من مسالك تبيان الحق نقض ضده ببيان ما فيه تناقض ، هذه المرة سأبين للملحد بعون الله تعالى ، أن عقيدته الإلحادية تحتم عليه ألا يغضب حين يشتم ولو بأقذع السب ، إذا كان ملحدا أصيلا مخلصا.. مؤمنا بما يمليه عليه دينه الإلحادي ..وذلك من وجوه مختصرة :-
1- "لا إله والحياة مادة " هذا الشعار هو لب العقيدة الدينية للملحد ، مقابلا بها شعار الحق للموحد "لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، ولئن كانت الحياة مادة كلها -وفق مفهوم المادة عنده -، ومنها هذا الإنسان ..فلينتفينّ وجه الانفعال حين يقال : يا خنزير..أو يا كلب..لأن هذه الأشياء ليست غير مادة وهو كمثلها : مادة أيضا ..فلو تأملت علمت أنه لا معنى للغضب والتهويل ..
2-قد يجيب :ولكن قولك : "خنزير" : كذب ، فأنا إنسان ، والنطق بخلاف الصواب يقتضي الإغضاب! ..والجواب : الصدق والكذب ونحوها :أخلاق.. هي في النهاية لا تخرج عن كونها نتاجًا ماديًا صرفًا ، فآل الأمر إلى ما سبق..وكذا يقال : من أين عرفت أنه كذب ..ما المانع أن تكون خنزيرا في صورة إنسان ؟ أليس محتملا أن تكون كذلك ..؟ ولديك قاعدة ظريفة كم أنت بارع في استعمالها في نقيض مجالها..تقول : الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال
3-ويتأكد هذا المعنى :أعني كون غضبه يتناقض مع مذهبه ، حين تكون الشتيمة : يا قرد أو يا حفيد القرود ، فهذه لعلها أحرى به أن يفرح لا ألا يغضب فحسب ..لأنها من مناداته بأصله -أو عمِّه الأعلى الممثل لنوع القرود - الذي يناضل عنه ..ويكافح لأجل ثبوت "شرف" النسب إليه..ياله من شرف!
4-وكذلك : هذا الملحد من أركان دينه : التطور ، وهو عملية جبرية مولّدة من رحم الطبيعة الصمّاء ، فأي شيء يضيره إذا شتمته وهو يرى أني من نتاج هذه الطبيعة ، فكان من جملة ما انتهى به تطورها معي : أن لي هواية في لعن الملحدين والحط عليهم والزراية بهم ..هلا توجّه بالملامة للطبيعة ؟ وقس على هذا كل ما يغيظه في المسلمين ويثير مكامن سخطه عليهم كائنا ما كان ..كالطرد من موقع ما أو غير ذلك ..(هذا من أدلة إبطال التطور أيضًا )
5-وكيف تأتى له ان يعقل أن الشتم يعني إلحاق المذمة به والعيب ، مع كون العيب والذم ونحوها : لا قانون يضبطها عنده ..ولا شريعة تحكمها في دينه ،ولا تفسير لها في عالم الماديات ..فلا هو يؤمن بالفطرة ، ولا بمرجعية الحق المطلقة في صحة الفكرة ..
6-ثم بأي شيء زكا على البهائم حتى يغضبه أن يقال : يا كذا ..إلا باعتدال قامته وبعض المظاهر الشكلية ، وعند التحقيق :الخنزير أسعد حالا بالرتبة الفوقية ،فهو يأتي ما يأتيه الخنزير من شهوات دون ضابط ولا تأثّم ، مع كونه تأهل في أصل الخلقة بعقل ، فكان عقله بلا عقال ..فصار أحط من البغال .. ولهذا قال العلي سبحانه "ألئك كالأنعام بل هم أضل "
ومن جميل ما قاله العلامة ابن القيم : من هداية الحمار -الذي هو أبلد الحيوانات - أن الرجل يسير به ويأتي به إلى منزله من البعد في ليلة مظلمة فيعرف المنزل فإذا خُلي جاء إليه ، ويفرق بين الصوت الذي يستوقف به والصوت الذي يحث به على السير فمن لم يعرف الطريق إلى منزله - وهو الجنة - فهو أبلد من الحمار...
Bookmarks