يا زميل، آمل أن لا تظن كأنك طرحت لغزا على الصغار، فهم يتبارزون و يتنافسون في الإجابة عنه !
أنت لا تستطيع نفي الحكمة الإلهية من خلقك لأنها :
حق بالضرورة تعلمه من سواء فطرتك
و إذ لا حق لك على الله و له عليك كل الحق بإيجاده لك من عدم،
و لأن وجودك ليس باطلا باعتبار أن الله تعالى لم يكلفك ما لا تطيقه و لم يدخلك النار بمجرد خلقك
و لأنه لا ينبغي بحال أن يظلمك مثقال ذرة و لو أنه مقتدر عليك و على كل شيء خلقه ..
هذا بالنسبة لصفة وجودك على هذه الأرض من عدم. أما بالنسبة لسبب وجودك و الذي عنيته بمغزى وجودك، فإن كنت تعلم بأنك مخلوق لله و تؤمن بخالقك فأنت لا تستطيع الإعتراض على إيجاده لك بهذه الصفة : صفة إنسان عرضة للإختبار .. و ملزم بعبادة ربه الذي يحيط بكل شأنه و لا غنى له عنه طرفة عين، لأن هذا يعتبر وقاحة بالغة من مخلوق ملزم من قبل خالقه أن يكون على هذه الصفة.
و عليه يكون اعتراضك على وجودك بهذه الصفة : إنسانا مختبرا، تدخلا في المشيئة الإلهية و ليس اعتراضا على مقتضى حكمته. و عليه لا لزوم لهذه السفسطة ابتداء ؟
أما إن كنت لا تؤمن بالله الحق الذي له صفات الكمال فسؤالي لك : هل تعتقد أو تظن بأن الله تعالى لا يتصف بكمال الحكمة في حال خلقك للإختبار أم في حال لم يخلقك لشيء ؟
و إن كنت تعتقد بأن اختباره لك عين الحكمة لزمك التسليم بكمال الفعل الإلهي في ذلك و في ما يقتضيه تبعا.
و إن كنت تعتقد أنه لا لزوم لهذا الإختبار أصلا و أنه كان على الله تعالى أن يدخلنا الجنة دون سابقة اختبار و لا حساب .. فهذا أيضا لا ينتقص من حكمة الله بأي حال، و إنما هو اعتراض على محض مشيئته سبحانه. و هو في الواقع لا يتفق مع عدل الله و حكمته في شيء، لأن الله تعالى هو الحق ولا ينبغي أن يثيب أحدا على غير إحسان أو يعاقب أحدا على غير إساءة.
كما أن دخول أهل الجنة الجنة على استحقاق بفضل الله ثم بأعمالهم هو أعظم لإحساسهم بقربهم من الله و رضاه عنهم و رضاهم عنه و أكمل لتنعمهم و شعورهم بلذات تفوق الوصف كما وصف الله تعالى في كتابه. و بهذا أيضا يظهر كمال حكمة الله في ابتلائهم بالحسنات و السيئات في الحياة الدنيا.
Bookmarks