ذكر الإمام مسلم في صحيحه: باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط. فاستوصوا بأهلها خيرا. فإن لهم ذمة ورحما, فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فاخرج منها. قال فمر بربيعة وعبدالرحمن ابني شرحبيل بن حسنة. يتنازعان في موضع لبنة. فخرج منها.
و رواه أيضا بلفظ آخر عن أبي ذر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم ستفتحون مصر. وهي أرض يسمى فيها القيراط. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها. فإن لهم ذمة ورحما - أو قال - ذمة وصهرا, فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة، فاخرج منها. قال: فرأيت عبدالرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة، يختصمان في موضع لبنة، فخرجت منها.
قال النووي في شرحه على مسلم :
قال العلماء: ... أما الذمة فهي الحرمة والحق، وهي هنا بمعنى الذمام، وأما الرحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم، وأما الصهر فلكون مارية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم، وفيه: معجزات ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه و سلم، منها إخباره بأن الأمة تكون لهم قوة وشوكة بعده بحيث يقهرون العجم والجبابرة، ومنها أنهم يفتحون مصر، ومنها تنازع الرجلين في موضع اللبنة، ووقع كل ذلك ولله الحمد .."
قال القرطبي في المفهم: وقوله : (( فإذا رأيتم رجلين يختصمان فيها في موضع لبنه فاخرج منها )) ؛ يعني بذلك : كثرة أهلها ، ومشاحتهم في أرضها ، واشتغالهم بالزراعة والغرس عن الجهاد ، وإظهار الدين ، ولذلك أمره بالخروج منها إلى مواضع الجهاد ، ويحتمل أن يكون ذلك ؛ لأنَّ الناس إذا ازدحموا على الأرض ، وتنافسوا في ذلك كثرت خصومتهم ، وشرورهم ، وفشا فيهم البخل ، والشر ، فيتعين الفرار من محل يكون كذلك ، إن وجد محلَّا آخر خليًا عن ذلك ، وهيهات كان هذا في الصدر الأول ، وأما اليوم ، فوجود ذلك في غاية البعد ؛ إذ في كل بنو سعد.
يقصد القرطبي شيوع ظاهرة الفساد الديني و الأخلاقي و الإجتماعي في كل عصر و مصر كما قال ابن القيم : في كل واد بنو سعد من المصائب.
و في ذلك خبر مضحك، يحكون أن الأضبط بن قريع كان يرى من قومه وهو سيدهم بغياً عليه وتنقصاً له فقال: ما في مجامعة هؤلاء خير، ففارقهم وسار بأهله حتى نزل بقوم آخرين، فإذا هم يفعلون بأشرافهم كما كان يفعل به قومه من التنقص له والبغي عليه، فارتحل عنهم وحل بآخرين، فإذا هم كذلك، فلما رأى ذلك انصرف وقال: ما أرى الناس إلا قريباً بعضهم من بعض، فانصرف نحو قومه وقال: أينما أوجه ألق سعداً فأرسلها مثلاً.
أما عن وصية النبي صلى الله عليه و سلم لأبي ذر فالظاهر أنه رضي الله عنه مخصوص بها مثل الوصية الأخرى له بترك المقام في المدينة، عندما يكثر البنيان و تفتح الدنيا على الناس و يفتن بها بعضهم و لفساد الأحوال ، وشيوع الخصومات و قد خص أبو ذر بذلك الخروج ، لأن من مبادئه : ما زاد على حاجتك ملك وحق لغيرك.
قرأت في موقع الكلمة النصراني ما يلي :
يعد المواطنون المصريون الأقباط أكبر حشد مسيحي في العالم العربي ، وقد كانوا هم الأغلبية المسيحية المواطنة في الأربعة قرون الأولى بعد انتصار عمرو بن العاص على الرومان في عام 640 ميلادية ، والتحول البطيء لأبناء هذه الأغلبية المسيحية القبطية من المسيحية للإسلام بسبب الاضطهادات التي عانى منها الأقباط المسيحيين على يد الفاطميين والأيوبيين والمماليك ، وتحول معظمهم إلى الإسلام بحيث أصبحت أغلبية سكان مصر من المسلمين مع نهاية القرن العاشر الميلادي.
الشاهد : ما مدى صحة الكلام باللون الأحمر ؟
و هل العنف الدائر في مصر اليوم - أحيانا - بين المسلمين و الأقباط هو لإجبارهم على اعتناق الإسلام أم نتيجة نزغ شيطاني و كراهية لمن أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أم فقط تلبيس و تدليس من جهات حكومية أو خارجية لتأجيج الصراع الطائفي بين المسلمين و النصارى ؟
و اسمحوا لي فإن طرح هذه الأسئلة في هذا الوقت و الجواب عنها ليس فقط مجاراة للأحداث و إنما هو للتأصيل الشرعي في التعامل مع النصارى عموما و مع الأقباط خصوصا.
Bookmarks