ما هذا الانتحار العقلى الذى أراه ؟! لا يبدو أن منكم من درس صفحة فى الطب الشرعى حتى يظن أن هذه الصور معجزة !!
حتى غير الدارسين للطب يعلمون أن هذا خطأ ، فمعروف أن فى أوقات الحروب والضغوط الشديدة يقوم المخ بافراز كميات هائلة من الاندورفين endorphins ، وهو أقوى ب 80 مرة من المورفين فى خاصية تسكين الألم ، ومعلوم أن المورفين نستخدمه فى الآلام الشديدة والمستعصية ،، ولو أنك تقرأ فى قصص الحروب تجد أنه لما يسمعوا وابلا من الرصاص بجوارهم فإن الجنود ينظروا فى جنبات أجسادهم على دم خوفا من يكونوا قد أصيبوا ،فهم يعلمون أنهم لن يحسوا بالألمعلما أن لحظة الموت إن كانت مادية فإنه يجب عليه أن يتألم إذا أصيب (منطق) .. ولكن لا يوجد مخلوق عندما يتألم يبتسم !! ..
ومن الناحية العلمية التى ترجوها ، فإنا درسنا ما يسمى ب cadaveric spasm أو ال postmortem spasm ، وهو باختصار أنه فى حالة الموت فى ظروف عصبية شديدة كالموت غرقا مثلا ، أو الموت فى حرب ، فإن الجسم يبقى متخشبا لبعض الوقت على هيئة الحالة التى مات عليها ، فنجد أيدى الغرقى منقبضة على بعض الحشائش البحرية ، ومنها نعرف أنه مات غريقا ولم يمت مقتولا ثم ألقى فى الماء ،، وفى الحروب نجدهم بعد الموت متمسكين بشدة بخنجر أو سلاح ،، فالحاصل أنه أثناء الموت ب intense emotions فإن الجسد يبقى على آخر حال كان عليها
و بعض موتاكم (والسوريون والفلسطينيون هم موتانا أيضا ) ممن استيقنوا بالجنة والآخرة يبتسموا عندما يقبلوا على الموت ،فهم يظنوا أنهم أنهوا دنياهم الكئيبة وأقبلوا على الجنة بنعيمها ،، أو قد لا يكون تبسهم قبل الموت هو أمر إرادى مئة بالمئة ،فالنزيف ينقص الأكسيجين الواصل للمخ ،فيصير الشخص light-headed لا أعلم الترجمة الدقيقة للكلمة ، كأنها حالة بين الفوقان والاغماء ،، ويعلم هذا من رأى حالات فى أقسام الأعصاب ، فكنت أرى أشخاص أصيبوا بنزيف فى المخ فيبدأوا فى الضحك ثم البكاء ثم الضحك دونما سبب وكان الدكتور يسميها mood swings أى تأرجح فى المشاعر ، ويظهر هذا العرض بوضوح فى حالات ال multiple sclerosis ، أما -وهذا أشهر - فى حالات الضرر الدماغى الذى يحدث لمرضى الكبد hepatic encephalopathy فمن أعراضه أن يشتكى أهل المريض تغيرا سريعا فى طباعه ، فيصبح متعصب دون سبب وقد كان أهدى الناس ، ونسمع علو أصوات هؤلاء المرضى من آخر القسم.
وأيضا أظنك تسمع عن تشنجات ما بعد الوفاة postmortem convulsions ، خصوصا لو شهدت موت أحد أقاربك لا قدر الله ، فهى أيضا بسبب تعطل وظائف القلب وقلة الأكسيجين الواصل للمخ
فالخلاصة أن نقص الدم أو الأكسيجين الواصل للمخ يؤثر بوضوح على العواطف والانفعالات ، فسواء كانت ابتسامتهم قبل الموت بكامل إرادتهم أم ليست ارادية بالكامل فلها تفسيرها ، أما بقاءها لوقت بعد الموت فهو مفسر أيضا كما اسلفت
فلماذا لا نرى الأجانب يبتسموا قبلما يموتوا ؟! اولا لما يبتسموا ! فهم يتمسكون بالحياة ويظنوا أن هذه هى نهايتهم ،عكس المسلمين والنصارى المتيقنين فإنما هى إحدى الحُسنيين ،فلا عجب من كره هؤلاء للموت ولا عجب من فرحة هؤلاء قبل الموت ،بالاضافة إلا أنى قرأت غير مرة عمن يموت منهم فى الحرب وسط أقرانه فيبتسم ويقول لهم أن يقولوا كذا وكذا لزوجته ولا يكمل كلامه حتى توافيه المنية ،فلو أنه رأى النار قبل موته -كما يرى المؤمن الجنة قبل موته - فلما لا يفزع وتتشنج عيناه ؟ وكذا موت المسلمين الذين سيدخلون النار ، إن كانوا رأوا مصيرهم قبل الموت فلما لا نسمع عن فزعهم وتزايد ضربات قلوبهم ، بل الاعم الأغلب يموت فى سكينة واسترخاء إلا إن كان يموت من الألم
أما من يقول أن الشهداء ابتسموا بعد خروج روحهم وموتهم ،فهذا هو خواء الرأس فى أبهى صوره ، فكيف يبتسم إراديا من توقف مخه عن العمل ؟! حركة العضلة واستمرارها يلزمه إشارات عصبية متواصلة من المخ ، وكيف يتبسم الجسد بعدما خرجت الروح منه ؟ أليست هى فى نظركم التى تقوم بكل الأفعال والجسد ليس سوى آلة جامدة تشغلها الروح !
فأما بعد الموت مباشرة فلا يحدث سوى ارتخاء لكل العضلات ، لكن وبعد فترة متفاوتة (مدى التفاوت كبير) حسب الشخص وحسب ظروف الوفاة وحسب درجة الحرارة ،تبدأ العضلات فى التخشب أو ما يسمى ب rigor mortis وفيه تقوم العضلات بما يشبه الانقباض المستمر ، لهذا السبب يقوم الأقارب بغلق عيني الميت لأنها لو تركت مفتوحة فسيصبح شكلها بشعا فى مرحلة التخشب ، وفى هذه المرحلة الابتسام (أو لو تحرينا الدقة grin ) شئ عادى لا عجب فيه ، فعضلات الوجه وجلده يشتدان بنسب متفاوتة مما قد يظن البعض أنه ابتسامة ، وكثير من الصور التى أوردتموها يبدو أنها بعد الوفاة بفترة بدليل الأكفان ،مما قد يشير إلى وصول الجثة لمرحلة ال rigor mortis
ثانى شئ يوجد لدى المسيحين قصة Elder Joseph of Vatopaidi ويتبججون بها فى مواقعهم بسذاجة كما تتبججون ، فقد شهدوا جميعا ابتسامته أثناء جنازته ،، وغيرها من القصص التى قرأتها فى الدقائق السابقة مثلا عن نسوة رأين أزواجهن يبتسموا بعد وفاتهم
فهذا عن التحليل العلمى ، وأرحب بأى مراجعة لى فيه بشرط أن تكون دارسا للطب
،اما التحليل المنطقى ، فمن أحق الناس بالابتسام بعد الموت ؟ أليس النبى ؟ فلما لم أقرأ عن ابتسامه أو ابتسام أبى بكر أو عمر ابن الخطاب ؟ أم لأنهم لم يموتوا فى حروب وظروف عاطفية شديدة كما بينت ؟! ، بل وحتى كبار الصحابة الذين استشهدوا فى الحروب لم أقرأ أنهم ابتسموا ، فهل لو صحابى ابتسم فهو فى الجنة وان لم يبتسم فهو فى النار ؟ ما هذه العقلية التى تحكمون بها ؟ بل لما أجمعوا -وهم أعلم ببعضهم - أن فلان الذى استشهد انه سيدخل الجنة خالفهم الرسول وقال أنه فى النار لأنه كان يحارب ليقولوا أنه شجاع وفى حديث آخر لأنه غلّ عباءة ،، فكيف تتكلمون بلسان الله وتقولوا أنهم فى الجنة ، ماذا تركتوا لإلهكم إذن !! ألم تقرءوا (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)
يعنى بسؤال بسيط ،هل تجزم بأن الذى ابتسم هذا فى الجنة ؟ أجب بنعم أو لا ؟ فإن قلت لا فدعكم من هذه السفاهات فهى تبعد المسلمين المتشككين عنكم ولا تقربهم ،وبدلا منها ركزوا على الأدلة الحقيقية على صحة دينكم
واعتذر عن المقاطعة ،ولكنى وجدتكم تداعيتم بشدة على الأخت سيهام فأحببت أن أشارك ولولا هذا ما رددت
Bookmarks