النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: مناظرة القاسم الرسى لملحد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي مناظرة القاسم الرسى لملحد

    انقل اليكم من كتاب الدليل الكبير فى الرد على الزنادقة والملحدين مناظرة دارت بين صاحب هذا الكتاب وهو الامام القاسم ابن ابراهيم الرسى ت 264هـ وبين ملحد والكتاب من جزئين جزء يذكر فيه المؤلف ادلة وجود الله وينقد ادلة المعارضين ثم يبين صحة الاسلام ويتكلم فى بعض مسائل العقيدة والجزء الثانى عبارة عن مناظرة دارت بينه وبين ملحد كان يدور فى البلاد يثير الشبهات حتى تلقفه الرسى ودارت بينهما مناظرة انقل اليكم وقائعها
    وقبل نقل المناظرة انبه الى شكى فى عقيدة الامام القاسم الرسى واقترابه من التشيع وذلك بسبب ارائه فى امامة على رضى الله عنه وتقديمه له على بقية الخلفاء الراشدين اما المناظرة فحسب علمى لم اجد فيها مخالفة لعقيدة اهل السنة والجماعة وهذا سبب عرضى للمناظرة هنا وان كان هناك مخالفة خفيت على فالرجاء تنبيهى وان كانت المخالفة كبيرة فلتحذفوا الموضوع مع العلم ان فى المناظرة مصطلحات صعبة تحتاج الى من يبسطها ولا اجد لهذه المهمة خير من ابو مريم ولا شك



    فى وصف المحقق لمخطوط مناظرة الملحد
    جاء فى صدر المصورة ما يلى :هو كتاب رد فيه على رجل من ارباب النظر من الملحدة ، وكان يغشى مجامع المسلمين ويورد عليهم الاسئلة الصعبة ، فى قدم العالم وغير ذلك ، حتى وافاه المؤلف واجابه على ما عنده من المشكلات فوضح له الحق وتاب الى الله
    تاريخ المخطوط / خط قديم .. وربما كتب فى القرن الثالث او الرابع الهجرى
    عدد الاوراق 6 ورقات
    القياس 25×15 سم
    وهذه الرسالة ضمن مجموع كتب القاسم من ورقة 69 حتى 73
    وهى احدى مخطوطات المكتبة المتوكلية اليمنية بصنعاء تحت رقم 167 علم كلام . رقم التصوير 215

    يتبع

  2. افتراضي

    الأخ الكريم

    حازم

    السلام عليكم ورحمة الله

    في انتظار محتويات الكتاب .. ويحبذا إذا وجدت غير هذا الكتاب من مناظرات علماء المُسلمين في العصور المتقدمة مع المُلحدين .. أن تعرضها هنا حتى يستفيد الجميع

    بوركت..


  3. افتراضي

    الحمد لله وبعد، فهذه ترجمة صاحب المناظرة من الوافي في الوفيات:
    لقاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو محمد الرسي منسوب إلى ضيعة كانت له جهة المدينة يقال لها الرس
    لم يسمح المنصور له بالإقامة فيها في كفاف من العيش بل طلبه مع الطالبيين ففر إلى السند
    ومن شعره :
    أرقت لبارقٍ ما زال يسري ... ويبكيني بمبسمٍ أم عمرو
    فلم يترك وعيشك لي دموعاً ... بأجفاني ولا قلباً بصدري
    وأعقب من ولده ثمانية أنبههم الحسين بن القاسم وكان زاهداً ومن نسله أئمة صعدة
    (انتهى)
    قلت وأئمة صعدة من اليمن كانوا زيدية ، وذكر ابن خلدون في التاريخ أنه توفي سنة 245 هـ
    وقد بحثت عن ترجمته في كثير من المصادر فلم أوفق الا لهذا ولأحفاده ائمة صعدة أخبار كثبرة والله أعلم.
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اخى اسد العقيدة لو وجدت مناظرات اخرى لعلماء المسلمين ساضعها باذن الله
    اخى ابو مارية القرشى شكرا لك على التعريف الموجز بالقاسم الرسى
    انبه الى ان محقق الكتاب قد قام مشكورا بتوضيع بعض المصطلحات الصعبة فى الهوامش فلا تتجاهلوا الهوامش واطلعوا عليها لان فيها معلومات مفيدة تساعد على فهم المناظرة

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قيل : كان وافى مصر رجل من الملحدين ، فكان يحضر مجالس فقهائها ومتكلميها فيسالهم عن مسائل الملحدين ، وكان بعضهم يجيب عنها جوابا ركيكا وبعضهم يزجره ويشتمه ، فبلغ خبره القاسم بن ابراهيم وكان متخفيا فى بعض البيوت ، فبعث صاحب منزله ليحضره عنده ، واحضره ، فلما دخل عليه قال له القاسم : انه بلغنى انك تعرضت لنا وسالت اهل نحلتنا عن مسائلك ، تريد ان تصيد اغمارهم بحبائلك ، حين رايتا من ضعف علمائهم عن القيام بحجج الله والذب عن دينه !
    ونطقت على لسان الشيطان بعنه الله : وقال (لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا) سورة النساء اية 8
    69ظ/ فقال الملحد : اما اذ عبت اولئك وعيرتهم بالجهل ، فانى سائلك وممتحنك . فان انت اجبت والا فانت مثلهم .
    قال له القاسم : قل ما بدا لك واحسن الاستماع وعليك بالنصفة واياك والظلم ومكابرة العيان ودفع الضرورات والمعقولات (1) ، اجبك عنه وبالله استعين وعليه اتوكل وهو حسبى وكفى ونعم الوكيل .

    قال له الملحد عند ذلك : خبرنى ما الدلالة على انه الصانع ؟
    قال القاسم : الدلالة على ذلك قوله فى كتابه عز وجل (يا ايها الناس ان كنتم فى ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الارحام ما نشاء الى اجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج * ذلك بان الله هو الحق وانه يحيى الموتى وانه على كل شىء قدير * وان الساعة اتية لا ريب فيها وان الله يبعث من فى القبور) 5 – 7 سورة الحج
    ووجه الدلالة فى هذه الاية ، فهو كوّن الانسان ترابا ثم نطفة ثم علقة لا تخلو هذه الاحوال من خلتين :
    اما ان تكون محدثة (2) او قديمة (3) ، فان كانت محدثة فهى من ادل الدلالة على وحدانيته ووجوديته فان كان كونها وهو معدوم بعلل منها :
    ان المحدث متعلق فى العقل المحدثة ، كما كانت الكتابة متعلقة فى العقل بكاتبها والنظم بناظمها ، اذ لا يجوز كتابة لا كاتب لها ووجود اثر لا مؤثر له فى الحس والعقل .
    ومنها ان المحدث هو ما لم يكن فكُون ، فهو فى حال كونه لا يخلو من احد امرين :
    اما ان يكون كوّن نفسه وهو معدوم او غيره كوّنه . فان كان هو الذى كون نفسه لم يخل ايضا من احد امرين :
    اما ان يكون كوّن نفسه وهو معدوم (4) ، او كونها وهو موجود (5) .
    فان كان كونها وهو معدوم اُوجد ، فمحال ان يكون المعدوم اوجد نفسه وهو معدوم ، وان كونها وهو موجود ، فمحال ان يكون الموجود اوجد نفسه وهو موجود ! اذ وجود نفسه قد اغناه عن ان يكوّن بها نفسه ثانية .
    فاذا بطل هذا ، ثبت ان الذى كوّنه غيره ، وانه قديم ليس بمحدث ، اذ لو كان محدثا كان حكمه حكم المحدثِ
    وان كانت الاحوال (6) قديمة ، فذلك يستحيل ، لانا نراها تحدث شيئا بعد شىء فى حيز واحد فى نفس واحدة .
    ولو كانت كلها مع اختلافها فى انفسها واوقاتها قديمة ، لكانت الترابية نطفة مضغة ثم علقة عظما لحما انسانا فى حالة واحدة ! اذا القديم هو الذى لم يكوّن ، ولم يزل وجوده ، واذا لم يزل وجود هذه الاحوال ، كان على ما قلت من كونه ترابا ، مضغة ، لحما ، عظاما ، انسانا فى حالة واحدة ، اذا الاحوال لم تسبق بعضها بعضا ، ولانها قديمة ، ولان كل واحد منها فى باب القدم سواء .
    واذا استحال وجود هذه الاحوال معا فى حين واحد ، فى حالة واحدة ، وثبت ان التراب سابق للنطفة والنطفة سابقة للحال ، التى معها ان صح الحدوث ، وانتفى عنها العدم ، واذا صح الحدث فقد قلنا : بدءً ان المحدث متعلق فى العقل بمحدثه .
    قال الملحد : انكرت ان تكون الاحوال محدثة ، وان المحيز التى هى الجسم قديمة ؟!
    قال القاسم : انكرت ذلك ، من حيث لم اره منفكا من هذه الاحوال البتة ، ولا جاز ان تنفك ، فلما لم اره منفكا من هذه الاحوال ولا جاز ان تنفك ، كان حكم العين كحكم الاحوال فى الحدث .
    قالا لملحد : ولم ؟
    70 و / قال القاسم : من قبل ان المحيز اذا كانت قديمة وكانت الاحوال محدثة ، فهى لم تزل تحدث فيها الاحوال ، واذا قلت : لم تزل تحدث فيها ناقضت (7) ! لان قولك : لم تزل . خلاف قولك : تحدث .
    والكلام اذا اجتمع فيه اثبات شىء ونفيه فى حال واحد ، استحال ، وذلك انها اذا لم تزل تحدث فيها ، فقد اثبتها قديما لم يزل يحدث فيها ، واذا كان هذا هكذا ، فهى لم تسبق الحدث ، فقد صار الحدث قديما لان صفته الجسم الذى هو قديم .
    واذا كانت صفته ، استحال ان يكون صفته القديم ، الذى لا يخلو منها ، ولا يزول عنها محدثا ، وهذا محال بين الاحالة ، لان فيه تثبيت المحدث فديما ، والقديم محدثا !!
    قال الملحد : فما انكرت ان تكون الاشياء هى التى فعلت الاحوال ؟!!
    قال القاسم : بمثل ما انكرت زيادتك الاولى ، لانه لا فرق بين ان تكون هى الفاعلة ، وهى لم تسبق فعله ، او تكون قديمة لم تسبق صفاتها .
    لان الفاعل سابق لفعله ، متقدم له ، فكذلك القديم الذى لم يزل سابق للذى لم يكن ، لان فى اثبات الفعل له اثبات بحدث فعبه ، وهذا لم يسبق فعله ! فقد جمعت بينهما فى حالة واحدة وهذا محال بيّن الاحالة .
    قال الملحد : فانى لم ار كونه شىء الا من شىء ، فما انكرت ان تكون الاشياء لم تزل يتكون بعضها من بعض ؟! وما انكرت ان يكون الشىء الذى هو الاصل قديما ؟!
    قال القاسم : انكرت اشد الانكار ، وذلك ان الشىء الذى هو الاصل ، لا يخلو من ان يكون فيه من الاحوال والهيئات والصفات مثلها فى فرعه ، او ليس كذلك .
    فان كان فيه مثلها فى فرعه ، فحكمهُ فى الحدوث كحكمهِ ، وقد تقدم الكلام فى هذا المعنى ما فيه الكفاية .
    على ان نجد الصور والالوان والهيئات والصفات بعد ان لا نجدها ، ووجود الشىء بعد عدمه هو ادل الدلالة على محدثه .
    فحدثنى عن الصورة (8) من اصل حدثت ؟!
    فان قلت : انها قديمة . احلت ، وذلك انها لا تخلو من امور
    احدها : ان الصورة لو كانت قديمة ، لكانت فى التصور الذى ظهرت الصورة فيه ا وفى عنصره الذى يسمونه هيولا (9)
    فان كانت فى هذا التصور ، الذى ظهرت به الصورة فيه ، فان فيها وقدلكم قواكم ، انه قد يوجد على خلاف هذه الصورة .
    وان كانت فى الذى تسمونه هيولا ، فلابد فى هذا المصور ، ان تكون قد انتقلت عنه الى هذا .
    فان قلت : انتقلت . احلت ، لان الاعراض لا يجوز عليها الانتقال ، فظهرت عند اللبث .
    وفيه خلة اخرى ، وهى انها لو كانت فى الاصل ، ثم انتقلت عنه الى فرعها ، فقد جعلت لانتقالها غاية ونهاية ، فقد صح حدث الذى انتقلت عنه هذه الاحوال.
    فان قلت : لم تزل تنتقل !
    كان الكلام عليك ، فى هذا اللغو ، كالكلام الذى قدمناه انفا ، فى باب لم تزل تحدث .
    وفيه معنى اخر ، وهو انك اذا جعلت الاشياء فى وهمك شيئين ، اذا افردت كل واحد من صاحبه ، نقص ، وانتهى الى حد ما ، وقل. واذا جمعت كل واحد منهما الى صاحبه زاد ، وانتهى الى حد ما .
    افليس اذا (انتهى فى حال) وزاد فكثر ، او نقص فقل ، فالنقص والزيادة يحدثان بالنهاية عنه ، واذا ثبت فيه النهاية ، ثبت فيه الحدوث !!
    فقال الملحد : وما انكرت ان تكون صورة التمرة والشجرة ، كامنة فى النواة ، فلما وجدت ماشاكلها ظهرت ؟!
    قال القاسم : ان هذا يوجب التجادل ، وذلك انا لو تتبعنا فى اجزاء النواة ، لم نجد فيها ما زعمت .
    70ظ/ وشىء اخر وهو انه لو جاز هذا لجاز ان تكون الاشياء كامنة منه فى صورة الخنزير والحمار والكلب ، فيكون الانسان انسانا فى الظاهر ، كلبا حمارا خنزيرا فيلا فى الباطن !!
    فان قلت ذلك ، لحقت (بالطبائعية) (10) فان شئت تكلمنا فيه على انه قد ظهر من حمقهم لاهل العقول ما يرغبهم عن القول بمقالتهم .
    قال الملحد : وكيف يجوز ان يكون الانسان انسانا فى الظاهر ، وكلبا وحمارا فيلا فى الباطن ؟!!
    قال الملحد : فان بين التمرة والنخلة والنواة مشاكلة ، وليس بين الانسان والكلب مشاكلة !
    قال القاسم : لو كان بين النواة والتمرة والنخلة مشاكلة –مع اختلاف التشريحات- (لجاز) ان يكون بين الانسان والكلب مشاكلة !
    ووجه اخر ، وهو ان الصورة لو كانت فى الاصل نفسه ، لكان الاصل نفسه هو التمرة ، لان التمرة انما كانت من تمرة المصورات ، وعرفت من غيرها بالصورة!
    فعلى هذا يجب ان يكون اصلها التمرة وهذا مكابرة العقول ! لانه لو كان هذا كذا ، لكان ظهورها فى نواتها ، ولعرف واشتهر وعمّ ، ولم يستحل وجود صورتين معا فى حين واحد .
    قال الملحد : ان النواة هى التى تمر بالقوة (11) الهيولية ، اعنى انها اذا انتقلت تنتقل لم تنتقل الا الى شجرتها ، ثم الى تمرتها ثم تعود الى اصلها فتصير نواة فى وسطها .
    قال القاسم : لو كان هكذا لكانت الطبيعة التى هل الاصل تمر بالقوة ، لانها اذا انتقلت انتقالاتها صارت تمرة ! وهذه مكابرة واضحة وذلك يوجب عليك ان الاصل البحت تمرة خوخة باذنجان ! لانه جائز عندك الانتقال من صورة الى صورة .
    وان كان حكم الاصول فى الهيئات خلاف حكم الفروع فسنقول فيه قولا شافيا ، ان شاء الله .
    قال الملحد : ان صح ان حكم الاصول فى الهيئات حكم الفروع ، تركت مذهبى فانه قد عظمت على الشبهة فى هذا الموضع .
    قال القاسم : اعلم ان طرق العلم بالاشياء مختلفة ، فمنها ما يعرف بالحس ، ومنها ما يعرف بالنفس ، ومنها ما يعرف بالعقل ، ومنها ما يعرف بالظن والحسبان .
    1- فاما الذى يعرف بالحس : فطرقه خمس : سمع ، وبصر ، وشم ، وذوق ، ولمس .
    فالسمع طريق الاصوات والكلام والبصر طريق الالوان والهيئات ، والذوق طريق الطعوم ، والشم طريق الارائح ، واللمس طريق اللين والخشونة .
    2- وما يعرف بالنفس : الخجل والوجد والسرور والحزن والصبر والجزع واللذة والكراهية ، وما اشبه ذلك من التوهم وغيره .
    3- وما يعرف بالعقل شيئان :
    • احدهما : ما يدرك بهيئته ، مثل تحسين الحسن وتقبيح القبيح ، وحسن التفضل وشكر المنعم ، ومثل تقبيح كفر المنعم والجور ، وما يجانسه من علم بدائه العقول
    • والوجه الثانى : هو الاستنباط والاستدلال الذى هو نتيجة العقول كمعرفة الصانع ، وعلم التعديل والتجوير ، والعلم بحقائق الاشياء .
    4- وما يعرف بالظن والحسبان : فهو القضاء على الشىء بغير دليل (قطعى ، او بالقياس على غيره)
    انما لخصت لك هذا كله ، ليكون عونا لنا فيما سنعرض من كلامنا ، ويكون احد المقدمات التى نرجع اليها ، فكل شىء من هذه العلوم لا يصاب الا من طريقه ، ولو حاولته من غير طريقه تعثر عليك وكُبتَ ، كمن طلب علم الالوان بالسمع وعلم الذوق بالعين .
    71و/ فاما احوال الاجسام فان طريق المعرفة بها من جهة البصر ، والبصر لا يؤدى من الرؤية الا الاجسام ، لان الاجسام لا يجوز ان يخلو من هذه الصفات ، فيتوهمه ويمثله فى نفسه خاليا منها ، فاذا لم يجز ذلك ثبت ان الاجسام لا تخلو من هذه الصفات ، وانه لا يجوز حكم اصولها الا كحكم فروعها .


    -------------------------------------------------
    (1) الضرورى : فى اللغة كل ما تمس الحاجة اليه ، وكل ما ليس منه بد ، وهو خلاف الكمالى ، وفى النصطلح هو الامر الدائم الوجود ، او الامر الذى لا يمكن تصور عدمه ، وهو مرادف للواجب وضده الجائز ، وبينه وبين الممكن تضايف . اما المعقول فهو مقابل المحسوس وهو ما يدرك بالعقل لا بالحواس ، ولما كانت الحواس عرضة للكثير من الغلط والوهم والضلال ، كانت المعرفة اليقينية مؤلفة من المعقولات لا من المحسوسات . والمعقول فى بعض الفلسفات القديمة ولا سيما فلسفة افلطون مرادف للوجود الحقيقى او للشىء فى ذاته ، تقول : عالم المعقولات وهو عالم المثل المجردة الموجودة فوق العالم المحسوس . والمعقول ما يمكن ادراك حقيقته وفهم طبيعته ومعرفة اسبابه ويقابله التجريبى . قسم ابن سينا المعقولات الى ثلاثة انماط من الوجود وهى التى 1- وجودها متكثرة فى المحسوسات 2- وجودها فى العقل الانسانى بعد الكثرة 3- ووجودها فى عالم المعقولات
    (2) المحدث : ما يكون مسبوقا بمادة ومدة ، وقيل ما كان لوجوده ابتداء . والحدوث : عبارة عن وجود الشىء بعد عدمه
    (3) القديم : يطلق على الموجود الذى لا يكون وجوده من غيره ، وهو القديم بالذات .
    (4) العدم ضد الوجود ، وهو مطلق او اضافى ، فالعدم المطلق هو الذى لا يضاف الى شىء ، والعدم الاضافى او المقيد ، هو المضاف الى شىء ، كقولنا : عدم الامن عدم الاستقرار عدم التاثر . والعدم اما ان يكون مسبقا وهو المتقدم على وجود الممكن ، واما ان يكون لاحقا وهو الذى يكون بعد وجوده .
    (5) الوجود مقابل للعدم : وهو بديهى فلا يحتاج الى تعريف الا من حيث انه مدلول للفظ دون نفسه . مثال ذلك تعريف الوجود بالكون ، او الثبوت او التحقيق او الحصول او الشيئية او بما ينقسم الشىء الى فاعل ومنفعل والى حادث وقديم .
    (6) حال الشىء : صفته وهيئته وفى اصطلاح المتكلمين يطلق عليه ما هو وسط بين الموجود والمعدوم ، وهو صفة لا موجودة ، بذاتها ولا معدومة ، لكنها قائمة بموجود كالعالمية وهى النسبة بين العالم والمعلوم .
    (7) نقض الشىء افسده بعد احكامه ، ونقض اليمين او العهد نكثه ، ونقض ما ابرمه فلان ابطله ، وناقض فى قوله مناقضة ، تكلم بما يخالف معناه ، وناقض غيره : خالفه وعارضه ، وتناقض القولان : تخالفا وتعارضا والكلام المتناقض الذى يكون بعضه متقضيا ابطال بعض . والتناقض فى اصطلاح الفلاسفة هو اختلاف تصورين او قضيتين بالايجاب والسلب . مثل قولنا (ب) ، (لا-ب) او قولنا (ب) صادقة و(ب) غير صادقة اى كاذبة .
    (8) الصورة : صورة الشىء هى ما يؤخذ منه عند حذف المشخصات ، ويقال صورة الشىء ما به يحصل الشىء بالفعل . والصورة الجسمية : هى جوهر متصل بسيط لا وجود لمحله دونه ، قابل للابعاد الثلاثة المدركة من الجسم فى بادئ النظر بالحس . والصورة النوعية : هى جوهر بسيط لا يتم وجوده بالفعل دون وجود ما حل فيه .
    (9) الهيولى : لفظ قديم يونانى بمعنى الاصل والمادة ، وفى الاصطلاح هى جوهر فى الجسم قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال محل للصورتين الجسمية والنوعية .
    (10) الطبائعية : فرقة يعبدون الطبائع الاربعة ، اى الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ، لانها اصل الوجود عندهم اذ العالم مركب منها .
    (11) القوة مقابلة للفعل ، ومعناها كما يقول ابن رشد (الاستعداد الذى فى الشىء والامكان الذى فيه ، لان يوجد بالفعل)


    يتبع

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قال الملحد : انهم زعموا : ان علة كون الاشياء وفسادها حركات الفلك ، وسير الكواكب .
    * وبعضهم يقول : ان علتها تماذج الطبعتين اعنى الظلمة والنور
    * وبعضهم يقول غير ذلك
    قال القاسم : الدليل على فساد قولهم ، قول الله تبارك وتعالى (ومنكم من يرد الى ارذل العمر) 5 الحج ، وقوله (ومن نعمره ننكسه فى الخلق افلا يعقلون) 68 يس ، فلو كان علة كونه ما ذكروا لكان الانسان لا يتوفى احد فى طفولته ، ولا يفسد كونه مع وجود علة كونه ، اللهم الا ان يقروا بحدوث علة الفساد فيكونوا حينئذ تاركين .
    فان قالوا : بل علة (1) كونه وفساده قديم ، فالشىء اذا كان فاسدا فى حال كان فيها صالحا ، اذ عللهما موجودة ، ومحال ان يكون عللهما موجودة ، ويتوفى هذا فى الطفولة ، ويرد هذا الى ارذل العمر ، وينكس هذا فى الخلق او يعمر ، ان هذا – لعمرى – لعكس العقول .
    قال الملحد : لو لزمهم هذا للزمك ، حين زعمت ان الله علة كون الاشياء وفسادها مثل ما الزمت خصومك .
    قال القاسم : ولا سواء ، وذلك انا لا نزعم ان الله علة كون الاشياء وفسادها ، بل نزعم ان الله هو الذى كون الشىء وافسده من غير ما اضطرار .
    والدليل على ان الله عز وجل ليس بعلة ذلك ، ان افعاله مختلفة الاحوال مستقلة الصفات ، فلو كان هو العلة ما زال الشىء عن صنعته ، لانه عز ذكره قديم ، والقديم لو كان علة شىء لم يزل معلوله كما لم يزل هو فى ذاته ، وفى زوال الاشياء ما يدل على ان الله عز وجل ليس بعلة ولا معلول
    قال الملحد حينئذ : بارك الله فيك وفى ولدك فقد اوضحت ما كان ملتبسا على ، وان سالتك عن غيرها فان اجبتنى عنها كما اجبت اسلمت .
    قال القاسم : ان اسلمت فخير لك وان اصررت فلن يضر الله اصرارك ، سل عما بداك .
    قال الملحد : ما الدلالة على ان صانع العالم واحد ؟
    قال القاسم : لو كان اكثر من واحد لم يخل من ان يكون كل واحد من الصانعين حيا قادرا وليس كذلك ، فان كان كل واحد منهما حيا قادرا لم يكن محالا متى اراد هذا خلق شىء ان يمنعه الاخر من خلقه ، لذلك الشىء بعينه ، ولو منعه صاحبه من ذلك كان الممنوع عاجزا وذلك عجزه على حدثه !
    وان تمانعا وتكافات قواهما وقع الفساد ولم يتم لواحد منهما خلق شىء ، ودخل على كل منهما العجز ، اذ لم يقدر كل واحد على مراده ، فلما وجدنا العلم منتظما منسق التدبير ، دلنا ان صانع ذلك ليس باثنين ولا فوق ذلك (2)
    قال الملحد : ما انكرت ان يتفقا ويصطلحا ؟
    قال القاسم : ان الاتفاق والاصطلاح يدلان على حدث من غيرهما لانهما لا يتفقان الا عن صرفة والمضطر محدث لا محالة .
    قال الملحد : انهم يقولون ان صانع الخير لا ياتى بالشر ابدا ، وكذلك صانع الشر لا ياتى بالخير ابدا .
    قال القاسم : ان هذا مكابرة العقول .
    قال الملحد : وكيف ذلك ؟ (3)
    قال القاسم : لان ذلك يدعو الى القول بان احدا لم يذنب قط ثم يعتذر من ذنبه ، والى القول بان انسانا واحدا لم يكذب ولم يضل ولم يهتد !
    71 ظ / الا ترى انهم يزعمون ان استدلالهم حق ، وانه واجب على الناس الرجوع الى مذهبهم ، فان كان الشىء الواحد لا ياتى بالخير والشر فحدثنى من يدعون مذهبهم ؟!
    فان قالوا : الخير .
    قيل : فان الخير لا يضل ابدا !
    وان قالوا : الشر .
    فان الشر لا يهتدى ابدا !..
    فليت شعرى ما هذا الذى يدعونه الى مذهبهم ؟!
    قال الملحد : لعمرى لقد لطفت الاستخراج على القوم ولعمرى ان هذا مما يقطع شغبهم ، ولكنهم يقولون : لما كان فى العالم خير وشر دلنا على انهما من اصلين قديمين .
    قال القاسم : اما وجود الخير والشر فى العالم فانا نجده الا ان هذا يدلنا على ان صانع العالم واحد ، والدليل على ذلك ان الخير والشر يبعثان على الخير والشر ووجدناهما محدثين ، وقد قدمنا الكلام فى هذا المعنى بما فيه كفاية ، وبينا ان العالم اصله وفرعه محدث وان المحدثَ يقتفى المحِدثَ .
    وان كان حكم فاعله كحكمه ، اوجب ذلك حدوث صانع العالم ، ويقتضى المحدث ، فان كان هذا هكذا فلكل صانع صانعُ الى مالا نهاية ، وقد بينا فساده انفا.
    * ووجه اخر وهو ان الخير والشر ، امر اختلافهما يدل على قدمهما وليس اختلافهما باكثر من اختلاف الصور والهيئات .
    وقد قلنا ان اختلافهما يدل على قدمهما من خالف بينهما واخترعهما مختلفين
    * فلو كان الخير والشر مجتمعين فى حيز واحد فلا يخلو ان فى حال اجتماعهما من امور
    1- اما ان يكون اجتمعا بانفسهما او جمعهما غيرهما ، فان كان اجتمعتا بانفسهما ، فمخالف ذلك انهما ضدان ، والضد ان لا يجتمعان بانفسهما مع ان نشاهد نفورهما وفرار كل واحد منهما من صاحبه ذاذا فسد ذلك لم يبق الا جامعا جمعهما .
    2- ووجه اخر وهو انه لو كان وجود الخير والشر الا على ان لهما اصلين قديمين لكان وجود الصانع الاربع دالا على ان لها اصولا قديمة !واذا كان هكذا دلنا على ان شاهدا شاهد زور !!
    قال الملحد : فاذا لم كن العالم قديما ولا كان مزاج الاثنين ، وكان صنعا من صانع قديم فحدثنى : لم خلق الله هذا العالم ؟
    قال القاسم : ان هذا الكلام فرع من اصل ، فان سلمت لى الاصل كلمتك فيه والا نازعتك فى الاصل .
    قال الملحد : وما ذلك الاصل ؟
    قال القاسم : هو ان تعلم بالدلائل ان العالم محدث وان له محدثا ، ثم تعلم محدثه واحد قديم ، ثم تعلم انه قادر حى حكيم فى نفسه وفعله .
    قال الملحد : قد دللت على الصانع وعلى انه واحد ، فما الدليل على انه قادر حى حكيم ؟!
    قال القاسم : الدليل على ذلك انا وجدنا الفعل واقعا دلنا ذلك على ان صانعه حكيم عالم قادر حى .
    قال الملحد : فهل وجدت الفاعل الحكيم القادر سوى الانسان ؟
    قال : لا
    قال : افتقول : انه انسان
    قال : انى وان لم اجد انسانا فلم يقع الفعل منه لانه انسان ، اذ قد وجدنا انسانا يتعذر عليه الفعل فلما وجدنا متعذرا عليه ، دلنا ذلك على جواز وجود فاعل ليس بانسان .
    الا ترى انا لما قلنا : انه لا يجوز كون الفعل الا من قادر حكيم ، جائز منه ذلك ، وكان قولنا فيه مستمرا ، ولم يستمر القول فى ذلك ، لم نقل !!
    قال الملحد : قد ابلغت فى هذا فترجع ان شئت الى مسالتى .
    قال القاسم : سل
    قال الملحد : لم خلق الله العالم ؟
    قال القاسم : قال الله سبحانه ( الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا) 2 سورة الملك وقال (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون)56 الذاريات وقال (وسخر لكم ما فى السموات وما فى الارض جميعا منه) 13 الجاثية . فاخبرنا انه خلقنا للعبادة والابتلاء ليبلغ بنا الى ارفع الدرجات واعلا المراتب .
    قال الملحد : فما دعاه الى خلقنا الحاجة خلق ؟!
    قال القاسم : ما دعاه ! .. فمحال ، وذلك انه لم يزل عالما بلا سهو ولا غفلة .
    فقولك : ما دعاه . محال ، لان الدعاء والتنبيه والتذكير انما يحتاج اليها الغافل ، فاما الذى لا يجوز ان يغفل فمحال ان يدعوه شىء الى شىء ، اذ لا غفلة هنالك ولا سهو . والدلالة على ذلك ، ان الغفلة من الدلالة على الحدوث ، وقد قامت الدلالة على انه قديم .
    واما قولك : الحاجة خلق . فالحاجة ايضا من صفات المحدثين والقديم يتعالى عنها .
    قال الملحد : فلم خلق ؟!
    قال القاسم : اما قولك : لم خلق ؟! فقد اجبتك ، لان قولك لم ؟ وقولى لان . اجابة !
    قال الملحد : فما وجه الحكمة فى خلق العالم وخلق الممتحنين ؟!
    قال القاسم : وجه الحكمة فى ذلك انه احسان او داع الى احسان وكل من احسن او دعا الى احسان فهو حكيم فيما يصرفه .
    قال الملحد : وكيف يكون حكيما من خلق خلقا فالمه بانواع الالام ، وامتحنه بضروب من الامتحان ؟! خبرنى عن وجه الحكمة فى ذلك من الشاهد .
    قال القاسم : اما قولك كيف يكون حكيما من خلق خلقا فالمه بانواع الالام ؟!
    فوجه الحكمة فى ذلك من الشاهد ما هو داع الى الاحسان (4) من ذلك ضرب المؤدبين للصبيان ومن الحجامة والفصد والادوية الكريهة ، كل ذلك داعية الى الاحسان الى شىء حسن فى العقل ، فاذا كان الالام فى الشاهد ما هو كذلك ، فكل ما كونه الله من قبل مثل الموت والمرض والعذاب وغيره حكمة فى الصنع وصواب فى التدبير اذ كان كل ذلك داعية الى الاحسان .
    قال الملحد : ما الدليل على ان ذلك داعية الاحسان ؟!
    قال القاسم : الدليل على ذلك انها افعال الحكيم ، وقد صح ان الحكيم انما يفعل هذه الاشياء التى هى فى السلامة والصحة والخير والترهيب من الغم والشر والنقم ، ومن رغب فى الخير فحكيم فيما نعرف .
    واما قولك : لم امتحن امتحانات غصب اكثرهم عندها ؟!
    فانا نقول فى ذلك ولا قوة الا بالله ان الله تعالى انما امتحانه وامره ونهيه وداعيه له من الحكمة ، فمن غصب فمن قبل نفسه لانه لم ياتمر بما امره الله سبحانه ، ولا انتهى عما نهاه ، ولو كان انتهى عما نهاه الله عنه ، وركب ما امره به ، لكان يؤديه ذلك الى الفوز العظيم . فهو من قبل نفسه غصب ، لا قبل الله عز وجل .
    ومثل ذلك فيما نعرف ان حكيما من حكمائنا لو اعطى عبيدا له دراهم وقال لهم : ااجروا فان ربحتم ولم تفسدوا ، فانا معطيكم ما يكفيكم ، وان لم تفعلوا عاقبتكم .
    فاطاعه منهم قوم وعصاه اخرون ، ولم ترجع اللائمة عليه بعصيانهم اياه ، ولكنها لاحقة بهم حين عصوه ولم يخرج بها سيدهم اياهم وعطيتهم من الحكمة ، اذ لم يدعهم به الا الى الاحسان فلما كان ذلك كذلك كان الله حكيما بامتحانه وامره ونهيه .
    قال الملحد : ان الله يعلم ما هم صائرون اليه ونحن لا نعلم ذلك .
    قال القاسم : ان الجهل والعلم لا يحسن الحسن ولا يقبح القبيح ، وذلك انه لو كان حسنا لان الآمر به يعلم انه يفعله ، لكان ذلك قبيحا . اذا كان الآمر منا بما يصير اليه المامور جاهلا ، فلم لم يكن ذلك قبيحا لجهل الآمر منا ، لان هانما امر بالحسن ودعا الى الحسن ، وان كان جاهلا بما يصير اليه المامور او عالما .
    * وشىء اخر وهو انه لو كان الامتحان قبيحا ، اذا علم انه يعصى لكان لا شىء اقبح من اعطاء العقل لانه انما يعصى عند وجوده ، ويستحق المدح والذم به ، فلما كان اعطاء العقل عند الامم كلها – موحدها وملحدها – حسنا ، دل ذلك بان الامتحان والخلق والامر بالحسن كله حسن ، علم انه يعصى او يطيع .
    قال الملحد : فلم مزج الخير بالشر ولم صار واحد غنيا وواحد فقير والاخر قبيحا والاخر حسنا ؟!
    قال القاسم : لانم هذه الدار دار امتحان وابتلاء وحقيقة الامتحان فهو ان يخلق فيه او يامره بشىء ثقيل على طاعته فينظر هل يطيع ام لا يطيع ؟!
    ولو خلق الله ما هو خفيف على طباعه ثم امره بالخفيف لكان ذلك لذة له وليس بامتحان ، فلما كانت هذه الدار دار امتحان ، كان الواجب فى صواب التدبير ان يمزج الخير بالشر والنفع بالضر والمكروه بالمحبوب والحسنة بالسيئة والكريه المنظر بالحسن فى النظر ، اذا كان الدار دار امتحان لانه لو كان كله محبوبا كان دار الثواب ، ولو كان كله مكروها كان دار العقاب ، ودار الثواب والعقاب هذه صفتها .
    واعلم انه لو لم تعرف علل ذلك ، كان جائز من ذلك انه فى بدء الامر ، اذا اقمت الدلالة على انه حكيم فى نفسه وفعله ، ثم دللت على ان الكل من افعاله حكمة استغنت عن معرفة علله .
    ومثال ذلك من الشاهد انا لو هجمنا على الات من الات الصانع ، فراينا اعواجاج المعوجات واستواء المستويات وصغر بعضها وكبر بعضها وغلظ بعضها ورقة بعضها ، فحكمنا على صانعها غير حكيم ، فكنا جاهلين بالحكمة ، نضع الحكمة فى غير موضعها ، بل حينئذ الواجب علينا ان نسلن للحكماء حكمهم ونعرف انهم لا يفعلون شيئا من ذلك الا لضرب من الحكم يعرفونه ، ونعلم ان المعوج والمستوى وكل زوج فيها يصلح له الاخر ، فحينئذ وضعنا الحكمة فى موضعها فاعرف ذلك وتبينه بحدة كما قلنا ان شاء الله تعالى
    فلما كانت افعال الله كلها احسانا او داعية الى الاحسان ، كان تبارك وتعالى بفعلها كلها حكيما اذ كل ذلك يحسن فى العقل .
    فان قلت : لم فعل الحسن فى العقل ؟
    قيل لك : يفعل الحسن لحسنه ولو لم يفعل الحسن فى العقل لحسنه كان لا يترك القبيح لقبحه فى العقل وكفى بهذا القول قبحا


    ---------------------------------------------------------



    (1) العلة عند الحكماء ما يتوقف عليه وجود الشىء ويكون خارجا ومؤثرا فيه ، وعلة الشىء ما يتوقف عليه ذلك الشىء ، وهى قسمان : الاول : ما يتقدم به الماهية من اجزائها ويسمى علة الماهية ، والثانى : ما يتوقف عليه اتصاف الماهية المتقومة باجزائها بالوجود الخارجى ويسمى علة الوجود .
    (2) دليل التمانع دليل قرآنى وهو مشهور ومعروف عن المتكلمين انظر الاشعرى : اللمع ص 20 والماتريدى : التوحيد ص 21 وانظر الاية 22 من سورة الانبياء .
    (3) اعتقد ان للكلام تماما هو (وهم يقولون ان من يفعل الخير لا ياتى شرا ، ومن يفعل شرا لا ياتى خيرا ابدا وكل مطبوع على خلقه)
    (4) قارن فى ذلك ما ذكره القاضى عبد الجبار : شرح الاصول الخمسة ص 493 وما بعدها


    يتبع الجزء الاخير من المناظرة

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قال الملحد : لقد ابلغت ، قد بينت لى مسائل
    قال القاسم : سل .
    قال الملحد : ما الدليل على ان الصانع له رسول ؟
    قال القاسم : الدليل على ذلك ان الصانع حكيم محسن الى خلقه وفى العقل ان شكر المنعم واجب ، فلما كان هذا فى عقولنا واجبا ، وكان الله حكيما منعما على خلقه ، كان من كمال النعمة ان ارسل اليهم الرسل ، مع دلائل اضطرت العقول عندها لتبين لهم كيفية شكره ، لان كيفية شكره ليس مما يعلم بالعقل ، ولا بالنفس ولا بالحس ولا بالنظر ، وان كان فى العقل جوازه ، وحينئذ اقام عندهم ، فمنهم دلائل ومعجزات دل على صدقهم .
    قال الملحد : كانك تقول ان شرائع الانبياء خارجة عن العقول ؟! اذ قلت : لا نعلم كيفيتها
    قال القاسم : اما قولك : ان شرائع الانبياء خارجة عن العقول ، اذ ليس فيها كيفيتها ، فانى لم اقل لك : كيفيتها ليس فيها بينة اشترطت لك . فقلت لك : انه وان لم يكن فيها كيفيتها ففيها جواز كونها
    فقال الملحد : وكيف ذلك ؟
    قال القاسم : هو مثل ما نعرفه فى الشاهد ، وذلك لو ان سيدا امر عبده ببناء دار ، او قطع شجرة ، او اعطاء عبد الله ، او ضرب زيد ، فانه ليس فى العقل ان السيد يامر به ، فاذا امر به ، كان فى العقل ان الاتمار به حسن وان تركه قبيح ، اذا كانت لامر سيده عاقبة محمودة ، ورجع نفع العبد .
    فالعقل يجوز الامر فكل شىء على خياله ، ولا يوجب شيئا من ذلك دون شىء ، اذا كان ذلك الامر مما ينقل حاله ، فى العقل ، وذلك انه قد يكون الشىء الى موضع ما ، حسنا فى العقل اذا كان للشىء معنى حسن .
    فاما اللواتى يُدرَكُ حكمها فى العقل ، فقد ادركه ، بان الامر بها ، لا يامره الا بما هو حسن ، ولا ينهى الا عما هو قبيح عنده .
    قال الملحد : فحدثنى عن الصلاة والصيام ، وغيرهما من الشرائع ، هل له اصل فى العقل ، يفرع هذا منه ؟!
    قال القاسم : اجل قد اخبرتك به انفا ، وهو كالامر بالشىء الى موضع ما ، وكضرب زيد ، واعطاء عبد الله ، ليس له اصل فى العقل اكثر من الاتمار لامر الحكيم ، ووجه الحكمة فيه ان الامر انما يامر به ، لينظر هل ياتمر به المامور فيجازيه لذلك لا سيما اذا كان مستغنيا غير محتاج الى ما يامر به ، وانما يامرهم ليمنحهم ، وليظهر بذلك اعمالهم فان الامر به حسن وعلى ذلك سبيل الشرائع .
    قال الملحد : خبرنى عن كيفية معجزاتهم ؟
    قال القاسم : هو قلب العادات وان لا يترك العادات جارية على مجراها .
    فاذا جاء احدهم وقال له قومه : ما الدلالة على كذا وكذا ، الى كذا وكذا ؟! فحينئذ يعرفون صدقه ويضطرون ، وهذا سبيل المعجزات كلها .
    ومثل ذلك نفرق بين النبى والمتنبئ ، وبين الصادق والكاذب .
    قال الملحد : فانه بقى فى قلبى شبهة فاحب ان تقلعها بحسن رايك ونظرك .
    قال القاسم : هاتها لله ابوك
    قال الملحد : خبرنى عن الله عز وجل ، لم يميت الانسان ويصيره ترابا ، بعد ان جعله ينطق بغرائبا لحكمة وبعد هذه الصورة العجيبة البديعة ، ولم يفنى العالم كله ، ارايت لو ان انسانا بنى بناء فنقضه لا لمعنى ، هل يكون حكيما ؟!
    قال القاسم : ليس الامر كما ظننته ارايت لو ان انسانا بنى بناء للشتاء فلما جاء وقت الصيف نقضه وبنى للصيف هل يكون حكيما ؟!
    قال الملحد : نعم
    قال القاسم : ولـمَ ؟
    قال الملحد : لان الذى اتخذه للشتاء لا يصلح للصيف وكذلك الذى اتخذه للصيف لا يصلح للشتاء .
    قال القاسم : وكذلك الله عز وجل ، خلق الدنيا وما فيها للابتلاء فاذا انتهى اجلها افناها وبعثرها .
    ثانيا ( ليجزى الذى اساؤوا بما عملوا ويجزى الذين احسنوا بالحسنى) ولا يكون ذلك خروجا من الحكمة بل الحكمة ان لا يضيع الثواب والعقاب .
    قال الملحد : ان التوحيد والتعديل والرسل قد تكلم فيه ناس من اهل العلل ، وكل يشك فى الميت هل يحيى ام لا ؟ وكل يجئ فى ذلك بشىء فان دللت على ثباته وكيفيته لم يبق لى مسئلة وحينئذ امنت بربى .
    قال القاسم : اما الدلالة على حياتها فانى قد وجدت الله تبارك وتعالى حكيما قد امتحن خلقه وامرهم ونهاهم ، وكان قول من يقول بارداته الامتحان داعيا الى الاهمال ، والاهمال داع الى ان الله غير حكيم ، واذا جاز ان يكون العالم قديما لانه لا فرق بين ان يفعل من ليس بحكيم هذا الصنيع العجيب ، وبين ان يقع فعل الامر ، ومحال موجودة ، فتكون قديمة ازلية لا فاعل لها .
    ووجدت هذا القول داعيا الى التجاهل ، فلما كان ذلك كذلك صح ان الله حكيم والحكيم لا يهمل خلقه ، واذا لم يمهل خلقه ، لم يكن بد من امر ونهى ، ولم يكن بد من مؤتمر وغير مؤتمر .
    واذا كان من حكم العقل ان نفرق بين الولى والعدو ، ووجدنا اعداءه واولياءه مستوية الاحوال فى الدنيا ، لانه كما ان فى الاعداء من هو مؤثر صحيح ، وفيهم من هو معسر مريض ، وكذلك الاولياء ، فلما كانت فى الدنيا احوالهم مستوية ولم يكن بد من التفرقة بينهما صح ان دارا اخرى فيها نفرق بينهما ، وفيها يحييون وفيها ينشرون .
    تذت قد وجدت هذه الحال قد اشتمل بالكل ، الولى والعدو ، وذلك قوله عز وجل (ام نجعل الذين امنو وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الارض ام نجعل المتقين كالفجار)
    واما قولك : فاخبرنى عن كيفيتها . فان الله عز وجل جعل الروح لجسد الانسان حياة له ، كالارض اذا اهتزت بالماء وتحركت بالنبات ، كذلك الروح اذا صار فى الانسان صار حيا متحركا اذا امتزج احدهما بصاحبه .
    قال الملحد : وكيف تمتزج الروح بالبدن وقد صار ترابا ؟!
    قال القاسم : وكيف يمتزج الماء بالارض الهامدة اذا صارت محله يابسة ؟!
    قال الملحد : هو ان تمطر عليها او يجرى فيها ، فتتصل اجزاء الارض باجزاء الماء ، بالمشاكلة التى بينهما فعندها تهتز وتتحرك .
    قال القاسم : وكذلك الروح ترسل الى ذلك التراب فتماسه وتمازجه فحينئذ يحيا الانسان ويتحرك .
    الا ترى الى بدء خلق الانسان كيف كان ؟ او ليس تعلم انه كان ترابا فلما جمع الله بينه وبين روحه صار انسانا ، فاصل خلق الانسان بذلك على اخره .
    اولا تسمع قوله تعالى (قل يحييها الذى اشناها اول مرة وهو بكل خلق عليم * الذى جعل لكم من الشجر الاخضر نارا فاذا انتم منه توقدون)
    قال الملحد : انه ليس بين الروح والتراب مشاكلة فيما نعرف ؟!
    قال القاسم : فهل تعلم بين النار والشجر الاخضر مشاكلة ؟!
    قال الملحد : نعم ، وهى انها مجموعة من الطبائع الاربع احداهن النار وبين ثالثهن مشاكلة .
    قال القاسم : الله اكبر ، هل تعلم بين النار وثلاثتهن مشاكلة ؟
    قال الملحد : لا
    قال القاسم : فكيف اجتمعن ؟ انه لما جاز ان تجتمع النار مع الماء والارض والهواء بلا مشاكلة بينهن جاز للروح مثل ذلك .
    قال الملحد عند ذلك : اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، وان كل ما جاء به حق وتعست امة ضلت عن مثلك

    واسلم وحسن اسلامه وكان يختلف الى الامام القاسم ويتعلم منه شرائع الاسلام

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    165
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي الفاضل..
    مناظرة رائعة..لمسلم جليل وفاضل..
    قلْ للحُثالـةِ بعدَهَـا أوَ تَجْـرُؤونَ بـأنْ يُدَنَّـسَ شَرْعُـنَـا بسَـمَـادِ
    أينَ الطرابيشُ التي باعتْ ضَمَائِرَهَا بـسُـوقٍ للـعِـدا بـكَـسَـادِ؟
    يـا ربِّ وحِّـدْ بالخلافـةِ أمَّــةً سُفِكَـتْ دِماهَـا رحمـةً بعـبـادِ
    يا ربِّ واحفَـظْ بالخلافـةِ عِزَّنَـا يا ربِّ أرجِـعْ سالـفَ الأمجـادِ

  9. افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اشكر الاخوة القائمين على المنتدى ومن وضع رابط مناظرة الرسي
    يجب الاعتراف ان اهل التوحيد والعدل من معتزلة وزيدية اجادوا في الرد على الملحدين

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    موريتانيا
    المشاركات
    379
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يجب الاعتراف ان اهل التوحيد والعدل من معتزلة وزيدية اجادوا في الرد على الملحدين
    ذلك أن الملحدين شر مكانا وأضل عن سواء السبيل .. والمعتزلة وبعض الزيدية مخطئون ، لاكن بقي من الحق ما يضحدون به أكاذيب و تخليط الكافرين الملحدين ..
    بارك الله فينا وفيكم أخي الحبيب وهدانا إل سواء السبيل .
    وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ .وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مناظرة مع المسلم { ابو القاسم .
    بواسطة محذوف في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 01-08-2013, 09:50 PM
  2. الرضى بقضاء الله
    بواسطة أبواسلام في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-31-2010, 01:15 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء