احاديث اجدها متناقضة ؟!!

[الجرار]

السلام عليكم ورحمة الله

اصادف احيانا احاديث صحيحة تبدو لي متناقضة لكنني اتهمت فهمي ونقص علمي في هذا العلم وقلت لابد ان لهذا الامر جواب فكيف يعقل ان يغفل علماء الحديث على مر التاريخ
عنها؟

فمثلا مصادفتي لهذين الحديثين :

عن عائشة قالت: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان، ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه"

عن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال: ‏ ‏قدم النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏المدينة ‏ ‏فرأى ‏ ‏اليهود ‏ ‏تصوم يوم عاشوراء فقال: ‏ ‏ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله ‏ ‏بني إسرائيل ‏ ‏من عدوهم ،فصامه ‏ ‏موسى، ‏ ‏قال: فأنا أحق ‏ ‏بموسى ‏ ‏منكم، فصامه وأمر بصيامه"

فكيف نوفق بين هذين الحديثين وشكرا لكم

[كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل]

في الحديث الأول أنه كان يصومه بمكة و لا يأمر الناس بالصوم
في الحديث الثاني أن النبي صلى الله عليه و سلم لما قدم المدينة و رأى صيام أهل الكتاب له و تعظيمهم له و كان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به صامه و أمر الناس بصيامه و أكد الأمر بصيامه و الحث عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم

[ماكـولا]

بدايةً نشكُرك تؤدتك , واللوم باتهام النفس , والتبادر الى السؤال قبل الاعتراض ! .
وأضيف الى ما قاله أخي محب أهل الحديث , بارك الله في قلبه , واعمره طاعته . أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري وغيره انه "كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ". وكان هذا قبل أن تكتمل الشريعة , وقبل أن يتم الوحي ,ورجاء أن يكون في عملهم هذا ما يُستند فيه الى أمر إلهيّ قبل أن يوحى اليه فيه ؛ لكونهم أهل كتاب ! , فبعد أن استقر الامر وتم , فكان من حاله المخالفة تتميماً للمفارقة الدينية التي عليها أهل الملتين .وقد كان من الامر أن الله أمره ان يسأل أهل الكتاب , فكان ما كان مما وقع ناظرك عليه , فاستقر الامر على مخالفتهم , ومما جاء في الحكمة من وافقتهم في أول الامر كحال استقبال بيت المقدس , وما كان من سرور اليهود بذلك ما قاله القرطبي في المُفهم حيث أفاد واجاد " إن ذلك كان في أول الأمر عند قدومه على المدينة في الوقت الذي كان يستقبل قبلتهم ، وإن ذلك كله كانت حكمته التأنيس لأهل الكتاب حتى يصغوا إلى ما جاء به ، فيتبين لهم أنه الحق ، والاستئلاف لهم ليدخلوا في الدين ، فلما غلبت عليهم الشقوة ، ولم ينفع معهم ذلك نسخ الله تعالى استقبال قبلتهم بالتوتجه نحو الكعبة ، وأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمخالفتهم في غير شيء ، كقوله :" إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ". وذكر أبو عمر في "التمهيد" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اخضبوا وفرقوا ، خالفوا اليهود ". قال : إسناده حسن ، ورجاله كلهم ثقات ؛ وكقوله في الحائض : " اصنعوا كل شيء إلا النكاح ". حتى قالت اليهود : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه . فاستقر آخر أمره على مخالفتهم فيما لم يحكم عليه فيه بحكم "

ومن جهة أُخرى : فإن الحديثين جاءا من طريقين مختلفين , من حديث عائشة ومن حديث بن عباس ,فالحديثين في حكم موقوف الصحابي , وكل منهم يُحدّث بحسبِ ما علم وما فهم . , والجمع بينهما أن طائفة من قريش كانت تتبع اليهود في أعمالهم , فتستن بهديهم كما حصل من الانصار وتأثرهم بجيرانهم من اليهود في الاستنجاء وغيره , وقيل ان ختان العرب كان تأثراً منهم باليهود ,فقد كانوا يرون لهم فضلا عليهم فى العلم ,فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم كما ذكر بن عباس , حتى انه كان من حالهم أن المرأة اذا كانت مقلاتاً نذروا على انفسهم إن عاش الولد هوّداه !

فالحاصل : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر على اليهود ورآهم , سألهم كما ذكر الله له " فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك " وقال " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ".