حَتّىَ لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتّبَعْتُمُوهُمْ !
قد أتخيّل اِنشطاح العقول نحو ثقافة الشّرق أو الغرب اِفتتاناً بما صاروا إليه في ميدان العلم المادي و اِنحصار واقع المُسلمين في ظلام الجهل و الخُرافة ، أو لجهلهم برؤية الإسلام في مُعالجة واقع الأُمّة ، مُضافاً إليه الهوى بطبيعة الحال ، و لكن ما لا أتخيّله أن يُهيمن التّقليد فيصل إلى مناطق كُنت أظُن أنّها محفوظة من عبث العابثين. غير أن النّاظر إلى كثير من المُنتسبين إلى الإسلام لا يجد في نطاق تفكيرهم مناطق لم تصل إليها جحافل التّقليد ، فإذا كانت ثقافة هؤلاء قائمة من الأساس على رفض الدّين أو تهميش الدّين لصالح ( نظريّة ) هُنا أو هُناك ، فرُبّما يكون مفهوماً ظهور أي لون من ألوان التّبعيّة. أحدث تلك الأنواع ، و التي دفعتني إلى كتابة مقالي هذا ، ظاهرة ( التّلفُّظ بالشّتائم ). فطبقاً للثقافة التي نشأت فيها ، فإن التّلفُّظ بالشّتائم صفة ذميمة - و هي كذلك لا شك - و قد كانت تلك الصّفة مُلاصقة في كثير من الأحيان لأبناء الكادحين ، أمّا ( أولاد الذّوات ) و ( أصحاب المقام الرّفيع ) و كثير من أبناء الطّبقة الوُسطى فلم يكن يسمح ذويهم أن يتلفّظوا بألفاظ كهذه ، و لأن التّلفُّظ بالشّتائم بين شباب و فتيات الغرب أمر اِعتيادي ، فلم يعد هُناك إطار يُمكن أن تنبثق منه مفاهيم الصّواب و الخطأ ، الفضيلة و الرّذيلة ، فإن الشّباب المفتون لا يرى حرجاً في تداوُل مثل هذه الألفاظ على مَرأى و مَسمع من النّاس ، و صار نوعاً من التّقليد الأعمى بين مُعتنقي الاِشتراكيّة و الليبراليّة من أبناء المُسلمين ، و رُبّما لم يعد هؤلاء ينظروا إلى هذا الأمر نظرة ذميمة كما يفعل العُقلاء ، بل قد يجدوا فيه نوعاً من التّحرُّر ! و هُنا يحضُرني حديث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم " لَتَتّبِعُنّ سنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتّىَ لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتّبَعْتُمُوهُمْ. قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللّهِ آلْيَهُودُ وَ النّصَارَىَ ؟ قَالَ فَمَنْ ". أمّا عن الأمثلة في هذا الشّأن فتتنوّع بين تعليقات على مواقع التّواصُل الاِجتماعي و مقاطع مرئيّة و مُشاهدات حيّة.
رد مع اقتباس
Bookmarks