النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الجزء الثاني: انسان بلا روح

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    بلاد الشام- على اكناف بيت المقدس
    المشاركات
    968
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الجزء الثاني: انسان بلا روح

    بسم الله الرحمن الرحيم

    انصح جميع الاخوة قبل البدء بقراءة الجزء الثاني ان يعودوا للجزء الاول, لمن لم يقرأه من قبل:
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...6%E4-%D1%E6%CD

    استيقظ عمر باكرا... كان يوم عطلة... لا إمتحانات ولا مشاغل... فإذا به- بعد الصلاة- يلبس لبسا رياضيا... كان شاطئ البحر هو وجهته... كان يحب ان يتنشق رائحة البحر... فهواؤه الذي يحمل قرصة برودة يدخل على صدره إحساسا بالانتعاش... بدأ يمشي وال Head Phones في أذنيه... كان يسمتع إلى القرآن بصوت العجمي... وهنا ادرك ان انتعاش صدره انما مصدره غير الهواء... هو شبيه بالفعل به... لكنه ليس السبب... فهذا الانتعاش في الحقيقة إنشراح دائم... رفيقه في كل اللحظات... وإن كان يصل إلى القمة عند الاستماع إلى القرآن... أو عند الوقوف في الصلاة... وفجأة وصل القارئ إلى قوله تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)... فتوقف عمر في أرضه… أحس برجفة تهز كيانه... رجفة لم تعدلها رجفة في حياته... رجفة لو وضعت على الجبل لزلزلته... لم يستطع ان يفرغها من جسده الا دموعا ما لبثت ان تحولت إلى بكاء... يبكي لشدة فرحه... يبكي بدون إذنه... يبكي بدون تكلف... فإذا بنهر الدموع على خده يصب في البحر... حتى ان ملوحة البحر كادت تشكو من عذوبة الدموع... ومع ذلك فإن آثار الرجفة الروحانية لا زالت تجري في عروقه... بل في كيانه... فإذا به يخر على الارض ساجدا لله شكرا... عساه يفرغ هذه الرجفة على الأرض... نسي نفسه وهو ساجد... والشمس تراقبه حتى حسبت انها ستترك السماء لنجوم الليل حتى يطمئنوهـا عن عمر... وما رفع رأسه إلا بعد ان طاله رذاذ احدى الامواج... وكأن البحر بذلك حسد الرمال لأنها استقبلت جبهة عمر فإذا بالرمال تفصح عن شعورها ذاته التي شعرت به عندما إستقبل البحر دموع الأخير...

    أتدرون لماذا أحس بكل هذا؟... نعم لقد فعلها... لقد عرف سر سعادته... كان سعيدا لا شك... كان يعلم ان الدين هو الشجرة التي يقطف منها هذه الخيرات لا شك... ولكن كان يتساءل... لماذا الدين بالتحديد؟... ما هو السر وراء ذلك؟... أتذكرون اخواني قصة "وماذا بعد ؟" في الجزء الأول... عندما ينظر إلى النساء ويقول ماذا بعد... عندما يلقي بالمحاضرات ويقول ماذا بعد... هي ذاتها سر سعادته... كيف ذلك؟

    هذه الافكار كانت تجول في عقله يمنة ويسرة... لم تجد لها موطنا فيه تستقر عنده... وبينما كان عقله يدير حلبة المصارعة هذه... إذا به ينظر إلى نورس يغط في البحر ويقتلع سمكة بمنقاره ثم يذهب بعيدا... انه الانسان الذي يأكل ويشرب ... وماذا بعد؟... بماذا يسبق هذا النورس... تراه يجلس على الطاولة … يشتهي ان يأكل ما فيها... بما في ذلك الصحون والاطباق... فيأكل أول لقمة … ثم الثانية... فالثالثة... وهكذا إلى ان تتحول الشهوة إلى ألم في بطنه... هذا ناهيك عن خوف الكثيرين على وزنهم... أو من مرض كالسكري والضغط وغير ذلك... يعانون من تقنين في الطعام... من منا لا يشعر هذا الشعور؟... نعم هناك... انه عمر... ومن كان مثل عمر... الذين فهموا المسألة بعون الله... يعني: هم لا يأكلون؟... بلى يأكلون... يأكلون كما يأكل الفريق الأول... مع فارق جوهري!... الأول يعيش ليأكل … الثاني يأكل ليعيش... فلذة الاول تنتهي بإنتهاء الطعام... أما سعادة الثاني فتكون أثناء الطعام وبعده... لأن الله سمى هذا العمل بالباقيات الصالحات!... فإن أكل وقد بدأ بالتسمية(من بسم الله) وانهى بالحمدلة ( من الحمد لله)... ان أكل بنية التقوي على عبادة الله... ان أكل بنية التقوي على خدمة دين الله... ان أكل بنية المحافظة على امانة الجسد... ان أكل مبتعدا عن المأكولات المحرمة (وما اكثر مأكولات الحلال) ... ان فعل كل ذلك… نال لذة الطعام... وسعادة ما بعد الطعام... فقد قام بعبادة... نعم الطعام بهذه النوايا عبادة... ويأخذ عليها الاجر والثواب... وكم يفرح الانسان ويرتاح عندما يجد نفسه يؤجر على كل حركة أو سكنة يفعلها... يعني في كل ثانية هو عابد لله وله اجر على ذلك!...ومع ذلك يستلذ كأي انسان آخر!... حتى في نومه... فهو ينام حتى يقوم على صلاة القيام... هو ينام حتى يقوي جسده لخدمة دين الله... وهكذا...ومع ذلك يريحه النوم كما يريح الناس... بل دعونا نذهب ابعد من ذلك... أرأيتم الزاني... ألا يستلذ للحظات معدودة... اهذه الشهوة محرمة على اصحاب الدين؟... ابدا... ولكن للشهوة مصرفا خاصا...والزواج قد وصى به الرسول ) صلى الله عليه وسلم) للمستطيع... ولكن العجب العجاب حين نعلم ان الذي يجامع زوجه لا يقوم بالحلال فحسب... بل له اجر عند ربه ايضا... (... وفي بضعِ أحدكم صدقةٌ " .قالوا : يا رسولَ اللهِ ! أياتي أحدنا شهوتَه ويكون لهُ فيها أجرٌ ؟ قال : " أرأيتم لو وضعها في حرامٍ أكان عليه فيها وزرٌ ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلالِ كان لهُ أجرًا ( (1)" .! وهذا في كل شؤون الحياة... حتى في المال... ان تجمع المال بالحلال... لا سرقة... لا ربا... الخ... وحتى لو أنفقت على زوجك فأنت مأجور!... (...ولستَ تنفقُ نفقةً تبتغي بها وجهَ اللهِ ، إلا أُجِرْتَ بها . حتى اللقمةَ تجعلُها في فِي امرأتِكَ... ( (2) ... فكيف إذا زدت على ذلك ونظرت إلى الفقراء... (أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو يقرأُ : أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ . قال " يقولُ ابنُ آدمَ : مالي . مالي ( قال ) وهل لك ، يا ابنَ آدمَ ! من مالكَ إلا ما أكلتَ فأفنيتَ ، أو لبستَ فأبليتَ ، أو تصدقتَ فأمضيتَ ؟ " ) (3)

    هذا هو الاسلام... دين واقعي بكل المقاييس... اعطى الروح حقها... ولم ينس حق الجسد... تخيل أنك تقوم بالاعمال واجرها مستمر... تقوم بما يسعدك انت والله غني عن عملك... ومع ذلك انت المستفيد... الله حررك من كل المعبودات عندما طلب ان تعبده وحده... فأنت لا تعبد الزعيم فلان... أو المطرب علان... أو النساء... أو المال... أو نفسك حتى... فتقول كلمة الحق بكرامة... لا تخاف احدا إلا الله... لا تخاف على حياتك من الظالم … فالله يؤيدك بنصره...ولا ترشتي أو ترشي الناس خوفا على رزقك… فالله هو الرزاق... وغير ذلك... كم سترتاح بعدها ان سلمت امرك لله... الواحد الذي يستحق ان تتكل عليه… تخيل لو أن اباك طبيب... وانت في حالة مرضية خطيرة... الن تسلم نفسك لأبيك باطمئنان... فهو يعلم حالتك أكثر منك... وتعلم انه لا يغشك كما قد يفعل بعض الاطباء... ألن ترتاح؟... ولله المثل الأعلى... فقد قال عن نفسه: (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ) … أي يعلم كل شيء… ولا يخفى عليه شيء... يعلم ما في نفسك... يعلم كيف ترتاح نفسك... وقال عن نفسه : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً) ... فهو القادر... لا يعجزه شيء... وهو بيده النفع والضر... تخيل أنك سلمت اليه كل شيء... أنك توكلت عليه... ولا يعني ذلك التواكل أي ان تجلس في المنزل دون العمل والاخذ بالاسباب... كيف ستكون حالتك؟!... افهمنا الآن معنى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وكذلك (إن الله تعالى يقول : يا ابن آدم تفرغ لعبادتى أملا صدرك غنى ، و أسد فقرك ، و إن لا تفعل ملأت يديك شغلا ، و لم أسد فقرك ) (4) ... وقد قال الله لك: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)! يعني توكل على الله... وكفا... لا عليك... فالله كافيك... يقول الرسول ) صلى الله عليه وسلم): (عجبًا لأمرِ المؤمنِ . إن أمرَه كلَّه خيرٌ . وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ . إن أصابته سراءُ شكرَ . فكان خيرًا له . وإن أصابته ضراءُ صبر . فكان خيرًا له)(5) ...

    اختم بهذا المثال... مثل الروح والجسد كمثل الفارس والحصان...والفارس يريد السفر بعيدا... الفارس هو الاساس وهو الروح... ان احسنت معاملة الحصان دون الروح لأهملت الاساس... هذه هي المادية... لذلك يقدم اصحابها على الانتحار حتى في ربيع العمر... لأنهم غذوا الحصان لا الفارس... ولكن ذلك لا يعني ان نهمل الحصان… فهو وسيلة... بدونها سيتعب الفارس أي تعب... بل قد يموت في الطريق وهو يسير على الأقدام في الصحراء... وكم من الذين اهملوا الجسد يعانون من وعورة الطريق!... إلا الاسلام... دين يجعلك تعيش على الارض... وانت في نفس الوقت تحس أنك تعيش في السماء...سبحان الله! رضينا بالاسلام...

    اخي ساهمس في أذنك امرا:
    اما ان تكون من هذه فتكسب الدنيا والآخرة: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
    أو ان تكون من هذه فتخسر الدنيا والآخرة:(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )

    وبحسب القرطبي ف"ذكري" معناها ديني وتلاوة كتابي والعمل بما فيه و ضنكا أي عيشا ضيقا! أنظر أنظر: (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ)

    ملاحظة: هذا الرابط فيه تلاوة للشيخ العجمي:

    http://ar.islamway.net/recitation/938

    (1)الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم 1006 خلاصة حكم المحدث: صحيح
    (2) الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1628 خلاصة حكم المحدث: صحيح
    (3) الراوي: عبدالله بن الشخير المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2958 خلاصة حكم المحدث: صحيح
    (4) الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1914 خلاصة حكم المحدث: صحيح
    (5) الراوي: صهيب بن سنان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2999 خلاصة حكم المحدث: صحيح

  2. #2

    افتراضي

    ما شاء الله .. لا قوة إلا بالله ...
    موهبة فذة ولا أحسبها جديدة .. فمثلها ينبيء عن ولادة منذ فترة مضت ..
    وإن كان فاتني التعقيب على الجزء الأول من خواطرك أخي :
    فلن يفوتني شكرك الآن على ما كتبت وصغت وقدمت بارك الله فيك ..
    وأرى أن مواضيعك تثقل مع الوقت ..
    وفقك الله ..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    بلاد الشام- على اكناف بيت المقدس
    المشاركات
    968
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاك الله خيرا أستاذي الكريم... ما أنا إلا تلميذ بين أيديكم...

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الطفيليات تقول لا ..... (الجزء الثانى)
    بواسطة ابن النعمان في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 05-01-2012, 06:56 PM
  2. الجزء الثانى من............................................
    بواسطة خادم السنة في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 07-23-2010, 04:25 PM
  3. نصب نفسه رسولاً الجزء الثاني
    بواسطة dr.elramady في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-04-2010, 04:39 PM
  4. هل هناك سقف للتطور ؟ (الجزء الثانى)
    بواسطة ابن النعمان في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-16-2010, 12:45 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء