ذم تفسير القرآن بالرأي - نقلان ..

نقل من السلف الصالح : يذكره لنا ابن القيم رحمه الله ..
ونقل يتحدث لنا فيه أحد الخلف الصالح : ابن العثيمين رحمه الله ..
-----

(1)
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في :
إعلام الموقعين عن رب العالمين - الوعيد على القول بالرأي صـ 43 : 49 :


وقالت طائفة من أهل العلم : من أداه اجتهاده إلى رأي رآه ولم تقم عليه حجة فيه بعد فليس مذموما ، بل هو معذور ، خالفا كان أو سالفا ، ومن قامت عليه الحجة فعاند وتمادى على الفتيا برأي إنسان بعينه فهو الذي يلحقه الوعيد ; وقد روينا في مسند عبد بن حميد ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان الثوري عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار } [ ص: 43 ]

فصل .
فيما روي عن صديق الأمة وأعلمها من إنكار الرأي .

[ ذم أبي بكر القول بالرأي ]

روينا عن عبد بن حميد ثنا أبو أسامة عن نافع عن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة قال : قال أبو بكر رضي الله عنه : أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إن قلت في آية من كتاب الله برأيي ، أو بما ولا أعلم .

وذكر الحسن بن علي الحلواني حدثنا عارم عن حماد بن زيد عن سعيد بن أبي صدقة عن ابن سيرين قال : لم يكن أحد أهيب بما لا يعلم من أبي بكر رضي الله عنه ، ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهيب بما لا يعلم من عمر رضي الله عنه ، وأن أبا بكر نزلت به قضية فلم يجد في كتاب الله منها أصلا ولا في السنة أثرا فاجتهد برأيه ثم قال : هذا رأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني وأستغفر الله .

فصل .
في المنقول من ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

[ ذم عمر القول بالرأي ]

قال ابن وهب : ثنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو على المنبر : يا أيها الناس إن الرأي إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا ، إن الله كان يريه ، وإنما هو منا الظن والتكلف . قلت : مراد عمر رضي الله عنه قوله تعالى : { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله } فلم يكن له رأي غير ما أراه الله إياه ، وأما ما رأى غيره فظن وتكلف .

قال سفيان الثوري : ثنا أبو إسحاق الشيباني عن أبي الضحى عن مسروق قال : كتب كاتب لعمر بن الخطاب " هذا ما رأى الله ورأى عمر " فقال : بئس ما قلت ، قل : هذا ما رأى عمر ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمن عمر

وقال ابن وهب : أخبرني ابن لهيعة عن عبد الله بن أبي جعفر قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : السنة ما سنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لا تجعلوا خطأ الرأي سنة للأمة .

قال ابن وهب : وأخبرني ابن لهيعة عن أبي الزناد عن محمد بن إبراهيم التيمي أن [ ص: 44 ] عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : أصبح أهل الرأي أعداء السنن ، أعيتهم أن يعوها وتفلتت منهم أن يرووها ، فاستبقوها بالرأي .

قال ابن وهب : وأخبرني عبد الله بن محمد بن عجلان عن عبيد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال : اتقوا الرأي في دينكم .

وذكر ابن عجلان عن صدقة بن أبي عبد الله أن عمر بن الخطاب كان يقول : أصحاب الرأي أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها ، واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا لا نعلم ، فعارضوا السنن برأيهم ، فإياكم وإياهم .

وذكر ابن الهادي عن محمد بن إبراهيم التيمي قال : قال عمر بن الخطاب : إياكم والرأي ; فإن أصحاب الرأي أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يحفظوها ، فقالوا في الدين برأيهم .

وقال الشعبي : عن عمرو بن الحارث قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها ، فقالوا بالرأي ، فضلوا وأضلوا ، وأسانيد هذه الآثار عن عمر في غاية الصحة .

وقال محمد بن عبد السلام الخشني : ثنا محمد بن بشار حدثنا يونس بن عبيد العمري ثنا مبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر { عن عمر بن الخطاب أنه قال : أيها الناس ، اتهموا الرأي في الدين ، فلقد رأيتني وإني لأرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيي فأجتهد ولا آلو ، وذلك يوم أبي جندل والكتاب يكتب وقال : اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال : يكتب باسمك اللهم ، فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيت ، فقال : يا عمر تراني قد رضيت وتأبى ؟ } .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن حبيب عن معمر بن أبي حبيبة مولى بنت صفوان عن عبيد بن رفاعة عن أبيه رفاعة بن رافع قال : بينما أنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ دخل عليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة ، فقال عمر : علي به ، فجاء زيد ، فلما رآه عمر فقال عمر : أي عدو نفسه قد بلغت أن تفتي الناس برأيك ؟ [ ص: 45 ] فقال : يا أمير المؤمنين ، والله ما فعلت ، ولكن سمعت من أعمامي حديثا فحدثت به من أبي أيوب ، ومن أبي بن كعب ، ومن رفاعة بن رافع ، فقال عمر : علي برفاعة بن رافع ، فقال : قد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدكم المرأة فأكسل أن يغتسل ، قال : قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأتنا فيه عن الله تحريم ، ولم يكن فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء ، فقال عمر : ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك ؟ قال : ما أدري ، فأمر عمر بجمع المهاجرين والأنصار ، فجمعوا ، فشاورهم فشار الناس أن لا غسل ، إلا ما كان من معاذ وعلي فإنهما قالا : إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل ، فقال عمر : هذا وأنتم أصحاب بدر قد اختلفتم ، فمن بعدكم أشد اختلافا ، فقال علي : يا أمير المؤمنين إنه ليس أحد أعلم بهذا من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه ، فأرسل إلى حفصة فقالت : لا علم لي ، فأرسل إلى عائشة فقالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل ، فقال : لا أسمع برجل فعل ذلك إلا أوجعته ضربا .

[ ذم ابن مسعود القول بالرأي ]

قول عبد الله بن مسعود - قال البخاري : حدثنا جنيد ثنا يحيى بن زكريا عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله قال : لا يأتي عليكم عام إلا وهو شر من الذي قبله ، أما إني لا أقول أمير خير من أمير ، ولا عام أخصب من عام . ولكن فقهاؤكم يذهبون ثم لا تجدون منهم خلفا ، ويجيء قوم يقيسون الأمور برأيهم .

وقال ابن وهب : ثنا شقيق عن مجالد به ، قال : ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ، ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فينهدم الإسلام ، ويثلم .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال : قال عبد الله بن مسعود : علماؤكم يذهبون ، ويتخذ الناس رءوسا جهالا يقيسون الأمور برأيهم .

وقال سعيد بن داود : حدثنا محمد بن فضل عن سالم بن حفصة عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم أنه قال : قال عبد الله : ما علمك الله في كتابه فاحمد الله ، وما استأثر به عليك من علم فكله إلى عالمه ، ولا تتكلف ; فإن الله عز وجل يقول لنبيه : { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين } يروى هذا عن الربيع بن خثيم وعن عبد الله .

وقال سعيد بن منصور : حدثنا خلف بن خليفة ، ثنا أبو زيد عن الشعبي قال : قال ابن مسعود [ ص: 46 ] إياكم وأرأيت أرأيت ، فإنما هلك من كان قبلكم بأرأيت أرأيت ، ولا تقيسوا شيئا فتزل قدم بعد ثبوتها ، وإذا سئل أحدكم عما لا يعلم فليقل : لا أعلم فإنه ثلث العلم .

وصح عنه في المفوضة أنه قال : أقول فيها برأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريء منه .

[ ذم عثمان القول بالرأي ]

قول عثمان بن عفان رضي الله عنه - قال محمد بن إسحاق - : حدثني يحيى بن عباد عن عبيد الله بن الزبير قال : وأنا والله مع عثمان بن عفان بالجحفة إذ قال عثمان وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج : أتموا الحج وأخلصوه في أشهر الحج ، فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل ; فإن الله قد أوسع في الخير ، فقال له علي : عمدت إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورخصة رخص الله للعباد بها في كتابه تضيق عليهم فيها وتنهى عنها ، وكانت لذي الحاجة ولنائي الدار ، ثم أهل علي بعمرة وحج معا ، فأقبل عثمان بن عفان رضي الله عنه على الناس فقال : أنهيت عنها ؟ إني لم أنه عنها ، إنما كان رأيا أشرت به ، فمن شاء أخذه ومن شاء تركه .

فهذا عثمان يخبر عن رأيه أنه ليس بلازم للأمة الأخذ به ، بل من شاء أخذ به ومن شاء تركه ، بخلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يسع أحدا تركها لقول أحد كائنا من كان .

[ ذم علي القول بالرأي ]

قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه - قال أبو داود - : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي إسحاق السبيعي عن عبد خير عن علي رضي الله عنه أنه قال : لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه .

[ ذم ابن عباس القول بالرأي ]

قول عبد الله بن عباس رضي الله عنه - قال ابن وهب - : أخبرني بشر بن بكر عن الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن ابن عباس أنه قال : من أحدث رأيا ليس في كتاب الله ولم تمض به سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدر على ما هو منه إذا لقي الله عز وجل .

وقال عثمان بن مسلم الصفار : ثنا عبد الرحمن بن زياد ، حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي [ ص: 47 ] عن أبي فزارة قال : قال ابن عباس : إنما هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن قال بعد ذلك برأيه فلا أدري أفي حسناته يجد ذلك أم في سيئاته .

وقال عبد بن حميد : حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن ليث عن بكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار .

[ سهل بن حنيف يذم القول بالرأي ]

قول سهل بن حنيف رضي الله عنه - قال البخاري - : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي وائل قال : قال سهل بن حنيف : أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم ، لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددته .

[ ابن عمر يذم الرأي ]

قول عبد الله بن عمر - رضي الله عنه ، - قال ابن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث أن عمرو بن دينار قال : أخبرني طاوس عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا لم يجد في الأمر يسأل عنه شيئا قال : إن شئتم أخبرتكم بالظن .

وقال البخاري : قال لي صدقة عن الفضل بن موسى عن موسى بن عقبة عن الضحاك عن جابر بن زيد قال : لقيني ابن عمر فقال : يا جابر ، إنك من فقهاء البصرة وتستفتى فلا تفتين إلا بكتاب ناطق أو سنة ماضية .

وقال مالك عن نافع عنه : العلم ثلاث : كتاب الله الناطق ، وسنة ماضية ، ولا أدري .

[ زيد بن ثابت يذم الرأي ]

قول زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال البخاري : حدثنا سنيد بن داود ثنا يحيى بن زكريا مولى ابن أبي زائدة عن إسماعيل بن خالد عن الشعبي ، قال : أتى زيد بن ثابت قوم ، فسألوه عن أشياء ، فأخبرهم بها ، فكتبوها ثم قالوا : لو أخبرناه ، قال : فأتوه فأخبروه ، فقال : أعذرا لعل كل شيء حدثتكم خطأ ، إنما أجتهد لكم برأيي .

[ معاذ بن جبل يذم الرأي ]

قول معاذ بن جبل رضي الله عنه قال حماد بن سلمة : ثنا أيوب السختياني عن أبي قلابة عن يزيد بن أبي عميرة عن معاذ بن جبل قال : تكون فتن فيكثر فيها المال ، ويفتح القرآن حتى يقرأ الرجل والمرأة والصغير والكبير والمنافق والمؤمن ، فيقرأه الرجل فلا يتبع ، فيقول : والله لأقرأنه علانية ، فيقرأه علانية فلا يتبع ، فيتخذ مسجدا ، ويبتدع كلاما ليس من [ ص: 48 ] كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإياكم وإياه فإنه بدعة وضلالة ، قاله معاذ ثلاث مرات .

[ أبو موسى الأشعري يذم الرأي ]

قول أبي موسى الأشعري - قال البغوي - : ثنا الحجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن أبي رجاء العطاردي قال : قال أبو موسى الأشعري : من كان عنده علم فليعلمه الناس ، وإن لم يعلم فلا يقولن ما ليس له به علم فيكون من المتكلفين ويمرق من الدين .

[ معاوية يذم الرأي ]

قول معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، - قال البخاري : حدثنا أبو اليمان ثنا شعيب عن الزهري قال : كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه كان عند معاوية في وفد من قريش ، فقام معاوية فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد فإنه قد بلغني أن رجالا فيكم يتحدثون بأحاديث ليست في كتاب الله ، ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولئكم جهالكم

فهؤلاء من الصحابة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وسهل بن حنيف ومعاذ بن جبل ومعاوية خال المؤمنين وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم يخرجون الرأي عن العلم ، ويذمونه ، ويحذرون منه ، وينهون عن الفتيا به ، ومن اضطر منهم إليه أخبر أنه ظن ، وأنه ليس على ثقة منه ، وأنه يجوز أن يكون منه ومن الشيطان ، وأن الله ورسوله بريء منه ، وأن غايته أن يسوغ الأخذ به عند الضرورة من غير لزوم لاتباعه ولا العمل به ، فهل تجد من أحد منهم قط أنه جعل رأي رجل بعينه دينا تترك له السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبدع ويضلل من خالفه إلى اتباع السنن ؟ .

فهؤلاء برك الإسلام ، وعصابة الإيمان ، وأئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وأنصح الأئمة للأمة ، وأعلمهم بالأحكام وأدلتها ، وأفقههم في دين الله ، وأعمقهم علما ، وأقلهم تكلفا ، وعليهم دارت الفتيا ، وعنهم انتشر العلم ، وأصحابهم هم فقهاء الأمة ، ومنهم من كان مقيما بالكوفة كعلي وابن مسعود ، وبالمدينة كعمر بن الخطاب وابنه وزيد بن ثابت ، [ ص: 49 ] وبالبصرة كأبي موسى الأشعري ، وبالشام كمعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان ، وبمكة كعبد الله بن عباس ، وبمصر كعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعن هذه الأمصار انتشر العلم في الآفاق ، وأكثر من روي عنه التحذير من الرأي من كان بالكوفة إرهاصا بين يدي ما علم الله سبحانه أنه يحدث فيها بعدهم .
----------------------

(2)
يقول العلامة ابن العثيمين رحمه الله تعالى في :
شرح مقدمة التفسير :


تفسير القرآن بالرأي :

فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام ، حدثنا مؤمَل، قال حدثنا سفيان قال حدثنا عبد الأعلى،عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار(88).
(88) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، (2950).

حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)) وبه إلى الترمذي قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثني حبان بن هلال قال: حدثنا سهيل أخو حزم القطعي قال: حدثنا أبو عمران الجوني عن جندب قال:قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( من قال في القرآن برأية فأصاب فقد أخطأ ))(89)
(89) رواه أبو داود، كتاب العلم باب الكلام في كتاب الله بغير علم، رقم (3652) ، والترمذي، كتاب تفسير القرآن باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، (2952).

قال الترمذي هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم, وهكذا روي عن بعض أهل العلم عن أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وغيرهم أنهم شددوا في أن يفسر القرآن بغير علم.وأما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم أنهم فسروا القرآن فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن أو فسروه بغير علم أو من قبل أنفسهم . وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم، فمن قال في القرآن برأية فقد تكلف ما لا علم به، وسلك غير ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس عن جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ، والله أعلم.

الشرح

ولهذا كان من اجتهد فأخطأ فله أجر، كذلك من لم يجتهد ولو أصاب فقد أخطأ إذا كان ما تكلم فيه ليس محلا للاجتهاد.
وتفسير القرآن بالرأي تارة يفسره الإنسان بحسب مذهبه كما يفعله أهل الأهواء . فيقول المراد بكذا وكذا. كذا: وكذا مما ينطبق على مذهبه ، وكذلك هؤلاء المتأخرون الذين فسروا القرآن بما وصلوا إليه من الأمور العلمية الفلكية أو الأرضية والقرآن لا يدل عليها، فإنهم يكونون قد فسروا القرآن بآرائهم ، إذا كان القرآن لا يدل عليها، لا بمقتضى النص ولا بمقتضى اللغة، فهذا هو رأيهم ولا يجوز أن يفسر القرآن بهذا.

وكذلك أيضاً لو لم يكن عند الإنسان فهم للمعنى اللغوي ولا للمعنى الشرعي الذي تفسر به الآية فإنه إذا قال قولا بلا علم، فيكون آثما، كما لو أن أحداً من العامة فسر آية من القرآن الكريم على حسب فهمه من إلي مستند- لا لغوي ولا شرعي-فإنه يكون حراماً عليه ذلك؛ لأن مفسر القرآن يشهد على الله بأنه أراد كذا، وهذا أمر خطير، لأن الله حرم علينا أن نقول عليه ما لا نعلم (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:33) ،

فأي إنسان يقول على الله ما لا يعلم في معني كلامه أو في شيء من أحكامه فقد أخطأ خطأ عظيماً.
وهكذا سمي الله تعالى القذفة كاذبين فقال: (َ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ)(النور: 13) فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به وتكلف ما لا علم به، والله أعلم.

ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، كما روى شعبة عن سليمان عن عبد الله بن مرة عن أبي معمر قال: قال أبو بكر الصديق: (( أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم ))(90)
(90) رواه ابن أبي شيبة (6/136).

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا محمد بن يزيد عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي أن ابا بكر الصديق سئل عن قوله: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) (عبس:31) ، فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم ، إسناده منقطع.

الشرح

فلو أن رجلاً قيل له ما معني قوله تعالى: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) قال (َأَبّاً) يعني أب أي: الوالد، فيكون قد فسر القرآن برأيه وجهله؛ لأنه صار يسمع الناس يقولون الأب ويشددون الباء ، وهي ليست مشددة فظن أن قوله تعالي : (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) يعني فاكهة وأبَا يعني وأبا فيكون هذا قال في القرآن برأية.

وكذلك من ينزل القرآن على غير ما أراد الله مثل قول بعضهم إذا سئل عن شيء قال: (لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)(المائدة:101) ، هذا أيضاً من تنزيل القرآن على غير ما أراد الله.
ومنه نعرف خطأ ما نقل مدحاً لامرأة يسمونها المتكلمة بالقرآن.
ذكرها في جواهر الأدب ، امرأة لا تتكلم إلا بالقرآن ، وقيل إنها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيغضب عليها الرحمن، وأظن فعلها هذا زلًة لأنها بهذا تنزل القرآن على غير ما أراد الله.
***

وقال أبو عبيد أيضاً: حدثنا يزيد ،عن حميد عن أنس: أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) فقال: ما الأب؟ فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأب ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر!
وقال عبد بن حميد: حدثنا سليمان بن صرب، قال حدثنا بن زيد، عن ثابت ، عن أنس،قال: كنا عند عمر بن الخطاب، وفي ظهر قميصه أربع رقاع، فقرأ: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) (عبس:31) فقال : ما الأب؟ ثم قال: إن هذا لهو التكلف، فما عليك ألا تدريه؟!

الشرح

في قوله: (( وفي ظهر قميصه أربع رقاع)) الفائدة فيه من حيث مصطلح الحديث أنه أدل على ضبط الرواي، يعني أن الراوي قد ضبط هذه القصة أو هذه القضية بحيث إنه أدل على ضيط الراوى يعنى أن الراوى قد ضبط هذه القصة أو هذه القضية بحيث إنه لم يُخف ِعليه ما في ثوبه من الرقاع، أما الفائدة فيها من حيث السلوك فهو أن نعرف ما كان عليه الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم من عدم الأثرة، وأنهم يعدون أنفسهم كغيرهم من الناس ، لا يمتازون على أحد، وأن حالهم كحال غيرهم، حتى إن عمر رضي الله عنه في عام الرمادة حرم على نفسه أن يأكل من الطعام الطيب واقتصر على اقل ما يطعم . كل هذا من أجل ألا يستاثر بشيء على رعيته رضي الله عنه.

ولكن كان ذلك حين كانت الرعية مستقيمة على أمر الله ورعة عما لا يحل لها، ولهذا قيل: قال رجل لعلي بن أبي طالب: ما بال الناس قد خرجوا عليك ولم يخرجوا على أبي بكر وعمر؟ فقال: كانت الرعية في وقت أبي بكر وعمر مثل على بن أبي طالب، وكانت الرعية في وقتي مثلك.

وكذلك هشام بن عبد الملك أو عبد الملك لما رأى من الناس تذمراً جمع أعيانهم وشرفاءهم وخطب فيهم وقال لهم: أما بعد فإنكم تريدون أن نكون لكم كأبي بكر وعمر، فكونوا لنا كالرجال في عهد أبي بكر وعمر. نكن لكم كأبي بكر وعمر. وجاء في الأثر: كما تكونون يولي عليكم.
* * *

وهذا كله محمول على أنهما رضي الله عنهما إنما أرادا استكشاف ماهية الاب، وإلا فكونه نبتا من الأرض ظاهر لا يجهل لقوله تعالى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْباً وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) .

الشرح

(وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) هي محل الشاهد فعلم من قوله (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) أنه مما تنبت الأرض، ولا يخفى على أبي بكر وعمر أن الأب نبات من الأرض لكنهما أرادا- رضي الله عنهما- تعيين هذا الأب ما هو؟ وأي شجر هو؟فأ ُشكل عليهم، وقد قيل في تفسيره أن الأب هو نبت يشبه القت عندنا، والظاهر والله أعلم أنه نبت صالح، يعنى بمعنى أنه شامل عام لكل ما يكون نبتاً.

وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن أبي ملكية أن ابن عباس سُئل عن آية , لو سُئل عنها بعضكم : لقال فيها !! فأبي أن يقول فيها، إسناده صحيح.

الشرح

أي أن ابن عباس- رضي الله عنهما- الذي دعا له الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يعلمه الله التأويل (91)
(91) سبق تخريجه

يقول لو يُسأل عن الآية التي لو سُئل عنها بعضكم الآن لأجاب. وهذا يدل على أنه يجب التحري في تفسير كلام الله سبحانه وتعالي.
* * *

وقال أبو عبيد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن أبي ملكية قال: سأل رجل ابن عباس عن: ( يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) (السجدة:5) فقال ابن عباس فما ( يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (المعارج:4) فقال الرجل: إنما سألتك لتحدثني ، فقال ابن عباس: (( هما يومان ذكرهما الله في كتابه والله أعلم بهما)) فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم.

الشرح

قد سبق لنا أن يوم القيامة كان مقداره خمسين ألف سنة كما في سورة المعارج في قوله تعالى: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) وبينه الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة في مسلم (92)
(92) رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987)

في مانع الزكاة أنه يعذب بها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وأما التي في سورة السجدة: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) فهذا - والله أعلم- في الدنيا؛ لأنه قال : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وأما قوله تعالي : ( وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(الحج: 47) فما دام عند الله، فنحن لا نعلمه ، وهذا اليوم الله أعلم به.
* * *

وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن علية عن مهدي بن ميمون عن الوليد بن مسلم قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله فسأله عن آية من القرآن فقال: أحرج عليك إن كنت مسلما لما قمت عني، أو قال: أن تجالسني.

الشرح

وهذا محمول على الورع وعدم المضى في التكلم في معني كلام الله عز وجل ، وإلا فليس المعني إذا جاء رجل فسأل عن معني آية تقول له: لا تجلس عندنا ، أو قم، أو ما أشبه ذلك . ولكن بناء على شدة تحريهم وتحرجهم كانوا يقولون مثل هذا.

وقال مالك عن يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب : إنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال: إنا لا نقول في القرآن شيئاً.
وقال الليث عن يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب: إنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن.
وقال شعبة عن عمرو بن مرة قال: سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن فقال: لا تسألني عن القرآن وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شيء يعني عكرمة.
وقال ابن شوذب: حدثني يزيد بن أبي يزيد قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع.
وقال ابن جرير: حدثني أحمد بن عبدة الضبي قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا عبيد الله بن عمر قال: لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم سالم ابن عبد الله ، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب ، ونافع .
وقال أبو عبيد : حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن هشام بن عروة قال: ما سمعت أبي تأول آية من كتاب الله قط.
وقال : أيوب وابن عون وهشام الدستوائي عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن آية من القرآن فقال: ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل من القرآن ، فـاتق الله وعليك بالسداد.
وقال أبو عبيد: حدثنا معاذ عن ابن عون عن عبيد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه، قال: إذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده.
حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه.
وقال شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال: قال الشعبي: والله ما من آية إلا وقد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله.
وقال أبو عبيد: حدثنا هشيم قال: أنبأنا عمر بن أبي زائدة عن الشعبي عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله.

فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه.
***

ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد، فإنه كما يجب السكوت عما لا يعلم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالي: ( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: من187)، ولما جاء في الحديث المروي من طرق : من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار (93).
(93) رواه أبو داود، كتاب العلم باب كراهية منع العلم، (3658)، والترمذي ،كتاب العلم باب ما جاء في كتمان العلم، (2649)، وابن ماجه في المقدمة، (261).

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالي ذكره. والله سبحانه وتعالي أعلم.

الشرح

إذاً هذه أربعة أقسام:

تفسير تعرفه العرب من كلامها،
وهو ما يعرف في اللغة مثل: الكهف والعرش والسرر ومنضودة والطلح وما أشبه ذلك،

والثاني تفسير لا يعذر أحد بجهالته
وهو تفسير ما يجب اعتقاده أو العمل به، كتفسير قوله تعالي: ( أَقِيمُوا الصَّلاة) فيجب علينا أن نعرف معنى إقامة الصلاة التي أمرنا بها. وكذلك ما يجب علينا اعتقاده كالإيمان بالرسل ونحوهم ، فإنه لا يعذر أحد بجهالته ،

والثالث تفسير يعلمه العلماء
مثل العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ وما يتعلق بذلك من الأحكام ، فإن هذا ليس كل أحد يعرفه، وليس واجباً على كل أحد بل هو فرض كفاية،

وتفسير لا يعلمه إلا الله،
فمن ادعي علمه فهو كاذب، كما جاء في بعض ألفاظ الأثر مثل العلم بحقائق صفات الله عز وجل وكيفيتها، وكذلك العلم بحقائق ما أخبر الله به عن اليوم الآخر وعن الجنة والنار وما أشبه ذلك مما لا يمكننا إدراكه ، فهذا من ادعى علمه فإنه كاذب، لأنه لا يعلمه إلا الله.