الإلزام الأول :- الكفار بالسنة هم دُعـاة الإسلام الليبرالي الذي يتمناه كل أوربي في بلادنا ...!!!
يقول العالم الإقتصادي الكبير جلال أمين في كتابه ماذا علمتني الحياة ص 319 ما يلي :- ( نعم لقد مرت بأبي فترة كان موقفه من الدين ينطوي على بعض الفتور والشك ) ويقول جلال أمين في أكثر من موضعه من كتابه هذا أنه لم ير أباه يصلي أبدا أو يصوم أبدا أو يقوم بأي شعيرة من شعائر الاسلام ..... أباه هو الكاتب الكبير أحمد أمين صاحب موسوعة "فجر الإسلام"، "ضحى الإسلام"، "ظهر الإسلام" و "يوم الإسلام.. أحمد أمين الذي يُعتبر من أوائل المتأثرين بشبهات منكري السنة خاصة في كتابه فجر الإسلام ....
إلى هنا تبدو الأمور طبيعية لكن سرعان ما يتحول هذا المنكِر للسُنة إلى وسيلة في يد الصليبي أو اليهودي يعبث من خلاله بمقدسات الإسلام وركائزه الأصيلة يقول الأستاذ محمد إبراهيم مبروك في مقاله لماذا الهجوم على السنة النبوية ؟ ومن يقف وراءه؟ الذي نشرته مجلة البيان ذو الحجة 1432هـ يقول :- ( في عام 2004م أصدرت مؤسسة راند تقريرها الشهير الذي أصدرت معه ملحقاً خاصاً سمي (حرب الأحاديث) جاء فيه: «إن معظم الجهود الحالية لإصلاح الإسلام ترتكز حول الخلاف على أحكام وممارسات محددة فيه هي محل انتقاد من غير المسلمين؛ خاصة أنها لا تتناسب مع العصر الحديث»، وتضيف الدراسة أن القرآن بشكل عام فوق النقد - وإن كان الأمر غير متفق عليه عالمياً-؛ إلا أنه هناك قضايا كثيرة لم يتطرق إليها، أو أنه يشير إليها بغموض؛ ولذلك فإن الخلاف بين التيارات الإسلامية يقوم على أساس رؤيتهم وتفسيرهم للحديث الشريف»ثم تنتقل الدراسة إلى التشكيك بأهم مصادر الحديث الشريف مثل صحيح البخاري، والطعن في قدرة البخاري نفسه على التوثق من صحة الأحاديث، وتَخلُص الدراسة بعد ذلك إلى أنَّ احتضانَ إسلامٍ أكثر ديمقراطية يتطلب العمل على ثلاثة خطوط متوازية في ما يتعلق بموضوع الحديث الشريف .)
يرى الأستاذ محمد إبراهيم مبروك أنه يجب التعامل مع قضية الهجوم على السُّنة النبوية في الإطار الشامل لهذه الحرب الفكرية، فبعيداً عن الدعاوى المشبوهة للحوار مع الآخر التي تؤكد الأحداثُ المتتالية أن ما يُقصَد بها هو التزامنا بهذا الحوار؛ بينما الطرف الآخر ممعن في قهرنا (العسكري والسياسي) لا يتغير في هذا سوى تعبيرات الوجوه ونفاق التصريحات.
فالهجوم على السُّنة النبوية يأتي في إطار الهجوم على كل ثوابت الإسلام؛ هجوم على الشريعة بالدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، وهجوم على أهل السُّنة والجماعة بمسمى محاربة الوهابية والتطرف ودعم الصوفية، وهجوم على عقيدة الولاء والبراء بدعوتي (التسامح والتقارب بين الأديان)، وهجوم على كل شيء له علاقة بالإسلام الحقيقي، وفي المقابل طرح إسلام بديل بلا قواعد ولا ضوابط يسمى الإسلام الليبرالي؛ يتوافق مع المضمون العَلماني الغربي ولا يحمل من الإسلام نفسِه سوى الشعار، ومن ثَمَّ يتخلص الغرب الأمريكي من صراعه الحضاري مع الإسلام بحسب تصور قادة الفكر لديه من أمثال ليونارد لويس وفوكوياما وهينتنغتون.
بناءً على ما سبق والكلام للأستاذ محمد إبراهيم مبروك فإن الهجوم على السُّنة النبوية لا يقف عند حدود السُّنة النبوية فقط؛ وإنما يستهدف القضاء على الإسلام بالكامل؛ لأنه يستهدف الهجوم على القرآن أيضاً بشكل مباشر؛ لأن إسقاط السُّنة يعطي الفرصة لكل مغرض وحاقد على الإسلام أن يفسر القرآن تبعاً لما يمليه عليه هواه .
في الأربعاء تشرين الأول من عام 2004م عقد مركز ابن خلدون مؤتمراً سياسياً ودينياً يدعو إلى إصلاح الدين الإسلامي بحضور سفارَتَي (أمريكا وإسرائيل) وهيئة المعونة الأمريكية. ولعل من المهم أن نذكر بعض الأسماء التي حضرت هذا المؤتمر هذه الأسماء هي: سيد القمني، وجمال البنا، ومحمود المراغي (قيادي في الحزب الناصري)، والصادق المهدي (رئيس حزب الأمة السوداني)، ومحمد شحرور (كاتب سوري)، وصلاح الدين جورشي (كاتب تونسي)، وإبراهيم عيسى. ومما هو لافت للنظر أن سعد الدين إبراهيم وجه الدعوة لأكثر من أربعين شخصية عامة لكنها قابلت الدعوة بالتجاهل.
ويعلق الأستاذ سيد ياسين (الرئيس السابق لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام) على المؤتمر فيقول: غير أن أخطر توصية تبناها المؤتمر هي دعوته إلى تنقية التراث الديني من الحديث النبوي الشريف، والاعتماد فقط على نصوص القرآن مرجعية وحيدة، والتصدي لأفكار المؤسسات التي تحتكر الحديث باسم الدين، وخلق مدرسة اجتهاد جديدة في القرن الحالي.
وهكذا يتضح أن منكري السنة في بلادنا يلتزمون تماما بتوصيات مؤسسة راند ويُنَّفذون ما يُطلب منهم تماما بمنتهى الهدوء والطاعة ليُكونوا بذرة الإسلام الليبرالي الذي يتمنى أن يراه الغرب يوما ما في الشرق الأوسط ويؤسس على أكتافه شرق أوسط جديد لا يؤرق اسرائيل ولا يخيف أي استعمار مستقبلي أو إلحاد شاذ فالجميع يسمع ويطيع ..!!
الإلزام الثاني :- إتباع النبي صلى الله عليه وسلم أحد ركائز دين الإسلام ..!!
اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد ركائز دين الإسلام وأساسياته، ومن مُسلمات الشريعة والأمور المعلومة منها بالضرورة، وقد استفاضت النصوص الشرعية الصحيحة في بيان ذلك والتأكيد عليه، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وقوله -عز وجل-: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) [النساء: 80]
فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالإقتداء به وطاعة أوامره وتصديق كلامه
والسنة النبوية هي أقول الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأوامره ونواهيه وتبليغ ما أمره الله عز وجل أن يبلغه
وشرح كتاب الله العظيم جائنا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم .
ولقد مدح الله عز وجل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه الكريم لأنهم أطاعوا الله وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال تعالى لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً [الفتح : 18]فالبيعة التي بايع الصحابة عليها وردت لنا عن طريق السنة الشريفة , وقد مدح الله عز وجل أهل هذه البيعة ..أتدرون لماذا ؟ لأن السنة الشريفة هي والقرآن الكريم مصدران للتشريع , قال صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم ماإن تمسكتم به لن تضلوا أبداً كتاب الله وسنتي "
فالسنة النبوية ضرورةٌ دينية وحجتها ثابتة لكل من عقل ومن لم يعقل ، وما أسخفَ من يدعي على نفسهِ الإسلام فيأتِ منكراً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويقولُ عن نفسه بأنهُ من المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم :- ( حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنبا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانُ ، أنبا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ .)
وروى أبو داود (4605) والترمذي (2663)وابن ماجة (13) عن أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ : لَا نَدْرِي ، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ ، وإلا فَلاَ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره
وروى الترمذي (2664) وابن ماجة (12) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ . أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ )
وقد اشتدت عناية القرآن الكريم بتلك المسألة فوَّجه إليها آيات كثيرة تنوعت بين آيات تأمر فى وضوح بوجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم ، وبين آيات أخرى تأمر بوجوب طاعته، طاعة مطلقة، فيما يأمر به، وينهى عنه، وبين آيات أخرى تنهى عن مخالفته وتحذِّر من ذلك وتبين جزاء المنافقين المرجفين في دين الله العاملين على هدم كيان السنة النبوية، والذين حصروا معنى الآيات الواردة فى طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، في طاعته فى القرآن الكريم فقط
من هذه الآيات قوله تعالى
1- { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} فمقتضى ذلك أن نؤمن بالله وبرسوله، والإيمان معناه هنا التصديق والإذعان برسالته وبجميع ما جاء به من عند الله من كتاب وسنة، بمقتضى عصمته التى توجب التصديق بكل ما يخبر به عن رب العزة كقوله فى حق القرآن:"هذا كلام الله ، وقوله فى الأحاديث القدسية:"قال رب العزة كذا"أو نحو هذه العبارة وقوله عليه الصلاة والسلام:"ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" فالإيمان بالرسول جزء من الإيمان بالله تعالى، والشك والارتياب فى ذلك الإيمان، شك وارتياب فى الإيمان بالله ورسوله معاً، وحينئذ لا يكون هناك إيمان أبداً ...
يقول الإمام الشافعي في رسالته : "فجعل كمال ابتداء الإيمان، الذى ما سواه تبع له الإيمان بالله ثم برسوله، فلو آمن عبد به، ولم يؤمن برسوله : لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبداً، حتى يؤمن برسوله معه، ومن هنا وجبت طاعة الرسول - بمقتضى هذا الإيمان - فى كل ما يبلِّغه عن ربه، سواء ورد ذكره فى القرآن أم لا.
يقول الإمام الشافعي أيضا : "وما سنَّ رسول الله فيما ليس لله فيه حكم : فبحكم الله سنَّه، وكذلك أخبرنا الله في قوله تعالى : {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل فى اتباعه طاعته، وفى العدول عن اتباعها معصيته التى لم يعذر بها خلقاً، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجاً"
2- وقوله تعالى { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فهنا أقسم سبحانه بنفسه، وأكده بالنفي قبله على نفي الإيمان عن العباد، حتى يحكِّموا رسوله فى كل ما شجر بينهم، من الدقيق والجليل، ولم يكتف فى إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده، حتى ينتفى عن صدورهم الحرج والضيق عن قضائه وحكمه، ولم يكتف منهم أيضاً بذلك حتى يسلموا تسليما، وينقادوا انقيادا.
ويقول صاحب مختصر الصواعق المرسلة : "فقد أقسم الله سبحانه بنفسه على نفى الإيمان عن هؤلاء الذين يقدمون العقل على ما جاء به الرسول ، وقد شهدوا هم على أنفسهم بأنهم غير مؤمنين بمعناه، وإن آمنوا بلفظه"
ويقول فى موضع آخر : "وفرض تحكيمه، لم يسقط بموته، بل ثابت بعد موته، كما كان ثابتاً فى حياته، وليس تحكيمه مختصاً بالعمليات دون العلميات كما يقوله أهل الزيغ والإلحاد.
3- وقوله تعالى { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ودلالة الآية على حجية السنة من عدة وجوه :
أولاً : النداء بوصف الإيمان فى مستهل الآية : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا " ومعنى ذلك أن المؤمنين لا يستحقون أن ينادوا بصفة الإيمان إلا إذا نفذوا ما بعد النداء وهو طاعة الله تعالى، وطاعة رسول الله ، وأولي الأمر.
ثانياً : تكرار الفعل "أَطِيعُوا " مع الله عز وجل، ومع رسوله ، وتكرار ذلك فى آيات كثيرة {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا } وقوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
يقول الإمام الشاطبى : "تكراره الفعل "وَأَطِيعُوا" يدل على عموم الطاعة بما أتى به مما فى الكتاب، ومما ليس فيه مما هو من سنته"
وقال العلامة الألوسي: "… وأعاد الفعل : "وَأَطِيعُوا" وإن كان طاعة الرسول مقرونة بطاعة الله عز وجل، اعتناءً بشأنه وقطعاً لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس فى القرآن، وإيذاناً بأن له استقلالاً بالطاعة لم يثبت لغيره، ومن ثم لم يعد فى قوله : "وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ " إيذاناً بأنهم لا استقلال لهم فيها استقلال الرسول ، بل طاعتنا لهم مرتبطة بطاعتهم هم لله ورسوله، فإن هم أطاعوا الله ورسوله فلهم علينا حق السمع والطاعة وإلا فلا، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "
ومما هو جدير بالذكر هنا أن فرض الله طاعة رسوله ليست له وحده بل هى حق الأنبياء جميعاً قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} فرب العزة جل جلاله يقرر هنا قاعدة:"أن كل رسول جاء من عنده جل جلاله يجب أن يطاع"
ولماذا لا يطاع هذا الرسول الذي جاء بالمنهج الحق الذى يصلح الخلل فى تلك البيئة التى أرسل إليها؟ إن عدم الطاعة حينئذ – هو نوع من العناد والجحود والتكبر كما أن فى عدم الطاعة اتهاماً للرسالة بالقصور، واتهاماً للرسول فى عصمته من الكذب فى كل ما يبلغ به عن ربه من كتاب أخبرنا عنه بقوله "هذا كتاب الله"، ومن سنة مطهرة أخبرنا عنها بقوله : "أوتيت القرآن ومثله معه" وقوله : "وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله".
وثالث الوجوه دلالةً على حجية السنة من آية النساء قوله تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}؛ فالرد إلى الله عز وجل هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إليه نفسه فى حياته، وإلى سنته بعد وفاته وعلى هذا المعنى إجماع الناس كما قال ابن قيم الجوزية.
وتعليق الرد إلى الكتاب والسنة على الإيمان كما فى قوله تعالى : {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} يعني أن الذين يردون التـنازع فى مسائل دينهم وحياتهم، دقها وجلها، جليها وخفيها – إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله ، هم فقط المؤمنون حقاً كما وصفتهم بذلك الآية الكريمة، أما غيرهم فلا ينطبق هذا الوصف عليهم. ( وافهم يا لبيب)
ثم يحدثنا الله تعالى بعد هذه الآية مباشرة، عن أناس يزعمون أنهم يؤمنون بالله ورسوله ومقتضى هذا الإيمان أن يحكموا كتاب الله وسنة رسوله فى كل شؤون حياتهم - ولكنهم - لا يفعلون ذلك وإنما يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت مع أنهم قد أمروا أن يكفرو به قال تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} ففى نهاية الأمر حكم الله تعالى على من يعرض عن حكم الله تعالى ورسوله ويتحاكم إلى الطواغيت بأنهم منافقون، وصدق رب العزة : {وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ*وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ*وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ*أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ*إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}
ويتأكد هذا المعنى جلياً فى قول الله تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار يعد قضائه جل جلاله وقضاء ورسوله عليه السلام، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالاً مبيناً
4- أما الآيات الدالة على وجوب طاعة الرسول عليه السلام طاعة مطلقة فيما يأمر به، وينهى عنه، بقوله تعالى : {وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وهناك آيات كثيرة لم نتعرض لذكرها خشية الإطالة فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الآيات التى تحذر من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم وتنهى عن مخالفته نجدها كثيرة ونشير أيضاً إلى بعضها قال تعالى : {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}وقال تعالى : {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا*يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا{
5- وفى سورة التوبة قال تعالى { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} وفي سورة النور قال تعالى : {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{
أين أمر رسول الله عليه السلام فى القرآن، لمن زعموا أن آيات طاعة الرسول فى القرآن مراد بها طاعته فى القرآن فقط؟
6- وفى سورة الأحزاب : {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا*خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا*يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا{
7- وفى سورة محمد قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ{
فالآيات السابقة تصرح بأن مخالفة منهج الله ورسوله، يدخل النار، ويورث الذل، والخزي، والفتنة، والكبت، ويحبط العمل ... فما قولك يا منكر السنة في هذا المختصر الوجيز ؟؟؟
الإلزام الثالث:- السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع بالاجماع
عقد الخطيب البغدادي في كتابه المشهور الكفاية في علم الرواية بابا استهل به كتابه فقال: (( باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب العمل ولزوم التكليف )) ثم ساق نصوصا كثيرة من السنة لدعم هذا العنوان نجتزئ منها ما يلي:
ساق الخطيب بأسانيد متعددة عن المقدام بن معديكرب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم أشياء يوم خيبر ثم قال: "يوشك رجل متكئ على أريكته يحدّث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه وإن ما حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرّم الله عز وجل"، وأخرج هذا الحديث بألفاظ متقاربة أبو داود والترمذي والدارمي والإمام أحمد، وزاد أبو داود "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه"
وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أطلعه الله على ما سيكون في المستقبل يوجه قوله هذا إلى ما يدّعون أنهم أهل القرآن أو القرآنيون الذين لا يأخذون إلا بالقرآن الكريم، ولا يحتجون بالسنة ولا يعملون بالأحاديث، وقد ظهر منهم الآن ناس في بعض أصقاع من الهند، وردد أفكارهم بعض الزائفين في مصر، لكن كانوا جميعا موضع سخرية واستخفاف من جمهور المسلمين وعلمائهم ولله الحمد والمنة.
وأما الإجماع فقد أجمع العلماء من عصر الصحابة إلى يومنا هذا بأن السنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع، وأنها حجة في إثبات الأحكام تبعا للقرآن، واستقلالا في بعض الأحكام.
وأما المعقول فمن المعلوم لدينا أن الله سبحانه وتعالى قال مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
إذن فالرسول صلى الله عليه وسلم مكلف ببيان المراد من الآيات المنزلة، وبيان كيفية تطبيقها على الحوادث، ولأجل هذا كان الصحابة يرجعون إليه في فهم كل ما أشكل عليهم فهمه، ويستفتونه فيما يقع لهم من الحوادث، فيبين لهم النبي عليه السلام ما أشكل عليهم.
فعلى سبيل المثال نزلت آية الصيام ولم يذكر فيها حكم الأكل والشرب بطريق النسيان، فاستشكل بعض الصحابة الذين وقعوا في هذا، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كلفه ربه بالبيان، فقال يا رسول الله أكلت ناسيا وأنا صائم، فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بأن صومه صحيح، وقال له: "تمّ على صومك فإنما أطعمك ربك وأسقاك".
على أن الأحكام المستمدة من السنة مأخوذة في الحقيقة من القرآن الكريم وتوجيهه العام، ومستقاة من أصوله، ومستوحاة من أهدافه، إذ إنها إما تخصيص لعمومه، أو مفسرة لمجمله، أو مقيدة لمطلقه، أو شارحة لكيفية تطبيق بعض أحكامه، وهذا ما فهمه الصحابة وعلموه وهو أن السنة وأحكامها تعتبر مأخوذة من القرآن الكريم، لأن الله تعالى قد أحال المسلمين في بعض نصوصه إلى السنة، وقصة المرأة الأسدية مع عبد الله بن مسعود في لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة حينما قالت: لقد قرأت ما بين دفتي المصحف فلم أجد اللعن فيه، قال: أما إنك لو قرأت لوجدتيه، ألم تقرأي قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، فالأخذ بالسنة في الواقع أخذ بالقرآن، لأن القرآن أحالنا عليها في بعض الأحكام، كما أن السنة هي التاريخ التطبيقي للقرآن، فالجهل بها جهل لكيفية تطبيق القرآن، كما أنها المصدر الوحيد لمعرفة سبب النزول، ومعرفة ناسخ القرآن ومنسوخه، وهذه أمور ضرورية جدا لتحديد معنى النص القرآني في كثير من الآيات.
ولنضرب أمثلة حية من أحكام السنة المخصصة لعموم محمكم القرآن أو المفسرة لمجمله:
1- قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ{.
فإن ظاهر هذه الآية يدل على أن كل والد يرث ولده وكل مولود يرث والده، لكن جاءت السنة فبينت أن المراد بذلك مع اتفاق الدين بين الوالدين والمولودين، وأما إذا اختلف الدينان فإنه مانع من التوارث، واستقر العمل على ما وردت به السنة في ذلك فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أسامة بن زيد أنه قال: " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ".
2- قال تعالى في المرأة التي يطلقها زوجها ثلاثا: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} فاحتمل أن يكون المراد به عقد النكاح وحده واحتمل أن يكون المراد به العقد والإصابة معا، فجاءت السنة فبينت أن المراد به الإصابة بعد العقد، فعن عائشة رضي الله عنها أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبتّ طلاقها فنكحت بعده عبد الرحمن بن الزَّبِير فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها كانت تحت رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات فتزوجت بعبد الرحمن بن الزّبير وإنه والله ما معه إلا مثل هذه الهدبة وأخذت بهدبة من جلبابها قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا وقال: "لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته"، قالت وأبو بكر جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد بن العاص جالس باب الحجرة لم يؤذن له، فطفق خالد ينادي أبا بكر ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، لكن ليس في الآية الكريمة بيان قيمة المسروق ولا الحرز الذي هو شرط القطع ولم تبين الآية الكريمة من أين تقطع يد السارق أمن الكف، أم من المرفق، أم من المنكب؟ فجاءت السنة فبينت مقدار المسروق وهو ربع دينار كما بينت الحرز وهو يختلف لأنه يكون في كل شيء بما يناسبه، كما بينت السنة أن القطع يكون من مفصل الكف.
والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، فمنها الصلوات الخمس فإن الله تعالى قال في القرآن الكريم {وَأَقِيمُوا الصَّلاة} وليس في القرآن بيان عدد الصلوات ولا تحديد أوقاتها، ولا عدد الركعات في كل صلاة، ولا كيفياتها، فجاءت السنة فبينت كل ذلك تفصيلا، وهكذا الزكاة والحج وكثير من العبادات والمعاملات والأحكام الأخرى.
وإني لأتوجه إلى منكري حجية السنة فأقول لهم: إذا كنتم لا تعتبرون السنة حجة عليكم، ولا تعملون بها فكيف تقيمون الصلاة أخذا من القرآن، وكيف تؤدون الزكاة وكيف تقطعون يد السارق وتقيمون الحدود، وتوزعون المواريث والتركات؟ فماذا يكون جوابهم يا ترى؟ سبحانك ربنا هذا ضلال مبين.
وأما حُجة مُنكري تاسنة فيمكن حصرها بأن القرآن جاء تبيانا لكل شيء، فإن جاءت الأحاديث بأحكام جديدة لم ترد في القرآن، كان ذلك معارضة من ظني الثبوت وهو الحديث القطعي الثبوت وهو القرآن، والظني لا يقوى على معارضة القطعي، وإن جاءت مؤكدة لحكم القرآن كان الاتباع للقرآن لا للسنة، وإن جاءت لبيان ما أجمله القرآن كان ذلك تبيانا للقطعي الذي يكفر من أنكر ثبوته بالظني الذي لا يكفر من أنكر ثبوته.
وهذه التقسيمات في الحقيقة فلسفة فارغة تعارض ما كان عليه الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان من العمل بالحديث بمجرد ثبوته ولو من طريق شخص واحد إذا توفرت فيه شروط الراوي المعروفة من العدالة والضبط وغير ذلك.
ويتخلص جواب الشافعي عن حجة هؤلاء بما يلي:
1- إن الله تعالى أوجب علينا اتباع رسوله، وهذا عام بمن كان في زمنه وكل من يأتي بعده، ولا سبيل إلى ذلك لمن لم يشاهد الرسول إلا عن طريق رواية الأحاديث، فيكون الله قد أمرنا باتباعها وقبولها، لأن ما لا يتم الواجب إلا به كان واجبا.
وحتى أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتيسر لمجموعهم -مع أنهم في زمنه- أن يسمعوا جميع ما قاله الرسول منه مباشرة، فكثيرا ما كان يسمعها البعض ويبلغونها غيرهم فيعملون بها جميعا، السامع والمبلّغ.
2- إنه لابد من قبول الأحاديث لمعرفة أحكام القرآن نفسه، فإن الناسخ والمنسوخ لا يعرفان إلا بالرجوع إلى السنة.
3- إن هنالك أحكاما متفقا عليها بين جميع أهل العلم وطوائف المسلمين قاطبة حتى الذين ينكرون حجية السنة، كعدد الصلوات المفروضة، وعدد الركعات، وأنصبة الزكاة وغيرها، ولم يكن من سبيل لمعرفتها وثبوتها إلا السنة.
4- إن الشرع قد جاء بتخصيص القطعي بظني، كما جاء في الشهادة على القتل والمال، فإن حرمة النفس والمال مقطوع بهما، وقد قبلت فيهما شهادة الاثنين، وهي ظنية بلا جدال.
5- إن الأخبار وإن كانت تحتمل الخطأ والوهم والكذب، ولكن الاحتمال بعد التأكد والتثبت من عدالة الراوي ومقابلة الرواية بروايات أقرانه من المحدّثين يصبح أقلّ من الاحتمال الوارد في الشهادات، خصوصا إذا عضد الرواية نص من كتاب أو سنة فإن الاحتمال يكاد يكون معدوما.
ولعمري هذه إجابات موفقة مخرسة ألهمها الله تعالى للإمام الشافعي حفظا لدينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فالحمد لله على توفيقه.
وأما قولهم إن الله أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء فإن من المعلوم أن الله لم ينص على كل جزئية من جزئيات الشريعة وإنما بين أصول الشريعة ومصادرها وقواعدها ومبادئها العامة.. ومن الأصول التي بينها وجوب العمل بسنة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كما في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} …
الإلزام الرابع أهمية علم الحديث وأنه شرف الأمة ..!!
قال سفيان الثوري:"لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ"
لو يقف المتأمل على هذه الجملة لأدرك ان الحديث يعتبر من لوازم التاريخ وان التاريخ يعتبر من أدوات علم الحديث. يجمع في قلبي حب التاريخ وحب الحديث وهما شيءٌ واحد.
فالمحدث له اعلى مرتبة فالمحدث يستطيع ان يتقن الفقه والتفسير والعلوم المختلفة.
فيستطيع ان يكون المحدث فقيهاً ولكن لا يستطيع ان يكون الفقيه محدثاً.
ويستطيع ان يكون المحدث مفسراً ولكن لا يستطيع المفسر ان يكون محدثاً.
ومن الاهمية توضيح اهمية الحديث في دحر الملاحدة واي زنديق عربيد لا يعرف حق نفسه ولا حق ربه.
وانقل ما قاله حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما: - ( كنا إذا قال الرجل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرأبت إليه أعناقنا,وأصغينا إليه بآذاننا، وابتدرته أبصارنا، أما وقد ركب الناس الصعب والذلول, فلم نأخذ من الحديث إلا ما نعرف)
وكان الإمام الشافعي -رحمه الله وطيب ثراه - يقول: -(لولا أهل المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر) يشير إلى فضل أهل الحديث
وإضاف ناقلة بأن أهل الجرح والتعديل والعلل كانوا بمثابة الحصن الحصين للتعرف على الرواة والحفاظ على المرويات حتى أنه قيل ليحيى القطان ألا تخاف أن يكون من تتكلم فيهم – أي بالجرح – خصمائك أمام الله ، فقال: -(لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلى من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خصمي ويقول لي لما لم تذب الكذب عن سنتي.)
قال الخطيب البغدادي :- ( ليس أحد من أهل الحديث يحابي في الحديث أباه ، ولا أخاه ، ولا ولده . وهذا علي بن عبد الله المديني ، وهو إمام الحديث في عصره ، لا يروى عنه حرف في تقوية أبيه بل يروى عنه ضد ذلك).
وقال الذهبي: -(الكلام في الرواة يحتاج إلى ورع تام ، وبراءة من الهوى والميل ، وخبرة كاملة بالحديث وعلله ورجاله.)
وقال الشيخ المعلمي اليماني: -(أئمة الحديث عارفون متيقظون يتحرزون من الخطأ جهدهم ، لكنهم متفاوتون في ذلك)
وقال أبو حاتم الرازي:-(لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا في هذه الأمة) فقال له رجل : يا أبا حاتم ربما رووا حديثا لا أصل له ولا يصح ؟ فقال:-(علماؤهم يعرفون الصحيح من السقيم ، فروايتهم ذلك للمعرفة ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها ، ثم قال أبوحاتم رحم الله أبا زرعة ، كان والله مجتهدا في حفظ آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سلماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأئمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنّة أهل الإسلام والسنة يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والمقيم. وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم نقولات يأثرونها بغير إسناد وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل. وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من المين كما يظهر الصبح لذي عينين (مجموع الفتاوى: 1/9)
عن محمد بن حاتم بن المظفر قال: إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها بالإسناد وليس لأحد من الأمم قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هي صحف في أيديهم وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم فليس عندهم تمييز ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي اتخذوها عن غير الثقات
وقال الحافظ ابن حزم: نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم شيء خص به المسلمون دون جميع الملل والنحل، أما مع الإرسال والإعضال فيوجد في اليهود لكن لا يقربون به من موسى قربنا من نبينا، بل يقفون حيث يكون بينهم وبينه أكثر من ثلاثين نفسا، وإنما يبلغون إلى نوح وشمعون، وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق، وهذه الأمة الشريفة زادها الله شرفا بنبيها إنما تنقل الحديث عن الثقة المعروف في زمانه بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأطول فالأطول مجالسة لمن فوقه، فمن كان أقصر مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها وأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عدا
وقد قال صلى الله عليه وسلم :- ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ ) رواه أبو داود 3660
قال الرامهرمزي ت 360هـ رحمه الله : " ففرَّق النبي صلى الله عليه وسلم بين ناقل السنة وواعيها ، ودل على فضل الواعي بقوله : ( فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه غير فقيه ) وبوجوب الفضل لأحدهما يثبت الفضل للآخر ، مثال ذلك أن تمثل بين مالك بن أنس وعبيد الله العمري ، وبين الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي ، وبين أبي ثور وابن أبي شيبة ، فإن الحق يقودك إلى أن تقضي لكل واحد منهم بالفضل ، وهذا طريق الإنصاف لمن سلكه ، وعلم الحق لمن أمه ولم يتعده " انتهى . "المحدث الفاصل 1/169-170
وأما من جمع بين الحسنيين ، فوعى مقالة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحفظ ما جاء به من العلم ، وتفقه في معانيه ، فانتفع به في نفسه ، ونفع به الناس ، فهؤلاء خير أصناف الناس قاطبة
الإلزام الخامس :- حجية خبر الآحاد
تتابع أئمة الهدى وسلف الأمة الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم على الاحتجاج بالسنة وتوقيرها والرجوع إليها في كل صغيرٍ وكبيرٍ والحذر من مخالفتها أو تركها ، أو التقدم عليها ، من غير تفريق بين متواترها وآحادها
فمن أدلة القرآن على حجية خبر الآحاد: قوله تعالى :{فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ( التوبة 122( فقد حث الله عز وجل المؤمنين - في هذه الآية على أن تنفر من كل فرقة طائفة تقوم بمهمة التفقه والبلاغ ، ولفظ الطائفة يتناول الواحد فما فوقه ، مما يدل على قيام الحجة بخبرها .
ومنها قوله سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } (الحجرات 6) ، فهذه الآية دلت على أن الخبر إذا جاءنا عن الثقة العدل فإن الحجة تقوم بخبره ، ولا يلزمنا التثبت فيه ، وأما الفاسق فهو الذي يجب أن لا نقبل خبره إلا بعد التثبت والتبين .
ومنها قوله سبحانه : {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } (النحل 43) فأمر من لم يعلم أن يسأل أهل الذكر وهم أولو الكتاب والعلم ، وهو يشمل سؤال الواحد والمتعدد ، ولولا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لما كان لسؤالهم فائدة .
وقوله سبحانه : {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } (المائدة67) ، فأمر - صلى الله عليه وسلم – بتبليغ الدين للناس كافة وقام بذلك خير قيام ، ولو كان خبر الواحد لا تقوم به الحجة لتعذر وصول الشريعة إلى كافة الناس ولما حصل البلاغ ، ومعلوم أن التبليغ باق إلى يوم القيامة والحجة قائمة على العباد .
كما حكى الله عن بعض أنبيائه ورسله السابقين ما يدل على قبولهم لخبر الواحد ، والعمل بمضمونه ، فموسى عليه السلام قبل خبر الرجل الذي جاء من أقصا المدينة يسعى قائلاً له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ، فجزم بخبره وخرج هارباً ، وقبل خبر بنت صاحب مدين لما قالت له : {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } ( القصص 25) ، وقبل خبر أبيها في دعواه أنهما ابنتاه ، فتزوج إحداهما بناء على خبره .
وقبل يوسف عليه السلام خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له : {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } (يوسف50) ، وثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي )
وأما أدلة السنة فأكثر من أن تحصر ومنها حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .) رواه ابن ماجه وغيره ، وفيه ندب - صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها حتى ولو كان المؤدي واحداً ، مما يدل على قيام الحجة بخبره ، فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لم يكن لهذا الندب فائدة تذكر .
وحديث مالك بن الحويرث حين وفد مع بعض قومه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) متفق عليه ، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن بليل ، ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم ) رواه البخاري وغيره وفي رواية لابن عمر : ( إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) متفق عليه ، ففي هذه الأحاديث الأمر بتصديق المؤذن ، والعمل بخبره في دخول وقت الصلاة ، والإفطار والإمساك مع أنه واحد ، ولم يزل المسلمون في كل زمان ومكان يقلدون المؤذنين ، ويعملون بأذانهم في هذه العبادات ، وهو من أوضح الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد .
واشتهر بعثه - صلى الله عليه وسلم - الآحاد من صحابته ، واعتماده على أخبارهم وعمله بموجبها ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة و زيد بن خالد في قصة العسيف ، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم- : ( واغد يا أنيس - لرجل من أسلم إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ) ، فاعترفت فرجمها ، فاعتمد - صلى الله عليه وسلم- خبره في اعترافها ، مع ما فيه من إقامة حد ، وقتل نفس مسلمة ، وفي يوم الأحزاب اكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم – بخبر الزبير وهو واحد حين قال : ( من يأتيني بخبر القوم؟ .)
وتواتر عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يبعث الآحاد إلى الجهات القريبة والبعيدة ويحملهم أمور الدعوة والتبليغ وتعليم الناس أحكام الإسلام وشرائعه ، والنيابة عنه في الفتوى والقضاء والفصل في الخصومات ، فمن ذلك ما رواه الشافعي بإسناد صحيح عنعمرو بن سليم الزرقي عن أمه قالت : " بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : " إن هذه أيام طعام وشراب فلا يصومن أحد " ، وحديث يزيد بن شيبان قال : كنا في موقف لنا بعرفة ، بعيداً عن موقف الإمام ، فأتاناابن مربع الأنصاري قال : " أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم ، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " رواه الترمذي وغيره ، وقال لأهل نجران – كما في الصحيحين : ( لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين ) ، فبعث أبا عبيدة رضي الله عنه ، وبعث - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر سنة تسع على الحج ، فأقام للناس مناسكهم نيابة عنه - صلى الله عليه وسلم- ، وبعث علياً تلك السنة فنبذ إلى قوم عهودهم ، وبلغ عنه أول سورة براءة ، وبعث قيس بن عاصم ، و الزبرقان بن بدر ، و مالك بن نويرة إلى عشائرهم ، لتعليمهم الأحكام ، وقبض الزكاة ، وبعث معاذاً و أبا موسى وعماراً وغيرهم إلى جهات متفرقة باليمن .
واشتهر أيضاً بعثه الأمراء في السرايا والبعوث ، وأمره بطاعتهم فيما يخبرون عنه ، وكذلك كتبه التي بعثها إلى الملوك في زمانه ، كان يتولى كتابتها واحد ، ويحملها شخص واحد غالباً ، كما بعث دحية الكلبي بكتابه إلى هرقل عظيم الروم ، و عبدالله بن حذافة إلى كسرى.
ومثلها كتبه التي كان يبعثها إلى ولاته وعماله بأوامره وتعليماته ، يكتبها واحد ، ويحملها واحد ، ولو لا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لكان بعثهم عبثاً ، ولحصل التوقف من المدعوين ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال لمن علمه شيئاً من الدين ، أو طلب منه جزية ، أو زكاة أو نحوها : إن خبرك لا يفيد العلم ، فأنا أتوقف حتى يتواتر الخبر بما ذكرت .
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قبول خبر الواحد والاحتجاج به ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال : " إن هذا خبر واحد يمكن عليه الخطأ فلا تقوم به الحجة حتى يتواتر ، ولو قال أحد منهم ذلك لنقل إلينا ، وقد نقلت عنهم في هذا الباب آثار لا تحصى منها :
ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة " ، ولولا حصول العلم لهم بخبر الواحد ، لما تركوا المعلوم المقطوع به عندهم لخبر لا يفيد العلم ولا تقوم به الحجة .
وحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين قال : " كنت أسقي أبا طلحة و أبا عبيدة ، و أبي بن كعب شراباً من فضيخ ، فجاءهم آت ، فقال : إن الخمر قد حرمت ، فقال أبو طلحة : قم ياأنس إلى هذه الجرار فاكسرها " ، حيث قطعوا بتحريم الخمر ، وأقدموا على إتلاف ما بأيديهم من مال تصديقاً لذلك المخبر ، ولم يقولوا : نبقى على حلها حتى يتواتر الخبر ، أو نلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، مع قربهم منه ، ولم ينقل أنه أنكر عليهم عدم التثبت .
وكذلك قضاء عمر رضي الله عنه في الجنين حين قال لأصحابه : " أَذْكَرَ الله امرأً سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين شيئاً ، فقام حمل بن مالك فقال : " كنت بين جارتين لي ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح ، فألقت جنيناً ميتاً ، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بغرة ، فقال عمر :" لو لم نسمع به لقضينا بغيره " ورجوعه بالناس حين خرج إلى الشام فبلغه أن الوباء قد وقع بها ، لما أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ( إذا سمعتم به ببلدة فلا تقدموا عليه ) متفق عليه ، وقبل خبرعبد الرحمن أيضاً في أخذ الجزية من مجوس هجر ، بعد أن قال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ، وغيرها كثير .
ولم يزل سبيل السلف الصالح ومن بعدهم قبول خبر الواحد الثقة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والاحتجاج به ، حتى جاء المتكلمون فخالفوا ذلك ، قال الإمام الشافعي رحمه الله ( الرسالة 1/451) : " وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ، ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذا السبيل ، وكذلك حكي لنا عمن حكي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان ......ومحدِّثي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله ، والانتهاء إليه ، والإفتاء به ، ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه ، ويقبله عنه من تحته ، ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة : أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه - بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي " أهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله ابن القيم مختصر الصواعق 2/372: " وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ، ولم يتواتر لفظه ولا معناه ، لكن تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له …....فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد من الأولين والآخرين ، أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع " أهـ.
وبهذا يتضح - بما لا يدع مجالاً للشك- حجية أخبار الآحاد ولزوم العمل بها في أمور الدين كله متى ما ثبتت عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم- ، وأن القول بعدم حجيتها قول باطل لا يعرف إلا عن أهل البدع ومن تبعهم ، ولو ترك الاحتجاج بها لهجرت السنة ، وتهاوت أركان الشريعة ، واندثر الحق ، قال الإمام ابن حبان في مقدمة صحيحة (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 1/156 : " فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد " ، إلى أن قال : " وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد ، فقد عمد إلى ترك السنن كلها ، لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد " .أهـ .
وقال السرخسي "ت 490 هـ": "لو لم يكن خبر الواحد حجة لوجوب العمل لما وجب الإنذار بما سمع... والأمر بالحذر لا يكون إلا بعد توجه الحجة، فدل أن خبر الواحد موجب للعمل" أصول السرخسي 1/324
هذا والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب
الإلزام السادس :- أقوال أهل العلم في حجية خبر الآحاد
قال الإمام الشافعي "ت 204هـ": "لو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الآحاد والانتهاء إليه بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلاَّ قد أثبته جاز لي، ولكن أقول: لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد بما وصفت بأن ذلك موجود على كلِّهم قال: فإن شبه على رجل بأن يقول: قد روي عن النبي حديث كذا وحديث كذا وكان فلان يقول قولا يخالف ذلك الحديث.
فلا يجوز عندي عن عالم أن يثبت خبر واحد كثيرا ويحل به ويحرم ويرد مثله-: إلا من جهة أن يكون عنده حديث يخالفه أو يكون ما سمع و من سمع منه أوثق عنده ممن حدثه خلافه أو يكون من حدثه ليس بحافظ أو يكون متهما عنده أو يتهم من فوقه ممن حدثه أو يكون الحديث محتملا" الرسالة ص 427.
وبوَّب البخاري لذلك فقال: ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، وذكر فيه خمسة عشر حديثاً.
قال الحافظ ابن حجر "ت 852 هـ": "المراد بالإجازة: جواز العمل به والقول بأنه حجة، وقصد بالترجمة الرد على من يقول: إن خبر الواحد لا يحتج به إلاَّ إذا رواه أكثر من شخص واحد يصير كالشهادة ويلزم منه الرد على من شرط أربعة أو أكثر" فتح الباري 13/233.
وقال ابن بطال "ت 444هـ": انعقد الإجماع على القول بالعمل بأخبار الآحاد " فتح الباري 13/321
وقال الإمام أبو محمد بن حزم "ت 457 هـ": "قال أبو سليمان، والحسين بن علي الكرابيسي، والحارث بن أسد المحاسبي وغيرهم: إن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوجب العلم والعمل معاً وبهذا نقول ".
وقال أيضاً: " القرآن والخبر الصحيح بعضها مضاف إلى بعض، وهما شيء واحد في أنهما من عند الله، فمن جاءه خبر عن رسول الله يقرُّ أنه صحيح وأن الحجة تقوم بمثله، أو قد صحح مثل ذلك الخبر في مكان آخر ثم ترك مثله في هذا المكان لقياس أولقول فلان وفلان فقد خالف الله وأمر رسوله" الإحكام 1/98، 102، 108 بتصرف.
وقال الخطيب البغدادي "ت 463هـ": "وعلى العمل بخبر الواحد كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا، ولم يبلغنا عن أحد منهم إنكار لذلك ولا اعتراض عليه، فثبت أن من دين جميعهم وجوبه، إذ لو كان فيهم من كان لا يرى العمل به لنقل إلينا الخبر عنه بمذهبه فيه "الكفاية ص 72.
وقال ابن عبد البر "ت 463هـ": "وكلهم يرون خبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعاً وحكماً وديناً في معتقده، على ذلك جماعة أهل السنة ولهم في الأحكام ما ذكرناه "التمهيد 1/34.
وقال: "خبر الآحاد الثقات الأثبات المتصل الإسناد يوجب العمل عند جماعة علماء الأمة الذين هم الحجة والقدوة "جامع بيان العلم 2/34.
وقال ابن دحية" ت 633هـ": "وعلى قبول خبر الواحد الصحابة والتابعون وفقهاء المسلمين وجماعة أهل السنة، يؤمنون بخبر الواحد ويدينون به في الاعتقاد" الابتهاج في أحاديث المنهاج ص 78..
وهو ما رجحه الحافظ ابن الصلاح "ت 643هـ" في مقدمة علوم الحديث ص 24. قال - بعد ذكره لأقسام الصحيح -: "وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافاً لمن نفى ذلك".
وتعقبه الإمام النووي "ت 676 هـ" فقال: "خالفه المحققون والأكثرون" التقريب ص 14.
قلتُ: ولم أجد من وافق الإمام النووي على هذا القول، بل إنه قال في "شرحه لصحيح مسلم"1/131: "الذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول: أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها، ويفيد الظن ولا يفيد العلم، وأن وجوب العمل به عرفناه بالشرع لا بالعقل...".
وقال الإمام ابن كثير "ت 774 هـ": - بعد كلام ابن الصلاح -: "وهذا جيد وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه، ثم وقفت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية مضمونه: نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول عن جماعات من الأئمة، منهم: القاضي عبدالوهاب المالكيه و الإمام الفقيه أبو محمد البغدادي ت 422هـ والشيخ أبو حامد الإسفراييني هو محمد بن أحمد شيخ الشافعية في زمانه ت 406هـ والقاضي أبو الطيب الطبري الإمام العالم ظاهر بن عبدالله أحد فقهاء الشافعية ت 450هـ والشيخ أبو إسحاق الشيرازي من الشافعية، وابن حامد أبو عبدالله الحسن بن حامد البغدادي ت 403هـ وأبو يعلى بن الفراء، وأبو الخطاب هو الفقيه محفوظ بن أحمد الكلوزاني البغدادي ت 510هـ.وابن الزعفراني هو الفقيه شيخ الحنابلة في عصره علي بن عبيد الله بن نصر البغدادي ت 527هـ وأمثالهم من الحنابلة، وشمس الأئمة السرخسي من الحنفية... ".
وقال ابن القيم: "ت 751هـ":"ومعلوم مشهور استدلال أهل السنة بالأحاديث ورجوعهم إليها، فهذا إجماع منهم على القبول بأخبار الآحاد، وكذلك أجمع أهل الإسلام متقدموهم ومتأخروهم على رواية الأحاديث في صفات الله تعالى ومسائل القدر والرؤية وأصول الإيمان والشفاعة وإخراج الموحدين من المذنبين من النار... وهذه الأشياء، علمية لا عملية، وإنما تروى لوقوع العلم للسامع بها، فإذا قلنا خبر الواحد لا يجوز أن يوجب العلم حملنا أمر الأمة في نقل هذه الأخبار على الخطأ، وجعلناهم لاغين هازلين مشتغلين بما لا يفيد أحداً شيئاً ولا ينفعه، ويصير كأنهم قد دونوا في أمور الدين ما لا يجوز الرجوع إليه والاعتماد عليه"مختصر الصواعق المرسلة 1/332..
وقال أيضاً: "إن هذه الأخبار لو لم تفد اليقين فإن الظن الغالب حاصل منها، ولا يمتنع إثبات الأسماء والصفات بها كما لا يمتنع إثبات الأحكام الطلبية بها في الفرق بين باب الطلب وباب الخبر بحيث يحتج بها في أحدهما دون الآخر، وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة؛ فإنها لم تزل تحتج بهذه الأحاديث العملية التي تتضمن الخبر عن الله بأنه شَرَعَ كذا وأوجبه ورضيه ديناً، فشرعه ودينه راجع إلى أسمائه وصفاته، ولم تزل الصحابة والتابعون وتابعوهم من أهل الحديث والسنة يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات والقدر والأسماء والأحكام، ولم ينقل عن أحد منهم البتة أنه يجوِّز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الأخبار عن الله وأسمائه وصفاته، فأين سلف المفرقين بين البابين؟! نعم سلفهم بعض متأخري المتكلمين الذين لا عناية لهم بما جاء في الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، ويحيلون على آراء المتكلمين وقواعد المتكلفين فهم الذين يعرف عنهم التفريق بين الأمرين..." المرجع السابق 2/412.
وقال أيضاً: "والذي ندين به ولا يسعنا غيره: أن الحديث إذا صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يصح عنه حديث آخر بنسخه، أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه وترك ما خالفه، ولا نتركه لخلاف أحد كائنا من كان لا راويه ولا غيره"إعلام الموقعين 4/408 تحقيق مشهور.
وقال الحافظ ابن حجر "ت 852 هـ" :يقبل خبر الواحد وإن كان امرأة فتح الباري 1/308
وقال أيضاً: " قبول خبر الواحد ووجوب العمل به ونسخ ما تقرر بطريق العلم به"فتح الباري 1/308.
ونقل عن الإمام ابن دقيق العيد "ت 702هـ قوله: "المراد بالاستدلال به على قبول خبر الواحد مع كونه خبر واحد أنه صورة من الصور التي تدل، وهي كثيرة"فتح الباري 1/381.
وقال أبو الحسنات اللكنوي "ت 1304هـ": - عن حكم العمل بحديث الآحاد-: "وحكمه أنه يجب العمل به مالم يكن مخالفاً للكتاب والسنة... وهو الصحيح المختار عند الجمهور"ظفر الأماني ص 61.
وقال الشيخ محمد الخضري " ت 1345 هـ ": "تواتر عن الصحابة في وقائع لا تحصى العمل بخبر الواحد، ومجموع هذه الوقائع تفيد إجماعهم على إيجاب العمل بأخبار الآحاد، وكثيراً ما كانوا يتركون آراءهم التي ظنوها باجتهادهم إذا روي لهم خبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" أصول الفقه ص 280.
وقال أحمد شاكر " ت 1377هـ ": "والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة ما ذهب إليه ابن حزم ومن قال بقوله: من أن الحديث الصحيح يفيد العلم القطعي، سواء أكان في أحد الصحيحين أم في غيرهما، وهذا العلم اليقيني علم نظري برهاني، وهذا العلم يبدو ظاهراً لكل من تبحر في علم من العلوم، وتيقنت نفسه بنظرياته واطمأن قلبه.... ودع عنك تفريق المتكلمين في اصطلاحاتهم بين العلم والظن فإنما يريدون بهما معنى آخر غير ما نريد، ومنه زعمهم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، إنكاراً لما يشعر به كل واحد من الناس من اليقين بالشيء ثم ازدياد هذا اليقين" الباعث الحثيث 1/125
الإلزام السابع :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء الأول ..!!
1- يقول تعالى فى كتابه الكريم - الذى نقله وتفرد بنقله إلى هذه الأمة أهلُ السنة والجماعة - ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة : 199]
والسؤال موجه إلى منكري السنة : من أين يفيض الناس ؟
2- قال الله عز وجل في كتابه وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التوبة : 115]، فلم لم يبين للأمة كيف تتقي"أقوال رسولها وأفعالها" حتى لا تضل بعد إذ هداها الله؟
3- وقال تعالى لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل : 44] فلِمَ لم يبين لنا مَن أُوحيت إليه هذه الآية أن "نقل سنته جرم عظيم أو صد عن سبيل الله وكتابه" ؟ فإن أمراً بهذه الخطورة على مستقبل الأمة وهويتها مما لا يُنهى عنه بحديث أو حديثين ولا آية عامة تحتمل أكثر من وجه، فإننا ما عهدنا بل ولا وجدنا من طريقة القرآن إلا الوضوح التام في النهي عما يعلم بالاضطرار ضرره الحقيقي على كافة البشرية، فكيف بأمر هو في صلب هدايتها وأساس مصيرها، ولا أدري كيف يستقيم نهي الرسول أمته عما هو أحقر من هذا كنهيه عن الأكل بالشمال أو اشتمال الصماء ثم تعجز بلاغته أو تكلّ فصاحته عن النهي عمّا فيه ضلال الأمة بأسرها (أي أخذها بالسنة ونقلها لحديثه)؟
ثم كيف يسعفه الوحي بالإخبار عن كون هذه الأمة "ستتبع سنن من كان قبلها" ولا يسعفه - مع مسيس الحاجة إليه في موطن كهذا بالذات - في الإخبار عن أن نقل أقواله وأفعاله سيكون مصدر شقاء وضلال للأمة من بعده ؟.
4- إشكال آخر من الإشكالات التي لا تنتهي: لماذا يحيل القرآن إلى مصدر خارج ذاته للتأكد من صدق وصحة القرآن نفسه - مع أن القرآن يحمل دليل صدقه في نفسه - ومن ذلك قوله تعالى فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [النحل : 43] والإشكال لا ينتهي هنا فقط بل هناك أبعاد أخرى وهي أن الله قد أخبرنا بتحريف أهل الكتاب وإعراضهم عن القرآن ومع ذلك يحيل عليهم ويأمر بسؤالهم
مرة أخرى: الإشكال لا ينتهي هنا. أهل الكتاب هؤلاء ليس عندهم دليل ولا خبر قطعي لا من كتاب منزل ، لأن كتبهم محرفة، ولا من نقل صحيح متصل منهم إلى من تقدمهم من آبائهم الأولين من الأحبار والعلماء ، فمن أين سيجيبون بعلم صحيح إذا ما سألهم أحد وفق قوله تعالى ( فأسألوا أهل الذكر) ؟ لا يمكن الجواب عن هذا الإشكال إلا بالاعتراف بأن نقل العلم الصحيح ممكن بغير الوحي، بل و ممكن من أهل التحريف أيضاً كما هو الحال ههنا !!
ولو كان غير ذلك لكان أمر الله بسؤال أهل الذكر من أهل الكتاب مطالبة في غير محلها، تقدس الله عن ذلك. وقال تعالى فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ [يونس : 94]كيف يؤسس الله مصير التأكد من صحة الرسالة على سؤال أهل الكتاب مع ما عرف عنهم من الكذب والضلال والتحريف. لا يمكن الجواب إلا بالإقرار بإمكان نقل العلم الديني الصحيح بغير طريق الكتب المنزلة. فلِم يجوز ذلك هناك ولا يجوز مع الأحاديث؟ والمقصود هنا أنه لا يمتنع أن يصلنا علم ديني - سواء تشريعي أو خبري - من غير طريق القرآن ولكن بدلالة أو إحالة القرآن عليه ، والسنة - التي ما هي إلا أقواله أفعاله وتقريراته - ما هي إلا طريق أحال عليه القرآن ،فإن قيل: تلك الإحالات ظنية الدلالة وليست قطعية الدلالة ، قلنا: عاد الإشكال القديم من جديد وهو: لماذا دلالة القرآن ظنية - تنزلاً مع الخصم فقط - في موضع يحتاج إلى القطع لحسم الخلاف وصون الأمة من الضلال؟ فإما أن نسيء الظن بالله وكلامه أو أن نعتقد قطعية دلالة الأدلة على ظاهر مادلت عليه ، دون تقييد أو تخصيص اعتباطي لا دليل عليه.
5- لا نكاد نجد ذكراً – بل لا نجد حقيقة – لشخصية معتبرة أو اسم معروف ، فضلاً عن مجموعة، يحمل مقالة إنكار السنة والاقتصار على القرآن الكريم ، فلا وجود لهؤلاء البتة ولا ذكر لهم إطلاقاً في عصر النبوة ولا عصر الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم ، ولو واحد على الأقل ! وهذا يثير تساؤلاً حرجاً جداً وهو: إذا كانت دعوى الاقتصار على القرآن ونبذ السنة دعوى صحيحة وواضحة وقائمة على أدلة يصعب أو يستحيل دحضه ، أقول إذا كان كذلك فلا بد أن يوجد في التاريخ ما يشفع لهذه الدعوى العظيمة ، فإن مثل هذه الدعوى لا يمكن أن تخلو من أتباع في صدر الإسلام ، لا أطلب أتباعا كثيرون وإنما أطلب – وهذا تحد مني ومن كل مثبت للسنة – ذكر اسم شخص واحد كافح من أجل هذه الدعوى وناضل من أجلها. بعبارة أخرى: لا بد أن يكون لهذه الدعوى أصل في أهم العصور لأنه إذا كان القرآن وحده هو الحق والسنة (التي هي الوحي التشريعي الآخر بدلالة القرآن) فتنة وبلاء ابتليت به الأمة - لا سيما وقد أخبرنا الله أن الحق يمكث في الأرض وأن الباطل يذهب جفاء - فلماذا لم تمكث هذه الدعوى مع حاجة البشرية جمعاء إليها؟ نعم لا نجد لها حضوراً في عصر هو أولى ما يجب أن يكون لها زخم فيه وهو عصر القرون الثلاثة أو الأربعة أو الخمسة...الخ القرون الأولى ؟ لم لا نجد شخصية تاريخية واحدة فهمت فهم منكري سنة اليوم ومن ثم قطفت تحذر من السنة و تبرز أوجه الفتنة في نقلها ونشرها و تدعو إلى الاعتصام بالقرآن وحده دون غيره إذا كانت فعلاً دعوى الاكتفاء بالقرآن لها وزن يعتبر في ميزان الحق ووضوح لا يخفى ولو على شخصية اعتبارية واحدة في تلك العصور المبكرة؟ إن معايير وضوح الحق كما هي مسطورة في القرآن تأبى هذا الشذوذ المتأخر في الزمان والمكان فما من دعوى تاريخية "معتبرة" إلا ولابد أن يكون لها أصل تاريخي وحضور حقيقي إذ كيف يسجل التاريخ دعوات أتفه من هذه وأحقر بمفاوز عظيمة ومراحل طويلة ولا يسجل وقائع وتداعيات لدعوى كهذه؟ الم تتوافر همم الناس لنقل أخبار مسيلمة الكذاب ، وأخبار العنسي بل وأخبار شخصيات يرجح البعض أنها وهمية كعنترة وليلى ثم لا تتوافر همم لا أقول الناس وإنما همم جماعة صغيرة – كنسبة عدد منكري السنة اليوم إلى عدد سائر الأمة – على نقل دعوى مثل هذه إن وجدت أو وجد جزء منها ؟!
الإلزام الثامن :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء الثاني ..!!
1- لقد تواتر تواتراً "معنوياً" قطعياً لا مدفع له أن هناك شخصية اسمها محمد صلى الله عليه وسلم وأن هذه الشخصية قد تفوهت بأقوال وصدر منها أفعال هي تارة امتداد مباشر لتعاليم القرآن وتارة امتداد غير مباشر لأوامره ونواهيه الكلية. وأن هناك شخصيات عاصرت هذه الشخصية اسمها "صحابة" وأن هذه الشخصيات شهدت مجموع هذه الأقوال والأفعال فروت ذلك لمن شاء الله من الناس هذه الشخصيات اسمها سلف الأمة وقد شهد الله لها بالخيرية في كتابه فهل يعقل أن يكون سلف هذه الأمة على وجه الخصوص، بنقلهم لأقوال وأفعال رسولهم، هم أساس ضلال من بعدهم ودعامة انحرافهم وبذرة غوايتهم ؟
2- قوله تعالى سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ [البقرة : 211] فيه دليل على ثبوت السنة وحجية الأحاديث لأن الله أقرّ طريق تحصيل العلم بسؤال بني إسرائيل، والسنة من باب أولى.وكان من فوائد ابن الوزير اليماني هذا الرد على المعترض المتهم لأئمة أهل الحديث بجواز الكذب في الحديث ، قال رحمه الله :"...وقد نهى رسول الله عن تكذيب أهل الكتاب في حديثهم خوفاً من تكذيب الصدق ورد الحق ، فإن الكافر قد يصدق ، فهذا في حق اليهود القوم البهت ، فكيف بثقات المسلمين وأئمتهم".الروض الباسم: جـ 2 ، ص 425.؟
3- كان الصحابة رضي الله عنهم يعدّون السنة وحياً. ثبت في البخاري من حديث أبي جحيفة أنه سأل علياً: هل عندكم شيء من الوحي غير القرآن؟ فكيف كان سينظر القرآنيون للسنة لو كانوا في زمن الرسالة ؟
4- قال الخطابي رحمه الله في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم (يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ...)، قال: "أراد به أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا الحديث بالأسفار من أهله" فهل يوجد في القرآنيين المعاصرين رجل واحد كان طالب للحديث أم جميعهم بلا استثناء حديثيو عهد بالعلوم الشرعية ؟
5- إنَّ التفريق بين السنة والقرآن أعظم من التفريق بين الزكاة والصلاة التي قاتل أبو بكر المرتدين من أجلها!! إنَّ طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله وتفاصيل الشريعة لا تجدها إلا في السنة الغراء؛ صلاتنا ، صيامنا ، زكاتنا، حجنا، جهادنا...الخ
يقول الله تعالى "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما"
لماذا نفى الله الجُناح=الإثم والجناية, عمن يطوّف بالصفا والمروة أي يسعى بينهما ,مع أنه لازمٌ في الحج لا يجوز تركه ؟
وكان مقتضى نظائر ذلك أن يأتي بصيغة افعل الجازمة ,لكن لما قال :لا جناح أي لا حرج ولا مؤاخذة, كان قد يتبادر إلى ذهن بعض الناس أن الأمر متروك بالخيار ..فما سر ذلك ؟ وبداهة يستحيل استيعاب هذه الآية إلا في ضوء السنة المشرفة ..!!
6- كيف يؤدي (مُنكر السنة) زكاة ماله ؟؟؟ وما هو مقدار هذه الزكاة ؟؟
وكيف الله يأمر بـ (إيتاء الزكاة) ولم يُبيّن مقدارها ؟؟!! هل الله يأمر بالمجهول ؟!!
أرجو أن تكون الإجابة بالدليل من القرآن .. بعيداً عن التكهنات والتخيلات والقول بالهوي في تفسير الآيات .
7- يقول الله تعالى فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء : 59]قال السلف إن الرد إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو الرد إلى الكتاب والسنة ..والسؤال : لماذا لم يقل الله جل ثناؤه فردوه إلى القرآن فقط دون السنة أو إلى الله فقط دون الرسول ..؟
وكان ينبغي أيضا أن يتم حذف جميع ما ورد في كتابه العزيز من الأمر بطاعة الرسول بل مع ما يجب أن يضمنه كتابه من التحذير من الأخذ عن رسول الله في كل حرف نطق به وفعل فعله سوى ما يقول إنه وحيٌ قرآني كل هذه اللوازم لابد منها حتى لا يقع التناقض..؟
الإلزام التاسع:- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء الثالث ..!!
1- مثال يسير
الأب لأولاده موصيا , هذا وصاياي العشر خذوها بقوة , ولا تفرطوا في شيء منها ..
أ- أطيعوا أمكم ..وما أشكل عليكم شيء فارجعوا إليها وردوا ما تختلفون فيه إلي وإلى كلامها
ب- صلوا الرحم
ج- اجتهدوا في دراستكم
.
.
10-إلخ
بعد مدة ..جاء زيد تلوح على قسماته مخايل البلاهة.. وقال : أما أبي فسمعا وطاعة ,وأما أمي فلا ..!
فقال له أخوه عمرو :ولكن أباك قال في وصيته الأولى :اطع أمك! وقد أمرتنا بكذا وكذا ..
رد زيد وهو يحك ذهنه البليد :وما يدريني , وأين العقل , إلخخخخ
أقبلت أمهم ذات ليلة وقالت :هيا نزور الرحم ..وهم أعمامكم وأخوالكم إلخ
اعترض الغبي زيد وقال :الرحم جهاز وظيفي في جسم المرأة يكون فيه الجنين , إذن زيارة الرحم هي أن نقترب من بطن أي امرأة ولا مانع من جس البطن باليد ..لتكون الزيارة أبلغ!
قال عمرو :اتق الله! ..أبوك أوصى بالرد لأمك في توضيح وصاياه !
رد زيد : أنا أستعمل العقل , فلا تلزمني بطاعة امرأة !
السؤال الآن هل يستطيع منكر السنة أن يُنكر على زيد فعلته ... هل منكر السنه يُسعفه منهجه العقلي في نقد تصرفات زيد ... هل تصرفات زيد من منظور منكر السنة خارجه عن النطاق أم هي عين الاستخدام العقلي النسبي بين الأشخاص الذين وصلتهم الواصايا ؟
2- إذا اطلع شخص لم يسمع عن الإسلام -وليكن إنجليزيا مثل قدم له نسخة مترجمة دقيقة- على قول الله تعالى :"وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول " وقوله "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون* " وقوله "فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر "..ونظائرها ,,
هل سيفهم بداهة من هذه الأوامر الإلهية :
أ- أن هناك كلاما للرسول صلى الله عليه وسلم يجب طاعته فيه..أم سيفهم :
ب- أنه لا وجود لشيء اسمه كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أصلا بحيث يتبع؟
3- يقول بعض من تأثروا بمنكري بالسنة :إننا نقبل من السنة النبوية ما وافق العقل ..ويعنون بذلك عقولهم هم !
والسؤال :
أ- ما الدليل على هذه الدعوى من القران العظيم ؟
ب- وما صفة هذا العقل المؤهل لتمييز الحق من الباطل؟
4- قال الله عز وجل " :"وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْري تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدينَ فيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظيم"
هل أنتم يا منكري سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أ- من المهاجرين و الأنصار ؟ أم :
ب- من الذين اتبعوهم بإحسان ؟
5- قال الله عز في عليائه وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة : 61]هذه الآية تشتمل على أكثر من حجة ولله الحمد,لكني أحدق منها على موضع وأجعله محور سؤالي :هذا نص صريح على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصدّق المؤمنين..فكيف نرد حديثه ونخالف هديَه ,وندفع ما حدثنا به الصحابة عنه وتابعوهم بإحسان أونكذّبهم ..؟ وهل إذا حدث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة بشيء كان يلزمهم السكوت ..وألا يبلغوه فيكونوا إما مكذبين له وإما كاتمين للحق؟
6- قال الله جل وتقدس وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [آل عمران : 101]ذكر الله تعالى أن المؤمنين في عهد رسول الله حاشاهم الكفر لسببين :
-تلاوة آيات الله تعالى عليهم
-كون الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم ..
فكيف يجوز على الله تبارك اسمه أن يجعل الحجة البالغة في استبعاد الكفر عنهم مؤلفة من ركنين, ثم تكون في حق من بعدهم مقتصرة على ركن واحد!..فيكون حابى قوما في قيام الحجة , على حساب قوم آخرين-تعالى الله عما يقول الجاحدون علوا كبيرا- ؟
نحن ولله الحمد نقول إن رسول الله ما يزال فينا بسنته المحفوظة ففيها كل ما يتعلق بسمته وهديه ودله وسيرته ومغازيه ومعاملاته وسلمه وحرب ومدخله ومخرجه وأصحابه وعامة أقواله وأفعاله حتى هيئته!..إلخ ولله الحمد
الإلزام العاشر :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء الرابع ..!!
1- دعا الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ [البقرة : 129] وذكر الله تحقق الإجابة : لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ [آل عمران : 164]السؤال : بين الله عز وجل أن مُهمات النبي صلى الله عليه وسلم تتألف من هذه الأشياء :
أ- تلاوة آيات الكتاب "يتلو عليهم آياته"
ب- تعليم الكتاب "ويعلمهم الكتاب"
ج- وتعليم الحكمة "والحكمة"
د- التزكية .."ويزكيهم" ومن مجموع هذه يأتلف علم الشريعة الكامل المتكامل بكل ما فيه من عقائد وأحكام وعبر وعظات وأقوال وأفعال وسيرة وهدي وأخلاق ومعاملة ونظام حياة ...
وعلى عقيدة منكري السنة انحصرت وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم في أ- تلاوة آيات الكتاب "يتلو عليهم آياته"
فأين ذهبت بقية الوظائف؟ ..وكيف يسوغ حفظ كتاب دون حفظ بيانه الذي أجملته الوظائف الباقية ؟
2- من البراهين التي يتسلح بها فرسان الإسلام في ميدان الحجاج مع خصومه ما يسمى بالإعجاز العلمي في السنة النبوية وهو نوع من أنواع دلائل النبوة والسنة النبوية ولله الحمد حافلة بهذه الدلائل المتعلقة بالعلوم الحديثة والتي كانت سببا لإسلام طائفة من الناس لاسيما الئك الذين لهم دراسات متعلقة بهذه العلوم كتحديد عدد المفاصل في جسم الإنسان وفتح القسطنطينية وغيرها من النبوءات التاريخية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بها قبل وقوعها فكانت كما قال ولم يأت شيء واحد قط على خلاف ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولله الحمد كظهور الخوارج ,والفتن ,وتوحد المسلمين عام الجماعة وأشراط الساعة وعودة جزيرة العرب مروجا خضراء..إلخ..فالسؤال :كيف يصدُق أن تكون دلائل النبوة كذبا مفترى , وهي مشتملة على هذه البراهين المبهرة للعقول وهي من جنس نظيرها في القران حتى أسلم منهم من أسلم من أجل ذلك وحده ؟
3- كثير من الناس إنما أسلم بدراسة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم..وحين أقول "كثير" فإنما أعني ما أقول ..درسوا السيرة النبوية وخرجوا بنتيجة جازمة أن هذا الرجل لا يمكن إلا أن يكون نبيا رسولا ..وهاك مثالًا معاصرًا
فإذا جاء امرؤ وقال :من محمد؟ وكيف كانت حياته؟ وما اسمه التام ؟ وما نسبه ؟ وكيف أتبع شخصا لا أعرف عن حياته إلا ملامح يسيرة (ورد في القران العظيم أشياء قليلة مجملة تخص السيرة النبوية ) لا أعرف مدخله ومخرجه وطريقة معاملاته وأقضيته وأحكامه وأخلاقه وطباعه وصفاته وأصحابه وأزواجه وأولاده وبناته وكيف كان يعيش وطعامه وشرابه ومراسلاته وسلمه وحربه ونومه وسفره وأيامه ومزاحه ومتى كان يغضب إلخ ,مما يكشف شخصية الرجل ويعرّف الدارس بمعالم النبوة ومكامن العظمة في الشخصية محل البحث..؟ كيف سيتدارك منكرو السنة هذه الإشكالية الكبرى وكيف سيحاورون ذلك الشخص ؟
4- يقول الله جل ثناؤه وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً [النساء : 115]ثبت في القران العظيم أن الصحابة رضوان الله عليهم مؤمنون ..وقد كانوا الحلقة الأعلى في نقل السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ثابت بالتواتر لا يجسر على إنكاره إلا شخص يمتهن عقله وويركب متن لجهل..فثبت أن سبيلهم كان منه نقل السنة لأتباعهم
وكذلك فعل أتباعهم فنقلوها إلى تلاميذهم..وهكذا..وقد ثبت ذلك بالتواتر المستفيض حتى لم يجرؤ المستشرقون المحترقون على إنكار أصله..فلماذا أمر الله باتباع سبيل المؤمنين ,وهو يعلم أنهم نقلوا السنة , وكان ينبغي على مقتضى كلام منكرة السنة أن يحذر من نقل السنة ومن نقلتها وهل كان هؤلاء ضالين كلهم حتى جاء منكرو السنة ليصححوا المسيرة الدينية عبر التاريخ..؟ وبكلمة :هل منكر السنة متبع لسبيل المؤمنين من الصحابة فمن بعدهم؟
5- يقول الله عز وجل لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب : 21]قال العلامة ابن كثير : (هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله .) فمقتضى امتثال الصحابة لهذا التوجيه الرباني الذي هو أصل كبير ,أن يقلدوه في شؤونه ويتخذوه مثالا يحتذى في عامة أمرهم...وقد تأتى لهم من ذلك بالضرورة قدر عظيم في سيرته وهديه وجهاده ومعاشرته أزواجه بالمعروف وسنته في تعاملاته مع الأصدقاء والأعداء والسلم والحرب والرخاء والشدة والعافية والمرض وإجابات سؤالاتهم عن بعض الآيات..إلخ فكيف يجوز على الله عز وجل وهو الحَكم العدل أن يحابي الصحابة الذين أُمِروا بالائتساء به دون قيد ,ثم يحرم الأمم المتعاقبة بعدهم من هذه النعمة الكبرى؟! وكيف يجوز في حكمته أن يجعل رسالته الخاتمة إلى البشرية قواعد مكتوبة فحسب دون منارة هدى تشاهد واقعا ويؤتسى بها لتكون الرسالة عملية واقعية لا مجرد نصوص مفتقرة إلى "نموذج" حقيقي يفسر النصوص بفعله وقوله ؟!
6- أين تجد وجوب التطهر (الاستنجاء) بعد التبول وكيفيته في القرآن؟
الإلزام الحادي عشر :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء الخامس ..!!
1- في النزول الأول لجبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم أي قبل نزول القرآن..كيف عرف النبي :
أ- أن هذا الذي أتاه هو ملك مرسل من الله ؟
ب- أنه صلى الله عليه وسلم قد اصطفاه ربه للرسالة ؟
هذه المعلومات الأولية هي ضرورية ولا مفر منها..فعند نزول الوحي لا بد للرسول صلى الله عليه وسلم أن يعرف أن هذا الذي أتاه هو ملك من الله وأن الله اصطفاه رسولا وهذه المعلومات هي في حد ذاتها رسالة من الله .
الإحتمالات المتوفرة أمام منكر السنة هي :
أ- أن الله قد أوحى مباشرة لنبيه بتلكم المعلومات..فيكون النبي قد تلقى وحيا غير القرآن !
ب- أن يخبر جبريل عليه السلام النبي أنه ملك من عند الله وأنه اصفاه رسولا..فيكون جبريل قد أخبر النبي بأخبار ومعلومات من الله ليست قرآنا !
ج- وإما أن النبي التجأ إلى أصحاب الكتب الذين لديهم العلم ولديهم الآثار عن الأنبياء أي علم الرجال !..
سؤالي لمنكري السنة هو: هل يوجد رابعا ؟..لأن الإحتمالات الثلاث المذكورة..أحلاها مر..فجميعها تهدم مذهب الأباطيل..!
2- لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى اشد النهي عن الكذب عليه إذا لم يكن ثمة فائدة من سنته معاذ الله ؟
3- لو كنت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبرك بأن هذا الشيء حرام و أن فاعله سيدخل النار خالدا مخلدا ، هل ستأتي ذلك الشيء أم لا ؟؟
4- كم عدد ركعات صلاة الظهر ، وما دليلك ؟
5- هل الظهر مذكور يالقرآن كي تصليه هذا إذا كنت تصلي ؟
6- هل محمد بن عبدالله رسول الله مع ذكر الدليل ؟
ان كان اجابتك على ما سبق بالايجاب فنقول :
أ- هل كونه رسولا وصفٌ دائمٌ لازمٌ لهُ ام لا مع ذكر الدليل ؟
ب- ان كانت اجابتك بالسلب فنرجوا التفصيل بالآتي :
ج- متى يكون رسولا ومتى يكون غير ذلك مع ذكر الدليل ؟
د- وان كان غير ذلك فهل يُؤخذ قوله على انه حجة ام لا مع ذكر الدليل؟
ه- هل كان الصحابة الذين شهدوا الوحي والنبوة يعلمون بهذا الأمر , ام انك علمتَ ما جهلوا واهتديتَ الى ما هم عنهُ ضلّوا مع ذكر الدليل ؟؟
6- في حجية خبر الاحاد
سؤالي مقصورٌ على عددٍ من الكلمات :
أ- أكان النبي صلى الله عليه وسلم ( رجلاً واحداً ) أم كانَ ( عددا من الرجال ) ؟؟ .
ب- إذا أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً لدعوةِ الكفار إلي الدين (العقيدة) أكانَ يرسلُ ( واحداً ) أم ( مجموعة ) ؟؟ .
الإلزام الثاني عشر :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء السادس ..!!
هناك بعض الآيات التي تقرؤها في كتاب الله من مثل: "والنازعات غرقا..والناشطات نشطا".
طبعا لو سألت منكر السنة عن معاني هذه الآيات سيبدأ لك بسرد أقوال أئمة التفسير والنقولات عن مجاهد وعطاء وعكرمة وابن عباس وابن مسعود وبعض الصحابة...الخ.
السؤال: نعرف أسانيد وصول آيات القرآن لدينا وكلانا متفق على صحتها....فكيف عرفت بأن النقولات عن هؤلاء المفسرين صحيحة يا منكر السنة!!!!
2- يحتجون بالقرآن فقط فمن أين يأتون بسباب النزول؟
3- هل لك في النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة أم لا؟ قلت من قبل أن القرآن يكفي ولا تحتاج إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم, وهذا يخرجك من الطائفة التي ترجوا الله واليوم الآخر.وهذا ليس كلامي بل آية صريحة يأمرك الله فيها أن تتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وتتبعه, لكنك تخالف كلام الله و تقول القرآن يكفي.
إن عدت عن عنادك وأطعت أمر الله المذكور في الآية .. يواجهك سؤال آخر:
4- كيف تتأسى بالنبي دون أن تتبع سنته؟ قال تعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب : 21]ويبقى السؤال كيف تتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟
5- هل فرض على المؤمن إتباع السنة التي لم ترد تفاصيلها في القرآن أم لا؟ هذا سؤال يشمل أيضاً من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. أنت تتفادى السؤال لأنك لن تجرؤ على الإدعاء أن الصحابة لم يكونوا يتبعون النبي صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة .. ولذلك أدعيت أن السنة خاصة بـ(اصحاب النبي وأزواجه ومن حوله) حتى لا تلزم نفسك بشيء ! وهكذا أخرجت نفسك ممن قال الله فيهم وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100]وأنت يا منكر السنة لا تتبع الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ في أي شيء ولا حتى في موقفهم من سنة نبيهم. هذه الآية دليل آخر على حجية السنة ولن تستطيع تأويلها حسب هواك.. لأنك إن إدعيت إتباعك للمهاجرين و الأنصار في بعض سيرتهم لن يصدقك احد لأنك أصلاً لا ترى نفسك ملزماً شرعاً بسيرة معلمهم صلى الله عليه وسلم.
5- فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً [النساء : 65] بما أن الآية تنفي الإيمان عن من لا يحتكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم والتسليم بحكمه.. وبما أن القضاء هو حكم تلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم. . وبما أن المحتكم لا يرى نفسه ملزما بالسنة القولية.. وأكثر من ذلك يحرم إتخاذها مصدراً للتشريع!إذاً لا وربك لا يؤمن منكر السنة حتى يسلّم بكل ما قاله النبي.
6- أطلب منك ان تتخيل نفسك في مدينة النبي بين الصحابة .. ثم أنظر هل ستكون من المنافقين أم لا..
فإن صلى النبي لن تصلي مثله لأنك ترى أن القرآن يغنيك عن السنة.
وإن علمك دعاء سترفضه بحجة عدم وجوده في القرآن.
وإذا نهاك لن تنتهي وإذا أمرك لن تطيع
إلا إذا ورد النهي أو الأمر في القرآن .. ألخ
ولن تفرق عن أي منافق في عهد النبوة يرفض دعاء علمه النبي للصحابة, وحجته أنه لم يجد نص الدعاء في القران.
ويرفض أية تفاصيل للصلاة لم ترد في القرآن.. ولن يؤذن مثل ما أمره النبي أن يؤذن بحجة عدم وجود نص الآذان في القرآن ..
وسيرفض أي فعل قام به النبي في الحج لأنه لم يجده في القرآن, وقس على ذلك كل فعل أو قول فعله النبي و لم تجده في القران.
------ ما الفرق بين منكر السنة و بين المنافق الذي يرفض إتباع أي أمر سمعه من النبي بحجة عدم وروده في القران؟ -----
الإلزام الثالث عشر :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء السابع ..!!
لو تأملنا قصة أبا لهب في القرآن سنجد أن الله عز وجل قد ذكر العقاب دون ذكر الذنب..قال تعالى :تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
الآية توعدت أبو لهب بعذاب نار جهنم دون أن يُذكر السبب لأن التفاصيل وكما هو معلوم مذكورة في السنة..إذن فبالضرورة منكرها قد نسب الظلم لله..تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا....
حين يقال لمنكري السنة كيف عرفتم إن الصلاة صفتها كيت وكيت(وهذا دليل قاصم كاف) ,يقولون: هذا بالتواتر , ونقول لهم :وبتواتر أعظم نقل الأئمة خلفا عن سلف أن مصادر التشريع كتاب وسنة , وأي جاهل ينظر في التراث الإسلامي لا يجد عالما قط إلا وهو ينص على الكتاب والسنة وكذلك أمة الإسلام في كل العصور من لدن الصحابة وإلى يومنا فلماذا تقبلون تواترا وتعرضون عن تواتر؟
هل:- أبو بكر الصديق ,عمر بن الخطاب ,عثمان بن عفان,علي بن أبي طالب, سعد بن أبي وقاص ,عبد الله بن مسعود ,أبي بن كعب ,أبو ذر الغفاري ,معاذ بن جبل ,أبو موسى الأشعري ,أبو الدرداء ,عبد الله بن سلام ,عائشة أم المؤمنين ,عمران بن حصين ,زيد بن ثابت ,أبو هريرة الحافظ ,عبد الله بن عمر,عبد الله بن عباس ,عبد الله بن عمرو بن العاص ,عقبة بن عامر ,جابر بن عبد الله ,أبو سعيد الخدري ,أنس بن مالك..إلخ ( انظر بقية أسماء الصحابة في الإصابة للحافظ ابن حجر وهم بالآلاف )
وعامر بن عبد الله التميمي، عطاء بن أبي رباح، عروة بن الزبير، الربيع بن خثيم، إياس بن معاوية، الحسن البصري، شريح القاضي، رجاء بن حيوة، محمد بن سيرين، ربيعة الرأي، عامر الشعبي، سلمة بن دينار، سعيد بن المسيب، سعيد بن جبير، محمد الأزدي، صلة بن أشيم، محمد بن الحنفية، طاوس بن كيسان،، أيوب السختياني، عمر بن عبد العزيز، زين العابدين علي بن الحسين ،همام بن منبه,مجاهد بن جبر المكي, أبو بكر بن حزم,محمد بن شهاب الزهري , أبو مسلم الخولاني، سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب،نافع مولى ابن عمر , رفيع بن مهران الرياحي، النعمان أبو حنيفة، ، القاسم بن محمد بن أبي بكر سفيان الثوري ,سفيان بن عيينة ,حماد بن سلمة ,حماد بن زيد ،مالك بن أنس ,الليث بن سعد,الشافعي ,أحمد بن حنبل ,أبو حاتم الرازي ,أبو زرعة الرازي ,أبو عيسى الترمذي ,أبو داود السجستاني ,عبد الرزاق الصنعاني ,يعقوب بن سفيان الفسوي , محمد بن إسماعيل البخاري، مسلم بن الحجاج,أبو عبد الرحمن النسائي, الدارقطني,ابن خزيمة ..إلخ
( وانظر بقية أسماء التابعين وتابعيهم وتابعي تابعيهم في تذكرة الحفاظ مثلا للحافظ الذهبي وهم بالآلاف .)
هل كل هذه الأسما أسماء وهمية فإن كانت حقيقية- وهو إجماع العقلاء( حتى المستشرقون الكفار لا يكذبون بوجود هؤلاء )- فقد تتابع هؤلاء على نقل السنة جيلا بعد جيل وتواصوا به كما نقلوا القران ..الصحابة فالتابعون فتابعوهم ..وهذه قرون مزكاة من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ..فهل كل هؤلاء تواطؤوا على الباطل ؟ وبقيت الأمة ضالة حتى انبعث أشقياء معاصرون ليقولوا لا تأخذوا بالسنة..؟! كيف تطعنون في هؤلاء وهم نقلة القران..؟ ألا تعلمون أن الطعن في الناقل طعن في المنقول؟
يقول الله جل ثناؤه إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ [المائدة : 44]
يتطاول منكرو السنة على صاحبها صلى الله عليه وسلم فيزعمون رد حديث رسول الله بحجة واهية :وهي أنكم جعلتم الدين موكولا لحكم الرجال ,ونسي هؤلاء الأغرار أن حاصل كلامهم - لو فطنوا له- يعود بالطعن على الكتاب العزيز نفسه, ولكن من اخترع لهم هذه الأفكار إنما أراد الطعن في الدين جملة ..والآن مع السؤال :استحفظ الله الأحبار كتاب الله تعالى أي أوكل إليهم حفظه , ومعلوم أن الله جل وعز لا يأمر بما تكون مشقته شديدة فضلا عن أن يأمر بمستحيل
1- فكيف ساغ أن يأمر الله جل ذكره بحفظ كتابه مُحِيلًا على أقوال الرجال ؟
2- لماذا ذكر لنا في كتابه أن أحبار أهل الكتاب لم يحفظوا كتبهم ,ولم يذكر لنا أن أحبار الأمة المحمدية لم تحفظ السنة أيضا؟ بل على العكس أثنى على سلف هذه الأمة من الصحابة وأمر باتباعهم وجعل الهدى محصورا في سبيلهم ,ومما يشمله اتباعهم الرواية عن رسول الله كما رووا !؟
الإلزام الرابع عشر :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء الثامن ..!!
1- ما هو منهجكم أيها الكفار بالسنة النبوية؟
ستردون " القرآن "
فبأى فهم وبأى لغة وبأى قواعد تتعلمون ؟
2- ماذا تقولون فى الأحكام التى ثبتت فى السنة ولم تثبت فى القرآن ؟
3- كيف تضربون الأحايث التى ظاهرها التعارض ببعض ولا تطبقوا هذه القاعدة الباطلة مع كتاب الله ؟
4- ماهى ردودكم على الآيات التى أوجبت علينا اتباع الرسول ؟
5- هل كان رسول الله لا ينطق إلا بما فى القرآن ؟
6- ما هى الضوابط و القواعد التى قعدوها لتفسير القرآن و استخراج الأحكام الشرعية؟
7- منكرو السنة عادةً يميلوا لأفكار المعتزلة لأنهم أقرب الفرق اليهم، لكن طبعاً مع الفارق الكبير. فالمعتزلة كان لهم على الأقل مبدأ و منهج و قواعد قعدوها. فما هى قواعد منكرى السنة
8- كيف نقيم الدلائل على خصائص هذا النبي العظيم وسيرته وهديه ومعجزاته , وأنتم تنكرون سنته ؟ وكيف يكون رسول الله آيات عند اهل الكتاب بما عندهم من نصوص , وسندهم إليها منقطع ,ثم لا يكون بالنسبة إلينا آيات وسندنا إليه متصل عليه الصلاة والسلام؟
و أختم بكلام الشيخ أبواسحاق الحويني حفظه الله :
نحن لنا مع أهل البدع جولات نردهم فيها إلى الحق الذي حادوا عنه بالحجج النيرات وواضح الدلالات ، فإن أبوا إلا المهارشة والمناقشة، والمواحشة والمفاحشة ، فليصبروا على حد الغلاصم وقطع الحلاقم، ونكز الأراقم، ونهش الضراغم ،والبلاء المتراكم المتلاطم ، ومتون الصوارم. فوالله ما بارز أهل الحق ِقًًََرنٌ إلا كسروا قرنه فقرع من ندمٍ سنه، ولا ناجزهم خصمٌ إلابشروه بسوء منقلبه، وسدوا عليه طريق مذهبه لمهربه، ولا فاصحهم أحد ولوكان مثل خطباء إياس إلا صفحوه وفضحوه، ولا كافحهم مقاتل ولو كان من بقية قوم عاد إلا كبوه على وجهه وبطحوه .
هذا فعلهم مع الكماة الذين وردوا المنايا تبرعا، وشربوا كئوسها تطوعا ، والكفاة الذين استحقروا الأقران فلم يَهُلهُم أمر َمُخُوف ، وأنا أعلم أن الحق مرٌ تحملاً وأداءً ولكن الله -عز وجل- أوجب على أهل العلم لتبيننه للناس ولا تكتمونه ، وأمرهم كما قلت أن يصرحوا به ولا يجمجموا ، وجعل عاقبة ذلك رضاه فاللهم ارض عنا وأيدنا بنصرك الذى وعدت به من استقام على أمرك والله تعالى أسأل أن يهدى من ضل من أبناء المسلمين
Bookmarks