المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمَة الرحمن
أسأل الله أن يثبتنا و يثبتك - أخونا الفاضل الكريم - على الحق.
لا تنسوا اخوتي أن أكبر اختبار نُبتلى به في هذه الحياة الدنيا هو اختبار (المحكم و المتشابه الكوني و التشريعي).
فكما أن الله أظهرَ آثار حكمته في مخلوقاته و ما أنزله من تشريعات و أحكام بما لا يدع أدنى مجالٍ للشك بثبوت صفة الحكمة بحقه - سبحانه و تعالى - لدى كل عاقل منصف (و هو ما يُسمى بالمحكم الكوني و التشريعي)، فقد شاء الله أيضاً أن يُخفى عنّا بعض دقائق حكمته في بعض الجزئيات الكونية و التشريعية (و هو ما يُسمى بالمتشابه الكوني و التشريعي)، و هذا ليس بمستغرب لأنه يرجع أساساً لقصور عقولنا البشرية و لاستحالة أن يتساوى علم المخلوق مع علم الخالق ((يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم، و لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)).
فالمؤمن يردّ المتشابه إلى المحكم، بينما من زاغ قلبه و شرح بالكفر صدراً نجده ينكر المحكم و يتشبّث بالمتشابه.
و لهذا سميّ الكافر كافراً، و هذا من اعجاز لغة القرآن، فكلمة (كفر) تعني التغطية و الستر، و الكافر يغطي و يستر ما ظهر من آثار حكمة الله - التي لا تعد و لا تحصى - في الكون و التشريع، و يتمسّك بما خفي منها كتبريرٍ ضعيفٍ واهٍ لكفره. أعاذنا الله و إياكم أن نكون منهم دون أن نشعر!
و في هذا الاختبار العظيم يقول رب العالمين: ((هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب)).
فلهذا نقول: إن عجزت عقولنا البشرية عن ادراك الحكمة في بعض جزئيات التشريع أو في بعض أفعال الخالق في الكون فيكفي أن نحيلها إلى الحِكَم الظاهرة البيّنة في خلقه و تشريعاته.
و أحب أن أذكر نفسي أولاً بهذه الآية الكريمة التي تشفي غليل كل مؤمن لم يتبيّن حكمة الله في بعض تشريعاته: ((ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير)).
و لكل من حاد عن شرع الله بحجة أن عقله لم يستوعب الحكمة من بعض تشريعاته، يعاتبه رب السماوات و الأرض بهذه الآية الكريمة: ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)).
Bookmarks