أسوأ مايمكن ان يحدث للانسان والدولة هو فقدان الهوية. والمسلمون اليوم حكومات وافراداً يعيشون حالة اللاستقرار الفكري بسبب هيمنة الفكر الغربي الشاملة والطاغية من جهة ، وحالة الضعف والضياع السائدة في الفكر الاسلامي المعاصر من جهة أخرى فالإسلاميون عملوا على استيراد معلبات فكرية جاهزة يتم تغليفها و سنتحدث عن الديمقراطية كأنموذجا فهوية الديمقراطية ومصدرها الأساسي انتاج غربي باتفاق الجميع و هي أساسا ترجع لأصول يونانية ما قبل ظهور الإسلام و لم تعرف لا في عصر النبوة و لا في عصر الخلفاء الراشدين و لا في غيره من عصور على مر التاريخ الإسلامي لو قلبت جميع كتب فقهاء الإسلام لم تجد لها ذكرا ثم يأتي بعض المنسوين للتيار الإسلامي يمارس الخديعة على الشعوب الإسلامية الجاهلة بدينها و يستخدمون الديمقراطية و يتقبلونها كحل للأوضاع القائمة بل ذهبوا إلى أن الديمقراطية هي الاسلام بل قال كبيرهم أننا سنقاتل في سبيل الديمقراطية ثم صوروا لنا أن الديمقراطية هي الحل السحري لكل مشاكلنا !!! و سأتناول في هذا المقال موقف الإسلاميين في عدة تساؤلات و محاور و نحن نتاول موقفهم هنا ليس من باب الشتيمة بل من باب الإصلاح !!!
السؤال المر الذي يطرح نفسه و بقوة بما أنكم آمنتم بأن الدميقراطية بآلياتها هي الحل و الدميقؤاطية باتفاق الجميع انتاج غربي ماذا قدمتم أليس هذا فشل فكري أين انتاجكم أين ابداعكم ؟!!!
ألفتم الكثير من المؤلفات و الأبحاث و المقالات و المجلات وووعلى طول الحقبة الماضية كلها تتناول النظام السياسي في الإسلام و أن الإسلام هو الحل ثم في الأخير تنقلبون على هذا و تؤمنون بالدميقراطية و تروجون لها بين الشعوب الاسلامية و أنها هي اكسير حياتهم وهي الترياق المجرب لكل مشاكلهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعي!!!!
ما تفسير هذا الإنحدارو الإنقلاب المرير ؟!!!
في نظري أن هذا يرجع لعدة أسباب أبرزها وقوع المنتسبين للتيار الإسلامي تحت أسر الخطاب اللبرالي بقولهم أن الدميقراطية هي أرقى التطور الفكري للبشر ,و أن من لم يقبل الديمقراطية خارج إطار الزمن و أمثال هذا فكانت ردت فعل الإسلاميين أننا ديمقراطيون حتى النخاع بل إننا سنتقاتل في سبيل الديمقراطية !!!
يا أعزائي الدميقراطية - على افتراض أنها لا تخالف الإسلام - لم تولد جاهزة ولا بقرار ولم تتسلل آلي التاريخ من المعاهد والجامعات، فهي أساساً خلاصة أنماط من التنظيمات الإدارية أدخلت عليها التعديلات والتطويرات إلي أن انتهت إلي ما انتهت إليه بصيغتها الحالية. والصيغة الحالية ليست نهائية كذلك بل هي قابلة للتطور التاريخي والإضافات والتعديلات لتتناسب مع المراحل المقبلة المتغيرة زمانياً ومكانياً فلماذا تصورونها هي المفتاح السحري لكل المشاكل ؟!!! ثم هل التغير الاجتماعي و السياسي في أوربا مثلاً جاء نتاج الديمقراطية أو أن الديمقراطية كأسلوب حكم جاءت نتاج التغير الاجتماعي و السياسي؟!!!!
ثم أسألوا أنفسكم هذه التساؤلات !!!
هل تستطيع الديمقراطية أن تلغي نفسها إذا قررت الغالبية السكانية أن المصلحة العامة تقضي بذلك ؟ إذا كان الجواب لا. من هي الجهة التي تمنع قرار إلغاء الديمقراطية ؟
لنفترض مثلاً أن 51 في المائة من الشعب قرر قتل 49 في المائة بذريعة أن الآخر يخفف من التزايد السكاني ويدفع عجلة الاقتصاد آلي التقدم والنمو. هل ينفذ الأمر، لأن الغالبية قررت ذلك ولأن مصلحة من تبقى من الناس تقضي بذلك ؟.
لنفرض مثلا وايضاً أن 51 في المائة في دولة ما صوتوا لصالح احتلال دولة أخرى دعونا نفترض دولة اليهود صوتوا لصالح احتلال دمشق أو بيروت أو عمان أو المدن الثلاث هل يبادر الجيش الإسرائيلي آليا لتنفيذ رغبة الغالبية الإسرائيلية و يبيد نفسه من أجل الأغلبية ؟
إّذن لا بد من ضوابط للديمقراطية ليأتي السؤال المقلق و المزعج لكل من آمن بالديمقراطية دينا من يضع هذه الضوابط إذا كان الغالبية ( الأكثرية ) فليجبوا على اسئلتنا السابقة و إن كان غير ذلك فهذا انقلاب على الديمقراطية التي أنتم مؤمنون بها ؟!!!!!
فالديمقراطية تحمل التناقض الذاتي مع نفسها !!!!
و من هذه التساؤلات نخرج بنتيجة أن الديمقراطية لا بد لها من ضوابط و هذه الضوابط مشكلة في نفسها و خرجت بآثار و اشكاليات على المجتمعات التي طبقتها أدت إلى صراعات داخلية و خارجية فالديمقراطية تقضي على وحدة الأمة وتفتتها إلى تكتلات متناحرة وأحزاب متطاحنة لأسباب لم تكن لتستدعي التكتل والتحزب لولا أن الدميقراطية نفسها تشجع على ذلك وتهيئه، و ما هذه التساؤلات إلا تسليط جانب على الخديعة الكبرى على الشعوب ( الدميقراطية ) ،لم ينتج عنها فى الحقيقة إلا مزيد من السيطرة على المواطنين، ليستفيد فى النهاية رجال أعمال ورجال سياسة ورجال حرب قلائل حول العالم.
و الإسلاميون لبعدهم عن إسلامهم و قبولهم لنتاج غيرهم يلهثون خلف السراب و لن يفيقوا من آثار هذه اللعبة ( الديمقراطية ) و يلتفتوا إلى سلبياتها إلا إذا أفاق العالم !!!
فبدل أن نكون مؤثرين أصبحنا متأثرين و بدل أن نحمل مشعل الإصلاح و الهداية أصبحنا فئران تجارب للأنظمة المستوردة و هناك توجهات العديد من الباحثين الغربيين الآن تتوجه لإيجاد نظام سياسى جديد يعالج المشاكل التى أثبتت الخبرة أن النظام الديمقراطى بشكله القائم لا يعالجها و الإسلاميون في غيهم يعمهون .!!!!.
فالكثير من الفلاسفة وعلماء الاجتماع رفضوا فكرة الديمقراطية لأنها تعني في النهاية سلطة الغوغاء الهائجة التي لا تعرف ماذا تريد، وحكم الجماهير المزاجية التي تتقلب في خياراتها وتتأثر بالإعلام والمال وأجهزة الدعاية، واشترطوا عليها الكثير من الضوابط حتى يمكن السيطرة عليها وإدارتها في قنوات لا يجوز كسرها وإلا تحولت الغالبية المنتخبة إلى جهة عدوانية استبدادية !!!
على سبيل المثال يقول الباحث الاجتماعى «ريتشارد تلي» فى كتابه «الحركات الاجتماعية» بعد بحث تاريخى طويل، (( إن أنشطة الحركات الاجتماعية من مظاهرات واعتصامات وإضرابات وغيرها من أشكال الضغط السياسى على الأنظمة، تزيد كلما زاد التحول الديمقراطى فى البلاد، وإن أكثر الدول ديمقراطية هى التى تشهد العدد الأضخم من التظاهرات والاحتجاجات التى ينظمها مواطنون نشطاء لإملاء مطالب على حكوماتهم، وأنه على عكس ما يعتقد الكثير من الناس))
و يقول لهارولد لاسكي : "في إنجلترا مثلاً إذا اقتصر الأمر على حزبي المحافظين والعمال، فسوف يضطر كثير من الموظفين لأن يختاروا بين بديلين، ليس بينهم وبين أحدهما تجاوب كامل خلاق، ولهذا السبب ينهض الادعاء بأن نظام الأحزاب المتعددة الذي يسمى عادة بنظام المجموعة يتلاءم مع انقسام الرأي بصورة أكثر فاعلية.
ولكن بناء على خبرتنا بنظام المجموعة - كما في فرنسا وحكومة ويمار في ألمانيا - يبدو أنه مصحوب دائما بعيبين خطيرين، ويكمن أكثر هذين العيبين أهميةً في أن هذا النظام عندما يعمل تكون الطريق الوحيدة التي يتحكم بها في السلطة التشريعية هي تنظيم نوع من الائتلاف بين المجموعات... ويكون من نتيجة ذلك أن يستعاض عن تحمل المسئولية بالمناورات وأن تصبح السياسة مجردة من التماسك وسعة الأفق...
والعيب الثاني الذي يظهر بدرجة ملحوظة في فرنسا هو أن نظام المجموعة يميل إلى تجميع السلطة حول الأشخاص أكثر من تجميعها حول المبادئ" انتهى
إلى الكثير من غيرهم فمتى يفيق قومي ؟!!!!
Bookmarks