النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: ماذا تعرف عن وثيقة "راند" ؟ والخطة الأمريكية الجديدة لتحديث الإسلام ؟

  1. #1

    افتراضي ماذا تعرف عن وثيقة "راند" ؟ والخطة الأمريكية الجديدة لتحديث الإسلام ؟

    خطة أمريكية لتحديث الدين الإسلامي
    إخوان أون لاين - 15/06/2004

    - تفاصيل الخطة الأمريكية الجديدة لتخريب الإسلام
    - شعال الفتنة بين علماء الدين والحركات الإسلامية
    - منح الحداثيين والعلمانيين منابر إعلامية واسعة
    - إعطاء الصوفية مواقع قيادة المؤسسات الدينية



    - نظرية المؤامرة
    - فلسفة الخطة
    - إشعال الفتنة
    - تفسير الأحداث الأخيرة
    - أسلحة مسروقة
    - حرب الحديث الشريف
    --------------------------

    نظرية المؤامرة

    لم يعد الحديث عن نظرية المؤامرة نوعًا من الكسل الفكري، الذي يحلو للبعض وصفُ المسلمين به في هذه الأيام، على اعتبار السلبية التي أحاطت بالعالم الإسلامي، ونقلته من طلائع التقدم إلى مقاعد التخلف، التي جعلته ضمن ما يُعرف بالعالم الثالث.

    المؤامرة على الإسلام والمسلمين باتت من الوضوح بمكان.. الأمر الذي لا يمكن معه إنكارٌ أو تجاهل، وأحدث دليل على ذلك يقدمه لنا د. محمد يحيى- أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة- من خلال عرضه للخطة الأمريكية الجديدة لتخريب الدين الإسلامي، والتي تتضمن إعادة تقديمه للمسلمين بعد تنحيَة الشريعة الإسلامية، وإلغاء مظاهر الوجود الإسلامي، ووضع العلماء التقليديين والمؤسسات الدينية في مواجهة الحركات الإسلامية، ومنح العلمانيين والحداثيين منابرَ إعلاميةً واسعةً، وإعطاء المناصب الدينية لأصحاب التوجهات الصوفية، ويتوازى مع ذلك موجة إباحية من الموسيقى والرقص والغناء يتم توجيهها إلى الشباب والفتيات، هذا مع تقديم الأحاديث النبوية بقراءة جديدة، يتم من خلالها إلغاء الاعتماد على صحة ما رواه البخاري ومسلم.

    هذا هو مضمون الخطة التي تقدمها مؤسسة (راندا) الأمريكية، ويكشفها د. محمد يحيى في كتاب "خطة أمريكية لتحديث الدين الإسلامي" الصادر عن المكتب المصري الحديث.

    فلسفة الخطة

    تبدأ فلسفة هذه الخطة بتوضيح أن الإسلام المعاصر في حالة تصعيد؛ حيث يدخل في صراع على قيَمِه وهويته ووضعه في العالم، وفي نسيج المجتمع الإسلامي يدور الصراع بين أصحاب الأفكار المختلفة؛ من أجل فرض آرائهم وأفكارهم على مجتمعاتهم؛ بهدف تحقيق السيادة السياسية والروحية على هذه المجتمعات، وفي الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة والعالم الصناعي الحديث يفضِّل عالمًا إسلاميًّا يأتلف مع باقي النظام العالمي والغربي.

    لذلك يجب أن يكون ديمقراطيًّا، ويتبع قواعد ومعايير التعامل الدولي والغربي، هذا مع الوضع في الاعتبار ضرورة اتقاء صِدام الحضارات، وزيادة الاضطرابات، والكفاح المسلَّح عبر العالم الإسلامي وتوابعه، التي تؤدي إلى الإرهاب وعدم الاستقرار، وعليه- كما في الخطة- يتأكد ضرورة تشجيع العناصر داخل الخليط الإسلامي الأكثر توافقًا مع السلام العالمي والمجتمع الدولي، والمحبة للديمقراطية والحداثة.

    ولتشجيع العالم الإسلامي نحو الديمقراطية والحداثة تحتاج الولايات المتحدة- والغرب بصفة عامة- إلى التبصُّر بعناية شديدة في العناصر والاتجاهات والقوى داخل العالم الإسلامي؛ ولذلك ترى الخطر أن الاتجاه الأكثر فعالية في التعامل معها هو الآتي:

    أولاً: دعم الحداثيين
    وذلك من خلال:
    - نشر أعمالهم وتوزيعها.
    - تشجيعهم على الكتابة للجماهير والشباب.
    - تقديم آرائهم في مناهج التربية الإسلامية المدرسية.
    - جعل آرائهم وأحكامهم في القضايا الكبرى للتأويل الديني متاحة للجمهور؛ بحيث يمكنها أن تنافس آراء وأحكام الأصوليين والتقليديين.
    - وضع العلمانية والحداثة كخيار الثقافة المضادة للشباب الإسلامي الساخط.
    - تيسير وتشجيع الوعي بالتاريخ والثقافة قبل الإسلام.

    إشعال الفتنة

    ثانيًا: دعم معركة العلماء التقليديين ضد الأصوليين، وذلك عن طريق:
    - نشر نقد العلماء التقليديين للعنف والتطرف الأصولي، وتشجيع الخلافات ين التقليديين والأصوليين.
    - تثبيط التحالفات التي يمكن أن تتم بين الطرفين السابقين ومنعهما بكل الصور.
    - تشجيع التعاون ما بين الحداثيين والعلماء الأقرب إلى النطاق الحداثي.
    - دعم العلماء التقليديين ضد الأصوليين، الذين قد يكونون أكثر قدرةً على التواصل مع الجماهير أو على مستوًى ببلاغتهم وإقناعهم.
    - الحرص على حضور نماذج الحداثيين في المؤسسات التقليدية.

    ثالثًا: مواجهة الطرح الأصولي للإسلام، وذلك على أساس:
    - تحدي شروحهم للإسلام.
    - الكشف عن صلتهم بالجماعات والأنشطة غير المشروعة.
    - إظهار عدم قدرتهم على الحكم وتحقيق التنمية لبلادهم ومجتمعاتهم.
    - تجنب إظهار الاحترام أو الإعجاب بأعمال العنف التي يقوم بها المتطرفون والأصوليون الإرهابيون.
    - تشجيع الصحفيين على بحث قضايا الفساد داخل الدوائر الأصولية.
    - تشجيع الانقسامات بين الأصوليين.

    رابعًا: دعم العلمانيين بشكل انتقائي، وذلك بتأكيد أن الأصولية عدوٌّ مشتركٌ، وتثبيط التحالف مع القوى المضادة للولايات المتحدة، وكذلك دعم فكرة أن الدين والدولة يمكن أن ينفصلا في الإسلام أيضًا.

    تفسير الأحداث الأخيرة

    هذا هو مضمون الخطة الأمريكية التي تسعى لتحقيقه في العالم الإسلامي، وفي إطارها يمكن تفسير عدد كبير من الأحداث في الفترة الأخيرة، مثل الهجوم على الحركات الإسلامية، والتي تصفها الخطة بالأصولية، ومحاولة للقضاء على دورها الاجتماعي، وقد تمَّ مؤخرًا إغلاق عدد من المؤسسات الخيرية والإغاثية المعروفة بنشاطها في مثل هذه المجالات؛ بحجة دعمها للإرهاب، ومحاولة إلصاق تهمة الإرهاب بأصحاب الأنشطة الدعوية الأخرى، ولا يملك في هذا الصدد تجاهل الجرأة على الإسلام كعقيدة وشريعة في عدد من الصحف بأقلام الكتَّاب العلمانيين والصحفيين المأجورين، وقد بلغت الجرأةُ حدَّها بالإعلان عن إنشاء صحف جديدة في مصر والعالم العربي لتحسين صورة الولايات المتحدة.. وحقًّا إن بروتوكولات صهيونية تتضاءل أمام هذا المخطط الرهيب.

    أسلحة مسروقة

    وتطرح الخطة أسلوبًا جديدًا في تناول أحكام الشريعة الإسلامية في عدد من القضايا، مثل تعدد الزوجات، فهي تتساءل بمكرٍ واضحٍ لماذا لا يكون حق تعدد الأزواج متاحًا للمرأة؟! وحول ضرب الزوجة يتم توجيه النقد والاتهام بالعجز للتفسير الذي أورده الشيخ القرضاوي حول هذه القضية، هذا مع التأكيد على رأي الحداثيين والإشادة به؛ حيث إنه ينظر إلى القرآن باعتباره يشمل محتويات لم تعُد لها صلةٌ بالحاضر، مع الإشارة إلى أنه لم يتم تسجيل القرآن إلا بعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم- حيث تم تجميعه من لحاء الأشجار والبردي بواسطة الأفراد الذين كانوا يحفظون سورًا معينةً، ويقومون بإملاء النص من ذاكرتهم، وقد نتج عن ذلك روايات عديدة للقرآن اختلف بعضها عن بعض.

    والحق يقال هنا إن هذا ليس من إبداع الخطة الأمريكية الجديدة لتدمير الإسلام، فقد سبقها المستشرقون بقرون طويلة، وطرحوا هذه القضايا للتشكيك في الإسلام بدوافع لا تختلف كثيرًا عن الدوافع الأمريكية الجديدة، أي إن الأمريكان يسرقون أساليب المستشرقين القديمة..!!

    لكن لنا ملاحظة هامة وتاريخية نرى أهميةً كبرى في تسجيلها، وهي أن كل ما زعمه المستشرقون حول الإسلام ورسالته لم يحقِّق شيئًا من أهدافه، وهذا هو مصير الخطة الأمريكية إن شاء الله.

    حرب الحديث الشريف

    ونظرًا لأن الطعن في القرآن الكريم أمرٌ يستفزُّ مشاعر المسلمين بشكل مباشر؛ بسبب الإيمان القاطع لدى كل مسلم بأن الله- سبحانه وتعالى- قد تكفَّل بحفظه فإن الخطة الأمريكية تكتفي بالمناوشة حول تفسير بعض الآيات؛ ولأنها لم تجد ذلك محقِّقًا لأهدافها فإنها قدَّمت خطةً كاملةَ المنهج للقضاء على الحديث النبوي الشريف، مع الوضع في الاعتبار الأميَّة المتفشية في أوساط المسلمين وعدم وعي الكثير من النخب المثقفة بقضايا الحديث النبوي..!!

    وفي هذا الصدد تُقدم مثالاً لضرب مصداقية الإمام البخاري فيما جمعه من أحاديث؛ حيث تقول: "إنه جمع 600.000 ألف حديث، واستبعدها كلها ما عدا 7600 حديث، وألقى بعضها للتكرار ليبقى منها حوالي 4000 حديث"، ولضرب مصداقية البخاري تقول الخطة: "إذا سمحنا بساعة واحدة لمعالجة كل حديث فإن العمل في هذه الأحاديث يستغرق حوالي70 عامًا دون توقف، وكل حديث يمكن أن يكون قد تم تتبعه منذ عهد النبي من خلال سلسلة تتكوَّن من 6 أو 7 أفراد من أجيال متعاقبة، فكيف يقال إن البخاري أكمل هذا العمل في 16 عامًا؟"!!

    والقضية نفسها يتم تكرارها في مسألة الغناء عن طريق الاستدلال بسماع النبي- صلى الله عليه وسلم- للغناء الذي تمَّ في أحد الأفراح، وفي كل الأحوال يبدو المنهج الجدلي واضحًا في تناول الحديث الشريف، الذي يُخفي وراءَه أهدافًا خطيرةً.. "وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُوْنَ".
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  2. #2

    افتراضي تقرير مؤسسة "راند" يتساءل عن مدى صحة القرآن الكريم

    تقرير مؤسسة "راند" يتساءل عن مدى صحة القرآن الكريم

    منذ الحادي عشر من سبتمبر قام العديد من الكتاب والعلماء وصناع القرار والباحثين بتأمل دور الإسلام في المجتمعات المسلمة، في الوقت الذي يتم فيه إعادة رسم الحدود الجيواستراتيجية والثقافية والاجتماعية في كل من واشنطن ولندن، وهي استراتيجية يحاول الغرب من خلالها أن يسير على "الأصولية الإسلامية" بمساعدة المسلمين "المعتدلين".

    لقد ورد ذلك في تقرير تم تمويله بواسطة أحد المراكز الفكرية الأمريكية المحافظة. هذا التقرير بعنوان: "الإسلام الديمقراطي المدني: الشركاء والمصادر والاستراتيجيات"، من إعداد "مؤسسة راند"، ومقرها في الولايات المتحدة، وبتمويل من مؤسسة (سميث ريتشاردسون) المحافظة، وهي مؤسسة تمويلية تقدم ما يزيد على مائة مليون دولار للمنظمات البحثية والجامعات!.(1)

    ويعد هذا التقرير واحداً من سلسلة الأوراق السياسية المتخصصة التي تهدف إلى تعميق الهجمة العسكرية والاقتصادية والثقافية الغربية على العالم الإسلامي، وفي جلسة الإيجاز التي عقدت في صيف عام 2002م، لمجلس كبار المستشارين في البنتاجون، وصف (لورينت موراويس) المحلل السابق في "مؤسسة راند"، المملكة العربية السعودية بأنها "نواة الشر، والمحرك الرئيس وأشد الخصوم خطورة" على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وقال: إن على الولايات المتحدة أن تطلب من المملكة العربية السعودية أن تتوقف عن دعم الإرهاب، أو أن تواجه بمصادرة حقولها النفطية وأرصدتها المالية في الولايات المتحدة؛ كما طالب (موراويس) بشن حملة إمبريالية من عدة مراحل على الشرق الأوسط، ابتداءً بالعراق (المحور التكتيكي) ومروراً بالمملكة العربية السعودية (المحور الاستراتيجي) وأخيراً مصر (الجائزة).(2)

    تقرير الإسلام الديمقراطي المدني كتبته (شاريل بينارد) وهي عالمة اجتماع نشرت روايات تتضمن موضوعات تطالب بمساواة المرأة بالرجل، منها: "مقاومة المغول وشجاعة المحجبة" وتسخر فيها من المظاهر الدينية وتصور المرأة المسلمة بأنها مضطهدة تعيش تحت وطأة حكم شيوخ مستبدين ومصابين بجنون العظمة.

    وبالرغم من اعتراض الملايين من المسلمات على حظر الفرنسيين للحجاب في المدارس الحكومية الفرنسية ركزت (بينارد) في تعليق لها في صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) على أن القانون الجديد يعتبر دفعة إيجابية لحقوق المرأة، حيث إن الحجاب في العالم الإسلامي هو شيء ترتديه المرأة أو البنت لأنها مجبرة على ذلك وهو رمز للتقييد والإكراه بالتهديد!.

    وبالرغم من أن عالمة الاجتماع (بينارد) تعتبر نفسها مرجعاً في القوانين الإسلامية، فهي تذكر من بين أشياء أخرى، ادعاءً صادراً من أحد الكتاب المصريين المغمورين يقول إن الحجاب ليس إجبارياً في الإسلام، بل إن ذلك ناتج عن قراءة خاطئة للقرآن(3).

    وللعلم فإن "شاريل بينارد" متزوجة من "زلماي خليل زاده" الذي يشغل الآن منصب المساعد الخاص للرئيس بوش، وكبير مستشاري الأمن القومي المسؤول عن الخليج العربي وجنوب شرق آسيا، ويعتبر خليل زاده الأمريكي من أصل أفغاني الوحيد الذي ينتمي إلى المحافظين الجدد ويعرف بآرائه المتطرفة(4)، وقد تمكن في الثمانينيات من أن يؤمّن لنفسه منصباً دائماً في مجلس تخطيط السياسة بوزارة الخارجية، وعمل في هذا المنصب تحت إدارة "بول ولفوويتز" العقل الموجه لفكر المحافظين الجدد، ثم عمل مساعداً بوزارة الدفاع في إدارة بوش الأولى إبان حربها على العراق في عام 1991م. وبعد الانتخابات الرئاسية في عام 2000م اختاره (ديك تشيني) نائب الرئيس ليرأس اللجنة الانتقالية لشؤون الدفاع.

    ويعرف خليل زاده بكونه جزءاً من جهود الولايات المتحدة ومنذ مدة طويلة للحصول على مدخل إلى احتياطيات النفط والغاز في آسيا الوسطى، حيث كان يعمل مستشاراً للطاقة لدى شركة شيفرون، كما عمل مشرفاً لدى شركة النفط الأمريكية العملاقة (ينوكول) التي كانت ترغب في بناء أنبوب للغاز يربط بين تركمانستان وباكستان عبر أفغانستان، كما يعرف عنه تودده للمجموعات المناوئة لصدام وحركة طالبان قبل الغزو الأمريكي لكلا البلدين، وبعده.

    عبرت (شاريل بينارد) عن نواياها في تقرير الإسلام المدني الديمقراطي، حيث إن الهدف هو بناء نموذج جديد من الخطاب الإسلامي غير الفعال يكون مصمماً ليتماشى مع الأجندة الغربية لفترة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، وبتركيزها على أكثر المصطلحات وضوحاً، لم تدع الكاتبة مجالاً للشك فيما يخص الطموحات العظيمة في مشروعها، وتضيف قائلة: إن تحويل ديانة عالم بكامله ليس بالأمر السهل، إذا كانت عملية بناء أمة مهمة خطيرة، فإن بناء الدين مسألة أكثر خطورة وتعقيداً منها(5).

    وتزعم (بينارد) أن الأزمة الحالية للإسلام تتكون من مكونين رئيسين وهما: عدم قدرته على النمو، وعدم الاتصال مع الاتجاه السائد في العالم.

    ومن وجهة نظر الكاتبة فإن العالم الإسلامي هو سبب مشكلة الحضارة لأنه لم يتمكن من مواكبة الثقافة العالمية المعاصرة! وتعيد الكاتبة استخدام ما ذكره أحد المستشرقين القدامى عن تصويره للمسلمين بصورة نمطية فتقول: "إن المسلمين هم الوجه الآخر للبربريين" وأن أسلوب حياتهم يتناقض مع أسلوب الحياة لدى الغرب، فإن كان الغرب الحديث حركياً، فإن العالم الإسلامي راكد لا يتحرك، وبينما الغرب يحترم حياة الإنسان والحرية، فإن الإسلام مصاب بداء الاستبداديين والإرهابيين، وحرب الأحاديث(6) التي لا تنتهي، وشباب متعصبون يلبسون المتفجرات ويقدسون الموت ويشجعون المفاهيم التدميرية مثل الشهادة، ولم تأت الكاتبة إلى ذكر الدعم الغربي للأنظمة الاستبدادية العلمانية، ولا إلى برامج "إسرائيل" التي لا تنتهي ضد الفلسطينيين، ولا إلى العنصرية العرقية التي تمارس ضد المسلمين في أوروبا الشرقية والشيشان، وبالطبع إهمال القصف الأمريكي العنيف لأفغانستان والعراق.

    اتجاهات فكرية

    ومن أجل خلق صلات وثيقة مع القوى المحبة للغرب، يقترح التقرير تحديد أربعة اتجاهات فكرية في المجتمعات المسلمة للمنافسة في التحكم بقلوب المسلمين وعقولهم:

    1 المتشددون الذين "يرفضون قيم الديمقراطية والحضارة الغربية المعاصرة".
    2 التقليديون "الذين يشككون في الحداثة والابتكار والتغيير".
    3 الحداثيون الذين "يريدون من العالم الإسلامي أن يكون جزءاً من التقدم الذي يسود العالم".
    4 العلمانيون الذين "يريدون من العالم الإسلامي أن يتقبل فكرة فصل الدين عن الدولة".

    ويقول التقرير إن أنصار الحداثة والعلمانيين هم أقرب هذه الفئات للغرب، ولكنهم بشكل عام في موقف أضعف من المجموعات الأخرى، حيث ينقصهم المال والبنى التحتية والبرنامج السياسي، ويقترح التقرير استراتيجية لدعم أنصار الحداثة والعلمانيين، وذلك عن طريق طباعة كتاباتهم مقابل تكاليف مدعومة، لتشجيعهم على الكتابة للعديد من القراء وطرح وجهات نظرهم في مناهج المدارس الإسلامية، ومساعدتهم في عالم الإعلام الجديد الذي يهيمن عليه المتشددون والتقليديون.

    كما يقترح التقرير أن يتم دعم التقليديين ضد المتشددين من خلال ممارسة الولايات المتحدة لسياسة "تشجيع عدم الاتفاق" بين الطرفين، ومن الاستراتيجيات المقترحة أيضاً في التقرير، مواجهة ومعارضة المتشددين من خلال تحدي تفسيرهم للإسلام وفضح ارتباطهم بمجموعات وأنشطة غير قانونية، وذهبت (بينارد) إلى أبعد من ذلك، حيث دعت إلى تقوية الصوفية "لأنها تمثل تفسيراً أكثر خمولاً للإسلام".


    إن ما يلفت الانتباه في أغلب محتويات التقرير، عدم التعامل مع المسلمين كأناس عقلاء لهم مخاوفهم المشروعة، بل يتم تقسيمهم إلى مجموعات للتحليل بناءً على انجذابهم نحو القيم والمفاهيم الغربية، حيث يتم استخدام هذه المجموعات الفرعية كرهان من أجل تكريس هيمنة الولايات المتحدة وهي سياسة "فرق تسد". ويتم تصوير المسلمين على أنهم شعوب لا صلة لها بالحقيقة، بل هم يعانون من الجمود الفكري، ومنخرطون باستمرار في جدل روحي عفى عليه الزمن، وذلك بدلاً من مواجهة المشكلات المعاصرة من تهميش واضطهاد تفرضه عليهم أنظمة مستبدة مدعومة من الغرب، أو مصممة وفق المتطلبات الإمبريالية في أقاليمهم.

    وبناءً على اعتقاد الكاتبة، فإن العنف والاحتجاج الإسلامي ليس ردة فعل على عدم العدالة، بل هو تعبير عن حالة الأمية، والغالبية غير المتعلمة التي تقودها فئة منظمة من المتشددين لديها إمكانات مالية ضخمة، حيث قيل لنا إن المتشددين هم الخطر الحقيقي، لأنهم يمثلون النسخة العدوانية والتوسعية للإسلام الذي لا يهاب ممارسة العنف، وأن وحدتهم المرجعية ليست الدولة أو المجموعة العرقية، بل المجتمع المسلم، أي الأمة، وأن تمكنهم من السيطرة على عدد معين من الدول الإسلامية سيشكل خطوة في هذا الطريق، ولكنه ليس الهدف الرئيس، ومما يدعو إلى السخرية اعتبار استخدام العنف للحصول على أهداف سياسية ولفرض السيطرة على عدد من الدول الإسلامية، يدل على التشدد، ووفق هذا التعريف فإن السياسة الخارجية للولايات المتحدة في العالم الإسلامي تعد تطرفاً جامحاً بامتياز.

    ومن العجيب، أن الكاتبة تعترف بأن الكثير من العلمانيين المهمين في العالم الإسلامي لا يحبون أو حتى أنهم يكرهون الولايات المتحدة (الغرب) أشد الكره، لكنها لا ترى أن السبب وراء هذا العداء هو الوجه القبيح لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بل إن الأسباب هي أساليب تفكير ضالة تتجسد في الأفكار اليسارية، والقومية الحاقدة والمعادية لأمريكا!.

    إن تلميحات (بينارد) واضحة: فعندما يكره المسلمون أو يلجأون إلى العنف، فذلك لأنهم بطبيعتهم متطرفون أو ضالون، ولكن عندما يأتي الغرب "المتحضر والمستنير والكريم" إلى ممارسة نفس الأساليب أو يناصر نفس الأهداف، فإن سلوكه هذا إما أن يتم تجاهله أو المسارعة إلى تبريره.

    وفي النهاية، فإن أفكار "بينارد" ليست سوى نظرية ميكافيلية، تسعى إلى فرض الهيمنة الغربية والثقافة الإمبريالية من خلال السياسة القديمة "فرق تسد". إن نموذج الإسلام الذي تناصره (بينارد) هو ذلك النموذج الخامل الضعيف الذي يمكن اختراقه بسهولة ومن ثم تشكيله لكي يتناسب مع أجندة الغرب.

    إن الكاتبة لا تحاول فقط تشويه بعض المفاهيم الأساسية في الإسلام، مثل الجهاد، والشهادة، والحجاب فحسب، ولكنها تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فهي تتساءل عن مدى صحة القرآن نفسه، عندما تقول وبكل وقاحة، "بأن اثنين على الأقل من سور الكتاب المقدس للمسلمين مفقودة". إن إطلاق مقولات شنيعة كهذه ضد القرآن دونما استشهاد أو دليل، ليس بالشيء البغيض فحسب بل هو ممارسة لثقافة بائسة، وأعتقد لو أن عبارات كهذه قيلت في حق اليهود لقاموا بمقاضاتها بتهمة معاداة السامية.

    مقترحات (بينارد) بالرغم مسحتها الخبيثة المعادية للإسلام، ومضامينها التي تدعو إلى الفرقة في العالم الإسلامي، ليست بالشيء الجديد في صناعة السياسة الخارجية الأمريكية.

    فقبل عقدين من الزمان اعتبر التشدد الشيعي في إيران، أكبر تهديد للحضارة الغربية، وحيث إن المئات من المسلمين السُّنة التقليديين كان يتم تسليحهم بواسطة الولايات المتحدة، ليجاهدوا ضد الاتحاد السوفييتي، فقد كان الافتراض السائد حينها أن المذهب الوهابي من الإسلام السني هو تيار محافظ بالفطرة، ولذلك فهو الحليف الطبيعي للولايات المتحدة ضد الشيوعيين والمتشددين الشيعة (7)، أما اليوم، فالصوفية، وأنصار الحداثة، والعلمانيين، وبعض الشيعة، ينظر إليهم على أنهم القوة الموازنة للمتشددين السنة، وفعلاً، إن التاريخ يعيد نفسه بطرق ملتوية.

    المصدر : مجلة المجتمع الكويتية .
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

  4. افتراضي

    {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }الصف8


    {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }الأنفال36

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. "الذين يتفكرون"... سلسلة متجددة
    بواسطة أحمد عبدالله. في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 39
    آخر مشاركة: 10-16-2013, 11:44 AM
  2. "ماذا قرأت" ..؟ "ماذا تقرأ" ..؟ "ما ستقرأ"..؟
    بواسطة جـواد في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 04-19-2010, 11:37 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء