لا لتعدد الزوجات ، نعم لتعدد العشيقات
أظن العنوان يحكي عن ما سأقوله . فأولاً و قبل كل شيء أحيلكم إلى حكم تعدد الزوجات بقول كتاب الله الكريم .
http://islamqa.info/ar/ref/49044
الحمد لله
قد أباح الله تعالى للرجال تعدد الزوجات حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز : ( وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) النساء/3 .
فهذا نص في إباحة التعدد ، فللرجل في شريعة الإسلام أن يتزوج واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً ، ولا يجوز له الزيادة على الأربع ، وبهذا قال المفسرون والفقهاء ، وأجمع عليه المسلمون ولا خلاف فيه .
فواضح و جلي لكل من يعقل أن القرآن يسمح بتعدد الزوجات إلى أربعة كأقصى حد و لا خلاف على ذلك بين أهل العلم . و لكن فلنعلم أن لهذا التعدد شروطاً :
1- العدل
لقوله تعالى : ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) النساء/3 ، أفادت هذه الآية الكريمة أن العدل شرط لإباحة التعدد ، فإذا خاف الرجل من عدم العدل بين زوجاته إذا تزوج أكثر من واحدة ، كان محظوراً عليه الزواج بأكثر من واحدة . والمقصود بالعدل هنا التسوية بين زوجاته في النفقة والكسوة والمبيت ونحو ذلك من الأمور المادية مما يكون في مقدوره واستطاعته.
وأما العدل في المحبة فغير مكلف بها ، ولا مطالب بها لأنه لا يستطيعها ، وهذا هو معنى قوله تعالى : ( ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) النساء/129 يعني في المحبة القلبية .
2- القدرة على الإنفاق على الزوجات :
والدليل على هذا الشرط قوله تعالى : ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ) النور/33 . فقد أمر الله في هذه الآية الكريمة من يقدر على النكاح ولكنه لا يجده وتعذر عليه ، أن يستعفف ، ومن أسباب تعذر النكاح : أن لا يجد ما ينكح به من مهر ، ولا قدرة له على الإنفاق على زوجته ". المفصل في أحكام المرأة ج6 ص286
هذا قول الله تعالى . و من أصدق من الله قيلاً ؟
و الآن بعد أن علمنا حكم التعدد في الإسلام نأتي لقول بني علمان و بني شرقان في المسألة .
نظام التعدد هو مسايرة لدواعي الشهوات عند الرجال، وأنه إهدار لكرامة المرأة وإجحاف بحقوقها كما أنه إهدار لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة الذي يقتضي أن يكون الزوج خالص لزوجته كما هي خالصة له.
و قد ينخدع البعض لوهلة فيرى كلامهم جميلاً و موزوناً . لكن من يمعن النظر و يتقصى الأمر من عدة جهات يجد رائحة النفاق تفوح من مثل هذه الأقوال . فنقول أولاً و لله الحمد : مبدأ التعدد ليس شيئاً أتى به الإسلام كما يحاول الحاقدون إيهام الناس به . بل إن التعدد قديم قدم التاريخ . و لا يقدر أحد أن يأتينا بدين حد من التعدد إلا دين الإسلام على مر العصور . فكيف صار الحد إكثاراً ؟ ما هذه إلا إحدى غرائب أعداء الدين .
قد يحاول البعض التذاكي - و أنا أراه و الله من التغابي - فيقول : و لماذا لا تسمحون بتعدد الأزواج ؟ و بعيداً عن الأضرار الصحية الفتاكة التي ستنتج عن مثل هذا الفعل ، أسألهم : هبوا أن امرأة تزوجت رجلين - فما بالكم بأربعة - و أتاها مولود ، فابن من هذا ؟ و قبل ذلك ، هل يعلم عاقل فيكم امرأة سليمة الفطرة تشتهي أكثر من رجل ؟! لا أبداً . بل إن من الفطرة التي وضعها الله في البشر أن يكون حب المرأة لرجل واحد . و لا تخرج عن هذه القاعدة إلا امرأة ذات فطرة منتكسة لا تعرف خيراً من شر .
كما أن للزوجة أن تشترط على الزوج عدم التعدد . و يتفق الجمع على أن استيفاء شروط الزواج واجب على الزوج و الزوجة .
و لا ندري كيف يتغاضى العلمانيون و من على شاكلتهم عن فوائد التعدد . فمعلوم أن نسبة الإناث أكثر من الذكور ، و الحروب تزيد الأمر سوءاً . و لذلك اضطر الألمان للسماح بالتعدد بعد الحرب العالمية الثانية التي أنقصت من نسبة السكان بشكل مريع . و ماذا لو أن الزوجة عاقم ؟ إن كان الرجل مشتاقاً لذرية ترثه من بعده فهو أمام خيارين : إما أن يطلقها و يتزوج غيرها ، أو يتزوج أخرى و يكرمهما و يعدل بينهما . فأيهما أولى ؟
أرجو إن قرأ أحد العلمانيين المثال التالي ألا يقوم باقتطاع النصوص فيقولني ما لم أقله أو يحاول تشويه الصورة . فهب أن هناك رجلاً له شهوة زائدة و لا يكفيه أن يتزوج واحدة ، فماذا يفعل ؟ أراه أمام خيارين : إما أن يفعل فعل الغربيين من خيانة زوجية ، أو أن يتزوج أخرى و يبقي الأولى . و العاقل يعلم أيهما أفضل .
من المحاولات الأخرى قولهم أن التعدد ينمي الغيرة بين الزوجات و يجعل المعيشة نكداً و تعباً . و الجواب على ذلك كالتالي : فقد سبق و قلنا أن للتعدد شروطاً وضعت رحة للزوجة و ليس الزوج . و إن كانت ذات غيرة شديدة فلا تقدر أن تعيش مع زوجها امرأة أخرى فلها ان تشترط عليه عدم التعدد . كما أن عليها الابتعاد عن تأثير الآخرين ممن يثيرون الفتن و الغيرة . فلطالما سمعنا عن شخص يغض النظر عن آخر ظلمه ، و لكن باستفزاز الآخرين له ينتكس فيعود حقده .
بعد أن شرحنا باختصار أسباب خطأ العلمانيين في استنكار التعدد نأتي لننكر عليهم تعدداً يرضون به . إنه تعدد العشيقات أو الحبيبات . و لطالما تعجبت كيف لهؤلاء أن ينكروا الزواج من أربع بعدل بينما يرضون أن يضاجع أحدهم عشرات النساء قبل أن يستقر مع واحدة ، و يا ليته يكون مخلصاً لها ! فحين ترضون بمثل هذا التعدد تناقضون كل ما قلتموه سابقاً . فهو ينتقص قيمة النساء و يحعلهن أدوات لقضاء الشهوات ما إن ينتهي الرجل منها حتى يتخلص منها و لا يلقي لها بالاً . ففي الاثنين يكون الرجل شهوانياً كما قلتم ؟
ثم ، ألم تقولوا أن الزواج بأخرى ينمي الغيرة و العداء ؟ فماذا عن مضاجعة العشرات ، أليست تنمي غيرة أكبر ؟ إن قلتم "الأمر مختلف . فهنا تكون علاقة الرجل بالمرأة الأولى قد انتهت" قلنا لكم ناقضتم أنفسكم ، فهذا ينتقص من قدر المرأة كما ذكرنا .
هذا مثال واحد لتناقض بني علمان بالمختصر المفيد .
و الحمد لله رب العالمين .
Bookmarks