في أيامنا هذه نلاحظ ظهور تيار فلسفي شرس يريد هدم أي علاقة علمية بين القرآن و العلوم الحديثة, من خلال بعض الشبهات الفلسفية التي تزعم استحالة تفسير القرآن بالعلم و منها:
1. قصور العقل عن إدراك حقائق القرآن أو حقائق العلوم التجريبية (إعلاء مبدأ الشك في قدرات العقل).
2. المعنى العلمي للنص لم يتجلى للعقل إلا من خلال التجربة, ولم يتضح للنبي و الصحابة و المفسرين حتى جاءت تجارب العلم لتظهره، فقالوا (إن الحكم على النص بكونه محتملاً لدلالة علمية قبل ظهور التجريب هو في حكم مستحيل ! بل ما يحدث أن الإعجازيين ينتظروا التجريب أولاً لكي يستمدوا منه معنىً محدد، ثم يبحثوا له عن نص يستوعبه, بما يؤكد أنهم : يشترطوا التجريب للجزم بوجود المعنى).
3. ثم يفرعوا من هذه الشبهة السابقة شبهة أخري تقول (ظهور دلالة علمية للنص يقتضي كون النبي صلى الله عليه و سلم جاهلاً بذلك المعنى في زمن الوحي)، و هو ما يفتح الباب أمام احتمال كون النبي صلى الله عليه و سلم جاهلاً بمعانٍ أخرى, و يفتح الباب أمام اتهام النبي صلي الله عليه و سلم بأنه لم يبلغ الصحابة بما كان يعلمه من دلالة علمية للنص إن وجدت.
4. افتراض ظهور دلالة علمية في الآيات الكونية التي تصف الأفاق أو الأنفس يقتضي أن كل نص يتناول ظاهرة كونية هو نص مرشح للإعجاز بما في ذلك مُعجزات الأنبياء, فمثلا يقولون ماذا لو توصل العلم لجعل النار بردا كما في قوله تعالي (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ), فهل نجعل هذا النص من نصوص الإعجاز العلمي و نفسره بما قاله العلم, فإذا قلنا لا يجوز تناول معجزات الأنبياء بالعلم, قاسوا استحالة تفسير معجزات الأنبياء بالعلم علي باقي نصوص الوحي التي تتحدث عن الأفاق و الأنفس حتى و لو كانت لها دلالة علمية ظاهرة, فتتساوي الدلالة العلمية لكل نصوص الوحي مع بعضها البعض بلا تفريق بين نص قابل للدراسة العلمية و آخر غير قابل.
و قد قسمت الرد الي مقدمة ثم مناقشة كل شبهة من الشبهات الأربع
يتبع
Bookmarks