أؤمن أننا إذا نظرنا عن كَثَب إلى العوام من الجانبين الملحد والمؤمن..ومن ثمّ أمعنّا النظر في دوافعهما التي تقود الأوّل إلى التصديق الأعمى بكلّ ما كُتِب في المجلّات العلمية ، والتي تقود الثاني أيضًا إلى التصديق الأعمى بكلّ ما كُتِبَ في الكُتب المقدّسة ، فلن نجد حينها أي اختلاف بين دوافع الإثنين .
لا أتحدث هنا عن الاختلافات الجوهرية بين آليات العلم الصّارمة والدقيقة وبين الآلية الدينية المتساهلة . بل أتحدث عن دوافع العوام في تصديق هذا دون ذاك أو ذاكَ دون هذا.
فالعوام من المؤمنين يصدّقون كل ما يقرأونه في الكُتب المقدّسة لأنّه كلام الإله الخالق والعالم الذي لا يخطئ .
والعوام من الملاحدة يصدّقون كل ما يقرأونه في المجلّات العلمية لأنّه كلام العلم الحديث الذي لا يخطئ .
في حين أنّ كلاهما لا يرقى إلى مستوى العالم النّاقد لما يقرأه و الذي باستطاعته التفريق بينَ ما هوَ صواب وما هو خطأ أثناء قراءته النقدية تلك . فضلًا عن تفريقه بين ما حدَثَ فعلًا وما لم يحدث .
فقط يصدّقون ما يقرأونه لثقتهم العمياء بمصداقية الكاتب . وعليه فهم يبنون عقائدهم وأيدلوجياتهم بلا بيّنة علميّة حقيقية . بل كلاهما يؤمنان بغيب .
وهذا ما يذّكرني بمقولة أبو الفداء (بل الإلحاد دين وإيمان ) .
Bookmarks