حين يكون الكلام مقنعاً ومعقولاً ... مثل قول الزملاء بأن طبيعة ديانة سليمان وغيره من الأنبياء تفرض أن لا يكون لديهم آثار وأن ما تركوه من آثار يمكن أن يكون قد نهب .... حين يكون الكلام مقنعاً فليس لنا إلا أن نقتنع ... وعلى أي حال أنا لم أعتقد يوماً بأن عدم ترك الأنبياء آثاراً هو حجة ضد الأديان ، ولكن فقط في مسألة ملك سليمان العظيم الذي لا ينبغي لاحد غيره ، جال بخاطري أن مثل هذا المُلك العظيم لا بد أن يبقى منه أثر ... ولكني أسحب كلامي واقبل بعدم وجود أثر لملك سليمان
ولكن ... هل كان الملك العظيم الذي منحه الله لسليمان والذي لا ينبغي لاحد من العالمين هو شوية طناجر وتماثيل ومحاريب وأحواض ماء (بالمناسبة لماذا التماثيل ... أم أنها كانت على شكل مناظر طبيعية و دلال قهوة !! فالحكمة من منع التماثيل هي مخافة عبادتها ، وهي حكمة كانت قائمة ايضاً في زمن نبي الله سليمان) ... لا أجد ملكاً لا ينبغي لأحد من العالمين ، ومن المؤكد بأن حكم مملكة سليمان لم يتعدى حدود دولة اليهود في بعض أجزاء فلسطين (كما يؤكد ذلك التاريخ العبري) .. فقط نجد قصص الجن والوحوش التي تقاتل بجوار سليمان ... (ما هي تلك الوحوش بالمناسبة ، هل هي أسود ونمور مثلاً أم مخلوقات أخرى)
ومن هنا أنا أتحفظ على قولك بأن دعوة سليمان بأن يعطيه الله ملكاً لا ينبغي لأحد من العالمين تصلح كمبرر لتلك القصص عن الجن والوحوش التي كانت تقاتل مع سليمان ، ناهيك عن قصة مجامعة سليمان لمائة إمرأة في اليوم (بمعدل إمرأة كل 10 دقائق تقريباً) ... ووالله يا زميل من يقرأ قصص سليمان التي وردت في القرآن والأحاديث يجد فيها أشياء لا تليق بنبي
--------------------------------------
أنا إقتنعت عندما كان الكلام مقنعاً ، وأقبل غياب الأدلة الأركيولوجية على ملك سليمان .. ولكن ما هو ليس مقنع ولا يمكن أن أقتنع به هو إمكانية أن يبتلع الحوت يونس ثم يلفظه حياً ... دون أن يكون في ذلك تدخلاً إلهياً خاصاً يجعل من الأمر معجزة خارقة لقوانين الطبيعة ... هذه القصة إما ان تكون معجزة أو أسطورة ... ولكن لا تقل لي بأن هذا شئ يمكن الحدوث بشكل طبيعي ثم تبني على ذلك بأن شبهاتي حول الإسلام كلها واهية إن كانت من نوع هذه الشبهة
أنا تفاجأت عندما وجدتك تدافع عن إمكانية حدوث ذلك بشكل طبيعي (أي خروج يونس حياً بعد إبتلاع الحوت له) ، وكما قلت لك لعل مؤلف القصة التوراتي إعتقد ذلك آيضاً ولم يكن يظن فيها خرقاً لقوانين الطبيعية ... أما ما سقته من تبريرات لإثبات إمكانية حدوث ذلك فأنا أرفضه تماماً ، لأن القرآن يقول بأن يونس كان في بطن الحوت (للبس في بطنه إلي يوم يبعثون) ، ولم يقل في جوفه ، والأحاديث تؤكد ذلك ... وفي بطن الحوت لا يوجد أوكسجين ويوجد فقط غازات الميثان والإيثلين ، وحماية الله ليونس من أحماض معدة الحوت تعني حدوث معجزة فهو تدخل غير طبيعي خارج إطار سنن الكون
--------------------------------------
أما بالنسبة للإعتراض على قولي بأن خرق نواميس الكون لا تكون فقط في حال المعجزات ... فهو قول أسحبه أو أعدله ، والأصح هو القول بأن خرق قوانين الكون يكون عادة لحكمة أو لغاية إلهية ، فعندما يكون لدينا نظام محدد ومحكم جداً موضوع بواسطة شخص أو جهة ، ثم يقوم هذا الشخص بالسماح بتجاوز هذا النظام ، فلا بد أن يكون ذلك لحكمة وليس إعتباطاً ... وهذا الخرق للسنن الكونية لم أشاهده في حياتي وينكر حدوثه ملايين البشر مثلي ومن ضمنهم 95% من العلماء الغير مؤمنين بالأديان (فهذا القول إذاً ليس من بنات أفكاري وليس من منطلق نظرتي الضيقة للعالم التي تنبع من تأملاتي الخاصة وإعتقادي بأن العالم ما هو إلا إنعكاس لما أراه أو أعتقده كما تفضلت أنت بالقول)
ولكني أفترض بأن الله عندما يقوم بمثل هذا الخرق فإنه سيبين لنا الحكمة أو الغاية منه ، (ولعلي مخطئ في هذا الإفتراض ، فالموضوع يحتاج تأمل وبحث) ... مع ملاحظة الفرق بين خرق قوانين الكون وبين حدوث شئ متوافق مع قوانين الكون لكننا نعجز عن فهم الرابط أو الطريقة التي تفسر حدوث هذا الشئ
-------------------------------
بالنسبة للقول بأن المعجزات في قصص نبيا الله يونس وسليمان ربما كانت سبباً في إيمان البعض (مثلاً الأشخاص الذين قذفوا يونس في البحر ثم وجدوه حياً يرزق ، أو الجن الذي شاهد ملك سليمان ) أو ربما كان سبباً في تثبيت إيمان البعض بعد إحاطتهم بتلك المعجزات التي منحها الله لنبييه ... فهذا القول يبدو معقولاً من ناحية مبدأية ... ولكن أين الإشارة القرآنية لذلك ... عنصر دور تلك القصص (المعجزات) في هداية الناس وتثبيت إيمانهم هو عنصر هام جداً يجب ذكره في القصة لو كانت الحكمة الإلهية من تلك المعجزات هو هداية هؤلاء أو تثبيت إيمانهم ، أما وأن القرآن لم يشر لذلك على الإطلاق ، فهذا يرجعنا للنقطة الأولى وهي أن الحكمة من تلك المعجزات هي شئ في علم الله لم يفصح لنا عنه
ولنذكر بأن من الغير الممكن أن يكون قد شاهد أحد الحوت وهو يبتلع نبي الله يونس أو وهو يلفظه فهذا مخالف لسياق القصة ، إذاً المعجزة هي في نجاة يونس بعد إلقاءه في البحر ... فما هو مبرر قصة إبتلاع الحوت له إذاً
-------------------------------
بالنسبة لكلامك عن حمل زوجة زكريا على الكبر وكانت عاقراً ... فهي القصة ربما كانت معجزة للقوم الذين أرسل لهم زكريا ، ليروا كيف أعطى الله نبيهم طفلاً من إمرأة عجوز ، وقصة المائدة بالتأكيد كانت حجة على الحواريين الذين نزلت عليهم المائدة أو لتثبيت إيمانهم وفي القصة الثانية بالذات عنصر الإعجاز واضح ... (طبعاً بالنسبة لي انا لا أؤمن بكل تلك القصص ولكن على الاقل يبدو أن هناك حكمة إلهية من وراء حدوثها )
--------------------------------
اخيراً أنا لا أستبعد ما قلته أنت وقاله الزملاء بأنه ربما كانت هناك حكمة مخفية علينا من تلك القصص ، وقد تكون الحكمة من قصص سليمان أن يرى الله الناس مثلاً كيف أنه يخرق قوانين الطبيعة وأن هناك قوى أعظم من العالم المادي الذي يرونه بتظيمه وقوانينه ... ربما !!! ولكن لعل إعتراضي الاساسي يبقى على طريقة رواية القرآن لتلك القصة دون الإشارة للحكمة من تلك الخروقات لقوانين الطبيعة ... أما قصة يونس فطريقة رواية القرآن لها توحي بأنها كانت قصة معروفة للناس في عصر النبي وأعاد القرآن سردها عليهم لربطها بالعقيدة الجديدة
المشكلة الأساسية التي أراها في تلك القصص هي أن من أجرى أو قدر حدوث هذه الأحداث الغريبة والغير عادية قد تكلم .. ( في القرآن المنزل من لديه) ... فليس أقل من أن نتوقع منه أن يوضح لنا لماذا فعل كل هذه الأشياء العجيبة التي لا يبدو أن فيها تبرير واضح ... بدلاً من أن يتركنا نخمن أو نتصور السبب لإجراءه لهذه العجائب التي تناقص السنن الكونية التي وضعها وحكم الكون من خلالها
تحياتي للجميع ، وألتمس العذر من الزملاء الذين لم أرد على مداخلاتهم ، فلربما أعود للرد على تلك المداخلات إن وجدت أن ردي على مداخلة الزميل أبو حب الله لم يتضمن الرد أيضاً على ماجاء في مداخلاتهم تلك
Bookmarks