بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
- أدرك اني اصغركم سنًا و علمًا و قدرًا و لعله لا يليق ان ينصح الصغير الكبير، لكن النصيحة تؤخذ من الفاسق و الكافر فأحسب انها تؤخذ من المسلم على قلة قدره، و ما اقوله لا يعني اني غير مشمولة بالنصيحة فلعلي اكثركم احتياجًا للعمل بما سأدلو به....-
بداية احتكاكي بالمحيط الدعوي على الشبكة كانت قبل ثلاث سنوات، و وسط كل تلك الجهود الرائعة و الانجازات العظيمة رغم غياب الدعم الحكومي و كون ثلاثة ارباع الاشخاص و الجهات و المواقع تطوعية لا يبغي اصحابها شيئًا غير رضى الله... لاحظت شيئين يعيبان هذه الجهود: اولهما قلتها و ثانيهما غياب التنسيق و التخطيط.. فالأول و رغم ان المواقع التي تتسمى باسلامية كثيره على الشبكة الا ان انجازاتها قليلة لا تتلائم مع كثرتها و غالبيتها تنشغل بالمنقول دون ان تنجز مشاريع دعوية قوية، و قلة تواجد الاعضاء ذوي العلم الشرعي و الخبرة على قلة اعدادهم اساسًا مع وفرة من الشباب المتحمس الذي قد لا يمتلك علمًا شرعيًا كافيًا و و اعضاء اخرين سلبيين - اعتذر عن الصفة - لا يملكون حماسًا او علمًا شرعيًا..هذه واحدة، الثانية هي غياب التنسيق بين اصحاب هذه المواقع و تضافر جهودهم في انتاج "شيء ما نحتاجه" اعني ان توزع الجهود و الطاقات و المهام بينهم، ما فائدة موقع اسلامي يخصص قسمًا كاملاً لنقد الشيعة و لا يمتلك اعضاءً اكفاء لهذه المهمة؟ لم تنتقد النصارى و تخصص مواضيع طويلة في نقد العهدين و انت لا تملك اعضاء نصارى بمنتداك اصلاً؟ لم لا يجتمع هؤلاء و يخططون لسد النقص الذين يرونه، ينشغلون بالبناء بدل مجرد النقل و الجدال و الرد..؟
الذي اقصده: لم لا ينظر كل منا الى نفسه و قدراته و ما اعطاه الله من مواهب فكلنا نملك مواهب و قدرات ثم ينظر للنقص الذي يراه في العمل الدعوي و الذي له القدرة على سده فيشتغل به؟ الذي دعاني لكتابة هذا الموضوع رغم ان افكاره في بالي منذ زمن هو غضبي من كثرة الساعات المهدرة يوميًا على لا شيء و اعني مواضيع الجدال مع الملاحدة و الاخذ و الرد دون فائدة، نعم نحن قادرون لا على الرد فقط بل على الاخراس فديننا كامل لكن النقاش في الدين ليس مطلوبًا لذاته بل لمصلحة مترجحة منه كأن تأمل ان يسلم الملحد او ترى انها شبهة بحاجة للرد او لأي غرض تترجح لديك مصلحته، لكن عندما ترى ملحدًا معاندًا يكرر شبهة لا تستحق الرد لم تسمح له ان يسرق ساعات من وقتك و جهدك لإمتاعه و تسليته شخصيًا؟ الملحد عندما يريد الجدال يناقش بأمر هامشي، امر لا تستطيع الزامه به و يرفض تحديد مرجعية له اصلاً و من يريد الحق لا يجادل او يناقش بمواضيع هامشية بل يأتي للمفصل مباشرة و يناقش عنه.. لكن من يريد ان يحقق بطولة ذاتية على حسابك او ان يستغلك لتسليته و امتاعه بالجدل لا يستحق ان تحقق له هذه الرغبة المريضة و ان يصبح لدينا 8 صفحات يرد بها 6 او 10 اعضاء على ملحد واحد في قضية الحجاب او رأي جنابه الشخصي في حديث ما لينتفخ الملحد و يحسب نفسه على شيء و ما هو الا على سقط القول و الفكر، لو أن كل عضو منا رد على ملحد من هذه النوعية و استغرق نصف ساعة من وقته فقط - مع ان الحاصل اكبر بكثير و على مدى ايام - لكن فلنقل انها نصف ساعة و من رد 8 اعضاء: 8*.5= 4 ساعات! ارأيتم مدى الهدر؟ 4 ساعات ذهبت هباءً و كان يمكن ان تُستثمر في ما ذكرت ببداية الموضوع، و تخيل لو ان الحوار استمر لايام طوال وقتها قد يبلغ الهدر بالوقت ارقامًا مؤلمة.. ناهيك عن الجهود التي تذهب هباءً و بعد ان ينتهي الواحد منا من نقاش جناب الملحد يشعر انه وصل لحده الاقصى فكريًا لهذا اليوم و ليس مستعدًا للكتابة بنفس الطاقة التي ضيعها، الطاقة و الوقت التي كان يمكن استثمارها:
1- بعمل دعوي اسلامي نحتاجه فعلاً.
2- بالقراءة و التعلم الذاتي.
3- بقضاء وقت مع العائلة او اي نشاط اخر.
4- الدراسة.
... الخ
انا شخصيًا اتألم عندما ارى هذه الجهود و الساعات تضيع، ناهيك اننا بالرد على كل شبهة ساقطة و كلام متفاهت نشعر الاخرين ان ديننا ضعيف، اننا بحاجة لان نخصص الاف السطور و الكلمات و عشرات الصفحات لندافع عنه، نعطي هذا الاحساس للزائر و الملحد و لأنفسنا بعد وقت.. أترون لو أن اسدًا كان رابضًا بمكانه فوق عرش الغابة ثم اتته نملة حقيره و اتهمته بالجبن او الضعف، اتظنون ان الاسد سيجزع من قولها و يدافع عن نفسه قائلاً انه كذا و كذا؟ ان الاسد لو كان يعرف حق نفسه و حق النملة لاكتفى بالضحك على حمقها على عجزها... أما و الله ان الاسلام لأعز من ذاك الاسد على عرشه و ان الملاحده لأحقر من تلك النملة تأكل التبن و تدب على الثرى! فهلا عرفتم حق دينكم و حق غيركم؟ ....لا اقول اننا يجب ان نترك الحوار و نحجم عنه مع اي كان، فهذه طوابير المهتدين الجدد... لكني اقول اننا يجب ان لا نحاور ايًا كان في اي موضوع، ان كان صاحب الموضوع احمقًا فلا تجادله و اكتف برد بسيط او اكتف برد اخاك ان سبقك احدهم، ان رأيته لاعبًا فانت اشرف من ان تكون لعبة له و دينك اشرف منك و منه، ان كان معاندًا فعلام تناطح التيوس؟
ما اريده: ان لا ينسينا الدفع و الرد مهمة البناء، قرأت في مكان ما مثالاً اعجبني عن قومٍ ابتدأوا بنيان قصر لهم عظيم و اتاهم قوم اخرون هم لهم حاسدون، حاولوا ان يهدموا اساسات بنيان القصر فعجزوا و لما عجزوا عمدوا الى رمي اهل القصر الذين يشتغلون ببنيانه بالحصى و الاوراق و الى شتمهم و تهديدهم ان حصاهم ستهدم الجلمود الذي بنيت به اساسات القصر و ترده الى اسفل فيهلك بنائوه،فما كان؟ انخدع اهل القصر فانشغلوا عن بنيانهم برد الحصى و تبادل الشتائم مع الحفنة الحاقدة، فلا تكونوا كأهل القصر و ابنوا اكثر مما تردون و تدافعون فعما قريب يكتمل بنيانكم و يموت عدوكم حنقًا بغيضه، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
Bookmarks