من ذا الذي لا يعرف نيكولاس ميكيافيل ؟ هذا الفيلسوف والسياسي الإيطالي الناصح للأمراء والمؤسس لنظريات تخول لهم الحفاظ على ملكهم . فكتب كتبا عديدة أشهرها كتاب " الأمير " ، ناصحا لــ لورونزو دي ميدشي الذي كان حديث عهد بالإمارة في القرن الخامس عشر، فلم يغلفه بزخرفة كما يفعل سياسيو اليوم بل كان صريحا في عباراته غير خجول في تقريراته، ومنذ صدوره بدأت تستخدم أخلاقياته في السياسة والحكم جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا، فكان المصدر الرئيسي للحكم ولازال، ولم تتغير إلا اللهجة وبعض الأفكار فالقارئ له سيلمس بأن الدول الغربية وأولها الولايات المتحدة تطبق غالب الأفكار التي فيه لكن بشيء من الديبلوماسية وشيء من التخفي، كما أن المطلع على أغلب نظريات الحكم السياسية سيجدها تدور حول هذا الكتاب لكن باختلاف في طريقة الطرح والتقرير اما الكيد والخبث والنفاق السياسي فهو هو .
ونحن وإن كنا لا نوافقه في كثير من أفكاره ، ولنا مدرستنا الإسلامية وكتبُنا في السياسة الشرعية، إلا أننا لا ننكر بعض الحق الذي فيه، واخترناه لأنه يعتبر أحد المراجع الغربية الأساسية في الأخلاقيات السياسية عند الدول العلمانية الحاكمة في يومنا هذا . فكما أن أخلاقيات كثيرة في الكتاب طبقها هتلر وموسيليني ولينين وستالين فإن المتتبع يلمسها أيضا في سياسات روزفلت وبوش الأب والإبن وجاك شيراك ونيكولا ساركوزي وأوباما وحكومات الكيان الصهيوني وغيرهم .
العدل كاشف للفلول :
" من يرفعه الشعب لمنصب الأمير فإنه يجد نفسه متفردا والجميع يسعى لخدمته عدا نفر قليل. كما ان المعاملة العادلة لن تضر إلا طبقة النبلاء .. فالعامة يرضون بالعدل بينما النبلاء يرغبون في التعسف والبطش "
السياسيون الانتهازيون :
" أما أولئك المبتعدون عنك لغرض معين فهذا يعني أنهم ذوو طموحات، وأنهم يفكرون في أنفسهم ولا يفكرون فيك، لذا يجب أن يحترس منهم وأن يعتبرهم أعداء غير ظاهرين يمكنهم المساهمة في سقوطك وقت الشدة "
من ناصرك لمجرد السخط على النظام السابق مستحيل أن يرضى عنك أثناء فترة حكمك :
" ولكني أغفل ذكر الأمير الذي أخذ ولاية جديدة بعد أن ساعده أهلها سرا .. فإن لم يكن ذلك بسبب حبهم له وإنما فقط بسبب غضبهم من أوضاع الولاية السابقة فإنه سيواجه متاعب كبيرة ومشكلات كثيرة، وذلك لأن رضاهم مستحيل"
طلب النصرة من الشعب يكبح جماح المتآمرين :
" أفضل علاج للأمير ضد أي مؤامرات هو حب الشعب له، لأن من يتآمر يعتقد أنه سيرضي الشعب إذا اغتال الأمير، لكنه لو عَلم أنه سيثير جموع المواطنين بفعلته فإنه سيتجنب تلك الفعلة. لأنه سيواجه بذلك مشكلات لا تعد ولا تحصى .. إن المتآمر لن يجد حوله سوى الخوف والحقد والشك والعقاب، أما الأمير فهو محاط بقوة الحكم والقوانين والأعوان الذين يحمونه وولاية تدافع عنه. وإذا ما أضفنا إلى ذلك إرادة الشعب المحيط به، عنذئذ يستحيل أن يقدم أي إنسان على أن يتآمر عليه. كما أن المتآمر يشعر بالخوف أيضا بعد إنجازها لأن الشعب سيكون عدوا له في هذه الحالة ولا ملاذ له منه "
المتآمر دائما ما يستغل مجموعة من الناقمين لتحقيق مآربه :
" كل متآمر لا يستطيع العمل بمفرده ولن يجد له شريكا سوى من الناقمين "
حول الشدة واللين :
" عندما أريد أن أتحدث عن الشدة واللين أقول إنه على الأمير أن يسعى لأن يوصف بالرحمة وليس الشدة، وأن يحرص على عدم إساءة استخدام الرحمة بأي حال من الأحوال .. لذا يجب على الأمير ألا يعبأ بأن يوصف بالشدة ما دامت هذه الشدة من أجل الحفاظ على مواطنيه وولائهم له، وذلك حين يكون شديدا مع عدد قليل جدا من الناس وهو بذلك أفضل من الأمراء الذين يفرطون في اللين مما يسبب وقوع الاضطرابات"
الأمير الجديد أشد حاجة للشدة من غيره :
" والأمير حديث العهد بالإمارة فقط هو من في حاجة شديدة دون بقية الأمراء للاشتهار بالشدة، لأن الولايات الجديدة تعاني دائما من الأخطار "
المؤمن كيّس فطن :
" مع ذلك يجب على الأمير أن يحذر في كل ما يحمله من معتقدات وكل ما يقوم به من أعمال، وألا يظهر بمظهر الجبان الرعديد، وأن يتقدم إلى الأمام بحكمة ولين وألا تجعله الثقة الزائدة يهمل الحذر، وألا تجعله الريبة الزائدة غير محتمل "
Bookmarks