مرّت علي مرحلة من حياتي كانت ستقتلني شكوكي، فقد شككت في كلّ شيء (
كل شيء بمعنى كل شيء)، لا تتخيّل ماذا اعني بكلّ شيء ؟
شككت حتّى في وجودي !
شككت في كل شيء حولي هل هو موجود ام لا ؟!
لقد قتلتني (ا
لنسبيّة)، ولقد اسأت إستخدامها، حتّى أن ما اراه حقيقةً أمامي، تأتيني النسبية بوجهها القبيح لتقول لي : ربما أن ماتراه ليس حقيقةً، فالأمر نسبي، فما تراه حقيقة من (
نظام) قد يكون عَبث وغير منظّم من جهة أخرى !.
يا إلهي إلى متى هذه الحيرة ؟
هل يعقل أن الوضع الطبيعي هكذا؟
لا..... لا..... مستحيــــل !!
مستحيل أن لا يكون هناك حقيقة مطلقة، ولكن من يملكها ؟
عند هذا الحدّ، بدأت ابحث عن الحقيقة المطلقة، ولقد وصلت لها بالتدرّج وبطريقة لعلّي اشرحها بطريقة مبسّطة لعلّي افيد واستفيد .
لقد وصلت إلى الحقيقة المطلقة بإستخدام
النسبيّة نفسها !
كيف ؟
الفكر الفلسفي يعتمد على أساس أن كل شيء نسبي، ولا وجود لشيء مطلق.
إذا سلّمنا بهذا الشيء، فلماذا لا نطبقّه على (
إدراك العقل الشري)؟
لماذا يفترض العالم أو الملحد أو غيره أن كل شيء نسبي ويقبل بذلك، ولكن عندما يأتي الأمر إلى العقل البشري، يدّعي انه مطلق الإدراك والإستيعاب ؟!!.
إنّ المنطق السليم يجب أن يقرّ بأن إدراك وإستيعاب العقل البشري أمر نسبي ومحدود، ومن يدّعي أن العقل البشري هو مُطلق الإدراك فهو جاهل، أو لا يريد أن يفهم
ولكي نستوعب الموضوع تأمل في المثالين التاليين :
1 - شخصان موجودان في قاع بئر وينظران إلى السماء من خلال فوهة البئر
الأول : السماء هي هذه التي نراها من مكاننا هذا ولا شيء غير ذلك (
وهذا يمثّل طريقة تفكير الملحد)
الثاني : السماء فسيحة جداً ولكن لانرى منها إلا ماتسمح به فوهة البئر الضيقة (
طريقة تفكير المؤمن)
هل إستوعبتم المقصود من المثال ؟
2 - هل تؤمن بأن الحمار يمكن أن يتعلّم لدرجة أنّه يتكلّم ويؤلف قصائد، ويلقي خطابات ببلاغة عالية ؟
الجواب : لا طبعاً !......طيب لماذا لا ؟
لأنك تعلم أن الحمار محدود الإدراك
ياسلام...طيب والإنسان؟
اليس من المنطق أن يكون هو كذلك محدود الإدراك؟
ولكن لأن الإنسان يعيش ويفكّر ضمن حدود إدراكه فهو لا يتخيل أن هناك ماهو أبعد من إدراكه.
أرجو ان اكون وفّقت في توضيح الفكرة.
الآن إذا أتفقنا على محدودية إدراك العقل البشري، فإن هذا يؤدي إلى أن الوصول الى الحقيقة المطلقة بالطريقة التجريبية المحسوسة شيء مستحيل، ولذا لم يبقى إلا أن نؤمن بالإمور الغيبية (
الميتافيزيقية) دون أن يكون لنا القدرة على إثباتها تجريبياً، وهذا هو جوهر الإيمان الغيبي في الأديان.
كانت تدور بيني وبين نفسي مناقشات وحوارات، كانت دائماً تنتهي بظرورة التسليم بوجود الله، ومنها على سبيل المثال :-
* في هذه الحياه أمور في غاية الإبداع والهندسة الدقيقة مثل عين الإنسان، فعندما اتأمل في عين الإنسان أرى أن هناك تناسق وتبادل للوظائف بين العدسة والقرنية والشبكية، فالشبكيّة عندما تكون موجودة في جسم الإنسان بدون وجود العدسة لايكون لها أي دور ووجودها لاداعي له لأن وظيفتها أن تترجم ما يقع عليها من ضؤ تدخله لها العدسة، وكذلك العدسة وجودها دون وجود الشبكية لا داعي له، ومن هنا كنت أتيقن بأنه لابد أن يكون هناك ذكاء ومنطق في وضع العين وتركيبها بهذا الشكل.
- ولكن الذي خلق هذه العين بهذا الإبداع من خلقه ؟؟
* ولقد تخلّصت من صعوبة هذا السؤال بطريقة بسيطة جداً وهي :-
أنني لم أرى من خلق هذه العين من قبل لكي أجزم هل با لظرورة يجب أن يكون هو كذلك مخلوق ؟
بمعنى أنني رأيت العين ورأيت مافيها من تعقيد، ولمستها وتحسستها، وبناءً على المنطق الموجود في عقلي إستنتجت أن هذه العين يجب أن تكون مُركّبة بقدرة عاقلة تعي الأمور.
ولكنني لم أرى أو اتحسّس أو اتفحّص من ركّب هذه العين لكي أستنتج بناءً على مشاهدتي بأن هذه القدرة الخالقة حالها حال العين يجب أن تكون (مُركّبة، أو موضوعة).
(
بهذا المنطق والتحليل، تخلصت من شكوكي وآمنت الله الواحد الخالق الذي ليس كمثله شيء)
وتحياتي للجميع
Bookmarks