فإن من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها ، لابحسب محبة الله ورسوله ، وبُغض الله ورسوله ، وهذا نوع من الهوى ، فإن اتبعه الانسان ، فقد اتبع هواه :َمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّه ....فإن أصل الهوى هو محبة النفس ويتبع ذلك بغضها .
والهوى نفسه هو الحب والبغض الذى فى النفس - لا يلام العبد عليه ، فإن ذلك لايملكه ، وإنما يلام على اتَّباعه .
كما قال تعالى
:يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه....وقال تعالى :وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّه....وقال النبى صلى الله عليه وسلم : ثلاث منجيات : خشية الله فى السر والعلانية ، والقصد فى الفقر والغنى ، وكلمة الحق فى الغضب والرضا ، وثلاث مهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه .....
والحب والبغض يتبعه ذوق عند وجود المحبوب والمُبغَض ، ووجد وإرادة وغير ذلك ، فمن اتبع ذلك بغير امر الله ورسوله فهو ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ، بل قد يتمادى به الأمر الى أن يتخذ الهه هواه ....
واتَّباع الاهواء فى الديانات اعظم من اتباع الأهواء فى الشهوات . فإن الأول حال الذى كفروا من أهل الكتاب والمشركين كما قال تعالى : {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص:50].
وقال تعالى :
{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاء ....الآية الى قوله :بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ.}
وقال تعالى :
{قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيْرًا لَّيُضِلُّوْنَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِيْنَ}..
وقال تعالى :
{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }....
وقال نعالى :
ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين .
وقال :
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ.
ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من المنسوبين الى العلماء والعباد يُجعل من أهل الأهواء ، كان السلف يسمونهم أهل الأهواء .وذلك أن كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه ، والعلم بالدين لايكون الا بهدى الله الذى بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولهذا قال تعالى فى موضع :
وَإِنَّ كَثِيْرًا لَّيُضِلُّوْنَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ.
فالواجب على العبد أن ينظر فى نفس جبه ومقدار حبه وبغضه هل هو موافق لأمر الله ورسوله ، وهو هدى الله الذى أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بحيث يكون مأموراً بذلك الحب والبغض ، لايكون متقدما فيه بين يدى الله ورسوله ؟ ومنْ أحب أو أبغض قبل أن يأمر الله ورسوله ففيه نوع من التقدم بين يدى الله ورسوله .
ومجرد الحب والبغض هو هوى ، لكن المحرم منه اتباع حبه وبغضه بغير هدى من الله ، ولهذا الله لنبيه داود : ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد. فأخبر أن من اتبع هواه أضله ذلك عن سبيل الله ، وهو هواه لذى بعث به رسوله وهو السبيل اليه .*
Bookmarks