كل إنسان لا بد أن يكون له تصور عن الحياة، و كلما تشبث بالفضائل و الأخلاق أكثر كان أكثر إيمانا بالله، و هنا نستثني أناسا زكت أخلاقهم و لم تصح عقائدهم لضلالهم و جهلهم بالحق، فهم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها على أي حال و هم أقرب الناس إلى الهدى بعد المهتدين.

إنما الذين ساءت أخلاقهم و فسدت و انحطت ميولاتهم فلا علاقة لهم بالإيمان إلا ادعاء ينخدع به صاحبه، و هؤلاء عبيد المادة و الشهوة، و على ذلك مدار أفكارهم و مشاعرهم و سلوكياتهم، لا يعني لهم الإيمان أكثر من مظاهر جوفاء، و قيود لحرياتهم.

فالأصل في الإيمان هو صدق الإنسان مع عقله و فطرته و رغبته في الاستعلاء عن نزواته، لأن الإيمان أسمى فكرة في الوجود، و هو يضبط أدق تصرفات الإنسان بل خواطره و ينظمها، فلا يزيغ به هوى، و لا يجنح به كبر و لا يتطرف به حب أو رضى أو كره أو غضب.

لأن إله المؤمن عليم بالسر و أخفى، و لا يرضى لعبده سوء و لا فحشاء و لا ظلما و لا علوا في الأرض و لا فسادا.

و إذا عدنا إلى عبدة الشهوة و المادة من الملاحدة و العلمانيين و جدناهم لا يقرون إلا بمصالح لهم أو ما يخدم هذه المصالح، و لا عبرة عندهم في صالح أو طالح، يستكثرون من كل رصيد من حلال أو حرام، و لا يقنعون أبدا، و كيف يقنعون و حظهم من هذه الحياة هو منتهى ما يطمحون إليه، و قد يكون ذلك على حساب أهاليهم و ذويهم و أخلص خلصائهم.

و على هذا كانت كل أخلاق الإسلام هي الفارق الحقيقي بين المؤمن و المادي و بين من يبتغي وجه الله و الشهواني.

قال الله تعالى :

وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴿٣٦﴾ سورة النساء

و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

'' من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ''
صحيح البخاري

'' من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر '' .
صحيح الترغيب

و قال عليه السلام :

" قَالَ اللَّهُ : ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتوفي مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَه ''
صحيح البخاري

و عن أبي ذر رضي الله عنه قال : أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع : 1 _ أمرني بحب المساكين ، والدنو منهم . 2 _ وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ، ولا أنظر إلى من هو فوقي . 3 _ وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت . 4 _ وأمرني أن لا أسأل أحدا شيئا . 5 _ وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مرا . 6 _ وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم . 7 _ وأمرني أن أكثر من قول : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) ؛ فإنهن من كنز تحت العرش .

رواه أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال ((أمك)) ، قال: ثم من؟ قال ((أمك)) قال: ثم من؟ قال: ((أمك)) قال: ثم من ؟ قال: ((أبوك)) "

متفق عليه

و قال رسول الله : "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ مسلم من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه''
صحيح مسلم

و قال النبي صلى الله عليه و سلم : "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليُحدّ أحدكم شفرته، وليُرِح ذبيحته''
صحيح مسلم

و قال صلى الله عليه و سلم : " كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة ''

صحيح النسائي

و عنه صلى الله عليه و سلم قال : " اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة :
1 – '' صدقوا إذا حدّثتم
2- وأوفوا إذا وعدتم
3- و أدّوا إذا اؤتمنتم
4- و احفظوا فروجكم
5- غضوا أبصاركم
6- و كُفّوا أيديكم ''


صحيح الترغيب

لو تمسكنا بهذه الوصايا لخلنا أنفسنا و الله في جنة على الأرض، و لكن هيهات هيهات : أبى الظالمون إلا كفورا.

قال المسيح عليه السلام : من ثمارهم تعرفونهم