يجب تدقيق الملاحظة في شبهة الزميل...
عندما يعترض على صانع للدار...فهو يعترض على كون الصانع مسببا و ليس مصمما للدار...
لذلك فالمغالطة في كلام الزميل بسيطة :
فهو كمن يقول : نحن استنتجنا مبدأ السببية فقط من مشاهدة علاقة العلة و المعلول التي تحكم اجزاء الكون على حد تعبيره....
فان لم تتمكن حواسنا من ادراك الكل، فلا يمكننا الجزم ان هذا الكل يحتاج الى مسبب...
اي ان السببية هو مفهوم يرتكز على ما تراه الحواس فقط....
هذا مقاله بكل بساطة و وضوح و هي شبهة الحادية معروفة....ارجو ان نستوفي الرد عليها في هذا الشريط.
الأخ حمزة :
شبهة الأخ في الأصل لم تكن الجدل حول مبدأ السببية تحديدا و إن فاجئنا فيما بعد أنه يحمل في ذهنه فعلا خللا بخصوصه . و أكتفي بقول أنه لَمن الحُمق الشديد أن يحاول المرء أن يبرهن عقليا على فساد مبدأ العلية ! فيبدأ بوضع إستدلالات يحاول أن تكون بمثابة ( أسباب ) منطقية و كافية "للإقتناع" أن العلية غير صحيحة و لا تصدق إلا على ما نرى من موجودات !! لأنه إعتمد عليها حرفيا في تفكيره و " برهنته " بغض النظر عن (فحوى) الدليل ما هو !! فالعقل لا يعمل عموما إلا على مبدأ التحليل و البرهنة المعتمدة على مبدأ الإستدلال و هو بكل بساطة عين مبدأ السببية! ....فلا يمكنك أن تستنتج شيئا إطلاقا أو تحصد معرفة أو تنتقل من جملة عقلية لأختها حتى و (إن كانت خاطئة المضمون) إلا و تتعذر بأسباب هي كذا و كذا و كذا...! و على أساس هذه ( الأسباب التي هي دلائل بزعمك ) تحاول إقناع غيرك . و باختصار السببية هو مبدأ حتمي مطلق مرافق لشيء إسمه علم ومعنى ( معرفة ! ) فلا وجود لِلعقل بدونها قطعا جملة و تفصيلا دون أي شائبة شك في هذه القضية !
و كل من يحاول أن يتمنطق و يسفهه " مستدلا " بأي هبل فهو يعتمدها يقينا في تشغيل مخه ذاك أحس أم لا ! كذاك الذي ينتحر ليثبت أنه حي !! تسفيه السببية ----> إنتحار عقلي قبل مناقشة أية قضية تتعلق بالكون و الوجود المادي أو غيره ...بكلمة واحدة سفسطة .
لهذا لو شممت منه تسفيها لهذا القانون العقلي المتعالي لما خضت في الرد لأن السببية لآآآ يستدل على صحتها أصلا فضلا عن عدمها! بل بها تقوم كل المعارف علمية و عقلية فيزيقة و حتى ميتافزيقية ..و إني لطالما قلت في نفسي عنها كناية أنها أحد معاني " الحق" أو الحقائق الذي تحكم و تخضع الكل .
كما أن القول بوجود تصميم يحمل في معناه ضمنيا معنى المُسبب و لكن العكس غير صحيح فليس كل سبب و مسبب هو مصمم عاقل .....إلخ . لذلك فلنختصر كي لانحيد عن جواب السؤال المحوري الذي طرحه صاحب الموضوع و مساره الذي إختاره في الرد و هو مفهوم وجود " الــــــصانع " .
و طلبي منه أن يتحفنا بمعايير مباشرة تساعدنا على وصف شيء و معرفة ما إذا كان نتاج تصميم و وعي أكان منزلا أو دبّوس شعر أو كونا بما فيه نحن و الكائنات بنية كشف أن آلية الحكم تخضع لقوانين إستقرائية و عقلية بعيدا عن موضوع الحكم أي هو ليس فقط قضية الكل أو الجزء وقد تنازلت له عن حجة " الإحتياج " أي إحتياج الأكبر مع أني أفضل تعبير" الأعقد " لمصمم من باب أولى مِن الأقل أو الجزء الأبسط ، هذه الحجة لا تهمني كثيرا و لا أعوّل عليها ، لكنه لم يفهمني وغرد كثيرا خارج السرب و فاجئني هول تناقض تصوراته و مغالطاته ...التي ستلقينا في مغارات .
اذا احسنت فهم كلامكي فانت تقولين طالما ان الاقل يحتاج الى صانع فان الاكبر من باب اولى يحتاج الى صانع
هذا اذا كان الفرق بينهما فرقا كميا، لكن الاعتراض هو اننا لا نعرف اصلا ماهية الكون حتى يمكننا تمييز الفرق بينهما كميا كان او كيفيا لاننا لا نقدر تماما على ادراكه
بمعنى اخر ان الفرق بين قائمة الطاولة وجذع الشجرة هو فرق في الكم فالقائمة هي الاقل والطاولة هي الاكبر وسيكون استدلالك على حتمية صنعهما صحيحا ، لكن الامر يختلف بين العالم كجزء والكون ككل فاحدهما نعرفه والاخر ليس الا اسم فحسب
يا زميل لقد تُهت كثيرا مرة لتنفي ما نعرفه و مرة لما نعقله ...ذاك الذي تسميه الكون عنذك ( والاخر ليس الا اسم فحسب ) ممكن هو تصورك الشخصي له فلا تلزمنا به نحن ، لأنني أحس أن معلومة ضخامة الكون و غموض بعض ظواهره و التي ما وصلتك إلا عن طريق الكشوفات العلمية الكوزمولوجية و الفزياء الكونية -> غرست في نفسك الرهبة لحدّ الحيرة المضرة بالإدراك المتزن السليم ! فأخذت ما تريد معرفته و أولته و جزمت على حكم الباقي و عطلته و كأني بك تلصق لائدرية إدراكية حتى لما نعرفه ونرصده عياناً!!
الكون صحيح لا نبصره و لا تدركه حواسنا جميعه حتى أن حدود ما رصد منه لا يتجاوز عشرات الملايين الضوئية ..لكن قوانينه دُرست كمّا و كيفا و ليست المعادلات الرياضية الفزيائية للمادة و نشأة الكون عبث و لعب!
و بما أني فهمت مراميك أحب أذكرك أنه من المعروف القطعي علميا أنه ليس شرطا لأعمم صحة قانون أو ظاهرة أن أدرس الكل !! بل يكفي أن أدرس جزء من الطبيعة حسب شروط معينة موضوعية مع التكرار داخل مختبر صغير لأخرج بقانون يشمل الطبيعة كلها حسب موضوع الدراسة ، فأنا لن أشرح البشر كلهم و آخذ منهم دمائهم لأثبت أن الدم يبدأ في التخثر حسب خصائص محددة !بل يكفيني عينات لأعمم النتائج على كل الإنسانية .. و كل ذلك بفضل قانون الحتمية و التناسب التي تتعلق بها كل الموجودات و هذا ليس إلا لهيمنة القانون الوجودي السببية ---> فحين تجتمع عنذي الشروط نفسها و تُستوفى أسبابها تعطيني نفس النتائج حتما !! لأنه ببساطة النتائج لا تنفصل عن مسبباتها قطعا ! لست مضطرة لأن أكتشف مثلا و أستدل على شمولية نتيجة ما سيحصل أنه مثلا إن مددت يدي للنار و أنا في مدينة أكادير أو في مجرة أندروميدا سوف أحترق حتما ! ما دام المسبب موجود و إستوفى كل شروطه و هو النار + جسم عضوي = إقترانهما يعني الإحتراق بلا شك حسب خصائصها المعروفة الي شوهدت و درست طبقا للنواميس الكونية ...
بالإضافة إلى أن ما تزعمه بخصوص قصور الإستدلال و فساده من (الخاص -> للعام ) و صحة إنتقال نتيجته من الحالة الجزئية للشمولية هو ساقط مفضوح في مجال العلوم التجريبية و تاريخها ( إذ حسب رأيك هذا ما تجرأ عالم لسنّ قانون طبيعي حتى يدرس كل الطبيعة!! ) و هذا في الحقيقة مغالطة منطقية و هي العصا التي تتكأ عليها في هذا الشريط فكل إعتراضك ليس إلا مغالطة " الحجة من جهل " Argument from ignorance : إذ تنقل عبئ الإثبات من صاحب الحجة و تربطه لا بصحة حجته ( التي تتجاهلها ) بل بوجوب المعرفة و الإحاطة المطلقة أولا!! فإن تعذر علينا عجزاً أو جهلنا بأحد الأطراف حتى و إن كان غير ضروري وليس بمؤثر في النتيجة المنطقية حقيقةً ( كعذر : إستحالة إدراك كل الكون بالحواس ) لإستنتاج طبيعته و أصله أنكرت علينا القدرة على الحُكم جملة ! و هنا خلطت أيضا بين مفهومين : 1- الشيء الذي لا نستطيع تفسيره بدقة قصوراً مع 2- الشيء غير القابل للتفسير أصلا !
هذا فضلا عن تجاوزنا - تنزلا - عن كفاية إثبات أن الكون و لابد خاضع لقوة خالقة إنطلاقا من دليل الكائنات الحية على الأرض التي هي (جزء من الكون) و التصميم الواعي الواضح الذي تكشف عليها أجسامها ! و هذا من وجوه عديدة تصرخ بها كل العلوم ...علم الرياضيات و الإحتمالات قبل البيولوجيا و المنطق ! و لست أريد أن أعرج بك للمفهوم الكوني الذي وصف هذا الكون و إنبثاقه قوانينه و إستقرءه جيدا Fine-tuning Univers و الذي يثبت الدقة و التصميم في الكون ما يقطع بوجود صانع له ، أو أضيفك مفهوم Anthropic principle لتكتمل الحفلة ................(.!)
لكن...................................!
للأسف أنت لازلت في مرحلة إدراكية غير ثابتة تُمَيّع فيها معنى الكون! و تتعمى وتتهرب من الإعتراف بالحقائق التي من حولك فكيف سنناقش معك بالله عليك ؟ كيف سنناقش تصاميم مجودات الكون مع تمييعك لمعناه ؟ مما يستدعي بقوة القولة الحكيمة : أثبت العرش ثم أنقش!! هذا الحرص بزعمك و الدقة و "النزاهة" لا تستجب التعنت حدّ السفسطة (مع إحترامي لشخصك) ؟!
يمكن للعقل النظري او المنطقي ان شئت ان يميز وان يركب ما شاء له من الاستدلالات وان يثبت ان الكون محدود ويثبت نقيض ذلك ايضا ان الكون غير محدود بامكان العقل ان يثبت وجود الله وان ينفيه بنفس القوة
وهاته القوة العجيبة للعقل جاءت من انه لا معيار يحتكم اليه اذا حلق بعيدا عن الواقع الطبيعي والذي هو المحك الحقيقيى لاي ادعاء
رائع جدا !
هل يمكنني أن أسألك ؟
إدعائك هذا و فحواه هل يخص حقيقة عن الواقع الطبيعي مباشرة أم هو نظرية المعرفة للمذهب التجريبي؟ فإن كان الأول هلا دللتني فضلا على واقع طبيعي حسّي يكون بمثابة المحك و البرهان لصحة إستنتاجك هذا و إدعائك ؟دعك مني و من تحليق منطقنا و عقولنا نحن ، أريد دليلا و تجربة طبيعية محضة تثبت لي أن المعرفة الحقة محصرة بمجال المادة لا غير و الباقي محض تخرصات ؟ و مصيبة كل من يتبنى هذا المذهب أنه لن يستطيع إثبات صحة إدعائه أبدا لأنه حشوي دائري متناقض !!
فهم يدعون أن التجربة قطعاً هي منبع كل معرفة حقيقية و كل علم لا يشوبه شك فإن قلنا حسنا و سألناهم عن تجربة تثبت صحة هذه المعلومة رأساً ؟! عجزوا ! لأنهم أول من ناقضوها!! فعين قاعدتهم -> هو إفتاء بلا دليل تجريبي يثبته !! هذا فضلا على أنه لا يجوز الإستعانة بعين ما نود أن نثبت صحته أصلا !! بالتجربة الطبيعية نثبت أن التجربة الطبيعية هي محك لكل معرفة (! )
وهاته القوة العجيبة للعقل جاءت من انه لا معيار يحتكم اليه اذا حلق بعيدا عن الواقع الطبيعي والذي هو المحك الحقيقيى لاي ادعاء
ألا تحس حقا أنك حلّقت بعقلك أيضا و لم تستعن بأي واقع موضوعي تماما كالذين حلقوا قبلك ؟
---------
و هكذا يقع دائما أنصار المذهب التجريبي صرعى أمام أنصار المذهب العقلي و أسبقية العلوم الضرورية العقلية على عالم المادة التي يعالجها ! يا زميل فضلا ركز ....صدقني ما تتبناه هو معتقد فكري داخلي الهدم و يعود على نفسه بالنقض مع أول محاولة تطبيق !!
لايمكن ان تكون هناك معايير لمناقشة هاته المفاهيم العقلية ( الكل، الخلق من عدم، الله...) الا اذا كانت لدينا حدوسا عقلية اي ادراكات عقلية ولكن للاسف لا نملك الا الحدوس الحسية اي الادراكات الحسية فحسب وهذا هو ضعفنا البشري الهائل او مأساتنا الهائلة
ركز هداك لله ، أنا طلبت معايير للتعرف على التصميم الذكي فقط لا غير وليس كل ما تفضلت به ، من تكلم عن الخلق من العدم هنا ؟! القضية أبسط من ذلك و سأجيبك أنا عن سؤالي....خذ لك أي تكوين بيولوجي جد بسيط أو ظاهرة طبيعة ندرسها فقولنا أنها مصممة مخلوقة جاء من حكمنا العقلي عند الإستقراء أن لها غاية و هدف !! فكل ما يخدم غاية محددة تتداخل فيها تفاصيل صغرى لتحقق غاية وآآآآاضحة نهائية إلا و ينقدح في ذهن العاقل---> أنها نتاج مصمم واعٍ ذو حكمة و رؤية بلا شك !
سأختار أبسط الأمثلة من عالم النبات بعيدا عن المنزل الذي له صانع و لنتوغل في الطبيعة و حقائق موجودات هذا الكون قليلا :
هذه كبسولة بذور أحد الأنواع Mouron و هي على شكل
طنجرة صغيرة
تفتح تلقائيا و أتوماتيكيا و في أوقات زمنية محددة بعناية
لتنثر بعض بذورها ثم تُقفل
حفاظا عليها من الضياع و
حماية لها في شروط
تجعلها وظيفية فعالة !! و قد سميت و صنفت بإسم Pyxide و التي تعني إسم وعاء بغطاء !
الوعاء البشري الصنع pyxide
الوعاء الطبيعي للنبتة و بذورها Mouron pyxide
فلاحظ ما هي غاية هذا التصميم الرائع النهائية و كم تفصيل يخدم غاية ثانوية تصب في نفس الهدف و قد سطرت أعلاه على أكثر من وظيفة ؟
هذا فضلا على أن الوعاء الطبيعي يفتح تلقائيا و أتوماتيكيا أما الوعاء البشري الصنع فيحتاج إرادة عاقلة قاصدة لتُزيح الغطاء!!
و لست أدري بأي منطق يمكن نكران هذه الحقائق الواضحة ؟!
________________
لكن إن فسُد التصور و سفهت قواعد العقل و البديهيات كما يحاول الزميل جاهدا إثباته لن نصل لشيء ..هداك الله و رد لك ردا جميلا عقلك و دِرايتك
Bookmarks