صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 61

الموضوع: حوار بين مسلم ولاديني-ابن عبد البر والربوبي

  1. افتراضي حوار بين مسلم ولاديني-ابن عبد البر والربوبي


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    الحمد لله البر الجواد الكريم، والصلاة والسلام على نبينا محمد إمام المرسلين والمبعوث رحمة للعالمين . أما بعد.

    أشكر الأخ الكريم عاطفا على مجهوداته الطيبة المباركة في التنسيق لمثل هذه الحوارات، جزاه الله عن المسلمين خير الجزاء، كما أشكر الإدارة على فتحها لهذا القسم وسهرها على الإشراف والمتابعة، جعله الله في ميزان حسناتهم .

    كما أشكر الزميل الربوبي، على مجيئه لهذا المنتدى، ومبادرته الطيبة في الدخول إلى غمار الحوار على هذا الصرح، وهي فرصة لنا وله للتمحيص والتقليب بعيدا عن أدران العناد والتعصب. وشروطي التي لا أرى بدا من أن يلتزم بها طرفي المناظرة هي كالآتي :

    1- إخلاص النية لله عز وجل، سواء من العبد الفقير إليه أو من الزميل الربوبي، والتجرد والإنصاف، التجرد في طلب الحق وإنصاف المخالف، وطلب التوفيق من الله عز وجل حتى يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

    2- تذكر أن القصد من المناظرة بيان الحق من الباطل، وليس إفحام شخص أو مباهاة وإبراز للعضلات ووقوع في الرياء.

    3- تجنب الكلمات المفضية إلى تعكير صفو المناظرة، كأن يستهزىء بالخصم، أو يصفه بالغباء أو البلادة، أو يسيء إلى معتقد الآخر بألفاظ استفزازية أو يضمن مداخلته لمزا معيبا، فكل ذلك من الصوارف عن الحق، الكفيلة بقذف المناظرة إلى غياهب التعنت والتكبر، وقطع مادة الفهم والخاطر.

    4- تجنب التطويل في المداخلة، فالكلام إن طال دون داع اشتمل على إطناب تمجه الآذان وتمله القلوب وتضيق به الأعين، فتصبح المداخلة الواحدة بطول عشر صفحات - وورد- فما فوق، فيصبح المعقب عوض القراءة الفاحصة يمر مرور الكرام .

    5- عدم إغفال نقطة من النقط أثناء الرد، فهناك من يحب الانتقاء في المداخلة، فيرد على نقط ويغفل أخرى، أو يقتبس اقتباسا يتضمن سبع نقط على سبيل المثال فلا يرد إلا على ثلاث.

    6- البدأ بالأصول ابتداءا ثم الفروع انتهاءا، ولا ننتقل من نقطة حتى نفرغ منها .

    7- تجنب التفريع أثناء عرض الأفكار، فلا يصح إن كان مدار البحث حول نقطة معينة أن يثير المحاور في معرض رده أفكارا أخرى فيصبح مناظره مضطرا لإفراد كل جملة بمداخلة .

    8- تحرير المصطلحات، ومحل النزاع.

    9- قصد التصريح وتجنب التلويح .

    10- الابتعاد عن حيل التناظر: كالإجمال، وإغفال موضع الإلزام، والتعلق بالهوامش، والتقطيع، والتظلم والتشنيع، وغيره مما هو مشهور عند أهل الجدل.

    فإن اتفقنا على هذا انتقلنا إلى شروط الأصول الاعتقادية . والله الموفق.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    الأخ الفاضل ... إبن عبد ربه

    تحية تقدير وإحترام ، والشكر موصول لك أيضاً للموافقة على خوض هذا الحور رغم مشاغلك الكثيرة ... والشكر الجزيل أيضاً للأخ عاطف على مجهوده المميز في إطلاق هذا الحوار ...

    والأخوة المداخلين والمتابعين لهم شكر خاص مني... وأعدهم ببذل قصارى جهدي من أجل حوار مثمر ... صحيح أني سأقوم بإطلاق بعض النيران على ثوابت إسلامية ، فأستبيحهم عذراً على ذلك ، وأبشرهم بأن نيراني تلك لن تزيد الحق إلا تمحيصاً وجلاءاً بإذن الله .

    بالنسبة للشروط التي أقترحتها أخي الفاضل إبن عبد ربه ، فهي شروط جيدة عموماً وليس لي أي إعتراض عليها ... فقط الشرط الأول لدي بعض التحفظات عليه وهي تحفظات أظنها مفهومة ومقدرة من جانبك ، وعلى أي حال أقول لك بأن التجرد في طلب الحق وإنصاف المخالف هو شئ أحرص عليه كل الحرص .

    أما بالنسبة لشروطي ... فلدي شرط وحيد جامع للحوار (أحسبه في غاية الأهمية لبناء حوار بناء ومثمر) ... وهذا الشرط هو "ضرورة الإحتكام للعقل والمنطق كأساس لهذا الحوار" .


    فأنا أعتقد بأن هناك وسيلة واحدة فقط للحكم على صحة أو خطأ الإسلام ... هذه الوسيلة هي العقل ... وحتى لو إتُهِمَ العقل بالقصور ، فإنه يبقى (من وجهة نظري) هو المصدر الوحيد للمعرفة وللحكم على الأشياء ... فعلى قدر عقولنا يجب أن يكون تكليفنا وعلى قدر عقولنا يجب أن يقدم لنا الأنبياء الأدلة على صدق رسالاتهم .


    وهناك مثال يحلو لي أن أسوقه لبيان وجهة نظري تلك ... وهو مثال لقاضي في ساحة المحكمة ... أمامه شخص متهم بالقتل وهناك أدلة تدين ذلك المتهم ، ولكن قلب القاضي يقول له أن هذا الشخص بريء ... إجتهد القاضي في البحث والتدقيق ولم يترك مجالاً لإثبات براءة ذلك الشخص ، إلا أن الأدلة ضد ذلك المتهم كانت قوية ... أصدر القاضي حكمه بالإدانة وحكم علي المتهم بالإعدام ... إتضح فيما بعد أن هذا المتهم بريء ولم يرتكب الجرم وأن الأدلة كانت غير صحيحة ... فهل أخطأ القاضي لأنه إعتمد على عقله ولم يعتمد على حدسه الذي كان يقول له بأن هذا الشخص بريء ... بالطبع ليس من الإنصاف لوم القاضي لأنه إستخدم عقله ولم يركن لعاطفته ... وما أردت بيانه عبر هذا المثال هو أن العقل رغم أنه قد يخطئ فيما تصيب العاطفة ، إلا أن ذلك هو الإستثناء و ليس القاعدة ، ويظل العقل هو الأفضل وهو الأساس الذي يجب أن يعتمد عليه في عمل الأحكام .

    والأهم من ذلك هو أن عدالة الله (من وجهة نظري) تقتضي بأن لا يؤاخذنا على النتيجة التي وصلنا لها بعد تحكيم عقولنا في مدى صحة الإسلام ، بغض النظر عن تلك النتيجة ... طالما أننا إستخدمنا عقولنا بشكل مناسب وبدون تحيز أو أهواء ... وأحسب أنني لو وقفت يوماً بين يدي الله العادل ، وقد أوصلني استخدام العقل لقناعة بعدم صحة الإسلام ، أحسب بأنني سأحصل على عفوه حتى لو كان الإسلام صحيحاً .


    التطبيق العملي لكل ما سبق على حوارنا المرتقب هو ضرورة التقيد بما يقتضيه العقل والمنطق في إثبات صحة الإسلام ، فإن إستطعت أن تبرهن لي عقلاً على صحة الإسلام فسأكون لك من الشاكرين ...

    وبالإضافة للشرط السابق ، أحب أن أضيف بعض الأساسيات التي أراها ضرورية لإجراء حوار بناء ، وألخصها فيما يلي

    • ضرورة قيام المحاور بإبراز فكرته بشكل جيد وبإختصار ، فلا يعتمد على رابط يضعه ويطلب من محاوره أن يرد على ما ورد في ذلك الرابط ... فالحوار يجب أن يكون بين أشخاص وليس بين روابط ، وإن أراد المحاور وضع رابط كشئ إضافي فله ذلك ... كذلك يتطلب الحوار الجيد عدم الإعتماد على القص واللصق ... فلو رأى المحاور رأياً جيداً يدعم وجهة نظره في مصدر ما ، فله أن يلخص ذلك الرأي ويقدمه بشكل لا أن ينسخه بكل ما فيه مما هو متعلق أو غير متعلق بموضوع الحوار .

    • عدم الإعتماد على المنطق الدائري في إثبات صحة الأشياء ... فلا أرى أن من المنطقي أن نستدل على صحة شئ ما من خلال أشياء مبنية على إفتراض صحة ذلك الشئ ... على سبيل المثال عندما يقول القرآن عن الرسول (وأنك لعلى خلق عظيم) فلا يصح إستخدام تلك الآية كدليل على عظم أخلاق الرسول عند حوار من لا يؤمن بأن القرآن كتاب منزل .

    • وبخلاف مغالطة المنطق الدائري في الإثبات هناك عدد من المغالطات المنطقية التي يمكن أن تؤدي لإستنتاجات خاطئة ... ولا يتسع المجال لذكرها هنا ولكن يمكن مطالعتها في الويكيبيديا على الرابط التالي :
    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%...84%D8%B7%D8%A9

    وبالطبع مراجعة الموضوع باللغة الفرنسية أو الإنجليزية في حال إلمامك بإحداهما سيكون أفضل ... ولعل بعض تلك المغالطات تنطبق على ما أشرت له في شرطك الأخير للحوار والمتعلق بحيل التناظر .

    • ويجب الإتفاق كذلك على مستوى الأحاديث النبوية المقبولة والإلتزام بذلك في الحوار ... فهل سنقبل فقط ما ورد في الصحيحين دون سواها ، أم كل ما ورد في الصحاح الستة وما في حكمها ، أم نقبل فقط ما صحح بواسطة المحدثين ونستبعد صحيح الإسناد وما شابهه ... أم أننا سنقبل بكل ما يدخل في نطاق الصحة ولو كان حسناً ... ويجب أن نتفق أيضاً في من له الحق في تضعيف الأحاديث التي صححها المحدثون ومن له الحق تضعيفها ... ومن خلال اطلاعي على مداخلاتك السابقة في المنتدى وجدتك حجة في هذا الجانب ، لذا أنا أوافق مبدأياً على أي معيار ترجحه لقبول أو رفض الأحاديث .... والفكرة الأساسية هي إستبعاد الإنتقائية في تصحيح وتضعيف الأحاديث وفقاً لما يدعم وجهة نظر المحاور .

    هذا هو تصوري لضوابط الحوار البناء ... وفي إنتظار تعليقك عليها ... وقد كنت بصدد الإستمرار في مداخلتي هذه وتقديم تصوري لنهج الحوار وإطاره ، ولكني فضلت التريث لحين تناول "الشروط الإعتقادية" التي أشرت لها في مداخلتك السابقة .


    مع فائق تحياتي

    ملحوظة : فاتني الإشارة لطلب عدم المؤاخذة في حال ذكري للرسول بدون الصلاة والتسليم عليه ... فهذا ينافي معتقدي ، كما لا أظن أن ذكر إسم الرسول أو صفته بدون صلاة ينقص من قدره .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    الزميل الربوبي، تحية طيبة ..

    والأخوة المداخلين والمتابعين لهم شكر خاص مني... وأعدهم ببذل قصارى جهدي من أجل حوار مثمر ... صحيح أني سأقوم بإطلاق بعض النيران على ثوابت إسلامية ، فأستبيحهم عذراً على ذلك ، وأبشرهم بأن نيراني تلك لن تزيد الحق إلا تمحيصاً وجلاءاً بإذن الله .
    طبعا في المناظرة يحق لك نقد الإسلام وعرض فكرتك، كما يحق لنا كذلك نقض معتقدك، لكن مراعاة أدب الحوار وكسو الألفاظ واجبة، والمشرف حكمٌ بيننا يتدخل إن كان في مداخلة احدنا تجاوزات. وكلٌ يحسن إطلاق النيران لكن وصولها من عدمه هي الغرض والأساس.

    بالنسبة للشروط التي أقترحتها أخي الفاضل إبن عبد ربه ، فهي شروط جيدة عموماً وليس لي أي إعتراض عليها ... فقط الشرط الأول لدي بعض التحفظات عليه وهي تحفظات أظنها مفهومة ومقدرة من جانبك ، وعلى أي حال أقول لك بأن التجرد في طلب الحق وإنصاف المخالف هو شئ أحرص عليه كل الحرص .
    الشرط الأول هو العمدة، وإلا فما نفع مناظرتنا إن كنا غير متجردين منصفين سائلين الله التوفيق ؟ والربوبي يعترف بوجود خالق للكون يجيب الدعوات فأستغرب إعراضك، إلا إن كنتَ لادينيا لك مذهب لم يذهب إليه غيرك.

    بالنسبة لشروطي ... فلدي شرط وحيد جامع للحوار (أحسبه في غاية الأهمية لبناء حوار بناء ومثمر) ... وهذا الشرط هو "ضرورة الإحتكام للعقل والمنطق كأساس لهذا الحوار" .


    فأنا أعتقد بأن هناك وسيلة واحدة فقط للحكم على صحة أو خطأ الإسلام ... هذه الوسيلة هي العقل ... وحتى لو إتُهِمَ العقل بالقصور ، فإنه يبقى (من وجهة نظري) هو المصدر الوحيد للمعرفة وللحكم على الأشياء ... فعلى قدر عقولنا يجب أن يكون تكليفنا وعلى قدر عقولنا يجب أن يقدم لنا الأنبياء الأدلة على صدق رسالاتهم .

    العقل عندنا موصل إلى الحق إن شاء المولى، وسيكون حوارنا عقليا منطقيا خالصا مدعما بالحس والخبر، ولا خلاف في هذا.

    وهناك مثال يحلو لي أن أسوقه لبيان وجهة نظري تلك ... وهو مثال لقاضي في ساحة المحكمة ... أمامه شخص متهم بالقتل وهناك أدلة تدين ذلك المتهم ، ولكن قلب القاضي يقول له أن هذا الشخص بريء ... إجتهد القاضي في البحث والتدقيق ولم يترك مجالاً لإثبات براءة ذلك الشخص ، إلا أن الأدلة ضد ذلك المتهم كانت قوية ... أصدر القاضي حكمه بالإدانة وحكم علي المتهم بالإعدام ... إتضح فيما بعد أن هذا المتهم بريء ولم يرتكب الجرم وأن الأدلة كانت غير صحيحة ... فهل أخطأ القاضي لأنه إعتمد على عقله ولم يعتمد على حدسه الذي كان يقول له بأن هذا الشخص بريء ... بالطبع ليس من الإنصاف لوم القاضي لأنه إستخدم عقله ولم يركن لعاطفته ... وما أردت بيانه عبر هذا المثال هو أن العقل رغم أنه قد يخطئ فيما تصيب العاطفة ، إلا أن ذلك هو الإستثناء و ليس القاعدة ، ويظل العقل هو الأفضل وهو الأساس الذي يجب أن يعتمد عليه في عمل الأحكام .
    المثال به مغالطة منطقية، لأنك فصلتَ بين العقل والفطرة و القلب، وجعلتها منفصلة متباينة، في حين أنا نقرر بأن صحيح العقل موافق لسليم الفطرة ووعي القلب، وعموما اتجاوز هذه النقطة لأننا بصدد الاتفاق على الشروط ولم تبدأ المناظرة بعد.

    والأهم من ذلك هو أن عدالة الله (من وجهة نظري) تقتضي بأن لا يؤاخذنا على النتيجة التي وصلنا لها بعد تحكيم عقولنا في مدى صحة الإسلام ، بغض النظر عن تلك النتيجة ... طالما أننا إستخدمنا عقولنا بشكل مناسب وبدون تحيز أو أهواء ... وأحسب أنني لو وقفت يوماً بين يدي الله العادل ، وقد أوصلني استخدام العقل لقناعة بعدم صحة الإسلام ، أحسب بأنني سأحصل على عفوه حتى لو كان الإسلام صحيحاً .
    وهذا أيضا غير مُسلَّم، وقد ابتعث هذه الفكرة غويو في كتابه " إلحاد المستقبل" وفرح بها اللادينيون والربوبيون، غير أنها أضغات أحلام سنبين تهافتها حين المناظرة.

    التطبيق العملي لكل ما سبق على حوارنا المرتقب هو ضرورة التقيد بما يقتضيه العقل والمنطق في إثبات صحة الإسلام ، فإن إستطعت أن تبرهن لي عقلاً على صحة الإسلام فسأكون لك من الشاكرين ...
    لا خلاف.

    وعموما كل الشروط مقبولة إجمالا، إلا هذه ستؤجل:

    ويجب الإتفاق كذلك على مستوى الأحاديث النبوية المقبولة والإلتزام بذلك في الحوار ... فهل سنقبل فقط ما ورد في الصحيحين دون سواها ، أم كل ما ورد في الصحاح الستة وما في حكمها ، أم نقبل فقط ما صحح بواسطة المحدثين ونستبعد صحيح الإسناد وما شابهه ... أم أننا سنقبل بكل ما يدخل في نطاق الصحة ولو كان حسناً ... ويجب أن نتفق أيضاً في من له الحق في تضعيف الأحاديث التي صححها المحدثون ومن له الحق تضعيفها ... ومن خلال اطلاعي على مداخلاتك السابقة في المنتدى وجدتك حجة في هذا الجانب ، لذا أنا أوافق مبدأياً على أي معيار ترجحه لقبول أو رفض الأحاديث .... والفكرة الأساسية هي إستبعاد الإنتقائية في تصحيح وتضعيف الأحاديث وفقاً لما يدعم وجهة نظر المحاور .
    فلا أدري أي تصور عندك في مناظرتنا، لأنه قد سبق وأشرتُ إلى أن الحوار سيكون في الأصول الاعتقادية أولا، فحينما نفرغ من الأصول نأتي إلى الفروع والوارد في السنة والشبهات وغيرها . وحينما نصل إلى تلكم النقط سننظر في مناهج المحدثين وغيرهم.

    أما الصلاة والسلام على نبينا، فلستَ مأمورا بها، فالخطاب الرباني جاء ملزما لأهل الإيمان، فلك ان تقول حين الكلام عنه صلى الله عليه وسلم : " رسول الإسلام" " نبي المسلمين " وغيره من هذه الاشتقاقات.

    والشروط الاعتقادية لا يصح ذكرها قبل الاتفاق على الشروط الحوارية، لهذا ففضلا استكمل شروطك حتى نبدأ . وقد سبق للأخ الكريم عاطف أن أخبرك بأن المناظرة ستمر بطيئة نوعا ما، وقد تصل إلى معدل مشاركة في الأسبوع في بعض الأحيان نظرا لبعض الالتزامات والأسفار. غير أني أضمن لك أنها ستكون تفصيلية وسأعطيها حقها في التحرير .

    وكما لا يخفى فإن المناظرة مآلها إلى " إلزام المانع" أو " إفحام المدعي"، فيُلزم المشرف المانع إذا عجز عن متابعة التعرض للدعوى، ويفحم المدعي إذا عجز عن إقامة الدليل على دعواه المعتَرض عليها. وكما ستمحص أصول اعتقادنا، فإنا سنمحص أصولك العقدية أيضا.

    والله الموفق والمستعان.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    الزميل إبن عبد ربه .... تحية طيبة


    أرى أننا متفقين حول معظم النقاط ، وسأعلق فيما يلي فقط على بعض الأشياء في مداخلتك والتي حملت تحفظات على مداخلتي الأخيرة


    الشرط الأول هو العمدة، وإلا فما نفع مناظرتنا إن كنا غير متجردين منصفين سائلين الله التوفيق ؟ والربوبي يعترف بوجود خالق للكون يجيب الدعوات فأستغرب إعراضك، إلا إن كنتَ لادينيا لك مذهب لم يذهب إليه غيرك.
    ما تحته خط هو مربط الفرس ... فالربوبية التي هي عقيدتي لا تستدعي قيام خالق الكون بإجابة الدعاء ... ويمكنك الرجوع للرابط التالي لمزيد من المعلومات حول تلك العقيدة


    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%...A8%D9%8A%D8%A9

    فنحن نؤمن بإله خلق الكون ووضع القوانين والنظم التي تحكم سيره ، ولكن لا يتدخل بعد ذلك في تسييره وبالتالي هو لا يجيب الدعاء

    أما إخلاص النية لله ، فهو مطلب مبدأياً ليس لدي إعتراض عليه ، وإن كنت أفهمه بشكل مختلف كثيراً عن الفهم الإسلامي الذي إنطلقت منه كلماتك .


    المثال (مثال القاضي الذي يجتهد لكي يحكم بعقله كبديل عن الحكم بعاطفته أو حدسه) هو مثال به مغالطة منطقية، لأنك فصلتَ بين العقل والفطرة و القلب، وجعلتها منفصلة متباينة، في حين أنا نقرر بأن صحيح العقل موافق لسليم الفطرة ووعي القلب، وعموما اتجاوز هذه النقطة لأننا بصدد الاتفاق على الشروط ولم تبدأ المناظرة بعد.
    وأنا أيضاً سأتجاوز عن إعتراضك ، طالما أنه غير شديد التعلق بنقاش الشروط ، وهو ما نحن بصدده الآن


    أنا قلت : والأهم من ذلك هو أن عدالة الله (من وجهة نظري) تقتضي بأن لا يؤاخذنا على النتيجة التي وصلنا لها بعد تحكيم عقولنا في مدى صحة الإسلام ، بغض النظر عن تلك النتيجة ... طالما أننا إستخدمنا عقولنا بشكل مناسب وبدون تحيز أو أهواء ... وأحسب أنني لو وقفت يوماً بين يدي الله العادل ، وقد أوصلني استخدام العقل لقناعة بعدم صحة الإسلام ، أحسب بأنني سأحصل على عفوه حتى لو كان الإسلام صحيحاً .
    فكان ردك : وهذا أيضا غير مُسلَّم، وقد ابتعث هذه الفكرة غويو في كتابه " إلحاد المستقبل" وفرح بها اللادينيون والربوبيون، غير أنها أضغات أحلام سنبين تهافتها حين المناظرة.
    وهذا أيضاً مؤجل للنقاش اللاحق ، ولا بأس في ذلك .

    اما بالنسبة لإعتراضك على طلبي بتحديد ما هو مقبول وما هو غير مقبول من الأحاديث المنسوبة للنبي (من وجهة نظرك) ، فهذا ما لم افهم وجه إعتراضك عليه ، أنت إعتبرته من الشروط الإعتقادية وقلت :


    فلا أدري أي تصور عندك في مناظرتنا، لأنه قد سبق وأشرتُ إلى أن الحوار سيكون في الأصول الاعتقادية أولا، فحينما نفرغ من الأصول نأتي إلى الفروع والوارد في السنة والشبهات وغيرها . وحينما نصل إلى تلكم النقط سننظر في مناهج المحدثين وغيرهم. والشروط الاعتقادية لا يصح ذكرها قبل الاتفاق على الشروط الحوارية، لهذا ففضلا استكمل شروطك حتى نبدأ .
    فأرجو الإنتباه إلى أننا نضع أسساً للحوار من بدايته إلى نهايته ولسنا بصدد نقاش شبهة أو دليل نفي أو إثبات أو ما إلى ذلك ... وبما أن الأحاديث النبوية هي أحد المصادر الهامة المتعلقة بكل أدلة نفي أو إثبات الإسلام تقريباً ، فلربما كان من الأفضل تحديد ما هو الحديث المقبول وما هو الحديث الغير مقبول من وجهة نظركم

    وعلى أي حال هو شئ يمكنك التجاوز عنه إذا أردت فلم أطرحه كشرط ملزم .


    وكما لا يخفى فإن المناظرة مآلها إلى " إلزام المانع" أو " إفحام المدعي"، فيُلزم المشرف المانع إذا عجز عن متابعة التعرض للدعوى، ويفحم المدعي إذا عجز عن إقامة الدليل على دعواه المعتَرض عليها. وكما ستمحص أصول اعتقادنا، فإنا سنمحص أصولك العقدية أيضا.
    اما قولك بأن (مآل المناظرة إلى إلزام المانع أو إفحام المدعي فيُلزم المشرف المانع إذا عجز عن متابعة التعرض للدعوى، ويفحم المدعي إذا عجز عن إقامة الدليل على دعواه المعتَرض عليها) فهذا شئ لدي تحفظ عليه ، وافضل على ذلك مناظرة يطرح فيها كل طرف وجهة نظره ويقيم حجته ويفند حجج الطرف الآخر ، ... أما الإفحام أو الإلزام فهو شئ صعب التحقق منه ، ويحتاج لوسيلة تحكيم محايدة أظن أننا نفتقدها ، فالمشرف مع إحترامي له قد يكون نزيهاً ولكنه ليس محايداً ... ولو جعلنا الإفحام شرطاً فستتوقف تلك المناظرة عند اقرب عقبة في النقاش ، فيظل كل طرف صائلاً وجائلاً محاولاً إثبات صحة وجهة نظره في تلك النقطة المعينة ، وربما كان الأفضل تجاوزها لما بعدها .

    كما أن ليس من الضروري أن تكون حصيلة تلك المناظرة منتصر ومهزوم ... يمكنك أن تقتنعي بوجهة نظرك وعندها ساقبل متطوعاً على الإقرار بأن الحق هو في جانب طرحك ... أو أقنعك بوجهة نظري وعندها أتوقع إقرارك طوعاً بأن الحق هو في جانبي .... لكن ما أتصور حدوثه غالباً هو أن تنجح في إقناعي جزئياً أو أنجح في إقناعك جزءياً ، وعندها سيبدأ الطرف صاحب المنطق الأضعف في مراجعة أفكاره وقناعاته ، وهي عملية تستغرق وقتاً طويلاً (فالقناعات الفكرية تستوي عادة على نار هادئة)

    من وجهة نظري ، لو كان هناك مجال للإفحام في مسألة القناعات الدينية ، ربما لما كان هناك تعدد أديان ولما كان هناك كفر وإيمان ، ولكن الموضوع للأسف فيه قدر كبير من النسبية ... فأرجو أن تكون متفهما لذلك ... وعلى كل حال أعيد التأكيد من جانبي بأنك لو أقنعتني بوجهة نظرك فلدي الشجاعة الكافية للإقرار بذلك .


    --------------------------------------------------------------
    خلاصة ما تقدم ... هو أننا متفقين تقريباً على الاساس الذي ستتم المناظرة وفقاً له ... ظهر الخلاف فقط في النقطة الأخيرة التي طرحتها والتي قلت فيها (المناظرة مآلها إلى " إلزام المانع" أو " إفحام المدعي"، فيُلزم المشرف المانع إذا عجز عن متابعة التعرض للدعوى، ويفحم المدعي إذا عجز عن إقامة الدليل على دعواه المعتَرض عليها) ، وقد بينت لك تحفظي على تلك النقطة ... فإذا رغبت بنقاش ذلك التحفظ للوصول لصيغة توافقية حول تلك النقطة فلا بأس ، وإذا رأيت تجاوزها والإنتقال للحوار الفعلي فذلك شئ سأحمده لك ،

    وبإفتراض تجاوز نقطة الخلاف تلك ، فإني أرى الحوار تماماً كما صورته أنت ... كل طرف يطرح وجهة نظره التي يبدي فيها تصوره لعدم صحة عقيدة الطرف الآخر وصحة عقيدته هو ، فيما يقوم الطرف الآخر بالرد مبيناً نقيض ذلك ... فإفتراض عدم توقفك عند نقطة الخلاف المذكورة ، فأنا الآن في إنتظار قيامك بتحديد الطرف الذي سيبدأ في طرح وجهة نظره ، ولو اردت البدأ فلتبدأ في الحال .... أو تحديد منهج معين مختلف للحوار .


    ولك تحياتي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    الزميل الألوهي، صراحة نحن نسعد بحوار مؤدب وراق، وهذا من دماتة خلقك والتي أتمنى أن تكون في صالحنا جميعا:

    ما تحته خط هو مربط الفرس ... فالربوبية التي هي عقيدتي لا تستدعي قيام خالق الكون بإجابة الدعاء ... ويمكنك الرجوع للرابط التالي لمزيد من المعلومات حول تلك العقيدة


    http://ar.wikipedia.org/wiki/%d8%b1%...a8%d9%8a%d8%a9

    فنحن نؤمن بإله خلق الكون ووضع القوانين والنظم التي تحكم سيره ، ولكن لا يتدخل بعد ذلك في تسييره وبالتالي هو لا يجيب الدعاء
    هذه نقطة أيضا ستكون مدار بحثنا أثناء المناظرة، واللادينية بمختلف تشعباتها غير خافية علي، وقرأتُ لعدد من روادها، غير أني لم أفهم من قولهم بمفهوم " الحياد الإلهي" عدم دعوته وسؤاله، حتى المدرسة الانجليزية بزعامة نيوتن، والمعروفة بتشددها في مسألة "الحياد الإلهي" وتتوسع فيه أكثر من المدارس اللادينية الأخرى لم تُنكر أن الله عز وجل حكم يتدخل في الكون لضمان حسن سيره، ولم تنكر إمكانية دعوته ومخاطبته وغيره .أما المدرسة اللادينية الألمانوفرنسية فلا تنكر التدخل الإلهي في شؤون مخلوقاته، بل يتدخل لما فيه صالح مخلوقاته، فردا فردا، وهذا قد فصل فيه الفيلسوف الألماني لايبنتز، والفرنسي مالبرانش، وقد نقضوا رأي المدرسة الانجليزية عروة عروة.

    غير أن الإشكال في المذهب الديزيمي عند الأتباع اختلاف القراءت والتأويلات والفهوم، حتى أنك تجد اختلافا بتعدد الأشخاص، لهذا فإن طلبتُ منك كتابا يلخص معتقدك ألزمك من خلاله، لن تستطيع إرشادي إليه. لهذا وجب الاتفاق على بعض المحاور الكبرى التي سنمر خلالها أثناء مناظرتنا، سنعين محورا محددا تحرر فيه مداخلتك ونتباحثه سويا ثم ننتقل إلى المحور التالي حتى نفرغ . ولا زلتُ بانتظار ملاحظاتك الحوارية التي وعدتَ بها سابقا.

    فأرجو الإنتباه إلى أننا نضع أسساً للحوار من بدايته إلى نهايته ولسنا بصدد نقاش شبهة أو دليل نفي أو إثبات أو ما إلى ذلك ... وبما أن الأحاديث النبوية هي أحد المصادر الهامة المتعلقة بكل أدلة نفي أو إثبات الإسلام تقريباً ، فلربما كان من الأفضل تحديد ما هو الحديث المقبول وما هو الحديث الغير مقبول من وجهة نظركم

    وعلى أي حال هو شئ يمكنك التجاوز عنه إذا أردت فلم أطرحه كشرط ملزم .
    قصدي من ذلك أننا لن نحتاج في حوارنا هذا للغوص في ثنايا الكتب الحديثة والأحاديث النبوية حتى نستكمل نقاطا أصولية كبيرة، منها :

    - اعتقاد اللادينية في الخالق عز وجل ومناقشته .

    - الأدلة على صحة مذهبك ومناقشتها .

    - مناقشة مسألة "الحياد الإلهي ".

    - جواز إنزال الكتب وبعثة الرسل عليه صلوات الله وسلامه.

    - مدى مقدرة اللادينية على تحقيق السعادة النفسية والاجتماعية للفرد والدولة والقيام بدور الأديان.

    وغيرها من المباحث الأصولية والأسئلة الوجودية التي سنخوض في غمارها، وسنغوص في لججها سويا، بشكل مقارن مع الإسلام. والغالب في السنة الأحكام والسلوكيات، بعكس القرآن الكريم التي تكفل بالعقيدة تأسيسا ومنهجا وتفصيلا ومحاججة، لهذا فرجوعنا إلى السنة في الغالب سيكون حين نقاشنا عن الفرعيات، التي قد نصلها أو قد لا نصل إليها حسب مسار الحوار .

    وعموما فكل حديث صحيح السند والمتن يجوز لك الاستشهاد به وإلزامي، وحتى أختصر عليك، فبإمكانك اقتناء كتاب تكفل بجمع المتفق عليه، وهو أعلى مراتب الصحيح ككتاب "اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان" أو غيره مما حقق الغرض، اما الكتب الحديثية الأخرى فكل له منهجه ومنها من ضمنه صاحبها المعلقات والحوالات، ومنها من ضمن الضعيف وغيره، حسب مناهج المؤلفين.وعموما فأي حديث ضعيف سأخبرك به وبسبب علته حتى لا تتهمني بالانتقائية وغيره، وترجع بها إلى كتب الجرح لتقف على العلة بنفسك.

    وكما أن لي مصادرا تستطيع الرجوع إليها وإلزامي بها، فحبذا إرشادي إلى مصادرك حتى أرجع بدوري إليها وأمحصها.

    أما مسألة الإلزام والإفحام، فليس فيه منقصة إنما هو تجنب لإطالة المناظرة لأشهر، ومكافحة التملص والانتقائية والتشغيب من الطرفين، والمشرف محايد جدا، فديننا يأمرنا بالعدل ونبذ الظلم حتى لو كان على حساب المسلم، وإنصاف الإنسان أيا كانت ملته. وعموما سنتحاور سويا ونعرض أفكارنا ووجهات نظرنا وسنعتبره حوارا أخف من المناظرة.

    وقد ضرب قبل لحظات زلزال قوي المدينة التي أسكنها ودبَّ الرعب بين السكان وخرج بعضهم إلى الشوارع، وقطع علي أفراد العائلة خلوتي وتسلسل أفكاري، لهذا سأستكمل المداخلة غدا إن شاء الله تعالى .

    أسأل الله أن يدفع عنا وعن أهلنا البلاء والبراكين والزلازل والمحن وجميع الفتن ما ظهر منها وما بطن.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    يُقال ان الاتفاق على منهج المناظرة مناظرة، لهذا فلا يعيبنا الإطالة في التقديم والتمهيد لها، لأن ذلك سينعكس على حسنها وسيرها دونما شك. ولما كانت الشروط كثيرة بآدابها فإن المحاور يُفترض فيه الاطلاع على علوم الحجاج وما يتبعه من منطق.

    أما فيما يتعلق من أصول عامة للمنطق الحواري، فإني أهيب بك أيها الزميل الطيب باحترام القواعد الآتية في استعمال الروابط والأسوار المنطقية بدل طريق جداول الصدق :

    - أن مانع القضية البسيطة لا دفع لمنعه.

    - ومانع القضية السالبة يسلم جدلاً بنقيضها ولا دفع لمنعه.

    - وأن مانع القضية الشرطية يسلم جدلا بالمقدَّم، وعلى المدعي دفع المنع بإثبات التالي.

    - اما مانع القضية المتصلة يختار أي الموصولين يبدأ بمنعه، ولا خيار للمدعي لإثبات دعواه من أن يدفع المنعَين معا.

    - أما مانع القضية المنفصلة فغير مخير في منع المفصولين، وللمدعي الخيار في أن يدفع المنع بإثبات أحد المفصولين.

    - أما مانع القضية الكلية فله الخيار في أن يُعين أيا من الأفراد ممن يتناولهم السور الكلي، وعلى المدعي أن يثبت أن هذا الفرد يصدق عليه محمول القضية.

    - وأن مانع القضية الجزئية يطالب بإثباتها دون تعيين أي فرد من مجال القول، ويتولى المدعي اختيار هذا الفرد لتحقيق محمول القضية.

    مع احترام السلم الحجاجي قدر الإمكان، فكل قول يقع في مرتبة ما من السلم يلزم عنه ما يقع تحته، بحيث تلزم عن القول الموجود في الطرف الأعلى جميع الأقوال الأخرى. وأن كل قول في السلم كان دليلا على مدلول معين، كان ما يعلوه مرتبة دليلا أقوى.

    ومراعاة قوانين الخفض، وتبديل السلم، والقلب. إضافة إلى مسلمات الاستدلال القياسي وعملياته المشتهرة.

    هذا غالب ما لدي حول الشروط، فإن وافقتَ عليها فمناظرتنا ستبدأ بإذن الله.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    الزميل إبن عبد البر ...

    يمكن تلخيص مداخلتك السابقة وردودي عليها في 4 نقاط هي كالتالي :


    1 – إستفسارك حول طبيعة عقيدتي الربوبية ، وما إذا كان الله يتدخل أم لا يتدخل (حسب إعتقادي أو حسب الإعتقاد الربوبي عموماً) ، وتفسير تشتت الآراء داخل المدرسة الربوبية ، وغيرها من متعلقات العقيدة الربوبية ... وهذا ما سأقوم ببيانه في المداخلة التالية .


    2- بخصوص منهج قبول ورفض الأحاديث ، فأراك لم تحدد منهجاً واضحاً ، بإعتبار أن ذلك هو من الفرعيات التي قد نصلها أو قد ينتهي حوارنا قبل الوصول لها ، ولك هذا فكما أسلفت لك بأن ذلك ليس شرطاً لازماً أفرضه عليك قبل بدأ الحوار ... ولكن ... طالما أنك لم تلزمني بمنهج واضح في تضعيف أو تصحيح الأحاديث ، فإسمح لي أن أدلك على منهجي ... والذي هو كالتالي :

    • كل حديث متواتر (أو مشهور ورد في الصحيحين أو على شرطيهما) هو حديث يقيني (قطعي الثبوت) بالنسبة لي .

    • كل حديث آحاد ورد في الصحيحين ... هو حديث ظني الثبوت ، وهو أميل للصحة ولكنه يحتمل الخطأ ... وهو غير صالح عندي لتأكيد أو نفي شئ من العقيدة .

    • كل حديث آحاد ورد فيما دون الصحيحين ... هو حديث ظني الثبوت ، وهو أميل عندي لعدم الصحة ، ما لم تدعمه شواهد من أحاديث أخرى .

    • كل ما دون الصحيح هو مرفوض .

    • تضعيف المتن هو مرفوض عندي ... لأن فكرة تضعيف المتن قائمة على إفتراض عدم صدور ما هو خاطئ أو غير منطقي عن الرسول ... وأنا شخصياً لا أستبعد أن يقول الرسول أشياء خاطئة أو غير منطقية ، فإن أثبت السند الصحيح نسبة ذلك القول للرسول يصبح الحديث عندي ظني الثبوت إن كان آحاداً وقطعي الثبوت إن كان مشهوراً أو متواتراً .

    • عدالة الصحابة ...لا يبدو لي شيئاً مقنعاً .... فالصحابة ليسوا عدول من وجهة نظري ، بل أنظر إليهم كأشخاص عاديين يحتمل منهم الخطأ والخلط والمبالغة وحتى الكذب على الرسول ، وأحسبك تقر بأن الصحابة يمكن أن يرتكبوا الكبائر ، فلا أدري ما الذي يمنعهم من الكذب (لا أقصد إساءة أو تجريحاً للصحابة ولكن فقط أردت بيان وجهة نظري) ... وبناءاً على ذلك فأنا أتحفظ في قبول أي حديث آحاد مروي بواسطة صحابي ، مالم توجد شواهد تدعمه .

    • لا اقبل تجريجاً لمفردات سند اقره البخاري أو مسلم ... ولا أقبل تعديلاً لمفردات سند جرحه الشيخان ... (دون ربط ذلك بالنقطة السابقة) .

    وهذه ليست شروط أفرضها عليك ، ولكنها رؤية خاصة بي وتعكس قناعاتي الذاتية ... وأقترح ترك نقاش تلك القناعات لحين الإصطدام بحديث معين نختلف حول صحته أو خطأه (إن أردت ذلك) ، ولعل هذا الإصطدام لا يقع .



    3 - بالنسبة لحياد المشرف ، فلم أقصد أن المشرف متحيز ، ولكن ما قصدته هو أننا لو جئنا بحكم من زامبيا لتحكيم مباراة النهائي بين زامبيا وساحل العاج فمن الصعب عندها وصف هذا الحكم بالحياد ... فما قصدته هو حياد الهيئة وليس حياد السلوك .


    4- بالنسبة للشروط المنطقية التي عرضتها ، فهي شروط أحسبها تدخل في إطار ترجيح المنطق السليم (ولا أخفيك سراً بأني غير ملم بشكل تام بطبيعة تلك الشروط ، إلا انني قد حملت كتاباً في اصول المنطق وأنا الآن بصدد قراءته) ، وعلى كل حال أنا اقبل تلك الشروط فهي تبدو لي من البديهيات العقلية والمنطقية .


    وأراك قد أفصحت عن رغبتك بأن تبدأ المناظرة بحسم القضايا الأصولية الكبرى مثل الإعتقاد في الخالق ومسألة الحياد الإلهي وجواز إنزال الكتب الخ ... وأنا لا ما نع لدي في ذلك ... وهذا ما سأفعله في المداخلة التالية

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    الزميل إبن عبد البر

    نزولاً لرغبتك في بدأ هذه المناظرة بمناقشة إعتقادي الربوبي ومقارنته بالإعتقاد الإسلامي ، فها أنا ذا أبد به فيما يلي بإجابة تساؤلاتك حول طبيعة العقيدة الربوبية بشكل عام وطبيعة إيماني الشخصي على وجه الخصوص .... وأنا أراك ملماً بشكل جيد بالربوبية ولكني سأجاوب على أسئلتك حتى تعرف إيماني الذي أدافع عنه وتستطيع إلزامي به من ناحية وحتى يحيط متابعي هذا الحوار بما لم يحيطوا به علماً .


    بداية ما هي العقيدة الربوبية وما هي أهم أسسها ، وما هو إعتقاد الربوبيون في الخالق :


    وإجابة ذلك السؤال يتم عبر توضيح أسس العقيدة الربوبية ... فالعقيدة الربوبية هي عقيدة بسيطة جداً ، لها فقط 3 مبادئ أساسية :

    المبدأ الأول : الإيمان بإله واحد خالق ، عظيم ، هو موجد الكون ومنظمه ، هو أعظم من أن تدركه أو تدرك خصائصه حواس البشر القاصرة .

    المبدأ الثاني : الإيمان بأن هذا الإله العظيم قد وضع في هذا الكون (بكل ما حوي) النظم والآليات التي تضمن تسييره علي النحو المرسوم له بواسطة هذا الإله ، ومن ثم فإنه لا يتدخل بشكل مباشر في سيره وتفاعلاته وتطوره ، فهذا الكون يسير في الطريق المرسوم له ووفق القواعد المحددة التي تحكم حركته .

    وإنطلاقاً من هذا المبدأ يؤمن الربوبيون كذلك بفكرة التصميم الذكي للكون وللإنسان Intelligent Design ، و تشير فكرة التصميم الذكي الي عدم الحاجة للتدخل من الإله الأعظم في شئون الكون ، فذكاء التصميم يجعله مناسب دائما وليس في حاجة للتصحيح أو التعديل بتدخل إلهي طارئ خارج إطار التنظيم أو القوانين التي بني عليها الكون (عبر إرسال الرسل أو جلب الكوارث على شكل متعمد أو دفعها أو غير ذلك) ، لذا يحلو لهم تسمة الخالق بالمهندس العظيم .

    المبدأ الثالث : لا يؤمن الربوبيون بأي من الرسالات التي تدعي أنها سماوية ويدعي أنبياءها بأنهم مرسلين من الذات الإلهية العليا ، ولايؤمنوا بأن الإله الأعظم قد طلب من هؤلاء الأنبياء بأن يرشدوا البشرية لمعرفته أو لتعاليم وأوامر معينه يريدنا أن نتبعها .

    وجميع الربوبيون تقريباً يتفقون على هذه الاسس ، وقد يختلفون فيما رواءها ... ولكن لا يجب أن نفهم العقيدة الربوبية بأنها مثل الأديان الأخرى التي لها هيكل واضح من الأفكار والمعتقدات ، فالربوبية هي عقيدة فضفاضة جداً ، ولكن هذا لا يعيبها ، فهي ليست دين وإنما هي فكرة بسيطة تتلخص في جملة واحدة هي (هناك إله خلق الكون وخلق النظم التي تحكم حركته ، وهناك منطق والأديان غير صحيح) .... وما تسميه أنت إشكالاً في المذهب الديزمي (الربوبي) والمتمثل في تعدد القراءات والتأويلات هو ليس إشكالاً في الحقيقة وإنما هو حمل للربوبية لما رواء نطاقها .


    -----------------------------------------------------

    تساؤلك التالي كان عن موقف الربوبيون من الحياد الإلهي


    وفي الواقع فإن معظم الربوبين مقتنعين بفكرة الحياد الإلهي ، وبأن الإله لا يتدخل في شئون خلقه إستجابة لدعاء أو غير ذلك ... وربما كان هناك قلة من الربوبيين يؤمنون بذلك التدخل إلا أن هؤلاء الذين آمنوا بأن الإله يتدخل هم يؤمنون بتدخل محدود جداً وفي مواقف محددة جداً ... وربما تبنى بعض الربوبيون هذا الرأي إلا انه يبق رأياً شاذاً داخل الإطار الربوبي .


    ----------------------------------------------
    وتساءلت أيضاً عن إيماني الخاص أو العقيدة التي تستطيع إلزامي بها ...


    وبالنسبة لإيماني الخاص (وهو الشئ الذي أحاسب عليه) ... فأنا لا أومن بتدخل الإله بأي شكل في حياتنا الدنيا ...

    وهناك مبدأ هام يشكل جزء هام من إيماني الربوبي ولابد لي من توضيحه ، وخلاصة هذا المبدأ هي : قبول عدم اليقين ، بدلاً من إيجاد تفسيرات غير صحيحة للأشياء الغامضة ... فهناك أشياء كثيرة يعتقد معظم الربوبيون (وأعتقد أنا كذلك) بأن ليس للبشر حالياً معطيات كافية تساعد في فهمها ، ومن هذه الأشياء :

    • طبيعة الذات الإلهية وصفاتها
    • الحياة بعد الموت ، مدى وجودها أو عدم وجودها وشكلها (في حال وجودها)
    • هل هناك حساب وثواب وعقاب بعد الموت أم لا
    • الشكل الذي يتم بناءاً عليه مكافأة أو عقاب الأشخاص على سلوكهم الجيد أو السئ

    والطبع هناك تفاوت بين الربوبين في قناعاتهم بخصوص هذه الأشياء ... أما بالنسبة لظنوني الشخصية (ولا اقول قناعاتي) فهي كالتالي :

    • بالنسبة للذات الإلهية وطبيعتها .... أنا أقر بجهلي التام بطبيعتها وأعتقد بأن عقلي قاصر حتى عن مجرد تصور طبيعتها

    • بالنسبة للحياة بعد الموت ... فأنا أميل للإعتقاد بان هناك حياة بعد الموت ... لأني أؤمن بأن الإنسان ليس جسداً فقط ، بل يتكون من روح أيضاً ، وهذه الروح لا تفنى بالموت ، وإنما تنتقل لعالم آخر مختلف .... أما طبيعة هذا العالم فهو ما أعتقد بأنه شئ خافي عنا تماماً .

    • بالنسبة للسؤال حول ما إذا كانت أعمالنا في الدنيا تؤثر على حياتنا بعد الإنتقال للعالم الآخر (هل هناك ثواب وعقاب بعد الموت) ... فمرة أخرى أنا أعتقد (غير جازماً) بذلك ... ومنبع هذا التصور هو إيماني بالعدالة الإلهية والتي تتطلب القيام بتسوية بعض الحسابات المعلقة التي لم يتم تسويتها في حياتنا الدنيا .

    • أخيراً بالنسبة للشكل الذي يتم به تسوية الحسابات في الدنيا ... فبداية فإن تجنب الشر وعمل الخير وفقاً لإعتقادي هو ميل فطري للبشر يقدمون عليه لما يجلبه لهم من شعور بالرضا والسعادة وراحة الضمير وتقدير للذات ، وليقينهم بأن ما يعملونه من خير أو شر سيرتد إليهم في صورة أو أخرى ... بل أنني مؤمن (كما يؤمن أتباع الأديان تماماً) بأن فعل الشرور يجلب غضب الذات الإلهية في حين يجلب فعل الخير رضاها ، ولا أستبعد كذلك بأن يجازي الله الناس على أفعالهم خلال حياتهم أو بعد موتهم ...

    غير أنني أؤمن كذلك بأن الجزاء الرباني سواء كان قبل أو بعد الموت سيكون مكافئاً تماماً لحجم الجرم الذي يقترفه الإنسان ، وعليه فانا غير مؤمن بفكرة الخلود الأبدي في النار جزاءاً على سلوك مرتبط بفترة زمنية محدوة ... وأؤمن كذلك بأن ذلك الجزاء الرباني سيكون مبنياً على إلتزام الناس بالأخلاق الإنسانية وبما تمليه عليهم ضمائرهم وليس على الإلتزام بقواعد دينية محددة ... أخيراً أنا مقتنع تماماً بأن ديانة الشخص لا علاقة لها بالجزاء الذي سيلاقيه على عمله ، فمن يعمل الخير يلاقي خير الجزاء بغض النظر عن ديانته ، ومن يعمل الشر يلاقي جزاءاً عادلاً بغض النظر عن ديانته .


    هذا هو ملخص سريع للإيمان الربوبي عموماً وإيماني الشخصي على وجه الخصوص ، وأترك لك المجال فيما يلي للتعليق على مداخلتي السابقة بشكل عام ، ولإبداء تحفظاتك على العقيدة الربوبية ومقارنتها بالإسلام .

    ولك مني خالص التحية ،

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    أذكرك بأنك قفزت على شرط أحسبه هاما في المناظرة وهو الآتي :

    وكما أن لي مصادرا تستطيع الرجوع إليها وإلزامي بها، فحبذا إرشادي إلى مصادرك حتى أرجع بدوري إليها وأمحصها.
    أما بخصوص ما سطرتَه في علم الحديث، فقد أعلنتُ لك قبول المتفق عليه كله، وأرشدتك إلى كتاب قد تكفل بجمعه، وأن الصحيح عندي ما كانت تتوفر فيه شروط الصحة متنا وسندا، وكل حديث مردود سآتي لك بأساس علته، فأراك تأتي لي بشروط لستَ مخولا لإلزامي بها لأنك من خارج الدائرة، ثم تدخل في عدالة الصحابة وتخلط بينها وبين العصمة، وترفض نقد المتن وغيره.

    والحق أني سهلتُ عليك وذكرتُ لك سبب تأخير الكلام في علم الحديث، لعين ما أوردتَه هنا :

    وهذه ليست شروط أفرضها عليك ، ولكنها رؤية خاصة بي وتعكس قناعاتي الذاتية ... وأقترح ترك نقاش تلك القناعات لحين الإصطدام بحديث معين نختلف حول صحته أو خطأه (إن أردت ذلك) ، ولعل هذا الإصطدام لا يقع .
    أما حياد المشرف فقد برهنتَ على ضده ببرهنة متناقضة هي عينُ ما حذرتني منه سابقا :

    3
    - بالنسبة لحياد المشرف ، فلم أقصد أن المشرف متحيز ، ولكن ما قصدته هو أننا لو جئنا بحكم من زامبيا لتحكيم مباراة النهائي بين زامبيا وساحل العاج فمن الصعب عندها وصف هذا الحكم بالحياد ... فما قصدته هو حياد الهيئة وليس حياد السلوك .
    فكأنك تنفي في شطر جملتك الأولى لتثبت نفس المعنى المنفي في شطر جملتك الثانية، وما استعملتَ في ذلك إلا أسلوبا مغايرا في التعبير . وعموما الإدارة ههنا معروفة قراراتها، وتحكيمها المحايد، والسهر على تطبيق النظام والرقي بمستوى الحوار، وباطلاع بسيط يتبين لك إلزام الطرفين في غير مناسبة، بل وإيقاف أعضاء مسلمين. لهذا فإني مطمئن للتحكيم.

    أما عدم تعمقك في علم المنطق فحسنا فعلت حين إخباري .

    أما مداخلتك التالية فأقول أنه لا خلاف معك في المبدأ الأول، وفي الشطر الأول من المبدأ الثاني، إنما الخلاف كل الخلاف في مسألة :

    فأنا لا أومن بتدخل الإله بأي شكل في حياتنا الدنيا
    وأشكرك على تلخيص معتقدك في مشاركتك، والتي ستكون مصدرا تعريفيا بمنهجك، غير أني أحب حصر الحوار في نقطة معينة حتى إن فرغنا انتقلنا إلى نقطة أخرى. والفكرة التي أود مناقشتها معك هي الواردة في الاقتباس أعلاه، فأطالبك بالآتي :

    - ذكر الدليل على مسألة "الحياد الإلهي"، وعدم تدبيره لشؤون عباده، وبالتالي عدم إرسال الرسل وإنزال الكتب، والذي يعني عدم تعريف البشرية بخالقهم .

    فتفضل بذكر براهينك على هذا المعتقد .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    الزميل الفاضل إبن عبد البر ....

    بأجمل التحايا أبدأ هذه المداخلة في سلسلة حوارنا والذي يدور حول المعتقد الإسلامي في مقابل المعتقد الربوبي ...

    ويتواصل هنا حوارنا حول نقطتين عالقتين قد أشرت لهما في مداخلتك السابقة :

    • النقطة الأولى هي : تحديد منهج واضح لقبول أو رفض الأحاديث النبوية
    • النقطة الثانية هي الإستجابة لطلبك بذكر مصادري فيما يتعلق بمسألة الحياد الإلهي

    ---------------------------------------------------------------------


    بالنسبة للنقطة الأولى : (تحديد منهج واضح لقبول أو رفض الأحاديث النبوية)


    بداية لا بد من التوضيح بأن حوارنا أو مناظرتنا هذه تدور حول محورين أساسيين

    المحور الأول : بيان مدى صحة العقيدة الربوبية التي أعتنقها ... وهذا المحور هو بالتأكيد غير ذي صلة بالأحاديث النبوية .

    المحور الثاني : إثبات صحة الإسلام وأنه أنسب وأصح من العقيدة الربوبية ... ويتضمن ذلك أثبات سلامة الأدلة التي يستدل منها على صحة الإسلام ، ثم إثبات عدم صحة أدلة النفي التي قد يستدل بها على عدم صحة الإسلام (الشبهات) .

    وفي هذا المحور (المحور الثاني) تلعب الأحاديث النبوية دور هام جداً ... فمعظم الأدلة على صحة الإسلام هي أدلة مستندة على أحاديث نبوية ... فإثبات صدق الرسول وزهده يتم من خلال الأحاديث ، وإثبات الكثير من تنبؤات الرسول المستقبلية يتم من خلال أحاديث ، وحتى إثبات إعجاز القرآن هو يعتمد جزءياً على أحاديث (مثل حديث الوليد بن المغيرة في وصف القرآن) ... وفي المقابل نجد أن الكثير من الشبهات أو الإتهامات الموجهة للقرآن هي معتمدة على أحاديث أيضاً أو أن نفيها يتم من خلال أحاديث .... كل ذلك يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن للأحاديث دور محوري في إثبات صحة أو عدم صحة الإسلام ، وهو ما يؤكد على أهيمة الخوض في مسألة معايير قبول أو رفض الأحاديث قبل نقاش أدلة صحة أو عدم صحة الإسلام .

    وبداية لا بد من الإشارة إلى تحفظك على خوضي في علوم الحديث بحجة أن ذلك ليس من تخصصي ... ولكني أحتفظ بحقي في النقد العقلي والمنطقي لهذا العلم ... وقد أوردت تحفظين محددين يخالفان المنطق من وجهة نظري ، فيما تتعامل معهما علوم الحديث كمسلمات غير قابلة للنقاش .

    التحفظ الأول : هو على فكرة تضعيف الحديث بناءاً على متنه .... فمن حقك كمسلم مؤمن بعصمة الرسول من الخطأ في التبليغ أن تؤيد تضعيف الحديث بناءاً على متنه .... ولكن بالنسبة لي كغير مسلم ، فليس لك أن تلزمني بذلك .... فلو بلغني قول خاطئ عن شخص ما عبر سلسلة من الرواة الثقات فسأصدق ذلك الخبر بالتأكيد نظراً لمصداقية رواته ، إلا أذا الشخص المنسوب له ذلك الخبر لا يمكن أن يقول قولاً خاطئاً ، عندها فقط يحق لي تكذيب ذلك الخبر ... من وجهة نظرك الرسول لا يمكن أن يقول قول خاطئ ولكن لا يمكنك أن تفرض هذه القناعة على شخص غير مسلم وبالتالي لا يمكنك أن تطالب غير المسلم برفض حديث بناءاً على عدم سلامة المتن ... فهل لديك إعراض منطقي أو عقلي على تلك الفكرة البسيطة ؟

    التحفظ الثاني هو على فكرة عدالة الصحابة .... أنت تقول لي بأنني أخلط بين العصمة والعدالة ، وهذا تصور غير صحيح منك ، فأنا أعلم الفرق بين العصمة والعدالة .... وأعلم بأن الرأي الإسلامي هو أن الصحابة غير معصومين من الخطأ وحتى إرتكاب الكبائر ، ولكنهم لا يكذبون على الرسول .... ولكن ... إذا كان فلاناً يسرق أو يشرب الخمر أو يغل من الغنائم أو يتجسس أو يقاتل أخاه المسلم أو يزني ، أو حتى يعمل كجاسوس لصالح أعداء المسلمين ... وكلها أخطاء وقع فيها بعض الصحابة .... فهل يصح بعد ذلك نستبعد كذبه في قول ينسبه للرسول .... فما هو منطقك في ذلك وما هو دليلك الذي يمكن أن تقنع به شخص غير مسلم ؟

    وإذا أقررنا بعدل الصحابة ، فكيف نسلم بضبطهم ؟؟ ووفقاً لأي منطق أو معيار نحكم على ما يقارب الألف صحابي ممن رووا عن الرسول بالضبط وحسن الحفظ ... مرة أخرى ما هو دليلك على ضبط الصحابي ... لمجرد أنه صحابي ؟



    وبخلاف هذين التحفظين فإن المبادئ العامة التي حددتها لك سلفاً (لقبول أو رفض الأحاديث) هي في معظمها مبادئ يتفق عليها معظم علماء المسلمين .... فالثبوت القطعي للأحاديث المتواترة والثبوت الظني لغير المتواتر هي شئ متفق عليه ، ورفض قبول حديث الأحاد في إقرار عقيدة هو شئ متفق عليه ، ورفض ما دون الصحيح هو شئ أراه معقولاً ومناسباً ... فقط هناك نقطتين قد يقع الإختلاف فيهما وهما : قولي بأن الأحاديث الواردة فيما دون صحيحي مسلم والبخاري هي أحاديث ظنية أميل للخطأ منها للصحة ، ما لم توجد شواهد على صحتها ... وقولي بأنني لا أقبل تجريحاً أو تعديلاً على أسانيد البخاري ومسلم .

    ولكن حرصاً على إنسياب الحوار وإزالة عقبات الإختلاف أقول لك بأني أقبل قبولاً تاماً بما ستطرحه أنت في هذا الخصوص ، (من بيان لصحة وعدم صحة أي حديث ، وقبول أو رفض الإستدلال بأي حديث ، والقول بظنية أو يقينية ثبوت أي حديث) ، وذلك في حال الإصطدام بحديث نختلف حوله .... بشرط أن تبرر موقفك هذا بشكل جيد .

    وتبقى فقط تحفظاتي المتعلقة بعدالة الصحابة ونقد المتن .... ويجب الإنتباه هنا لنقطة هامة .... أنا لا أريدك أن تؤيد وجهة نظري تلك، ولا أريد التشكيك في القناعات الإسلامية الثابتة بخصوص نقد المتن أو عدالة الصحابة .... أنا أريدك فقط أن تتفهم وجهة نظري كشخص غير مسلم ، وبأنه لا يجوز منطقياً إلزام شخص غير مسلم بقبول عدالة الصحابة أو بقبول نقد الحديث بناءاً على متنه .

    ---------------------------------------------------------------------


    نأتي الآن للنقطة الثانية ، ألا وهي الإستجابة لطلبك بذكر مصادري على مسألة الحياد الإلهي وعدم التدخل الإلهي في شئون البشر والكون .


    وبالنسبة لي شخصياً .... لم أشاهد أو أسمع ولم يرد لعلمي دليل قاطع يدل على حدوث تدخل إلهي سواء كان عن طريق قيام الله بإرسال رسل أو عبر تحقق إلهام أو رؤية لشخص صالح أو ولي من أولياء الله أو عبر إستجابة دعاء شخص دون ان يكون هذا الشخص قد إتخذ الأسباب المؤدية لتحقق الشئ الذي دعا به .... وهذا يكفيني كدليل على الحياد الإلهي .. وإن كان لديك دليل على حدوث تدخل إلهي خارج نطاق السنن الكونية فالرجاء أن تسوقه لنا .


    وبالنسبة للتدخل عبر إرسال الرسل ... سواءاً لتعريف البشر بخالقهم أو لغير ذلك من الأسباب فهذا شئ يقع عليك أنت عبأ إثباته ... أنا شخصياً لا أظن بأن الإله الذي خلق الكون بما حوى هو حريص على أن يعرفه البشر يقيناً ... فلو أراد الله ذلك لتحقق مراده ولعرفه البشر يقيناً ، وأحسبه لو أراد أن يعرفه الناس يقيناً لتجلى لهم فرأوه كما يروا الشمس في السماء ، ولا أرى أي دليل قوي عموماً يدل على تدخل الله عبر إرسال الرسل .

    أما بالنسبة لتدخل الإله لتدبير شئون العباد .... فهناك من يعاني في هذا العالم ومن يموت جوعاً ومن يموتون في الحروب ... فأي تدبير خارج نطاق السنن الكونية ذلك الذي تتحدث عنه .

    وتلخصياً لكل ما سبق بخصوص الحياد الإلهي أو التدخل الإلهي .... أقول لك بأن البينة على من إدعى ... ومن يقول بتدخل الله في شئون الكون هو المدعي وهو من يقع عليه عبأ الإثبات ، خصوصاً في ظل حقيقة عدم وضوح هذا التدخل وعدم بديهيته .

    ولك تحياتي

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    الزميل الكريم، ألمس منك إرادة جر المناظرة إلى نقاش حديثي حول مسألة عدالة الصحابة وضبطهم ونقد المتن، ومنهجنا في التصحيح والتضعيف. وانظر فقط إلى حجم شطرَي مداخلتك ليتضح الفرق والهدف : فالقسم الأول من مداخلتك جاء في تسع فقرات، في حين ان شطرها الثاني حول براهين لادينيتك جاء في ثلاث فقرات يتيمات.

    ولا شك أن ما طَرحته في القسم الأول يترتب عنه كلام كثير يحتاج إلى نفَس بل إن شئتَ فقل أنه يصلح موضوعا لمناظرة أخرى قائمة بحد ذاتها، وكان بودي تأجيل هذا النقاش لحين تسليمك بعدة أصوليات ممهدة سابقة متبوعة.

    لهذا فإني أقترح على المشرف وعليكَ أن يُنقل شطر مداخلتك الأول إلى رابط مستقل، يكون مناظرة ثانية بيننا في نفس الوقت ، لأن النقاش حول نقطيتين مختلفتين ذو طبيعتين متغايرتين في نفس الوقت يؤدي إلى تلبيس في التناظر، فتغطي نقطة على نقطة فيصبح تصدير الهجوم في النقطة الأولى غالبا على دفاع نفس المتناظر في النقطة الثانية، حتى إن كان الدفاع ضعيفا آزره الهجوم المتغاير وأخفاه. وهي من حيل التناظر الدقيقة .

    وأذكرك بأنك خالفتَ الشرط الخامس والسادس والسابع في الاتفاق، كما أنك أغفلتَ سهوا او عمدا للمرة الثانية ذكر مصادر معتقدك مما يجعلك مخالفا للشرط العاشر، أما شطر مداخلتك الثانية فقد جاء مخالفا للأصول العامة للمنطق الحواري والتي وافقتَ عليها حين استعمال الروابط والأسوار المنطقية وهذا سأبينه في ردي .

    فانظر أيها الزميل الفاضل، فلم أبدأ بعد بمداخلة افتتاحية تُدشن دخولي للمناظرة ووقع منك ما وقع . فتأمل.

    وأنتظر قرار المشرف ورأيك بهذا الخصوص حتى أبدأ بالرد والله الموفق.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    وكان بودي تأجيل هذا النقاش لحين تسليمك بعدة أصوليات ممهدة سابقة متبوعة.

    فالك طيب .... فلنؤجله لحين الإنتهاء من الأصول الممهدة ولا داعي لشريط جديد أو مناظرة أخرى .... فقط أرجو الإنتباه بأنني لم أقصد التلبيس أو أي من حيل التناظر التي أشرت إليها ... كل ما في الموضوع أن تصوري لسير المناظرة كان مختلفاً قليلاً عن تصورك ...


    أنت تصورت المناظرة كالتالي

    1) نقاش الشروط العامة
    2) نقاش الاصول العقائدية
    3) نقاش الفروع والذي قد يسبقه الإتفاق حول الشروط التي تحكم نقاش الفروع

    أما أنا فقد تصورت سير المناظرة كالتالي :

    1) الإتفاق على الشروط العامة سواءاً كانت المتعلقة بالأصول أو الفروع كما تسميها انت (إثبات العقيدة الربوبية أو إثبات صحة الإسلام ... كما أسميها أنا) ، ومن ضمنها الإتفاق على ما يقبل وما لا يقبل من الأحاديث
    2) نقاش صحة العقيدة الربوبية
    3) نقاش صحة الإسلام

    أما مخالفتي للشروط الخامس والسابع والتاسع والعاشر ... الخ .... فهذا أتركه للمشرف للحكم عليه

    أما طلبك أن اذكر المصدر ... فالرجاء تحديد ما هو بحاجة لمصدر من وجهة نظرك ... أو لعل الافضل أن أقول لك ، طالما كان ذلك متعلقاً بالجزء الأول من مداخلتي السابقة (والمتعلقة بالأحاديث) فلنؤجل ذلك لحين بدأ نقاش ذلك الجزء ...

    ----------------------

    إذا المطلوب منك الآن شيئان .... لدفع المناظرة للأمام

    1) الموافقة على تجاوز مسألة نقاش صحة الاحاديث لما بعد الإنتهاء من نقاش صحة العقيدة الربوبية .... والثقة بانني لم أخوض في ذلك إلا بسبب سوء التفاهم بيننا حول طبيعة سير المناظرة .

    2) ذكر إعتراضاتك على مداخلتي المتعلقة بالحياد الإلهي ... وما هي الأسوار المنطقية التي قفزت أنا من فوقها

    وشكراً

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    الحمد لله الواحد الذي لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون إلا ما يُريد، والصلاة والسلام على رسوله المرتضى، ونبيه المجتبى، المبعوث رحمة للعالمين. أما بعد ..

    فسعيد لأنك يا زميلي تجاوزتَ النقط التي قد تؤدي بنا إلى المتاهات والتفريعات، وتجاوزا مني لما قد يخل بالنقاش ودفعا بمسار المناظرة فإني أعلق على جزئيتين رئيسيتين أولاهما :

    1- الحكمة من سؤالي عن مصادرك.

    فأقول وبالله التوفيق : أن العقلاء اتفقوا في باب الاختيار، أن المختار لا يغير معتقده إلا إذا ترجح عنده فساد القديم وصلاح الجديد، بمعنى أن المختار ما غير قناعاته إلا عند رجحان مذهبه الجديد وتفوقه على الأول. ولا يخفى أن المذاهب الفكرية المعاصرة يُراد لها ان تحل محل الأديان والشرائع، فلزم من ذلك تغطية الأولى لكل أدوار الثانية، دورا دورا ووظيفة وظيفة، فتكون وظيفة الدين في حالته الشمولية حسب علم الاجتماع ملخصة في ست وظائف كبرى :

    - الوظيفة التفسيرية : أي تفسير ظواهر الكون والإجابة على التساؤلات الوجودية المحيطة بالإنسان، حول حكمة الخلق والتعريف بالخالق ودور الإنسان في الحياة وما بعد الموت ،ودفع العدمية .

    - الوظيفة التلقينية : وهو تلقين الناس لفسلفة الدين في الحياة والمجتمع وغيره .

    - الوظيفة التطمينية : أي تطمين الأتباع على مصيرهم ما بعد الموت، ومعرفة المُنجي من المُهلك، وتحذير المخالفين.

    - الوظيفة التأديبية : وهو ما يتعلق بالأخلاق والعبادات والمعاملات .

    - الوظيفة التشريعية : سن القوانين الكفيلة بحماية حقوق الفرد والجماعة، ومعرفة الحلال والحرام ...

    - الوظيفة النفسانواجتماعية: تحقيق الاستقرار للفرد والجماعة وضمان الوحدة التناغم الثقافي بين أفراد الدولة.

    هذه الوظائف الكبرى لا تتحقق إلا بوجود : عقيدة، ومرجع، وعبادات، ودعوة. فإن اختلت أحد هذه الشروط استحال تحقيق هذه الوظائف .

    فالمختار عقلا يستحيل أن يبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فلزم أن المذهب اللاديني وجب أن يكون له مصدرٌ لتعريف الناس بفلسفته ونظرته، ولتحقيق الوظائف الست الكبرى. وإلا كان عاجزا عن القيام بوظائف الدين، مغرقا الناس في عدمية مادية مهلكة، ليكون توصيفه الدقيق : نحلة فكرية مهلهلة لا ضابط لها ولا وحدة.

    فأخرج لي مصدرك الجامع الدال على عقيدك ؟ وهل ترى ان المذهب اللاديني قادر على تغطية الوظائف الدينية ؟ وإلا { أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ } .

    أما بخصوص النقطة الثانية : وهي مسألة الحياد الإلهي .

    فأقول : أن هذا أول مأزق من مآزق اللادينية، هو القول على الله بغير بينة ولا دليل، فقد طالبتك ببراهين دالة على مذهبك في هذه الجزئية، فما كان جوابك إلا كلاما مُرسلا من أَضراب أظن وأعتقد، وحضرتك تعلم بأن كلمة " أظن" و "أعتقد" لا وزن لها في مناظرة عقلية منطقية تقوم على الأدلة والبراهين ،{ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ }.

    ومنطقنا أيها الزميل قائم على البينة على من ادعى، فأنتَ تدَّعي ان الله لم ينزل دينا ولم يكلم رسولا، ونحن أحرى بمطالبتك بالدليل على هذا المذهب { قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ } .

    وهذه أزمة المذهب اللاديني جملة وتفصيلا، وقد سبق أن قرأتُ لرواد في هذا المذهب يبنون نظريات شاهقة على أساس ظني سافل ضعيف، ففرويد على جلالة قدره في علم النفس الديني، بدأ كتابه "الطوطم والطابو" بكلمة : "كان في قديم الزمان ..." فتأمل !!.

    مما جعلني أتأكد بأن المذهب اللاديني مبني على هوى النفس وليس على أصول منطقية قوية وأركان عقلية محكمة { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ }.

    وأظنك أيها الزميل ما دخلتَ لمنتدانا هذا لو لم تحس ما سبق ذكره آنفا .

    فتكون الأسئلة التي ستصطدم بها هي كالآتي :

    كيف عَلمتَ أن الرب الخالق لم ينزل دينا ؟؟؟ فهل كلمّك أو حدثك وأخبرك بأن العقل يُغني عن الدين ؟

    وحاصل سؤالي للتبسيط أكثر : ما دليلك على أن الله عز وجل ارتضى للبشرية اللادينية ؟ وأنّك على الملة الصحيحة ؟

    اما أدلتنا على بعثة الرسل وإنزال الشرائع ونقض مبدأ الحياد الإلهي . فأقول وبالله التوفيق :

    أن انعدام الدليل عند المخالف، دليل، بمعنى أناَّ نقول بأن صدق الدعوى من عدمه يكون مرتهنا بحجم أدلتها، مفروضا بقوة حججها، فإن انعدمت هذه الحجج والبراهين جملة وتفصيلا، كانت الدعوى مجرد سفسطة مرسلة لا شيء يعضدها، فيكون نقيضها أولى بالتسليم وأحق بالتصديق، لأن مانع القضية السالبة يسلم جدلاً بنقيضها ولا دفع لمنعه. و مانع القضية العقلية يسلم جدلا بالمقدَّم، وعلى المدعي دفع المنع بإثبات النقيض.

    تماما مثل الملحد الذي يُريد ان يدلس على المؤمن أو اللاديني، فيطالبه بالدليل على وجود الله تعالى، فنواجهه بالقول أنه هو المطالب بإثبات النقيض ولسنا نحن { أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }.
    لأن الجائز العقلي لا يُنفى من أجل مستحيل عقلي، فإن كان هذا في الجائز، فالواجب العقلي أحق بهذه القاعدة من الجائز، خاصة وأن فطرة العقل دالة عليه ببراهين أخرى .وقس على هذا قولك، لأن الأصل ليس في عدم إنزال الشرائع والحياد، بل الأصل هو إرسال الرسل وتدبير الكون وغيره، فتكون مطالبا بالدليل لأنك ادعيتَ النقيض .

    ثم نسأل المخالف، هل إرسال الرسل وإنزال الكتب وتدبير الكون هو واقع عندكم في باب الإمكان العقلي أم الممتنع ؟ فإن قلتَ من باب الإمكان فقد وافقت فطرة العقل، وإن قلتَ بالاستحالة فقد خالفتَ المقتضى، فنسألك حينها عن المانع العقلي لذلك ؟

    فإن العقل دلَّ على ان الباري سبحانه متصف بصفات الكمال، يستحيل في حقه سبحانه صفات النقص، فإن قُلتَ بأن الله متصف بالحكمة والقدرة والكلام، وانه قادر على إرسال الرسل وإنزال الشرائع وتدبير الكون وأحوال المخلوقات وعنايته بهم، وجب عليك بداهة الإيمان بدين أنزله ليعرف الناس به، فالإنسان له مدارك ناقصة، والغيبي لا يتوصل إليه بالتأمل إنما بالخبر عن رب العزة، فقد أتوصل إلى وجود الله وعلى طرف من صفاته عقلا، لكني لا أستطيع معرفة ما يريده منا تفصيلا. فالقدرة تنفي الممتنع.

    وكمال حكمته تقتضي بأن لا يخلق عباده ويتركهم هملا، لا يعرفهم بنفسه، ولا أمر لهم جامع، ولا نهي لهم مانع . فتكون اللادينية قد نفت الحكمة عن الخالق بإقرارها مبدأ الحياد.

    وكمال ألوهيته أن يكون مطاعا، ومعرفة ذلك لا يكون إلا بالرسل .

    وكمال ربوبيته أن يقيم الحجة على الخلق لأن الجزاء لا يكون إلا بعد الإنذار، ومعتقدك بالبعث والجزاء ينسب الظلم له - وحاشاه- فكيف يعذب شخصا لا يعلم أوامره ونواهيه وما يريد منه ؟ فكان مقتضى ذلك إرسال الرسل .

    وكمال ملكه وسلطانه، بتدبير شؤون الكون وإنزال الشريعة .

    فيكون معتقدك ناسبا إلى الخالق صفات نقص، وذلك يتجلى في :

    - إهماله لعباده وعدم إنزاله لدين يخرجهم من الظلمات إلى النور، وقد عُلم أن الباطل كثير ذو وجوه عديدة، فهذا يهوي ساجدا لحيوان، وذاك يعبد بشرا، وآخر يدعوا صنما، والرابع ملحد، والخامس يعبد شيطانا، والسادس يعبد كوكبا إلى آخره ..فكان الأولى إذ خلقهم أن لا يدعهم هملا دون استدلال، وقد علم أنهم ليسوا على قدر واحد في العلم والفهم، فلم يُنزل دينا كي يعرفنا بنفسه، وترك البشرية تتخبط وحدها تبحث عن الخالق.

    - قد عُلم أن البشرية تشقى في إطار القوانين الوضعية، التي سببت التعاسة للناس حيث طغت العدمية والمادية على حياة البشر، فكثرت نسب الجريمة، من قتل واغتصاب غيرها، وطغت الآفات النفسية وهذا باعتراف علماء الاجتماع والنفس، فكان أن الله حسب معتقدك، ترك الناس تموج هذا الموج، فلا هو جبر الناس على عقل واحد يُهتدى به لمنهج واحد يحقق للناس آمالهم، ولا تدخل بإنزال دين يحقق السعادة والرخاء للبشرية باحتكامهم إليه.

    - أنه أودع في النفس محبة الدين بمعتقداته وروحانياته كمحبة العبادات والطقوس الدينية، فكان أن معتقدك نسب له الخطأ في ذلك، فلم ينزل دينا ذو عبادات حتى يرضي هذه النفوس التواقة.

    - أن الإنسان تواق للمعرفة، يشرئب عنقه لكل حديث عن ما بعد الموت، يحب أن يَعلم مصيره بعده، وهل هو على الحق أم على الباطل مستحق لما سيأتي بعده أم غير مستحق، فإن لم يعلم ذلك قضت مضاجعه الأفكار من كل جانب، فحل عليه الضنك من حيث لا يدري، فتركه الخالق بمعتقدك يعيش هذا.

    - أنه أودع في الإنسان مسألة التمحيص والاختيار، لأنه كائن متدين رامز، فترى الناس تُقبل على المباحثات العقدية والدينية أياًّ كانت مهنهم، يتحاورون بينهم سواء في الجزئيات أو الكليات أو حتى في أديان وملل أخرى، فإن كان الإنسان ميالا للاختيار بين الأديان والأفكار فلماذا جعل الله فيه هذه الصفة إن لم ينزل دينا ؟ .

    - قصور العقل عن معرفة أجوبة الأسئلة الوجودية التي تعتري الإنسان، وقد اتفق علماء الاجتماع على أن الإنسان كائن رامز يستحيل أن يعيش دون ترميز الظواهر حوله، فالعقل قاصر عن معرفة ما يريده الله منا تفصيلا، وذلك كمعرفة غاية الخلق، وما بعد الموت ولماذا الموت، ومن هو هذا الخالق، هل هناك بعث ؟ هل هناك جزاء وغيره .

    - أن معتقدك ينسب الظلم، فقد قلتَ بأن الله سيحاسب البشرية وهو لم ينزل دينا ولا إنذارا يعرف الناس به وبما يريده منهم تفصيلا ليجتنب العاقل عقوبته وتقوم الحجة على المسيء المشاكس .

    فيكون الممكن العقلي مرتقيا إلى درجة الواجب، لما عُلم من مفاسد . فيكون الحياد الإلهي هو الممتنع العقلي الذي يلزمه أدلة تعضده .

    وأكتفي بهذا القدر في بيان النقطة، محتفظا ببعض الإلزامات الأخرى لعلنا نحتاجها مستقبلا، والحمد لله رب العالمين.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    إذا فقد بدأ الحوار الجدي بعد أن تجاوزنا مرحلة نقاش الشروط والمقدمات ...

    -----------------------------------------------------------------------------

    الزميل إبن عبد البر ... تحية طيبة

    مداخلتك السابقة أسست لإنطلاق الحوار حول ضرورة إرسال الرسل ... وقد تمحورت مداخلتك السابقة حول نقطتين :

    * النقطة الأولى هو حديثك المتعلق بنقد العقيدة الربوبية وإشارتك لغياب البراهين والادلة الدالة عليها ، وحديثك عن أن إرسال الرسل هو واجب عقلي .

    * النقطة الثانية من مداخلتك تعلقت بالأدلة على حدوث التدخل الإلهي وقيام الله بإرسال الرسل ... وقد تحدثت في هذا الصدد عن الوظائف التي تؤديها الأديان (وذلك في بداية مداخلتك) ، فذكرت وظيفة الدين التطمينية والتفسيرية وغيرها ... ثم تحدثت عن أدلة بعثة الرسل وإنزال الشرائع فذكرت كيف أن حكمة الله وكمال ربوبيته وإلوهيته وسلطانه تقتضي إرسال الرسل ... ثم ختمت حديثك بسرد أوجه النقص في عقيديتي الربوبية لإنكارها حدوث التدخل الإلهي أو إرسال الرسل .


    وفي هذه المداخلة سوف أركز فقط على النقطة الثانية (الأدلة على إرسال الرسل) ... أما بالنسبة للنقطة الأولى ، فسيكون لي مداخلة لاحقة سأقوم فيها بطرح الأدلة التي أعتمدت عليها للتثبت من صحة عقيدتي الربوبية ، وسأبين أيضاً التناقض في قولك بأن قيام الله بإرسال الرسل هو الاصل وبأن إرسال الرسل ليس واجباً عقلياً كما تفضلت بالإشارة .

    -----------------------------------------------------------------------------

    ولكن العقبة الاساسية التي واجهتها (عندما كنت بصدد تفنيد أدلتك حول حدوث التدخل الإلهي وإرسال الرسل) هو أن تلك الأدلة جاءت محتوية على بعض التكرار والتداخل والإلتباس ... ولا ألومك على ذلك فلربما إقتضاه حرصك على الرد المفصل على كل ما جاء في مداخلتي السابقة .

    لذا فلقد إرتأيت ضرورة الوصول لتلخيص جامع ومانع يجمع الأدلة على حدوث التدخل الإلهي وإرسال الرسل ... وإنطلاقاً من ذلك التخليص سوف اقدم لك مداخلتي الرئيسية والتي سأسوق فيها أدلتي على صحة عقيدتي وعلى عدم حدوث التدخل الإلهي أو إرسال الرسل وعلى عدم صحة القول بأن إرسال الرسل هو واجب عقلي ... وسوف أتناول في ذات الوقت وبشكل مفصل الأدلة التي تثبت ضرورة حدوث ذلك التدخل الإلهي ، فأقتلها تحليلاً وتمحيصاً ... ولنرى ما سيتمخض عن ذلك .


    فمن أين لنا بذلك الملخص الذي يجمع أهم الأدلة على ضرورة إرسال الرسل ؟؟

    تسهيلاً عليك ، فقد قمت بعملية تخليص أسباب التدخل الإلهي أو إرسال الرسل ، وذلك إشتقاقاً مما ذكرته أنت في هذا الصدد بمداخلتك السابقة .
    ... وما أطلبه منك هو إدخال التعديلات التي تراها مناسبة على ذلك الملخص وإضافة ما يستحق الإضافة وحذف ما يستحق الحذف وتعديل ما يستحق التعديل ... ومن ثم وبعد تمخض ملخص نهائي للأدلة على التدخل الإلهي وإرسال الرسل سوف تأتي مداخلتي التالية بناءاً على ذلك الملخص .

    -------------------------------------------------------------------------------------

    وفيما يلي اقدم لك ملخصاً للأدلة التي تشير لحدوث التدخل الإلهي في حياة البشر عبر إرسال الرسل وتنزيل الرسالات (مشتق من مداخلتك الأخيرة)


    1. تعريف الإنسان بإجابات الاسئلة الكونية الكبرى التي حارت فيها الإنسانية ، من قبيل لماذا خلقنا ، وأين سنذهب بعد الموت ، وهي أسئلة لا يستقيم حال البشر بدون الحصول على إجابات شافية لها (حسب إعتقاد معتنقي العقيدة الإسلامية) .

    2. تعريف الناس بالمنهج الصحيح وبقواعد السلوك الصحيحة (على المستوى الفردي أو الجماعي) ... ففي الشرائع المنزلة أفضل ما يمكن للبشرية من قواعد سلوك وأسس علاقات وتعاملات ينصلح بها حال البشر في حال تقيدهم بها ... ويشمل ذلك أيضاً التشريعات التي يجب أن تحكم المجتمعات وفقاً لها .... وخلاصة هذه الوظيفة هي تنظيم علاقة الفرد مع مجتمعة ومع نفسه وتنظيم علاقة مكونات المجتمع ببعضها .

    3. تعريف الناس بعاقبة أعمالهم وإنذارهم ... فتقام عليهم الحجة على المحسن أو المسئ ... وبذلك يلعب الدين دوراً هاماً كرادع لمن يريد إقتراف الشرور ومحفز لمن يريد عمل الخير ..

    4. تحقيق الإطمئنان النفسي للبشر ... وهو ما يتحقق عندما يعلموا بأن الدنيا إنما هي دار مرور وليست دار مقر ، ويعلموا بأن العدالة الغائبة عن دنيانا ستتحقق في الآخرة ، ويشعر الأفراد بالإطمئان والراحة النفسية كذلك عندما يشعروا بأنهم ملتزمون بمنهج صحيح وخير ، كما يلعب الدين دوراً هاماً كمادة لاصقة للمجتمعات حيث يقوم بتوحيدهم حول اهداف ورؤى مشتركة ويربطهم عبر طقوس مشتركة ... كل ذلك يتوجب قيام الله بإنزال الرسالات التي تقوم حولها الأديان حتى يتحقق ذلك وتستقيم حال البشر .

    5. تعريف الناس بخالقهم ... فلا يضلوا بعبادة غيره أو يلصقوا ما لا يليق به من الصفات ، ولا يقصروا في القيام بواجب التقديس والطاعة نحو الله .

    6. حب الناس للدين والتدين ورغبتهم للخضوع وميلهم للعبادة وممارسة الطقوس ... وهذا الميل يؤكد قيام الله بإرسال رسل وإنزال الشرائع ،

    7. حب التمحيص والإختيار ، فطبيعة الإنسان التي تميل للتمحيص والإختيار وتحب الخوض في مسألة الإعتقاد وتمحيص العقائد ومقارنتها تؤكد صحة الدين ، فهذا الميل فطرة أودعها الله في الإنسان ، ولا بد أنه أودعها فيه لغاية وسبب وليس عبثاً .

    8. إظهار الله لصفات الملك والسلطان على مخلوقاته وعلى الكون لا يكون إلا بإرسال شريعة ملزمة للناس ، وبدون ذلك فلن يتجلى سلطان الله على الناس ، فالله لا بد أن يريد للناس بأن يسلكوا وفق منهج معين ، وعليه فإن ذلك يتطلب تعريفهم بذلك المنهج ليتبعوه .


    هذا هو ملخص دواعي التدخل الإلهي عبر إرسال الرسل قد صغته في ثماني نقاط ، وهو ملخص مشتق 100% من واقع مداخلتك السابقة .... فهل تعتقد بأن هذا الملخص شامل ووافي ومتضمن لأهم الأسباب التي تقتضي حدوث التدخل الإلهي عبر إرسال الرسل .... الرجاء التعليق على ذلك المخلص بالإضافة أو الحذف أو التعديل أو حتى الرفض التام ، فلن يكون في وسعي البدأ في نقد أسباب التدخل الإلهي بدون تحديدها وحصرها بشكل جيد .


    -----------------------------------------------------------------------------------
    ملحوظة : سأرسل لك رسالة على الخاص أبين فيها كيفية إشتقاق كل نقطة من نقاط هذا المخلص حصرياً من واقع مداخلتك السابقة .

صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. رسالة بالصور لكل ملحد ولاديني وغير مسلم
    بواسطة إدريسي في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 09-20-2013, 02:49 PM
  2. مناظرة: حوار بين مسلم ولاديني-ابن عبد البر والربوبي
    بواسطة محب أهل الحديث في المنتدى قسم الحوارات الثنائية
    مشاركات: 65
    آخر مشاركة: 04-23-2013, 04:11 PM
  3. تعليقات: مناظرة بين مسلم ولاديني-ابن عبد البر والربوبي
    بواسطة محب أهل الحديث في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 100
    آخر مشاركة: 10-05-2012, 11:29 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء