من طبيعتِها أنها غيرُ ‏مؤقتةٍ ولا استثنائيةٍ ولا‎‎طارئةٍ ولا محدودة، بل تعملُ على ‏نطاقٍ بعيدٍ في الزمان والمكان، أي أنها مؤثرةٌ في ‎‎شريحةٍ واسعةٍ ‏وعلى مدىً طويل، بحيث يشتركُ التأثيرُ نفسُه على عددٍ كبيرٍ ‏‎‎من الأفراد‎.

    هذه العواملُ لا يمكنُ أن تبرأَ منها بسهولةٍ وسائلُ تشكيلِ ‏الفكرِ‎‎ والوعيِ الاجتماعيِّ، العريضةُ التأثيرِ، الواسعةُ الانتشارِ، والتي ‏تلعبُ دورًا كبيرًا في تشكيلِ‎‎ القيمِ وتكريسِ المفاهيمِ مقارنةً ‏بدَورِ الأسرةِ أو الخطابِ الديني(7).

    لا شكَّ أن وسائلَ مثل ‏الإعلامِ – المتهمِ بالتركيزِ على‎‎ عَرضِ المرأةِ مختزلة في صورة جسد(8) - ‏والتعليمِ والفنِّ والفكرِ والثقافةِ و"جنودِهم"!، تلك الوسائل التي ‎‎تُسيِّرُها ‏وتهيمنُ عليها المنظومةُ العلمانيةُ التغريبيةُ التحررية - المدعومةُ ‏بقوىً ‎‎دوليةٍ ومحلية - دعمًا فجًّا وصريحًا؛ لها الأثرُ الأكبرُ ‏والجنايةُ الأعظمُ في هذا الانحرافِ‎‎ السلوكيِّ الخطير‎!
    وهل هناك أَحَزُّ في‎‎ الصخرِ من مكرِ الليل والنهار؟!

    كما لا يُعفيها الانفتاحُ والعولمةُ وتطوُّرُ الوسائلِ التكنولوجيةِ‎‎ اليومَ ‏من التُّهمةِ، ولا يُقصيها عن مسرحِ الجريمة –وإن كانوا شركاءَ ‏في الجريمة(9)- ‎‎إذ يبقى لهذه الوسائلِ اليدُ الطولى في ‏تشكيلِ الوعيِ الاجتماعي، والدَّورُ الذي لا يُستهان‎ُ ‎به في ‏الضبطِ الاجتماعي(10) للقيمِ والأخلاقِ والآدابِ العامة، ‏والتأثيرِ عليها بالسلبِ أو ‎‎الإيجاب، عَبْرَ سنواتٍ طوالٍ مضت ‏من قبلِ هذا الانفتاح‎ ومن بعدِه.


    قَتل القتيلَ، ثم في جنازتِه يسيرُ‎!


    شعورُ المرأةِ بالخطرِ والتهديدِ‎‎ في ظلِّ (منظومةِ التحرير) ‎!‎
    ***


    ‎هل بات حقُّ هذه المرأةِ في الشعور بالأمن ‎ِ‎والسلامة، وحقُّها ‏في أن تأمنَ على نفسِها إذا خرجت من بيتِها؛ حقًا في عِدادِ ‏الأوهام؟! ‎ في ظلِّ هيمنةِ النُّظُمِ العلمانيةِ والليبراليةِ على دَفَّةِ ‏التوجيهِ الثقافيِّ والفكريِّ لأمدٍ ‎‎طويل، حتى ظهر الخَبَثُ، ‏وطَفت على السطحِ حصيلةُ سنواتٍ طوالٍ من تكريس ثقافةٍ ‏إعلاميةٍ ‎‎وفكريةٍ مُناهضةٍ للشريعةِ الإسلامية، مُروِّجةً للإباحية، ‏مُرسِّخةً لمبدإِ المساواةِ والاختلاط‎ِ ‎وسائرِ المبادئِ العلمانيةِ ‏والغربية، كانت مُحصلتُها على كيان المرأةِ في النهاية أنْ ‎‎اجتاحَه ‏ذلك التهديدُ.. (وآلَ الأمرُ إلى الواقعِ المؤلمِ الذي عَبَّرَ عنه ‏أحدُ الغربيينَ ‎‎بقولِه: (إن التأثيرَ الغربيَّ الذي يَظهرُ في كلِّ ‏المجالات، ويَقلبُ –رأساً على عقِب‏‎ٍ– المجتمعَ الإسلاميَّ، لا ‏يبدو في جلاءٍ أفضلَ مما يبدو في تحريرِ المرأة)(11)، ومن هنا‎‎ فلا عجَبَ أن نسمعَ - بين الحين والحين - عن جرائمَ ‏اجتماعيةٍ تُضاهي الجرائمَ التي تحدثُ في أورُبا وأمريكا من قتلٍ ‏واختطافٍ واغتصابٍ وتشريد)(12).

    سنواتٌ طويلةٌ من تدويرِ هذه النفاياتِ في قلوبِ وعقولِ ‏الأمة.. سنواتٌ طويلةٌ بدءًا من رمي البذورِ الخبيثةِ بأيدي‎‎ دعاةِ ‏‏"التنويرِ والتحرير"!.. ثم يَسقيها مكرُ الليلِّ والنهارِ بأيدي ‏العلمانيةِ ‎‎والتغريب.. مرورًا باشتدادِ العودِ.. وحتى طُرحت ‏أخيرًا الثمارُ الـمُرةُ، وأوقعت‎‎ الضحايا وتفجرتْ في زمنِ العولمةِ ‏والانفتاحِ كأبشعِ ما تكونُ شجرةٌ خبيثةٌ اجتُثت من فوقِ ‎‎الأرض ما لها من قَرار‎.

    ها هي (ضحيتُهم)(13) تصيحُ بهم: (وامعتصماه)!.. فما ‎‎كان جوابُ حالِهم إلا أن قالوا لها: ما ثَمَّ معتصمٌ يُغيث!.. ‏وما كان لنا عليكِ من ‎‎سلطانٍ إلا أن دعوناكِ فاستجبتِ لنا‎!

    لا يُلام الذئبُ في عُدوانِه.. إن يَكُ الراعي‎‎ عدوَّ الغنمِ‎!

    هل اكتشفتْ هذه المرأةُ أن دعواتِهم لم تكن آمنةً ومضمونة، ‏ورأت كيف ‎‎اضطُرت هذه المنظومةُ لمَّا انكشف عوارُها أن ‏تُعلنَ عن فشلِها -بطريقةٍ غيرِ مباشرة– في ‏‎‎تحقيقِ الأمنِ ‏للمرأةِ التي نادَوا بها، وتحاولَ أن تداري سوءَتها -ولن ‏تستطيعَ‎!- بترقيعاتٍ وحملاتٍ مثل: (شارعٌ آمنٌ للجميع) ‏و(تفعيلُ قانونِ العقوبات) والبحثُ عن (أمنِ‎‎ المرأةِ الإنساني)، ‏و(حملةُ المليونِ توقيع)... إلخ‎.

    أيَّ أمنٍ يريدونَه لها؟!‎.. ‎وقد أراقوا بأيديهِم ماءَ وجهِها ‏وأعدموا حياتَها.. هلا اعترفوا بفشلهِم الذي حققوه ‎‎وإفلاسِهم الذي جمعوه لها؟! .. هلا اعترفوا أنهم قد أخذوا منها ‏أكثرَ مما أعطوها‎.. ‎وحرموها وما منحوها.. ودمروها وما ‏حاموا عنها ولا حمَوها.. وأنَّ دعواتِهمُ التحرريةَ ‎‎تلك ما جرَّت ‏عليها إلا الكبتَ والخراب، والمشاكلَ النفسيةَ والاجتماعية، ‏وما لا حدَّ له ‎‎من‎‎ غمٍّ وضيقٍ وهمومٍ وأحزان‎!

    ويبقى السؤال: هل يكفي القانونُ لحمايتِها؟!.. لا‎‎شكَّ أن ‏له دَورٌ في الضبط، ولكنه مثلَ دَورِ الأبتر‎.
    إذ هل تراه يسيرُ معها ليحميها في‎‎ كل شارعٍ ومكتبِ عملٍ ‏وقاعةِ درسٍ وزقاقٍ تدخلُه؟!.. وحتى لو فُرض أن عيَّنوا ‏حارسَ أمنٍ خلفَ‎‎ كلِّ امرأةٍ تخرج من بيتِها؛ أتُراها تَسلمُ منه ‏أو يَسلمُ منها؟! (14).

    أنَّى للبشرِ‎‎ أن يَصلوا إلى حلٍّ شاملٍ ورادعٍ لهذه الظاهرةِ وهم ‏بعيدون عن نورِ اللهِ تعالى، أم تُراهم ‎‎يُضيفون بقوانينِهم تلكَ ‏مأساةً جديدةً للإنسانية، فإنَّه يكفينا ما أصابنا من شؤمِها جرَّاء‎َ ‎اقصاءِ أحكامِ الشريعةِ الإسلامية عنها‎!

    قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا ‎‎جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا ‏يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى ‎‎فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى . وَمَنْ ‏أَعْرَضَ عَن ‎‎ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏أَعْمَى} [طه:123-124]. والمجتمعاتُ الإسلاميةُ أيضا ينالُها من ‏هذا الشقاءِ بقدرِ إعراضِها عن الله‎‎ تعالى‎.
    (إن المجتمعَ الذي لم يتحلَّ بالقِيم يتحوَّلُ إلى غابة، والطبعُ ‏إذا لم‎‎ يرتبطْ بالسلوكِ الرفيع يتحولُ إلى همجية، والحياةُ ‏إذا لم يضبطْها قانونٌ من السماء‎ِ ‎تتحولُ إلى فوضى. هكذا ‏بدأتِ العلمانيةُ بتقويضِ أركانِ المجتمعِ عندما زعمتْ أنَّ تحريرَ‎‎ المرأةِ يقتضي انسلاخَها من دينِها، وخروجَها على قانونِ ‏السماءِ الذي يضبطُ ‎‎الحياة)(15).‎




    طوقُ النجــاة!‏
    ***


    إنَّ هذا البلاءَ الذي ظهرَ في المجتمع، ‏وهذا الشقاءَ الذي آلَ إليه حالُ بعضِ ‏النساءِ يؤكدُ الحاجةَ الماسَّةَ إلى طوقِ ‏نجاةٍ، وحِرزِ أمان، ورُكنٍ حصين، ‏وملاذٍ أمين، ينتشلُ الناسَ مما غرقوا ‏فيه، ويهديهِم إلى الطريقِ المستقيم ‏الذي حادَ عنه الإنسانُ منذ أن قدَّسَ ‏عقلَه وألَّه هَواه، وحادَّ وحيَ ربِّه ‏وسلى عنه.‏

    ‏{أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن ‏نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ‏سَوَاءً مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثية:21].

    وإن "التدابيرَ الوقائيَّةَ" لتأمينِ المرأةِ إذا ‏خرجت من بيتها، والضماناتِ التي ‏تنالُها، في ظل (المنظومةِ الإسلاميَّة) ‏موثوقةٌ ووفيرة –كما سنُبينه- مما ‏يجعلُها بحقٍّ طوقًا للنَّجاة، ولعلها ‏من الوَفرة والغِنى بمكانٍ يجعلُ من ‏العسير جدًّا حصرَها أو تعدادَها بالسردِ ‏والتفصيلِ في هذا الموضع، لذا نكتفي ‏هنا ببعض الومضات.‏


    بعيدةٌ هي عن (الأذى) ؛ إذا...!!‏
    ***


    قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ ‏وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ ‏مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا ‏يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:59]‏.‏

    كلُّ ‏شيء بعيدًا عن الإسلامِ وخارجَ نطاقِه متهالِكٌ ولا بُدَّ..‏

    انظُر كيف جعلَتها المنظومةُ التحررِيةُ ‏الغربيةُ (أَمَةً) تتعرضُ لأبشع أنواعِ ‏الإيذاء.. بينما جعلها الإسلامُ حـرَّةً ‏مصونةً لمَّا أمَرها بإدناءِ الجلباب.. ‏

    أين هي القوانينُ الرادعةُ (الموضوعةُ) ‏التي ستحمي المرأةَ، بجانب ما ضمِنه ‏اللهُ تعالى لها في قوله تعالى: {ذَلِكَ ‏أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}؟!.. ‏وأيُّهما أحكَمُ وأضمَنُ للمرأةِ وللمجتمع ‏؟! وأين الثرى من الثريا؟!‏

    ‏{ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ}: (أي أولى ‏وأجدرَ وأقرب بأن يُعرفن أنهن عفيفاتٌ(16) ‏شريفاتٌ، غيرَ متطلعاتٍ لريبة، ‏قاصراتِ الطرف، راضياتٍ بالتُّقى، لا ‏يتطلعن إلى الفاحشةِ ولا مُقدماتِها ولا ‏دواعيها، مُنضبطاتٌ في سلوكِهِن الذي ‏هو في غايةِ الحرصِ والحذر، فتنقطعُ ‏الأطماعُ عنهُن، بخلافِ التبذُّلِ ‏والتكشُّفِ والسفورِ فهو داعيةٌ إلى نظرِ ‏الرجال إليهنَّ وتشعُّبِ الفكرةِ فيهنَّ، ‏والمرأةُ إذا كانت غايةً في التستُّرِ ‏والانضمامِ والصيانة، لم يُقْدَمْ عليها ‏بخلافِ المتبرجةِ أو المُتبذِّلةِ، فإنها ‏مطموعٌ فيها).‏

    {فَلَا يُؤْذَيْنَ}: (لا يؤذيهِنَّ أهلُ الريبةِ ‏والفُساقُ بالتعرض لهن، فلا يُتعرضْ ‏لهن، ولا يَلقَيْنَ ما يَكرهْنَ، وهو نصٌّ ‏على أن معرفةَ محاسنِ المرأةِ إيذاءٌ لها ‏ولغيرِها بالفتنةِ والشر، ولذلك حرَّم اللهُ ‏تعالى عليها أن تُظهِرَ من بدنِها ما ‏تُعرف به محاسنُها أيًّا كانت، ودلَّ أيضًا ‏على وجودِ أذِيةٍ إن لم يحتجبْنَ، وذلك ‏لأنهنَّ إذا لم يحتجِبنَ ربما ظُنَّ أنهنَّ ‏غيرَ عفيفاتٍ فيَتَعرضُ لهن من في قلبِه ‏مرضٌ فيؤذيهنَّ وربما استُهينَ بهنَّ، ‏فالاحتجابُ حاسمٌ لمطامعِ الطامعين). ‏‏(17).‏

    ويقولُ العلامةُ أبو الأعلى المودوديُّ ‏رحمه اللهُ تعالى: (المرادُ بقوله: {‏يُعْرَفْنَ} أنَّ كلَّ من يَرَاهُنَّ في هذا ‏اللباسِ الوقورِ المحتشمِ غيرِ المُزينِ ‏يَعرف أنهن شريفاتٍ حرائر، لا أوباشَ ‏متهتكاتٍ متبذلاتٍ فيطمعُ أيُّ مستهترٍ ‏خليعٍ في أن ينالَ منهن مرادَه).‏

    ثم قال في سياقِ كلامِه عن هذه الآيةِ ‏الكريمة: (ويَظهرُ من هذا تِلقائيًّا أنَّ هذا ‏الأمرَ صادرٌ إلى النسوةِ اللاتي لا ‏يتلذذنَ بمعاكسةِ الرجالِ لهن، وحمْلَقَتِهم ‏في وجوهِهِنَّ وأجسامِهِن، ورغبتِهم ‏فيهن، بل يتألَّمنَ ويتأذَّين، هؤلاءِ ‏الشريفاتِ الطيباتِ يقول اللهُ لهن: إن ‏كنتنَّ تُردن أن تُعرَفنَ بهذه الصفةِ فِعلاً، ‏وإن كان اهتمامُ الرجال بكُن، ورغبتُهم ‏فيكُن لا يَلِذُّ لَكنَّ حقيقةً، بل يؤذيكُنَّ ‏ويؤلمُكُن، فليس السبيلُ إلى ذلك أن ‏تَخرجن من بيوتِكُن مُتزيناتٍ كعروسٍ ‏ليلةَ زفافِها، وتُظهرن جمالَكن وحُسنَكن ‏بَراقًا أخاذًا كأحسنِ ما يكونُ أمامَ ‏الأعينِ الطامعةِ الجائعة، بل إن أفضلَ ‏سبيلٍ لهذا الغرضِ أن تخرُجنَ خافياتٍ زينتِكنَّ كلَّها في جلبابٍ ‏مُسدَلٍ غيرَ مُزين، وتضربنَ النقابَ ‏على وجوهِكُن، وتمشينَ بطريقةٍ لا ‏يَلفتُ نظرَ الناسِ فيها إليكُنَّ شيءٌ حتى ‏ولا صوتُ حُلِيِّكن.‏
    إن المرأةَ التي تتزينُ وتتهيأُ قبل ‏خروجِها، ولا تُخرجُ قدمَها من منزِلِها ‏قبلَ أن تكونَ قد وضعت أصنافًا وألوانًا ‏من المساحيقِ والخطوط، لا يُمكن أن ‏يكون غرضُها من هذا سوى أنها تريد ‏أن تلفتَ إليها نظرَ الرجالِ وتدعوهُم ‏هي نفسُها إلى الالتفاتِ إليها، والاهتمامِ ‏بها، والرغبةِ فيها، فإن قالت بعدَ ذلك ‏إنَّ النظراتِ الجائعةِ العطشى تؤذيها، ‏وتضايقُها، فليس ذلك منها غيرَ خداعٍ ‏ومكر.‏
    إنَّ قولَ الإنسانِ لا يُحددُ نيَّته، بل إنَّ ‏نيَّتهُ الحقيقيةَ هي التي تختارُ، وتحددُ ‏شكلَ عملِه، ومن ثَمَّ فالمرأةُ التي تجعلُ ‏نفسَها شيئًا لافتًا للنظر، ثم تمشي أمامَ ‏الرجال، فيفضحُ فعلُها هذا الدوافعَ التي ‏تَكمنُ خلفَه، والمحركاتِ التي تعملُ ‏وراءَه، ولهذا يتوقعُ طلابُ الفتنةِ منها ‏نفسَ ما يتوقعونه من امرأةٍ من هذا ‏الصنف)(18).‏



    شُبهةٌ.. وَرَد!‏
    ***

    ثَمَّ شبهةٌ برزت هنا من لَيِّ أعناقِ ‏الحقائقِ والتلاعبِ بالكلمات، ترمي ‏لترسيخِ أركانِ الباطل، وفَرْضِ قِيَمِ ‏الفسادِ، والطعنِ في الشريعة، ‏والإرجافِ بين الناس، وردَّدها البعض.‏

    مفادُها: أن الحِجابَ لا يحمي المرأةَ كما ‏تزعمون، وأن كثيرًا من المحجباتِ ‏والمنتقباتِ يتعرضن لأنواع الأذى ‏كالمتبرجاتِ سواءً بسواء! .. وظهرت ‏دراسةٌ تؤكدُ ذلك‏‏(19) والمشاهداتُ تؤيدُه، وبهذا سقطت حُجة الذين ‏ينادون بالحجابِ، ويدندنون "بالدُّرِ المكنون"!! ‏

    وحول ذلك طَبَّل العلمانيونَ وزمَّروا!‏

    والرد: أيَّ حجابٍ تقصدون؟!.. أهو ‏حجابُ الموضة، أم الحجابُ العصري، ‏أم العباءةُ المُخصَّرة،، أم نقابُ العينينِ ‏الفاتنتين؟!! أم هو المدعُوُّ "محتشمٌ" بلا ‏هوية؟!‏

    فلتعلمْ أيُّ امرأةٍ "متحجبةٍ" تعرضت لهذا ‏الأذى أنَّ في حجابِها ذلك نوعُ ‏نقصٍ أو خلل!.. أو أنها حادتْ عن ‏السلوك الصوابِ، ولم تعُد في الحِرزِ والحجابِ ‏الذي أمر اللهُ تعالى به! ‏

    ومن قال إن الحجابَ تغطيةُ شعرِ ‏الرأسِ فقط؟! أو أنَّه مظهرٌ بغير جوهر؟! ‏بل هو عقيدةٌ وسلوكٌ وثقافةٌ وشيءٌ ‏راقٍ لو طُبِّقَ على أصولِه!‏

    إن الإشكاليَّة الأولى تكمن في استخدامِهِمُ المُبهَمِ ‏لكلمةِ "حجاب"!.. ولا يَخفى أنَّ هناك ‏ضوابطٌ وشروطٌ للحجابِ الشرعيِّ ‏الصحيح، تَفُكُّ ما أَبهموه!‏

    فإن الأذى الواقعَ على بعضِ النسوةِ ‏بعدما أحدثْنَه وابتدعْنَه في حجابِهِن من ‏أُمورٍ ما أنزل اللهُ بها من سلطانٍ ليس ‏مَدعاةً للتعجبِ أبدًا، فإن الجزاءَ من ‏جنسِ العمل!.. حتى إن بعضَ النساءِ ‏تلبسُ حجابَها ولا تقتصرُ على الإخلالِ ‏ببعض شروطِه فحسب، بل تتفننُ أيضًا ‏في تزيينِه وتجميلِه، حتى يصيرَ ‏‏"حجابًا" بحاجةٍ إلى حجاب.. أو تبَرُّجًا ‏أشدَّ سفورًا من العُري!.. فأنَّى يَسلَمْن ‏من الأذى!‏

    فبفرضِ وقوعِ ‏ذلك الذي "ادَّعَوه" - إذ لم نُسَلِّم لكم بأقاويلِكم وأبحاثكم التي لا ‏تخلو من أكاذيبَ ومزايداتٍ لا تخفى ‏أغراضُها الدنيئةُ - على صاحبةِ ‏الحجابِ الذي "أبهمُوه" أيًّا كان شكلُه؛ ‏فإن الخطأَ ومَكمَنَ الخللِ والتقصيرِ - ‏بلا ريب - في التطبيقِ وأهلِه، مما ‏يُسهمُ في تشويهِ المسلكِ القويم، وليس ‏في شريعةِ الحكيمِ العليم.‏

    ثُم مَن الذي زعمَ أن الحجابَ منفردًا‏‏ هو العاملُ الوحيدُ الحاسمُ الذي يحمي ‏المرأةَ في ظلِّ (المنظومةِ الإسلاميَّة)، ‏حتى تَسحبوا الاتهامَ بالفشلِ - بسبب ‏تقصيرِ بعضِ النساءِ فيه - على ‏المنظومةِ الإسلاميةِ كلِّها، محاولينَ ‏إسقاطَها والتشكيكَ في جدواها للمرأة ‏بهذا الافتراءِ والإرجافِ الخبيث، بل إن ‏سلوكَ المرأة، وأخلاقَها والتزامَها ‏بآدابِ الطريقِ، والتدابيرَ الوقائيةَ التي ‏أحاطتها بها الشريعةُ من كلِّ جانب، ‏وقُربِها من ربِّها عز وجل، وتَعلُّقَ ‏رجائِها به - كما سنبينُ بعد قليل -، كلُّ ‏ذلك له دَورٌ أيضًا في أمنِها إذا خرجت من ‏بيتِها. ‏


    وعلى جانبٍ آخرَ يظهرُ سببٌ آخرُ لهذه ‏البلية، في حالةِ بعضِ النساءِ اللاتي ‏ يُفاجَأن بها في الحقيقةِ، والسببُ هو ‏الغفلةُ والجهلُ منهن بنصوصِ الشريعةِ ‏وتفاصيلِ أحكامِها، التي وضعتْ "الأسلاكَ ‏الشائكة"، وضوابطَ الخروجِ من المنزل، ووضعتْ حدودَ التعاملِ مع ‏الرجال، مما جعلهنَّ ذلك الجهلُ في سذاجةٍ من ‏أمرِهِن وغفلةٍ عن طبائعِ الرجالِ ‏وطبيعةِ خُلقِهم، مما يُظهرُ حكمةَ هذه ‏النصوصِ والآدابِ لمن تأمَّلَ وتدبرَ ‏وعمل بها.‏


    ومن "التدابيرِ الوقائيَّةِ" أيضًا..‏ على سبيل المثالِ ‏والإجمال:‏

    ‏- الدعاء!، فهو أحدُ العواملِ التي توفرُها (المنظومة الإسلاميَّة) للمرأةِ لتحقيقِ أمنِها، ‏ولا تجده المرأة خارجها!، الأمرُ ‏الذي يُسهمُ في إحساسِ المرأةِ بالأمنِ ‏إذا خرجتْ من بيتِها بشكلٍ كبير، {ألا ‏بِذِكر اللهِ تَطمئنُّ القلوب}، فتقولُ هي عندَ ‏الخروجِ من المنزل: (بسم الله، توكلتُ ‏على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله)(20)، (اللهم إني أعوذُ بك أن أَضِلَّ أو أُضَل، أو أَزِلَّ أو ‏أُزَل، أو أَظلِمَ أو أُظلم، ‏أو أَجهلَ أو يُجهلَ عليَّ)(21).
    و‏تقولُ في أذكارِ الصباحِ والمساء: ‏‏(اللهم إني أسألُك العافيةَ في الدنيا ‏والآخرة، اللهم إني أسألك العفوَ ‏والعافيةَ، في ديني ودنياي، وأهلي ‏ومالي، اللهم استُرْ عوراتي، وآمِن ‏رَوْعَاتي، اللهم احفظني من بين يَدَيَّ، ‏ومِن خَلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ‏ومن فوقي، وأعوذُ بعظمَتِك أن أُغتالَ ‏من تحتي)(22).‏

    ‏- الحجابُ الشرعيُّ السابغ، معَ كمالِ ‏السترِ للوجهِ والكفين، فلا شكَّ أن هذا ‏مما تتضحُ أهميتُه في هذا المقامِ والزمان وتتأكد‏‏(23). ‏
    ‏- النهيُ عن الخُلوةِ والاختلاطِ المُحرَّم.
    - الحثُّ على القرارِ في البيت.
    - الحثُّ ‏على التزامِ السلوكِ الإسلاميِّ في ‏الطريق، وهذا يشملُ عدةَ أُمور، منها: ‏غَضَّ البصرِ، وعدمَ التطيُّب، وعدمَ ‏الخضوعِ بالقول، وضربَ الخمارِ على الصدر، والتزامَ حافةِ الطريق، ‏والبعدَ عن الزحامِ ووسائلِ المواصلاتِ ‏غيرِ الآمنة، وأن يكونَ كلامُها مع ‏الرجالِ – إذا تكلمت - مُختَصرًا موضوعيًّا وبحدود.. إلى ‏آخرِ تلك الأخلاقِ والآدابِ الإسلاميةِ ‏الرفيعة.‏

    فَتِّش عن الثغرة!‏
    ***

    ‏(والآن نستطيعُ –بكل قوةٍ- أن نَجزمَ ‏بحقيقةٍ لا مِراءَ فيها، وهي أنكَ إذا ‏وقفتَ على جريمةٍ فيها نُهِشَ العِرضُ، ‏وذُبِحَ العفافُ، وأُهدِر الشرفُ، ثم فتشتَ ‏عن الخيوطِ الأولى التي نَسجتْ هذه ‏الجريمة، وَسَهَّلتْ سبيلَها، فإنكَ حتمًا ‏ستجدُ أن هناك ثغرةً حصلتْ في "‏الأسلاكِ الشائكةِ" التي وضعتها الشريعةُ ‏الإسلاميةُ بين الرجالِ والنساء، ومن ‏خلالِ هذه الثغرةِ... دخل الشيطان!!)(24).‏

    ‏(ولو أنَّ المرأةَ التزمتْ درجةَ الحجابِ ‏المُثلى وقرَّت في بيتِها ولو أنها ‏احتاجت للخروجِ فخرجت حَجبت كلَّ ‏بدنِها عن الأجانبِ لَمَا كان لهذه الفتنِ ‏مكانٌ في حياتِنا)(25). ‏



    الأمنُ منحةٌ ربانيَّـةٌ.. ضلَّ من يطلُبُها ‏من غير هذا الطريق!!‏
    ***

    يقول ربنا الحكيمُ العليم :‏
    ‏{فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ ‏تَعْلَمُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم ‏بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} ‏‏[الأنعام:81-82].

    فأيُّ الفريقين أحقُّ بالأمنِ: منظومةُ ‏‏(المرأةِ الجديدة)، أم منظومةُ (المرأةِ ‏المسلمة)؟!..

    (المنظومة التحرريَّة)، أم (المنظومة الإسلاميَّة)؟!

    ‏(في هذه الآيةِ الكريمةِ رَبْطٌ واضحٌ ‏وعلاقةٌ قويةٌ بين رسوخِ عقيدةِ التوحيدِ ‏في النفسِ البشريةِ وبين الأمنِ ‏والاطمئنان؛ أما الذين لم تُخالطْ عقيدةُ ‏التوحيدِ قلوبَهُم، ولم تملأْ نفوسَهُم فلن ‏يشعروا أبدًا بذلك الاطمئنانِ والأمنِ ‏النفسي؛ فهُمْ في الدنيا وَجِلُونَ من سَخَطِ ‏الله، وفي الآخرةِ ينتظرُهم عذابٌ من ‏الله أليم، ويَظلون طولَ حياتِهِم يخافون ‏من المستقبلِ المجهول، ولا يعرفون ‏معنىً لوجودِهم في هذا الكونِ الرحيب. ‏والملايينُ الضالةُ في العالمِ الماديِّ ‏فقدت الأمنَ والاطمئنانَ عندما مُسختْ ‏فطرتُها؛ ومهما لَهثتْ وراءَ ذلك فلن ‏تحصلَ عليه؛ فذلك الأمنُ منحةٌ ربانيةٌ ‏للذين آمنوا ولم يَخلطوا إيمانَهم بشرك؛ ‏هكذا تُرشدُنا الآيةُ القرآنية؛ وذلك نوعٌ ‏من التحدي والإعجازِ القرآني للبشرِ ‏على مدى العصور) اهـ (26)‏.

    فهل يمكنُ تحقيقُ الأمنِ بعيدًا عن هذه ‏الآيةِ الكريمة؟!.. لا شك أن العلاقةَ ‏جِدُّ وثيقةٌ بين أمنِ المرأة وحِرصِها ‏على الإيمانِ علمًا وعملاً، عقيدةً ‏وسلوكًا، وأنَّ من كمالِ تحقيقِ التوحيدِ ‏والإيمانِ البُعدُ عن المعاصي والنواهي ‏الشرعيةِ بكلِّ صورِها.‏

    فالظلمُ المقصودُ يفسرُه لنا العلامةُ ‏السعدي - رحمه الله – فيقول: ({أُوْلَئِكَ ‏لَهُمُ الأَمْنُ}الأمنُ من المخاوفِ ‏والعذابِ والشقاء، والهدايةُ إلى ‏الصراطِ المستقيم، فإن كانوا لم يلبِسوا ‏إيمانَهُم بظلمٍ مُطلقًا لا بشِركٍ ولا ‏بمعاصٍ؛ حصل لهم الأمنُ ‏التامُّ والهدايةُ التامة .. وإن كانوا لم ‏يلبسوا إيمانَهم بالشركِ وحدَه ولكنهم ‏يعملون السيئاتِ حصلَ لهم أصلُ ‏الهداية وأصلُ الأمن وإن لم يحصُلْ لهم ‏كمالُها)(27).‏

    فمن لم يخلطْ إيمانَه بظلمِ الشركِ أو ‏المعاصي، وجاهدَ في مَحوِهِما من ‏حياته، ثم أخذ بالأسبابِ الأخرى، مُنِح ‏مِنحةَ الهدى والأمان.‏

    ‏(فالأمنُ مِنحةٌ ربانيَّةٌ يهبُها الحقُّ ‏سبحانَه وتعالى لِمَن حقَّقَ الإيمانَ ‏وصُبغتْ حياتُه بصبغةٍ إسلاميةٍ ‏‏{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} ‏‏[البقرة:138].. وإنَّ العواملَ الداخلةَ ‏في تحقيقِ هذا الأمنِ ليست عواملَ ‏ماديةً فحسب، وإنما العاملُ الأولُ هو ‏الالتزامُ بعقيدةِ التوحيدِ على مستوى ‏الفردِ والجماعةِ سواءً بسواء)(28).‏

    وفي ضوءِ هذه الآيةِ الكريمةِ نجدْ أن ‏العبءَ الأكبرَ يقعُ على المرأةِ نفسِها في ‏تحقيقِ أمنِها قبل أن يقعَ على المجتمعِ أ‏و القانون!‏

    ومن السذاجةِ والبلاهة أن تسعى في تطلُّبِهِ من ‏قوانينَ مقفِرةً وضعيِّة، أو بمظاهراتٍ ‏وهتافاتٍ غوغائيِّة!‏

    ففي ظلالِ (المنظومةِ الإسلاميَّة) ‏الوارفةِ يسهلُ على (المرأةِ المسلمة) أن ‏تحصلَ على حقوقِها وأمنِها واطمئنانِها ‏من طريقٍ أقربَ بكثيرٍ من طُرقِهم!.. ‏وأن تنعمَ بالأمنِ المنشودِ في ظلِّ ما ‏تُقدمُه لها هذه المنظومةُ من منهجِ حياةٍ ‏متكامل، وتدابيرَ وقائيِّةً، وما كفلته لها من ضماناتٍ، ‏وملاذٍ آمن، ومُعتصَمٍ أمين. ‏

    فكلَّما كانت المرأةُ المسلمةُ مطيعةً للهِ ‏ورسولِه، يحكمُ التوحيدُ حياتَها كاملةً، ‏بعيدةً عن المعاصي كالتبرجِ والسفورِ ‏والاختلاطِ والأخلاقِ المرفوضة، ‏ملتزمةً بآدابِ الإسلامِ وتعاليمِه.. كلَّما ‏تحققَ لها الأمنُ على قَدْرِ ذلك.‏

    وكلما كان المجتمع مجتمعًا إسلاميًّا يحكم الإسلام حياته، كلما نالها من الأمن على قدر ذلك.

    فبُعدًا للمنظومة التحرريَّة، وهنيئًا لمن آمنت والتزمت بشرعِ ‏ربِّها، وبتعاليمِ الإسلامِ وآدابِه الرفيعة، ‏وجديرٌ بها أن يُبدِلَها ربُّها من بَعد ‏الخوفِ أمنًا، ومن بعد الظُلمةِ نورًا.. ‏كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَذِينَ ‏آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ‏لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ ‏الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَذِي ‏ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ ‏أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}[‏النور:55].‏


    من الظلماتِ إلى النور!‏
    ***

    إنَّ هذه الآدابَ والأخلاقَ الإسلاميةَ الرفيعةَ ‏‏التي اشتملت عليها (المنظومةُ الإسلاميَّة)، وكفلتها للمرأة والمجتمع، ‏‏تُحارَبُ ليلَ نهارٍ من قِبلِ (المنظومةِ التحرريَّة ‏‏الإباحيَّة)، ‏بالكلمةِ الخليعة، والصورةِ الماجنة، ‏‏والفكرةِ الفاسدة، وبوسائلَ شتى، حتى ‏‏طُمست معالمُ الحياء، واضمحلَّ الأدبُ، ورقَّ ‏‏الدينُ في قلوبِ الكثيرين ‏إلا من رحمَ ربي، ونتجت في النهاية هذه الثمار الخبيثة.

    وإن (المرأةَ المسلمة) في ظل (المنظومةِ ‏‏الإسلاميَّة) تعيشُ في ظلالٍ وارفةٍ من الأمان ‏‏والاطمئنان، هانئةَ البال، ساكنةَ النفس، ‏‏مطمئنةَ ‏الخاطر، لا تعاني من قلقٍ أو خوفٍ أو ‏‏مشاكلَ نفسية، ولا تهددُها غمامةٌ سوداءُ من ‏‏الهواجس المخيفة، ولا تخشى من هذا الخطر.‏


    ولِمَ لا.. وقد عمِلت بمُراد اللهِ تعالى منها، ‏‏وامتثلتْ لتعاليمِه، ففي المقابلِ هي واثقةٌ ‏‏بحفظ اللهِ تعالى لها، كما وعَدها بـ (احفظ ‏‏الله يحفظْك)، و ‏‏(أنا عند ظنِّ عبدي بي)، ‏‏تتعبدُ للهِ تعالى بمقتضى أسمائِه وصفاتِه، ‏‏‏فهو "الحفيظُ" الذي حفظ أولياءَه في الدنيا ‏‏والآخرةِ ونجّاهم من كل أمرٍ خطير، ‏‏"المؤمنُ" ‏‏الذي أمَّن أولياءَه من خزيِ الدنيا ووقاهُم في ‏‏الآخرةِ عذابَ الهاوية، "الوليُّ" للمؤمنين فلا ‏‏غالبَ لمن تولاه. ‏

    وتتعبدُ له باتباعِ أوامِره واجتنابِ نواهيه، ‏‏موقنةً بخيريَّة هذه التعاليمِ على كل تعاليمِ ‏‏الأرضِ ومنظوماتِ البشر، ودساتيرِهم، ‏‏وقوانينِهم. ‏

    فأنَّى لمثل من تكونُ هذا حالُها أن تشعرَ ‏‏بالخوفِ والقلقِ وعدم الأمان؟! وهي تنعمُ بولايةِ ‏‏خالِقها لها، ومعيتِه أينما حلتْ وارتحلت، ‏‏‏{وَمَن يَعْتَصِم ‏بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ ‏‏مُّسْتَقِيمٍ}[آل عمران:101].


    ها هو الفرقُ بين (المنظومةِ العلمانيَّةِ الغربيَّةِ ‏‏التحرريَّة) و(المنظومةِ الإسلاميَّة)، فرقٌ بين ‏‏الثرى والثريا، بين الظلماتِ والنور، والظلِّ ‏‏‏والحَرور، بين الشقاءِ والسعادة، بين الخوفِ ‏‏والأمن، بين فقرٍ مُدقعٍ تستقي (المنظومةُ ‏‏العلمانيَّةُ التحرريَّة) تعاليمَها ووعودَها منه، ‏‏وكنزٍ غنيٍّ ‏وافرٍ تستقي (المنظومةُ الإسلاميَّة) ‏‏تعاليمَها منه. ‏

    إن عدمَ توقُّعِ المشروعِ العلمانيِّ لنتائجِ هذه ‏‏المنظومةِ وثمارِها المُرةِ الخبيثةِ قبل أن تحدث؛ ‏‏لهي صفعةٌ ذاتيةٌ قويةٌ في وجهِه، ‏‏ودليلٌ ‏بليغٌ على فشلِه وسذاجتِه، وعدمِ ‏‏صلاحيتِه لأنْ يُعتبرَ نظامًا مؤهلًا لقيادةِ الحياةِ ‏‏والمجتمعِ نحو التقدمِ والتنميةِ في الماضي ‏‏والحاضرِ والمستقبل ‏‏.. أما إن كان قد توقَّعَ ‏‏هذه النتائجَ من قبل، وسكت عنها، ولم ‏‏يُحذِّر منها وهو شاهد، فهو حينئذٍ متهَمٌ بالخيانة ‏‏الكبرى والعمالةِ لغير صالحِ الوطن.‏



    الهامش:‏
    ‏_____‏

    ‏1- (المرأةُ الجديدة): إشارةٌ إلى كتاب قاسم ‏‏أمين المشهور، ويرمز المصطلح في هذا المقال ‏‏إلى "المرأة المتحررة" باعتبارها نسقًا وكيانا نادى به ‏‏دعاة ‏‏"تحرير المرأة" في المجتمع، ويرمز أيضًا ‏‏إلى المرأة ذاتها التي انساقت لهذا النسق سواءً ‏‏برضاها، أو جهلاً منها.‏

    ‏2- (المنظومة التحرريَّة): ترمزُ في المقال إلى ‏‏نظامِ ومنهج الحياة الذي أراده التوجهُ ‏‏الليبراليُّ أو العلمانيُّ الغربيُّ ودعاةُ "تحريرِ ‏‏المرأة" ‏للمرأةِ وللمجتمع كله، فأضحت ‏‏المرأةُ داخلَها متأثرةً بعدة عواملَ مجتمعةٍ ‏‏فرضتها أجندةُ "المنظومةِ التحررية"، وكذلك أضحى ‏‏المجتمعُ ‏متأثرًا بعدةِ عواملَ فرضتها ‏‏هذه المنظومة.‏

    ‏3- ((شارعٌ آمنٌ للجميع): حملةٌ أطلقها ‏‏المركزُ المصري لحقوق المرأة ‏‏‏ECWR بالقاهرة، بدأت عام 2005 ‏‏لمحاربة ظاهرة التحرش بالمرأة)!‏
    http://ecwronline.org/index.php?opti...ew&id=122&Item

    ‏4- مثالٌ لهذا التغير: (التحولُ نحو النموذج ‏‏الرأسمالي، وما تبعه من تحولاتٍ قيَميةٍ، منها ‏‏سيادةُ قِيَمِ المادةِ والربحِ والفردية، وهى القِيَمُ ‏‏التى ‏تجعلُ إمكانيةَ انتهاكِ الآخرينَ والتعدي ‏‏عليهم أكبر) خالد عبد الرسول، جرائمُ ‏‏الاغتصاب وهتكِ العِرض فى مصر، أحوالٌ ‏‏مصرية، العدد ‏‏25، مركز الدراسات ‏‏السياسية والإستراتيجية، القاهرة، صيف ‏‏‏2004م، ص 58.‏

    ‏5- (إن قضيةَ التحرشِ لم تظهر فجأةً، بل هي ‏‏قضيةٌ تراكميةٌ لها جذورٌ عميقةٌ بدأت منذ ‏‏بداية الانفتاحِ الاقتصاديِّ وما صاحبَه من ‏‏انحلالٍ ‏أخلاقيٍّ وانهيارٍ للقيم، وإن هذه ‏‏النتيجةَ كانت متوقعةً حين أخذ السوسُ ينخرُ ‏‏في البنيةِ الأخلاقيةِ للمجتمعِ التي تُمثل حائطَ ‏‏الصدِّ أمام القيم ‏الإباحيةِ الوافدةِ ‏‏والسلوكيات الشاذة؛ فبدا أن الإعلامَ ‏‏الفاسدَ والفنَّ الهابطَ مرْضيٌّ عنه ولا يجدُ من ‏‏يوقفُه أو يتصدى له) د.أماني أبو الفضل، ‏‏‏المديرةُ التنفيذية للمركز المصري لرصدِ ‏‏أولوياتِ المرأة (مرام)، المصدر: موقع إسلام ‏‏أون لاين.
    http://www.islamonline.net/arabic/Cy...07/01/02.shtml

    ‏6- الأبعادُ الاجتماعيةُ للتحرش الجنسي في ‏‏الحياة اليومية، دراسة ميدانية على الشبكة، (ص 21)، ‏‏بتصرف. ‏
    ‏7- (ينبغي ألا نلقي باللوم على الخطاب ‏‏الإسلامي؛ لأن الدعاةَ يقومون بدورِهم، ‏‏ولكنَّ الإعلامَ الهابطَ يجعلُ هذا الخطابَ بلا ‏‏مردودٍ إيجابيٍّ ‏بسبب قوةِ ما يملكُه من وسائلِ ‏‏التأثيرِ، ومطاردتِه للناس طوالَ ساعات اليوم). ‏‏د. أماني أبو الفضل، المديرةُ التنفيذية للمركز ‏‏المصري لرصد ‏أولويات المرأة (مرام)، المصدر: موقع إسلام أون لاين. ‏‏‏
    http://www.islamonline.net/arabic/Cy...07/01/02.shtml

    ‏8- (الإعلام بوسائلِه المختلفةِ المقروءةِ ‏‏والمسموعةِ والمرئيةِ يلعب دورًا مؤثرًا في ‏‏نفوس مشاهديه؛ حيث يُكسبهم توجيهاتٍ ‏‏معينةٍ لا تلبثُ أن ‏تصبحَ قوالبَ موجِّهةً ‏‏لسلوكياتِهم، إنه يعملُ على ترسيخِ بذورٍ ‏‏ثقافيةٍ وقيمٍ بديلة، ذلك أن الإعلامَ المرئيَّ ‏‏أباح ولا يزالُ يبيحُ لنفسِه (باسم ‏الجانب ‏‏الترويحيِّ من رسالته وبفعل الجانبِ ‏‏الاقتصاديِّ من نشاطه) السخريةَ من ‏‏الكثير من المقدسات الاجتماعية، وقد جاءت ‏‏معظمُ هذه ‏السخريةُ شديدةَ الفجاجةِ بما ‏‏يتناسبُ مع فجاجةُ الذوقِ في الكثيرِ من ‏‏الأعمال التمثيلية لدينا، ومِن ثَمَّ فقد أسهمت ‏‏ولا تزالُ تُسهم بقوةٍ في مزيدٍ من ‏إفسادِ مناخ ‏‏التنشئةِ الاجتماعية لدينا بصورةٍ عامة، هذا ‏‏بالإضافة إلى الإعلاناتِ وما تَعرض من ‏‏ثقافاتٍ بديلةٍ للقيم الأخلاقية الثابتة، وأمامَ ‏‏هذا ‏الوابلِ من الغناءِ المعنوي الفاسدِ ‏‏اللاأخلاقي يُصبح من المحال على النفوس ألا ‏‏تمرض) أحمد مجدى حجازي، أزمة القيم، مجلة ‏‏الديمقراطية، ‏العدد التاسع، مركز الدراسات ‏‏السياسية والإستراتيجية، القاهرة، يناير ‏‏‏2003م، ص 58.‏

    ‏9- عولمةُ الإباحية.. (تُلفت د. منال أبو ‏‏الحسن -المسئولةُ الإعلامية باللجنة الإسلامية ‏‏العالمية للمرأة والطفل، ومُدرسة الإعلام بجامعة ‏‏‏الأزهر- الانتباهَ إلى هذا العامل المهم: وهو ‏‏محاولاتُ الأمم المتحدة عولمةَ القضايا ‏‏الجنسية. حيث غلَّفتْ كلَّ ما يخصُ هذه ‏‏القضايا بإطارٍ من ‏الحرية والتمكين وأصبح ‏‏من متطلباتِ العولمة فرضُ تلك الأجندةِ التي ‏‏هي في الأصل منظومةُ الغربِ الإباحية من ‏‏خلال مواثيقِ الأمم المتحدةِ ‏الخاصةِ بالمرأة ‏‏والطفل.‏
    وتضيفُ أن المنظمةَ الدولية تقوم بإلزامِ ‏‏الدولِ الأعضاءِ بتنفيذ بنودِ تلك المواثيقِ ‏‏وتطبيقِها على مستوى كافةِ مؤسسات هذه ‏‏الدول دون اعتبارٍ ‏للدين ولا للقيم المجتمعية، ‏‏والتي تمثلُ من وجهةِ نظرِهم العائقَ الأساسَ ‏‏للتطبيق، مشيرةً إلى أن هذه المواثيقَ تُركزُ ‏‏على المطالبة بتغيير ‏المناهجِ الدراسيةِ للأطفال ‏‏والمراهقين لتلبيةِ هذه المتطلبات..‏
    وتؤكدُ على أن بعض وسائلِ الإعلامِ العربيةِ ‏‏الموالية للمنظماتِ الغربية تقوم بدورٍ أساسٍ ‏‏في إيجاد حالةٍ من الإلحاحِ والضجيجِ لشد ‏‏الجمهورِ ‏نحو الأساليبِ الغربية للمعالجات ‏‏الجنسية، سواءً من النواحي الثقافيةِ أو ‏‏التعليمية أو القانونية أو السياسيةِ لكي يتبعَها ‏‏المناقشاتُ والحواراتُ ‏الثنائيةُ والجماعيةُ ‏‏لإيجاد رأيٍ عامٍّ داعمٍ لتلك المنظومة الإباحية) المصدر: موقع إسلام أون لاين. ‏‏‏
    http://www.islamonline.net/arabic/Cy...07/01/02.shtml

    ‏10- (إن هذا السلوكَ المنحرفَ يتصفُ بعدم ‏‏الانضباطِ، وينقلُنا مفهومُ الانضباط وعدمُ ‏‏الانضباط إلى مفهومين آخرين ارتبطا بهذا ‏‏السلوكِ وهما ‏مفهوما الانحراف وعدمُ ‏‏الامتثال... ويظهرُ مفهومُ عدمِ الامتثال من ‏‏خلال نظرية "ميرتون ‏Merton‏" فى ‏‏مجال البناءِ الاجتماعيِّ و"الأنوميِّ"، ‏والتصنيفِ ‏‏الذى قدمه "بارسونز Parsons‏" فى ‏‏وصفه لميكانيزم الضبط الاجتماعي فى ‏‏مواجهة الميول الانحرافية وإعادةِ التوازن إلى ‏‏‏المجتمع، حيث أكد بارسونز على أن التنشئةَ ‏‏الاجتماعيةَ من خلال الأسرةِ لا تستطيعُ ‏‏وحدَها أن تتغلبَ على التوترِ والانحرافِ فى ‏‏العلاقات ‏الأمرُ الذي يؤدي إلى ظهور بعضِ ‏‏العناصر السلبيةِ فى البناءِ الدافعي تؤدي ‏‏بدورها إلى الانحراف عن المعايير القائمةِ، ‏ولا ‏بد أن يواجِهَ النسقُ ‏هذه الأنماطَ الإنحرافيةَ ‏‏بعملية الضبطِ الاجتماعي، وتصبحُ درجةُ ‏‏الامتثال واحدةً من الدرجات التي توضحُ ‏‏عودةَ النسق إلى التوازنِ ويصبحُ ‏الانحرافُ ‏‏هو عدم الامتثالِ للقواعد الضابطةِ للنسق). ‏‏أحمد زايد وآخرون، العنف بين طلاب ‏‏المدارس، التقرير الاجتماعي الأول، المركز ‏‏‏القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ‏‏القاهرة، 2004م، ص 21، بتصرف.‏

    ‏11- الإسلام في الغرب، جان بول رو (ص ‏‏‏178).‏

    ‏12- قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية – ‏‏د.فؤاد بن عبدالكريم، (ص 54).‏

    ‏13- (لما وقعت فتنةُ الاختلاطِ بالجامعة ‏‏المصرية، كان ما كان من حوادث يندى لها ‏‏الجبين، ولما سُئِل "طه حسين" عن رأيه في ‏‏هذا، قال: ‏‏(لا بد من ضحايا)!! ولكنه لم ‏‏يبين : "بماذا" تكون التضحية؟ وفي "سبيل ‏‏ماذا" لا بد من ضحايا؟!). (المرأة المسلمة) ‏‏لوهبي غاوجي الألباني ‏(ص241). (وأيُّ ‏‏ثمرةٍ يمكن أن تكون أغلى وأثمنَ من أعراض ‏‏المسلمين؟!!)/ نقلاً عن: د. محمد إسماعيل ‏‏المقدم، عودة الحجاب، مجلد ‏‏"أدلة الحجاب" ‏‏‏(ص 65).‏

    ‏14- العجيبُ أنني بعد أن كتبتُ هذه ‏‏الكلمات قرأتُ خبرًا يفيد أن شيئًا من هذا ‏‏حدث بالفعل أمام إحدى مدارس البنات التي ‏‏كانت تشتكي من ‏هذه الظاهرة فتم تعيينُ ‏‏حرسٍ أمام المدرسة لحماية الطالبات، فما ‏‏كان من حال هؤلاءِ الحراس مع الطالبات إلا ‏‏ما ذكرت!‏

    ‏15- قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية – ‏‏د.فؤاد بن عبدالكريم، (ص 55).‏
    ‏16- العفة: حصول حالةٍ للنفس تمتنعُ بها ‏‏عن غلبة الشهوة، والمتعففُ: المتعاطي لذلك ‏‏بضربٍ من الممارسةِ والقهر، انظر: ‏‏‏"المفردات" ‏للراغب (ص507).‏
    ‏17- الكلام في تفسير الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى ‏‏أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}، هو من مجموع كلام ‏‏العلماء، بتصرف يسير. ‏
    ‏18- العلامة أبو الأعلى المودودي – رحمه ‏‏الله – تفسير سورة الأحزاب (ص165-‏‏‏167) بتصرف.‏
    ‏19-. دراسة أجراها المركز المصري لحقوق ‏‏المرأة بعنوان "غيوم في سماء مصر"! ‏‏‏
    http://ecwronline.org/index.php?opti...ew&id=273&Item
    http://ecwronline.org/index.php?opti...ew&id=274&Item

    ‏20- أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي في الكبرى، وغيرهم، وقال الترمذي: (حديث حسن غريب)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"، وفي تحقيقه "الكلم الطيب" لابن تيمية.
    21- أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وغيرهم، وصححه الألباني في تحقيقه "الكلم الطيب"، وانظر: "السلسلة الصحيحة" (3163)
    22- حسنه الحافظ ابن حجر، وصححه ‏‏الحاكم، والذهبي، وابن حبان، والنووي، ‏‏والألباني، ومحققا "الزاد". (أذكار وآداب ‏‏الصباح والمساء، ‏الشيخ محمد إسماعيل المقدم، ‏‏ص12).‏

    ‏23- (يقول الشيخ أبو بكر الجزائري – ‏‏حفظه الله - : الجلباب هو ما تضعه المرأة ‏‏على رأسها، فكيف يقال لها: "أدنِ الجلباب ‏‏من رأسك" ‏وهو يغطيه؟! – يريد أنه يكون ‏‏حينئذٍ تحصيل حاصل – وإنما تدنيه من رأسها ‏‏لتغطي به وجهها، هذا هو المعقول والمفهوم ‏‏من كلام العرب، ‏ثم مجرد تغطية الرأس لا ‏‏تمنع من المغازلة المخوفة!.. وإنما يمنع منها ‏‏تغطيةُ الوجه بالمرة، أما كاشفةُ الوجه فإن ‏‏النظرَ إليها ومنها يُسَهِّلُ ‏المكالمةَ فالمغازلة، كما ‏‏قال الشاعر الحكيم: نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ .. ‏‏فكلامٌ فموعدٌ فلقاء)، فصل الخطاب في المرأة ‏‏والحجاب، (ص: 38-‏‏39)/ نقلاً عن: د. محمد إسماعيل ‏‏المقدم، عودة الحجاب، مجلد ‏‏"أدلة الحجاب" (ص224)، بتصرف يسير. ‏
    ‏24- د. محمد إسماعيل المقدم، عودة ‏‏الحجاب، مجلد "أدلة الحجاب" (ص 65).‏
    ‏25- المصدر السابق، (ص131)‏
    ‏26- د. محمد البرزنجي، مدلولات الأمن ‏‏الإسلامي في القرآن الكريم، مجلة البيان، ‏‏العدد: 124‏
    ‏27- تفسير العلامة عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، ‏‏سورة الأنعام، (ص 241).‏
    ‏28- د. محمد البرزنجي، مدلولات الأمن ‏‏الإسلامي في القرآن الكريم، مجلة البيان، ‏‏العدد: 124، بتصرف.‏

    المراجع: ‏
    ‏- عودة الحجاب، د. ‏‏محمد إسماعيل المقدم.‏
    ‏- الأبعاد الاجتماعية للتحرش الجنسي في ‏‏الحياة اليومية، دراسة ميدانية على الشبكة.‏
    ‏- قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية – د.فؤاد ‏‏بن عبدالكريم.‏
    ‏- مقالات ودراسات متفرقة على الشبكة.‏

    التعديل الأخير تم 08-22-2012 الساعة 03:15 AM

    ((أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))

    --- *** ---
    العلم بالحق والإيمان يصحبه ** أساس دينك فابن الدين مكتملا
    لا تبن إلا إذا أسست راسخة ** من القواعد واستكملتها عملا
    لا يرفع السقف ما لم يبن حامله ** ولا بناء لمن لم يرس ما حملا

    --- *** ---



    فضلاً : المراسلة على الخاص مع الأخوات فقط.

  2. #2

    افتراضي

    جزاك الله خيرًا يا أختاه .. مقالٌ في وقته تمامًا !!
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أهل السُّنَّة غيرُ مختلفين، ، وآمالهم وآلامهم واحدة
    بواسطة ابن سلامة في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-21-2014, 06:42 PM
  2. (كل المساجد كيّفت وأنا على شرفي مهمش )
    بواسطة نائل سيد أحمد في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-24-2010, 11:51 AM
  3. أنا والصخرة الساجدة للهِ
    بواسطة زاهية بنت البحر في المنتدى قسم اللغة والشعر والأدب
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 02-09-2009, 05:33 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء