نزول الله إلى السماء الدنيا كل ليلة، حقيقي أم مجازي...؟
روي في الصحيحين أن الله سبحانه ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا..
وأجمع أهل العلم على أن النزول في هذا الحديث نزول حقيقي فعلي، أي أن الله بذاته ينزل إلى السماء الدنيا، ولكنه
نزول يليق بجلاله وعظمته وألوهيته المقدسة..
اعترض أتباع الدينين الأشعري والصوفي وغيرهما من أتباع الفرق البدعية الضالة على عقيدة أهل السنة والجماعة
في حديث النزول، فذهبوا إلى أن النزول المعني في الحديث هو نزول رحمة الله، لا نزول الله بذاته..
وسنثبت بإذن الله في هذا البحث المختصر بأن النزول المعني في الحديث هو نزول حقيقي فعلي وليس مجازي..
أولا:
قوله صلى الله عليه وسلم عبارة: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا"، جائت تحديدا بوحي من الله، ولم تكن مصادفة
او فلتتة لسان أو اجتهاد شخصي، وكان الله قادرا على أن يجري على لسان رسوله عبارات مثل: "تنزل رحمة الله
إلى السماء الدنيا.."، أو: "ينزل ملكا إلى السماء الدنيا.."، وحيث أنه صلى الله عليه وسلم
حدد النازل بالإسم وهو الله سبحانه بذاته، فقد دل ذلك على أن النزول حقيقي فعلي وليس مجازي.
ثانيا:
نزول ربنا إلى السماء الدنيا هو نزول لا تحكمه قوانين المادة التي تحكم حركة المخلوق في الوجود، ومن كانت حركته
خارج قوانين المادة، كانت حركته خارجة عن نطاق قدرة العقل على فهمها، وإثبات ذلك كالتالي:
الجني، مخلوق موجود يعيش بيننا، ولكن حركته لا يمكن عقلنتها لأنها خارجة عن قوانين المادة التي تحكم الوجود،
فنحن لا نراه على الرغم من أنه موجود معنا فعليا وبجسمه في ذات المكان الذي نكون فيه، وقد يتكلم مع أمثاله من الجن
ولكننا لا نسمع له صوتا، ويمكن أن يخترق أجسامنا ويستقر فيها دون أن نشعر بشيء، كما يمكن أن يخترق الحوائط
وأي جسم صلب.
وإذا كانت حركة الجني، وهو مخلوق، خارجة عن قوانين المادة التي تحكم الوجود، كان الله الخالق سبحانه أحق وأولى
أن لا يحكم أفعاله أي قانون من قوانين الوجود التي نعرفها، وهذا يلزمنا أن نؤمن بأن نزول الله إلى السماء الدنيا نزول
حقيقي لا يحكمه أي قانون من القوانين التي تحكم الوجود المادي.
ومن سفاهة الرافضين لحديث نزول الله بذاته إلى السماء الدنيا وصغر عقولهم، هو أنهم يريدون أن تكون أفعال الله على
مستوى فهم عقولهم الناقصة ليصدقوا وقوعها، وما كان خارج عقولهم من أفعال الله، كذبوه ورفضوه، وألفوا من عندهم
أسبابا وتبريرات له ما أنزل الله بها من سلطان أملتها عليهم أحلامهم وقصور عقولهم.
نسأل الله السلامة والعافية.
Bookmarks