النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: طائرة بلا ربان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي طائرة بلا ربان

    كانت طائرة الإيرباص الضخمة تحلق على علو خمسة آلاف قدم, نظر من النافذة فخيل إليه أنها تسبح في حقل من القطن, تمنى لو يمد يده لينتزع قطعة من السحاب المتراكم, تمثلت له نفسه ذرَّة تسبح في الفضاء, كان الناس يأكلون ويشربون ويثرثرون ويضحكون, كأنهم يتفننون في قطع الوقت ودفع الملل, التفت إلى الرجل بجنبه فوجده منهمكا في لعبة إلكترونية, فجأة نبت في عقله سؤال: "من أنا؟ وكيف جئت إلى هنا؟ وأين تنتهي الرحلة؟" إنه لا يذكر شيئا إلا أنه كان قبيل لحظات ينعم بالنظر إلى السحاب دون أن يضطر إلى رفع بصره إليه, عاودته أسئلته فهمَّ أن يسأل جاره حين ارتفع صوت آلي: " مرحبا أيها المسافرون, هذا تسجيل إلكتروني, أنتم وحدكم على متن الطائرة, ليس أحد هنا سواكم, تدبروا أمركم, يمكن لمن شاء أن يحضر شرابا أو طعاما لنفسه, رحلة ممتعة"
    لم يصدق أذنيه, قام يمشي حتى بلغ مقصورة القيادة, تردد في الدخول وحين لم يسمع صوتا فتح الباب فكاد قلبه يتوقف لهول الصدمة, لم يكن ثمة أحد! عاد إلى مقعده وهو يرتجف, نادى الركاب بصوت متهدج: "إننا في ورطة عظيمة, الطائرة بلا ربان, سنتحطم حتما!" نظر إليه الناس من حوله نظرة إشفاق, ثم عادوا إلى ما كانوا فيه, زادت حيرته, التفت إلى الرجل عن شماله فوجده منهمكا في لعبه, فصرخ في وجهه: "يا لك من أحمق, أنت في طائرة بلا ربان, ولا تجد شيئا تفعله أفضل من هذه اللعبة الغبية؟" فأجابه دون أن يفارق بصره شاشة حاسوبه: "وما الحاجة لربان, قوانين الطبيعة تتكفل بكل شيء, نطير ونهبط كما نولد ونموت, إيش المشكلة؟ يا رجل استمتع بالرحلة وكف عنا أسئلتك الساذجة."
    أغمض صاحبنا عينيه هنيهة ثم فتحهما كأنه يحاول أن يستيقظ من كابوس خانق, لكن شيئا لم يتغير, إن هذا يحدث بالفعل, إنه ليس نائما, غير أنه استيقن شيئا واحدا, استيقن أن الناس من حوله فقدوا عقولهم, إذ كيف يطمئنون إلى طائرة خارجة عن سيطرة قوة عاقلة, كيف ينعمون باللهو على متن مركب لا يُدرى من أين جاء ولا إلى أين يسير, كيف يثقون بعالم هذه حاله ولا كيف يكون مآله؟
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    الدولة
    دولة الشريعة (اللهم إني مسلم اللهم فأشهد)
    المشاركات
    1,514
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاك الله خيرا
    قصة توضح عقلية الملحدين المتخلفة هذا ان كان هناك عقل اصلا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    357
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أعجبتنى كثيرا هذه القصة الصغيره فى كلماتها الكبيره بمفهومها
    وكم أشتاق لمعرفة رأى الملحدين فى هذا الموقف
    ماذا تفعل لو كنت مكانه؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    مِنْ أَرْضِ الرِّمَـال !
    المشاركات
    1,300
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    كعادة أديبنا الأريب هشام متعة فكرية بنكة أدبية !
    لا حُرمنا منك , كم اشتقت لك سيدي
    {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}
    في إنتظار "ملحد حقيقي" ليعطي تفسيرات لهذه الكُبرَيات بالمنظور الإلحادي
    " الإنسانُ ليسَ مُفصّلاً على طرازِ دارون , كما أنّ الكونَ ليسَ مفصّلاً على طرازِ نيوتن " بيجوفتش

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    بارك الله فيكم جميعا, إنني فكرت في قول الملحدين إن الكون خالق نفسه, وأن كل ما نرى فيه من حكمة ونظام يفسر من داخله, أي أن الكون لا تسيره قوة مريدة حكيمة عادلة, فقلت في نفسي, إذن حُقَّ لمن كانت هذه عقيدته أن يحيا في رعب وجزع وخوف وقلق, فالحمد لله على نعمة الإسلام.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    5,604
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    والله إن الكرة الأرضية الطائرة في الكون أحقر من الطائرة في السحاب و هؤلاء لا ينتهبون ولا يهتمون إلا عند إصطدام طائرة عمرهم بالأجل المحتوم .
    إذا كنتَ إمامي فكن أمامي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    صدقت أخي متروي, وبدل أن يتأمل الملحد في عظمة هذا الخلق والحكمة منه, يتبجح بدعواه المضحكة: لا فائدة من بلايين المجرات إذ ليس فيها حياة!
    لكني أتعجب حقا أن الملاحدة العرب لا يلتفتون لمعنى ما ذكرته في قصتي: كون لا ربّ له, لا يُدرى إلى أين يسير, كيف يطمئن إليه الملحد؟ من أين يأتي بشيء اسمه الطمأنينة والسكينة؟ كيف يسألنا في عقيدتنا وهو يؤمن بمثل هذا الهراء؟ كيف يجادل قوما قلوبهم مطمئنة بإيمانهم, يعلمون إلى أين تسير بهم سفينة الحياة, ولو سلمنا جدلا أننا واهمون ,فلماذا يجتهد أن يصرفنا عن يقيننا إلى شكه وحيرته, وعن طمأنينتنا إلى قلقه واضطرابه؟
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. في رثاء الشيخ أحمد ياسين تقبله الله
    بواسطة وصايا شهيدة بإذن الله في المنتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-15-2013, 10:21 PM
  2. قصة دوكينز مع طائرة f-117a
    بواسطة noname في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 07-05-2012, 06:59 PM
  3. رباه الأقصى موجوعٌ
    بواسطة زاهية بنت البحر في المنتدى قسم اللغة والشعر والأدب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-03-2010, 08:25 AM
  4. رثاء الاندلس لابي البقاء الرندي:
    بواسطة مجدي في المنتدى قسم اللغة والشعر والأدب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-31-2005, 05:39 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء