http://www.eld3wah.net/play-5826.html

سُئل الشيخ الألباني : لماذا التسمي بالسلفية ؟ أهي دعوة حزبية أم طائفية أو مذهبية ؟ أم هي فرقة جديدة في الإسلام ؟

فاجاب : إن كلمة السلف معروفة في لغة العرب وفي لغة الشرع ؛ وما يهمنا هنا هو بحثها من الناحية الشرعية :
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته للسيدة فاطمة رضي الله عنها : "فاتقي الله واصبري ، ونعم السلف أنا لك " .
ويكثر استعمال العلماء لكلمة السلف ، وهذا أكثر من أن يعد ويحصى ، وحسبنا مثالاً واحداً وهو ما يحتجون به في محاربة البدع :
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
ولكن هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها! فيقول : (لايجوز للمسلم أن يقول : أنا سلفي ) وكأنه يقول : (لا يجوز أن يقول مسلم : أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك)!.
لا شك أن مثل هذا الإنكار ـ لو كان يعنيه ـ يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح ، وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم : "خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " .
فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح ، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق .
والذي ينكر هذه التسمية نفسه ، ترى ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب ؟! سواء أكان هذا المذهب متعلقاً بالعقيدة أو بالفقه ؟
فهو إما أن يكون أشعرياً أو ماتريدياً ، وإما أن يكون من أهل الحديث أو حنفياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً ؛ مما يدخل في مسمى أهل السنة والجماعة ، مع أن الذي ينتسب إلى المذهب الأشعري أو المذاهب الأربعة ، فهو ينتسب إلى أشخاص غير معصومين بلا شك ، وإن كان منهم العلماء الذين يصيبون . فليت شعري هلاّ انكر مثل هذه الانتسابات الى الافراد غير المعصومين؟

واما الذي ينتسب الى السلف الصالح ، فانه ينتسب الى العصمة-على وجه العموم- ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الفرقة الناجية انها تتمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وماكان عليه اصحابه.

فمن تمسك بهم كان يقينا على هدى من ربه

وهي نسبة تشرف المنتسب اليها وتيسر له سبيل الفرقة الناجية، وليس ذلك لمن ينتسب اية نسبة اخرى.
لانها لا تعدو واحدا من امرين :اما انتسابا الى شيخ غير معصوم ، او الى الذين يتبعون منهج هذا الشخص غير المعصوم، فلا عصمة كذلك وعلى العكس منه عصمة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،وهو الذي امرنا ان نتمسك بسنته سنة اصحابه من بعده . ونحن نصر ونلح ان يكون فهمنا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفق منهج صحبه ،لكي نكون في عصمة من ان نميل يمنا اويسارا ،ومن ان ننحرف بفهم خاص لنا ليس هناك ما يدل عليه من كاتب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

ثم؛ لماذا لا نكتفي بالانتساب الى الكتاب والسنة؟
السبب يعود الى امرين اثنين:
احدهما:متعلق بالنصوص الشرعية.
والاخر:بواقع الطوائف الاسلامية.
بالنسبة للسبب الاول: فنحن نجد في النصوص الشرعية امرا بطاعة شيء اخر اضافة الى الكتاب والسنة، كما في قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [ النِّساء:59 ].
فلو كان هناك ولي امر مبايع من المسلمين ، لوجبت طاعته كما تجب طاعة الكتاب والسنة ، مع العلم انه قد يخطىء هو ومن حوله، فوجبت طاعته دفعا لمفسدة اختلاف الاراء،وذلك بالشرط المعروف: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"
وقال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖوَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ 115 النساء
ان الله عزوجل يتعالى ويترفع عن العبث، ولا شك ولاريب ان ذكره (سبيل المؤمنين) انما هو لحكمة وفائدة بالغة ، فهو يدل على ان هناك واجبا مهما ، وهو ان اتباعنا لكتاب الله لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجب ان يكون وفق ما كان عليه المسلمون الاولون، وهم اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم؛ وهذا ما تنادي به الدعوة السلفية ، وماركزت عليه في اسس دعوتها ، ومنهج تربيتها .
ان الدعوة السلفية -بحق-تجمع الامة،واي دعوة اخرى تفرق الامة، يقول الله عزوجل:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ (119) التوبة،

ومن يفرق بين الكتاب والسنة من جهة وبين السلف الصالح من جهة اخرى لا يكون صادقا ابدا.

اما بالنسبة للسبب الثاني: فالطوائف والاحزاب الان لا تلتفت مطلقا الى اتباع سبيل المؤمنين الذي جاء ذكره في الاية ، وايدته بعض الاحاديث منه حديث الفرق الثلاث والسبعين، ولكها في النار الا واحدة، وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بانها: (هي التي على مثل ما انا عليه اليوم واصحابي) انظر السلسلة الصحيحة204
وهذا الحديث يشبه تلك الاية التي تذكر سبيل المؤمنين ، ومنها حديث العرباض ابن سارية وفيه : (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)صحيح الجامع
اذن هناك سنتان: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وسنة الخلفاء الراشدين.
ولابد لنا-نحن المتاخرين - ان نرجع الى الكتاب والسنة وسبيل المؤمنين، ولا يجوز ان نقول : اننا نفهم الكتاب والسنة استقلالا دون الالتفات الى ماكان عليه سلفنا الصالح!!
ولابد من نسبة مميزة دقيقة في هذا الزمان ، فلا يكفي ان نقول: (انا مسلم فقط) او ( مذهبي الاسلام) ! فكل الفرق تقول ذلك: الرافضي والاباضي والقادياني وغيرهم من الفرق !!فما الذي يميزك عنهم؟
ولو قلت : انا مسلم على الكتاب والسنة لما كفى ايضا ، لان اصحاب الفرق -من اشاعرة وماتريدية وحزبية -يدعون اتباع هذين الاصلين كذلك .
ولاشك ان التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي ان نقول انا مسلم على الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح) وهي ان نقول باختصار انا سلفي
وعليه ؛ فان الصواب الذي لا محيد عنه انه لا يكفي الاعتماد على القران والسنة دون منهج السلف المبين لهما في الفهم والتصور، والعلم والعمل ، والدعوة والجهاد.
ونحن نعلم انهم رضي الله عنهم لم يتعصبوا لمذهب معين او شخص بعينه ،فليس من كان بكريا او عمريا او عثملنيا او علويا ، بل كان احدهم اذا تيسر له ان يسال ابا بكر او عمر او ابا هريرة ساله؛
ذلك بانهم امنوا انه لا يجوز الاخلاص في الاتباع الا لشخص واحد ، الا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ،الذي لا ينطق عن الهوى، ان هو الا وحي يوحى.
ولو سلمنا للنا قدين جدلا اننا سنتسمى بالمسلمين فقط دون الانتساب للسلفية -مع انها نسبة شريفة صحيحة-، فهل هم يتخلون عن التسمي باسماء احزابهم او مذاهبهم ، او طوائفهم -على كونها غير شرعية ولا صحيحة؟!!
فحسبكم هذا التفاوت بيننا ، وكل اناء بما فيه ينضح .