صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 27

الموضوع: نظرية التطور بين العـلم والدين (4)

  1. افتراضي نظرية التطور بين العـلم والدين (4)

    هذا البحث للكاتب الليبي، أرسله أحد الأخوان يطلب الرد عليه وبيان الرأي الصائب في الموضوع لحاجته للرد عليه، فالمرجو من الأخوة الإدلاء بتعليقاتهم الجادة مشكورين.

    نظرية التطور بين العـلم والدين (4)


    أبوذر الليبي
    موقف الأديان السماوية



    تقول وجهة النظر الدينية (اليهودية والمسيحية والإسلامية) السائدة حاليا أن المخلوقات خلقت كما هي عليه اليوم تماما ، وأنها لم تتطور من بعضها، والإنسان من بين تلك المخلوقات لم يتطور وقد خلق على صورته التي هو عليها اليوم؛ هذا بالإضافة الى الربط المباشر بين الكفر والإلحاد وبين الإعتقاد بعكس ذلك، بل وتزخر كتابات المتحمسين ضد هذه النظرية من المسلمين بشتى الإتهامات والإشتباهات للقائلين بها ليس أقلها خطرا مؤامرات الصهيونية والماسونية ...الخ.
    وإذا تجاوزنا كل ذلك الكم الهائل من المعلومات عن الحامض النووي وكيمياء الخلية الحية وتداخل فصائل الكائنات الحية والأحافيرالحية والأحافيرالمتحجرة وأقتصرنا في حوارنا على منهج الجدل والمنطق فإن أول شي يجب أن نفعله هو الإتفاق على مفاهيم المصطلحات التي سنستعملها لاحقا حتى لا تتحول الحالة الى حوار طرشان، كل يغني على ليلاه.
    وفي تصوري أن القائلين بالخلق- الغيرتطوري (الخلقيين ـ Creationists) هم مستعدون لإعتماد كل قوانين الجدل والمنطق طالما كانت في خدمة إعتقادهم ، ثم هم ينعتون من يستعمل نفس المنطق ولكن مدعوما بدلائل وبراهين علمية ملموسة بكل تهم الإلحاد والكفر بمجرد أن تمس نقطتيهم الحساستين ، الخلق الأول وخلق آدم.
    إننا نجد الكثير من الذين حاولوا التوفيق بين فكرتي الخلق و التطورمن أبناء الديانتين اليهودية والمسيحية بالرغم من وجود نصوص صريحة في التوراة(1) تقول بأن الله خلق الكائنات على أجناسها، ومع ذلك فلم يكن لتلك المحاولات كبير أثر في تهدئة الخلاف الناشب ، وذلك بسبب أن الموقف بين العلم والدين المسيحي قد تحدد وضعه منذ سنين النهضة الصناعية بعيد حقبة القرون الوسطى. وأمام المادة العلمية المتجددة كل يوم من أبحاث وإكتشافات سواء في علوم الحياة أو المستحثات أوعلم طبقات الأرض (الجيولوجيا) التي جعلت من نظرية التطور تقترب كل يوم من كونها حقيقة علمية وجدت الكنيسة نفسها مضطرة الى التصريح بأن التطور لا يتناقض مع ما ورد في سفرالتكوين من العهد القديم ، وكان آخرها تصريح أوردته شبكة أخبار فريماركت(2) بتاريخ 08 نوفمبر2005 نقلا عن شبكة الأخبار الأسترالية عن الكاردينال بول باوبارد رئيس المكتب البابوي للشئون الثقافية يقول فيه أن وصف سفر التكوين لكيفية خلق الله للعالم ونظرية داروين للتطور متطابقان تماما إذا تمت قراءة الكتاب المقدس بشكل صحيح ، كما نقل عنه قوله في مؤتمر صحفي عقد بالفاتيكان (إن المتشددين يريدون إعطاء معان علمية لكلمات ذات غرض غير علمي... إن الرسالة المقصودة في سفر التكوين هو أن العالم لم يوجد من تلقاءه بل بفعل خالق) تأتي هذه التصريحات بالتزامن مع الجدل الكبير الذي يدور في الولايات المتحدة اليوم بخصوص نظرية الخلق الذكي بمقابل نظرية التطور.
    بهذا نختصر الحديث عن الموقف المتراجع للكنيسة عن التمسك برفض الإعتراف بنظرية التطور، وبسهولة نستطيع معرفة السبب الذي يرجع في تصوري لكثرة الأدلة والبراهين المنشورة باللغات الأوروبية. ولا يبتعد موقف الديانة اليهودية كثيرا عن موقف الكنيسة بإعتبارهم يتحدثون عن نفس النص الديني(3) مع وجود ذلك الكم الهائل من البراهين العلمية التي تتوفر بشكل مضطرد كل يوم، وخصوصا على أيدي العلماء اليهود في إسرائيل ، الدولة التي تعتبر اليوم من أكثر الدول في العالم تقدما في مجال أبحاث علوم الحياة والكيمياء الجزيئية وليس أدل على ذلك من حيازتهم نصيب الأسد من جوائز نوبل كل عام(4).

    موقف المسلمين :

    نأتي أخيرا الى موقف المسلمين من هذه النظرية ، حيث أن الموقف بصفة عامة لايزال يرفض وبشدة الإعتراف بوجود تطور في الكائنات الحية ، ويتم هذا بمباركة بعض المحسوبين على الفئة المتعلمة وإذكر في هذا خريج كلية الفنون الجميلة عدنان أوكطار المسمى هارون يحي وغيره كثر ممن سخروا إمكانياتهم بحسن نية طبعا لدحض هذه النظرية ، وإن كانوا قد نجحوا نسبيا في فترة مبكرة من مقاومة دخول مثل هذه النظريات الى عالمنا العربي والإسلامي ، لكننا اليوم (وأنا أتحدث هنا كمسلم أتيح له الإطلاع على الجانب العلمي الذي يؤكد صحة نظرية التطور) في الواقع مطالبون بإعادة قراءة نصوصنا الدينية في ظل التنامي المستمر لدعم هذه النظرية من قبل الوسط العلمي المتخصص.
    إن المتتبع لكل الحوارات ذات الطابع المنتقد أو تلك التي تناقش مواضيع ذات طابع ديني يلاحظ وجود تباشير صحوة في إعادة قراءة النص الديني وتقييم مدى ملائمة النص الديني لكثير من المتغيرات كما يسميها بعض الأخوة (البعد الزماني والبعد المكاني)، وإن كنت لاأحبذ اللجوء الى اللغة المتخصصة والمصطلحات الفضفاضة والتي هي في تقديري ليست الا محاولة للهرب من السباب والشتائم والتلويح بالأسلحة البيضاء والسوداء ، ولذلك سوف أتخذ أسلوبا مباشرا فيه من التحديد ما لن يروق للكثير من القراء الذين لايزالون يصرون على قراءة أحداث القرن الواحد والعشرين بعقول القرن السابع للميلاد.
    إن النص الديني الذي تحدثت عنه بالنسبة للمسلمين يتحدد في فرعين: كتاب القرآن الكريم ، والنص المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم والذي نسميه الحديث؛ وإن كنت لا أريد الدخول في منزلق مسألة قدسية النص ومدى صدقيته وكيف تمت كتابته وأسلوب تجميعه وزمن تجميعه وهوية من قام بالتجميع وما إلى ذلك ، إلا أنه ومن الواضح جدا ، ومن السهولة بمكان إثبات أن كثيرا من النصوص الواردة في كثير من كتب الحديث لا ترتقي في درجة إحكامها وملاءمتها للعصر أو في منطقيتها مع مانشاهده في نصوص القرآن. ومع ذلك فهي لم تحتوي على كثير مما له علاقة بموضوعنا إلا أنني أوردتها هنا لتوضيح سبب قصري عند الحديث عن النص الديني على القرآن الكريم. وإن كان لا يخفى أن الموقف المتشدد الذي يقفه المسلمون من نظرية التطور يعود سببه الى كونها إرتبطت في بداية ظهورها بالإلحاد وإنكار وجود خالق ، الذي يعود بدوره الى الموقف الرافض للفكر الديني المسيحي من قبل الوسط العلمي الذي بدأ يظهرفي أوروبا بقوة منذ نهايات القرن الثامن عشر، وكانت نظرية التطور فرصة كبيرة للطعن في نصوص التوراة من قبل علماء القرن والتاسع عشر، وقد ورث المسلمون هذا الموقف كما ورثوا الكثير من المواقف ضد الحركات والمذاهب الفكرية المضادة للدين المسيحي أذكر من بينها موقفهم من الشيوعية التي أعلنت رفضها لسيطرة الدين مجسدا في المؤسسة الدينية المسيحية (البابوية) التي أذاقت العالم الأوروبي قرونا طويلة من التعصب للجهل ومحاربة التطور العلمي ومحاكم التفتيش ومحارق الهرطقة ، وقد سميت تلك الحقبة فيما بعد بالقرون المظلمة ، في حين أن الإسلام عرف عنه طيلة تلك القرون تشجيع البحث العلمي والترجمة إنتشار المدارس والمكاتب العلمية في جميع أنحاء المناطق الخاضعة للنفوذ الإسلامي ذلك الوقت. أما في أيام أفول الحضارة العربية الإسلامية فقد إنقلب الموقف وقد طورد الكثير من العلماء وأحرقت كتبهم وأصدرت الفتاوي في تكفيرهم وإهدار دمهم وأذكر منهم الفيلسوف الكبير إبن رشد الذي كانت كتبه ومؤلفاته أساسا لنشوء المدرسة الرشدية اللاتينية. وقد دخلت المنطقة العربية الإسلامية بعد ذلك حقبة مظلمة إنتهت بإستفاقة العرب على عواصمهم تحكم بأيدي مماليكهم في مصروجحافل المغول تدك قصور الخلافة في بغداد ناهيك عن موجات الحروب الصليبية التي قادتها الكنيسة على إمتداد المنطقة العربية، الى أن كانت النهاية المأساوية بزحف العلوج الأتراك المجهولي الأصل تحت شعار الإسلام وإعلانهم الخلافة بكل بجاحة وإلتهامهم للبلدان العربية الواحدة تحت الأخرى وبذلك أطبقوا بقوة السيف ورهبة الخازوق على المنطقة العربية فترة لم تعرف أسوأ ولا أقبح منها.
    نعود لموقف المؤسسات الدينية الإسلامية من نظرية التطور، والتي لاتزال حتى اليوم تعتبرها كفرا وإلحادا، ومؤامرة صهيونية أو ماسونية. وأنها تتعارض مع عقيدة المسلمين في الخلق والخالق.

    مفهوم الخلق في القرآن

    إن أول شيء كما قلنا سابقا يجب الإتفاق على مفهومه هو كلمة الخلق، ماذا تعني تحديدا؟ وقد يسهل الرجوع الى أي قاموس للغة العربية لمعرفة معناه لغويا ، لكن مانعنيه هنا هو تحديد المفهوم الذي يعنيه القرآن بالضبط ، وهل يمكن أن ينطبق الإعتقاد السائد عن خلق الكئنات الحية وخلق آدم مع المعنى الذي نجده في القرآن... لنقرأ الآيات التالية:
    بسم الله الرحمن الرحيم:
    خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (العلق2).
    فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ . خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ (الطارق5،6)
    هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً (الأنعام2).
    خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (النحل 4).
    وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (الروم 20).
    وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (المؤمنون 12-13)
    وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (الحجر26)

    نرى هنا بوضوح أن مفهوم الخلق هنا يتعدد وفقا للغرض الذي تريده الآية، ولا نريد هنا ماقد يتبادر الى ذهن المتشككين ، ولكن مانريده هو أن نبين أن الخلق من علق أو الطين أوالحمأ المسنون أو التراب أوالماء أوالنطفة يشير الى مرونة هذه الكلمة وحملها عدة أوجه ، كما أنها لاتعني بالضرورة البداية وقد تطلق على تحويل الشيء من صورة إلى أخرى أو صنع شي جديد من شي قبله كما يقول عيسى لقومه (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْر ـ آل عمرانِ 49) بمعنى يشكل من الطين ، ونرى ذلك بمعنى أكثر دقة ووضوحا في الآية القائلة:
    ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (المِؤمنون 14)
    ما يعني أن الخلق قد يكون تطورا من مرحلة الى أخرى وإن كانت هنا محددة في مراحل الجنين ولكنها توضح مفهوم الخلق في القرآن.
    كما أن الخلق في القرآن لا يعني بالضرورة التوالي ، كما في قوله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا (غافر67) ، لأنه من المعروف لدينا أن الإنسان قبل أن يكون نطفة كان خلية وحيدة تأتي من طبقة معينة من الخلايا في نسيج الخصية و نسيج مبيض الأم أي أنه لم يأتي مباشرة من تراب ، ومع ذلك فقد ذكرت الآية أن النطفة خلقت من تراب.
    وهذه آية أخرى تذكر صراحة ان الخلق لم يكن مباشرة من التراب أو الطين الى الصورة المعروفة بل إنه قد مر بمراحلة وسيطة:
    - وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (المؤمنون 12 ).
    الخلاصة أن الخلق في القرآن لا يعني التحول المباشر السريع كما يفهم من الرواية الدينية السائدة، وأن المرور بمراحل هو مذكور صراحة ودون أدنى شك.
    ولكن ما شأن الحياة الأولى، وما علاقة الماء بكل أشكال الحياة وأسئلة أخرى نتركها للمرة القادمة... أستودعكم الله.

    أبو ذر الليبي

    موقع ليبيا بيتنا

    _http://www.libya-watanona.com/adab/...ar/at31036a.htm______________________________________ _________

    (1) سفر التكوين الاصحاح الأول والثاني.
    (2) http://www.freemarketnews.com/WorldNews.asp?nid=1866
    (3) للتوضيح فإن العهد القديم يقصد به التوراة، حيث أن النصارى يؤمنون بما جاء به موسى ويتخذون التوراة جزاءا من كتابهم المقدس يسمونه العهد القديم ويسمون إلإنجيل (العهد الحديث)، وليس كما جاء في مقالات بعض الأخوة الذين إعتبروا أن تسمية العهد القديم والحديث دليلا على الخلط والتحريف.
    (4) جوائز نوبل لليهود نذكر منهم على سبيل المثال لاالحصر WALTER KOHN جائزة نوبل في الكيمياء 1998، وإشترك الثلاثة AARON CIECHANOVER , AVRAM HERSHKO , IRWIN ROSE في جائزة نوبل في مجال الكيمياء للعام 2004 , ، David J. Gross .جائزة نوبل للفيزياء لسنة 2004 والقائمة تطول في غيرها من المجالات. ملاحظة: يمكن الضغط على أسماء العلماء للإطلاع على المزيد من المعلومات
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ

    http://www.libya-watanona.com/adab/a...r/at31036a.htm

  2. افتراضي

    رد الأخ أبو جمال في http://www.alokab.com/forums/index.php?showtopic=10761
    السلام عليكم،

    لكننا اليوم (وأنا أتحدث هنا كمسلم أتيح له الإطلاع على الجانب العلمي الذي يؤكد صحة نظرية التطور)


    وأنا أتحدث هنا كمسلم أتيح له العمل في الجانب العلمي البيولوجي التطوري و أقول:

    سأقوم بطرح مثال تقريبي:
    تعارف علماء الرياضيات على تعريف معين للخط المستقيم و تعريف معين للنقطة و إعتبروهما من المُسَلًّمات في الرياضيات.
    أي أنها لا تخضع للبرهان بل تستعمل لبرهنة أمور أخرى،
    مثل برهنة المستوى حيث يُبَرهن وجود المستوى إذا وُجِدَت نقطة بجانب خط مستقيم،
    و هنا لا يُقال بأن هذا برهان على الخط المستقيم أو النقطة ، حيث أنهما من الأدلة المستعملة لبرهنة شيء آخر كالمستوى.

    الآن نتطرق إلى التطور،
    أشهرالمذاعب التطورية هي مذهب دارون القائل بأن أصل جميع الكائنات الحية شيء واحد.
    علما بأن هناك مذاهب تطورية أخرى، ولكن الداروني هو أكثرها قبولاً في أوساط العلوم البيولوجية الجزيئية التطورية (إن صحَّ التعبير هكذا)

    المذهب الداروني هو المُسَلَّمة عند علماء التطور، فهي القاعدة الأساسيةعند جميع أبحاثهم.
    و ما ذكره أبو ذر بأن الجانب العلمي يؤكد صحة نظرية التطور ، كلام غير صحيح

    المذهب الداروني عند علماء التطور ك الخط المستقيم و النقطة عند علماء الرياضيات، مهما تقم من أبحاث علمية، فهي لا تثبت صحة أو بطلان نظرية التطور الداروينية لأن تلك الأبحاث (و أنا أعمل في هذا المجال) مبنية على نظرية دارون و بالتالي فإن نتائجها تصب في نفس المصدر الذي أخذت منه و هنا لا يقال بأنها إثبات لها.

    و بصراحة، علماء التطور في الغرب لا يبحثون في مجال إثبات صحة أو بطلان نظرية دارون، بل إن أبحاثهم تستعمل تلك النظرية لمعرفة التطور التاريخي لأنواع الكائنات الحية.

    و لمعلومات الجميع، علماء التطور في الغرب يعلمون أن نظرية التطور غير مثبتة و يعلمون أنه لا يمكن إثباتها، و لكنهم يتخذونها مبدأً لأبحاثهم، لأنها الأفضل لتناسب عقيدة فصل الدين عن الحياة التي يحملها معظمهم، إن لم يكن جميعهم. مع العلم أن معظمهم من الديانة اليهودية.

    و ما أظن صاحب المقال إلا علمانيا

    و الله أعلم

  3. افتراضي

    http://www.alokab.com/forums/index.php?showtopic=7091

    خَلْقُ الإنسان في نصوص القرآن


    إنّ القرآن الكريم ـ وهو المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي ـ قد تناول قصّة خَلْق الإنسان، إبتداءاً من خلق جد البشرية آدم عليه السلام، وهو أول البشر على الإطلاق، مروراً بمن خُلِقَ بعده من البشر، وصولاً إلى محمد عليه الصلاة والسّلام وأمته الكريمة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وإلى أن تكف الشمس والقمر عن الدوران، فألقى ظلالاً من نور ينير ظلام قلوب النّاس.
    وفيما يلي من بحثنا سننعم في هذا الفصل إن شاء الله بدراسة بعض تلك النصوص الكريمة، والتّمعن فيها حتى تتضح الصورة، ويزهق الحق الباطل، فأمّا الزبد فيذهب هباءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
    إنَّ قصَّة خَلق آدم وما رافقها من وقائع وأحداث، قد وردت مفصلة في القرآن الكريم في عدة مواضع، شارحة ومفصلة، معلمة إيانا، مبينة لنا وقائعها الحقيقية، طالبة منا الإعتقاد الجاذم بها، فإلى النُّصوص القرآنيّة التي تقص علينا ذلك، قال تعالى:
    1. من سورة البقره .

    ﴿وَإذْ قالَ رَبُكَ للمَلائِكَةِ إنيّ جاعِلٌ في الأرْضِ خَليفَةً قالوا أتَجْعَلَ فيها مًنْ يُفْسِدُ وَيَسْفِكَ الدِماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَعَلَمَ آدَمَ الأسْماءَوَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إنّي أعْلَمُ ما لا تَعْلَمونَ كُلُها ثُمَّ عَرَضَهُم عَلى المَلائِكَةِ فَقالَ أنبِؤني بِأسْماء هؤلاءِ إنْ قالوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إلا ما عَلَمْتَنا إنَّكَ أنْتَكُنْتُم صادقين قالَ يا آدَمُ أنْبِئْهُم بِأسْمائِهِم فَلَمّا أنْبَأهُمالعَليمُ الحَكيم بِأسْمائِهِم قالَ ألَم أقُلْ لَكُمْ أنّي أعْلَمُ غَيْبَ السَمَواتِ والأرْضِ وَإذْ قُلْنا لِلمَلائِكَةِوَاعْلَمُ ما تُبْدونَ وما كُنْتُمْ تَكْتُمون أسْجُدوا لآدَمَ فَسَجَدوا إلآ إبْليسَ أبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الكافرين ) ﴾[6 ]

    2. من سورة الأعراف.
    ﴿وَلَقَدْ مَكَناكُمْ في الأرْضِ وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْوَجَعَلْنا لَكُمْ فيها مَعايِشَ قَليلاً ما تَشْكُرونَ ثُمَّ صَوَرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ أسْجُدوا لآدَمَ فَسَجَدوا إلآ إبليسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السّاجِدينَ﴾
    [ 7]

    جاء في الظلال: (إنّ الخَلق قد يكون معناه: الإنشاء والتّصوير، وقد يكون معناه: إعطاء الصورة والخصائص... وهما مرتبتان في النشأة لا مرحلتان... فإنّ "ثُمّ" قد لا تكون للترتيب الزمني ولكن للترقي المعنوي، والتّصوير أرقى مرتبة من مجرد الوجود فالوجود يكون للمادة الخامة، ولكن التّصويرـ بمعنى إعطاء الصورة الإنسانية والخصائص ـ يكون درجة أعلى من من درجات الوجود. فكأنّه قال: إننا نمنحكم مجرد الوجود، ولكن جعلناه وجوداً ذا خصائص راقية، وذلك كقوله تعالى: الذي أعطى كُلَّ شَيٍْ خَلْقَهُ ثم هدى)< وعلى أية حال فإنّ مجموع النصوص القرآنية في خلق آدم عليه السلام وفي نشأة الجنس البشري، ترجح أنّ إعطاء هذا الكائن خصائصه الإنسانية ووظائفه المستقلة كان مصاحباً لخلقه. وأنّ الترقي في تاريخ الإنسان كان ترقياً في بروز الخصائص ونموها وتوزيعها واكتسابها الخبرة العالية. ولكن لم يكن ترقياً في وجود الإنسان من تطور حتى انتهت إلى الإنسانيّة كما تقول الداروينية.
    ووجود أطوار مترقية من الحيوان تتبع ترتيباً زمنياً ـ بدلالة الحفريات التي تعتمد عليها نظرية النشوء والإرتقاء ـ هو مجرد نظرية ظنية وليست يقينية، لأنّ تقدير أعمار الصخور ذاته في طبقات الأرض لا يتم إلا ظناً!! أي مجرد فرضٍ كتقدير أعمار النجوم من اشعاعها. وليس ما يمنع من ظهور فروض أخرى تُعَدِلها أو تُغيرها أو تنسفها نَسْفاً. على أنّه ـ على فرض العلم اليقيني بأعمار الصخور ـ ليس هناك ما يمنع من وجود أنواع من الحيوان في أزمان متوالية بعضها أرقى من بعض... ثم انقراض بعضها.. ولكن هذا لا يحتم أن يكون بعضها متطور من بعض... لاتستطيع أن تثبت في يقين مقطوع به أنّ هذا النوع تطور تطوراً عضوياً من النوع الذي قبله من الناحية الزمنية ـ وفق شهادة الطبقة الصخرية التي يوجد فيها ـ ولكنها تثبت أنّ هناك نوعاً أرقى من النوع الذي قبله زمنياً... وعندئذٍ تكون نشأة النوع الإنساني نشأة مستقلة، في الزمن الذي علم الله أنّ ظروف الأرض تسمح بالحياة والنمو والترقي لهذا النوع، وهذا ما ترجحه النصوص القرآنية في نشأة البشرية، وتفرد الإنسان من الناحية البيولوجية والفسيولوجية والعقلية والروحية. هذا التفرد الذي اضطر الداروينيون المحدثون "وفيهم الملاحدة بالله كلية" للإعتراف به، دليل مرجح على تفرد النشأة البشرية، وعدم تداخلها مع الأنواع الأخرى في تطور عضوي.)[8 ]
    وقال إبن كثير : ( وذلك انه تعالى لمّا خلق آدم عليه السّلام بيده من طين لازب ، وصَوَّرَهُ بشراً سوياً ونفخ فيه من روحه ، أمر الملائكة بالسـّجود له تعظيماً لشأن الله تعالى وجلاله، فسمعوا كلهم وأطاعوا إلآ إبليس لم يكن من الساجدين، وهذا الذي قررناه هو إختيار "إبن جرير" أنّ المراد بذلك كله آدم عليه السلام. وقال سفيان الثوري عن الأعمش بن عمرو عن سعيد بن جبير عن إبن عباس "ولقد خلقناكم ثم صورناكم" قال: خلقوا في أصلاب الرجال وصوروا في أرحام النساء... ونقل إبن جرير عن بعض السّلَف أيضاً أنّ المراد بخلقناكم ثم صورناكم: الذُّرِيَة.)[9 ]
    وقال الأستاذ عبد الوهاب النّجار: (خلقنا أصلكم الذي نسلكم وكنتم من أبنائه ، فَخَلْقُنا لَهُ خَلْقٌ لَكُمْ.)[10 ]
    3. من سورة الحجر.
    ﴿ولقد خَلَقْنا الإنسانَ مِنْ صَلْصالِ مِنْ حَمَإِ مَسْنونٍ وَإذْ قالَ رَبُّكَوالجانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمومِ فَإذالِلْمَلائِكَةِ إني خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنون فَسَجَدَسَوَيْتُهُ وَنَفَخْتُ فيهِ مِنْ روحي فَقَعوا لَهُ ساجِدْين إلاّ إبليسَ أبى أنْ يَكونَ مَِعَالمَلائِكَةُ كُلُهُمْ أجْمَعونَ السّاجِدينَ.﴾

    الصَلصال: هو المنتن من الطين. الحمأ: هو الطين الأسود المنتن. المسنون: هو المتغير. وجاء في "لسان العرب": (الصلصال من الطين ما لم يُجعل خزفاً، وكل ما جَفَّ من طينٍ أو فخار. والمسنون هو المُصَوَرَ وهو المتغير المنتن. والحمأ هو الطين الأسود المنتن. من حمأ مسنون أي متغير منتن)[12 ]
    امّا أبوبكر الرازي فيقول: (الصلصال هو الطين الحر خُلِطَ بِالرّمل فصار يتصلصل إذا جف، فإذا طبخ بالنّار فهو الفخار، والحمأ هو الطين الأسود، والحمأ المسنون هو المتغير المنتن)[13 ]

    قال الدكتورمحمد البهي: (الصلصال هو الطين اليابس الذي له رنين وصوت، والحمأ هو الطين الأسود المتغيّر، والمسنون هو المصوّر والمصبوب، أي صورنا هيكل هذا المخلوق المعهود من طين يابس طال اختلاطه بالماء حتى تغير واسود لونه)[ 14]
    كما ورد في تفسير إبن كثير: (من سلالة من طين وهو آدم عليه السلام، خلقه الله من صلصال من حمأ مسنون، وقال قتاده: إستلّ آدم من الطين، فإنّ آدم عليه السلام خُلق من طين لازب وهو الصلصال من الحمأ المسنون، وذلك مخلوق من التراب كما قال تعالى: [ومن آياته أن خلقكم من تراب ثمّ إذا أنتم بَشَرٌ تنتشرون][ 15])[ 16]
    1. من سورة الكهف.
    ﴿وَإذ قلنا لِلْمَلائِكَةِ إسْجُدوا لآدَمَ فَسَجَدوا إلاّ إبْليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبّهِ أفَتَتْخِذونَهُ وَذرِيَتَهُ أولياءّ مِنْ دوني وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌ بِئْسَ لِلظالِمينَ بَدَلاً﴾[17 ]
    2. من سورة "ص":
    ﴿وَإذ قالَ فَإذا سَوَيْتُهُ وَنَفَختُرَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إنّي خالقٌ بَشَراً مِنْ طينٍ  فَسَجَدَ المَلائِكَةُ كُلهم أجْمَعونَ فيهِ مِنْ روحي فَقَعوا لَهُ ساجِدينَ إلاّ إبْليسَ اسْتَكبَرَ وكانَ مِنَ الكافِرينَ﴾
    3. من سورة المؤمنون.
    ﴿وَلَقَدْ خَلَقنا الإنسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طين ﴾
    [ 19]
    وفيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال :
    (إنّ الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر والأسود والأبيض وما بين ذلك، ومنهم الخرق والسهل وبين ذلك، وإنّما سمي آدم لأنه من أديم الأرض.)[ 20]

    .................................................. .................................................. .................................................. ............
    (1 ) النبهاني - تقي الدين، التفكير، صفحة 6،-- سيد سابق،العقائد الاسلامية،صفحة111----
    القرطبي-محمد بن أحمد، تفسير القرطبي، صفحة294
    (2) حتى بلغ الكفر والصفاقة والوقاحة فيه أن تبجح الصليبي"ريجان" الرئيسالسابق للولايات المتحدة ، على ما تناقلت وكالات الأعلام، بعد الحرب التي شنوها على العراق، بالإدعاء بأنهم هم الذين يتحكمون بالقدر.
    (3) البقرة 32
    (4) البقرة 31
    (5) تقي االدين النبهاني، الشخصية الاسلامية ، ج3 صفحة 117.
    (6) البقرة 30-34.
    (7) الأعراف 10-11.
    (8) سيد قطب، في ظلال القرآن، ج3، صفحة 1264-1265
    (9) تفسير بن كثير ج2 صفحة 202-203
    (10) عبد الوهاب النجار، قصص الأنبياء ، صفحة 2
    (11) الحجر 26-31
    (12) أبن منظور ، لسان العرب، ج11، صفحة 382
    (13)الرازي- أبوبكر،تفسير الصحاح، صفحة 153 و 368
    14) د. محمد البهي، تفسير سورة الحجر، صفحة 19
    (15) الروم 20
    (16)تفسير ابن كثير ، ج3، صفحة 551
    (17) الكهف 50
    (18) ص 71-72
    (19) المؤمنون 12
    (20) رواه مسلم في صحيحه
    (21) طه 50
    .................................................. .................................................. .................................................. .............

    الموضوع منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    www.sharabati.org
    .................................................. .................................................. .................................................. ...........

  4. افتراضي رد من الأخ صهيب 1

    رد من الأخ صهيب 1

    صهيب1 Apr 1 2006, 11:00 PM

    بالتدقيق في نصوص القرآن القطعية يتبين ما يلي :

    أولا- في الآيات التي تحدثت عن خلق آدم عليه السلام اقترنت كلمة خلق بالتراب، والطين، والحمأ المسنون، والصلصال، إلا أنها لم تقترن ولا مرة واحدة بأي كائن حي قبل آدم عليه السلام.

    ثانيا- نصت آيات القرآن الكريم على مراحل نمو الانسان من سلالة آدم عليه السلام ( نطفة، علقة، مضغة مخلقة وغير مخلقة ) ثم طفلا .. إلى أن يبلغ أرذل العمر. لكن لا يوجد ولا نص واحد سواء قطعي أو ظني يمكن أن يُفهم منه وجود مرحلة من ضمن مراحل نموه أو ( تطوره ) تتعلق بايجاد أو وجود كائن حي آخر .

    وعليه، فالقرآن قد تعرض لحقيقة خلق الانسان تفصيليا ، فلو كان التطور أو الارتقاء من كائن الى كائن آخر أعلى تطورا حقيقة من حقائق خلق الانسان فلماذا لم تُذكر في القرآن ؟!

    ثالثا- مع أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر في القرآن الكريم مسخ الانسان الى قرد وخنزير، وهي حالة استثنائية في الخلق أي الهبوط بالأرقى إلى الأدنى مرتبة. ، لكنه سبحانه وتعالى وكما هو مبين في أولا وثانيا لم يذكر الارتقاء بالقرد أو الخنزير أو أي كائن آخر الى انسان، فلو كانت هذه حقيقة لذكرها من ضمن ما ذكر من الحقائق المتعلقة بخلق الانسان، وهي أولى بالذكر من نقيضها أي المسخ إذ هو استثناء .


    رابعا- دلت نصوص القرآن القطعية على أن الله سبحانه وتعالى قد اكمل خلق آدم وحواء سواء من حيث الصورة أو من حيث العقل قبل أن يهبطا الى الأرض، فقد كانا على أحسن صورة قبل الهبوط الى الأرض.

    خامسا- دلت نصوص القرآن القطعية على أن الأرض حين هبط اليها آدم وحواء كانت مهيئة بجميع أسباب الحياة سواء للانسان أو لغيره مما خلق الله تعالى من الحيوان والنبات. فحين هبط آدم وحواء الى الأرض لم تكن الأرض خاضعة لظروف وأحوال غير ظروفها وأحوالها التي هي عليها اليوم . مما يقطع بعدم خضوع الانسان أو غيره من الكائنات للتطور بفعل تلك الظروف والأوضاع التي تتحدث عنها النظرية.

    هذا من حيث تناقض نظرية التطور أو الخلق والنشوء مع نصوص الاسلام القطعية، أما القول بوجود أدلة وبراهين تثبت صحتها فكذب :

    أولا- أين هي هذه البراهين التي تثبت صحتها، ولماذا وُجدت نظرية الخلق الذكي في مقابل نظرية التطور بعد مرور اكثر من مئتي سنة على ظهورها ؟!

    ثانيا- بناء على نظرية التطور أو الخلق والنشوء يتحتم أن تكون جميع الكائنات الحية انسانا، لأن أصلها واحد، ولأنها خضعت لنفس الظروف والأحوال، ولأن الانسان هو أعلى الأشكال الحية تطورا.


    ثالثا- ها هو الانسان، وهذه هي الكائنات الحية الأقل منه رقيا، وكل ما يتعلق بالتركيب الجيني للانسان معروف، ولغيره من الكائنات الحية معروف. وما يُسمى بالهندسة الوراثية قد تقدمت بشكل كبير، فلماذا لا يقومون بتطوير الكائنات الأقل مرتبة من الانسان الى انسان، وتطوير الانسان الى كائن أرقى منه ؟!

    أما كاتب المقال المدعو ( أبو ذر الليبي ) فقد ذكر عدة أمور في مقدمة مقاله تضع علامات استفهام كبيرة عليه .
    التعديل الأخير تم 04-15-2006 الساعة 12:45 PM

  5. افتراضي رد من أمير2

    نظرية التطور.. مسلسل من التزييف

    أورخان محمد علي - إسطنبول

    --------------------------------------------------------------------------------

    هناك ظاهرة غريبة، لا نتعدى الحقيقة إن قلنا بأنها خاصة بعلماء وبأنصار نظرية التطور، وهي ظاهرة قيامهم بمحاولات تزييف وغش لخداع الناس وإيهامهم بصحة نظرية التطور، وهذه الظاهرة المتكررة تعني:

    1 - أن هذه النظرية فقيرة من ناحية البراهين العلمية بحيث يضطر أنصارها من العلماء إلى سلوك طريق شائن وهو طريق التزوير والخداع لإثبات صحتها. ومن يقم بتدقيق هذه النظرية يراها مستندة إلى فرضيات بعيدة وإلى خيالات.

    2 - أن هذه المحاولات أثبتت أن هذه النظرية خرجت من كونها نظرية علمية قابلة للإثبات أو التفنيد؛ إذ أصبحت "أيدولوجية" عند الكثير من العلماء من أنصار هذه النظرية. وهي النظرية العلمية الوحيدة التي يمكن أن تكون مستندًا للإلحاد.

    وإلا فكيف نستطيع تفسير محاولات التزييف هذه التي تُعَدُّ في الوقت نفسه عيبًا أخلاقيًّا كبيرًا ؟... وفي أي ساحة علمية أخرى حدث أمثال هذه المحاولات في الغش والتزوير؟

    سنشير هنا إلى بعض هذه المحاولات:

    1- الحلقة الأولى: صور الأجنة

    2- الحلقة الثانية: إنسان بلتداون

    3- الحلقة الثالثة:إنسان جاوا

    4– الحلقة الرابعة:إنسان نبراسكا



    الحلقة الأولى: صور الأجنة

    كان من ضمن أدلة أنصار التطور في بداية القرن العشرين نظرية وضعوها وأطلقوا عليها اسم (نظرية التلخيص Recapitution Theory)، وملخصها أن التشابه الظاهري الموجود في المراحل الجنينية لبعض الحيوانات تشير إلى كون هذه الحيوانات متطورة من أصل واحد، وأن هذه المراحل الجنينية تلخص التاريخ التطوري للأحياء ومن ضمنهم الإنسان.

    وقد نبذت الأوساط العلمية هذه النظرية منذ سنوات عديدة - وإن كان هناك في العالم العربي من لا يزال يقدمها كدليل بعناد غير مفهوم أو بجهل غير مبرر - لأن الدراسات الدقيقة لهذه المراحل لا تؤدي أبداً إلى هذه النتيجة. وقد أحس أحد كبار علماء التطور بهذا الأمر وبخطورة فشل هذا الدليل فقام بإجراء رتوش وتغييرات على صور الأجنة البشرية، وأضاف إلى مجموعة الصور صورتين من عنده لكي تبدو وكأنها متوافقة مع هذه النظرية ومؤيدة لهذا الدليل.

    ولكن حبل الكذب قصير، فقد اكتشف أحد العلماء وهو الدكتور (بر اس) هذا التزوير، وكتب مقالة في إحدى الجرائد متحديًا "أرنست هيجل" وداعيًا له للاعتراف بما قام به من تزوير.

    وانتظرت الأوساط العلمية جواب العالم المتهم بالتزوير. وبعد تردد قارب الشهر كتب هيجل بتاريخ 14/12/ 1908م مقالة تحت عنوان (تزوير صور الأجنة) اعترف فيها بعملية التزوير التي قام بها، وقال بعد هذا الاعتراف المذهل:

    ( إنني أعترف رسميًّا - حسمًا للجدال في هذه المسألة - أن عددًا قليلاً من صور الأجنة نحو ستة في المائة أو ثمانية موضوع أو مزور...)... إلى أن قال: (بعد هذا الاعتراف يجب أن أحسب نفسي مقضيًّا عليّ وهالكًا، ولكن ما يعزيني هو أن أرى بجانبي في كرسي الاتهام مئات من شركائي في الجريمة، وبينهم عدد كبير من الفلاسفة المعول عليهم في التجارب العلمية وغيرهم من علماء الأحياء - البيولوجيا - فإن كثيرًا من الصور التي توضح علم بنية الأحياء وعلم التشريح وعلم الأنسجة وعلم الأجنة المنتشرة المُعَوَّل عليها مزور مثل تزويري تمامًا لا يختلف عنه في شيء)!!

    إذن ما رأيكم في حياد وموضوعية وأخلاق هؤلاء العلماء التطوريين الذي قال عنهم هيجل إنهم يعدون بالمئات ؟!!

    وبعد سقوط هذه النظرية وفشلها اخترع أنصار التطور نظرية أخرى سموها بـ(قانون التكوين الحياتي Biogenetic Law)، وتبين فيما بعد خطأ هذه النظرية أيضًا. ولا يسعنا تناولها هنا.



    الحلقة الثانية: إنسان بلتداون

    في عام 1912م جاء أحد هواة التنقيب عن الآثار - ويعمل محاميًا في مدينة سوساك بانكلترا واسمه "جارلس داوصن Charles Davson - إلى المتحف البريطاني وقدم إلى أحد العاملين فيه وهو (سمث وود وورد Smith Woodward) قطعًا من جمجمة قال إنه اكتشفها عام 1908م في إحدى الحفريات في "بلتداون" قرب مدينة "سوساك".

    كانت الجمجمة تبدو قديمة جدًّا، وكانت غريبة؛ فالقحف يبدو وكأنه يعود لجمجمة إنسان، أما الفك فيشبه فك قرد أورانجتون. أما الأسنان فكانت شبيهة بأسنان الإنسان. ومع أن مكان اتصال الفك مع القحف كان مكسورًا، أي لا يدري أحد عمَّا إذا كان هذا الفك يعود لهذه الجمجمة أم لا، إلا أن علماء التطور أصروا على كونه يعود إليها دون تقديم أي برهان يُعْتَدُّ به على هذا الأمر؛ لأن هذه الجمجمة كانت بالنسبة إليهم فرصة ذهبية لإعلان أنها تمثل الحلقة المفقودة بين الإنسان وبين القرد. وأطلقوا عليها اسم إنسان أو رجل بلتداون (Piltdown Man). وقال علماء التطور بأن اكتشاف هذه الجمجمة (التي قدروا أنها ترجع إلى ما قبل نصف مليون سنة) وضع حدًّا للنقاش الدائر بين علماء التطور حول: هل تطور دماغ الإنسان أولاً ثم جسده ؟ أم تطور جسده ثم تطور دماغه؟ وقالوا بأن هذه الجمجمة تبرهن أن دماغ الإنسان هو الذي تطور أولاً. وقام "سمث وود وورد" بقياس وتقدير حجم دماغ هذا المخلوق مقدرًا إياه ب ( 1070) سم3. وبعد فترة أعاد عالم آخر هو "سير آرثر كيث "حساب حجم الدماغ وأوصله إلى الحد الأدنى لدماغ الإنسان المعاصر الذي يبلغ ( 1400 – 1500) سم3.

    وفي اجتماع الجيولوجيين المعقود في لندن عام 1912م أشار بعض الحاضرين إلى احتمال كون هذه القطع العظمية عائدة إلى مخلوقات عدة وليس إلى مخلوق واحد.

    ولكن لم يلتفت أحد إلى اعتراضهم هذا؛ لأن الجو العام كان في صالح التطوريين الذين ما كانوا ليدعوا هذه الفرصة الذهبية لتأييد نظرية التطور تفلت من أيديهم. وخلق علماء التطور جوًّا من الإرهاب العلمي والفكري بحيث خشي العلماء القيام بأي اعتراض في هذا الموضوع، فمثلاً عندما قال عالم التشريح الألماني المشهور "فرانز ويدنريج Franz Weidenreich" ( 1873 – 1948 ) عام 1940 ( أي بعد 28 سنة من اكتشاف هذه العظام):

    (يجب حذف "إنسان بلتداون" من سجل المتحجرات؛ لأنه ليس إلا عبارة عن تركيب اصطناعي بين جمجمة إنسان وفك قرد الأورانج ووضع أسنان في هذا الفك بشكل اصطناعي).

    كتب العالم البريطاني سير آرثر كيث ( 1866 - 1955) جوابًا قاسيًا له وقال مؤنبًا إياه:

    (إن عملك هذا ليس إلا طريقة للتخلص من الحقائق التي لا توافق نظرية مقبولة لديك سلفًا. أما الطريق الذي يسلكه رجال العلم فهو تطويع النظريات للحقائق، وليس التخلص من الحقائق).

    واضطر العالم الأمريكي المعروف هنري إزبورن (1857 – 1935) الذي تشكك في البداية من هذه العظام إلى سحب رأيه عندما زار المتحف البريطاني عام 1921م، وشاهد الجمجمة فقال مبديًا حيرته: (إن الطبيعة مليئة بالمفاجآت)، ثم وصف الاكتشاف بأنه اكتشاف في غاية الأهمية للمراحل التي عاشها الإنسان في السابق.

    واستمرت هذه المهزلة التي ألبسوها لباس العلم ما يقارب أربعين عامًا، كان علماء التطور الفطاحل يكتشفون في كل يوم أمرًا جديدًا في هذه الجمجمة، فقد بدأ بعضهم يكتشف علامات قردية في قحف هذه الجمجمة، فقد قال سير آرثر كيث بأن جبهتها تشبه جبهة قرد الأورانج الموجود في بورنيو وسومطرة. كما بدأ آخرون يكتشفون علامات إنسانية في الفك، فشكل تثبيت الأسنان في الفك - كما زعموا - يشبه ما هو موجود لدى الإنسان، وبدأت الدراسات "العلمية ‍‍!!" ‍‍‍تَتْرى ‍‍‍‍حول هذه الجمجمة وحول العلامات الخفية فيها ودلالات هذه العلامات، حتى قيل بأنه كتب ما يقارب من نصف مليون مقالة وبحث في الجرائد وفي المجلات حول هذه الجمجمة وأهميتها ودلالاتها طوال هذه السنوات.

    استمرت هذه المهزلة حتى عام 1949م عندما قام "كنيث أوكلي" من قسم السلالات البشرية في المتحف البريطاني بإجراء تجربة الفلور على هذه الجمجمة لمعرفة عمرها وكانت النتيجة أنها ليست قديمة بالدرجة المخمنة سابقًا، ثم قام الشخص نفسه مع "سير ولفود لي كروس كلارك" من جامعة أكسفورد مع " ج. س. وينر" في عام 1953م بإجراء تجارب أكثر دقة، واستعملوا فيها أشعة أكس وتجربة النتروجين وهي تجربة تعطي نتائج أكثر دقة من تجربة الفلور. وتبين في نتيجة هذه التجارب أن العظام جديدة تمامًا، وتعود للعصر الحالي، وعندما وضعوا العظام في محلول حامض اختفت البقع الموجودة عليها، واتضح أن هذه البقع لم تكن نتيجة لبقائها مدة طويلة في التراب، بل أحدثت اصطناعيًّا للإيهام بأنها قديمة. وعندما فحصوا الفك والأسنان بالمجهر رأوا أن هذه الأسنان أسنان إنسانية غرست في الفك اصطناعيًّا وبردت بالمبرد للإيهام بأنها قديمة.

    في الشهر الحادي عشر من عام 1953م أعلنت نتائج التجارب بشكل رسمي وكانت كما يأتي:

    (إن إنسان بلتداون ليس إلا قضية تزوير وخداع تمت بمهارة ومن قبل أناس محترفين، فالجمجمة تعود إلى إنسان معاصر، أما عظام الفك فهي لقرد أورانجتون بعمر عشر سنوات. والأسنان هي أسنان إنسان غرست بشكل اصطناعي وركبت على الفك. وظهر كذلك أن العظام عوملت بمحلول ديكرومايت البوتاسيوم لإحداث آثار بقع للتمويه وإعطاء شكل تاريخي قديم لها).

    وانفجر هذا الخبر كدوي قنبلة ولا سيما في الأوساط العلمية. وكان السؤال المحير هو: كيف عجز هؤلاء العلماء الفطاحل عن اكتشاف هذا التزوير، وكيف استطاع شخص واحد من خداع كل هؤلاء العلماء مدة أربعين عامًا تقريبًا؟ وكيف لم يلاحظ كبار أطباء الأسنان الذين فحصوا أسنان هذه الجمجمة اكتشاف آثار البرد الواضحة والغرس الصناعي للأسنان في الفك؟

    قال كروس كلارك الذي كان ضمن لجنة الفحص متعجبًا:

    (لقد كانت علامات المحاولة المقصودة لإظهار العظام قديمة ومتآكلة ظاهرة وواضحة إلى درجة أن الإنسان ليحتار كيف أنها لم تلاحظ حتى الآن من قبل أحد!!)



    3- الحلقة الثالثة: إنسان جاوا
    إليكم أنموذجًا آخر حول نوعية أدلة علماء التطور والأسلوب غير العلمي في البحث والتحليل عندهم، ومدى نصيب الخيال في أدلتهم هذه.

    قلت في مقالة كتبتها في هذا الموضوع: (إن قصة "إنسان جاوا" أنموذج جيد على طبيعة وقيمة أدلة التطوريين، وأنموذج جيد على محاولات التزييف العديدة التي قام بها أنصار نظرية دارون في التطور لإثبات صحتها، وهي محاولات غريبة في دنيا العلم وظاهرة مقصورة على أنصار نظرية التطور؛ لذا نجد أن مجلة "العلوم" الأمريكية تقول في عددها الصادر في كانون الثاني سنة 1965م: [إن جميع علماء التطور لا يتورعون عن اللجوء إلى أي شيء لإثبات ما ليس لديهم عليه من دليل].

    ونقدم هنا نبذة مختصرة عن قصة ما قيل إنه "إنسان جاوا".

    المكتشف هو الطبيب الهولندي "يوجين ديبوا"، أصبح طبيبًا في الجيش الملكي الهولندي، وتيسر له السفر إلى جاوا. وفي قرية تقع على نهر "سولو" عثر على قطعة من فك سفلي وسن واحدة في الحفريات التي كان يجريها هناك سنة 1890م، ثم عثر سنة 1891م على قطعة من قحف جمجمة مفلطحة ومنخفضة وفيها بروز فوق العينين، وبروز في الخلف. وكان واضحًا أنها لا تعود إلى إنسان عادي، فقد كان حجم الدماغ صغيرًا.

    في السنة التالية عثر في نفس تلك المنطقة - ولكن على بعد 40م تقريبًا - على عظمة فخذ. وكان واضحًا أنها تعود لإنسان.

    ولكي يصبح " ديبوا " بطلاً ومكتشف "الحلقة المفقودة" وينال هذه الشهرة الكبيرة في دنيا العلم، فقد أعلن أن جميع ما اكتشفه من عظام يعود إلى مخلوق واحد، وهو الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان.

    ماذا كان يعني هذا ؟…

    كان هذا يعني مخلوقًا قرديًّا يمشي منتصبًا كإنسان؛ ذلك لأن عظمة الفخذ (التي تعود في الحقيقة إلى إنسان عادي) كانت تشير إلى المشي المنتصب. أي أن القرد عندما تطور - على زعمهم - إلى إنسان فإن المشي المنتصب كان أولى خطوات التطور.

    ولكن ما الدليل الذي قدمه "ديبوا " لإثبات أن العظام التي عثر عليها لا تعود إلى مخلوقات عدة بل إلى مخلوق واحد؟…

    لم يقدم دليلا واحدًا على الإطلاق...

    وقد تصدى العالم المشهور الدكتور "فيرشاو" في مؤتمر الأنثروبولوجيا (الذي عقد سنة 1895م وحضره "ديبوا") لهذا الزعم، وقال: إن الجمجمة هي لقرد، وإن عظمة الفخذ هي لإنسان. وطلب من "ديبوا" تقديم أي دليل علمي مقنع لزعمه فلم يستطع. وعندما سأله الدكتور "فيرشاو" كيف يفسر أن هذه العظام كانت متباعدة عن بعضها ؟ اخترع " ديبوا " قصة خيالية فقال:

    (إن من المحتمل أن هذا الإنسان القردي قد قتلته الحمم البركانية، ثم اكتسحته الأمطار إلى النهر، وهناك افترسته التماسيح وبعثرت عظامه في تلك المنطقة)

    أرأيتم نوعية أدلة التطوريين وقيمتها من الناحية العلمية؟

    خيال غير مدعوم إلا بقصة خيالية !!... وهكذا يكون الدليل العلمي وإلا فلا !!

    ولكن هل انتهت قصة أو خرافة "إنسان جاوا" ؟ … كلا…

    فبعد صمت دام ثلاثين سنة تكلم "ديبوا" وقذف بمفاجأة انفجرت كقنبلة في الأوساط العلمية… إذ صرح أنه – خلافًا لما ذكره في مؤتمر الأنثروبولوجيا - قد عثر على جمجمتين أخريين في نفس تلك السنة وفي نفس تلك المنطقة، وإنه كان يخفيهما طوال هذه السنوات. ثم عرض الجمجمتين لأنظار العلماء، وكانتا تعودان لإنسان عادي.

    إذن ففي تلك الفترة (التي تشير إليها الطبقة الأرضية للعظام) كان يعيش إنسان عادي، وليس مخلوق بين الإنسان والقرد، والغريب أن حجم دماغ الجمجمتين كان أكبر من الحجم المتوسط لدماغ الإنسان الحالي في أوروبا.

    وقد اعترف "ديبوا" قبل وفاته بسنوات بأن ما وجده وأطلق عليه اسم "إنسان جاوا" لم يكن إلا جمجمة قرد كبير Ape.

    وكتب عالم الأحياء الأستاذ "ف. مارش F.Marsh في كتابه (التطور أم الخلق الخاص Evolution or special creation) ما يأتي:

    "هناك مثال آخر على تزوير الأدلة هو قضية "ديبوا" الذي بعد سنوات من إعلانه الذي أحدث ضجة كبيرة، والذي قال فيه: إنه اكتشف بقايا من إنسان جاوا اعترف بأنه في الوقت نفسه وفي المكان نفسه وجد عظامًا تعود بلا شك إلى الإنسان الحالي").



    4 – الحلقة الرابعة: إنسان نيراسكا
    أعلن في عام 1922م عن اكتشاف ضرس في نبراسكا في طبقات (Snake Cook) من قبل العالمين (هـ. فيرفيلد أوزبورن) و(هارولد جي. كوك). وقال بعض العلماء بأن هذه السن تحمل علامات كونها عائدة إلى (الإنسان المنتصب Pithecanthropus erectus)؛ لأنها تحمل خواصَّ إنسانية واضحة!!. أما البروفيسور أوزبرون فقد زعم بأن المخلوق صاحب هذه السن هو الحلقة المفقودة بين الإنسان والقرد!! وأطلق عليه اسم (إنسان نبراسكا Nebraska Man). وقام علماء التطور بإطلاق اسم لاتيني فخم ورنان على المخلوق صاحب هذه السن وهو (Hesperopihecus Harldcookii). وقام العالم البريطاني الشهير البروفيسور (سير أليوت سمث) بكتابة (مقالة علمية !!) حول (إنسان نبراسكا). كما زينت مقالته هذه صورًا خيالية لإنسان نبراسكا مع زوجته!!.

    بعد ثلاث سنوات كان الرأي العام الأمريكي، بل الرأي العام في العالم أجمع يتابع باهتمام وقائع قضية أو محاكمة (سكوبس) التي عقدت في مدينة "دايتون"، وهي مدينة صغيرة في ولاية "تنسي" الأمريكية وحضر المحكمة ما يزيد عن عشرين ألف مستمع. وحضر هذه المحاكمة مراسل من جريدة "المقتطف" المصرية أيضًا وكتب عنها بإسهاب.

    كانت حكومة ولاية تنسي قد أقامت دعوى ضد مدرس اسمه سكوبس؛ لأنه عارض صحة الإصحاح الأول من سفر التكوين حول الخلق، وقدم نظرية دارون بديلاً عن فكرة الخلق.

    كان محامي المتهم هو السيد (دارو) يساعده ثلاثة من أشهر علماء التطور، وهم الأستاذ كونكلن، والدكتور أوسبرن، والدكتور دفنبرت. أما أشهر القائمين على محاكمة المتهم فكان السياسي المعروف (وليم جيننز برين). ومع أن المحكمة أدانت المتهم، إلا أن الضجة التي أثارها أنصار التطور في الصحافة وفي المحافل العلمية جلبت عطفًا كبيرًا على المتهم وغضبًا على المحكمة التي اتهمت بمعاداة العلم وخنق حرية الرأي.

    في هذه المحاكمة قدَّم هؤلاء العلماء هذه السن، (أي السن التي أطلقوا على صاحبها اسم "إنسان نبراسكا") كدليل لا ينقض على صحة نظرية التطور، وطلبوا تبرئة المتهم؛ لأنه لم يقم إلا بالتعبير عن حقيقة علمية ثابتة تشهد هذه السن عليها. وعندما اعترض السيد وليم على ضآلة هذا الدليل سخر منه هؤلاء العلماء الفطاحل! وتهكموا عليه وضحكوا منه.

    ولكن بعد سنوات تبين أن هذه السن لا تعود لأي إنسان ولا حتى لأي نوع من أنواع القرود بل تعود إلى.... خنزير!!... نعم إلى خنزير بري !!... وتبين أن كل هذه الضجة التي أثاروها حول هذه الحلقة المفقودة لم تكن سوى مهزلة كبرى ألبسها علماء التطور بخيالهم لباس العلم، زورًا وبهتانًا وأوهموا الناس وخدعوهم طوال عدة سنين

    .......................................... يتبع إن شاء الله ..................................................

  6. افتراضي رد من أمير 2

    خريطة الجينات وإحراق "دارون"!

    أورخان محمد علي - إسطنبول


    --------------------------------------------------------------------------------

    في يوم 26/6/2000م أعلن الرئيس الأمريكي "بل كلينتون" ورئيس الوزراء البريطاني "توني بلير" بأن بحوث العلماء - التي كانت قد بدأت منذ عام 1990م - نجحت في اكتشاف 90% من "خريطة الجينات البشرية" وتثبيت مواقعها.

    والخطوة الآتية المهمة هي كشف وظيفة وخصائص كل واحدة من هذه الجينات البشرية التي يبلغ عددها مائة ألف من الجينات. وفك شفرات وتحديد 3 مليارات من القواعد الكيميائية التي تكون جزيئات مادة D.N.A. وتسجيلها كبيانات تكون أساسًا لتحليل هذه المعلومات.

    والحقيقة أن هذا كشف علمي مهم جدًّا وخطوة علمية جبارة، قال بعضهم: إنه أهم من نزول الإنسان إلى القمر، وإنه يعادل اكتشاف الإنسان للعجلة في التاريخ القديم، وإن العصر الحالي سيكون عصر المكتشفات العلمية في ساحة الجينات وفي ساحة الهندسة الوراثية ذات الصلة الوثيقة بها. ولا شك أن علومًا كثيرة ستخطو خطوات واسعة إلى الأمام مثل علم الطب والهندسة الوراثية وعلم الزراعة والطب الشرعي وصناعة الأدوية والإنتاج النباتي والحيواني ... إلخ.

    وقد ظهر في بعض الجرائد والمجلات غير الرصينة وفي مجلات الإثارة في الصحافة الغربية بعض الادعاءات التي صدرت من بعض أنصار نظرية التطور من أن هذا الكشف قد برهن على صحة نظرية التطور.

    تشابه جيني مزعوم
    زعموا أن كشف "خريطة الجينات البشرية" أظهر أن هناك تشابهًا بنسبة 98% بين جينات الإنسان وجينات قرد الشمبانزي. وهذا - بزعمهم - دليل لا يدحض على أن الإنسان قد تطور من القرود.

    ولشرح هذا الموضوع والرد على هذا الزعم باختصار نقول:

    كيف يمكن وكيف يستطيع الإنسان مقارنة خريطة الجينات الإنسانية "مع خريطة جينات قرد الشمبانزي التي لم تسجل ولم تكتشف بعد؟! ألا يجب من أجل إجراء مثل هذه المقارنة اكتشاف خريطة جينات الشمبانزي وتثبيتها بعد دراسات ستستغرق أيضًا سنوات عديدة؟

    أما ادعاء وجود تشابه بنسبة 98% بين جينات الإنسان وجينات الشمبانزي فيستند في الحقيقة إلى شيء آخر، فقد لوحظ وجود تشابه في شكل التراص لجزيئات D.N.A. في أربعين جزيئة من جزيئات البروتين في الإنسان مع ما هو موجود لدى القرود. (انظر إلى المجلة العلمية Journal of Melecular Evolution العدد 26 صفحة 99 - 121).

    إن الإنسان يملك 100 ألف بروتين، والادعاء بأن الإنسان تطور من القرد من مجرد تشابه 40 بروتينًا فقط ادعاء غريب وغير علمي.

    ومن الطبيعي وجود مثل هذا الشبه بين جميع المخلوقات، وليس بين الإنسان والقرد فقط، فالأحياء جميعًا تتكون من الجزيئات نفسها. ولكن هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه المكائن كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الادعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء.

    والدليل على أن هذا التشابه المحدود والضئيل ليس دليلاً على تطور الإنسان من القرد هو أن أبحاثًا كثيرة جرت على أنواع عديدة من البروتينات مثل بروتين (ريلاكسين Relaxin) وبروتين (الأنسولين Insulin)، فظهر أن الإنسان - لو أخذنا بمنطق تشابه جزيئات هذه البروتينات - قريب من الدجاج ومن الخنزير ومن السلحفاة أكثر من قربه من الأحياء الأخرى!!.

    إذن فوجود مثل هذا الشبه لا يعني شيئًا حول القرابة بين الأحياء.

    في أحد الأبحاث ظهر أن بين الإنسان ودودة Nematod تشابهًا بنسبة 75%.

    (انظر إلى: New Scientist بتاريخ 15/5/1999م صفحة 27)

    إذن فمن الخطأ - انطلاقًا من وجود مثل هذه التشابهات - الوصول إلى نتيجة أنها تشير إلى قرابة تطورية.

    الكائن المناسب للوظيفة المناسبة
    يقول البروفيسور (ميشيل دانتون) وهو من العلماء المشهورين في علم الأحياء المجهرية (Microbiology) في كتابه (التطور: نظرية في مأزق) ما يأتي:

    (في عالم الجزيئات والأحياء المجهرية لا يوجد هناك كائن حي يُعَدُّ "جدًّا لكائن آخر، ولا يوجد هناك كائن أكثر بدائية، أو أكثر تطوراً من كائن آخر)

    (انظر إلى : "Michael Denton “ Evolution: A Theory in crisis صفحة 290 - 291)

    وهذا العالم يقصد أن كل كائن حي هو أفضل كائن بالنسبة لبيئته وبالنسبة للوظائف التي يقوم بها، وقد يملك خواصَّ وقابليات غير موجودة في كائن قد يُعِدُّه الكثيرون أكثر تطورًا منه. فالخفاش مثلاً يملك نظامًا للرادار لا يملكه الإنسان، ويملك النسر قابلية للرؤية لا يملكها الإنسان، وللكلب قابلية للشم أكثر مما هي موجودة في الإنسان.

    ولشرح هذه الحقيقة التي قد يستغربها الكثيرون نقتبس هنا ما كتبه الدكتور

    (خلوق نور باقي) في كتابه (الإنسان ومعجزة الحياة ص 17 - 31):

    "إن الخلية هي وحدة البناء لكل كائن حي؛ لذا علينا أن ننظر إلى الكائن الحي – مهما اختلف نوعه – من خلال خليته. والاكتشافات الأخيرة التي صححت لنا معلوماتنا القديمة تشير إلى تقارب كبير في خواص الأجزاء الرئيسة للخلايا، فهناك فرق ضئيل جدًّا من ناحية خواص الأقسام الرئيسة بين خلية عشب وخلية حشرة… بين خلية جناح فراشة، وخلية في دماغ حيوان، فحتى الآن كانت النظرة الإلحادية تعيد وتكرر القول عن "الخلية البسيطة والبدائية" وعن "الخلية المتطورة" وهو ما ظهر بطلانه بشكل قاطع، فبعد اكتشاف جزيئة DNA من قبل كريك وواطسون (Crick & Watson ) وإجراء التجارب العديدة والدقيقة عليها تبين أن جميع الخلايا تستند إلى هذه الجزيئة المدهشة التي نطلق عليها اسم D.N.A.،ففي نظم هذه الجزيئات وفي شفراتها الوراثية وخواصها الحيوية لا نجد فرقًا يذكر من حيث وحدات البناء بين أبسط خلية عشب وبين ما يطلقون عليه اسم "الخلية المعقدة". ويمكن اعتبار هذا الاكتشاف أعظم الاكتشافات التي حققها علم الأحياء المعاصر؛ لأنه يزيل تمامًا ومن الأساس ادعاءات نظرية التطور؛ إذ لا يحصل أي تغيير في بنية الخلية. إذًا فأي شيء تطور إلى أي شيء؟ فخلية حيوان الحلزون - الذي كنا ننظر إليه سابقًا باحتقار - أو خلية أي حيوان زاحف، لا تختلف من حيث البنية عن خلية أي حيوان من اللبائن التي يقال أنها متطورة، ففي السابق عندما كان يعتقد أن المادة الرئيسة للخلايا هي الأحماض الأمينية كنا نحسب أن الفرق بين خلية بدائية وأخرى متطورة يكمن في نوع، وفي عدد هذه الأحماض الأمينية، بينما أدى اكتشاف D.N.A. إلى نبذ جميع هذه الآراء والفرضيات، فأروع تخطيط وأروع تنظيم وأروع برمجة نراها موجودة في خلية العشب وفي خلية الدماغ سواء بسواء.

    إذن ما الفرق بين الخلايا؟… الفرق هو في البرمجة الرياضية الموجودة فيها. وما عدا ذلك فالخلايا مخلوقة بنفس الدقة وبنفس الروعة، فكما أن الإنسان مخلوق على شكل واحد، ولكن أحدهم يصبح مهندسًا والآخر يصبح فيزيائيًّا، كذلك الأمر بالنسبة للتخصص في عالم الخلايا، وكما أن المهندس لا يملك كبدًا يختلف عن كبد العامل، كذلك الخلايا الحية؛ إذ نجد فيها نفس الوحدات البنائية الأساسية. أما الجانب المختلف فيكمن في نوعية البرمجة… انظروا مثلاً إلى الخلية الموجودة في الدماغ. إننا نعتبرها خلية ذات أوصاف عالية، ولكننا نجد في الوقت نفسه أنها عاجزة عن القيام بفعاليات بسيطة مثل عملية التنفس، ولو قمنا بعزل خلية دماغية لرأينا أنها عاجزة عن العملية التي يطلق عليها اسم "التنفس اللاهوائي" أو "تنفس كريس"؛لذا تأتي خلية أخرى وتزود خلية الدماغ هذه بالأوكسجين الذي تحصل عليه من عملية التنفس السري. وهكذا تستطيع الخلية الدماغية إدامة حياتها).

    ثم يعطي مثالاً للتوضيح:

    (في إحدى التجارب أُعطيت كمية من النتروجين المشع إلى نوع من أنواع البكتريا الأحادية الخلايا والمسماة بالعصوية Bacillus ". فقامت هذه البكتريا بربط هذا النتروجين مع حامض أميني، بينما كان من التصرف الطبيعي والمتوقع هو أن تقوم بربط النتروجين مع ناقلاتها الوراثية. ولكن التجارب أثبتت أن البكتريا تستطيع تمييز جزيء النتروجين المشع من بين آلاف الأحماض الأمينية؛ لذا لا تأخذها لناقلاتها الوراثية. وهي تقوم بهذا التشخيص والتمييز على الرغم من أنها تقوم بتناول واستعمال البروتين في جسمها وبهضمها ونقلها إلى نواتها وإلى نويتها. ولا توجد لدينا حاليًا أي طريقة كيماوية لفرز وتعيين الجسم المشع؛ إذ لا يستطيع أي مختبر كيماوي في العالم القيام بالاستدلال على الأجسام المشعة بالطرق الكيماوية، بل يمكن القيام بذلك بالطرق والوسائل الفيزيائية فقط. ولا يبقى أمامنا مناص إلا الاعتراف بأن هناك قسمًا خارقًا وغير اعتيادي في خلية هذه البكتريا يستطيع أن يشخص المواد المشعة. وهنا نحب أن نسأل الداروينيين: "أهذا هو المخلوق البدائي؟ كيف تجرءون على إطلاق كلمة المخلوق البدائي على كائن يحمل جسمه منذ خمسة ملايين سنة مثل هذه المعامل المذهلة التي لم تستطع جميع علوم الإنسان ومدنيته حتى الآن الاقتراب من مستواها؟")

    في العدد رقم 2235 من المجلة العلمية الأمريكية المعروفة (New Scientist) الصادرة في 22/حزيران/2000م وهي من المجلات العلمية المعروفة بدفاعها عن نظرية التطور نجد تقييمًا للوضع الأخير لنظرية التطور ومقدار مصداقيتها الحالية في العالم، فنراها تقول بأن هذه النظرية في تراجع مستمر في العالم، حتى أنها وضعت على غلافها عنوان (حرق دارون Burning Darwin) وأدرجت داخل العدد خريطة للعالم بينت فيها البلدان التي تتراجع فيها نظرية دارون بسرعة وتتقدم فيها (فكرة الخلق Creationsm). وأعطت العديد من المعلومات والأرقام المفيدة، فذكرت أن في كوريا حاليًا ألفين من رجال العلم من أنصار فكرة الخلق في (وحدة أبحاث الخلق) هناك، وفي روسيا مائة من رجال العلم في (جمعية أبحاث الخلق) في موسكو، وفي إنجلترا هناك ألفان من رجال العلم من أعضاء (حركة علم الخلق). كما ذكرت وجود علماء عديدين في الدانمارك وكندا وأستراليا ونيوزيلندا يتبنون فكرة الخلق ويردون نظرية دارون. هذا طبعًا إضافة إلى وجود أشهر مركز في العالم لرد نظرية التطور وهو (معهد علوم الخلق) الموجود في كاليفورنيا.

    وذكرت وجود علماء مشهورين آخرين في الولايات المتحدة الأمريكية غير منتسبين إلى هذا المعهد أو غيره من المعاهد، ولكنهم يعارضون نظرية التطور ويحاربونها، ومن أشهرهم البروفيسور (ميشيل باه Michael Behe) أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة لاهاي المعروف عنه أنه العالم الذي سدد ضربات مميتة إلى نظرية التطور بكتابه (العلبة السوداء لدارون). وأشارت بنوع خاص إلى تركيا وإلى نشاط (مؤسسة البحث العلمي) في إسطنبول، وإلى جهود ونشاط الكاتب السيد (هارون يحيى) في نقض نظرية التطور بالكتب العلمية العديدة التي ألفها في هذا الخصوص. وهذه المجلة تطلق صفارة الإنذار وتقول لأنصار هذه النظرية: "إن العلماء على وشك أن يحرقوا دارون".

    www.islamonline.com
    -------------------------------------------

    إن العبارة التاليه مقتبسه من كلام الأستاذ إيدون كونكلن الذي قال :

    " إن احتمال بداية الخلق كحادث عشوائي هو نفس الاحتمال لإنتاج قاموس كامل مرتب الكلمات والمعاني نتيجة لانفجار مطبعة ، وهذا أمر يستحيل حدوثه ".

    .................................... يتبع إن شاء الله .................................................. ..

  7. افتراضي من أمير 2

    فلم وثائقي ممتاز عن حقائق انهيار نظرية التطور للكاتب هارون يحيى

    للتحميل اضغظ على ..

    The Collapse Of The Theory Of Evolution

  8. افتراضي

    تزويــــر الحقائـــــق


    إنَّ من يُنكر الخَلق من دعاة التّطور لا يقبل إلا الوقائع المادية المحسوسة والملموسة والتي يستطيع إخضاعها للفحوص المادية والمعاملة المخبرية، لـذا فهم لا يؤمنون بالمغيبات لأنها فوق مستوى إدراكهم لأنهم يتعاملون مع المحسوسات المادية فقط. ونظراً لكونهم يستندون في إثبات نظرياتهم على ما تمّ إكتشافه فعلاً – أو ما سيتم اكتشافه لاحقاً – من بقايا عظام وجماجم وهياكل بشريـة، فهم يتعاملون معهابإعطائها الأشـكال التي كوّنوها في عقولهم وأودعوها في نظرياتهم، ولقد ثبت أنّهم قاموا بالتزوير والخديعة حتى فيما أكتشف في المستحاثات، لكي يثبتوا خداعاً وبطريقة التّزوير صحة نظرياتهم وإفتراضاتهم حول التطور والنشوء والتخلق. وكمثال على عمليات التزوير والخداع والتلاعب في عقول النّاس بإسم العلم المجرد النزيه، نثبت ما ورد في أحد أعداد الدورية الأمريكيه "نيويورك تايمس" لسنة (1959) : (إنَّ إنسان بكين الذي مضى عليه 500 ألف سنة قد أُعطِيَ خلقة جديدة، ليلعب دوراً رئيسياً في فيلم وثائقي صيني، وقد أعيد تركيب هذا الإنسان الذي هو إنسان ما قبل التاريخ لهذه الغاية، وّعُرِضَ الإنسان الجديد على العالم على إعتبار أنّه أشبه الناس بالإنسان القديم)[1 ]

    نعــم، باسم العلم المجرد النزيه وحقائقه ترتكب جريمة التزوير بقصد خداع الناس... تزوير وخداع عن سابق قصد ونية في الأمور العلمية، والمقصود منه إغفال العقول عن الحقيقة باسم العلم، وإيهام الناس بصحة ودقّة وصدق نظرياتهم باسم العلم والذي هو علم مزور، وليس ما سبق هو التزوير الوحيد، بل لقد عمد علماؤهم لذلك مِراراً وتكراراًُ، وكلما افتقدوا الدليل والسّنـد. وعلى سـبيل

    المثال فإنه حين أعلن الطبيب الهولندي "دوبواDu bois" سنة (1981 و1982) اكتشافه إنسان جاوه الذي يُدعى "بيتكانتروب" فقد أعلنت "الموسوعة البريطانية" ما يلي: (إنَّ القطع العظمية كانت قطعة من جمجمة تشبه جمجمة قرد كبير "كيبون" وعظم فخذ أيسر وثلاثة أضراس، وقد إكتشفت هذه العظام بعيدة الواحدة عن الأخرى نحو عشرين خطوة، وأكتشفت قطعة من الفك الأيسر في مكان آخر من الجزيرة، ولكن في طبقة أرضية من العمر ذاته)[2 ]

    وقد مَرَّ معنا في موضع سابق[ 3]، رأي عالم الطبيعة مارش في كتابه "التطور أو الحلقة المفقودة" حيث يقول:

    (هناك مثل آخر على تزوير الأدلة في قضية دوبوا الذي بعد سنوات من إعلانه الذي أحدث ضجة، والذي قال فيه أنّه إكتشف إنسان جاوة، إعترف أنه وفي الوقت نفسه وفي المكان ذاته، وُجِدَ عظاماً تعود بلا شك ألى الإنسان الحاضر)[ 4]

    فإلى كل من يتشدّق بالعلم وإكتشافاته الباهرة، مبرهناً بذلك على صدق نظرية مفترضة، نتوجه بالسؤال التالي : هل يمكن أن نَصِفَ العثور على تلك القطع متناثرة بعيدة أحداها عن الأخرى مسافة خمس عشر متراً، مضافاً لها قطعة وجدت على بعد بضعة كيلومترات أنّ ذلك إكتشاف علمي ودليل على إثبات صحة نظرية؟ ثمَّ هل يجوز لنا الإدعاء أنّ كل تلك القطع كانت لإنسان واحد؟؟؟.

    كانت تلك هي أمثلة بسيطة من أمثلة تزويرهم للعلم وتأويلهم له، ليكشف لنا عن كنه نظرياتهم الواهية، ومن مثل ما ورد ذكره وما سيرد لاحقاً، يتبين لنا بجلاء تام أنّ العلماء الذين نادوا بتلك النظريات لم يجدوا دليلاً أو شبه دليل على صدق مقـولاتهم، اللهم إلا التجائهم إلى العلم يزوروه ليخادعوا به أنفسهم قبل أن يخدعوا

    الناس في طريقة إثبات مقولاتهم، ولكن أنى لهم ذلك . وحتى تتضح الصورة أكثر، لنأخذ مثلاً آخر من الأمثلة الكثيرة المُثبِتَةُ للتزوير المُتَقَصّد من عالم التّطور غرو كلارك حيث يقول:

    ( من الخطأ الكبير أن يعتمد المرء في هذه الأمور على معطيات غير واضحة. وقضية سن الخنزير مثال علىذلك، وقصة ذلك أنه في سنة (1922) إكتشقت في نبراسكا[5 ] سن قيل أنه سن قرد "إنسان منقرض". وقد ثبت بعد ذلك أنّه سن خنزير بري، وليس من شك بأنّ هناك قليلاً من العلماء الذين لم يرتكبوا مثل هذه الأخطاء خلال حياتهم العلمية)[6 ]

    ربما يقال أنّ كل تلك الحوادث قد جرى إعتمادها بطريق الخطأ ولم تكن هناك نيّة مبيتة للخداع والتزوير، إذ أنّ العلماء الذين إكتشفوها وإستندوا إليها قد توهموا في إكتشافهم غير الحقيقة، وللرد على ذلك نورد واقعة أخرى تدل على النيّة المبيتة في التزوير وقلب الحقائق وخِداع النّاس، والتي لا تحمل إلا ذلك ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تُصرَفَ إلى الخطأ وسوء التّقدير وتشابه الأمور وتعقدها، بل تُصرَفَ إلى سوء النّية المبيتة في التزوير وقلب الحقائق لخداع الناس وتوجيههم للإعتقاد الخاطئ، فقد كتبت "الموسوعة البريطانية" بمناسبة إكتشاف آخر: (لقد كان أعظم إكتشاف بعد ذلك هو إكتشاف "شارل داسون Charles Dawson" في "بلتداون Piltidown" في مقاطعة سويكس في إنجلترا بين سنتي (1911و1915)، إذ وُجِدَ الجزء الأكبر من النّصف اليساري من جمجمة إنسان، كما وُجِدَ قطعاً من النصف الأيمن من ذلك مهترئاً في بعض نواحيه، ولكن كان معه الضرس الأول والثاني في مكانهما وحفرة الضرس الثالث" ظاهرة... ويرى الخُبراء الإنجليز الآن: بأنّ الجمجمجمة والفك هما لشخص واحد هو إنسان بيلتداون )[7 ]

    ولكن هل الخبراء الإنجليز الذين إكتشفوا ذلك فأجروا البحوث وأعطوا النتائج، هل هم منصفون وصادقون في ذلك؟ وهل كان عملهم في ذلك حقاً كرجال علم يبحثون بكل تجرد ونزاهة عن الحقائق فقط؟ أم أنهم كسابقيهم إندفعوا وراء رغبة جامحة في إثبات نظرية مفترضة مسبقاً، فزوروا لهل الحقائق وخدعوا الناس بها مستغلين العلم الذي يدعونه وألقاب العلماء التي يحملوها؟.

    على كل تلك الأسئلة تجيب دورية "أخبار العلم Scines news" في عددها الصادر بتاريخ 25/02/1961: (إنّ من أعظم الأخطاء المكتشفة بالطرق العلمية هي قضية إنسان بلتداون التي اكتشفت في سويكس في إنجلترا... والذي يعتقد بعض العلماء أنه يرجع إلى نصف مليون سنة إلى الوراء، وبعد أخذٍ وَرَدٍ ثَبُتَ بأنّ هذا ألإنسان لم يكن إنساناً بدائياً قط، بل هو مجموعة من جمجمة إنسان أليوم وفك قرد، وقد مُوِهَ بواسطة بايكربونات البوتاسيوم وبملح الحديد، لإعطائه شكلاً متحجراً أقدم من حقيقته، ولم تصبغ قطع الجمجمة فقط ، بل بُرِدَت الأسنان لكي تظهر وكأنها قد ذابت من الإستعمال)[8 ]

    وكتبت دورية "المختار من ريدرز دايجست" في عددها الصادر في شهر تشرين الثاني سنة 1956 تقول: (إنّ جميع القطع المهمة قد مُوِهَت وزورت أيضاً، وإنَ إنسان بيلتداون كان عملية تزوير من أولها إلى آخرها، وفي خِضَم هذه الشهادات بدا أنّ جميع أبطال تمثيلية بيلتداون كانوا أبرياء ما عدى شارل داسون)[ 9]

    أي أنه قد جرى التّزوير المُتَقَصَد لخداع الناس عن قصد وسابق إصرار، ولم يكن ذلك نتيجة خطأ ما، ومصداقاً لذلك وتأكيداً لقناعتنا أنّ علماء التطور قد إفترضـوا نظريـات هشّة لا تمت للواقع بأي صلة ولا تقوم على أي دليل يثبـت


    صدقها وصحتها، وتلمسوا بعد ذلك ألأدلة الواهية التي وجدوها أو تلك التي إصطنعوها خداعاً لإثبات مقولاتهم لعرضها كحقائق علمية ثابتة وباسم العلم المجرد النزيه، في حين أنّ النّزاهة منهم براء برائة الذئب من دم إبن يعقوب، وفي ذلك تقول "مجلة العلوم الأمريكية" في عددها الصادر في شهر كانون الثاني 1965: (إنّ جميع علماء التّطور لايتورعون عن اللجوء إلى حيلة لينسجوا أدلة وهمية لإثبات ما ليس لديهم عليه من دليل)[10 ]

    لقد جاء المقال المذكور تعقيباً على نَيْزَك[11 ] يحتوي على مواد عضوية إتخذه العلماء دليلاً على التّطورحيث قال : (إنّ فحص قطعة من هذا النيزك الذي سقط في الجنوب الغربي من فرنسا منذ أكثر من قرن من الزمن، فقد دَلّ على أنّ هذا الجسم السماوي قد مُوِّهَ بمهارة فائقة بمواد عضوية أرضية، ويبدو أنّ المزورين قد وضعوا قطع النيزك في الماء كي تلين، ثم أنهم أضافوا إليه مواد غريبة مختلفة، ثم أنهم بإستعمال الصَّمغ موهوا سطحه لكي يشبه من جديد القشرة التي تحدث بالحرارة الجوية... ومما تجدر الإشارة إليه أنَّ هذا النيزك سقط بعد خمسة أسابيع من إعلان العالم باستور Louis Pastor[ 12] دفاعه العظيم عن خلق ألإنسان والذي كانت له ضجــة كبيرة في الأوسـاطُ، حين أعلن بأن الحياة لا تأتي إلا من الخالق العظيم).[13 ]



    يتضح مما سبق أن التزوير حاصل وموجه ومتقصّد ، وأنّ جميع أو معظم علماء التطور قد جندوا أنفسهم أو جندتهم قوى معينة مستترة خلفهم، يرأسهم شيطان عتل زنيم، وكلهم بلا إستثناء قد جُنِدوا لكي يبعدوا ألإنسـان عن الإعتقاد بأنّ لهذا الكون خالقاً أوجده من العدم، فعودة ألإنسـان إلى الإيمان بالله تعالى خالقاً ومدبراً لهذا الكون هو الذي يقض مضجعهم ويقلق بالهم، مما يدفعهم إلى تجنيد كل إمكاناتهم لمحاربة هذا ألإيمان بكل الوسائل وألأساليب الممكنة – بما في ذلك تزوير العلم وإستعماله سلاحاً في خداع الناس وتسميم معتقداتهم وأفكارهم – لإبعادهم عن أولى وأهم الحقائق وهي النّاحية الروحية في الأشياء من كونها مخلوقة لخالق أوجدها من العدم، مانعين بذلك إدراك الإنسـان لتلك الصلة وتصديقه الجازم بها.

    وهناك خدعة ثانية تقوم على تقديم معطيات ذات وجهين بشأن التطور وذلك لخداع الجهلاء، فمن ذلك أننا كثيراً ما نرى مستحاثات مرصوفة بشكل يدعوا السذج والجهلاء إلى الظن بأنّ بعضها ناشئ من البعض الآخر ومتولد عنه، في حين أنّ علماء التطور أنفسهم يعترفون بعكس ذلك، وأمثال تلك الخدع معروضه على سبيل المثال في المعرض الأمريكي للتاريخ الطبيعي بنيويورك، إلا أنّ كل تلك الخدع والمخاتلات لا تنطلي على أصحاب العقول النيّرة.

    وطريقة أخرى في الخداع تقوم على الإيحاء بأنّ الإنسان منحدر من قرد، بينما نظرياتهم الحديثة تنفي ذلك، على أنّ هذا النفي لم يمنع مؤلف كتاب "الأنسان الأول" من أن يعنون الفصل الثامن من كتابه هذا بعنوان: من ألإنسان القرد إلى ألإنسان.[14 ]



    يتضح من كل هذا أنّ تفسير علماء التطور للمستحاثات وإعادتهم تركيب أجسام أجداد الإنسان المزعومين ليست إلا مهازل علمية تقوم على أوهام وإفتراضات واهية، لا تستند إلى الحقيقة بأي سبب من ألأسباب، وأنّ سلسلة التطور تنطوي على ثغرات كثيرة زمنية وعلمية وجغرافية، وتدل المعطيات العلمية ألأكيدة إلى أنّ ألإنسان لم ينحدر من الحيوان مطلقاً ، بل أنّ الله تعالى قد شَرَّفَهُ بتكوينه على خلقة إنسانية متميزة عن باقي المخلوقات. وأن هدا الإختلاف في التركيب موجود منذ الأزل وسيبقى إلى ألأبد ما دام هناك إنسان وما ظلّت هناك حياة. وبسبب هذا الخلق المتميز للإنسان لا يستطيع التلاقح مع أي حيوان كان، بل سيبقى في نطاق جنسه تبعاً لأحكام مولده، هكذا كان... وهكذا سيظل دائماً.

    إنّ ألإنسان لم ينتقل قط من أي طور حيواني، ولم يثبت عكس ذلك لا علمياً ولا تاريخياً كما أنه لم يثبت عقلياً، إلا أنه قد مرّت حوادث أثبتها التاريخ نقلاً عن مصادر - ثبت صدقها عقلاً –[ 15] أنً الإنسان قد تحول في أحوال خاصة إلى حيوان، ولم يكن ذلك سنة من سنن الحياة ولا قاعدة من القواعد، إنما هي حوادث مسخ وعقاب للمتمردين العاصين[16 ]، وقانا الله تعالى من المسخ والعقاب.

    ويكفي أن ننقل تصريح العالم الفسيولوجي "تهمسيان T.N.Tammisian" الملحق باللجنة المركزية للطاقة النووية: (إنّ العلماء الذين يؤكدون على أنّ التطور واقع علمي هم منافقون، وأنّ ما يروونه من أحداث إنما هو من الشعوذات التي إبتدعت، ولا تحتوي على نقطة واحدة من الحقيقة) واصفاً نظرية التطور أنها: خليطٌ من الأحاجي وشعوذة الأرقام.[ 17]

    أما " كلوتز J.W.Klotz " رئيس العلوم في إحدى الجامعات الأمريكية فيقول : (إنّ الإعتقاد بالتطور يحتاج إلى كثير من السـذاجة.)[18 ]



    لم تحمل شجرة بلوط قط سفرجلاً أو تفاحاً أو موزاً ، ولم يلد أي حوت سمكة ... والإنسان لم ينتقل قط من أي طور حيواني .... ولا يستطيع التلاقح مع أي
    حيوان كان ... بل سيظل في نطاق جنسه تبعاً لأحكام مولده ......
    هكذا كان وهكذا سيظل أبداً ما دام هناك إنسان وما ظل هناك حياة : قانون وقواعد ونواميـس يتم بموجبها كل خلق وكل نشـــوء كان .....
    .................................................. .................................................. .................................................. ...............
    [1] خلق لا تطور، صفحه ( 112 )، نقلاً عن جريدة: نيويورك تايمس، سنة 1959
    [2] المصدر السابق، نقلاً عن: الموسوعة البريطانية.
    [3] أنظر: الباب ألأول - الفصل الخامس عشر " الإنسان البدائي "، صفحة ( 132).
    [4] المصدر السابق، نقلاً عن: Evolution of special creation.
    [5 )نبراسكا: إحدى ولايات " الولايات المتحدة الأمريكية " وتقع في الشمال الغربي من وسط البلاد.
    [6] خلق لا تطور، صفحه ( 112 ).
    [7] المصدر السابق ، صفحه ( 113 ) ، منقولاً عن : الموسوعة البريطانية .
    [8] المصدر السابق، نقلاً عن: مجلة ساينس نيوز – عدد 25/2/1961.
    [9] خلق لا تطور، الصفحات ( 113 – 114 )، نقلاً عن مجلة: المختار من ريدرز دايجست – عدد نوفمبر 1956.
    [10] المصدر السابق، صفحه ( 114 )، نقلاً عن: مجلة العلوم ألأمريكية – عدد يناير 1965.
    [11] النيزك: ( ج ) نيازك: كلمة فارسية معربة ومعناها الرّمح الصغير = تصغير رمح. – لسان العرب - النيزك: جرم سماوي يسبح في الفضاء فإذا دخل في جو الأرض احترق وظهر كأنه شهاب متساقط. – المعجم الوسيط -
    [12] باستور، Lois Pastur.، مؤسس علم الميكروبات (1822– 1859)، أستاذ الطبيعة بمدرسة الليسسيه في كلية ويجون عام (1848)، أستاذ الكيمياء بجامعة ستاسبورج عام (1849)، عميد كلية العلوم في مدينة "ليل" عام (1854). راجع تصريحه عن الخلق في الفصل الرابع من هذا الباب، صفحه (195) انظر أيضاً: الباب الأول، الفصل الثاني، صفحة (21).
    [13] المصدر السابق، نقلا عن: American Since Magazine: January 1965. :
    [14] خلق لا تطور، صفحه ( 114 ).
    [15] القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.
    [16] أنظر بحث: من هو الأصلح للبقاء؟ موسوعة الخلق والنشوء ، حاتم ناصر الشرباتي، الباب الرابع، الفصل الثامن.
    [17] المصدر السابق، صفحه ( 19 ).
    [18] المصدر السابق، صفحه ( 20 ).

    ...................................الموضوع منقول من :................................................. .
    موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    www.sharabati.org
    ......................................... يتبع إن شاء الله .................................................
    التعديل الأخير تم 04-15-2006 الساعة 01:03 PM

  9. افتراضي

    الأعضــاء البدائيــة والإنتخــاب الطبيعـي


    من المبررات التي يسوقها علماء التطور للإستشهاد بها على تطور ألإنسان: تعللهم بوجود ما يسمونه "الأعضاء القردية = الأعضاء الأثرية = الأعضاء البدائية ، Vestigial organs"، ومن ذلك ما يعتبرونه بقايا أعضاء كانت مفيدة فيما مضى من ألأطوار، وأصبحت فيما بعد مع تطور الإنسان أعضاء زائدة لا نفع لها ولا فائدة منها، مثل الغدّة الصقرية، وقد إعتمدوا كثيراً في إثبات نظرياتهم على تلك النّظرية.

    (والأعضاء البدائية أو ألأثرية Vestigial organs هي عبارة عن أعضاء قزمة لا فائدة لها عادة توجد في عدد من الحيوانات "وأحياناً النباتات" أقاربها relatives، تحتوي على هذه ألأعضاء في صورة كاملة وتؤدي وظيفة ما، وتمثل هذه ألأعضاء دليلاً مقنعاً على حدوث التطور مستنبطاً من علم التّشريح المقارن، إذ لا يمكن تفسير وجودها إلا بأنها جزء من تصميم عام كان موجوداً في ألأسلاف ولم يختف تماماً بالرغم من أنها أصبحت عديمة الفائدة، ولقد قدّم العالِم ألألماني "فيدرشايم Weiderscheim" قائمة تحتوي على حوالي مائة عضو أثري توجد في الإنسان سنذكر بعضها هنا بايجاز، وخير مثال هو: الزائدة الدوديةVermiform appendix التي لا تقوم بأي وظيفـة في ألإنسان فضلاً عن أنها تمرضهُ إذا إلتَهَبَت، وكذا يمكن إعتبار ضروس العقل Wisdom teeth في ألإنسان أعضاء أثرية لا فائدة منها لأنها لا تستعمل في تفتيت الطعام لصغر حجمها، أما في الرّئيسيات ألأخرى مثل القردة فإنّ ضروس العقل تكون قوية ومفيدة مثل بقية الأسنان. وهناك أنواع قليلة من ألخنافس Bettles لها جناحان ضامران لا يقدران على الطيران ولا فائدة لهما)[ 1]

    (ويؤمن عالم التّطور الأمريكي المعاصـر "سيمبسون Simpson" أنّ بعض الأعضاء الأثرية التي تفقد وظيفتها الأصليّة قد يحدث فيها تخصيص لأداء وظيفة أخرى . فمثلاً نجد أنّ جناح طائر ألبطريق Penguin ضامر إلى حد كبير بحيث لا يسمح للطيران ولكنه أصبح مجدافاً كفوءاً للسّباحة، وكذلك جناح النعامة Ostirish" فهو صغير للغاية ولكنه يستعمله كعضو للتوازن خصوصاً حينما يغير الطائر إتجاهه وهو يجري بسرعة)[2 ]

    وقد جاء في دورية "المختار من ريدرز دايجست" عدد شهر ديسمبر 1966 ما يلي: (منذ عشرين قرن على الأقل، والأطباء يتسائلون عن عمل عضو صغير بلون رمادي موجود في أسفل العنق وراء عظم القص ويسمى الغدة الصقرية، وقد إتفق العلماء الحديثون على أنهُ عضو زائد لا فائدة منه بعد أن فقد عمله ألأساسي، غير أنً ألأبحاث الحديثة التي قام بها علماء أمريكيون وإنجليز وأستراليون وسويديون قد كشف سِرّ هذه الغدة، وظٌنّ أنها ألغدّة الرئيسية التي تنظم عمليات الحضانة من ألأمراض المُعدية... فهل هذه الغدّة هي وحدها هي التي تتولى حمايتنا؟ كـــلا، بل لقد ثبت بنتيجة التجارب الحديثة ألتي أجراها الباحثـون بأنّ الزائـدة واللوزتين والنباتات الغذائيـة يمكن أن تلعب دوراً مشـابهاً في الحضانه).[3 ]


    وفي نفس الموضوع كتبت "الموسوعة البريطانية" تنفي فكرة عدم ضرورة ونفع بعض ألأعضاء قائلة: (إننا نعرف ألآن عدداً من ألأعضاء كانت تسمى بدائية، بينما هي تقوم بأعمال ذات شأن) .

    ونخلص من ذلك أنه لا يوجد لنا أي مبرر للإدعاء أو وصف عضو ما بأنَهُ بدائي لا فائدة منه وذلك لمجرد أنّ عقلنا الناقص والعاجز والمحتاج إلى معلومات قد قَصّرَ أو جهل عن فهم ذلك العضو ووظيفته، أو إدراك حقيقة حكمة الله الخالق في خلقه، أو حتى لأنه في نظرنا لا يعمل بالصورة التي يريد له عقلنا المحدود أن يعمل.

    والملاحظ لدى ألأطباء أنّ هناك حالات مَرَضية كثيرة تصيب الحَلق أكثر من حالات مرض الزائدة، ومع ذلك فلا أحد يصف الحلق بأنّه بدائي، في حين أنهم وصفوا ذلك الجزء من ألأمعاء بانه بدائي ولا لزوم له حين سموه "الزائدة vermiform appendex" أضف إلى ذلك أنّه يجب على أصحاب نظرية التّحول والانتقال أن يثبتوا بأنّ ظهور أعضاء جديدة في جسم ألإنسان هي أكثر نفعاً له، لأنّ ضمور ألأعضاء لا يثبت التّطور بل على العكس يوحي بأنّ الإنسان قد إنحطَ وتَراجع ولم يتطور إلى ما هو أصلح كما يزعمون.[4 ]

    إنّ البحث في ألأعضاء البدائية يقودنا إلى أهم أبحاث "أصل ألأنواع" لدى من قال بالتطور وهو بحث "الإصطفـاء الطبيعي" أو "الانتخاب الطبيعي" والذي ينبع من قاعدة "البقاء للأصلح" التي بُني بموجبها بحث "الأعضاء البدائية"، وهذا هو موضوع الفصل الرابع من كتاب داروين "أصل الأنواع"[ 5] حيث يقول داروين:



    (ولدينا من الأسباب ما يسوقنا إلى الإيمان بأنّ تغير حالات الحياة التي أدلينا بها في الفصل الأول[6 ] تزيد من قابلية الاستعداد للتّحول في الأنواع، بمثل ما تزيدها تأثير السنين التي ذكرتها في ألأسطر السابقة من تغاير الحالات المحيطة في الكائنات، إذ تساعد الانتخاب الطبيعي على إبراز آثاره، وتهئ للأنواع جٌمَّ الفُرَص للسيادة بما تحْدِثه من التّحولات المفيدة، ولو لم تظهر تلك التحولات لما كان للإنتحاب الطبيعي أثر ما...[ 7] وقد نستطيع أن نقول على سبيل المجاز: أنّ الإنتخاب الطبيعي قوة دائبة الفعل كل يوم، بل كل ساعة في إستجماع التّحولات العرضية في العالَم العضوي كافة، نافية كل كان مُضِراً، مبقية على كل ما كان منها مفيداً صالحاً، تعمل في همودها وسكونها عملها الدائم، ما سمحت الفرص في كل زمان ومكان، لتهذيب كل كائن من الكائنات بما يلائم طبيعة حالات الحياة المحيطة به، ما اتصل منها بالموجودات العضوية وما اتصل بغير العضوية، غير أننا لا نلاحظ شيئاً من التّرقي المنبعث عن التحول البطئ، حتى يظهر لنا من الزمان ما استدبر من الدهور في سبيل إبرازه، على أننا لا نعلم شيئاً سوى أنّ صور الحياة في هذا العصر تغاير صور الزمان الماضي، ذلك ناشئ عن النقص والتخلخل الواقع في مواد النظر المستجمعة من البحث في أطوار تكون الطبقات الجيولوجية التي عفت آثارها ودرست رسومها منذ أزمان موغلة في القدم).[ 8]

    وكأمثلة على الصراع لبقاء ألأصلح الموجب للإصطفاء الطبيعي يقول: (فإنّ ذكور القاطور[9 ] "التمساح الأمريكي" بعضها يقاتل بعضاً قتالاً عنيفاً، وتخور إذا إشتّد القتال خوراً شديداً أشبه بخوار الثيران القوية، ويدور بعضها حول بعض كمـا يفعـل مستوحشوا الهنود الحمر في رقصة الحرب عندهم . وشوهد أنّ ذكور

    الصمون[ 10] "السلمون" تقاتل يوماً بأكمله حتى يستقر لكل من الذكور نصيبه من الإناث، وكذلك ذكور ضرب من الجعلان يقال له الجعل الوعلي[ ] قد تصيبها جراح خطرة نتيجة تلك المنافسة إذ يقضم بعضها بعضاً بأفكاكها السفلى، ولاحظ "مستر فابر" أنّ ذكور بعض أنواع الحشرات غشـائيـة الأجنحة[ 11] تتقاتل قتالاً مراً، حيث تنتظرها عن كثب أنثى من إناثها تصبح غنيمة المنتصر منها).[ 12]

    وتحت عنوان "أمثال لفعل الانتخاب الطبيعي أو بقاء ألأصلح "يستطرد الكتاب في سرد الأمثلة وتحليلاتها حيث يقول:
    (... وليكن الذئب مثالنا الأول: فإنّ هذا الحيوان يعيش على ضروب مختلفة من الحيوان يتغلب عليها طوراً بدهائه ومكائده، وطوراً آخر بقوته الجسمانية وسٌرعَة عَدوِه، ولنفرض أنّ أسرع الحيوانات عَدوأ، كالغزال مثلاً، قد زاد عدده في البقاع التي يقطنها الذئب زيادة كبيرة، وفاق ما يكون قد طرأ على ظروف الإقليم المحيطة به من المؤثرات التي تعين على زيادة عدده، وأنّ غيره من الفرائس قد تناقص. ولنفرض أيضاً أنّ هذه الزيادة قد طرأت على الغزال خلا ل فصل من الفصول تشتد وطأة الجوع على الذئاب فيه، ففي مثل هذه الظروف، تكون أشد الذئاب عدواً، وأخفها أجساماً، وأمتنها بنية، هي أكبر المجموع حظاً من البقاء، وبهذا تحفظ نوعها وتنتخبها الطبيعة للبقاء فيها، إذ تكون قد إستعادت في تلك الضائقة المعيشية قوتها التي تتغلب على فرائسها، سواء في هذا الفصل أو في غيره من الفصول، عندما نضطر إلى إقتناص فرائس أخر غير الغزلان)[13 ]

    وفي بحث "الإنقراض نتيجة للإنتخاب الطبيعي" يتعرض داروين إلى (...وقد عرفنا مما فصلناه أن ّتأثير الانتخاب الطبيعي مقصور على الاحتفاظ بضروب التحولات التي تكون بحالٍ ما ذات فائدة للصور الحية، إحتفاظاً يجعلها فيما بعد من الصفات الخاصة بتلك الصور الراسخة في طبائعها، والكائنات العضوية إذ كانت بطبيعتها تزداد زيادة مستمرة بنسبة هندسية كبيرة، فإنّ كل بقعة من البقاع تصبح مشحونة بما يأهل بها، يستتبع ذلك أنّ الصور المهذبة المنتقاة تزداد في العدد، حيث ينقص عدد الصور المنحطة المستضعفة.......)[14 ]

    إلى أن يقول: (إستبان لنا من قبل أنّ أكثر ألأنواع أفرداً أكبرها حظاً في إنتاج تحولات مفيدة في زمن معين، ودليلنا على ذلك حقائق أوردناها في الفصل الثاني من هذا الكتاب،[ 15] أثبتنا فيها أنّ الأنواع العامة السائدة أوفر الأنواع إنتاجاَ للضروب، وعى ذلك تكون ألأنواع النادرة أقل قبولاً للتهذيب وإستحداثاً لضروب الإرتقاء خلال زمن ما، فيضرب عليها الاستضعاف في معمعة التناحر على الحياة مستهدفة لغارة شعواء تشنها عليها أعقاب الأنواع المحسنة .

    تسوقنا هذه ألإعتبارات إلى ألتسليم بأنه كلما جد الانتخاب الطبيعي في استحداث أنواع جديدة خلال تعاقب الأجيال، مضت أنواع غيرها ممعنة في سبيل الندرة درجة بعد درجة، حتى يأتي عليها الإنقراض والصور التي تكون أشد إحتكاكاً في المنافسة بتلك الأنواع المهذبة الراقية، أكثر الصور معاناة لتلك المؤثرات، ولقد رأينا في الفصل الذي عقدناه في التناحر على البقاء أنّ التنافس أشد ما يكون بين الصور المتقاربة الأنساب كضروب النوع الواحد، أو أنواع جنس بعينه، أو الأجناس ذات اللحمة الطبيعية، وذلك لتشابه أشكالها وتراكيبها وعاداتها وإشتباك مصالحها)[ 16]


    ويجدر ملاحظة أنّ الإنتخاب الطبيعي في مقولاتهم تختلف قوته من قطر لآخر، تبعاً لإختلاف ظروف البيئة بين ذلك القطرين، هذا ما يؤكده داروين حيث يقـــول:

    (والإنتخاب الطبيعي لا يؤثر في النظم العضوية إلا بحسب طبيعة المراكز التي تشغلها الأحياء في البقاع التي تأهل بها، فالبقاع إما أن تكون غير مُستعمَرَة البَتّه، إما أن يكون في نظامها العام مراكز خالية لم تحتلها عضويات ما، وبنسبة ذلك يكون تأثير الإنتخاب الطبيعي)[ 17]

    وفي نظر داروين وأتباعه فإنّ الصراع بين الكائنات على البقاء المؤدي إلى بقاء الأصلح بطريق الإنتخاب الطبيعي، والذي بدأ أول ما بدأت الحياة، وإستَمَرَ إلى يومنا هذا، سيستمر مستقبلاً مزيلاً ولاغياً لأنواع وصنوف من الكائنات فشلت في معركة الصراع على البقاء، وسيظهر ثبات أنواع ممتازة، نجحت في كسب معركة الصراع، فأثبتت أنها الأصلح الجديرة بالبقاء، ولبيان أي الأنواع سينقرض ويتلاشى، ومن سيسود يقول داروين:

    ( فإذا نظرنا إلى المستقبل أمكننا أن نتنبأ بأنّ مجاميع الكائنات العضوية الحائزة لصفات السيادة في الزمان الحاضر ، بحيث لا تستبين في مراكز نظامها الطبيعي أي تخلخل أو إنشعاب، هي أقل الجموع تأثراً بعوامل الإنقراض، وأنها سوف تمضي ضاربة في في الإزدياد والتكاثر العددي أزماناً طويلة، ولكننا لا نعرف أي الفصائل سيكون لها الحظ الموفور إستناداً على ما رأينا من تاريخ العضويات، فإنّ بعض العشائر التي حازت في الماضي أكبر الحظ في الإنتشار والذيوع قد إنقرضت. فإذا أوغلنا النظر إلى طيات المستقبل، أمكننا أن نتنبأ إستناداً على ما نراه من تكاثر العشائر الكبرى، ومضيها متدرجة في التكاثر العددي بأنّ كثيراً من العشائر الصغرى سوف تنقرض إنقراضاً تاماً غير معقبة من السلالات الراقية شيئاً

    مذكوراً، ويكون القياس في هذه الحال أنّ الأقلية العظمى من الأنواع ألتي تعيش في عصر من العصور هي التي تفوز بأعقاب سلالات راقية تبقى ثابتة في الطبيعة إلى مستقبل بعيد ... غير أني أضيف إلى ما سبق أنه إستناداً على هذا الرأي تكون الأقلية العظمى من الأنواع القديمة، هي التي أعقبت أنسالاً لا تزال باقية إلى الزمان الحاضر)[ 18]

    ...................................الموضوع منقول من :................................................. .
    موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    www.sharabati.org
    ......................................... يتبع إن شاء الله .................................................


    >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> يتبع >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

  10. افتراضي

    >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> تابع لما سبق >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    وينقض كل ذلك من الأساس، أنّ نظرة بقاء الأصلح لا تتفق مع الواقع بتاتاً، إذ أنها توجب إنقراض الصّور المنحطة من المخلوقات، وذلك غير مطابق للواقع، إذ أنها لا زالت باقية متكاثرة لم تنقرض كما نشاهد، مكذبة القائلين ببقاء الأصلح، كما يقول علماء التطور بإنقراض أنواع مثل الديناصور وهي الأقوى، فلِماذا انقرض الديناصور وبقيت الأميبا؟. على هذا السؤال وأمثاله، وبطريقة ثعلبية فاشلة يجيب داروين قائلاً:

    ( ولكن قد يٌعتَرَضُ علينا بأنه إذا كانت كل الأنواع العضوية تنزع إلى تسلق ألسُلّم في نظام الطبيعة، فكيف يقع في جميع أنحاء الأرض أنّ عدداً وفيراً من أحط الصور لا يزال باقياً حياً ، وكيف يقع في كل طائفة من طوائف الأحياء الكبرى أن تكون بعض الصور قد ضربت في الارتقاء بدرجة كبيرة عن غيرها؟ ولماذا لم تتغلب الصور الأكثر إرتقاء على غيرها من الصور الأدنى وَأفنتها في كل بقعة من البقاع؟. يلوحُ لي أنّ لامارك وكان يؤمن بوجود نزعة فطرية حتمية نحو الإرتقاء في جميع الكائنات الحية، قد لمس هذه الصعوبة وأدركها بعمق، حتى لقد سبق له أن فرض أنّ الصور الجديدة البسيطة تتجدد دائماً عن طريق التولد الذاتي[19 ] على أنّ العلم لم يُقم الحجة بعد على صحة هذا الإتجاه، مهما يكن من أمر ما يمكن أن يتمخض عنه المستقبل إزاء ذلك، بمقتضى نظريتي لا يترتب صعوبة على استمرار


    وبقاء الصور المنحطة من العضويات، ذلك بالإنتخاب الطبيعي، وبالحري بقاء الأصلح، لا ينطوي ضرورة على تحول إرتقائي، بل أنه يقتصر على الإنتفاع بالتحولات إذا جدت وكانت ذات فائدة لكل كائن حي في ظل علاقاته الكثيرة المعقدة في الحياة.)[ 20]

    ويرجع بعد ذلك إلى التعليل والتأويل والاحتمالات مستعملاً الكلمات التشكيكية : قَد ، يُحْتَمَل ، حيث يستطرد :

    (... وأخيراً فإني أعتقد أنّ وجود كثير من الصور المنحطة التّركيب العضوي في أنحاء العالَم يرجع إلى أسباب متفرقة، فالتّحولات والتباينات الفردية ذات الفائدة، قَد لا تكون قد حدثت حتى تتهيأ الفرصة للإنتخاب ليعمل ويستجمع، ومن المُحْتَمَل أنه في حالة من تلك الحالات كفى فيها الزّمن لإبراز أقصى ما يمكن من الارتقاء والتطور، وفي حالات أخرى نادرة، رُبَما يكون قد وقع ما نسميه "نكوص"[ 21] النظام العضوي)[ 22] إلى أن يقوم بالإستخلاص موضحاً :

    ( والانتخاب الطبيعي، على أساس إتصاله بتوارث الخصيات في العصور المقابلة، يَسامتُ نفس الدور الذي ظهرت فيه الخصيات أولاً في آباء الأنسال، يغير من صفات البيض أو البذور أو صغار النّسل ، بقدر ما يغير من صفات الأفراد البالغة. أما ألإنتخاب ألجنسي فيمد ضروب ألإنتخاب ألأخرى بمهيئات ألإحتفاظ بأقوى الذكور وأعظمها كفاية لملائمة الظروف، فتنتج أكبر عدد يستطاع إنتاجه من ألأنسال ألقوية، ويغير من صفات الذكور من طريق تناحرها مع غيرها، فتنتقل صفاتها إلى ألزوجين، ألذكر وألأنثى من أعقابهما، أو إلى أحدهما لا غير وفقاً لما يكون من تأثير ألوراثة في إنتاجها.


    فإذا أردنا أن نزن تلك الإعتبارات التي نعزو إلى الإنتخاب الطبيعي بميزان الخدمـة، لنعرف مقدار إنطباقها على الواقع وتأثيرها في تهذيب الصور الحية حتى

    تصبح ذات كفاية تامة لما يحيط بها من ظروف الحياة المختلفة الملائمة لمراكزها التي تشغلها في الطبيعة، فذلك ما يجب أن نرجع إليه في الفصول التالية، ولو أنه قد ثبت لدينا أنها السبب المباشر في حدوث الإنقراض. أما ما أحدثه الإنقراض في تاريخ العضويات، فعلم طبقات الأرض خير شاهد عليه)[23 ]

    وبإستعراض جميع ما تقدم من أقوال داروين نجد أنها هرطقات وسفسطات وفارغاً من القول، يقصد منه زج الســامع في دوامة تبريرات هي أبعد ما تكون عن الواقع، وإستدلالات في غير مواضعها، ويفسّر عالِم التّطور "بييرBeer Sir Gavin" النظرية في كتابه "شارل داروين" :

    (إنّ التطور تابع للإصطفاء الطبيعي، ويزعم القائلون بالإصطفاء أنّ الطبيعة تلجأ إلى الإنتخاب، وتحتفظ بالإنتقال النافع، وتنفي الإنتقالات الضارة، وبهذه الصورة يتحول الكائن الحي إلى نوع رفيع.)[24 ]

    وأكثر الإنتقالات تكون ضارة فكيف تستطيع الطبيعة أن تنتخب؟ ثم لو فرضنا جدلاً بأنّ كائناً من الكائنات حصل على إنتقال نافع، فلا بدّ لهذا الإنتقال أن تتلوه إنتقالات كثيرة ضارة، وفي هذه الحالة إذا تدخلت الطبيعة فإنّ كل ماتستطيع فعله هونبذ هذا الكائن المنتقل ليس إلا، علاوة على أنّ بقاء الكائن الحي لا يدل بقاؤه على أنه كان نتيجةً للتطور، بل هو نتيجة ظروف خاصة وعمرٌ محتومٌ. ومثال على ذلك إذا كان لدجاجة بضعة فراخ فأكل أحد الطيور الجارحة بعضها، فهل يعدُ الباقي أكثر تطوراً من الضحايا وأجدر بالبقاء؟ طبعاً لا، إضافة إلى أنّ الانتخاب الطبيعي لا يحول الفراخ إلى خراف ولا يحول الأرنب إلى جاموس، ثم إذا قام رجلان

    بالتشـاجر على أنثى، فقتل أحدهما الآخر، وكان القاتل الضعيف، والمقتول الأقوى الأصح، فهـل الضعيف هو الأجدر على البقاء؟... إنها تفسيرات واهية لم يقتنع بها حتى بعض مشاهير دعاة نظرية التطور، فكثيرٌ من القائلين بالتحول يعترفون بـأنّ الانقلاب والإنتخاب الطبيعي مجتمعين لا يكفيان لتفسـير آلية التطور، فقد كتب التطوري المتعصّب "جيمس جري" في كتابه "العِلم اليَوم" يقول:

    (إنّ كلّ علماء ألأحياء غير مقتنعين بهذا التفسير، ويذهب بعضهم إلى أنّ هذه الدعوى تشبه إلى حد ما القول بأنه لو إتفق أن إجتمع عدد كافٍ من القرود، وضربت على الآلة الكاتبة مدّة من الزمن، فإنها لا بد وأن تنتهي بوضع موسوعة، وبديهي أنّ هذا القول ليس قابل للتصور قط، بل لا يوجد شخص يتمتع بقواه العقلية يحمله على محمل الواقع.)[25 ]

    فعلينا إما أن نقبل الإصطفاء الطبيعي كدليل وحيد على آلية التطور، وأن نقبل بأنّ فيه قسـطاً من الخيال، وإما أن نعترف بأنّ الإصطفاء الطبيعي يقوم على أساس الانتقال العرضي الذي يأتي إتفاقاً وأن نعطي للمصادفة دوراً أكثر أهمية في هذا الميدان.... وإذا اعتبرنا التطور العضوي نوعاً من يانصيب الطبيعة فإنه يبدو من الغرابة بمكان أن تكون أوراق هذا اليانصيب الرابحة بهذا القدر من الكثرة. ومع هذا فإني أقول: أن ليس هناك ما يثبت أن رأيي خير من غيره من الآراء.)[26 ]

    وفي نفس الكتاب يقول العالِم التطوري وأستاذ علم الوراثة عند الحيوان في جامعة ايدنبرج "وادنغتون" ما يلي:

    (إنّ هذا القول يعدل الزعم بأنك إذا بدأت بكتابة أربعة عشر سطراً متلاحمة باللغة الإنجليزية ثم أنك غيّرت حرفاً مع الإحتفاظ بالقافية فإنك تنتهي بأن تجد لديك


    قصيدة من قصائد شكسبير... إنّ هذا النوع من المنطق هو انحراف عن جادة الصواب، وأعتقد أنه علينا أن نكون قادرين على صنع ما هو خير من هذا)[27 ]

    أما العالم التطوري الشهير "سمبسون George Gaylord Simpson" فيقول في كتابه "جغرافية التطور": (لقد أُهمِلَ البحث عن سبب التطور، إذ أصبح من الثابت الآن أنّ سبب التطور ليس وحيداً ولا بسيطاً)[ 28] لـــذا فقد أعلن العلامة "والاس": (إنّ الإرتقاء بالإنتخاب الطبيعي لا يصدق على الإنسان ولا بدّ من القول بخلقه رأساً)، أما "فرخو" فيقول: (إنّه قد تبين لنا من الواقع أنّ بين الإنسان والقرد فرقاً بعيداً فلا يمكننا أن نحكم بأنّ الإنسان من سلالة قرد أو غيره)[ 29] أما "أجاسير" فيقول: (إنّ النشوء لا يتم إلا وفقاً لخطّة إلهية حكيمة، وإنّ الأصطفاء الطبيعي إذا ما حَلّ مَحَلَ الخلق الإلهي فإنّ الإنسان قد جرد من روحه وغدا آلة صماء، إنّ التفسير الحرفي لنظرية داروين يفسح المجال لِتَأليه سوبرمان نيتشه وتمجيد القوى البدنية على أنها ألأساس الوحيد للسلوك بين النّاس، إنّ الفكرة التي يعتنقها الداروينيون عن تناسل نوع جديد بواسطة نوع سابق ليست إلا إفتراضاً اعتباطياً يتعارض والآراء الفسيولوجية الرصينة)[30 ]

    ولنعد إلى دراسةٍ واعيةٍ لمقولة الإنتخاب الطبيعي وأعضاء الزائدة، فالرجال ومنذ وُجِدَ ألإنسان لا تنمو لِحالهم أقصَرَ لأنهم يحلقونها، والنساء أيضاً لا تزول الشُعور من على أبدانهن لأنهنّ يبالغْنَ في إزالتها نتفاً أو بالوسائل الصناعية المختلفة كانت ما كانت، والقطط التي ليس لها ذيول في جزيرة "مان" لم تتطور هناك هكذا لأنّ أحداً قد قطع ذيل قطّة، كلا بل أنّ جينة ما "Gene" خاصة بالذيل قد فقدتها تلك القطط، ولكن على الرغم من تلك الكارثة فإنّ القطط اللاحقة قد نشأت

    صحيحة دون تلك الجينة، إنّ القائلين بنظرية التطور بالإنتخاب الطبيعي لم يعلموا شيئاً، لا بل أنهم قد تجاهلوا وحدات الوراثة "الجينات"، وقد وقفوا في مكانهم حيث ما يعتبروه أسـاس التطور، ألا وهو الخليـة ذات الكيان الذي يحتوي على الجينات ويحملها. يقول "ج. سـوليفان G.W.N.Sulivan" في كتابه "حدود العلم Limitation of Science":

    (إنّ الإتهامات التي تنطوي عليها أقوال "وايت هيد White head" لها ما يبررها بالتأكيد، إننا نحس المرّة تلو المرّة بأنّ المفاهيم الأساسية التي يستخدمها عُلماء الأحياء ليست كافية لمعالجة أهم المشاكل التي تواجههم، إنّ نظرية الإنتقاء أو الإصطفاء الطبيعي"Natural selection" على سبيل المثال، لتبدو مليئة بالفجوات عندما تدرس بالتفصيل، إنّ المرء ليتقبل بسهولة وبشكل عادي التفسيرات الفيزيائية المحضة على سبيل المثال، ولكن لا بد له من بذل مجهود عظيم حتى يستطيع الاعتقاد ولو مؤقتاً، بأنّ جميع التطورات التي حدثت للكائنات الحية على ظهر هذا الكوكب جاءت نتيجة لتغيرات عشوائية "random variations"، وللصراع من أجل البقاء، إنّ نظرية الإصطفاء الطبيعي لا تفسر ولو من جانب بعيد أكثر الحقائق وضوحاً فيما يتعلق بالعمليّة كلها، ونعني بذلك اتجاه الكائنات الحيّة نحو الإرتقاء، فإنّ نوعاً من الحياة البدائيّة يبدو لنا كافياً ليفي بالغرض، ويبدو لنا في هذه الحال أيضاً أنّه لن يكون هناك ما يستدعي حتماً ظهور هذا النوع من الحياة البدائية، لأنّ مثل هذه الحياة لها منافسة الصخور والجمادات في الإستمرار والبقاء)[31 ]

    ويستطرد سوليفان قائلاً: (إنّ الإنطباع الذي يراودنا بين وقت وآخر، هو أنّ علماء الحياة لا يستطيعون الإفتراض بأنّ التقدم الفعلي للأحياء يمكن أن يفسر ضمن شروطهم التي يتمسكون بها، اللهم إلا من قبيل الإيمان بالخوارق)[ ] إلى أن

    يقول: (إنّ نظرية الإنتقاء أو الإصطفاء الطبيعي على فرض التّسليم المطلق بها، لا يمكن أن تُفَسّرَ ولا أن تبرز إلا على وجه وجود علّة أو قوة ما تسوق الحياة والأحياء في سلم التطور صوب الأحسن والأرقى... وإلا غدت العملية من أساسها لغزاً مبهماً، الأمر الذي دفع بعض العلماء إلى البحث عن بعض المفاتيح مثل: القوة الحيوية "Vital force" أو "قوة التحقق" أو "الروح emtelechy" وما إلى ذلك... ولو قالوا الله لحُلّت الأحاجي والألغاز، ولوجدوا أنفسهم يتحركون في الطريق الصحيح لفهم معادلة الحياة المعجزة!!!)[32 ]

    أما "ج. ب. س. هولدن J.B.S.Holane" أحد ألمع علماء الحياة المحدثين فيقول في إحدى مقالاته: (إنني لأتصّور وجود قوّة تلازم خط تطور الحياة ملازمة العقل للدماغ، لقد حاول "رويس Royce" في عام "1901" إعطاء صورة محددة لهذه القوّة، وذلك كعقل ذي أبعاد زمانية هائلة، وذكر أنّ الإحساس القوي الذي يلازم عملية التجدد موجود في ذلك العقل وجوده في عقولنا، وإذا كانت هذه الأقوال تنطوي على عنصر من عناصر الحقيقة، فإنني أشك في أن تكون تلك القوة ذات طبيعة مشابهة لطبيعة العقل، إنّ شكي في إمكانية وجود نوع من الكائن المجهول!! يلازم عملية التطور يعود إلى الإعتراف بجمال مثل هذا الكائن وبغرابته التي لا تنقضي، تلك الغرابة التي تشكل الميزة التي ظللت أستشعرها خلال عشرين عاماً قضيتها في العمل العلمي الدائب)[ 33]

    >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> الهامش >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>


    [1 ] دورية "عالم الفكر"، المجلد الثالث، العدد الرابع، صفحه (19). في مقال للدكتور علم الدين كمال بعنوان (تطور الكائنات الحية).
    [ 2] المصدر السابق، صفحه (20).
    [ 3] خلق لا تطور، صفحه (116)، نقلا عن: المختار من ريدرز دايجست، طباعة مصر، عدد شهر ديسمبر عام 1966.
    [4] إنّ هذا البحث منقول بتصرف من كتاب "خلق لا تطور" للدكتور إحسان حقي، الصفحات (110–116).
    [5] داروين شارلس، أصل الأنواع، الفصل الرابع، الصفحات ( 213 – 218 ).
    [6] المرجع الفصل الأول " التحول بالايلاف " صفحه ( 123 – 166 ). ويسمى فيما بعد ( المرجع ).
    [7] المرجع ، صفحه ( 216 ) .
    [8] المرجع، صفحه ( 218 ).
    [9] القاطور ( التمساح الأمريكي ): Alligator، تمساح أمريكي من فصيلة Alligatoridae، ويعتبره البعض من فصيلة التمساحيات Crowdilidae، موطنه أمريكا وأنواعه كثيرة، وأشد أنواعه افتراسا يقطن في جنوب الولايات المتحدة، ويصل طوله إلى عشرين قدماً.
    [10] الصمون: كلمة مُعَرَبَة "Salmon ” من فصيلة الصمونيات Samonidae.
    [11] الجعل الوعلي " Stay Beetle ": نوع من الحشرات الغمدية الأجنحة، سمي الوعلي إشارة إلى ملامسه التي تشبه قرون الوعل.
    [12] الغشائية الأجنحة Hymenoptera : أنواع متعددة من الحشرات ، مثل : النمل ونحل العسل .
    [13] المرجع، الصفحات ( 224 – 225 ).
    [14] المرجع، صفحه ( 223 – 228 ).
    [15) المرجع، صفحه ( 253 ).
    [16] يقصد فصل " التحول بالطبيعة " الصفحات ( 167 – 189 ) من المرجع.
    [17] المرجع، صفحه ( 254 ).
    [ 18] المرجع، صفحه ( 264 ).
    [19] المرجع، صفحه ( 271 – 272 ).
    [20] التولد الذاتي: Spontaneous Generation: يعني تولد ألحي من ألحي.
    [21] المرجع، الصفحات ( 274 – 275 ).
    [22] النكوص: Retrogression
    [23] المرجع، الصفحات ( 276 – 277 )
    [24] المرجع، الصفحات ( 281 – 282 ).
    [25 ] د. إحسان حقي، " خلق لا تطور " صفحه ( 78 )
    [26] د. إحسان حقي، " خلق لا تطور " صفحه ( 79 ). نقلا عن: Hugu Miller-Progres et Declin.
    [27] د. إحسان حقي، " حلق لا تطور " صفحه ( 79 – 80 ) نقلا عن:Hugu Miller-Progres et Declin.
    [28] المصدر السابق.
    [29] المصدر السابق، نقلا عن: Le Geographie de L `Elevation.
    [30] أنور الجندي، " سقوط نظرية داروين " صفحه ( 14 ).
    [31] المصدر السابق.
    [32] مجلة: عالَم الفكر - المجلد الثاني عشر – العدد الثاني – يوليو 1981، صفحه (228)، نقلاً عن كتاب ج. سوليفان: "حدود العِلم". نشر : الدار العلمية – بيروت سنة 1972 ، الصفحات (6 – 9 ) .
    [33] المصدر السابق.



    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــالموضوع منقول من :ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ

    موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي

    1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة

    http://www.sharabati.org/

  11. افتراضي

    نقـض نظريــات التّطـور والارتقــاء الذّاتــي


    بعد كلِّ ما تقدم: لا أظنُّ أني بحاجة إلى الإستطراد في أدلّة وبراهين نقض نظرية داروين، او نظريات التطور المادي ألأخرى ـ سواء من إعتمد الأصطفاء الطبيعي أو من اعتمد الصدفة العشوائيةـ فهما قد أثبتتا فشلهما، إذ أنهما مع تبجح المنادين بهما أنهم لا يؤمنون إلا بالعلم والمختبر والوقائع العلمية، لأبعد الناس عن العلم أو الدليل العقلي. لأنهما قد ظهرتا وقامتا بعد أن وضع أصحابها الفروض المسـبقة مع البحث عن وقائع فردية، وإعطائها صفة العموم للوصول إلى الحقائق الأساسية المرجوة التي قامت عليها قوانين بقاء الإنسان.

    لقد وصلت دراسات العلوم إلى كل مجال واتجاه وتغلغلت في كل أتجاه، ولكنها وقفت عاجزة أمام الإنسان لم تفهمه، فقد عجز الإنسان الناقص العاجز أن يفهم نفسه، وحاول أن يفهم أسرار الحياة، كما حاول فهم العلوم وأسرار الكون، ثم عاد ليفتح باباً جديداً من العلوم الظنية أسماه "علم ألإنســان"، تماماً كما فتح علوم الحيوان والنبات والكيمياء والفيزياء.....، متعاملاً مع ألإنسان المادة كما يتعامل مع غيره من المواد العادية، فأجرى دراسات حول ألأجناس البشرية والسلالات والطبائع والتركيب العضوي، وهو في كل يتلمس طريقاً عسيراً، أعلى بكثير عن مستوى إدراكه، ونهجاً شاقاً، إذ أنهم لم يواجهوا ألإنسان مواجهة صريحة نيرة ليصلوا من خلالها إلى النتيجة الحتميّة النهائيّة: وهي أنّ ألإنسان الموجود هو عاجز وناقص ومحدود، وما دام كذلك فهو محتاج ولا بدَّ إلى قوّة أعظم منه، أي أنّه محتاج إلى مُبْدِعٌ ومُصَوِر، بحاجة إلى خالق يوجده من عدم.


    نعـــم، لقد تناسوا الإنسان الموجود، نسوا أنفسهم ونسوا أن يتفكروا ويُعْملوا العقل في التفكير في أنفسهم هم، تركوه، تركوا أنفسهم، تركوا الإنسان الحاضر ليلتمسوه من خلال الأحافير المتحجرة، والمجتمعات البدائية الدّارسة والمطمورة، ولإطلاق الخيال والدّوران في الحلقات المفرغة التي تنتهي من حيث تبدأ، فلا توصل إلى هدف أو مبتغى.

    يذهب هؤلاء الناس ـ من يسمى منهم بالباحثين أو العلماء أو حملة ألقاب رفيعة أعلى شأناًـ للبحث عن الإنسان الموجود، يبحثون عنه بين الكهوف والمغاور، وبجانب شواطئ الأنهار والبحيرات وعلى صفحات الصخور... يلتمسون من خلال علماء الأحافير آثاره وأدواته، ليعطوه حقباً تاريحية يطوروا الإنسان معها لأنه مربوط بها ربطأ مُلزِماً، فهو في زعمهم يتطور تبعاً لوسائل الإنتاج إلتي يستعملها وقد صنعها بيديه!! وتفرض عليه تلك الالات الصماء التي لا تعقل ولا تعي، نوع تفكيره وأسلوب عيشه وتعيّن له ثقافته وحضارته وأيدلوجياته، ويحاولون من خلال تلك الملاحظات التي تتجمع لهم، أن يرصدوا الإنسان ليصلوا إلى فُروض ونظريات يقيمون بها مكتشفـات تصل إلى كُنـه الإنسان، وليطوروه حسب ما إفترضوا من النظريات قبل بدئهم في البحث والتّحري والإستقصاء، وليعطوه الآباء والأجداد والأعمام ممن هم أدنى مرتبة، كل ذلك والإنسان المبحوث عنه قائم حي، متحرك شامخ، جميلٌ في أجمل الصور، عاقل مفكّر، مُدرك فنّان، عالم فيلسوف، شاعر كاتب، عالم متعلم، لم يتبدل ولم يتغير منذ وُجِد إلى الآن.
    وللحقيقة أنّ أساليب ووسائل علماء المادة وعلماء الأنتربولوجيا لن تستطيع أن تصل إلى شئ، إلا ما هو مقررٌ أساساً في عقول باحثيها، وإلا إلى ما افترضوه مسبقاً قبل البدء في أبحاثهم، وهو ما ذهبوا للحصول على أدلته في تلك المغاور والكهوف، جَرْياً وراء صورة الإنسان البدائي منذ الاف السنين، ومن أجل تعزيز إفتراضاتهـم أنّ الإنسـان من سلالة القرود والسعادين التي أنجبتها الزواحف إبنة البرمائيات المتصل نسبها بثنائية الخليّة وجدها الأعظم الذي هو أدناها مرتبة كان وحيداً للخلية!!![ 1]

    وإني لأعجب! ويعجب معي كل عاقل، لقوم أغلف الله قلوبهم وأعمى بصائرهم، إذ يؤكدون تأكيد الواثق المطمئن، في شجرة الأحياء التي ابتدعوها أنّ أصل الإنسان قد تدرج في مراحل تطورية، أولها الجبلّة وحيدة الخليّة، وآخرها قبل الإنسان الصعابير، يؤكدون ذلك تأكيد الواثق المطمئن المتمكن مما يقول، وفي تسلسل عجيب منتظم ومرتب... إلا أنهم لا يستطيعون التأكد من أي نوع من الصعابير على وجه التحديد تنشأ الإنسان حتماًُ! وهل أتى من القرد أم من السعدان؟ أني لأرثي لِحال هؤلاء الذين يرسمون أنفسهم كجهابذة العِلم وأعلام البحث ورواد الاستكشاف... يعرفون أجدادهم من الزّمن الغابر الموغل في القِدَم في إحدى عشر حقبة من الزّمن، مؤكدين ذلك بإصرار، في حين أنً أمانة البحث!!! والحرص على الدّقة والحقيقة والصدق يحتمان، لا بل يفرضان عليهم ألا يؤكدوا من هو جدّهم الأخير: القرد أم السعدان!!!.

    إنّ كل نظريات التطور والنشوء تلك إنما استهدفت إحياء التراث الوثني كله، لإعادة صياغته من جديد، لأجلِ أن تَصِلَ إلى إبراز مفاهيم ومعتقدات المحافل والجمعيات والمنظمات السرية، والتي تدفعها أيادٍ خفيةٍ، استوعبت تُراثَ أشور وبابل واليونان والرومان والبراهمة، إنّ كل تلك المحاولات تستهدف تضليل الإنسان عن حقيقته ودفعه إلى الطريق الذي ينتهي به إلى الإنحلال والتحطم....[2 ] فَهُم يَرَوْنَ أنّ الطريق الأمثل للإستيلاء على الرأي العام في العالَم للتحكم في بعقول الشعـوب ومصائرهـا، تنحصـر في العمل على اقلاقه وتشويشه بطوفان الأفكار والأراء من كل جانب، بحيث ينتهي ألأمر بضياع البشر، ووقوعهم في خِضَمِ الضّلال وحبائل الشيطان.[3 ]

    لقد مضى منذ زمن، الوقت الذي كان الكافر المستعمر يعتمد فيه حَصْراً على الأساطيل والجيوش لإخضاع الشعوب واستنزاف مواردها، وإذلال وإفقار أهلها، وظهر مكانه الإسـتعمار الحديث الأكثر لؤماً وخُبثاً وتأثيراً، والذي يعمد إلى غزو البلاد وإستعبادها ثقافياً وفكرياً واقتصادياً قبل أو بدون الإحتلال العسكري. والكافر المستعمر حين استعمر العالم الإسلامي أرسل طلائعه من أمكر وأخبث وألد الأعداء من المبشرين والمستشرقين وحملة الصلبان، علاوة على الطابور الخامس المضبوع بثقافته والمفتون بحضارته من أبناء البلاد، ليمهدوا الطريق لهذا الغزو بتضليل المسلمين وإعمائهم عن دينهم، وصرفهم عن جوهره، وإبعادهم عن حُسْنِ الإعتقاد بزعزعة ايمانهم، فكان كل هؤلاء الطلائع والكتائب الأولى التي مهدت الطريق للإستعمار الكامل.

    وقد كشف الباحثون أنّ الداروينية قد اسْتُغِلَت في محيط السياسة، مما أدى إلى خلق جو مضطرب أطلت منه مذاهب العبقريّة، فقد كان قول داروين بأن العناصر الضعيفة يجب أن تموت أو تُسْتأصلَ، ليحل محلها الأقوى والأقدر على البقاء، تبعاً لقاعدة البقاء للأصلح، قد استغلته حركة الإستعمار العالمي كنظرية لتطبيقها على البلاد المحتلة.[ 4]
    .................................................. ..............الهامش .................................................. ..................................
    [1] الفقرات الخمس السابقة، منقولة بتصرف عن: كتاب أنور الجندي: مفاهيم العلوم الاجتماعية.
    [2] المصدر السابق.
    [1] عبد الله التل، جذور البلاء، صفحه (265)، بتصرف. وللاستزادة يمكن الرجوع إلى الصفحات (265– 270) من الكتاب المذكور.
    [2] أنور الجندي، سقوط نظرية داروين، صفحه ( 10 )، بتصرف.
    .................................................. ................ يتبع .................................................. ............................................

  12. افتراضي

    نقـض نظريــات التّطـور والارتقــاء الذّاتــي - 2 -


    وأقرب مثال على ذلك: حرب الإذلال والإبادة التي دارت رحاها على شعوب أفريقيا الجنوبية من قبل حفنة من علوج الغرب الكافر المستعمر وحرب القهر الإبادة والإذلال بما في ذلك هدم البيوت على رؤوس ساكنيها بأحدث الأعتدة وأفتكهـا، واستعمـال أحدث وأضخم الالات الجهنمية بمـا في ذلـك الصواريـخ والطائرات، رافق ذلك الحقد والغل اليهودي المشهور على مدى التاريخ الأشد عداوة للذين آمنوا[ 1]، لقتل وتصفية شعب فلسطين المسلم من قبل أعدائهم وأعداء الله من يهود، معللين ذلك بالقضاء على الإرهاب، منفذين ما اعتقدوه من مذهب بقاء الأصلح والصراع الشرير لتنفيذه. وآخر ما شاهدناه من مجازرهم تلك الهجمة البربرية التي قادها جيش يهود ضد المسلمين في فلسطين، تلك المجزرة التي نفذها يهود ابتداء من أوائل شهر نيسان الأسود لسنة 2002م. بمباركة وتوجيه من امبراطورية الكاوبوي الصليبية "الولايات المتحدة الأمريكية" وهيئة الأمم المتحدة وكل حملة الصليب من انجليز وغيرهم، وتخاذل مذل مخجل من أشباه الرجال من حكام المسلمين،[2 ] حيث تم ذبح وقتل الرجال وحرق والنساء والأطفال بوحشية بالغة في مخيم جنين المنكوب وفي أزقة وحواري نابلس وفي عمارات وشوارع رام الله وبيت لحم وفي كل مدن فلسطين، في حرب إبادة استهدفت الأرواح والأموال والبيوت، حيث تم تنفيذ القتل والإعدام والذبح والإبادة وجرف الأراضي و اتلاف المزروعات ونهب الأموال وانتهاك الأعراض. علاوة على التمثيل المريع بالجثث الطاهرة، وتركها في العراء ومنع دفنها لتركها تنوشها الكلاب والوحوش، والتقصد في اتلاف المساكن والأشجار والمزروعات والوثائق والمستندات والكتب خاصة نسخ القرآن الكريم وكل ما يستطيعون اتلافه لإشفاء غلهم وحقدهم.

    وسبق ذلك حرب الإبادة والقهر والإذلال التي قادها رأسي الكفر أمريكيا وبريطانيا على شعب العراق المسلم مستغلين بذلك كل محافل ودوائر العالم من هيئة أمم وشرعية دولية وغيرها من الشعارات الزائفة، ذلك البرقع الشفاف الذي يخفي الوجه البشع لهؤلاء الكفرة ورغبتهم في قهر وإبادة المسلمين، واستنزاف مواردهم ونهب خيراتهم.

    وأخيراً استغلال رأس الكفر الولايات المتحدة الأمريكية، وأتباعهم الأذلاء من رؤوس الحقد والغل، أحقد وأبشع وألئم وأنذل البشر على الإطلاق "الإنجليز" وغيرهم من دول وشعوب العالم وبخاصة حملة الصلبان منهم، استغلالهم حدث يوم الثلاثاء المشهود11/9/2001 الذي هزّ امبراطورية الشّر أمريكا وأظهر عجزها وضعغها وعورارها وذلها، وكشف عن حقيقة زيف الغطرسة والجبروت والتميز الذي يدعونه، ومع أنَّ كل الدلائل تشير إلى أن الفاعل الحقيقي أو الفاعلين هو كافر أثيم من جنسهم المنحط، إلا أنهم جرو جيوشهم وعتادهم الجهنمي، وعقدوا أحلافهم، في حرب صليبية أثمة جديده، لقتل وإبادة وإذلال وقهر المسلمين وإسلامهم في أفغانستان البلد الفقير المسلم كخطوة أولى في طريق إبادة المسلمين والقضاء على إسلامهم، حيث كَشَر كل الكفار الصليبيون عن أنيابهم، وأظهروا مكنون الحقد في نفوسهم، ليثبتوا بجلاء ووضوح عن عقيدتهم المتمثلة بالرغبة الجامحة في القتل والإذلال، لإستنزاف موارد الأمم والشعوب، ونهب خيراتهم، فقاعدة الصراع من أجل البقاء والبقاء للأصلح هي دينهم وقائدهم وموجههم، رغم تبجحهم بالرقي والحضارة والمبادئ وحقوق الإنسان والتسامح، تلك الشعارات البراقة التي أثبتت حوادث الأيام زيفها، وبالتالي فإن الديموقراطية التي ألبسوها ثوب العدل والمساواة والقانون، هي في حقيقتها شر وحقد واستعمار وبلاء ووباء فتاك وجرثومة شرٍ ابتلي بها الإنسان.


    وقد استغلت نظرية التولد الذاتي ـ التي نادى بها داروين ولامارك وأرنست هيكل ـ منطلقاً إلى الإلحاد، وجعلها البعض سنداً في إنكار العقيدة الدينية، فاتخذت منها فلسفة لإنكار وجود الخالق، وإعطاء المادة صفة القادر المسيطر على كل شئ، ومن ثمّ دعى هيكل إلى تأليه الطبيعة، وإنكار وجود الله تعالى، ونادى بوحدة الوجود.[3 ] وظهرت من خلال ذلك نظرية القوّة والتمييز العنصري، والشعوب المختارة، كما صيغت نظرية القوة عند نيتشه ومن ذهب مذهبه من علماء الجرمان، وبها انتفع دعاة الأرستقراطية، فوجدوا فيها سلاحهم، إذ أعلنوا أنفسهم بأنهم الممتازون والمختارون الذين ورثوا مزايا الأجداد سادة البشر ومالكي العروش وصانعي التاريخ.[ 4]

    لقد دخل مذهب داروين إلى العالَم الإسلامي عن طريق الترجمات، وبواسطة مجلة "المقتطف" والدكتور شبلي شميل الذي ترجم "شرح بخنر على مذهب داروين" وتابع ذلك إسماعيل مظهر وسلامه موسى "القبطي الصليبي" ومحمد يوسف حسن، وغيرهم من عملاء الفكر الغربي الكافر.

    إنّ نظرية داروين الواردة في كتابيه "أصل الأنواع" و "نشوء الإنسان"، وفي الكتب والمجلات والموسوعات التي كتبها ونشرها تطوريون آخرون، تفتقر إلى أكثر من دليل لإثباتها، وقد برهن العلم بعد داروين، كما برهن العقل، فساد تلك

    النظرية وبطلانها. ومن الاف العلماء المختصين نستعرض على سبيل المثال ما جاء في مقالة "النتيجة الحتمية" للدكتور "جون كليفلاند كوثران" المنشورة في كتاب "الله يتجلى في عصر العلم":

    (فهل يتصور عاقل أو يفكر أو يعتقد أنّ المادة المجردة من العقل والحكمة قد أوجدت نفسها بنفسها بمحض المصادفة؟ أو أنها هي التي أوجدت هذا النظام وتلك القوانين ثم فرضته على نفسها؟ لا شك أنّ الجواب سيكون سلبياً. بل إنّ المادة عندما تتحول إلى طاقة أو تتحول الطاقة إلى مادة فإنّ كل ذلك يتم طبقاً لقوانين معينة، والمادة الناتجة تخضع لنفس القوانين التي تخضع لها المادة المعروفة التي وجدت قبلها.

    وتدلنا الكيمياء على أنّ بعض المواد في سبيل الزوال أو الفناء، ولكن بعضها يسير نحو الفناء بسرعة كبيرة والآخر بسرعة ضئيلة، وعلى ذلك فإنّ المادة ليست أبدية، ومعنى ذلك أيضاً أنها ليست أزلية، إذ أنّ لها بداية، وتدل الشواهد من الكيمياء وغيرها من العلوم على أنّ بداية المادة لم تكن بطيئة أو تدريجية، بل وجدت بصورة فجائية، وتستطيع العلوم أن تحدد لنا الوقت الذي نشأت فيه هذه المواد، وعلى ذلك فإنّ هذا العالم المادي لا بد أن يكون مخلوقاً، وهو منذ أن خُلق يخضع لقوانين وسنن كونية محددة ليس لعنصر المصادفة بيتها مكان .

    فإذا كان هذا العالم المادي عاجزاً عن أن يخلق نفسه أو يحدد القوانين التي يخضع لها، فلا بد أن يكون الخلق قد تم بقدرة كائن غير مادي، وتدل الشواهد جميعاً على أنّ هذا الخالق لا بد أم يكون متصفاً بالعقل والحكمة، إلا أنّ العقل لا يستطيع أن يعمل في العالم المادي كما في ممارسة الطب والعلاج السيكولوجي دون أن يكون هناك إرادة، ولا بد لمن يتصف بالإرادة أن يكون موجوداً وجوداً ذاتياً. وعلى ذلك فإنّ النتيجة المنطقية الحتمية التي يفرضها علينا العقل ليست مقصورة على أنّ لهذا الكون خالقاً فحسب، بل لا بد أن يكون هذا الخالق حكيماً عليمً قـادراً


    على كل شئ حتى يستطيع أن يخلق هذا الكون وينظمه ويدبره، ولا بد أن يكون هذا الخالق دائم الوجود تتجلى آياته في كل مكان)[5 ]

    .................................................. ................ الهامش .................................................. .....................................
    [1] لقد أثبتت أحداث نيسان الأسود كذب ادعاءات السفهاء من قادتنا القائلة بالفرق بين فرق اليهود، ومراهنتهم الخاسرة على معسكرات السلام اليهودية، فقد تسابق قادة اليسار بكل أحزابهم وتكتلاتهم على ذبح وإذلال أهل فلسطين، والتباهي في ذلك مثلهم مثل قادة اليمين، في تحالف شامل لكل اليهود بأحلافهم مصداقا لقوله تعالى " ولتجن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا " ( المائدة 82 ).
    [2] لقد أثبتت أحداث نيسان الأسود افتقار كافة حكام المسلمين للرجولة والنخوة والشهامة، علاوة على تخليهم عن عقيدتهم ودينهم، كما أثبتت أن كرامة المسلمين لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل حاكم واحد مؤمن مخلص ألا وهو خليفة المسلمين، الذي يصون كرامتهم ويحمي أنفسهم وأموالهم ويرهب أعداءهم ويقود جيوشهم للقضاء على أعداء الأمة، وأولهم أمبراطوريات النشر بريطانيا والولايات المتحدة.
    [3] وحدة الوجود، pantheism: هي القول بأن الله والطبيعة شيء واحد، وبأنّ الكون المادي والإنسان ليسا غيرَ مظاهرَ للذات الإلهية. ووحدة الوجود تنطوي على إنكار لوجود الله. وقد قالت بها بعض الديانات والفلسفات منذ القدم. فنحن نقع عليها في المعتقدات المصرية والصينية والهندية. وفي الفلسفة اليونانية أخذ الرواقيّون بهذا الرأي مؤكدين أنّ الله والعالم شيء واحد، وقال به فلاسفة الأفلاطونية المحدثة. وكذلك فعل بعض الفلاسفة النصارى. وبين المسلمين نجد "وحدة الوجود" واضحاً عند محي الدين بن عربي وعند الحلاج ـ وكلاهما من رؤوس الصوفية ـ. أما في العصر الحديث فكان سبينوزا أكبر القائلين بوحدة الوجود والمدافعين عنها، وكذلك هيكل.- منقول بتصرف عن: منير البعلبكي، موسوعة المورد العربية، المجلد الثاني، صفحه ( 1298 ).
    [4] أنور الجندي ، سقوط نظرية داروين ، الصفحات ( 10 – 11 ) .
    [5] كتاب " الله يتجلى في عصر العلم " الصفحات ( 24 – 25 ).

    .................................................. ......... يتبع إن شاء الله .................................................. .................................

  13. افتراضي

    نقـض نظريــات التّطـور والارتقــاء الذّاتــي - 3 -



    اما إخصائي علم الحيوان والحشرات، المتخصص في دراسة أجنة الحشرات، الدكتور "إدوارد لوثر كيسل" فيقول في نفس الكتاب:

    (واليوم لا بُدَّ لمن يؤمنون بنتائج العلوم أن يؤمنوا بفكرة[1 ] الخلق أيضاً، وهي فكرة تستشرق على سنن الطبيعة، لأنّ هذه السُّنن إنما هي ثمرة الخلق، ولا بُدّ لهم أن يسلموا بفكرة الخَألق الذي وضع قوانين هذا الكون، لأنّ هذه القوانين ذاتها مخلوقة، وليس من المعقول أن يكون هنالك خلق دون خالق: هو الله.

    ولو أنّ جميع المشتغلين بالعلوم نظروا إلى ما تعطيهم العلوم من أدلة على وجود الخالق بنفس روح الأمانة والبُعْد عن التحيز الذي ينظرون به إلى نتائج بحوثهم، ولو أنهم حرروا عقولهم من سلطان التأثّر بعواطفهم وانفعالاتهم، فإنهم سوف يسلمون دون شك بوجود الله، وهذا هو الحل الوحيد الذي يفسّر الحقائق. فدراسة العلوم بعقل مٌتَفَتِح سوف تقودنا بدون شك إلى ادراك وجود السبب الأول الذي هو الله[ 2]... وأعود فأقول إنّ دراسة العلوم بعقل متفتح تجعل الإنسان يسلم بضرورة وجود الله والايمان به)[ ]

    وفي استعراض لنظريات التطور وآثارها، يقول: "الدكتور محمد عزت نصر الله" في كتابه "الرّد على صادق العظم": (نظرية التطور هي في الأصل فكرة قديمه، راودت أفكار الإغريق قبل الميلاد بحوالي خمسة قرون، وهي لا تخرج عن كونهـا محاولة فاشلـة تهدف لإرجاع الأحياء ـ بما فيها الإنسان ـ إلى أصـل

    واحد مشترك، وفي أوائل القرن التاسع عشر تناول لامارك هذه الفكرة وأدخل عليها بعض التعديلات، ولكنه فشل في إخراج هذه الفكرة في إطار علمي مقبول، فلم تُسعفه الشواهد ولا الأدلة، ثم جاء داروين بعد لامارك، في أواسط القرن التاسع عشر، وإهتم بهذه الفكرة وأدخل عليها تعديلات جديدة، وكان يقوم بهذا العمل بتشجيع خفي من حركات ومحافل سرّية مشبوهة، فلما استحسنت تلك الحركات ما توصل إليه لإغراق العالم في المادية تنفيذاً لبعض حيثيات مخططاتهم المشبوهة الرّامية للسيطرة على العالم، قادت حملة دعائية للترويج للفكرة[ 3]، حتى ظنّ الناس أنّ داروين هو واضع نظريّة النشوء والإرتقاء)[4 ]

    (ورغم الشّهرة والذيوع، بل ورغم الملاحظات والإصلاحات العديدة التي أُدخِلًت عليها من قبل أنصار داروين بعد وفاته، فقد يقيت الفكرة ـ وما تزال ـ في حاجة إلى التأييد العلمي[ 5] الخاضع للمشاهدة والعيان، لأنها تعتمد في كثير من نواحيها على الحدس والتخمين، لقصور ألأدلة العلمية القاطعة عن اثباتها أحياناً، أو لأنها لا تخضع للتجربة المعملية ولا تقع تحت الحس. وعليه فتعود النظرية أقرب إلى التلفيقات الوهمية الخيالية منها إلى الأبحاث العلمية التجريبية. ولا يفوتنا أنّ الفكرة في جميع أدوارها المذكورة لم تحظَ بالصحة المطلقة في شئ من الأوساط العلمية، وإنما كان أنصارها ينظرون إليها بإعتبارها نظرية مقبولة نسبياً... وإذا قصر باع العالم الحاضر عن مساندتها في جميع خطوطها ومعالمها، فسوف يمتد اليها في المستقبل محاولاً مدّها بالبراهين على ضوء ما يتجـدد من كشـوف، امـا


    معارضوها وناقدوها، وفيهم الكثير من أبطال العلم والتاريخ، فمن بينهم من كان يعتبرها ثرثرة وهراء بُحَت بها حنجرة غبي جاهل)[6 ]

    إنّ أساس نظرية التطور الحديثة كما رسمها لامارك قبل داروين، قد اعتمدت علىأساس تأثير الوراثة في نقل الصفات المكتسبة إلى النّسل، الا أنّ هذا الأساس قد فقد قيمته العلمية تماماً، لا بل قضى عليها من الأساس التجارب التي أجاراها "غريغور مندل" على نبات البازيلاء، فبرهنت تلك التجارب بكل تأكيد وبلا شك على عدم تأثير الوراثة في الصفات المكتسبة، ولما فقد هذا الأساس رصيده العلمي إنهارت النظرية المرتكزه عليه وسقطت من الإعتبار، لـــذا فإنّ الكثير من مشاهير العلماء من يعتبرها مجرد هرطقة ووهم وثرثرة وخيال وفارغ من القول لا تنتسب إلى العلم أوالحقيقة بسبب.

    وحتى مؤيدو النظرية ودعاتها لم يستطيعوا الدفاع عنها، أو ايجاد التبريرات العلمية أو العقلية لإثبات صحتها، ولا حتى الوقائع التاريخية الثابتة، ومن حاول منهم ذلك فقد اعتمد في محاولته على تزوير متعمد للحقائق والتلاعب بها لخداع الناس، كما مرّ في فصل سابق، وهاهو "البرفيسور أ.ي. ماندير" ينفي أن تكون للنظرية ركيزة علمية ثابتة، بل أنّ كل ما يستطيع أن يبررلها وجودها أنها أتت بطريق الإستنباط، حيث يقول:

    (إنّ الحقائق التي نتعرفها مباشرة تسمى "الحقائق المحسوسةPercieved Facts "، بيد أنّ الحقائق التي توصلنا إلى معرفتها لا تنحصر في "الحقائق المحسوسة"، فهنا حقائق أخرى كثيره لم نتعرف عليها مباشرة، ولكننا عثرنا عليها على كل حال، ووسيلتنا في هذه السبيل هي الإستنباط، فهذا النوع من الحقائق هو ما نسميه "الحقائق المستنبطة Inferred Facts" والأهم هنا أن نفهم أنه لا فرق بين الحقيقتين، وانما الفرق هو في التسمية، من حيث تعرفنا على الأولى مباشرة، وعلى

    الثانية بالواسطة، والحقيقة دائماً هي الحقيقة، سواء عرفناها بالملاحظة أو بالإستنباط)[7 ] ويضيف ماندير قائلاً:

    (إنّ حقائق الكون لا تدرك الحواس منها غير القليل، فكيف يمكن أن نعرف شيئاً عن الكثير الآخر؟.. هناك وسيلة وهي الإستباط أو التعليل، وكلاهما طريق فكري، نبتدئ به بوساطة حقائق معلومة، حتى ننتهي بنظرية: أنّ الشئ الفلاني يوجد هنا ولم نشاهده مطلقاً)[8 ]

    وربّ سائل يسأل: كيف يصح الاستنباط المنطقي على حقيقة وجود أشياء لم نشاهدها مطلقاً؟ وكيف يمكن أن نسمي مثل هذا الاستنباط حقائق علمية، وكل دعاة التطور المادي لا يعتبرون من حقائق العلم ما لم يُشاهد ويُحس ويُلمس؟ وكيف نجذم بحقيقة وجود ما لم نَرَهُ لا نحن ولا من قبلنا، إنما عللناه بظواهر معينة لا ترقى حتى إلى شـبهة الدليل؟ ويجيب ماندير على ذلك قائلاً: إنّ المنهج التعليلي صحيح لأنّ الكون نفسه عقلي.[9 ]

    فإذا كان مقصد ماندير بقوله أنّ الكون نفسه عقلي، إذا كان مقصده من ذلك أنّ إثبات مصدر وجوده يجب أن يعتمد على العقل، فهذا قول صحيح، وهو ينقض نظرية التطور وينسفها نسفاً، لأنّ إعمال العقل في الكون بموجوداته يعني نبذ أساس النظرية المعتمد على إنكار كل ما لايقع عليه الحس المباشر، وانكار كل ما لا يخضع للتجارب المخبريه، ويعني أيضاً البحث عن طريق العقل والتفكر بالموجودات والسنن، وهذا ما يؤدي إلى نقض نظريات التطور والايمان القطعي بوجود خالق لهذا الكون وهو الله تعالى، وهذا ما سنتناوله في بحثنا لاحقاً في باب "الإسلام وخلق الإنسان"[ 10] إن شاء الله.





    .................................................. ................ الهامش .................................................. .....................................


    [1] هكذا وردت في المصدر في حين أنّ الأصح أن يقال " حقيقة " وليس فكرة.
    [2] (إنما يخشى الله من عباده العلماء ) – قرآن كريم -. " سورة فاطر – آية 28.
    [3] كتاب "الله يتجلى في عصر العلم" ، صفحه (27 – 30).
    للاستزادة ، يمكن الرجوع إلى كتاب عبد الله التل: جذور البلاء ، الصفحات (265 – 270).
    [4] للاستزادة يمكن الرجوع إلى : التل، عبد الله – جذور البلاء، الصفحات (265-270)
    [5] د. محمد عزت نصر الله، الرّد على صادق العظم، صفحه ( 49 ) ء
    [6] قال كثير من العلماء أن فكرة التطور العضوي أنهم لا يؤمنون بتلك النظرية، إلا لأنه لا يوجد بديل لها سوى الأيمان بالله مباشرة !! فقد كتب " سير آرثر كيت " في كتاب دوري اسمه " Islamic thought " العدد 12/61 ما يلي: (ان نظرية النشوء والارتقاء غير ثابتة علمياً، ولا سبيل إلى إثباتها بالبرهان، ونحن لا نؤمن بها إلا لأنّ الخيار الوحيد بعد ذلك هو الإيمان بالخلق المباشر، وهذا ما لا يمكن حتى التفسير فيه !!!
    [7] المصدر السابق، صفحه ( 50 ).
    [8] وحيد الدين خان، الإسلام يتحدى، صفحه (47). نقلاً عن:A.E.Mander, Clearer Thinking, London, p. 46.
    [9] المصدر السابق.
    [10] المصدر السابق.


    .................................................. .............. هذا البحث منقول من :................................................. ......................
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    مكتبة الايمان - المنصورة - مصر
    www.sharabati.org
    .................................................. ......... يتبع إن شاء الله .................................................. .................................

  14. افتراضي

    نقـض نظريــات التّطـور والارتقــاء الذّاتــي - 4 -




    أما نظرية "هكسلي" وقروده التي ستكتب صدفة أشعار شكسبير ـ وشر البلية]ما يُضحك ـ فإنّ مثل تلك الإدعاءات لا تدل إلا على رعونة من ادعاها، إذ هي على قدر كبير من البلاهة والتغابي، بحيث لا تحتاج إلى الرد أو النقض، وكثير من دعاة التطور وعلمائه قد أعربوا عن اشمئزازهم واستنكارهم لمثل تلك الهرطقات، وفي تعليق على قول هكسلي هذا، وعلى نظرية التطور العضوي يَرد "البروفيسور رايدوين كونكلين":

    (إنّ القول بأنّ الحياة وجدت نتيجة "حادث إتفاقي" شبيه في مغزاه بأن تتوقع إعداد معجم ضخم، نتيجة انفجار صدفي في مطبعة)[1 ]

    إنّ طبيعة من يدعي العلم والمعرفة والحكمة أن يكون متزناً، وذلك ما لا ينطبق على "مستر هيكل" وغيره من ادعياء العلم والمعرفة من دعاة التطور، وابلغ دليل على ذلك ادعاؤه القدرة على الخلق، فلو سلمنا جدلاً ـ مع اقتناعنا التام استحالة ذلك استحالة مطلقة ـ بقدرته على خلق الإنسان المادة، فماذا عن سر الحياة "الروح"؟ وماذا عن العقل المميز؟. ويرد على ادعاء هيكل القدرة على الخلق، الرئيس السابق لأكاديمية العلوم بنيويورك "أ. كريسي موريسون A. Cressy Morrrison" قائلاً:
    (إنّ هيكل يتجاهل في دعواه الجينات الوراثية Genes"، ومسألة الحياة نفسها، فإنّ أول شئ سيحتاج إليه عند خلق الإنسان، هو الذرات التي لا سبيل إلى مشاهدتها، ثم سيخلق الجينات أي حملة الإستعدادات الوراثية،

    بعد ذلك ترتيب هذه الذرات حتى يعطيها ثوب الحياة... ولكن امكان الخلق لا يعدو واحداً على عدة بلايين، ولو افترضنا أن هيكل نجح في محاولته فانه لن يسميها صُدفة، بل سوف يقررها ويعدها نتيجة لعبقريته[ 2]
    أما عالم الطبيعة "جورج ايرل ديفيس" فيرد على تلك المقولة قائلاً:

    (لو كان يمكن للكون أن يخلق نفسه، فإنّ معنى ذلك أنه يتمتع بأوصاف الخالق، وفي هذه الحالة سنضطر إلى أن نؤمن بأنّ الكون هو الإله... ولكن إلهنا هذا سيكون يكون عجيباً: الهاً غيبياً ومادياً في آن واحد إنني أفضل أن أومن بذلك الإله الذي خلق العالم المادي، وهو ليس بجزء من هذا الكون بل هو حاكمه ومدبره، بدلاً من أن أتبنى مثل هذه الخزعبلات)[3 ]

    إنّ أبسط رد على نظرية داروين هو قانون السببية الذي عبَرَ عنه ذلك الأعرابي البسيط وبطريقته البسيطة حين سألوه عن الله تعالى فأجاب: البَعرَة تدُلّ على البعير، وخطّ السير على المسير، فكيف بسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، أفلا يدل ذلك على العلي الكبير‍!!!. ونعود إلى "أ . كريسي موريسون" مرة أخرى ليؤكد لنا حتمية التدين، أي كون الأشياء مخلوقة لخالق:

    (إنّ كون الإنسان، ومنذ بدأ الخليقة إلى الآن، قد شعر بحافز يحفزه إلى أن يستنجد بمن هو أسمى منه وأقوى وأعظم، ليدل على أنّ الدين فطري فيه، ويجب أن يقر العلم بذلك)[4 ]

    وفي مقام الرّد على "هيكل" وادعاؤه القدرة على الخلق يستطرد "كريسي موريسون" راداً عليه ادعائه، وكان الرّد في سياق البحث عن وحدات الوراثة


    "Genes" الموجودة في نواة كل خلية لكل ذكر وأنثى، مستدلاً بذلك على وجود الله تعالى حيث يقول :

    (تبلغ الجينات "وحدات الوراثة" من الّدقة أنها ـ وهي المسؤلة عن عن المخلوقات البشرية جميعاً التي على سطح الأرض من حيث خصائصها الفردية وأحـوالها النفسيـة وألوانها وأجناسها ـ لو جُمعت كلها ووضعت في مكان واحد،

    لكان حجمها أقل من حجم الكستبان، والكستبان الذي يسع الصفات الفردية لبليونين من البشر هو بلا ريب مكان صغير الحجم، ومع ذلك فإنّ هذه هي الحقيقة التي لا جدال فيها... فهي التي تحبس كل الصفات المتوارثة العادية لجمع من الأسلاف وتحتفظ بنفسية كل فرد منهم في تلك المساحة الضئيلة)[5 ]

    أما عالِم الطبيعة " أدموند و. سـينوب " فيقول :

    كيف نشأت الحياة؟ ذلك ما لا علم لنا به، ولا رأي لنا فيه... بطريقة ما تنتظم الألكترونات والبروتونات الدّوارة وجملة أخرى من الجزيئيات المادية، وتصبح ذرات الكربون أو الأوكسيجين أو الهيدروجين، وهذه الذرات تتجمع بدورها فتصبح دقائق كبيرة من البروتين، فإذا انضمت إليها عناصر معدنية مختلفة، وكمية صالحة من الماء إنبنى فيها جبلة حية "بروتوبلاسـمية" ثم بطريقة ما مجهولة لدينا تماماً تدلف هذه المادة الموات فجأة إلى الحياة...

    إنّ الأحيائي مهما بلغ جهده، مقسور على أن يواجه مشكلات غيبية... على أنّه يرفع يديه مستغيثاً بأنّ مثل هذه الآراء خارجة عن حدود العِلم، فلا يعينه من أمرها شئ. ولكننا ما لم نحدد العِلم تحديداً بالغ الضيق، فإنّه سيواجه عند تخومه الخارجيّة أشبـهاّ في هذه المشكلات... إزاء التساؤل المحرج عن طبيعـة الحيـاة

    وصفتها سوف لا نلتزم معالجته عن طريق حدود العِلم وحده... قد نكون في حاجة إلى وسائل لا يملكها العِلم في الوَقت الحاضِر... إنّ الإنسان روحٌ أول شئ، ويتعذّر عليك أن تَصٌبه في قالب مادي صِرف، كما يتعذّر عليك أن تزن جمال سيمفونيّة في كفتي ميزان، إن الرّوح[ 6] على ما يُعَرِفَه الدين، لا على ما يعرفه عِلم النّفس والطب النّفساني هو أشد المطلوبات إلحاحاً على الإنسان في هذا العَصر. وأقل ما يكن العِلم نفعاً لنا، سواء أكان عِلم الأحياء أم أي عِلم آخر في هذه النّاحية)[ 7]

    كان هذا إعتراف صريح أنّ العِلم لا يتمكن من معرفة شئ قطعي عن نشأة الحياة وخلقها، نعم إنّ الناحية الروحية في الأشياء كونها مخلوقة لخالقٍ أوجدها من عدم، هي حقيقة لا تخضع للعِلم وتجارب مختبراته، إنما تُدرك بإستعمال العقل عن طريق التفكر في المخلوقات وقوانين الحياة.

    .................................................. ..............الهامش .................................................. ..................................
    [1] الإسلام يتحدى، صفحه ( 72 )، نقلاً عن: The Evidence of God, p. 174. ، والرد هو على تصريح المذكور الوارد في أول الفصل الثالث عشر من الباب الأول في هذا الكتاب.
    [2] المصدر السابق، صفحه ( 78 )، نقلاً عن: Man Does not Stand Alone, p. 87.
    [3] المصدر السابق ، نقلا عن: The Evidence of God. p. 71.
    [4] الإنسان لا يقوم وحده ـ الترجمة العربية ـ صفحه ( 290 ).
    [5] الإنسان لا يقوم وحده، الترجمة العربية، صفحه ( 137 ).
    [6] المقصود بالروح هنا معناها: إدراك الإنسان لصلته بخالقه، وليس المقصود المعنى الآخر لكلمة الروح، وهو سر الحياة.
    [7] د. عزت نصر الله، الرد على صادق العظم، الصفحات ( 98 – 99 )، نقلا عن:أدموند و. سينوب، حياة الروح في ضوء العلم ، الصفحات ( 138 – 145 ) .


    .................................................. .............. هذا البحث منقول من :................................................. ......................
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتيمكتبة الايمان - المنصورة - مصر
    www.sharabati.org
    .................................................. ......... يتبع إن شاء الله .................................................. .................................

  15. افتراضي

    نقـض نظريــات التّطـور والارتقــاء الذّاتــي - 5 -


    وعالِم شهير آخر يدلي بِدّلوه في الموضوع، هو العالِم الإنجليزي "روسل ولاس" وهو عَلَم من أعلام التاريخ الطبيعي، وتعتبر مؤلفاته كمراجع لجميع المشتغلين بعلمي النبات والحيوان:

    (إنّ نشوء أي جسم على صورة مركبة مماثلة لفرد من نوعه، أمر لا يثير في كثير من الناس أقلّ دهشة ولا إستغراب، ومع هذا فإنه لا يزال باقياً بلا تعليل معقول، نعم: إنّ اهل العِلم قد كشفوا ظواهر كثيره تتعلق بالأنظمة الذي تتبعه الأحياء في نموها، ولكنهم فيما يتعلق بطبيعة القوى العاملة في هذا النمو، وبالعوامل التي تقودها وترشدها وتنظم حياتها، لم يعطونا غير ظنون مبهمة وافتراضات لا تغني



    من الحقيقة شيئاً. لقد عرف منذ زمان مديد أنّ كل نمو سواء أكان حيوانياً أو نباتياً يكون بنشوء خليّة أولية وتكاثرها إلى حد ما، ولكن ما هي الخليــة في ذاتها؟ أهي غير مقدار قليل من المادة البروتوبلاسميّة التي اعتبرها أهل العلم المادة الأولية للحياة؟ على أنها من الناحية الكيمائية أكثر المواد المعرفة تركيباً، لأنها وإن كانت تتألف من العناصر الأربعة: الكربون، الهيدروجين، الأزوت، الأكسجين، فقد عُلم الآن أنّ ثماني مواد أصليـة أخرى تدخل في تركيبها هي: الكبريت، الفوسفور، الكلور، البوتاسيوم، الصوديوم، المغنيزيوم، الحديد. ويزيد على هذه المواد ست

    أخرى قد تصادف فيها، وإن كانت ليست من المقومات الأصلية للبروتوبلاسما، وهذه المواد هي: السيليكون، الفلور، البروم، اليود، الألومنيوم، المنجنيز. فالبروتوبلازما والحالة هذه مادة شديدة التركيب، لا بكثرة عدد المواد الدّاخلة في تركيبها فَحَسْب، ولكن بشكل اتحاد هذه المواد كيميائياً. وهو الأمر الذي يستعصي على كلّ تحليل فني)[1 ]

    إنّ على الإنسان أن يتفكّر في الخلق معْمِلاً عقله في استخلاص النتائج المتعلقة بالحياة والخَلق على ضوء هذا التّفكير، والمشاهدات التي يجدر به التفكير بها كثيرة لا تحصى، وتقع جميعها تحت إدراكه وإحساسه، وأولها هي الإنسان وتركيبه العضوي، وأبسط ما يكون تركيب الإنسان العضوي هي الخلية. والخلية هي أيضاً وِحْدَه أساسية في تركيب أي مادة كانت، فالإنسان والحيوان وجميع الكائنات الحيّة ـ من أبسط أنواعها كوحيدة الخلية إلى أعقد أنواعها ـ تتكون من وحدات أساسية هي الخلايا.



    إنّ الخلية هي تلك الوحدة المتناهية في الصغر المحتوية على مقومات الحياة، وهي الذخيرة أو الأصل التي تعود إليه كلّ صور الحياة، وهي المادة الحيّة الأولى التي تسمى "الجِبِلة أو البروتوبلازم". وهي كما يقول داروين المادة الحيّة الأولى، وتؤدي كلّ خلية وظائفها الحيويّة العديدة بدرجة من الدّقة المتناهية التي عجز الإنسان العاقل الحالي أن يجاري تلك الدقّة في أدق مصنوعاته الآلية.

    لقد قام "روسل ولاس" آنفاً بإعطائنا نبذة سريعة عن دقة تكوُن وتركيب وعمل الخليّة، إلا أنّ ما قام به المذكور لم يكن رأياً خاصّاً به، بل حقيقة علميّة أكدها كلّ من اشتغل بالعِلم واعتمد نتائجه، وقد اعتمد العلماء تعريفاً للخلية أو البروتوبلازم هو كما يقول "د. وليم سيفرتبنر":

    ( إنّ المادة الحية المعروفة باسم البروتوبلازم هي خليط معقد جداً من الماء والأملاح والسكريات والدهون والبروتينات. وفي هذه المادة الحيّة غير المتجانسة تحدث تلك العمليات التي تؤلف في مجموعها الحياة)[2 ]

    وتصحيحاً لا بدّ منه لذلك التعريف، فإنّ تلك العمليات لا تؤلف الحياة أبداً، إنما هي علامة من علامات الحياة، فالحياة مظهر من المظاهر وسر من الأسرار، لا ولن يعلمه أحد إلا الله تعالى، وَقَفَ أمامه العِلم حائراً عاجزاً، وقد فشل كلّ من حاول سابقاً، ووقف أمامها حائرا عاجزاً، وسيفشل كلّ من سيحاول لاحقاً في التّعَرُف على كنه الرّوح التي هي سر الحياة. (وَيَسْألونَك عَنِ الرّوحِ قُلِ الرّوح مِنْ أَمْرِ رَبّي وَما أوتيتُم مِنَ العِلمِ إلاّ قَليلا)[ 3]



    إنّ كلّ فرد منَ المخلوقات بلا استثناء من نبات أو حيوان يتألف كما يقول العِلم من البروتوبلازم بلا استثناء، والبروتوبلازم هو متشابه تقريباً في كليهما، إلا أنّ هذا التّشابه هو تشابه نسبي، أي أنّ البروتوبلازم الحيواني يتشابه مع البرتوبلازم النباتي ولا يتماثل معه، وكذلك فإنّه يوجد اختلاف وفروقات بين بروتوبلازم أي كائن وبين بروتوبلازم أي كائن آخر، وتلك الاختلافات والفروقات هي فروقات أساسية وحيوية، وإلا لما كانت بيضة الضفدعة التي أنتجت ضفدعة، ولما نمت بذرة البلوط فأصبحت شجرة بلوط، وبذرة القمح قمحاً، وبذرة الشّعير شعيراً..... وهذه الفروقات كبيرة جدّاً وحيويّة جداً، إلا أنّ العِلم ومختبراته وأجهزته المتعددة الدّقيقة وعقول جهابذته لم تستطع الوصول إلى أسرارها، ومن أبرز الحقائق في عِلم الحَياة أنّ كلّ أنواع البروتوبلازم مع الفروق بينها وخفاء مصادرها، تبدو متشـابهة إلى حد كبير وتشبه بياض البيضة وفيه نقط دقيقة ومنتشرة.[4 ] ويقول الأستاذ في جامعة فرانكفورت، وعضو الأكاديمية في أنديانا، الدكتور "رسل تشارلز أرتست":

    (إنني أعتقد أنّ كلّ خلية من الخلايا الحيّة قد بلغت من التعقيد درجة يصعب علينا فهمها وأنّ ملايين الملايين من الخلايا الحيّة الموجودة على سطح الأرض تشهد بقدرة الله شهادة تقوم على الفكر والمنطق، ولذلك فإني أومن بوجود الله إيمانا راسِخاً)[ 5]

    نترك الخلية لنبحث مع " سبنسر " في قطرة الماء :

    (إنّ العالِم الذري الذي يرى قطرة الماء، فيعلم أنها تتركب من الأوكسجين والهيدروجين بنسبة خاصّة، بحيث لو اختلفت هذه النسبة لكانت شيئاً آخر غير الماء، ليعتقد عظمة الخالق وقدرته، وحكمته وعلمه الواسع، بأشدّ وأعظم وأقوى من

    غير العالِم الطبيعي الذي لا يرى فيها إلا أنها نقطة ماء، نقطة ماء فَحَسْب!! وكذلك العالِم الذي يرى قطعة البَرَد وما فيها من جمال الهندسة ودقّة التقسيم، لا شكّ أنه يشعر بجمال الخالق ودقيق حكمته، أكبر من ذلك الذي لا يعلم إلا أنها مَطَرٌ تَجَمَدَ من شِدّة البَرْد.)[ 6]

    .................................................. ..............الهامش .................................................. ..................................
    [1] الدكتور محمد عزت نصر الله، الرد على صادق العظم، الصفحات ( 126 – 127 )، نقلاً عن: روسل ولاس، عالَم الحياة، الصفحات ( 398 ) وما بعدها.
    [2] منقول عن: جيمس ستوكلي، العلم يزحف، ترجمة د. محمد الشحات.
    [3] سورة الإسراء ( 85 ).
    [4] منقول بتصرف عن: جيمس ستوكلي، العلم يزحف، ترجمة محمد الشحات
    [5] جون كلوفر مونسما، الله يتجلى في عصر العلم، صفحه ( 77 ). من مقال رسل تشارلز آرتست، بعنوان " الخلايا الحية تؤدي رسالتها".
    [6] يوسف القرضاوي، العبادة في الإسلام، صفحه ( 17 ).



    .................................................. .............. هذا البحث منقول من :................................................. ......................
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    مكتبة الايمان - المنصورة - مصر
    www.sharabati.org
    .................................................. ......... يتبع إن شاء الله .................................................. .................................


    --------------------

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ما يجب أن تعرفه عن نظرية التطور البيولوجي (مجازا: نظرية داروين)
    بواسطة IsamBitar في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 264
    آخر مشاركة: 01-17-2020, 09:05 PM
  2. نظرية الكائنات الفضائية ستحل محل نظرية التطور عند سقوطها
    بواسطة الدكتور قواسمية في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 01-21-2014, 05:09 AM
  3. ما يجب أن تعرفه عن نظرية التطور البيولوجي (مجازا: نظرية داروين)
    بواسطة IsamBitar في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-09-2011, 09:59 PM
  4. تعليقات: لماذا لا تعتبر نظرية التطور نظرية صحيحة من الناحية العلمية
    بواسطة مراد أبوعمرو في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-17-2010, 08:47 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء