من أروع ما قرأت في الموقف الشرعي من الدستور وتقريب مفهومه للناس كتيب صغير جدا للشيخ عبد الحق التركماني حفظه الله
وإليكم مقدمة الموضوع وفي آخره رابط لمن أراد قراءة المزيد.

قال الشيخ:
الحمدُ لله الذي له الحمدُ في الأولى والآخرة وله الحكمُ وإليه تُرجعون، وأشهد ألا إله الله وحدَه لا شريكَ له، له الخلقُ والأمرُ ، تباركَ الله رب العالمين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الأمين، أرسله ربه بالحق والهدى رحمةً للعالمين، فصلواتُ ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره إلى يوم الدين.
 
أما بعد: فإنه يكثرُ الحديثُ في هذه الأيام، في وسائل الإعلام وفي المنتديات الخاصة والعامة، عن مصطلح (الدسْتور)، حتى أصبحَ كلمةً معروفةً عند عامة الناس فضلاً عن خاصتهم ، على اختلاف طبقاتهم وثقافاتهم وتخصصاتهم، ومثل هذه الشهرة لا تقتضي بالضرورة أن يكون معنى هذه الكلمة مفهومًا وواضحًا في أذهان من يرددُها، فقد يكون تصور أصحابها عن معناها مجملاً إجمالاً قاصرًا مخلا ، وقد يكون تصورًا خاطئًا مخالفًا للواقع، وقد ينعدم تمامًا، وتبقى الكلمة عالقة في الذهن إمعةً وتقليدًا، فقد سئلت امرأة شاركتْ في الاستفتاء الأخير على الدستور المصري ؛ عن مفهوم الدستور ومفهوم الاستفتاء عليه، فصرحت بأنها لا تدري ما الدستور وما الاستفتاء، لكنها رأت الناسَ خرجوا فخرجتْ ، وشاركوا فشاركتْ!
ولا شك في أن الإلحاح على استخدام جملة من المصطلحات الأجنبية كالدستور والديمقراطية والتعددية وتداول السلطة وسلطة الشعب وسيادة الأمة وغيرها تجعلها مألوفة عند جماهير المسلمين، حتى تنقلب عندهم إلى بديهيات وضروريات، دون أن يفقهوا معانيها، وينتبهوا إلى لوازمها ودلالتها، ثم يتوجه الإعلامُ المغرض وأصحاب الدعوات الماكرة إلى تحريك تلك الجماهير للانتفاضة والثورة من أجل المطالبة بتلك الشعارات البراقة الخادعة، فيهلكون في سبيلها، لا يدري القاتل فيما قتَلَ ، ولا المقتولُ فيما قُتِلَ !
ومن هنا فإن توضيح مفاهيم تلك المصطلحات وحقائقها ولوازمها، والتنبيه على ما تنطوي عليها من مخالفةٍ لدين الإسلام؛ من أوجب الواجبات، ومن أهم الوسائل في مواجهة التضليل الإعلامي، والاستلاب الفكري؛ حراسةً للعقيدة، وصيانةً للمجتمع المسلم، وحفاظًا على خصوصيته الدينية والأخلاقية والاجتماعية.
وقد استعنت بالله عز وجل على المشاركة في هذا الميدان بجهد متواضع في هذه الرسالة التي خصصتها للكلام عن (الدستور) وما يتعلق به من
مفاهيم وأحكام وآثار، وغايتي فيها ما أشرت إليه من التوضيح والبيان، لهذا سردتُ مادتها سردًا، ولم أثقلها بالتعليقات والمناقشات العلمية الدقيقة، مكتفيًا في جمع المادة العلمية بمراجعة الكتب والبحوث المتخصصة في هذا الموضوع، وبالله تعالى التوفيق.