مجتمع المدينة كان عبارة عن مجتمع تعددي غير المسلمين فيه لم يكن لهم أي حق في إدارة دولة المدينة بدليل أنهم لم يستشاروا في خوض الحروب الخارجية على عكس المسلمين الذين كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يطلب رأيهم مرة بعد أخرى و كان غير المسلمين ملزمين بوثيقة المدينة التي لم يكن لهم أن يغيروا فيها أو يبدلوا أو يعترضوا و المنافقين في المدينة فئة محسوبة على المسلمين لكنهم لا يملكون حق تقرير سياسة الدولة و كانوا يرتكبون فتن و مشاكل للدولة لكن الدولة لم تعتبر اعتراضهم حق مشروع بل اعتبرتهم منافقين خونة لم تثبت في حقهم الجريمة بأدلة مادية لهذا كانوا يحلفون بالكذب لينقذوا أنفسهم من العقاب و لم يكونوا يرفضون الشرع أو يرتكبون المحرمات جهاراو لهذا لا يمكن تشبيههم بعلماني هذا الزمان لأن الأخرين يرفضون الشرع جهارا نهارا بل و يصفونه بأبشع الأوصاف و يتعاهدون على الإستماتة في عدم تطبيق الشرع و هم بهذا الشكل فاقوا يهود المدينة كفرا فاليهود لم يتعرضوا على تطبيق الشريعة على المسلمين و نفس الشيء عن المنافقين ..
و دستور المدينة لم يكتب بالإجماع كما يقول الأستاذ عياض بل كتب بالأغلبية الإسلامية و لهذا من رفضه هرب من المدينة كأبي عامر الراهب و من معه و كانوا من النصارى و المنافق ابن أبي وافق عليه غصبا و قهرا و اليهود لا يتصور أحدا أنهم وافقوا عليه عن رضا و اختيار بل أجبروا عليه إجبارا ..
ثم هذه الدولة في المدينة لم ينفع فيها التدافع السلمي و قول الأستاذ عياض أن طرد بني قينقاع ثم بني النضير ثم قتال بني قريظة تم بالإجماع كلام غير صحيح و لا يستقيم في العقل موافقة باقي اليهود على مصير إخوانهم في كل مرة بل حزب المنافقين نفسه لم يرضى عن طرد بني قينقاع فاستمات ابن سلول في الدفاع عن بني قينقاع حتى أخرجهم بأفضل الشروط ..
ثم حصول التدافع العسكري مرات عديدة في المدينة خلال بضع سنوات ينقض كلام الأستاذ تماما فهو لا يوافق على امكانية طرد النصارى الأقباط مثلا حتى و لو ارتكبوا ما ارتكبه بنو قينقاع و بنو النضير و بنو قريظة و هم قد فعلوا أسوأ من ذلك و ما قضية الأخوات المختطفات و التدخل في سياسة الدولة و رفضهم للشريعة جهارا نهارا و استعلاؤهم على المسلمين و تجميعهم للسلاح في الكنائس و غير ذلك كثير فالأستاذ يعتبر مواطنتهم حصانة دائمة لهم ..
فالمهم أن التدافع العسكري حصل بغير وفاق ولا إجماع ولا مرعاة للمواطنة و ما حصل في مصر يجعل التدافع العسكري مطلوبا أو على الأقل جائزا و عندما أقول التدافع العسكري فلا أقصد به القتال الذي يشنه بضعة أفراد أو جماعات صغيرة كما يكرر الأستاذ بل أقصد العمل العسكري الكبير الذي يقوم به غالبية الإسلاميين ففي مصر مثلا تحالف دعم الشرعية لو كان فيه قادة حقيقيون لكان قادرا ببساطة على المغالبة العسكرية لكنه لم يفعل و ما يحدث في مصر الآن من أفراد قليليون لا يسمى تدافع عسكري و إنما هو أعمال للنكاية و ليست للإنتصار لا ينبني عليها تحقيق نصر و هي أشبه بأعمال الصحابي أبي بصير لم يكن يهدف للإنتصار لكن للإضرار بالعدو و ليس هذا مقصودي من التدافع العسكري فمثلا حماس في غزة لجأت إلى التدافع العسكري بعدما أصبح معلوم يقينا أن الحلول السلمية لن تعني شيئا فلا يمكن لعاقل أن ينتقد الحركة التي قامت بها حماس و نجاح ما قامت به ناتج عن أنها جماعة كبيرة تضم جزءا معتبرا من الشعب الغزاوي و لا يعيبها اللجوء إلى العنف إذا لم تعد الحلول السلمية تغني شيئا ..
Bookmarks