، :
البرهان الرياضي على ازلية المادة
هذا الموضوع يسعى الى اثبات أن المادة لازمة necessary أي أنها ليست مخلوقة بل موجودة و حسب فيزياء الكم Quantum physics:
منذ فشلت الفيزياء التقليدية classical physics في تفسير استقرار الذرة و نماذج طيفها وغيرها من الظواهر المتعلقة بالعالم الذري وما دونه ... أصبحنا بحاجة الى فيزياء جديدة ...لتفسر لنا العالم على ذلك المستوى الميكروي ... عالم مادون الذرة .. هذه الفيزياء هي فيزياء الكم ...
ان أحد المبادىء الأساسية في فيزياء الكم هو مبدأ الارتياب لهايزنبرغ Heisnbergs principle of uncertainity والذي ينص على أنه لايمكن تحديد طاقة جسيم ما خلال لحظة معينة بدقة تامة ..وذلك بسبب وجود ارتياب دائم بين هاتين الكميتين الفيزيائيتين , وذلك تبعا للقانون
Delta(E).Delta(T)> = h/4pi
أي أن اللاتعيين في الطاقة مضروبا باللاتعيين في الزمن سيكون أكبر أو يساوي ثابت بلانك على 4 باي ...
لم تعجب آينشتاين فكرة هذا العالم الاحتمالي القابع تحت الارتياب واللاتعيين ... فقال قوله الاعتراضي المشهور بأن الاله لا يلعب النرد
God doesnt play dice with the world..
واضافة الى ذلك قام اينشتاين بطرح نظرية المتغيرات الخفية Hidden Variables theory محاولا ارجاع ذلك اللاتعيين الكمي الى قصور الادراك الانساني المتجلي بجهله لبعض القيم الفيزيائية غير المكتشفة بعد !!!
في الحقيقة لقد أثبتت التجارب الفيزيائية الحديثة نسبيا خطأ فرضية ال Hidden Variables .. وبرهنت أن اللاتعيين الكمي ليس مجرد ظاهرة ابستمولوجية Epistemologic مقتصرة على حدود المعرفة الانسانية بل تتعدى ذلك الى كونها ظاهرة اونتولوجية Onthological أي وجودية متأصلة في الكون ذاته ..
لزوم المادة Necessity of Matter :
نتيجة عدم تمتع القيم الفيزيائية بقيم محددة فان الطاقة بامكانها أن تتغير بصورة تلقائية و لا يمكن التنبؤ بها من لحظة الى أخرى و كلما كانت الفترة الزمنية أقصر ستكون التموجات الكمية العشوائية أكبر ..في الواقع لا يمكن للجسيم أن يقترض طاقة من أي مكان طالما أنه يتوجب تسديد القرض فورا .. وتقتضي الصيغة الرياضية الدقيقة لمبدأ الريبة عند هايزنبرغ أن يتم تسديد القرض الكبير للطاقة بسرعة كبيرة أما القروض الأصغر فبعد زمن أطول ..
تؤدي ريبة الطاقة الى بعض النتائج الغريبة , من بينها امكانية أن جسيما كالفوتون مثلا يمكن أن يخرج من اللاشيء بشكل مفاجىء فقط ليختفي بعد ذلك بسرعة كبيرة ..
تعيش هذه الجسيمات على طاقة مقترضة وبالتالي على زمن مقترض .. ونحن لا نراها لكن ما نعتبره فضاء فارغا في الواقع هو مكتظ بحشود من هذه الجسيمات ذات الوجود المؤقت لا الفوتونات فقط بل الالكترونات و البروتونات وكل شيء آخر .. و لتمييز هذه الجسيمات مؤقتة الظهور من الأخرى الدائمة يطلق على جسيمات النوع الأول تسمية الجسيمات الافتراضية Virtual Particles
وعلى الرغم من عدم قدرتنا على رؤية هذه الجسيمات الافتراضية فاننا نعرف أنها موجودة "هناك فعلا" في الفضاء الفارغ لأنها تخلف أثرا لنشاطاتها يمكن الكشف عنه .
على سبيل المثال تؤثر الفوتونات الافتراضية بحيث تحدث تغييرا طفيفا في مستويات الطاقة في الذرات و تسبب أيضا تغييرا طفيفا مماثلا في العزم المغناطيسي للالكترونات .. وقد تم قياس هذه التبدلات الزهيدة و المهمة بدقة كبيرة باستخدام التقنيات المطيافية ..
لنفترض حيز من المكان فيه كمية معينة من المادة -الطاقة (طبعا المفهومان متكافئان وذلك حسب قانون آينشتاين E=MC2 (
الآن لنقوم بتفريغ الطاقة من هذا الحيز تدريجيا ,سوف تتناقص بالطبع كمية الطاقة الموجودة ... ولكن الى متى ؟؟؟
الجواب التقليدي عن هذا السؤال هو حتى وصول الطاقة الى ...الصفر !!
ولكن هذه ليست الحقيقة !! فسب ما رأينا قبل قليل ,هناك تموجات دائمة في مستوى الطاقة .. بتعبير آخر لا توجد قيمة محددة للطاقة بل مجرد مجالات ارتيابية .. وبما أن طاقة الصفر هي قيمة محددة فلا يمكن اذن وجود طاقة صفرية Zero-Energy ... لأن هذا ينافي مبدأ هايزنبرغ في الارتياب .. اذن كل ما يمكن الحصول عليه هو حيز من المكان المليء بالجسيمات الافتراضية و التي تعيش على طاقة مقترضة .. وذلك بحيث يمتلك هذا الحيز المكاني مقدار بغاية الضآلة من الطاقة , يدعى هذا المستوى الطاقي بال zero-point energy أو "طاقة نقطة الصفر " كما و يدعى الحيز المليء بهذه الجسيمات بالفراغ الكمي Quantum Vacuum....
الاستنتاج الممكن استخلاصه من كل هذا هو أن مفهوم الفراغ في العلم ليس هو ذلك العدم المطلق الذي يرمي اليه الفكر اللاهوتي , والأهم من ذلك هو أنه مهما حاولنا افراغ حيز ما من المادة فيجب أن يبقى هناك مقدار ما منها ..ان قوانين الفيزياء تحتم وجود مقدار من المادة شئنا أم أبينا ...
أقول هذه المادة يجب أن تنواجد حتما: اذن فالمادة لازمة الوجود ....
نشأة الكون Origin of the universe :
لقد استنتجنا حتى الآن أن المادة و الفراغ الكمي بطبيعة الحال هي مفاهيم لازمة وواجبة الوجود ,فمن هنا نشأ ايمان العلم بأزلية المادة ومطلقية الفراغ ...
Bookmarks