الرد على شُبهة "كيف انشق القمر ولم تنتبه الأمم" ؟
[[الساعة]] معرفة بأل في جميع القرآن تعني (*القيامة*)، وقد وردت (35) مرّة، أمّا مفردة [[ساعة]] فوردت في القرآن بمعنى (*لحظة*)، ووردت بمعنى (*وقت*)، ووردت بمعنى (*وقت قليل*)، وانشقاق القمر من علامات الساعة الصغرى، قال تعالى: " {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ }القمر1، وإنْ قال مُعترِض: كيف انشق القمر ولم تتحدث عن انشقاقه الأمم مع أنّه خبر غريب ؟ فنرد عليه من وجوه:
1- الأول: أنّ بعض الأمم تحدثت عنه كأهل مالابار في الهند .
2- الثاني: أنّ مخطوطة هنديّة بمكتبة لندن سجّلت الحدث، ومخطوطة فارسيّة أيضا، ومخطوطة مدريد، وذكرت المخطوطات بعبارة صريحة (محمد شق القمر).
3- الثالث: ذكر أحد مجلدات الفيدا للهندوس نبوءات نقلوها من الكتب السماوية، ومنها نبوءة شق القمر لمحمد –صلّى الله عليه وسلّم. (طبعا الهندوس في فترة ما بعد ظهور الكتب السماوية لم ينقطعوا).
4- الرابع: أنّ معجزة شق القمر؛ حدثت تزامنا مع (خسوف القمر) كما ذكرت بعض الروايات، فملاحظة انشقاقه على الأمم صعبة إلا عند متيقّظ؛ ولذلك رآها بعض الهنود لتيقّظهم واهتمامهم؛ لأنّها بالنسبة إليهم " القوى التي تتحكم في الإنسان، وترسم واقعه ومستقبله ونهايته"، ورآها كفار مكة؛ لانتظارهم قدومها بعد ما طلبوا من نبينا العظيم –صلّى الله عليه وسلّم –آية كما تذكر الروايات، ورآها المسافرون القادمون إلى مكة؛ لأن "المسافرين في الليل غالبا يكونون سائرين في ضوء القمر ولا يخفى عليهم ذلك".
5- الخامس: أنّه لا يستبعد على الله أنْ يري هذه المعجزة لكفار مكة الذين سألوا محمدا –صلّى الله عليه وسلّم- أنْ يريهم آية، ويمنع رؤيتها عن الأمم الأخرى؛ لأنّ الدعوة لها مراتب خمسة آخرها إنذار جميع من بلغته دعوته، ولم يكن قد وصل إلى هذه المرتبة من الدعوة، والله على كل شيء قدير، وقد أرى اللهُ السامريَّ الخبيث جبريل –عليه السلام- ومنع رؤيته عن آخرين ، قال تعالى: من جهة السامري: {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي }طه96
6- السادس: أنّه لو كانت معجزة انشقاق القمر كذبا؛ لسارع اليهود والنصارى إلى تسجيل ذلك والاعتراض في رسائلهم وكتبهم، وتصوّر أنّ رجلا رفيع المستوى في عصرنا هذا قال بأنّ "أوباما" رئيس جمهوريّة مصر؛ هل ستسكت عنه الصحف فلا تكذبه، هل سيسكت عنه يوتيوب مثلا ؟! وكذلك انشقاق القمر، فلو كانت كذبة لكذّبها اليهود والنصارى والمشركون من قبل، وهذا لم ينقل عنهم إلى فترة تابعي التابعيين؛ مع أنّ اليهود والنصارى والمشركين عموما خصوم المسلمين ولهم مصلحة في تكذيب هذه المعجزة .
7- السابع: أنّ معجزة انشقاق القمر نشرها المسلمون في دعوتهم للأمم حتى زمان التابعين، ولم نجد أحدا من هذه الأمم مكذبا لها .
8- الثامن: الانشقاق "وقع ليلا وأكثر الناس نيام وقل من يراصد السماء إلا النادر"، حتى في عصرنا وهو عصر سرعة نقل المعلومة وانتشار الفضائيات؛ تمر علينا حوادث كخسوف أو كوكب يمر من أمام القمر أو تحري الهلال وغير ذلك؛ ولا يدري كثير من الناس عن الحادثة، وكذلك معجزة انشقاق القمر كانت في الليل، وربما كانت في الساعة الثانية ليلا أو الثالثة، وقريبا من ذلك في آفاق من رأوا الانشقاق، وهذا وقت نوم .
9- التاسع: أضف إلى ذلك بأنّ القمر يظهر لأمم ويغيب عن أمم؛ بل يظهر في بعض الآفاق ويغيب عن بعض الآفاق؛ فلا يمكن أنْ يرى انشقاق القمر جميع الأمم .
10- العاشر: أنّه لا يستبعد بأنّ انشقاقه كان فترة قصيرة جدا، ربما ثوان دقيقة، وهذا مأخوذ من مقدار إعراضهم وقولهم " سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ"، فإذا أردنا تقدير إعراضهم فيستطيعون الإعراض بفترة 40 ثانية على الأكثر، وإذا حسبنا مدة قولهم "سحر مستمر" فسيكون بمقدار ثانيتين، وعلى الأكثر 10 ثوان، أضف إلى ذلك أنّهم ربّما أعرضوا وقالوا بعدما رأوا، الخلاصة: إذا كانت فترة المعجزة قصيرة صار تبريرا مقنعا أيضا لسبب عدم قدرة جميع الأمم على رؤية معجزة انشقاق القمر.
11- أنّ الباحثين الغرب لم يحسموا أسباب وجود نوعين من الشقوق على سطح القمر، وربما كان واحد منها بسبب تلك المعجزة، وحتى لو ذكروا بأنّ سبب وجودها: تدفّق الحمم ووو ، فنقول لهم: هذا لا يستبعد تدفّق هذه الحمم بعد معجزة انشقاق القمر والتحام فرقتي القمر بقدرة الله، فإنْ قالوا: هذه الشقوق لا تدور حول القمر كلّه، فنقول لهم: هذا لا يعني بأنّه لم ينشقّ كلّه، فلو رأى زيدٌ جرحا صغيرا على يد عمرو، فلا يعني هذا أنّ أصل الجرح كان صغيرا، فالجرح في البداية كان كبيرا، وبعد الالتحام صار صغيرا، وكذلك انشقاق القمر، فإنّه لمّا التحم لم يبقَ إلا دلالات وإشارات على انشقاقه، أمّا من يقول بأنّ هذه الشقوق قديمة منذ 100 مليون عام، فنرد عليه بقولنا: وما أدراك بأنّها منذ 100 مليون عام ؟!! أين الأدلّة على ذلك، وقد صرّحت ناسا بأنّها لا تمتلك الدليل على تاريخ حدوثها، ولو سلّمنا لكم ذلك، فربما قستم عمر شقوق أخرى، وربما وربما، وبهذا نبطل قولكم ، فهو ليسَ بـ"حقيقة علميّة" .
12- أمّا من يقول بأنّ انشقاقه مستحيل لأنّه ينتج عن ذلك اختلال الكون، فنقول له: الخالق قادر على كل شيء، فإنْ قال: أنا لا أؤمن بالخالق، فنقول له: أنتَ إذن لا تؤمن بالعلم، فيقول كيف: فنقول له: معلوم أنّ لكل سبب مسبب، فيقول: هذه كذبة، فنقول له: إمّا أنْ تكون قد خلقتَ نفسك بنفسك أو أنّ أحدا غيرك خلقك، وهذا المعترض يقر كما يقر جميع الناس بأنّهم لم يخلقوا أنفسهم بأنفسهم، فلم يبقَ إلا أنْ يعترف بأنّ أحدا غيره قد خلقه، وبهذا نبطل دعواه .
ومن علامات الساعة الكبرى نزول سيدنا عيسى -عليه السلام - قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }الزخرف61 "أي : بنزول المسيح يعلم أنه قد قربت الساعة"، وهناك قراءة أخرى (وَإنَّهُ لَعَلَمٌ للساعة) أي: دليل وعلامة على قيامها، وهناك قراءة (وإنّه لذكر للساعة) والقراءتان الأخيرتان من باب [إطلاق المُسبّب وإرادة السبب]، وجملة "وإنه لعلم للساعة* 61" معطوفة على جملة "إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ *59" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : """" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ""""، "وقد جاء في نزول عيسى عليه الصلاة والسلام أكثر من خمسين حديثا مرفوعا أكثرها من الصحاح والباقي غالبه من الحسان"، ومن علامات الساعة المذكورة في القرآن الكريم صراحة الدخان وهي انتقام الله من كفار قريش يوم بدر حيث """"جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجهد"""" قال تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ }الدخان10 {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }الدخان11، ومن علامات الساعة الكبرى خروج الدابة {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ }النمل82، وخروج قوم يأجوج ومأجوج والإخبار عنهم مذكور في سورة الكهف بشكل مفصل، أمّا علامة خروج الدجال فقد وردت في السنة المطهرة على لسان سيّدنا محمّد –صلّى الله عليه وسلّم- صراحة، ودلّت بعض الآيات الكريمة عليها إشارة، وذهب الباحث الأردني أحمد عبد الكريم الجوهري إلى أنّ الدجال هو السامري نفسه؛ مستندا في ذلك إلى نقش (لوحة الإنس والجن؛ النقش العجيب)، ومستشهدا ببعض الآيات مثل "فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ"، وقد حاولتُ جاهدا بأنْ أظفر بقول لأحد العلماء السابقين أشار إلى ذلك، فوجدتُ الزركشي –رحمه الله- المتوفى سنة 794هـ يقول: "إن في القرآن تعريضا بقصته –الدجال- في قصة السامري وقوله سبحانه: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ} ..."، والله أعلم .
ملحوظة: المقالة أعلاه جزء من كتاب (معجم ألفاظ القرآن الكريم؛ لمؤلفه الفقير إلى عفو ربه حسين حسن طلافحة)، علما أنّه لن تظهر الهوامش في مقالات المعجم، وسيتم النشر تباعا، في صفحتي (1) –متى توفرت الدواعي- وأسأل الله تعالى أنْ ينتفع بها كل مسلم، وهذه رموز المعجم: [[------]] رمز المفردة، (*-----*) رمز معاني المفردة، [---] أسلوب من أساليب العربية أو قاعدة من قواعد علوم الآلة جميعا، "-" رمز قول عالم أو قول معتد به لما دون التابعين، ""----"" لصحابي أو تابعي، """----""" حديث في غير الصحيحين، """"----"""" حديث في الصحيحين أو في أحدهما أو متفق عليه .
(منقول من صفحتي عن الفيس بوك)
رد مع اقتباس
Bookmarks