بعض شبابنا ألحد !!
أحدهم لأنه قرأ عن تعدد الزوجات و آخر عن الحروب و الغزوات ...

بعضهم ترك الدين لأنه يتحدث عن النكاح و عدة الطلاق و آخر رأى الأمة الإسلامية متخلفة حضاريا فقرر الانسحاب

وآخرون ألحدوا بسبب أوامر الجهاد في القرآن و آخرون بسبب اضطهاد المرأة في الإسلام
( كما يزعمون ).... و أسباب أخرى .

و الحقيقة أن كل هذه الأسباب عبارة عن تصورات وهمية اتصقت بالذهن لا علاقة لها لا من بعيد ولا من قريب بالحقيقة ....و لو كانت كذلك لكان القرآن في المتاحف الأثرية و لانتهى أمر الإسلام في القرون التي مضت .

و كلها لها إجابات لكن المأساة أن لا أحد يسأل أو يسمع أو يريد أن يفهم
....لماذا ؟

أنا إذا أردت أن ألف كتابا عن أيديولوجية أو توجه ما أحقد عليه هل سألتمس المنهجية في بحثي ؟
بالتأكيد لا !

فأنا سأبحث عن أي شيء أهاجم به هذه الأيديولوجية سواء أخطاء أصحابها أو حوادث وقعت في عصرها الشرط أن تكون هدامة لكي تساعدني في تأليف هذا الكتاب ..و الذي يقرأ كتابي و يقف سيصدق كلامي و سوف ينقله عني دون تدقيق أو تمحيص أما الذي سيقرأ كلامي و يدقق فيه و يتأكد من كل معلومة أوردتها فيه سيعارضنا في عدة مواقف و لن يأخذ عني سوى ما التمس فيه الحقيقة ..

الأول عبارة عن دمية استحسن الفكرة فأخذها ..
و الثاني أستاذ يستحق التحية لأنه يمحص ويدقق و لا تستطيع اختراق عقله بسهولة ..

فالشباب الذين قرأوا كتبا عن الإسلام هدف صاحبها الأول هو تقزيم هذه الديانة وكلما يتعلق بها و أخذوا منه و لم يسألوا عنه لا شك أنه من السهل التحكم في عقولهم و إلحادهم هو ظلم لأنفسهم لأنهم اتخذوا من ذلك الكتاب منظارا و إطارا ..

و ما ساعد ذلك أن ما قرأوه ظاهره حقيقة و باطنه وهم

ففي القرآن آيات تأمر بالقتال هذا لكنها نزلت في سياق !!

مؤلف الكتاب لم يذكر السياق بل دعمها بأحاديث و جعلها تبدوا كفيلم رعب و القارئ لهذا الفصل سيفتح القرآن بعدها و يقرأ الآيات كما ذكرها المؤلف ( ظاهريا ) و سوف يسلم بحقيقة ما قرأ و ستكون طريق تحرير عقله فيما بعد أصعب من تحرير القدس المحتلة

لنفهم ذلك بمثال !!

حصانين يجران عربة

أحدهما قد وضع على عينيه إطار فهو لا يرى من الأشياء إلا تلك التي تقع في مجال إطاره و لا يرى الأشياء التي تقع خارجه .و بهذا يظن أن الحقيقة الوحيدة الموجودة هي التي أمامه والحصان الثاني بالنسبة له هو وهم و ليس حقيقة !!

نفس الحالة بالنسبة للمعارض ..
و قد لا يستسيغ الملحد هذا التشبيه إذ هو يشعر بأنه حر في تفكيره يتجول به في جميع الأنحاء و هذا وهم لا أساس له من الحقيقة

لأن العلماء اليوم يعتبرون التفكير كالإحساس المحدود فأنت لا تستطيع أن تقبل شيئا إلا إذا كان ذلك الشيء داخل نطاق المفاهيم و المقاييس الفكرية التي رسمت لك أو وضعتها بنفسك و بهذا فكل فكرة خارجة عن إطار الملحد هي مرفوضة حتى لو كان دليلها ساطع كشمس الظهيرة و لن يقتنع بها لأن حكمه قد أصدر عنها مسبقا !!

و إذا قلنا للحصان أن بجانبك حصان آخر لقال أنت تعيشون في وهم حقيقي مضت علي عشر سنين وأنا أجر هذه العربة لوحدي و لم أسمع يوما بهذا الكلام الغريب و الشيء الوحيد الذي أؤمن بوجوده هو ما أرآه أمامي

لكن لو قمنا بإزالة الإطار الموضوع في جانبه الأيمن و رآى الحصان الثاني رأي العين لقال و الله إني لكنت في ضلال مبين !!

و الإطار في هذه القصة هو ذلك الكتاب أو مصدر الشبهات ....