بعد موافقة الإشراف الضمنية على فتح هذا الموضوع (بشرط الإلتزام بالإختصار وعدم تجاوز الحدود) ، أطرح فيما يلي أول الأسئلة التي تؤرقني وتجعلني متشككاً في صحة الإسلام ، وأتمنى أن يتم دحض هذه الشبهة وتقديم رد منطقي عليها
يقول القرآن(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون)
وبغض النظر عن الحكم ببلاغة هذه الآية ، فإن هناك 8 جوانب غموض فيها تحتاج لتوضيح ... أوردها فيما يلي:
1. ما هو الحرج في أن يأكل الأعمى والأعرج من بيوت هؤلاء المذكورين في الآية .... وهل الآية تختص بالأكل أم بالجهاد كما قال بعض المفسرين أو بغير ذلك ... وهل هناك رأي متفق عليه بين المفسرين حول معنى الآية أو دليل قاطع يجعلنا نصرف الآية لمعنى محدد دون غيره ! ... أم أن القرآن نزل بحيث يمكن أن تفهم آياته بعدة معاني محتملة قد لا يربطها أي رابط والأمر متروك لإجتهادات المفسرين والمأولين
2. أي حرج في أن يأكل الإنسان في بيته حتى ينزل الله قرآنا ليرفع ذلك الحرج ، ومن يقول أن المقصود هو بيوت الأبناء ، فما هو دليله على ذلك سوى تأويل بعض المفسرين الذي ليس عليه إجماع ... ومعظم المفسرين قالوا أن بيوت الأبناء ليس هي المقصودة حصراً بقول القرآن (من بيوتكم) وإنما هي تدخل ضمن المقصود إجمالاً
3. إذا أخذنا مناسبة الآية (ليس على الأعمى حرج) ، فسنجد أربع روايات متناقضة لسبب نزول الآية ... وبالطبع كل تلك الروايات هي أحاديث مقطوعة وغير صحيحة السند ، فكيف نفسر القرآن بأحاديث غير ثابتة أو غير قاطعة ؟؟ أليس معظم مناسبات النزول الآيات (التي تعد أهم عنصر في فهم الآيات) قد وصلتنا بأحاديث ضعيفة أو مقطوعة ... فلماذا كل مناسبات النزول (على أهميتها وضرورتها لفهم القرآن) هي غير قاطعة الثبوت ، ألا يؤدي ذلك لجعل معظم آيات القرآن هي غير قطعية المعنى وصعبة الإستيعاب في سياق سبب نزولها
4. بالنسبة للأكل في بيوت الأعمام والعمات والأخوال والخالات ... فمن المعروف بأن علاقة الناس بأعمامهم وأخوالهم تتفاوت ... هناك خال أو عم يكون كالغريب ليس بينه وبين الشخص ألفة ، وهناك خال أو عم يكون مثل الوالد تماماً ... وعليه ، فما هي رسالة الآية أو فائدتها العملية في هذا الخصوص ، إذا كان الطبيعي وربما من الأسلم أن يتحرج الشخص في الأكل بدون إذن في بيت عمته التي قد يكون على عداء مع زوجها أو معها شخصياً ، وما هي الفائدة العملية للآية إذا كان من الطبيعي أن يأكل الشخص بدون إذن في بيت عمه أو خاله الذي تجمعه معه علاقة أشبه بعلاقة الولد بوالده .. أليست المسألة نسبية بدرجة كبيرة وخاضعة للذوق العام بالمقام الأول
5. هل الأكل يكون مما هو موضوع في المائدة أم ما هو مخزن في المطبخ أو مخزن الطعام ... (المفسرين إختلفوا حول هذه المسألة ولم يقدموا إجابة واضحة) ... ولكن بغض النظر عن إختلافهم هذا ، فإذا كان المقصود هو الأكل مما هو مقدم في المائدة فهل يحتاج الأمر لإستئذان وآيات قرآنية ، وإن كان الأكل من المطبخ أو مخزن الطعام ، فكيف الحال إذا كان خالي أو عمي أو صديقي الذي سمحت لي الآية بالأكل في بيته بدون إستئذان هو رقيق الحال ولا يملك من الطعام إلا القليل الذي يختزنه لمؤونة أيام صعبة قادمة ، وماذا لو كان هذا الأكل المختزن في بيت عمي أو خالي هو أكل خاص جداً غالي الثمن (مثلاً كافيار أعده خالي لوليمة ينوي إقامتها لأحد وجهاء المدينة ، فدخلت أنا مطبخه وأكلت الكافيار بدون إستذانه ، مبرراً فعلي ذلك بالتصريح الممنوح لي في الآية !!)... أليست المسألة هنا أيضاً هي مسألة تقدير شخصي ، فكيف يتم إخضاعها لنصوص ؟
6. تقول الآية ما معناه ... بأنه ليس عليكم جناح بأن تأكلوا في بيوت صديقكم ... فما معنى الصداقة المقصود وما هو معيارها أو مقياس قوتها ... الصداقة كلمة عامة جداً وليس لها حدود واضحة ، فأي نوع من الأصدقاء أو أي مستوى صداقة تقصده الآيات ؟ وكيف الحال إذا كان هذا الصديق هو شخص يدعي صداقتي وأنا لا أطيقه ولا أعتبره صديقاً !! وشاءت الظروف أن يدخل بيتي لسبب أو لآخر !! أليست القضية هي قضية تقدير شخصي ، فكيف يتم إخضاعها لنص قرآني ؟
7. وتقول الآية ... (أو ما ملكتم مفاتيحه) ، فهل يعني ذلك مثلاً أن بواب العمارة الذي لديه نسخة من مفاتيح شققها لديه تصريح قرآني بالأكل في كل شقق السكان ؟؟؟ كيف يستقيم السماح للغريب الذي يملك مفاتيح منزلي بالأكل في منزلي بدون إذني! ، ولو قصد بمعنى (ما ملكتم مفاتيحه) الوكيل المستؤمن كما قال بعض المفسرين ، فبدايةً المعنى غير متفق عليه مرة أخرى ، وثانياً هل من العدل أو من الذوق أن يأكل الوكيل المستؤمن من بيت أو مخزون غذاء موكله بدون إذن صريح أو ضمني من هذا الموكل ، وطالما أنه كذلك ، فمرة أخرى أجد أن الفائدة العملية من هذه الآية بحاجة لتوضيح !!
8. قرأت في تفسير القرطبي هذا المقطع عن تفسير الآية : (الأولى : قوله تعالى : ليس على الأعمى حرج اختلف العلماء في تأويل هذه الآية على أقوال ثمانية . أقربها : هل هي منسوخة ، أو ناسخة ، أو محكمة)(
هذا كلام القرطبي !!! فهل هناك تبرير منطقي لوجود ثمانية أقوال لتفسير آية يفترض أنها نزلت في قرآن منزل لهداية البشر ومفترض فيه الوضوح وسهولة الفهم؟
************************************************** *******************
هذه اول قضية أطرحها ، ولدي 20 قضية أخرى مشابهة يمكنني أن أطرحها تباعاً ، وأتمنى أن أجد تبريراً منطقياً لها ، فوجود هذا التبرير بالتأكيد شئ سيسعدني ... وهذه الشبهات ليست في رأسي فقط لكنها في رأس الكثير من المسلمين ، لذا من المهم إيجاد تبريرات واضحة لها .
تحياتي ،،،
Bookmarks