صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 43

الموضوع: قصص للعبرة والعظة ...

  1. #1

    Exclamation قصص للعبرة والعظة ...


    قصص للعبرة والعظة ...

    هي دعوة مفتوحة لوضع القصص التي يُرجى من ورائها الفائدة الدينية أو الأخلاقية ..
    وسواء كانت القصص حقيقية أو خيالية هادفة ...
    والله الموفق ...
    وسوف أبدأ معكم بمجموعة قصصية كنت قد جمعتها من النت وغيره منذ سنوات ..
    وكنت نشرتها في رسائل إيميلات للعبرة والعظة ... ومنها ما قمت بتغيير صياغته قليلا ً..
    وأترككم مع مجموعة منها ...

    --------------------

    1...
    إن كنت فاعلا .. فعند هذه الصخرة !!


    كان هناك قديما رجل له أب عجوز بخيل .. وكان هذا الأب العجوز مع كبر سنه مريضا مقعدا .. ولم يكن معه في البيت إلا ابنه هذا ليخدمه ..
    وكان لهذا الأب البخيل مالا كثيرا ودارا كبيرة وقطيعا من الأغنام والبقر يملأ ما بين الجبلين ..
    فكان الابن ينظر إلى كل هذا بسعادة جمة وهو يعرف أنه الوارث الوحيد لأبيه إذا ما مات .. لذلك فهو لا يعمل !!.. ولم يتقدم للزواج أيضا ممن يحب انتظارا لموت الوالد وذهاب كل شيء إليه !!
    ولكن الأيام تمضي بطيئة على الابن .. ومع مرض الوالد وضعفه الشديد فلا تبدو عليه أي علامة من علامات الموت – أو هكذا بدا للابن !! - .. وانتظر الابن وانتظر ولكن لا شيء ..
    ومع مرور الأيام بطيئة على الابن قرر أن ينهي هذا الأمر بنفسه ..
    فحمل الابن أبيه ذات يوم على ظهره وذهب به خارج البيت .. فسأله الأب : إلى أين ستأخذني يا ولدي ؟ ..
    قال الابن : لا شيء .. فإن ( فلان ) صديقك العجوز يريدك في أمر هام بعيدا عن أهل بيته والقرية ..
    فصدق الأب العجوز كلام ابنه واستسلم له .. ومرت اللحظات وخيم الصمت عليهما .. حتى ابتعد الابن بالفعل عن القرية وغاب بأبيه بين الصخور البعيدة التي تخفي مَن بداخلها عن العيون ..
    كل هذا جعل الأب يصدق فعلا قصة ابنه عن صديقه الذي يريد أن يحدثه سرا في أمر ما .. وفجأة .. رمى الابن أبيه من على ظهره إلى الأرض بجفاء ..!! وهنا قال الأب في دهشة وألم لابنه : ما هذا ؟؟!!.. ماذا فعلت ؟!! ..
    وهنا أخبر الابن أبيه بما ينوي أن يفعل ..!! واكفهر وجه الأب وشحب لونه وهو يرى السكين في يد ابنه وهو يقترب منه ..!! وأخذ الأب يصرخ ويولول على هذه الفاجعة التي نزلت به : ومن مَن ؟؟.. من ابنه !!!!!.. ولكن لا إجابة ولا خوف من الابن .. فقد ابتعدا فعلا كثيرا عن الديار ولن يسمع صراخ الأب أحد ..!
    ويأس الأب من الهرب أو المقاومة : وهو الضعيف المقعد المريض أمام ابنه الشاب القوي ..!!
    فأخذ يتوسل إليه ويعده بالمال كله إذا هو تركه وأعاده ولم يقتله .. وأخذ يذكره بالله وعقابه .. ولكن : لا فائدة ..!! فالابن يعرف أن أبيه قادر إذا رجعا للقرية أن يفضحه فجأة !!..

    فتيقن الأب أخيرا ًأنه هالك لا محالة .. وأنه بعد لحظات معدودات :
    سوف يلحق بركاب الراحلين ..!! فأخذ يبكي بأسى شديد على عمره وعلى ماله وعلى ولده ..!
    وقبل أن يشرع الابن في القتل قال له الأب : يا ولدي ..
    أراك لن تغير ما عزمت عليه .. فإن كنت فاعلا :
    فعند هذه الصخرة ( وأشار الأب إلى صخرة لا تبعد عنهم إلا بضع خطوات ذات شكل مميز) ..!
    ثم قال بحسرة وندم : فهناك قتلت أبي !!..

    بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين .. والجزاء من جنس العمل !!

  2. #2

    افتراضي


    2...
    قبلنا فيك شهادة ( الدُرّاج )!!..


    يُحكى أن أحد الملوك كانت ترفع له الشكايات المستمرة من قطع الطريق على الناس إلى المدينة ..
    فكان هناك لص ، وقد بلغ درجة ًمن الإجرام لا يعلمها إلا الله !!
    كان يباغت المسافرين فجأة في الطريق .. فيأخذ كل ما معهم .. ثم يأخذ ملابسهم .. ثم يقتلهم !!
    أي أنه يستحق بجدارة وصف مفسد في الأرض ( وجزاء المفسد في الأرض كما جاء في القرآن أن يُـقتل ويُصلب أمام الناس للعبرة ) ..

    وقد حاول الملك العادل بشتى الطرق والوسائل أن يمسك بهذا اللعين ليقطع رأسه فما استطاع للأسف .. فاللص خبير في خبايا الطرق ومجاهلها ..
    وتمر الأيام .. والشكايات والحوادث تكثر من فعل هذا الخبيث ..
    فقرر الملك الحكيم أن يهادن هذا اللص المجرم : ليحمي الناس من شره ويضع حدا لهذا السيل من الجرائم ..
    فأرسل الملك مَن يعلن باسمه في كل الطرق المؤدية إلى المدينة هذه الرسالة :
    "أي فلان .. امتنع عما تفعل .. ولو استجبت .. فأنت في أمن وأمان ، أجعلك ممَن يطأون بساطي ، بل وأجعلك من خاصتي .. ولك عهد منا بالأمان ..!! " ..

    فرضي اللص ، وأقبل إلى الملك ، وانقطع عن هذه الأفعال والجرائم ..
    بل وصار يخرجه معه في رحلاته .. ويجلسه معه على المائدة ليأكل .. ولكن الله تعالى يمهل ولا يهمل .. فهذا اللص الآثم لم يفكر للحظة واحدة وهو في هذه الحالة وفي هذا الأمان أن يتوب إلى الله تعالى مما فعل .. فماذا حدث ؟..

    في إحدى المرات .. جلس الملك ورجاله واللص معهم على مائدة الطعام ليأكلوا ..
    وامتلأت المائدة باللحم ، ولحم الطير ، ومن ضمن لحم الطير الموضوع لحم طير اسمه ( الدُرّاج ) ..
    فلما وقعت عينا اللص على لحم الدُرّاج الموضوع أمامه قهقه عاليا !! وضرب كفا بكف وأخذ في الضحك الشديد حتى اهتز جسده من كثرة الضحك !!
    فلم يملك الملك ورجاله إلا أن يضحكوا لضحكه .. ثم قال له الملك وهو يضحك :
    علام تضحك يا فلان ؟!! أتضحك لأني أطعمك لحم الدُرّاج على مائدتي ومعي ؟!!..
    فقال اللص : أبدا أيها الملك .. ولكن لهذا الطائر معي قصة ..
    قال الملك : قصها علينا إذن ..

    فقال اللص : وأنا أقطع الطريق على الناس مر بي يوما رجل .. فأمسكته ، وأخذت منه ماله وجردته من ثيابه !! ثم قلت له سأقتلك ..
    فقال الرجل متوسلا : علام تقتلني !! .. مالي وأخذته .. ثيابي جردتني منها..!! لا تعرفني ولا أعرفك .. لم تقتلني ؟!! أنا ذو عيال .. دعني أمضي ولن أخبر عنك أحدا .. فقال له : لا تحاول .. سأقتلك ..
    فأوثقت يده خلف ظهره ، ثم جذبته لصخرة لأقطع رأسه عليها .. فإذا بطائر الدُرّاج يهبط على الصخرة ويقف أمام الرجل .. فنظر إليه الرجل وقال : اشهد أيها الدُرّاج بأن هذا الرجل قتلني ظلما ..

    كان اللص يحكي هذا إلى الملك ويقول وهو يضحك :
    انظر أيها الملك إلى غباء هذا الرجل .. رجل في قمة التغفيل !! أنا أضرب رأسه ويقول اشهد يا دُرّاج !! يُشهد عليَ طائر !! رجل مجنون سفيه !!..
    وهنا ...

    يتوقف الملك عن الضحك .. ويحمر وجهه غضبا وتدور عيناه في رأسه ثم قال : خذوه .. واضربوا رأسه ..
    فقال اللص مفزوعا : لم أيها الملك ؟!!
    فقال الملك : قبلنا فيك شهادة الدُرّاج ..!!

    بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين .. والجزاء من جنس العمل ..!!
    التعديل الأخير تم 01-10-2013 الساعة 07:45 PM

  3. #3

    افتراضي


    3...
    يوم الخميس .. قبل المغرب بقليل ..!!


    وهذه القصة يرويها صاحبها على عهدته :
    عن ضابط سعودي برتبة نقيب في قسم التحقيق في الشرطة ..
    وهي قصة حقيقية عجيبة بالفعل .. وقد قعت معه شخصيا .. وفيها عظة وعبرة كبيرتين ..

    يقول ضابط التحقيق :
    في يوم من أيام يوم الخميس ..
    وقبل صلاة المغرب بقليل جاءت سيارة مسرعة سرعة جنونية في طريق سريع :
    وصدمت رجل كان يمشي في الطريق أمام باب وكالة سيارات (بي أم دبليو) وهرب السائق الذي صدم هذا الرجل ...
    وقد تمكنت الشرطة في نفس اليوم من إلقاء القبض عليه ...
    والرجل الذي صدمته السيارة توفي في الحال ، وعند البحث في الأوراق التي كانت بحوزته :
    تبين أنه قادم للبحث عن عمل في وكالة السيارات التي توفي أمامها ...

    ونقل هذا المتوفى إلى إحدى المستشفيات حتى يحفظ في الثلاجة إلى أن يأتي أحد أقاربه للسؤال عنه واستلامه ...
    ومضى أسبوعان ولم يسأل عنه أي أحد ...!
    وفي نهاية الأسبوع الثاني بدأ يبحث الضابط عن هاتف منزله من خلال الأوراق التي كانت بحوزته ...
    اتصل الضابط بالمنزل فردت عليه امرأة فسألها :
    أين فلان ؟؟.. قالت : غير موجود . فقال لها : وماذا تقربين له ؟ قالت : زوجته .. فقال لها : متى سيعود ؟؟..
    قالت : لا أعلم .. لقد خرج منذ أسبوعين ولا نعلم عنه شيء وأنا وأطفالي الاثنين ننتظر عودته ....

    أنهى الضابط المكالمة معها دون أن يخبرها بما حدث ... وبدأ يفكر في أمرها وكيف يبلغها بأمر زوجها الذي دعسته السيارة ومات ...!
    ظل في حيرة من الأمر لمدة يومين ثم قرر بعدها إبلاغها بما حدث ...

    اتصل عليها مرة أخرى وأبلغها بالأمر فحزنت حزنا شديدا وبكت وهو يحدثها ..
    ثم طلب منها أن ترسل أي أحد من الأقارب حتى يتابع القضية وينهي الإجراءت النظامية ...
    فأبلغته بأنه لا يوجد لهم أقارب إلا عم لزوجها يسكن في منطقة تبعد عنهم مئات الكيلومترات والعلاقة بينهم مقطوعة ...

    تابع الضابط موضوع هذه المرأة بنفسه ... حتى دفن وحكمت المحكمة على السائق بدفع الدية للمرأة ...
    أخذ هذا السائق يماطل بالدفع ويقول أنني لا أملك شيئا ولا أستطيع الدفع لها ...
    وبعد مرور ثلاثة أشهر من الحادث استطاع أن يحضر صك إعسار من احدى المحاكم بشهادة اثنين ...
    وطويت القضية على أنه معسر وسيتم سداده لهذه المرأة عندما تتحسن حالته المالية ....

    فتصور أخي حالة هذه المرأة وأولادها المادية والتي كان زوجها يبحث عن عمل !!...
    يقول الضابط :
    كنت أجمع لها بعض النقود وأعطيها إياها ، وكنت أدلها على بعض الجمعيات الخيرية في البلد .....

    ومرت الأيام ...

    وفي يوم من الأيام ..
    وبعد سنة بالضبط من الحادث الأول ..
    كنت مناوبا في المساء ..
    وإذا بمكالة هاتفية تأتي إلى الشرطة ويقدر الله أن أرد على هذه المكالمة وأنا بحضرة حوالي عشرين ضابط ...
    وإذا بخبر حادث سيارة أمام وكالة السيارات بي إم دبليو ...
    ذهبت إلى موقع الحادث للتحقيق فيه ... فوجدت أن سيارة صدمت رجل ومات في الحال ...
    وكانت الجثة مشوهة جدا لا أحد يستطيع التعرف على ملامح هذا الميت ...
    وكان اليوم خميس .. والوقت قبل المغرب بقليل ...

    وبعد البحث عن الأوراق التي بحوزته .. كانت المفاجأة المذهلة والصاعقة التي :
    تيقنت من خلالها أنه لا شيء يضيع عند رب الأرباب ...!

    تبين لي بأنه هو نفس الشخص الذي عمل الحادث وظلم المرأة ...!
    وفي نفس المكان ونفس الموعد بعد سنة من الحادث الأول ...!

    ومن هول المفاجأة بالنسبة لي :
    أخذت أتردد على المكان عدة مرات ولعدة أيام ..
    وقست المسافة بين موقع الحادث الأول والحادث الثاني .. فوجدت الفرق خمسة أمتار بينهما ..!
    ومما زاد من المفاجأة أن الذي توفي في الحادث الثاني : جاء يمشي للدخول إلى وكالة السيارات :
    ومعه شيك ليدفعه للوكالة لشراء سيارة جديده له منها !!..

    انظر أخي المسلم كيف أن الرجل الأول كان في الطريق للبحث عن عمل وكان الثاني في الطريق لشراء سيارة جديدة ..!!

    يقول صاحب القصة :
    فأخبرت القاضي الذي سيتولى الحكم بموضوع هذا الرجل وما كان منه من قبل مع المرأة التي دعس زوجها !
    وقد قدر الله أن سائق السيارة الذي صدم الرجل الثاني :
    كان يعمل في شركة كبيرة ..
    وعندما طلبوا منه الدية أحضرها سريعا ..
    ولكن القاضي :
    حكم بأن تكون هذه الدية من نصيب المرأة التي ظلمها هذا الميت ..!
    وبهذا تمت القصة ...!

    فلنتأملها جيدا ونستفيد منها أن الجزاء من جنس العمل ...
    وأن دعوة المظلوم مستجابة .. وأن الله يمهل ولا يهمل فلتكن لنا عبرة ...!

  4. #4

    افتراضي


    4...
    من أعجب ما قرأت !!..


    لقد قرأنا كلنا – وكمسلمين – مرارا وتكرارا في القرآن الكريم :
    قصة نبي الله لوط عليه السلام مع قومه الذين كانوا يفعلون الخبائث وفاحشة الشذوذ :
    لأول مرة في تاريخ البشرية ..!!

    فهم أول مَن بدل سنة الله تعالى وفطرته التي فطر الناس عليها من إتيان الرجال للنساء ..
    فأبدلوا ذلك واكتفى الرجال منهم بالرجال – أعاذنا الله وإياكم - ..!!
    والآن ...
    اقرأوا معي وتدبروا عقاب الله تعالى لهم .. كيف كان ..؟؟

    1-
    لما عميت بصيرتهم في الحياة :
    أعمى الله تعالى أبصارهم وطمس أعينهم قبل العذاب : بطرف ريشة من جناح جبريل عليه السلام :
    فأعماهم !!.. وذلك أنكى بهم : أن يأتيهم العذاب وهم يتخبطون من العمى !!..
    قال عز وجل :
    " فطمسنا أعينهم : فذوقوا عذابي ونذر " القمر - 37 ..

    2-
    ولما قلبوا فطرة الله تعالى وعكسوها :
    أمر الله تعالى جبريل عليه السلام أن يحمل قراهم ( سدوم وعمورة ) :
    ثم يقلبها رأسا على عقب ..!!
    قال عز وجل :
    " فلما جاء أمرنا : جعلنا عاليها سافلها " هود – 82 ..

    3-
    وعندما وضعوا ماء الحياة ( المني ) :
    في غير موضعه ..
    أهلكهم الله تعالى أيضا بماء الحياة ( المطر ) : فأرسله عليهم شديدا هدرا !! ..
    قال عز وجل :
    " وأمطرنا عليهم مطرا : فساء مطر المنذرين " الشعراء – 173 ..

    4-
    ولما لوثوا الفطرة :
    أمطرهم الله أيضا بحجارة ملوثة : كأنفسهم الملوثة !!.. وذلك نكالا بهم !!..
    قال عز وجل :
    " لنرسل عليهم حجارة من طين " الذاريات – 33 ..
    بل :
    وجعل مكانهم إلى الآن – بالأردن – بحيرة مُـنتنة !!..
    فسبحان الله تعالى ملك الملوك .. ذو القوة والجبروت ..

    والجزاء من جنس العمل !!..

  5. #5

    افتراضي


    5...
    قلوب من حجر !! ..

    يرويها الشيخ : عبد الحميد جاسم .. يقول :

    كانت هناك على ضفاف البحر جالسة على بساطها و بقربها ((دلة)) الشاي ..
    تنظر إلى قرص الشمس و هو يغطس في الأفق : لينقضي يوم من حياتها التي بلغت السبعين عاماً ..
    ثم تنظر إلى البحر الذي تنعكس على مياهه أشعة الأفق الذهبية : وتأخذها روعة جماله ..

    ولكنها أبدا لا تنسى كم ابتلع هذا البحر في جوفه من المآسي والقصص :
    ثم تعود إلى مكانها فتتذكر حقيقة الحياة وأنها تشابه البحر في كثير من جوانبه !!..

    كان يجلس قريباً منها عائلة جاءت إلى البحر لتكسر روتين الحياة اليومي ..
    ولتنسى بعضا من ماكينة الحياة اليومية وضوضائها وما تسببه من التوترات النفسية ..
    لاحظ بعض أفراد العائلة المرأة العجوز وهي جالسة وحيدة أمام البحر !!..
    ولكن ذلك لم يمنعهم من أن يقضون وقتهم ويتناولون أطراف الحديث بأمور شتى و يأكلون طعامهم :
    حتى جاوزت الساعة بعد منتصف الليل :
    والسيدة العجوز مازالت جالسة وحدها تحتسي الشاي و تنظر إلى البحر !!..

    لم يتمالك أحدهم نفسه .. فاقترب من المرأة العجوز وقال لها في أدب :
    حَجية .. هل تريدين أن نوصلك إلى مكان ما ؟.. عسى ما شر ؟.. لا نرى عندك أحد ؟!!..

    فقالت : لا .. أنا أنتظر ابني !!!..
    فقال لها :
    ولكن الوقت متأخر والساعة الآن الواحدة والنصف بعد منتصف الليل ؟!!..
    قالت :
    لا أدري والله يابني .. لقد ذهب وأخبرني أن أنتظره هنا !! ولكنه ترك بيدي ورقة ..

    فأخذها ذلك الرجل وقرأها .. وإذا فيها :
    ((على كل من يقرأ هذه الورقة إرسال هذه السيدة إلى دار الرعاية للمسنين !! ))

    صعق الجميع عند معرفتهم بمأساة هذه العجوز !!.. والتي كانت يوماً من الأيام :
    مرضعة .. وساهرة .. وحاملة لذلك العاق ..!! ثم يرميها وهي في خريف حياتها على البحر :
    كما يرمي البحر زبده على شاطئه !!..

    ولنأخذ نحن العبرة من هذا ..
    ولنعلم أن مصير مَن يفعل ذلك هو بالتأكيد المثل ..!
    وأن علينا بر آباءنا والإحسان إليهم :
    إذا أردنا أن تبرنا أبناءنا وأن يدعو لنا بالخير بعد الموت ..

    فكما يقولون :
    " بروا آباءكم .. تبركم أبناءكم " ..

  6. #6

    افتراضي


    6...
    ولد أم بنت ؟ .. فرق كبير !!


    بعد حفلة عرس عامرة في أحد فنادق الخمسة نجوم ، اصطحب فارس الأحلام فتاة أحلامه إلى غرفة حالمة في ذلك الفندق لقضاء أولى ليالي العسل - بعد ليالي البصل الكثيرة في حياته !! – حيث قضيا تلك الليلة وهما يشعران بأنهما أسعد مخلوقين على هذه الأرض، لا يتحمل أن تغيب عن عينيه لحظة، وتبادله هي نفس الشعور !!

    في اليوم التالي، وفي الساعة العاشرة صباحا .. جاءت أمه وأخواته ليزرنه ، ويطمئنن عليه وعلى زوجته ..
    فقرعن جرس الغرفة في الفندق والسعادة تحفهن، خاصة الأم التي كان فرحها أكبر من فرحته هو بزواجه .. استيقظ هو على صوت رنين الجرس متسائلا : مَن يمكن أن يكون الزائر في مثل هذه الساعة ؟

    قامت حبيبة الفؤاد واقتربت من العين السحرية، وهي تقول: إنها أمك وأخواتك، لقد جئن مبكرا جدا. لا ترد عليهن ودعنا في متعتنا ..!

    أعاد الحبيب الغطاء على رأسه واستمرا في نومهما ..!

    بعد ساعة واحدة .. قرع الجرس مرة أخرى، قامت وهي تقول :
    لعلها أمك عادت مرة أخرى .. وما أن اقتربت من العين السحرية حتى صاحت :
    إنها أمي مع أخواتي، قم بسرعة ..! فقد آن أوان الاستيقاظ !! والساعة تقترب الآن من الحادية عشرة فكفانا نوما..!!

    قفز من الفراش مسرعا، وغسل وجهه، وطلب منها فتح الباب لاستقبال حماته ..!!

    انتهى شهر العسل، وكم كانت فرحته عظيمة عند سماعه خبر حملها ..
    وزادت فرحته، ولم تسعه الدنيا عندما رزق بمولودة بنت جميلة من حبيبة العمر، وطار بها من شدة الفرح، ولم يفارق زوجته لحظة، بل ولم يتركها تتحرك حركة واحدة، خوفا عليها، وأغدق عليها الهدايا تلو الهدايا، وأغرق ابنته بأجمل وأغلى الفساتين، وكلما ألبس ابنته الصغيرة فستانا ضمها إلى صدره وشمها، وقبلها من كل مكان، حامدا ربه على هذه النعمة .. وزاد حبه وقربه لزوجته.. بعد مجيء صغيرته لهذه الدنيا..

    وبعد ما يقارب الأعوام الثلاثة رزق بمولود ولد ، وفرح الجميع بهذا الخبر، وتوقع أهل العروس أن تتضاعف فرحة الزوج هذه المرة عن المرة الأولى .. فالقادم ذكر .. وحلاوته عند الكثيرين أضعاف حلاوة الفتاة في عرفهم .. ولكن الجميع فوجئوا بأن الزوج استقبل الخبر ببرود شديد !!..
    بل :
    واختفى عن الأنظار، وابتعد عن زوجته وأصبح يلبي حاجاتها بالهاتف خلال فترة النفاس.. بينما كان بالأمس لا يفارقها لحظة واحدة !!
    جاء لزوجته يوما من الأيام فسألته عن هذا التغير الغريب، ورجته أن يخبرها بسبب لا مبالاته، وحزنه للخبر، بينما كان يفترض العكس !!
    فقال لها :
    البنت ترحب بأهلها إذا جاؤوها ولا تفضل عليهم زوجها .. أما الولد :
    فيضحي بأمه وأهله من أجل زوجته !!..
    فالبنت أكثر وفاء من الولد ..!!

    ففهمت زوجته ما أراد .. وصمتت عن التعليق ..!!

  7. #7

    افتراضي


    7...
    والد الشيخ أحمد القطان ..

    من شريط للشيخ أحمد القطان بعنوان : سلامة القلب من الأضغان ..

    وفي هذه القصة الحقيقية :
    مجموعة كثيرة جدا ًمن العبر .. وكشف حقائق نفسية لمختلف الشخصيات في حياتنا ..
    حيث كان الشيخ أحمد القطان - جزاه الله خيرا - هو السبب الرئيسي بتوفيق الله تعالى :
    في هداية والده وإرجاعه إلى جادة طريق الإسلام .. يروي لنا القصة فيقول :

    أصيب والدي - رحمه الله - بمرض في الغوص حيث كانوا على ظهر سفينة فضربتهم صاعقة .. فقد كانوا داخلين في شط العرب يحملون التمور وكانت هناك سفينة كويتية معطلة تحتاج إلى بعض التصليح فطلب ربان هذه السفينة من ربان السفينة الأخرى التي فيها والدي أن يساعده فيجر معه " المحمل " حتى يخرجه من المكان الضحل إلى المكان العميق ..

    فوعده أن يساعده في وقت آخر بعد أن يستقي الماء ويجره إلى المكان العميق .. إلا أنه كان مستعجلا وكان محملا بضاعة ثقيلة فلم يف بوعده إذ " أبحر " بالليل خفية وترك صاحبه الذي عاهده قال والدي - رحمه الله - :

    فلما خرجنا من الخليج العربي جاءت سحابة فوق السفينة فبرقت ورعدت ونزلت منها صاعقة على رأس الشراع فاحترق كله ..!! فكان والدي ممَن أصيب بهذه الصاعقة إذ أصيب بمرض أشبه بالشلل .. وكان التجار يلومون ربان السفينة ويقولون له : لو أنك ساعدت ذلك الرجل صاحب السفينة المعطلة لما حدث ما حدث .. ولكن .. قدر الله وما شاء فعل .. ثم عادوا بوالدي - رحمه الله - إلى بيته وأصبح مقعدا لا يستطيع المشي ..

    وأكل كل ما عنده من مدخرات حتى أصبح لا يملك شيئا فخرج وهو يزحف إلى الشارع لعله يجد من يجود عليه ولو بكسرة خبز ..!!
    ولما بلغت به هذه الحالة وامتد مرضه ما يقارب العشر سنوات وهو جالس في البيت بلا علاج وصفوا له شيخا ًمن المنتسبين للدين اسما ًفقط – سامحه الله - يقرأ على الناس الآيات والأحاديث للاستشفاء ..
    فاستدعى أبي ذلك الشيخ الذي يسمونه " الملا " ..
    فجاء " الملا" وكان أول سؤال وجهه إلى والدي - مع الأسف الشديد - هو :
    " كم تدفع على هذه القراءة " ؟ فقال والدي - رحمه الله :
    أنا رجل فقير ومقعد وليس معي في جيبي هذه النصف روبية هي ثمن طعامي أنا ووالدتي فقال " الملا " :
    هذه لا تكفي !!.. وطلب أكثر من ذلك ..
    فلما لم يعطه والدي ما يريد خرج ولم يقرأ عليه شيئا !!..

    وهنا .. أحس والدي بامتعاض شديد وتولد عنده رد فعل عنيف جعله يكره الدين ويكره مَن ينتسب إلى هذا الدين ..
    وأصبحت هذه الحادثة دائما على لسانه لا سيما وأنه كان فصيحا وذكيا يقول الشعر ويضرب الأمثال .. فسلط تلك الفصاحة وذلك الذكاء للسخرية بالمتدينين بسبب ذلك الموقف الذي وقفه ذلك " الملا " . ومرت الأيام ..

    ويقدر الله - جل وعلا - أن يأتيه رجل فيقول له : لماذا لا تذهب إلى المستشفى "الأمريكاني" الذي يمدحه الناس ويثنون عليه .. فيه طبيب جيد اسمه سكيدر .. الخ وهو مستشفى تابع لإرساليات التبشير ( النصرانية ) التي تعمل لتنصير المسلمين أو إخراجهم من دينهم على الأقل ..
    فقال والدي :
    ولكن كيف استطيع الوصول إلى هذه المستشفى وهو بعيد عن بيتي وأنا لا استطيع المشي ؟!!

    ولم تكن في ذلك الوقت مواصلات تنقلهم كما هو الآن إلا عند أناس معدودين على الأصابع ومن هؤلاء المعدودين : صاحب ذلك المستشفى المذكور حيث كان يملك سيارة وعند الدكتور سكيدر..

    وعند آذان الفجر :
    زحف والدي رحمه الله على فخذيه من بيته إلى المستشفى "الأمريكاني" .. فما وصله - زحفا - إلا قبيل الظهر !! وكان ذلك في فصل الصيف .. يقول - رحمه الله - : فلما وصلت إلى جدار المستشفى لم تبق في قطرة ماء لا في فمي ولا في عيني ولا جسمي ..!!
    وأحسست أن الشمس تحرقني وأكاد أموت حتى إني لا أستيطع أن أتكلم أو أصرخ أو أنادي .. فدنوت من الجدار ونمت وبدأت أتشهد استعدادا للموت.. يقول :
    ثم أغمي علي وظننت أني مت .. فلما فتحت عيني إذا أنا في بيتي وبجواري دواء .. قال : فسألت الناس الذين كانوا يعالجون في المستشفى : ماذا حدث ؟ فقالوا :
    إن الناس قد أخبروا الطبيب بأن هناك رجلا قد أغمي عليه عند جدار المستشفى فنظر من النافذة فرآه فنزل مع الممرضين وحملوه ودخلوا به ثم بعد ذلك قام بتشخيصه تشخيصا كاملا حتى عرف المرض وأعطاه حقنة ثم بعد ذلك أعطاه الدواء وحمله بسيارته الخاصة وأوصله إلى البيت .. قال والدي - رحمه الله - :
    فلما وضعت يدي في جيبي وجدت بها خمس روبيات فسألت : مَن الذي وضع هذه الروبيات في جيبي ؟!! فقالت الوالدة : وضعها الدكتور الذي أحضرك إلى هنا !!!..

    وهنا ...
    يظهر الفرق الكبير بين ما فعله هذا " المبشر" النصراني الكافر وبين ما فعله ذلك " الملا " - سامحه الله -
    إن هذا النصراني لم يدع والدي إلى دينه بطريقة مباشرة وإنما أحسن معه المعاملة لكي يستميل قلبه ..
    وكان من أصول الإرساليات التبشيرية ( التنصيرية) التي تدرس لهم وقرأناها نحن في كتبهم ودرسناها :
    أنه ليس من الشرط أن تجعل المسلم نصرانيا .. إن جعلته نصرانيا فهذا تشريف للمسلم ( هكذا يقولون) .. ولكن إذا عجزت أن تجعله نصرانيا فاحرص على أن تتركه بلا دين فإن تركته بلا دين فقد حققت المطلب الذي نريد !!..

    والشاهد ...
    أن الوالد رحمه الله شفي وقام يمشي وظل ذلك الطبيب يزوره في كل أسبوع مرة ويتلطف معه ويمسح عليه وينظفه ويعالجه إلى أن تحسنت صحته وقام يمشي ..
    بدأ يعمل من جديد ثم بعد ذلك تزوج فلما رزقه الله بابنه الأول - وهو أنا - .. ظل ولاؤه لهذا الطبيب لدرجة أنني لما بلغت الخامسة من عمري وبدأت أعقل بعض الأمور :
    كان يأخذني كل أسبوع في زيارة مخصصة إلى ذلك الدكتور ويعلمني منذ الصغر ويقول : انظر إلى هذا الرجل الذي أمامك .. إنه هو سبب شفاء والدك !!..
    هذا الذي كان يعالجني في يوم من الأيام ويضع في جيبي خمس روبيات :
    بينما يرفض "الملا" علاجي لأني لا أملك هذه الروبيات ..!
    ثم يأمرني بتقبيل يده !!.. فأقوم أنا وأقبل يده ..!!

    واستمرت هذه الزيارة المخصصة لذلك الدكتور إلى أن بلغت العاشرة من عمري .. في كل أسبوع زيارة وكأنها عبادة .. يدفعني إليه دفعا لكي أقبل يده .. ثم بعد ذلك استمر والدي يسخر من المتدينين ويستهزئ بهم ..

    فلما هداني الله إلى الطريق المستقيم – ولهذا قصة أخرى سنحكيها بعد – والتزمت دينيا بل وأعفيت لحيتي أيضا بدأ يسخر ويستهزئ باللحية .. فقلت في نفسي :
    إن من المستحيل أن أنزع صورة ذلك "الملا" وما فعله من رأسه وصورة ذلك الدكتور من رأسه أيضا : إلا بأن أحسن المعاملة معه أكثر من "الملا" وأكثر من الدكتور وبدون ذلك لن أستطيع ..!!

    فظللت أنتظر الفرصة المناسبة لذلك طمعا في هداية والدي .. وجاءت الفرصة المنتظرة .. ومرض الوالد مرضا عضالا.. وأصبح طريح الفراش في المستشفى حتى أنه لا يستطيع الذهاب إلى مكان قضاء الحاجة إذا أراد ذلك وكنت أنا بجواره ليلا ونهارا فقلت في نفسي هذه فرصة لا تقدر بثمن ..
    وفي هذه الحال .. كان - رحمة الله عليه - يتفنن في مطالبه يختبرني هل أطيعه أم لا !!..

    ومن ذلك أنه في جوف الليل كان يأمرني بأن أحضر له نوعا من أنواع الفاكهة لا يوجد في ذلك الوقت !!.. فأذهب وأبحث في كل مكان حتى أجدها في تلك الساعة المتأخرة ثم أقدمها له فلا يأكلها !!..

    فإذا أراد أن يقضي الحاجة لا يستطيع القيام .. فأضع يدي تحت مقعدته حتى يقضي حاجته في يدي .. ويتبول في يدي .. وأظل واضعا يدي حتى ينتهي من قضاء الحاجة .. وهو يتعجب من هذا السلوك ..!! ثم أذهب أنا بعدها إلى دورة المياه وأنظف يدي مما أصابهما ..!!

    وقد تكررت هذه الحادثة في كل عشر دقائق مرة - نظرا لشدة المرض - حتى أنني في النهاية لم أتمكن من وضع يدي كلما تبرز أو تبول - لكثرة ذلك - ..
    فلما رأى والدي هذا التصرف يتكرر مني أكثر من مرة أخذ يبكي ..!! فكان هذا البكاء فاتحة خير وإيمان في قلبه .. ثم قال لي :
    إنني ما عرفت قيمتك إلا في هذه اللحظة ..!! ثم سألني :
    هل جميع هؤلاء الشباب المتدينين مثلك ؟!!.. قلت له :
    أقسم لك والله : أنهم أحسن مني ..!! ولكنك لا تعرفهم ..!!

    وكان إخواني في الله هؤلاء في ذلك الوقت يزورونه ويسلمون عليه ..
    فبدأ يصلي ويصوم ويحب الدين ويذكر الله ..!!
    ولا يفتر لسانة عن ذكر الله وقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وأسبغ الله عليه هذا الدين فقلت :
    سبحان الله .. حقا :
    إن الدين هو المعاملة ..!!

  8. #8

    افتراضي


    8...
    توبة في مرقص !!..

    ذكر هذه القصة الشيخ (على الطنطاوي) في بعض كتبه فقال :

    دخلت أحد مساجد مدينة "حلب" فوجدت شابا يصلي فقلت : سبحان الله .. إن هذا الشاب من أكثر الناس فسادا .. فأنا أعرفه يشرب الخمر ويفعل الزنا ويأكل الربا وهو عاق لوالديه وقد طرداه من البيت .. فما الذي جاء به إلى المسجد؟!!..

    فاقتربت منه وسألته: أنت فلان ؟!! قال : نعم ..
    قلت: الحمد لله على هدايتك .. ولكن أخبرني كيف هداك الله؟؟
    قال:
    هدايتي كانت على يد شيخ وعظنا في مرقص..
    قلت مستغربا: في مرقص ؟!! قال نعم .. في مرقص!!
    قلت: كيف ذلك؟ فقال لي : هذه هي القصة.. وأخذ يرويها فقال:

    كان في حارتنا مسجد صغير.. يؤم الناس فيه شيخ كبير السن… وذات يوم التفت الشيخ إلى المصلين وقال لهم: أين الناس؟!.. ما بال أكثر الناس وخاصة الشباب لا يقربون المسجد ولا يعرفونه ؟!!..
    فأجابه المصلون: إنهم في المراقص والملاهي.. قال الشيخ: وما هي المراقص والملاهي ؟!!.. رد عليه أحد المصلين : المرقص صالة كبيرة فيها خشبة مرتفعة تصعد عليها الفتيات عاريات أو شبه عاريات يرقصن والناس حولهن ينظرون إليهن..
    فقال الشيخ :
    والذين ينظرون إليهن من المسلمين؟
    قالوا: نعم .. قال : لا حول ولا قوة إلا بالله .. هيا بنا إلى تلك المراقص ننصح الناس !!.. قال له: يا شيخ .. إلى أين أنت ذاهب ؟ تعظ الناس وتنصحهم في المرقص؟! قال: نعم.. وحاولوا أن يثنوه عن عزمه وأخبروه أنهم سيواجهون بالسخرية والاستهزاء وسينالهم الأذى فقال : هل نحن خير من محمد صلى الله عليه وسلم؟!..
    وأمسك الشيخ بيد أحد المصلين ليدله على المرقص !!..

    وعندما وصلوا إليه سألهم صاحب المرقص : ماذا تريدون؟!!
    قال الشيخ: نريد أن ننصح من في المرقص.. تعجب صاحب المرقص .. وأخذ يُمعن النظر فيهم ورفض السماح لهم .. فأخذوا يساومونه بالمال ليأذن لهم !! حتى دفعوا له مبلغا كبيرا من المال يعادل دخله اليومي .. وافق صاحب المرقص .. ولكنه طلب منهم أن يحضروا في الغد عند بدء العرض اليومي !!..
    قال الشاب : فلما كان الغد كنت موجودا في المرقص .. وبدأ الرقص من إحدى الفتيات كالمعتاد .. ولما انتهت فقرتها أسدل الستار ثم فتح .. فإذا بشيخ وقور يجلس على كرسي !!

    فبدأ بالبسملة وحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدأ في وعظ الناس الذين أخذتهم الدهشة وتملكهم العجب .. وظنوا أن ما يرونه هو فقرة فكاهية .. فلما عرفوا أنهم أمام شيخ يعظهم أخذوا يسخرون منه ويرفعون أصواتهم بالضحك والاستهزاء وهو لا يبالي بهم .. واستمر في نصحه ووعظه إلى أن قام أحد الحضور وأمرهم بالسكوت والإنصات حتى يسمعوا ما يقوله الشيخ .!!.

    قال: فبدأ السكون والهدوء يخيم على أنحاء المرقص حتى أصبحنا لا نسمع إلا صوت الشيخ .. فقال كلاما ما سمعناه من قبل.. تلا علينا آيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية وقصصا لتوبة بعض الصالحين وكان مما قاله : أيها الناس .. إنكم عشتم طويلا .. وعصيتم الله كثيرا !!.. فأين ذهبت لذة المعصية ؟ .. والله لقد ذهبت اللذة .. وبقيت الصحائف سوداء ستسألون عنها يوم القيامة .. وسيأتي يوم يهلك فيه كل شيء إلا الله سبحانه وتعالى …. أيها الناس .. هل نظرتم إلى أعمالكم ؟!!.. إلى أين ستؤدي بكم ؟ .. إنكم لا تتحملون نار الدنيا وهي جزء من سبعين جزءا من نار جهنم .. فكيف بنار جهنم ؟!!.. بادروا بالتوبة قبل فوات الأوان ..
    قال : فبكى الناس جميعا .. وخرج الشيخ من المرقص وخرج الجميع وراءه !!.. وكانت توبتهم على يده من يومها ..
    حتى صاحب المرقص تاب وندم على ما كان منه واستقام !!

    < أقول : وهذه هي الحال الوحيدة التي يجوز فيها للداعية أن يتواجد في أماكن الفساد :
    ألا وهي : الدعوة الحق إلى الله .. وشتان شتان .. والله المستعان !! >

  9. #9

    افتراضي


    9...
    توبة على الطريق ..


    أنقل لكم هذه القصة بواسطة داعية ثقة مؤمن بالله تعالى .. حيث روى لنا قصة شاب قد تنكر لدينه !!.. ونسى ربه وغفل عن نفسه . كان يُضرب به المثل في التمرد والعناد .. حتى لقد بلغ من أذيته للناس أن دعا عليه الكثير منهم بالهلاك والموت ليريح الله الناس من شره !!..

    وعظه بعض الدعاة فلم يقبل ، نصحوه فلم يسمع ، حذروه فما ارتدع . كان يعيش في ظلمات من شهواته ، دخل عليه أحد الدعاة يوما - وكان هذا الداعية مؤثر صادقاً - فوعظه حتى أبكاه .. وظن الجميع أنه استجاب لله وللرسول صلى الله عليه وسلم .. ولكن دون جدوى !! عاد كما كان وكأنه ما سمع شيئاً أبداً !!

    لا يعرف المسجد ولا حتى يوم الجمعة ، يخرج من بيته بعد العشاء مع عصابة من الأنذال ولا يعود إلا قبيل الفجر ثم ينام النهار كله ، ترك الوظيفة وهجر العمل فأفلس في الدين والدنيا ، كانت أمه تنوح بالبكاء مما تراه من واقع ولدها .. بل وتمنت كثيراً أن يموت !!..

    ينام على الأغنية .. ويستيقظ عليها !! وعنده من صور الخلاعة والجنس والمجون ما يهدم إيمان أهل مدينته .!!.. بل ثبت عنه تعاطي المخدرات فأصابه سكار في العقل والروح معا ..

    طال شذوذه عن الله وحلم الله يكتنفه ، طال تمرده والله يمهله ، كثرت معاصيه ونِعم الله تحوطه ..
    يسمع كل شيء إلا القرآن !! ويفهم كل شيء إلا الدين !! ويحب كل شيء إلا ذكر الله وما ولاه !!.
    فسبحان الله .. كيف يرتكس القلب إذا لم يعرف الله .. وسبحان الله .. كيف يتبلد الإحساس يوم يُعرض عن الله عز وجل ...
    وتمر أيامه المسودة بالمعصية المغبرة بالمخالفات .. ويفكر أحد الصالحين من الدعاة في طريقة غير مباشرة بعيدة عن إثارة العناد : لانتشال هذا العاصي من المعصية ، إنها طريقة مبتكرة وأوصي بها الدعاة وطلبة العلم وأهل النصح والإرشاد .. إنها طريقة : إهداء الشريط الإسلامي وإدخاله بيوت الناس وسيارات الناس ، الشريط الإسلامي الذي ينقل علم المتكلم ونبرته وإحساسه إلى السامع ..

    وبالفعل .. تم إهداء هذا الشاب مجموعة من الأشرطة المؤثرة أخذها ووضعها في سيارته ولم يكن له إهتمام بسماعها ، وسافر عن طريق البر إلى الدمام .. وطال الطريق .. فاستمع ما شاء من غناء وسخف .. ثم أخيرا قرر أن يزجي وقته بسماع شريط إسلامي ليرى كيف يتكلم هؤلاء الناس وما هي طريقتهم في الكلام ..!! وابتدأ الشريط يبث ذبذبات الإيمان حية على هواء الصدق مباشرة عبر أثير الإخلاص بذبذبة طولها الرسالة الخالدة لمستمعيها في مدينة المعرضين وما حولها !!..

    أنصت الشاب للشريط ..
    وكان الشريط الأول عن الخوف من الله تعالى وأخبار الخائفين .. ووصلت الكلمات إلى قلب الشاب فاستقرت هناك في قرار مكين ، وانتهى الشريط باستعادة الشاب لقواه الذهنية ومُراجعة حسابه مع الله جلت قدرته ..!!
    وفتح الشريط الثاني ..
    وكان الحديث عن التوبة والتائبين !! .. وارتحل الشاب بفكره إلى ماضيه المحزن المبكي .. فتتابع الشريط والبكاء في أداء عرض من النصح أمام القلب .. وكأن لسان حال الموقف يُردد :
    " ياأيها الذين آمنو استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم "..

    واقتربت مدينة الدمام وهو لا يكاد يتحكم في سيارته من التأثر ..!!
    لقد دخل جسمه تيار الإيمان فأخذ يهزه هزاً :
    " وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء " ..!!

    وصل المدينة فدخلها .. وقد دخل قبلها مدينة الإيمان ..!!
    تغيرت الحياة في نظره ، أصبح ينظر بنظرة العبد التائب بعد أن كان ينظر بنظرة المعرض المتمرد . !!
    بدأ بالمسجد وتوضأ ودموعه تسيل مع الماء :

    إذا كان حب الهائمين من الورى ..
    بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا ..
    فماذا عسى أن يصنع الهائم الذي ..
    سرى قلبه شوقاً إلى العالم الأعلى ..؟؟!

    ودخل المسجد .. فاستفتح حياته بالصلاة وبدأ عمرا جديدا :
    " وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً " ..!!

    وعاد إلى أهله سالماً غانماً :
    سالماً من المعاصي غانماً من الطاعات . دخل البيت بوجه غير الوجه الذي خرج به .. لأنه خرج بوجه المعصية والذنب والخطيئة .. وعاد بوجه أبيض بنور الطاعة والتوبة والإنابة ..
    وتعجب أهله :
    " ماذا جرى لك يا فلان ؟!! .. ماذا حدث ؟!! " ..

    قال لهم : حدث أعظم شيء في حياتي ، فقد عُدت إلى الله .. تبت إلى الله .. عرفت الطريق إلى الله .. ودمعت عيناه فدمعت عيونهم معه فرحا ، ومن الدموع دموع تسمى دموع الفرحة :

    طفح السرور عليّ حتى إنني ..
    من عظم ما قد سرني أبكاني ..!!

    وأشرقت أنوار البيت .. وتسامع الناس .. وأخذوا يدعون للتائب المنيب .. فهنيئاً له بتوبة ربه عليه :
    " أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة , وعد الصدق الذي كانوا يوعدون " !!

    إن الملوك إذا شابت عبيدتهم ..
    في رقهم عتقوهم عتق أبرار ..
    وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً ..
    قد شبت في الرق فاعتقني من النار ..

    يقول الله تعالى :
    " قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم .. لا تقنطوا من رحمة الله .. إن الله يغفر الذنوب جميعا .. إنه هو الغفور الرحيم " !

    ويقول أيضا في الحديث القدسي الصحيح :
    " يا ابن آدم .. إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ..!!
    يا ابن آدم .. لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ..!!
    يا ابن آدم .. لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة " !!

  10. #10

    افتراضي

    وهذه مشاركة بقة تارخية فيها من العبر
    السلطان سليمان القانوني

    يُروى عن السلطان سليمان القانوني ( 1520-1566) أنه أخبره موظفو القصر ، باستيلاء النمل على جذوع الأشجار في قصر طوب قابي
    و بعد استشارة أهل الخبرة خلص الأمر إلى دهن جذوعها بالجير
    و لكن لم يكن من عادة السَلطان أن يقدم على أمرٍ دون الحصول على فتوى من شيخ الإسلام
    فذهب إلى أبي السعود أفندي بنفسه يطلب منه الفتوى ، فلم يجده في مقامه ، فكتب له رسالة شعرية يقول فيها
    إذا دب النمل على الشجر ** فهل في قتله ضرر ؟

    فأجابه الشيخ حال رؤيته الرسالة قائلا

    إذا نُصبَ ميزان العدل ** يأخذ النمل حقه بلا خجل
    و هكذا كان دأب السلطان سُليمان ، إذ لم يُنفذ أمرا إلا بفتوى من شيخ الاسلام أو من الهيئة العليا للعلماء في الدولة العثمانية
    تُوفي السُلطان في معركة – زيكتور – أثناء سفره الى فيينا فعادوا بجثمانه الى إسطنبول ، وأثناء التشييع وجدوا أنه قد أوصى بوضع صندوق معه في القبر ، فتحيّر العلماء و ظنوا أنه مليء بالمال ، فلم يجيزوا إتلافه تحت التُراب ، وقرروا فتحه
    أخذتهم الدهشة عندما رأوا أن الصّندوق ممتلئ بفتاويهم

    : فراح الشيخ أبو السعود يبكي قائلا: لقد أنقذت نفسك يا سليمان ، فأي سماءٍ تظلنا … و أي أرضٍ تُقلنا إن كنا مخطئين في فتاوينا

    منقول

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    دار الممر
    المشاركات
    1,715
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    6

    افتراضي

    ليس فى تلك الحياة كلها شيء اغلى من الدين
    فهو من أجله خُلقت ومن أجله تموت ومن أجله تُبعث


    فإ ن المتتبع للفتن العظيمة التي ألمت
    بأمة الإسلام على مدار تاريَخها؛ لا يكاد
    يجد فتنة منها إلا وقد قيض الله لها )إمام
    هدًى( يلي الأمر بالمعروف والنهي عن
    المنكر حقًا، ويسلك سبيل أئمة الهدى
    قبله في الأخذ بيد )العامة والخاصة( على
    طريق النجاة من الفتنة، لا بشيء سوى
    بالدلالة على )الوحي( و)معنى الوحي(
    و)مقتضى الوحي(


    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/forumd...aysprune=&f=27

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    252
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    همسه من القبر
    مؤثره جدا




    في إحدى سفراتي لمدينة الرياض حرصت على التوجه للمطار قبل موعد الرحلة بساعة ولكن زحمة الطريق ووجود تفتيش جعلني أتأخر عن الرحلة بعض الوقت فكنت أسير مسرعاً حتى وصلت بوابة مواقف السيارات وأخذت الكرت سريعا وركنتُ السيارة بموقف لا أدري أهو موقف الموظفين أم المسافرين !!
    المهم نزلت من السيارة مسرعاً ومعي حقيبتي بيدي ولا عجب من الإسراع في هذا المكان لأن هذا المنظر مألوف للجميع وبعد دخولي صالة المغادرة وصلت لنقطة التفتيش مسرعاً أنزلت ما في جيبي وتعديت الحاجز فظهرت إشارة صوتية تبين أن معي شئ لا يُسمح بمروره فضجرت وتذكرت ساعتي فأنزلتها وعديت النقطة بسلام وصلت لموظف الخطوط الجوية سريعاً وقلت له : أنا مسافر للرياض في رحلة رقم 1411
    قال الموظف : الرحلة قفلت ، قلت له : يا رجل أرجوك لدي موعد لابد أن أحضره هذه الليلة ، قال : لا تطيل بالكلام الرحلة قفلت ولا يستطيع أحد السماح لك .. قلت له : حسبي الله عليك .. قال بتعجب : وش دخلني أنا !!
    المهم خرجت من عنده ووقفت أنظر للطائرة ولا أملك حولاً ولا قوة إلا بالله !!
    دارت الأفكار برأسي سريعاً : هل ألغي سفري ؟!!
    أم هل أسافر بسيارتي ؟؟ أم هل أسافر بسيارة خاصة ؟!!
    ولكن تمكنت من بالي هذه الفكرة وهي السفر بسيارة خاصة فقررت سريعاً التوجه لموقف السيارات ووجدت رجلاً معه سيارة فارهه ( كابريس جديدة ) فقلت بكم توصلني للرياض ؟!! فقال : بخمسمائة ريال !! حاولت معه كثيراً ولم استطيع أن يخفض لي إلا خمسين ريال !!
    المهم ركبت معه لوحدي وقلت له أهم شئ تسرع لابد أن أصل الرياض هذه الليلة ولم أعلم أن نهايتي بعد ساعات !!
    قال لي : أبشر سأطير بك طيران .. وبالفعل كان يسير بسرعة جنونية لأني وعدته إن وصلنا قبل العشاء فله مني زيادة مائة ريال !!
    كنت نتجاذب أطراف الحديث مع بعض وسألني عن عملي وعن حالتي الاجتماعية وكذلك سألته بعض الأسئلة لنقطع بها الطريق ..
    وفجأة أتى على بالي والدتي لأتصل عليها وبالفعل أخرجت جوالي واتصلت عليها وردت علي قالت : وينك يا أبا سارة ؟!! قلت له قصة الطائرة وكيف فاتتني الرحلة والآن استأجرت سيارة للسفر .. سكتت قليلاً سكوتاً لفت انتباهي قالت أمي : أنتبه يا ولدي ، الله يكفيك شر ما في الغيب ..
    قلت لها : سأتصل بك يا أمي أول ما أصل إن شاء الله ... توصين شئ ؟!!
    قالت : سلامتك يا بعد عمري ..
    انتهت المكالمة وحسيت بشئ غريب مثل الهم نزل على قلبي وشعرت أن أمراً عجيباً ينتظرني ..
    اتصلت بعدها على زوجتي ..
    زوجتي : بشرني عنك يا عمري كم كيلو مشيتوا ؟!!
    قلت : الآن قطعنا مائة وخمسين كيلو ؟!
    قالت : والله نبي نفقدك البيت بدونك ولا شئ ..
    قلت : الله يبارك فيك إن شاء الله بكرى وأنا راجع في رحلة الظهر ... أهم شئ انتبهي للأولاد وقبّلي لي سوسو الله يصلحها ..
    قالت : أبشر والله من يوم طلعت وهي تقول وين بابا وين بابا ..
    قلت : اعطني إياها ..
    سوسو : بابا وينك ؟
    قلت : سوسو بعد شوي أجي لكم إن شاء الله .. تبين شئ
    قالت كالعادة : أبي كاكاو ..
    ضحكت وقلت طيب سوسو هاتي ماما ..
    أخذت الأم الهاتف قلت لها :
    توصين شئ ؟
    قالت : سلامة عمرك ..
    لا أدري لماذا بدأ الهم يشتد علي ويزداد والأفكار تجول بسرعة في مخيلتي لم يقطعها إلا سؤال السائق : كم عندك من الأولاد ؟!!
    قلت : أربعة ولدين وبنتين ..
    قال : الله يصلحهم لك ؟؟
    قلت : آمين وإياك ..

    نظرت للطريق ثم رفعت رأسي للسماء أنظر لها ونظرت للشمس ولم يبق على غروبها إلا ساعة !!
    قلت وأنا أتنهد : يالله رحمتك يا رحمن يا رحيم ..
    تفاجأت بطلب من السائق غريب : قال : تسمح لي أشعل السيجارة ؟!!
    قلت : يا أخي أنت رجل فاضل وأشعر أن بك خير عظيم كيف ترضى لنفسك أن تحرق نفسك ومالك وقبل ذلك تنقص دينك لأجل سيجارة لا تنفعك وإنما تضرك ؟!!
    قال : يا ابن الحلال ادع لي والله حاولت في رمضان الماضي واللي قبله وما قدرت ؟!
    قلت له : أنت رجل أعطاك الله قوة ما قدرت على سيجارة ؟
    استمر التوجيه والنقاش وهو ينصت ومعترف بخطاه وبعدها قال : إن شاء الله ما أشربها بعد اليوم ..
    قلت له متهللاً : الله يثبتنا وإياك على الدين ..

    أذكر أني بعدها أسندت رأسي على باب السيارة أفكر وأفكر لا أدري ما الذي جعلني أرتعب قليلاً .. لا أدري من ماذا ولكن شعرت بقلق شديد في هذه الأثناء وفجأة أسمع ضربة شديدة في السيارة وحصل ارتباك كبير بيننا أنا والسائق وعلمت أن الإطار انفجر ..
    قلت : خفف السرعة وإنتبه للسيارت ..
    وهو لا يتكلم وممسك بزمام السيارة وقد ظهر على وجهه القلق .. بعدها انحرفت السيارة لليمين بشدة وبدأت بالتقلب ، أنا ألهمني الله أن أقول أشهد إن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله كنت اشعر أني أرفع صوتي بها بأشد قوة ..
    بعدها شعرت بضربة شديدة أسفل رأسي وشعرت كأنها لذعة نار من شدة حرارتها ..
    انقلبت السيارة عدة مرات إلى أن استقريت خارجها حاولت القيام لم أستطع ولم أستطع تحريك أي جزء من جسمي ..
    ألمٌ لم أذق مثلهُ في حياتي أريد أن أتكلم بشئ لم أستطع حتى عيناي كانت مفتوحة ولم أستطع النظر بها سواد في سواد حتى سمعت أقدام كثيرة تقترب منا وأسمع أصواتهم يقولون لا تحركونه رأسه ينزف ورجليه مكسورة ..
    أنا شعرت بتنفسي يضيق ويضيق وشعرت بحرارة بجسمي رهيبة كأنها تبدأ من قدمي وتتحرك نحو رأسي ..
    وسمعتهم يقولون : وش صار على السائق ؟!!
    قال شخص - اسمع صوته من بعيد - : يطلبكم الحل ميت لا يتحرك !!

    الحلقة الثانية : اللقاء بالشيطان قبل نزع الروح وكيفية خروج الروح
    شعرت بالألم يشتد علي وشعرت أيضاً برهبة الموقف ورهبة ما سيحصل لي كنت أفكر وأقول هل هذه نهايتي ؟!!
    سبحان الله بعدها بدأ ندم شديد يخالجني على كل لحظة ضاعت من عمري وعلى كل تقصير مر علي !!
    الآن أنا أمام الأمر الواقع لا مفر منه ..
    بدأت أصوات الناس حولي تختفي وبدأ السواد أمام عيني يشتد والآلام كأنها تقطع جسمي بسكاكين .. شعرت كأن شيئاً يخنقني ويمنع الهواء عن الوصول لرئتي ، وألم برأسي وبالتحديد مكان الضربة كأنه جمرة تلتهب ..
    وظهر لي في السواد رجل له لحية بيضاء وقال لي : يا بني هذه آخر لحظاتك وأنا جئتك ناصحاً قبل أن تلاقي ربك فأنا أعرفك رجلاً ذكياً تحب الخير وسأوصيك وصية لأن الله أرسلني لك .. قلت له ما الذي تريد ؟
    قال : قل ليحيا الصليب فهو والله نجاتك وإن أنت آمنت به سأعيدك لأهلك وأولادك وأعيد لك روحك .. قل ذلك بسرعة فلا مجال للتردد والتأخير .. علمت أن هذا هو الشيطان ، فأنا مهما يخالجني الآن من ألم إلا أني واثق بربي ونبيي عليه الصلاة والسلام ، قلت له : اخسأ عدو الله فقد عشتُ مسلماً وسأموت بإذن الله على ذلك ..
    تغير وجهه قال : اسمع لن تنجو الآن إلا أن تموت نصرانياً أو يهودياً وإلا سأجعل الألم يزداد عليك وأقبض روحك .. قلت : الحياة والموت بيد الله وليست بيدك فلن أموت إلا مسلما .. تمعّر وجهه وقال الشيطان : إن فتني فلم يفتني المئات قبلك ويكفيني أني استطعت أن أجعلك تعصي الله كثيراً وتتجرأ عليه ..
    ونظر لأعلى كأنه رأى شيئاً يخاف منه ثم هرب سريعاً ، تعجبت من سرعة انصرافه واستغربت ما الذي أخافه فما هي إلا لحظة حتى رأيت وجوهاً غريبة وأجساماً عظيمة نزلوا وقالوا السلام عليكم .. قلت عليكم السلام وسكتوا ولم يتكلموا بكلمة واحدة ومعهم أكفان .. علمت أن هذه النهاية لا محالة فنزل ملك عظيم جداً وقال : يا أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان .. والله شعرت بسعادة لم توصف عندما سمعت هذه الكلمة منه وقلت أبشر يا ملك الله ..
    فسحب روحي وشعرت الآن كأني بين النوم والحقيقة وشعرت كأني أقوم من جسدي وأرتفع لأعلى التفت للأسفل ورأيت جسدي فإذا الناس مجتمعين عليه وقد وضعوا غطاء على جسمي كاملاً بل سمعت بعضهم يقول إنا لله وإنا إليه راجعون ...
    رأيت الملكين كأنهما يستلماني ويضعاني في ذلك الكفن بسرعة ويرتفعون بي للسماء كنت ألتفت يميناً وشمالاً وأرى الأفق البعيد ويزداد ارتفاعي وأخترق السحاب وكأني في طائرة حتى رأيت الناس صغاراً تحتي ثم أرتفع وأرتفع بسرعة عظيمة حتى رأيت الأرض كأنها كرة صغيرة ثم قلت للملكين : هل سيدخلني الله الجنة ؟
    قالا : هذا علمه عند الله وحده نحن فقط أرسلنا الله لأخذ روحك معنا ونحن موكلين بالمسلمين فقط ..
    قطع كلامي ملائكة مروا سريعاً معهم روح عجيبة شممت من نسيمها رائحة مسك لم أشم مثلها
    تعجبت وقلت للملائكة : من هذا ، لولا أني أعلم أن محمداً صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء لقلت هذه روح نبي ؟
    قالا : بل هذه روح شهيد مجاهد من فلسطين قتله قبل قليل اليهود وهو مدافعاً عن دينه وبلده ويقال له أبو العبد وجمع الله له بين العبادة والجهاد ..
    قلت : يا ليتني مت شهيداً ..
    ثم هي لحظات وأرى ملائكة معهم نفس كريهة يخرج منها رائحة كريهة ، فسألت من هذا ؟!!
    قالوا : هذا رجل هندوسي من عبدة البقر توفي قبل قليل بإعصار أرسله الله عليهم ..
    فحمدت الله على نعمة الإسلام ...
    قلت لهم : والله مهما قرأت عن ما يحصل الآن فأنا لم أتخيله بهذه الصورة ..
    قال الملكين : أبشر بخير ولكن اعلم أن الأمر أمامك طويلاً ..
    قلت متعجباً : كيف ؟
    قال الملكين : سترى كل ذلك ولكن أحسن الظن بربك ..
    مررنا بجماعة كبيرة من الملائكة وسلمنا عليهم ..
    قالوا : من هذا ؟!
    قال الملكين : رجل مسلم .. حصل له حادث قبل قليل وأمرنا الله أن ننزل لأخذ روحه من ملك الموت ..
    قالوا : أنعم وأكرم بالمسلمين فهم خير وإلى خير ..
    قلت للملكين : من هؤلاء ؟
    قالا : هؤلاء ملائكة يحرسون السماء ويرسلون الشهب على الشياطين ..
    قلت : إن خلقهم عظيم ..
    قالا : بل هناك من هو أعظم منا من الملائكة ..
    قلت : من ؟
    قالا : جبريل وحملة العرش ، وهم خلق من خلق الله لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ..
    قلت : سبحانك يا رب ما عبدناك حق عبادتك ..
    ثم ارتفعنا حتى وصلنا للسماء الدنيا .. لا أخفيكم كنت بين الشوق والتعجب لما أرى وبين الخوف والقلق لما سيأتي ..
    وجدت السماء الدنيا كبيرة ولها أبواب مغلقة وعلى كل باب واقف ملائكة عظام الأجسام ..
    قال الملكين : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وقلت معهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    قال الملائكة : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وقالوا أهلا بملائكة الرحمة ونظروا إليهم وقالوا : لابد أن هذا مسلم ؟
    قالا : نعم ..
    قال الملائكة : تفضلوا فلا تفتح أبواب السماء إلا للمسلمين لأن الله قال عن الكفار ( لا تفتح لهم أبواب السماء )
    فدخلنا فرأيت عجباً من العجائب مثل الكعبة عظيمة يطوف عليها ملائكة كثر قلت بسرعة : لابد أن هذا البيت المعمور ...
    تبسم الملكين وقالا : نعم والحمد لله أكثر من أحضرنا من المسلمين يعرفون ذلك .. وهذا بفضل الله ثم بفضل الرجل الصالح نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يترك شيئاً إلا وأخبركم به ..
    قلت لهم : كم يدخله يوميا ؟
    قالا : سبعون ألف وإذا خرجوا لا يعودون إليه ..
    ثم ارتفعنا بسرعة كبيرة حتى وصلنا للسماء الثانية وهكذا حتى وصلنا إلى السماء السابعة فإذا هي أعظم سماء ورأيت مثل البحر العظيم فخفض الملائكة رؤوسهم وقالا : اللهم إنك أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام .. أنا شعرت برهبة عظيمة وأخفضت رأسي ودمعت عيني فقال : العزيز الجبار : اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ..
    من شدة الرهبة والخوف والفرح والسرور لم أستطع الكلام بل قلت سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ..
    نزل بي الملكين مباشرة ومررنا على الملائكة ونسلم على كل من مررنا به ..
    قلت للملكين : هل بالإمكان أن أعرف ما حصل لجسدي وأهلي ؟
    قالا: أما جسدك فستراه وأما أهلك فستصلك أعمالهم التي يهدونها لك لكنك لن تستطيع أن تراهم ..
    أعادوني للأرض ..
    قالا : ابق عند جسدك فنحن انتهى عملنا وسيأتيك ملائكة آخرين في قبرك .. قلت لهم : بارك الله بكما وجزاكما خير الجزاء ولكن هل أستطيع أن أراكما مرة أخرى ؟.. قالا : في يوم القيامة سنقف سوياً وذلك يوم مشهود ورأيتهم عندما ذكروا القيامة تغيرت نبرة أصواتهم رهبة ..
    ثم قالا : وإن كنت من أهل الجنة فسنكون سوياً وترانا ..
    قلت لهم : وهل بعدما رأيت وسمعت في دخولي للجنة شك ؟
    قالا : أمر دخولك الجنة لا يملكه إلا الله سبحانه وتعالى وأنت حصل لك الإكرام لأنك مت مسلما .. وبقي عرض أعمالك والميزان .. تغير وجهي وكدت أبكي لأني أتذكر ذنوباً كالجبال ..
    قالا لي : أحسن الظن بربك وثق أن ربك لا يظلم أحدا .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وارتفعا سريعا ..
    نظرت إلى جسدي ممداً ورأيت وجهي شاخصة عيناي ثم انتبهت لصوت بكاء .. صوت أعرفه .. إنه والدي الحنون ومعه أخي .. سبحان الله أين أنا الآن .. نظرت لجسدي فإذ الماء يصب عليه فعلمت أني الآن أُغسّل ..
    كان صوت البكاء يضايقني كثيراً وأشعر معه بضيق شديد ولكن عندما أسمع أبي يقول : الله يرحمك فكأن كلماته ماء بارداً يصب علي .. ثم لفوا جسدي بكفن أبيض ..
    قلت في نفسي : ياالله ليتني قدمت جسدي في سبيل الله ثم أموت شهيداً يا ليتني لم أترك ساعة إلا بذكر الله أو بصلاة أو بعبادة يا ليتني كنت أتصدق ليل نهار يا ليتني يا ليتني ..
    كان همي الشديد هو القبر وما سوف يكون به ..
    سمعت المغسل يقول : هل ستصلون عليه بعد العصر ؟
    أبي كان يقول وهو يبكي إن شاء الله ..
    حملوا جسدي وأنا أرى جسدي ولكن لا أستطيع الابتعاد ولا الدخول به .. شئٌ عجيب محير ..
    أدخلوني مكاناً وتركوني لم أشعر به ولكني أجزم أنها ثلاجة الأموات ..
    كنت أفكر ما الذي سيحصل لي ..
    قطع تفكيري أصوات كثيرة يقولون هيا احملوه للمسجد ..
    رفعوني وكنت أسمع أصواتهم وكان أكثر شئ يؤثر بي صوت بكاء أبي كنت أتمنى أن أقول له : يا أبي لا تحزن ما عند الله خير يا أبي أعلم أنك تحبني فلا تبكِ علي فوالله بكاءك يضيق به صدري ادع لي هذا الذي أريده ..
    وكنت أسمع أصواتاً كثيرة وكنت أميز أصوات إخواني وبكاءهم وكذلك أبناء عمي وأعمامي وسمعت صوت أحد أصحابي وهو يقول كأنه ينبه الناس ليقتدوا به : الله يغفر له الله يرحمه كانت كلماته كالماء البارد للظامئ ..
    وصلوا المسجد وأنزلوني وسمعتهم يصلّون وتمنيت بشدة أن أصلي معهم وقلت : ما أسعدكم في دار تستزيدون من الحسنات وأنا قد أُوقفت كل أعمالي ..
    انتهت الصلاة ثم سمعت المؤذن يقول : الصلاة على الرجل يرحمكم الله ..
    واقترب الإمام وبدأت الصلاة علي في أثناء الصلاة تفاجأت بجمع من الملائكة واحدهم يسأل ملكاً آخر عن عدد المصلين وكم منهم موحد لا يشرك بالله شيئا ؟!!
    عند التكبيرة الثالثة وهي التي بها الدعاء لي رأيت الملائكة يسجلون أشياء كثيرة فعلمت أنهم يحصون أدعية الناس ..
    ياالله كنت أتمنى أن يطيل الإمام بهذه التكبيرة لأني شعرت براحة عجيبة وسعادة وسرور ..
    ثم كبر الرابعة وسلم ..
    حملوني لقبري وكان في القبر عجائبٌ وأهوال ..

    الحلقة الثالثة : اللقاء بالملكين وعرض الأعمال :
    حملوني لقبري وكانوا يسيرون بي سريعاً وأسمع دعاء البعض واسترجاعهم وبكاءاً كثيراً .. وأنا في حالة ارتباك وخوف مما سيحصل لي لأني تذكرت في هذه اللحظات مظالم وذنوباً اقترفتها وساعات غفلات قضيتها ، وصبوات تجرأت عليها .. الوضع مربك ومرعب وشعرت بانتقاضة من الوجل والخوف ، وحينما وصلت لقبري سمعت أصواتاً وكلماتٍ كثيرة لمن يريد دفني وأذكر من كلماتهم : من هنا ، قربوه للقبر ، تعالوا من هنا ، لو سمحتوا أفسحوا الطريق للجنازة .. ياالله ما كنت أراه وأسمعه في حياتي أسمعه الآن بعد مماتي !!
    أدخلوني لقبري بجسدي وروحي وهم لا يشعرون ولا يرون إلا جسدي ويقول من يحملني : بسم الله وعلى ملة رسول الله ..
    وبدأ صف الحجر والطين كنت أريد أن أصرخ وأقول أرجوكم لا تتركوني فلا أدري ما الله صانع بي ، وأحياناً يأتيني شعور بالثقة وأن الله لن يضيعني ..
    بعدها هلّوا عليّ التراب وبدأ ظلام شديد وأصوات الناس تختفي وتبتعد ولكن أسمع بوضوح أصوات مشيهم وقرع نعالهم وسمعت أناساً يدعون الله لي وكان دعاؤهم أنساً لي وانشراحاً لصدري خاصة أن أحدهم قال بصوت مسموع : اسألوا له الثبات فإنه الآن يُسأل ..
    وفجأة بدا القبر يضيق علي ويضيق حتى شعرت أنه يضغط على كل جسمي وارتعبت وكدت أصرخ بأعلى صوتي ثم اتسع كما كان ..
    بعد ذلك التفت يميناً وشمالاً ترقباً وخوفاً مما سيأتي وفجأة لاح لي ملكان بصورة مهيبة جداً أجسادهم عظيمة سُود الأجسام زُرق العيون طرفهم يلوح كالبرق ، وأنيابهم تكاد تصل للأرض وبيد أحدهم مطرقة كبيرة لو ضربت بها مدينة لهدمتها !!
    قال لي أحدهما مباشرة : اجلس ، فجلست مباشرة ، فقال : من ربك ؟– والذي بيده المطرقة يرقبني بنظرة قوية , فقلت مباشرة : ربي الله ، كنت أرتجف وأنا أجيب ليس عدم ثقة بالإجابة ولكن أرعبتني صورهم وطريقة سؤالهم .. من نبيك ؟ قلت محمد صلى الله عليه وسلم ..
    ما دينك ؟ قلت : الإسلام ..
    قالا : الآن نجوت من فتنة القبر قلت لهم : هل أنتما منكر ونكير ؟
    قالا : نعم ولو لم تجب لضربناك بهذه المطرقة ضربة ستصرخ منها صرخة تسمعك كل الخلائق إلا الثقلان ولو سمعوك لصعقوا من شدة صراخك .. ولهويتَ في الأرض سبعين ذراعاً .
    قلت : الحمد لله الذي نجاني من هذا وهذا بفضل الله وحده ..
    ثم انصرفا ولم أشأ أن أكثر الكلام معهما فلم أطمئن إلا بانصرافهما ..
    بعد انصرافهما مباشرة شعرت بحرارة عجيبة وبدأ جلدي يحتمي خشيت أن تكون فُتحت نافذة من جهنم على جسدي من شدة الحرارة ، ولكني لا أرى أي شئ سوى حرارة أشعر أنها تخرج من جسدي !!
    حضر لي بعد ذلك ملكان آخران وقالا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    قلت : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
    قالا : نحن ملائكة أتينا لعرض أعمالك في قبرك وإحصاء الحسنات التي تُهدى لك إلى يوم القيامة.
    قلت لهما : والله رأيت منذ مت شيئاً مهيباً ولم أتوقع أنه بهذه الشدة وهذه الكربة .. ولكن هل تأذنان لي بسؤال ؟
    قالا : نعم
    قلت : هل أنا من أهل الجنة ؟ وبعد كل هذه الأحداث هل هناك خطورة أن يدخلني الله النار ؟
    قالا الملكين : أنت مسلم والذي حصل لك لأنك مسلم آمنت بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن دخول الجنة والنار لا يعلمه إلا الله ، ولكن ثق أنك لو شاء الله وأدخلك النار فلن تخلد فيها لأنك موحد !!
    بكت عيني وقلت وماذا لو أدخلني الله النار فكم سأمكث فيها !!
    قالا : ثق بربك وأعلم أنه كريم .. وسنبدأ الآن بعرض أعمالك عليك منذ بلغت وإلى آخر نفس لك في حادثك ..
    وبدؤا بقول استغربته وهو :
    سنبدأ بصلاتك لأنها العهد الذي بين المسلم والكافر ولكن لن ترفع لك حسنة واحدة ولن تجازى على أي عمل صالح لأن أعمالك الحسنة الماضية كلها معلقة .
    قلت باستغراب : لماذا ؟!! وما هو السبب الذي من أجله تم إيقاف كل أعمال الخير التي عملتها بحياتي وهل هناك علاقة بين ذلك وبين حرارة جسمي التي أشعر بها كأن حمى الأرض جمعت لي ؟!!
    قالا : نعم لذلك علاقة وأنت السبب في ذلك بتساهلك في دين عليك لم تقضيه قبل موتك والآن أنت في خطر شديد ؟!!
    قلت وأنا أبكي : وكيف ؟ وهل الدين هو الذي جعل جسدي يحتمي بهذه الشدة قبل عرض الأعمال ؟!!
    وقُطع سؤال بشئ لاح لي بالأفق نوراً مشرقاً آنس ظلمة قبري وله صوت ومنه تنبعث رائحة زكية لم أشم مثلها في حياتي ولا منذ مماتي ..
    وقال الضوء : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    قلت : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. من أنت ؟
    قالت : أنا سورة الملك ( تبارك ) أتيت لأنافح وأحاج لك عند الله فأنت قد حفظتني وقد أخبركم رسولكم محمد عليه الصلاة والسلام أنني أطلب من الله أن ينجي كل من يحفظني ..
    قلت : مرحبا بك سورة حفظتك منذ صغري وكنت أتلوكِ في صلاتي وفي بيتي وأنا الان في أشد الحاجة لك ..
    قالت : نعم ولذا أنا هنا وسأطلب من الله أن يفك كربتك لأنك الآن تساهلت بدَينٍ كان سبباً بتعليق أعمالك وحرارة جسدك !!
    قلت : وكيف السبيل للنجاة ؟!!
    قالت : بأحد ثلاثة أمور ..
    قلت بسرعة : وما هي ؟!!
    فقالت سورة الملك : .............
    قالت سورة الملك لي : قبل أن أقول لك سُبل النجاة هل كتبت ورقة بها الدين الذين عليك حتى يسددها الورثة عنك ؟
    عندما سمعت كلمة ( الورثة ) كانت هذه الكلمة شديدة علي ودمعت عيناي فقد تذكرت أهلي جميعاً أمي وأبي وزوجتي وإخوتي وأبنائي يا ترى ما الذي حصل لهم من بعدي وكيف هم ؟!! ابنتي سارة وإخوانها تذكرت انكسارهم وكيف أصبحوا أيتاماً من بعدي من الذي سيرعاهم ومن الذي سيقوم على مصالحهم ؟!! تذكرت بنيتي الصغيرة عندما قالت : أريد كاكاو ماذا سيقولون لها – عندما تسأل عني - وكيف سيقولون وكيف ستكون نفسيتها من بعدي !!
    زوجتي ماذا عملت من بعدي الآن !! سيقال لها أرملة !! كيف ستتحمل عبء أولادي من بعدي !!
    تذكرت وتذكرت وتذكرت ودموعي تنهمر ونشيجي يعلو ..
    قالت سورة الملك : كأنك تذكرت شيئاً ؟!!

    قلت : نعم تذكرت أهلي وأبنائي ماذا سيعملون من بعدي .

    قالت سورة الملك : لهم الله هو الذي خلقهم ورزقهم وهو الذي يتولى أمرهم .

    كانت هذه الكلمات بمثابة الماء البارد على الظاميء فقلت في نفسي : بالفعل لهم الله ولماذا القلق !!

    استطردت بالفكر قليلاً ولم يقطع تفكيري إلا زيادة حرارة جسمي فقلت مباشرة لسورة الملك : باالله عليك هل لي أن أعلم كم الدين الذي علي ؟!!

    قالت سورة الملك : نعم لقد سألت الملك فأخبرني أنها ألفاً وسبعمائة ريال ، الألف لصاحب لك يقال له : أبا حسن أما السبعمائة فهي متفرقة ..

    قلت متعجباً : كيف متفرقة ؟!!

    قالت سورة الملك : أنت تساهلت بديون صغيرة منذ بلوغك فتراكمت عليك .

    فقلت : لمن ؟!!

    فقالت سورة الملك : خمس ريالات لبائع أغذية قد اشتريت منه طعاماً لك ولم يكن معك نقود وعندما طلبها منك قلتَ له : سأردها لك غداً هذا عندما كان عمرك خمس عشرة سنة

    والآخر يعمل في مغسلة الملابس غسل ثوبك وقلت له نفس كلامك السابق وتساهلت حتى نسيته والآخر محل كذا ومحل كذا فعددت محلات أتذكرها واحداً تلو الآخر ، ثم قالت : تساهلكم بالديون واستصغاركم لها سبب شقاء الكثير منكم في قبورهم ..

    ألم يحذركم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الدين وأخبركم أن الشهيد على جلالة قدره توقف أعماله بسبب الدين ألم تعلم أن أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم على فضله أوقفه الدين ولم نستطع أن نعمل له شيئاً حتى سدد صاحبه الدين !!

    قلت برعب : إنا لله و إنا إليه راجعون وكيف الخلاص أرجوك فجسمي سيتقطع ألماً وحرارة .

    قالت سورة الملك : بأمور ثلاثة .

    قلت بعجل : ما هي ؟!!

    قالت : إما أن يسامحك من عليه الدين .

    قلت : الكثير منهم نسي كما نسيت ولا يعلمون بموتي بل ربما الكثير منهم لا يعرفني ونسيني ، لكن ما الحل الآخر .

    قالت : وإما أن يسدد عنك ورثتك .

    قلت : كيف سيعلمون بديني ومشكلتي أني لم أكتب ورقة لحقوق الناس لأن الموت أتاني بغتة ولم أكن أتوقعه أو أحسب له أي حساب !!

    قالت سورة الملك : بقي أمر سأحاول لك به ولعله يكون نجاتك وسأخبرك به بعد وقت إن شاء الله والآن سأنصرف ..

    قلت : لا أرجوك لا تذهبي فانا أشعر بوحشة شديدة وظلمة ورهبة إضافة لحرارة جسمي التي تزداد ..

    قالت سورة الملك : لن أبتعد كثيراً فأنا سأذهب لأجل المُحاجة عنك والبحث عن حل وبإذن الله ستكون نجاتك .. فانصرفت ..

    بقيت وحيداً مستوحشاً في ظلمةٍ وهمٍ وغم فأُلهمت دعاء فقلت : ( يا من لا يأنس بشئ أبقاه ، ولا يستوحش من شئ أفناه ، ويا أنيس كل غريب ، ارحم في القبر غربتي ، ويا ثاني كل وحيد ، آنس في القبر وحدتي ) لكني تذكرت أني في دار حساب لا عمل ..

    ما هي إلا لحظات حتى سمعت صوتاً أعرفه إنه أبي الحنون وأسمعه يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قلت مباشرة بشغف : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً بك يا أبي فعلمت أنه لن يسمعني ..

    ثم سمعته يقول : اللهم اغفر له اللهم ارحمه اللهم وسع مدخله اللهم آنس وحشته ثم سمعته ينشج ويبكي ويقول اللهم أحله اللهم إني راضٍ عنه فارض عنه وانصرف

    لاح لي بالظلام – أثناء دعاء والدي - نورٌ عظيمٌ فإذا هو ملكٌ من ملائكة الرحمة يكتب دعاء والدي ولم يكلمني الملك بكلمة واحدة حتى انصرف والدي فبقي قبري منيراً والتفت لي الملك وقال : إن دعاء والدك سيُرفع للسموات العلى وبإذن العلي القدير سيجيبه الله لأن دعاء الوالد لولده مستجاب ..

    ياالله تمنيت أن يطيل أبي الوقوف على قبري ويستمر بالدعاء لي لأن أثر دعائه وجدته في قبري بل وعلى نفسي ..

    قلت للملك : هل لي أن أسألك سؤالاً ؟!!

    قال : وما هو ؟

    قلت : منذ متى وأنا ميت وما هو الوقت الآن ؟!!
    قال : أنت ميت من ثلاثة أيام والآن وقت صلاة الظهر ..

    تعجبت بشدة وقلت سبحان الله كل هذه الأحداث في هذه المدة القصيرة ؟!

    وكل هذه الظلمة التي أجدها في قبري ونحن وقت الظهيرة !!

    قال الملك : لازال الطريق أمامك طويلاً أعانك الله عليه ..

    لم أتمالك نفسي فبكيت وبكيت بكاء لا أذكر بحياتي أني بكيت مثله ، وقلت في نفسي : سبحان الله كم كنت غافلاً عن مثل هذا ..

    انصرف الملك وهو يقول سيستمر النور في قبرك إلى أن يشاء الله بفضل الله ثم دعاء والدك ..

    كانت زيارة أبي مؤنسة لي وتمنيت أن يزورني كل أقاربي وتمنيت أن يقف على قبري أصحابي ..

    تمنيت أن يسمع والدي صوتي فأقول : يا أبي أرجوك سدد الدين الذي في ذمتي أرجوك تصدق عني أرجوك ادع الله لي .. لكن ما السبيل بأن يسمع صوتي وتذكرت قوله تعالى ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون )

    شعرت بحرارة جسمي كأنها تهدأ ولكنها تزداد أحياناً فظننت أن هذا له علاقة بزيارة والدي ولكن الأمر لم يكن كذلك بل لأمر آخر ..

    ما هي إلا لحظات حتى لاح لي نور أعرفه إنها سورة الملك قالت : عندي لك بشارتان .

    قلت بسرعة : ما هي ؟

    قالت الأولى : صاحبك الذي يطلبك الألف ريال تذكر دينك ثم قال : اللهم إني عفوت عنه محتسباً الأجر من الله ولم يطلبها من أهلك

    فتهلل وجهي فرحاً ثم قلت : الحمد لله ربما هذا سبب أن الحرارة خفت قليلاً علي ..

    وما البشارة الأخرى ؟

    قالت : لقد سألت الله لك كثيراً لكن حقوق الآدميين مشكلة ، وقد أُرسل لك ملك موكل بالرؤى والأحلام وهو سيأتي أحد أقاربك في المنام برموز لعلهم يفهمون دينك ..

    تفاجأت بهذا الخبر فسكت متعجبا ..

    قالت سورة الملك : من برأيك يأتيه الملك في المنام ؟

    فكرتُ بأمي وعلمت أنها لو رأتني بالمنام فستبكي علي ولن تفسرها ففكرت بأقاربي فتذكرت أقرب الناس لي بعد والدي وهي أيضاً مهتمة بالرؤى والأحلام .. إنها زوجتي الوفية المحبة لي ..

    قلت : زوجتي زوجتي هي التي أتمنى أن ترى هذه الرؤيا ..

    قالت سورة الملك : سأخبر الملك أسأل الله أن يعجل فرجك ويحل كربتك ..

    انصرفت وبقي قبري به النور الذي أتاني من دعاء والدي فانتظرت كأني بسجن تمر علي الأوقات لا أعلم شيئاً سوى أني أسمع أصواتاً وأحياناً قرع نعال فأعلم أن جنائز تدفن قريباً من قبري أسمع أحياناً ضحكات فأتعجب من أناس يضحكون ونحن تحتهم مأسورون !!

    ثم مر وقت طويل وفجأة ازدادت حرارة جسمي حتى كدت أصرخ وكأني في تنور فازداد خوفي ثم بلحظة واحدة الحرارة خفت ثم اختفت وانتهت وشعرت كأني خرجت للهواء لم أصدق ما أنا فيه ما الذي حصل ؟!!

    ظهر نور سورة الملك بعد ذلك وتقول : أبشر بما يسرك ..

    قلت : والله أنتِ من يأتي بالخير فما الذي حصل ؟!!

    قالت : أتى ملك الرؤى والأحلام لزوجتك في منامها فأراها أنك واقف على سلم مهموماً وبقي عليك سبع درجات لا تستطيع أن تصعدها ..

    فقامت زوجتك مباشرة قبل صلاة الفجر وتذكرتك وبكت ثم فتحت كتب تفسير الأحلام فوجدت كلاماً كثيراً لكنها شعرت أنك في كربة وفي الصباح اتصلت على امرأة كبيرة بالسن مشهورة بتفسير الأحلام وعندما سألتها زوجتك قالت المرأة : يا بنتي زوجك عليه دين ومحبوس في قبره والدين سبعمائة أو سبعة آلاف ريال الله أعلم ..

    قالت زوجتك : لكن كيف نسددها ولمن ؟

    قالت المرأة : الله أعلم لكن اسألوا المشائخ ..

    وبعدها اتصلت زوجتك على زوجة أحد المشائخ وقالت لها : اسألي الشيخ عما لو كان على زوجي دين لا نعلم لمن هو كيف نسدده ؟!!

    فسألت زوجة الشيخ زوجها وقال : تصدقوا عنه بقيمة الدين لعل الله أن يبرئ ذمته ..

    وكان لدى زوجتك ذهب بقيمة أربعة آلاف فذهبت سريعاً لوالدك وقصت عليه الخبر فرفض أن يأخذ منها الذهب وتكفل بأن يسدد الدين كاملاً ، فأقسمت زوجتك أن يأخذ والدك الذهب وقالت له : وهل هذا الذهب إلا من زوجي وأنا أتمنى أن أعمل له شيئاً بعد موته وأسأل الله أن لا يحرمني منه في الجنة ..

    عندما رأى والدك إصرارها طيّب خاطرها وأخذ الذهب وزاد عليه من المال حتى أوصله عشرة آلاف ونوى الزيادة صدقة عنك وأعطى المبلغ لعائلة مسكينة ففرج الله كربك وجئت لأطمئن عليك ..

    قلت : ولله الحمد لا أشعر الآن بأي حرارة بجسمي وكأني كنت مربوطاً فحُلت عقدي .. وهذا بفضل الله ثم فضلك ومحاجتك لي بقضاء ديني ..

    قالت سورة الملك : الحمد لله الذي أذهب عنك الحزن والآن ستأتيك الملائكة لعرض جميع أعمالك ..

    قلت لها : وهل بعد هذا علي خطورة ؟

    قالت : الطريق طويل وربما يستمر سنين فاستعد لذلك ..

    قلت : سنين !!!!!
    قالت سورة الملك : كثير ممن يدخل قبره يعذب لأمور تستصغرونها وهي عند الله عظيمة ..
    قلت : مثل ماذا ؟
    قالت : كثير من الناس يعذب بسبب عدم التنزه من بوله فيقوم للصلاة ويقف بين يدي الله والنجاسة عليه أو على ملابسه !!
    قلت : وهل هذا كثير؟
    قالت : أكثر من يعذب بسبب ذلك !! وهناك أيضاً أمور يعذب بها الكثير: مثل النميمة وأكل مال الأيتام والسرقة والربا وغيرها كثير ..
    ثم قالت : هناك من يعذب ليصفى قبل يوم القيامة لأن عذاب جهنم أشد وأنكى وهناك من يعذب وموعده يوم القيامة نار جهنم ..
    قلت : كيف أنجو من عقوبة الله وكيف السبيل للخلاص من ذلك؟
    قالت : عملك الآن منقطع وليس أمامك إلا ثلاثة أمور وهي : إما الدعاء من أبناءك وأهلك لك فهي طلب من الله أن يرحمك ، والأمر الآخر : هل لك صدقة جارية تستمر لك بعد موتك !!
    قلت : أذكر أحد أصحابي كان يجمع المال لمسجد في أحد بلدان المسلمين ..
    قالت : لعل الله أن يضاعف لك بها الأجر فأكثر الحسنات التي تكون من بناء بيوت الله
    قلت : وما الثالث!!
    قالت : هل عملت على نشر العلم أو تعليم جاهل لأحكام الإسلام
    قلت : لا أعلم وتذكرت مشروع طباعة مصاحف وكتب للغات مختلفة وقلت في نفسي :
    يا سبحان الله كم أنامسرف ومضيع لفرص كثيرة كانت في حياتي !!
    كنت أتمنى أن أصرخ بأعلى صوتي وأقول يا معشر الأحياء أنقذوا أنفسكم واستعدوا لما تجدونه بعد موتكم فوالله لو رأيتم ما رأيت لما خرجتم من المساجد ولأنفقتم الأموال في سبيل الله ..
    قلت لسورة الملك : هل حسناتي الآن تضاعف وهل تأتيني الحسنات في قبري !!
    قالت : كل الأموات تأتيهم الحسنات كثيرة في الأيام الأولى لموتهم ثم تقل جداً بعد ذلك ..
    قلت : هل يعقل أن ينساني أهلي وأبنائي وأصحابي !! لاأصدق أنهم سينسوني بهذه السهولة ..
    قالت : بل سترى كيف أنه حتى زيارتهم لك في قبرك ستقل وسيمر الشهر والسنة والعشر سنوات ولا يكاد يقف على قبرك أحد !!
    بكيت وتأثرت لأني تذكرت كيف أن جدي حينما مات كنا نذهب لقبره كل أسبوع ثم بعد شهر ثم نسيناه !!
    تذكرت حينما كنت حياً كيف كنا ننسى الأموات والآن أنا بمكانهم !!
    قالت : العاقل من عمل لما بعد موته وجهز داره ..
    ولكن أقول لك شيئاً!!
    قلت بحزن : وما هو؟
    قالت : هناك من يدعو لك من غير أهلك ويستغفر لك وهو لايعرفك..
    قلت : كيف هذا؟
    قالت : قبل ساعات دعا لك رجل صالح بالهند فقال : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات فكتب الله له بكل حي وميت حسنة وأتاك بفضل الله حسنات من دعاءه ، وهناك رجل في تركيا تصدق ببناء مسجد وقال اللهم اجعل أجره لأمة محمد صلى الله عليه وسلم الأحياء والأموات ، وهناك امرأة عجوز من مصر ذبحت شاة ونوت أجره الأموات المسلمين ، وهناك رجل صالح من المغرب اعتمر ودعا لكل المسلمين وهو يطوف – وكان مستجاب الدعوة – وكل هؤلاء وأمثالهم يأتيك من حسناتهم ودعاءهم بل أن الملائكة يدعون ويستغفرون لك …
    بعد سماعي لهذه الكلمات استبشرت وما فرحت منذ مت بمثل هذا الحديث الذي بشرتني به سورة تبارك ..
    وبعدها استأذنت للذهاب ..
    شعرت بوحشة بعد ذلك وأحياناً ينشرح صدري وأشعر بأنس وأحياناً يضيق صدري وكأن جبال الأرض عليه ..
    لم يخبرني أحد ولكني جزمت أن انشراح صدري عبارة عن حسنات تصلني من المسلمين من كل مكان وضيق صدري إنما هي وحشة القبر التي لا توصف ..
    مرت أيام وأسابيع وشهور ولا أنيس لي إلا بعض الأعمال الصالحة التي تصلني أو زيارة والدي وإخواني وأقاربي وأصحابي التي بدأت تقل تدريجياً !!!
    حتى أن أحد أصحابي لم يزرني إلا مرتين فحسب ولم يصلني منه إلا دعوات وصدقة أيام موتي الأولى وبعدها انقطعت ..
    أكثر ما يصلني باستمرار هو دعاء أمي خاصة في الثلث الأخير من الله فهو والله خير أنيس لي ..
    بدأت تقل الأعمال التي تصلني وشعرت أني بمرحلة خطر لأني مهتم بشدة لميزان يوم القيامة وكيف سأحاسب على كل صغيرة وكبيرة ..
    يا رب عفوك يا رب رحمتك كنت أدعو بذلك وأكررها لكن هيهات اليوم لا عمل لي ..
    بدأت الأيام تمر وتمر وكانت ثقيلة كنت أحياناً أبكي ولكن أتذكر رحمة الله فيهون علي الأمر ..
    سورة الملك انقطعت ولاأدري ما السبب في قبري ظلام دامس لا أعلم ليلي من نهاري ..
    تذكرت بعض المعاصي والذنوب واستعرضتها بحياتي بدأت أمامي بلا خفاء ساعة ساعة ويوماً يوماً
    علمت أن ذنوبي أمثال الجبال ولكن هل سيغفرها الله لي ..
    كثيراً ما كنت ألوم نفسي وأندب أيامي الخالية .. ألم يمهلني الله ألم يسترني الله ألم يعطني ولم يحرمني،
    كم من ذنب عملته بجرأة وكم من صلاة أخرتها وكم من صلاة فجر نمت عنها وكم من طاعة سوفت فيها ..
    عندما تذكرت كل هذه بكيت واستمر بكائي ولم ينقطع أياما ًبل إني لم أعرف الوقت ولم أشعر به ولو قلت إني بكيت شهوراً لما بالغت ..
    وفي ساعة من الساعات شع نور عظيم حتى كأن الشمس وضعت فيه وسمعت الملائكة يهنئون بعضهم ويقولون أبشروا بالرحمات ..
    كنت بين الدهشة والفرح والاستعجال بمعرفة ما حصل حتى أتاني الملك وأخبرني الخبر وقال ..
    وبعد ذلك شع نور عظيم شمل القبور وانتظرت حتى أرى الخبر فقدم لي ملك وقال لي أبشر أيها المسلم بتنـزل الرحمات ..
    قلت : جزاك الله خيرا, لكن ما سبب ذلك !!
    قال الملك : لقد دخل من ساعة شهر رمضان وهذا الشهر فيه المغفرة والرحمات والعتق من النيران وفيه يلتقي ملائكة الأرض بملائكة السماء وفيه ينجو كثير منكم بدعاء المسلمين ويثقل ميزان حسناتكم ..
    قلت : ما أجل الله وأعلى شأنه وما أعظم كرمه كم من الفرص التي يهبها لمن هو فوق الأرض ومن هو تحت الأرض ..
    قال الملك : الله عز وجل لا يحب أن يدخل النار أحد ولا يحب أن يعذبكم ولكن تقصيركم وإصراركم على المعاصي ومقابلة نعمه بذنوبكم هي التي تهلككم ..
    ثم قال : الآن المسلمون يصلون والملائكة تحصيهم وترفع دعواتهم لله لعل الله أن يشملكم بلطفه ..
    ثم انصرف واستمرت الأنوار في القبور وبدأت أسمع أصوات المساجد لأول مرة وتذكرت حياتي الدنيا وتذكرت صلاة التراويح فبكيت من المفاجأة وسمعت الناس يصلون ثم بدأت أسمع واضحاً صوت دعاءهم وسمعت قول الإمام ( اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا ميتاً إلا رحمته )
    فانتفض جسمي فرحاً بهذا الدعاء وتمنيت منه أن يطيل وبالفعل كأنه تذكرالأموات وقال مرة أخرى ( اللهم ارحم موتانا وأنزل على قبورهم الفسحة والسرور اللهم من كان منهم مسروراً فزده سرورا ومن كان منهم معذباً ملهوفا فأبدل حزنه فرحا ًوسرورا )
    كنت أردد وأقول معه آمين آمين وأنا أبكي بشدة .
    وانشرح بعدها صدري وهدأت نفسي واستمر النورفي قبري وبدأت ساعات رمضان تمر علي وفي كل ساعة يتجدد لي نور في قبري ،
    ثم شممت رائحة طيبة كرائحة المسك التي كنت أشمها في الدنيا بل أقوى وظهر لي من بعيد رجل كأنه يمشي متجهاً لي تعجبت لأول مرة أرى مخلوقاً على شكل آدميً في قبري كنت محدق نحوه وهو متجه لي وأنا في أشد الحيرة ثم أقبل ورأيت وجهاً حسناً وعليه ثوب شديدالبياض
    وعلمت أن رائحة المسك هي منه ثم أقبل يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

    فرددت عليه مباشرة : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
    نظرت له متعجباً كأني أسأله من أنت !!!
    رأى ذلك التعجب في وجهي وتبسم وقال : جئت لك مبشراً برحمة الله لك ومغفرته لذنوبك ..
    قلت : بشرك الله بما يسرك من أنت وكيف عرفت ذلك لأني أول مرة أرى رجلاً من بني آدم داخلاً للقبور !!
    قال : أنا لست من بني آدم ..
    قلت : إذن هل أنت ملك بصورة رجل !!
    قال : لا ولست ملكاً أيضاً ..
    قلت متعجباً : إذن من أنت فوالله قد اختلطت مشاعري بين الفرح برؤيتك والحيرة منك ..
    قال : ربما لا تتذكرني لكن الله أوجدني من أعمالك الحسنة في الدنيا فأنا عملك الصالح :
    صلاتك صيامك حجك صدقتك دعاءك برك بوالديك جعلني الله أتمثل بهذه الصورة لأبشرك بمغفرته ..
    ياالله يالله ياالله لك الحمد حتى ترضى قلتها بلا شعور من الفرح والسرور ..
    ثم قلت مباشرة : لماذا تأخرت ولم تأتني مباشرة بعد موتي لماذا تأخرت علي كثيراً إلى هذه الساعة !!
    قال : حبسني عنك دينك وذنوبك التي كانت تعوق وصولي إليك وعندما نزلت عليك الرحمات وشملك الله بمغفرته أنت وكثير من الأموات أُذن لي أن آتيك هذه الساعة ..
    قلت : هل معنى ذلك أني سأكون من أهل الجنة ولن يعذبني الله !!!
    قال : هذه أمرها لله ولا يعلمها أحد سواه
    وسيكون هناك ميزان في يوم القيامة سيتحدد مصيرك ففيه توزن عليك حقوق الناس وبعض الأمور التي لا تظهر عليك إلا يوم القيامة ..
    قلت : مثل ماذا؟
    قال : كثير من الناس يظلم بعضهم بعضاً ثم يقول المظلوم للظالم والله لن أسامحك يوم القيامة فهناك يقفون بين يدي الله ويحكم بينهم..
    تأثرت من مقولته ثم قال : لقد نفعك عمل صالح عملته في آخر حياتك .
    قلت : ما هو ؟
    قال : لو تذكرت آخر لحظة في حياتك قد وفقك الله أثناء الحادث بأن تقول أشهد إلا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله .
    كم فرحت الملائكة لنطقك الشهادة لأنك ختمت حياتك بالتوحيد وثباتك أيضاً على الإسلام عندما كان يلقنك الشياطين اليهودية والنصرانية ...
    وقد كانت عن يمينك وشمالك ملائكة لقبض أرواح المسلمين وآخرين لقبض أرواح الكفار وحينما ثبت على الإسلام ارتفعت الملائكة التي تقبض أرواح الكفار وبقيت عندك الملائكة التي تقبض أرواح المسلمين وقد أخذت روحك معها ..
    قلت له : وهل هناك عمل آخر نفعني؟
    قال : نعم نصيحتك لسائق السيارة بأن يترك الدخان فبسبب ذلك أثابك الله بأن أصبح يأتيك الآن رائحة المسك ..
    وأيضاً اتصالك على والدتك فكل كلمة كنت تقولها لها كانت تكتب لك بها الحسنات ..
    تذكرت اتصالي على والدتي وتذكرت أني لم أطل الاتصال وقلت يا ليتني أطلت معها ..
    ثم قال : وأيضاً كتب الله لك الحسنات باتصالك على زوجتك وسؤالك عن أبناءك وإدخالك السرور على بنتك الصغيرة
    ولكنك بسبب ذنبك الكبير مع ابنتك كتبت عليك سيئة كبيرة !!
    قلت بتعجب شديد : وكيف سيئتي مع بنتي !!!!!
    قال : قلت لها : أنك ستأتيها بعد قليل وقد كُتبت عليك كذبة وليتك تبت قبل حادثك ..
    بكيت وقلت : والله لم أنو الكذب عليها ولكني أردت أن أصبرها عن فراقي .
    قال مهما يكن فكان الأولى أن تقول إلا الصدق لأن الله يحب الصادقين ويكره الكذب وأهله ، ولكنكم تتساهلون كثيراً بذلك .
    ثم قال : حتى دعاءك على موظف المطار كتبه الله عليك ذنب لأنك أسأت لمسلم لا يد له فيما حصل لك !!
    ياالله كل كبيرة وصغيرة كتبت علي !!
    أردف قائلاً – كأنه يريد تصبيري - ما أجمل متابعتك للحج فهي من أكبر الأعمال التي ترفع رصيدك عند الله وكذا متابعتك للعمرة ،
    قلت له - وأريد منه تسليتي - لأني أشعر برهبة من ميزان يوم القيامة : وما أفضل عمل كتب لي عند الله !!
    قال : من فضل الله عليكم أنكم لو عملتم حسنة واحدة تكتب لكم عند الله عشراً ثم تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة
    وأفضل أعمالك هي الأعمال التي يحبها الله أكثر وهي الفرائض ..
    قلت : الصلوات الخمس ؟
    قال : هذه من أفضلها ولكن أيضاً صيام رمضان وزكاتك وحجك هذه أحب الأعمال إلى الله وهي أحب شئ يتقرب بها العبد إلى الله ، والواجبات أحب إلى الله من النوافل .
    وسأذكر لك موقفاً أيضاً غير الفرائض كتب الله لك به أجراً عظيماً .
    قلت بشغف : ما هو؟
    قال : أتذكر يوماً كنت معتمراً في رمضان عندما كان عمرك عشرين سنة وقد خرجت من المسجد الحرام ورأيت رجلاً يبيع إفطار صائم فاشتريت بقيمة مائة ريال ووزعتها!!
    قلت : نعم أذكر ذلك كأنه بالأمس ، لكن هل ذلك أعظم من عمرتي
    قال : سأذكرك بامرأة كبيرة بالسن رأيتها لا تستطيع مزاحمة الناس الذين يأخذون منك فاقتربت أنت منها وأعطيتها وجبتين إفطار صائم ..
    قلت : نعم فقد رحمتها عندما رأيت ضعفها وكبر سنها .
    قال : هذه المرأة من اليمن وهي مستجابة الدعوة وهي من الصالحات في الأرض وصاحبة قيام ليل ولو أقسمت على الله لأبرها وكانت تدعو لك عندما أعطيتها
    ودعت لك كذلك عند فطرها واستمرت تدعو لك كل ذلك اليوم حتى أمست لأنها فقيرة لا أحد يأبه بها ،
    وكان معها ملائكة يرفعون أي دعوة منها لله ورفعوا دعوتها لك مباشرة فكُتب لك أجر عظيم .
    فإضافة لأجر عمرتك في رمضان وتوزيعك لإفطارالصائمين إلا أن أجر إعطاءك هذه المرأة العابدة رُفع مباشرة للسموات العلى .
    وهو يقول لي هذه الكلمات بدأت دموعي تنهمر ونشيجي يعلو وقلت : والله لم أكن اعلم بدعواتها ولا بصلاحها .
    وقال ولك موقف آخر رفعت لك به الدرجات ..
    وأنا أسمع منه هذه البشارات ووجهي متهللاً فرحاً قلت : ما هو ؟
    قال : أتذكر عندما كنت مسافراً ذات مرة إلى المدينة ووجدت رجلاً بجانب الطريق قد تعطلت سيارته في شدة الحر ووقفت لمساعدته !!
    قلت : نعم أذكر ذلك الرجل وقد وقفت عندما رحمته واقفاً بشدة الحر
    ولكن قبل أن تكمل فقد كنت أرى في يده سيجارة يشربها ولا يظهر عليه سيما الصالحين
    قال : نعم ولكنه مسلم وأنت تعلم كما علمك رسولك محمد صلى الله عليه وسلم بأن (من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنها بها كربة من كرب الآخرة )
    فمساعدتك له وتفريجك لكربته بالرغم من أنك لا تعرفه وليس بينك وبينه قرابة كانت محل تقدير لك من الملائكة الذين يحصون الحسنات وقد تسابقوا لكتابة ذلك لك عند الله ..
    ومن ثم أتسع القبر وأنار نوراً عظيماً وبدأت أمامي وفود من الملائكة يأتون نحونا وكأنهم يزورون الأموات وهم لا يفترون عن التسبيح والتهليل
    ومن ثم قال لي عملي الصالح بدأت الان ليلة القدر وكم من رجل سيكتب من أهل الجنة بعد أن كانت أعماله سترديه في دركات جهنم ..

    (القصه خيالية ولكنها تستند للأحاديث الصحيحه)
    التعديل الأخير تم 01-11-2013 الساعة 10:58 PM


    بلاد "الرعب" أوطاني ،
    من القاصي إلى الداني ..
    ومن جهلٍ إلى فقرٍ ..
    ومن سجنٍ إلى ثانِ...
    بلاد الرعب أوطاني !
    سميح القاسم

  13. #13

    افتراضي


    بارك الله في أختنا الفاضلة سليلة الغرباء ...
    وأعجبني جدا مغزى قصتها الواقعية عن السلطان سليمان القانوني رحمه الله !!!..
    وهي أنه لم يكن يتحرك ويأمر وينهى إلا بفتوى من علماء الإسلام عنده :
    ولذلك أخذ تلك الفتاوى معه في القبر : لتكون حجته معه عند الله !!!..
    فأين لنا بمثل هذا الحاكم في هذه الأيام ؟؟؟..
    وأين لنا بعلماء حق : لا علماء سلطان :
    يقولون ويفعلون ويفتون بما يرضي الله تعالى : لا ما يرضي العبد مثلهم !

    وأما مقطع الشيخ أبي إسحق الحويني حفظه الله :
    فأشكر عليه أختنا الفاضلة قلب معلق بالله أيضا ً.. ففيه عبرة وفكاهة ..
    وفيه بعض اللمحات من حياة طلبة العلم والعلماء ...

    وبمناسبة مقولة أن العلم نور : ونور الله لا يُهدى لعاصي ...
    فسوف أذكر خمس قصص متتاليات عن تقوى الله تعالى مع النساء ..
    سأبدأها بمَن أخفق في اختباره ووقع في المعصية ...
    ثم أتمها بأربعة أمثلة باهرة ...
    والله المستعان ...

    التعديل الأخير تم 01-11-2013 الساعة 10:46 PM

  14. #14

    افتراضي


    سبقتك بها يا hope :
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...-%DE%C8%D1%E5-!

    ولكن أرجو منك تغيير ما في آخرها من أنها قصة (حقيقية) إلى قصة : (خيالية) ..
    وجزاك الله خيرا ًعلى التذكير بها ..
    فهي بالفعل من أفضل ما تأثرت به عند قراءتي له من القصص ...
    التعديل الأخير تم 01-11-2013 الساعة 11:04 PM

  15. #15

    افتراضي


    يقول الله تعالى في كتابه الكريم :
    " إن أكرمكم عند الله : أتقاكم " .. نعم يا إخواني ..
    وإن كان معظم الناس في الدنيا يحترمون ويكرمون بعضهم بعضا ًلصفات دنيوية زائفة وزائلة :
    فإن القرب عند الله تعالى والتكريم منه للعبد :
    لا يكون إلا بمقدار التقوى واستشعار مراقبة الله تعالى لنا دوما في كل وقت وحين ..!!

    سأل رجل ٌيوما ًأحد الشيوخ الصالحين فقال له :
    يا شيخ .. أ ُحب الله عز وجل ولكنني : لا أعرف منزلتي عنده ..!
    فهل من سبيل ٍإلى ذلك ؟؟..
    فقال له الشيخ :
    هذا شيء بسيط !!..
    فانظر لقدر الله في حياتك : تعرف منزلتك عنده ..!!

    يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
    " سبعة يظلهم الله تعالى في ظله : يوم لا ظل إلا ظله ..
    1- إمام ٌ: عادل ..
    2- وشابٌ نشأ : في عبادة الله ..
    3- ورجل ٌقلبه : معلق بالمساجد ..
    4- ورجلان تحابا في الله : اجتمعا عليه وتفرقا عليه ..
    5- ورجل ٌذكر الله خاليا ً(أي بمفرده) : ففاضت عيناه ..
    6- ورجل ٌدعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ..
    7- ورجل ٌتصدق بصدقة فأخفاها : حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " ..

    ولقد اخترت لكم خمس قصص لخمسة مواقف أمام واحدة من أشهر فتن الشيطان للإنسان ..
    ألا وهي النساء ..
    فالمرأة كما الرجل : هي نعمة في حالة واحدة فقط وهي : اتباعها لشرع الله وانحكامها به ..
    وأما غير ذلك منها :
    فهي فتنة لنفسها ولغيرها : علمت ذلك أو جهلته .. تعمدته : أو لم تتعمده ...
    وذلك لأن الله تعالى قد أودع في جسدها وصوتها الجمال والرغبة اللذان يجذبان الرجال إليها :
    فإن لم يكن في الحلال وبالحلال وبالستر والاقتصار على الأهل والزوج :
    كانت فتنة وأيما فتنة ...!
    وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال : من النساء " !!!..

    فسوف أذكر كما قلت خمس قصص ...
    أولاها : عن مسلم قد أخفق في الامتحان .. فسأنقل لكم اعترافه الذي يقطر ألما ً..
    لأن الله تعالى قد شاء بقدره وما يصيب به عباده من البلايا :
    أن تأتي بلية ابنته : في نفس يوم معصيته : فكأنها جزاءً له !!!..

    وأما الأربعة قصص الأخرى .. فهي أمثلة باهرة على التقوى والعفاف ...
    وهي من القدوات الحسنات التي حريٌ بالشباب اتباعها ...
    كما بين ثنايا القصص الأربعة :
    مجموعة من فتن وحيل النساء الفاسقات .. يجب أن يُنتبه لها ويُحذر منها ...
    ومجموعة من أخطاء الرجال .. يجب أن يعلمها كل غافل أو مهزوم من شهوته !!!..
    والله المستعان ...
    وأترككم مع أولى القصص ...
    -------------------

    10...
    نزوة .. ولكنها ساوت كثيرا ..!


    خمسـة عشر عاماً مضت ولازلت أدفـع ثمن جريمتي ...
    وسأظـل أدفع مابقي من عمري ثمناً لها ، والألم يفتت كبدي والندم يعتصرني ..
    لن يـُخلصني شيء ... سوى أن يشملني الله تعالى برحمته ومغفرته ..

    فحين ارتكبت الجريـمة التي غيرت مـجرى حياتي .. لم يراني أحـد ..
    ولم يُقم علىَّ الجزاء الرادع من الـحد الشرعي حتى هذا اليوم !!....
    ولكن كان عقابي ربانياً مضاعفاً ...

    ارتكبت جريـمتي قبل خـمسة عشر عاماً تقريباً .. كنت وقتها قد تزوجت ورزقني الله طفلة ملأت حياتي فرحاً وسعادة ..
    كنت أقتات وأسرتي من خلال جلب الماء الى الـمنازل بسيارتي ....
    بلغت ابنتي الثالثة من العمر ، وكنت أسعد إنسان عندما أرى زهرة حياتي تتفتح أمام عيني ..

    وفي أحد الأيام ذهبت إلى أحد المنازل لتفريغ الماء كعادتي ، وبينما كنت منهمكاً في عملي ، إذ خرجت إليّ صاحبة الدار وكانت امرأة جـميلة !!... بل غايةً في الجمال ، وكانت ترتدي ملابسا تزيدها جـمالاً وفتنة ، وطلبت مني إحضار الماء مُـجدداً .. وفعلاً كررت زياراتي لمنزلها بـحجة إحضار الماء ، وأنا كالـمسحور الذي يمشي بغير هدى ...
    عدت إليها وقد حدثتني نفسي الأمّارة بالسوء حديثاً أخذ يـجذبني بقوة إلى ارتكاب الرذيلةِ والفاحشة معها، والأسوأ أنها هي الأخرى بدأتْ تجاذبني حديثاً تعمدت فيه اللين والخضوع بالقول .. فطمع قلبي الذي فيه مرض …
    فانطلق لساني ونطق .. ولو لم أراودها عن نفسها لكانت هي التي فعلت !!..

    وكانت الجريمة .. بل النزوة التي خرجت بعدها ساخطاً على نفسي .. مـحتقراً لها .. مثقلاً بالندم .. وأخذ ضميـري الذي قد صحا متأخراً يؤنبني وأنا في طريقي لـمنزلي ، وما إن وصلت الى منزلـي حتى بادرتني زوجتي صارخة وهي تبكي : أين كنت يارجل ؟!! لقد أدخلت ابنتك يدها في مفرمة اللحم وحـملها الجيران إلى المستشفى ..!!

    فاسودت الدنيا في وجهي .. وأخذت أجري حاملا وزري كمن به مس من الجنون .. واختلطت علي الأفكار : ذنبي .. وندمي .. وألـمي ..
    وعندما وصلت إلى المستشفى وجدت ابنتي وزهرة حياتي وقد بُترت لها أصابع يدها اليمنى عدا الأبهام ...!!

    واليوم ...
    بلغت ابنتي ثـمانية عشر عاماً .. عشتها معها يوماً يوماً .. وكلما نظرت إلى .. أو رفعت إلي يدها أو أشارت إلي بأبهامها تذكرتُ جريـمتي ..!
    لقد بقي ذلك الإبهام ناقوساً يدق ليذكرني بـخطيئة الماضي والتي عمرها عمر ابنتي .. وثـمنها باهظ ...
    لقد بكيت كثيـراً حتى نفذت أدمعي ... وندمت كثيراً ولكن لا مناص من العقاب !! فما زلت أجلد بسياط من نار ...
    أحـمل سر جريـمتي وعقابي في وقت واحد .....!

    وسأظــل أدفــع الثمـن مـابقيـت ....

    هذه القصة للعبرة .. فكثير من المسلمين يقعون في المعاصي .. وكثير من المسلمين يلهثون وراء الشهوات ..
    فهناك مَن يسافر للفحش والزنا وشرب الخمر وينسون بل ويتناسون أن الله مطلع عليهم ..!
    وأن إمهاله لهم ليس نسيانا ..! فليحذروا الله وعقابه ..!!

    وصدق والله القائل :

    الدنيا سموم ٌقاتلة .. والنفوس عن مكائدها غافلة ..!!
    كم من نظرة ٍتحلو في العاجلة .. ومرارتها لا تطاق في العاقبة الآجلة ..!!

    يا ابن آدم :
    عينك مطلوقة .. ولسانك يجني الآثام .. وجسدك يتعب في كسب الحطام ..!!

    كم من نظرة مُحتقرة : زلت بها الأقدام ..!!

    وقد قال الحسن رحمه الله :
    مَن أطلق بصره .. كثر ألمه ..!! أليس كذلك ؟!!..

    اللهم إنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا .. وإنه لا يغفر الذنوب الا أنت ..
    فاغفر لنا مغفرة من عندك .. وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم ..
    التعديل الأخير تم 01-11-2013 الساعة 11:42 PM

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قصص من السلف الصالح؟؟؟ ارجو الدخول للعبرة سارع بالنشر منقول
    بواسطة ابو مريم ومعاذ في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-18-2011, 07:27 PM
  2. قصص للعبرة
    بواسطة الخليفة في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-10-2007, 11:57 PM
  3. صور للعبرة من تسونامى
    بواسطة نسيبة في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 04-22-2005, 04:28 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء