النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: نظرة في اليقين البرهاني (الفلسفي): ما له..وما عليه..

  1. #1

    افتراضي نظرة في اليقين البرهاني (الفلسفي): ما له..وما عليه..

    اليقين البرهاني: تعريفه وتبعاته..

    تعريف اليقين عند المتكلمين نجده متأثرا بمناهج الشك عند الفلاسفة فقالوا هو: (( العلم بالشيء بعد أن كان صاحبه شاكا فيه سواء كان ذلك العلم ضروريا او إستدلاليا))[1]..وهو (( العلم بحقيقة الشيء بعد النظر والإستدلال)) [2]..ومعناه أن يعتدل المرء التصديق والتكذيب حتى يصل بالإستدلال والبرهان المنطقي المرتب ترتيبا فلسفيا معينا إلى إزالة الشك ومن ثم يصل إلى اليقين..أي أن: اليقين مبني على الشك في المقدمات مهما كانت تلك المقدمات يقينية..وتأسيسا على هذا التعريف وقع التعميم وصار هو المنهج الأوحد في بلوغ اليقين.. يقول الغزالي رحمه الله -في إحدى مراحله الفكرية-: ( (من لم يشك لم ينظر ومن لم ينظر لم يبصر..ومن لم يبصر بقى في الضلال والعمى)[3] ..وبالتأسيس على هذه التعريفات وقع رد إيمان المقلد دون تفصيل العبارة سواء بالتعصية أو بالتكفير ليخلصوا في النهاية إلى أنه : (( لا يصح أن يؤخذ الإيمان بالله من كلام الرسل ولا من الكتب المنزلة ))[4] ويروا أنه ((لا بد أن يصل الإنسان إلى معرفة الله أولاً بعقله ثم يصل إلى الإيمان بالرسل))..[5]

    تطبيق منهج الشك على منهجهم في الشك: يُبطل قصدهم منه..

    أولا حصرهم لمعنى اليقين في ضرورة أسبقية الشك هو في غير محله وإن كنا نعتبره وجها من أوجه اليقين إلا أن فيه تضييق على معنى آخر يحتمله اللفظ سواء لغة أو اصطلاحا وهو القول بأنه: العلم الجازم الذي لا يقبل التشكيك أصلا أو هو الثابت الواضح الذي لا شك فيه..وهذا التعريف يخص ما أجمعت عليه العقول السوية من بديهيات ومسلمات والسعي لإلزام هذا الجمع الغفير إلى تنبني منهج تنتهي فيه المقدمات إلى بديهيات هو فتح لباب المشاكل وتعقيد السهل. إذ أن الشك في ما تختزنه الفطرة من مسلمات يقينية يُعَقِّد الفطرة البشرية في تعاملها مع الحقائق فبعد جهد جهيد سيعود الشخص ليعترف أن الإنسان مزود بداهة أنه يمكنه أن يعرف وأبلغ دليل على هذا هو عدم شعور النفس بالحاجة لإقامة مثل هذا الدليل (إلا أن يكون من باب الإطمئنان وزيادة اليقين)..ذلك أنه: (( من نظر في دليل يفيد العلم وجد نفسه عالمة عند علمه بذلك الدليل كما يجد نفسه سامعة رائية عند الإستماع للصوت والترائي للشمس أو الهلاك أو غير ذلك..والعلم يحصل في النفس كما تحصل سائر الإدراكات بما يجعله الله من الأسباب..والله سبحانه خلق عباده على الفطرة التي فيها معرفة الحق والتصديق به ومعرفة الباطل والتكذيب به )) [6] وهي ذات النتيجة التي خلص إليها الغزالي رحمه الله حين اعترف في آخر مراحله بأن اليقين نور قذفه الله في قلبه ولم يكن ذلك بنظم دليل وترتيب كلام..فما الفائدة إذن وما المعنى من أن نطلب الإستدلال على مسألة هي مركوزة في النفوس فـــ:ـ((الإقرار والإعتراف بالخالق فطري ضروري في نفوس الناس، وإن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة )) [7]..

    ثانيا منهج المتكلمين هو منهج رد الفعل والتأثر بالخصوم فملازمة الملاحدة والسفسطائيين مع إحسان الظن بهم وبمنهاجهم دفعهم للأخذ بمقدماتهم والتأسيس لليقين على أسسهم النخرة ثم كانت حجتهم أن الناس جميعا يستوون فى المعارف وفى القدرات والمواهب وأن العقل البشرى متحد ومتطابق وهذا غير صحيح إذ عامة الناس لا يمكنهم الدخول في هذا المعترك الفلسفي وترتيب الدليل البرهاني ترتيبًا فلسفيًا.
    فهم من جهة قد حادوا عن اليقين القرآني الذي يُبنى فيه يقين الوحي على يقين الفطرة ليصبح الأمر نور على نور بالمصطلح القرآني إلى منهج آخر مختلف تماما يبنى فيه اليقين على الشك والضلال أي نور على ضلال تركا لمنهج القرآن العام..ومن جهة أخرى عملا بمناهج رد الفعل القائلة : ((من أراد أن يشرع في المعارف الإلهية..فليستحدث لنفسه فطرة أخرى ))[8]..فاستحدثوا منطلقات جديدة مختصة بأولئك الأعيان من الشكاك دون غيرهم وهم ينحصرون في طبقة فكرية معيّنة هي في الغالب تأثرت بمناهج ومدارس الشك سواء منه المطلق أو المنهجي ليسقطوها جبرا على من نقت فطرتهم ولم تدنس وهم السواد من العوام من اللذين حصّلوا تلك العلوم دون تعقيد..إذ أن الشك في أمور بديهية هي حالة عارضة بمثابة الأمراض والأصل فيها اليقين وليس الشك مثل أن الأصل هو الصحة وليس المرض: (( فالأسباب العارضة لغلط الحس الباطن أو الظاهر أو العقل بمنزلة المرض العارض لحركة البدن والنفس..والأصل هو الصحة في الإدراك والحركة )) [9]

    ثالثا طبيعي أن يترتب من حشر اليقين في هذه الزاوية الضيقة إما تعصية أو تكفير من لم يتبع طريقهم الفلسفي بدعوى أنه إيمان مقلد لم ينبني على نظر واستدلال (شك)..فجعلوا المُحصّلة أن النظر فى طريق معرفة الله تعالى هو أول الواجبات وقالوا لا يصح إيمان بغير نظر..وهو قول باطل لأمرين أولهما أن قد غاب عنهم أن المقلد لا يُذم بإطلاق كما فعلوا هم وإنما هو: (( لفظ مشترك يطلق بمعنيين: أحدهما قبول قول الغير بغير حجة..والمعنى الثاني للتقليد: أنه الاعتقاد الجازم المطابق لا لموجب..وهذا المعنى الثانى لم يقل أحد من علماء الإسلام إنه لا يكفي في الإيمان إلا أبو هاشم من المعتزلة وقد انفرد بذلك عن طائفته وسائر طوائف الإسلام من أهل السنة وغيرهم وخالف الأدلة ))[10]
    ولم يتبينوا الفارق بين التقليد الواعي ونقيضه وهو كالفرق بين جزم العلم وجزم الهوى..فــــ((غاية ما يقول أحدهم: إنهم جزموا بغير دليل وصمموا بغير حجة وإنما معهم التقليد..وهذا القدر يكون في كثير من العامة..لكن جزم العلم غير جزم الهوى..فالجازم بغير علم يجد من نفسه أنه غير عالم بما جزم به والجازم بعلم يجد من نفسه أنه عالم )) [11]
    فتناسوا ان الله تعالى كما ذم المقلدين عن هوى في القرآن مدح كذلك المقلدين عن وعي فقال سبحانه (( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) [12]
    ثانيها أن الإنسان لم يولد كما هو في زعمهم ساذجا لا يعرف شركا ولا توحيدا وإنما يولد عَلَى التوحيد الذي أخذ الله سبحانه ميثاقه علينا في الفطرة..كما قال تعالى: (( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ))[13] ولذلك لما يدخل أهل النّار النار يوم القيامة..فيقول سبحانه كما في الحديث الصحيح لبعض أهل النار: (( ابن آدم! لو أن لك ملك الأرض جميعاً أتفتدي به من عذاب النار؟ فَيَقُولُ: نعم يا رب والله لو كَانَ لي ملك الأرض لافتديت به من هذا العذاب الذي أنا فيه، فيقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: قد طلب منك ما هو أهون من ذلك، قد أخذت عليك العهد وأنت في صلب أبيك ألا تشرك بي شيئاً ))..

    اليقين القرآني وعلاقته باليقين الفلسفي

    كمقارنة أولية يمكننا القول أن اليقين القرآني هو ملك العامة والخاصة في حين أن اليقين الفلسفي هو مسلك الخاصة..وذلك أن الإنسان قد يحصل له اليقين بالتسليم والوعي الفطري دون الحاجة إلى الدليل وإنما جعل الدليل من أجل الإطمئنان وتجاوز درجة التصديق إلى درجة أعلى كما في قول ابراهيم عليه السلام (قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي)..فالدليل بالنسبة للمسلم في نظر القرآن لا يكون ناشئا عن شك: (( فقيمة الدليل هي في أنه منبه للفطرة والدليل بالنسبة لمسلم لا يكون ناشئا عن شك..المستدل ليس شاكا حتى يصل بالإستدلال إلى إزالة الشك ومن ثم يصل إلى اليقين..ولو كان الأمر كذلك أي لو كان الإستدلال هو الطريق لليقين لما كان الإيمان امرا ميسورا للناس.ومن ثم كان مقصود الإستدلال البرهاني في القرآني زيادة اطمئنان للشخص وتأكيدا ليقينه بالمدلول..هذا بالنسبة للمؤمنين..اما غيره فيكون الإستدلال بالدليل البرهاني من أجل إقامة الحجة عليه..أي ان مقصود القرآن تقوية اليقين بالمعنيين جميعا: نفي الشك الذي يدعيه الخصم وزيادة تسليط اليقين على النفس حتى يكون هو الغالب عليها المتحكم والمتصرف فيها..وعلى ذلك فاليقين الفلسفي -البرهاني- جزء من اليقين القرآني واليقين القرآني أعم منه وكثيرا ما يكون أسبق منه )) [14]
    فآيات التدبر والدعوة إلى إعمال العقل في القرآن ليست هي دعوة إلى الشك كمنهج لبلوغ اليقين..إذ أن اليقين الذي يكتسبه المؤمنون من الآيات (( لا يعني بأنهم بغير يقين حتى تأتي هذه الآيات..وأن هذه الآيات لا تنشئ اليقين..إنما اليقين هو الذي يدرك دلالتها ويطمئن إلى حقيقتها ويهيئ القلوب إلى التلقي الواصل الصحيح )) [15] ..ولو كان الدليل هو منشئ الإيمان لوجدناه يدور مع الدليل وجودا أو عدما فالكفار حتى مع قيام الدليل واستيقان نفوسهم للحقيقة إلا أن الدليل الذي من المفترض أن يتصرف في نفوسهم ويوجههم للإيمان لم يحصل..قال سبحانه فيهم (( فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين* وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا ))..
    وجه آخر يبين لنا مدى قصور الدليل البرهاني ألا وهو عجزه وعدم فعاليته في مسائل الغيب ومتعلقاته وخير دليل عدد الأقدام التي زلت في هذا الباب ممن وصل بهم الحال إلى إنكار نعيم القبر وعذابه أو إنكار النزول والإستواء وغيرها كثير..والشاهد أنه: (( ليس ميدان اليقين القرآني منحصرا في عالم الشهادة حتى يقوم المتيقن بالنظر والتحقق من كل شيء بحسه وعقله وإنما يتجاوزه إلى عالم الغيب..واليقين بعالم الغيب يخضع للزيادة والنقصان والتفاوت..لا من جهة الشك ولكن جهة الإطمئنان وزيادة اليقين..ومن ثم كان إمتحان الإنسان بهذا اليقين الغيبي أبلغ من إمتحانه بما يشاهده في عالم الشهادة..وهنا يكمن سر الإيمان والعبادة والإبتلاء..)) [16]..
    ومن هنا يتبين أن قيمة الدليل في القرآن الكريم كامنة في تنبيه وإيقاظ الفطرة الإنسانية..وبهذا يكون اليقين القرآني ذا شقين شق فطري بديهي (لمن نقت فطرته) وشق برهاني استدلالي (لمن فسدت فطرته ولزيادة يقين الأول)..وبهذين الشقين يكون قد خرج عن الإطار الفلسفي الذي يرى أن البرهان اليقيني لابد أن ينشأ عن الدليل البرهاني الذي لا يعترف بالفطرة مصدرا لليقين ومن غير أن يقام على ذلك دليل وهو ما يجمع حوله كل من نقت فطرته وصفت سريرته فأقر عقله بوجود:
    (( قوة تقتضي طلب معرفة الحق وإيثاره على ما سواه..وإن ذلك حاصل مركوز فيها من غير تعلم الأبوين ولا غيرهما..بل لو فُرض أن الإنسان تربى وحده..ثم عقل وميز لوجد نفسه مائلة إلى ذلك نافرة عن ضده ))[17]..
    والسلام
    ..
    [1]/–الرازي-مفاتيح الغيب-ج1-173
    [2]/الجرجاني –التعريفات-34-
    [3]/ميزان العقل 175
    [4]/محمد عبده–الإسلام والنصرنية-45-55-
    [5]/-الفكر الثوري في مصر د.عبد العظيم رمضان: 33-34.- (نقلا عن محمد عبده)
    [6]/بن تيمية-نقض المنطق-28-29
    [7]/بن تيمية مجموع الفتاوى
    [8]/الرازي في أساس التقديس نقلا عن أرسطوطاليس
    [9]/بن تيمية-نقض المنطق-26-27
    [10]/فتاوى السبكى ، تحقيق حسام الدين المقدسى ، دار الجيل بيروت ، 1992، 2/365-
    [11]/بن تيمية-نقض المنطق-26-27
    [12]/سورة التوبة الآية 100
    [13]/الأعراف 172
    [14]/د.راجح عبد الحميد الكردي-نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة-
    [15]/سيد قطب في ظلال القرآن ج1 ص107
    [16]/د.راجح عبد الحميد الكردي-نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة-
    [17]/بن القيم-شفاء العليل-304
    التعديل الأخير تم 12-10-2015 الساعة 01:41 PM
    التعقيد في الفلسفة بمثابة أوثان مقدسة يُحرَّمُ الإقتراب منها بالتبسيط أو فك الطلاسم
    فمن خلال التبسيط يتكشَّف المعنى السخيف -لبداهَتِه أو لبلاهَتِه- المُتخفي وراء بهرج التعقيد وغموض التركيب..

    مقالاتي حول المذاهب والفلسفات المعاصرة


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    1,058
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    مجهود كبير سيدي مستفيد حفظك الله ورعاك لكن لي عليه بعض الملاحظات التي ان تعقلتها ستجدها تكمل مقالك ولا تنقدها لانني اعتقد ان الخلاف في هذه القضايا غالبا ما يكون لفظيا وانه لو اتضحت المعاني سيزول سوء الفهم ان شاء الله...فارجو القراءة المتأنية منك بارك الله فيك.

    الفكرة من هذا الرد أن أوضح أن هناك مقامين، مقام العالم وطالب العلم ومقام العامي :

    الاول : مقام يتناول شخصية الانسان بشكل فردي وهو مقام عوام الناس والعلماء جميعا بحيث يقول سادتنا العلماء كالامدي رحمه الله أن طرق تحصيل اليقين كثيرة جدا، وان الشك ليس حتميا، كأن يجد بعضهم الايمان بالله فطريا عند أول نظر في الكون وهذا محسوس عند معظم الناس، أو كأن يجد الواحد فينا اليقين بالله عن طريق الاجتهاد في العبادة وتزكية النفس منذ سنوات الصغر، وبعضهم بأن يلهمه الله في لحظة من لحظات الصفاء الذهني علما جازما بوجوده فيصير بعدها موقنا بوجود الحق سبحانه، فهذه كلها سبل من اجل الوصول الى الهداية المرجوية، والله تعالى هو الذي قال : ( لنهدينهم سبلنا ) أي طرق الوصول الى الله ليس محدودة بل هي عديدة متكثرة بكثرة مراتب حكمته سبحانه. والمطلوب من المكلف عند اغلب العلماء معرفة الدليل الاجمالي على وجود الله وهذا متحقق عند كل من ينطق مثلا بجملة ( سبحانه الله ) مثلا، فهذه شهادة منه على أن الاثر المنظم فيه دليل على صانع الكون المتفرد بسييره والذي سخر له هذا المنظر الجميل بحيث تلفظ بهذه الكملة. فكما يجب الايمان بسيدنا محمد بالدليل الاجمالي المعروف فكذلك الايمان بالله يكون كذلك. ولا اظنك تختلف معي عند هذا الحد.

    لكن على المستوى الجماعي، أي تخيل نفسك امام صف من الطلاب في العقيدة وانت استاذهم وقلت لهم : من منكم يجد الايمان بالله بدهيا ؟ لا شك أن اغلبهم سيرفع يده وسيبقى طالب او طالبين ممتنعين عن ذلك، وخير دليل منتدانا هذا. اذ يأتينا بعض الباحثين عن الحقيقة الذين لم يجدوا هذه الفطرة او هذا الادراك البدهي لوجود الله، أو على الاقل كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية أن هؤلاء فسدت فطرتهم، بحيث استحال عليهم تحقيق اليقين بطريق الفطرة. أقول كيف سيكون الحال مع هؤلاء ؟ بل كيف تقيم الحجة على هؤلاء بحيث يكونون مستحقين للعذاب الاخروي اذا الزمتهم واستكبروا بعد ذلك ؟

    هؤلاء يجب ان نقدم لهم الادلة على كل دعوى ندعيها كما نفعل ههنا مع الملاحدة، بحيث نلزمهم ونعتذر الى ربنا منهم، وهذا لا يكون إلا بإخلاء الذهن من كل معتقد مسبق وليس معنى اخلاء الذهن الشك في المعتقدات، بل الحرص على أن لا تتداخل مسلماتنا ككون رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا مع العملية المنطقية، وهذا الذي نفعله اذ الواحد فينا يضع نفسه مكان الملحد لكي يفهم طريقة تفكيره من اجل الرد على شبهته، دون أن يكون ذلك بمثابة الشك في الدين، والا لكنا كلنا شكاكا على هذا الاعتبار.

    ثانيا : عندما تخلي ذهنك من كل اعتقاد مسبق، فانت تضع منهجا متكاملا يكون حجة على كل الناس، وعلى كل طالب في ذلك الفصل، فالمتكلمون مثلا يستدلون أولا على أن صانع الكون مريد عليم قادر منزه عن النقائص كالكذب مثلا، بل ويقدمون صراحة العقل على النقل في هذا الباب، ليس لانهم يحبون ذلك أو لانهم تعجبهم عقولهم، بل لكي لا يأتي غيرهم ويلزمهم بتناقضات في منهجيتهم. فنجد الامام السنوسي يقول مثلا أن لا دلالة للمعجزة قبل الاستدلال على بعض صفات الله بالعقل، فيقدف بعضهم هذا الامام فيقول له : أتقدم عقلك على النقل ؟ أو يقول له : هذا ليس من طريقة الصحابة والسلف،؟ وهو يجهل بعد نظر هذا الامام رحمه الله تعالى...

    ولو كان هؤلاء امام الامام رحمه الله لسألهم سؤالا واحدا، هل في القران الكريم ضمانة لي أنا كمسلم او كملحد او كلاديني على أن خالق الكون سينفد وعده ؟ ما أدرانا أنه لا يكذب علينا وعلى رسوله ؟ أين في ادلة القران ما يثبت هذا ؟ وهل القرأن من شانه ان يثبت هذا ؟ كيف نستدل بالقرأن على صدق القرأن ؟ ولذلك كل منهج صادق مع نفسه سيستدل أولا على أن خالق الكون لا يكذب مريد عالم قادر لكي يكون للقران وللادلة النقلية معنى وهذا من حرصهم رحمهم الله على ادلة النقل، وليس لابتعادهم عنها كما تبين. اذ من دون تقديم للعقل على النقل في هذا الباب ستفقد الادلة النقلية كل مصداقية لها.

    وهذه تسمى بنظرية المعرفة أي انك تبني كل اصل على دليل معين، بحيث تبين سبب اختيارك مثلا للدليل العقلي من اجل الاستدلال على أن الله لا يكذب، على الدليل النقلي، وايضا لكي توضح سبب اختيارك للدليل النقلي من اجل الاستدلال على وجود الملائكة بدل الدليل العقلي وهكذا. هذه كلها خطوات منهجية يجب احترامها لكي لا نسقط في التناقض او في الدور المنطقي وغير ذلك من المغالطات. لكي لا نفتح الباب للاخرين من اجل نقدنا ووصفنا بفقدان المنهجية والزام الاخرين بناء على مصادرات بينة. وهذا سبب تبني اكثر علماء الاسلام للمنهج الكلامي، فارجو ان تأخد ملاحظاتي هذه بمحمل الجد وتعيد النظر في وجهة نظرك من المتكلمين لانهم قد ظلموا كثيرا كما اتضح لك.

    تحياتي.....

  3. #3

    افتراضي

    شكرا على الإطراء أخي حمزة وبارك الله فيك..
    ----
    تأملتُ ملاحظاتك وتعقلتُها أخي حمزة عملا بمشورتك فخلصلتُ إلى الآتي:
    أنك للأسف لم تتأمل جيدا الموضوع وتسرعتَ في طرحِ ملاحظاتك على نقاط لم يُغفلها الموضوع منها ما مرَّ عليها تأييدا ومنها ما كان تفنيدا..
    فما كان تأييدا..قولك:
    اذ يأتينا بعض الباحثين عن الحقيقة الذين لم يجدوا هذه الفطرة او هذا الادراك البدهي لوجود الله، أو على الاقل كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية أن هؤلاء فسدت فطرتهم، بحيث استحال عليهم تحقيق اليقين بطريق الفطرة. أقول كيف سيكون الحال مع هؤلاء ؟ بل كيف تقيم الحجة على هؤلاء بحيث يكونون مستحقين للعذاب الاخروي اذا الزمتهم واستكبروا بعد ذلك ؟
    هؤلاء يجب ان نقدم لهم الادلة على كل دعوى ندعيها كما نفعل ههنا مع الملاحدة
    وهل أنكرنا نحن ذلك..ولعل عنوان الموضوع أبلغ حجة للتعبير: نظرة في اليقين البرهاني (الفلسفي): ما له..وما عليه..
    أي أننا قررنا منذ البداية أن في البرهان الفلسفي ما هو: له..ثم ذكرنا هذا الذي هو له ودللنا عليه من أقوال العلماء..ومن فاته كل ذلك وجدها في الملخص آخر الموضوع ..بحيث قلنا: (( وبهذا يكون اليقين القرآني ذا شقين شق فطري بديهي (لمن نقت فطرته) وشق برهاني استدلالي (لمن فسدت فطرته ولزيادة يقين الأول ))..
    أما ما مرَّ عليه الموضوع تفنيدا..فهو قولك:
    وهذا لا يكون إلا بإخلاء الذهن من كل معتقد مسبق وليس معنى اخلاء الذهن الشك في المعتقدات، بل الحرص على أن لا تتداخل مسلماتنا ككون رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا مع العملية المنطقية، وهذا الذي نفعله اذ الواحد فينا يضع نفسه مكان الملحد لكي يفهم طريقة تفكيره من اجل الرد على شبهته، دون أن يكون ذلك بمثابة الشك في الدين، والا لكنا كلنا شكاكا على هذا الاعتبار.
    هناك فرق كبير جدا بين التنزل الجدلي لإقامة الحجة على الخصم كما هو منهج القرآن كقوله تعالى: (لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا)..وبين التنزل العقدي تأثرا بمنهج الخصم..
    وقد فصّل الموضوع جيدا تلك الفروقات -كما أحسب- ..وملخصه ان التنزل إذا ما كان مع الخصم فهو محمود..أما إسقاطه على أهل القبلة فهذا الذي فندناه وليس الأول..
    ثانيا : عندما تخلي ذهنك من كل اعتقاد مسبق، فانت تضع منهجا متكاملا يكون حجة على كل الناس، وعلى كل طالب في ذلك الفصل
    هذه كذلك فندها الموضوع..وقدم حججه على عكس كلامك فلا يرد كل ذلك أخي الكريم بجرة قلم تحت عنوان الملاحظة..
    فنجد الامام السنوسي يقول مثلا أن لا دلالة للمعجزة قبل الاستدلال على بعض صفات الله بالعقل، فيقدف بعضهم هذا الامام فيقول له : أتقدم عقلك على النقل ؟ أو يقول له : هذا ليس من طريقة الصحابة والسلف،؟ وهو يجهل بعد نظر هذا الامام رحمه الله تعالى...
    يا أخي حمزة بارك الله فيك..كيف يُجهل نظر السنوسي وهو يعتبر النظر والاستدلال بالأقيسة المنطقية شرطاً للدخول في الإسلام ذكر البيجوري في شرح الجوهرة ص32 قال "يكون المقلد كافرا وعليه السنوسي في الكبرى"..ومن عاند في أدائه وجب استخراجه منه بالسيف إلى أن يموت:
    الاســـم:	22-03-2014 11-43-07.jpg
المشاهدات: 4122
الحجـــم:	19.5 كيلوبايت
    --((شرح أم البراهين)) للسنوسي (ص: 16..17)--
    فلا يخرج المسلم العامي وغير الأشعري من أحد الأمرين إما أن يكون كافرا وهو قول معتبر عندهم وإما أن يكون فاسقا وهو المرجح عند بعضهم..صدقا أخي حمزة لا أريد شخصنة الموضوع في اسم بعينه أو مذهب بعينه كي لا يفقد الموضوع هدفه ومغزاه.. وهو إرشاد مرتادي منتدى التوحيد إلى عدم التأثر بمنهج الخصم عند تبنينا لمنهجهم تنزلا لنقضه أو لإقامة الحجة أو ردا لشبهة..
    ولذلك كل منهج صادق مع نفسه سيستدل أولا على أن خالق الكون لا يكذب مريد عالم قادر لكي يكون للقران وللادلة النقلية معنى وهذا من حرصهم رحمهم الله على ادلة النقل،
    أيضا فصلنا هذه النقطة في حديثنا عن تعميم منهج تنتهي فيه المقدمات إلى بديهيات..فأوضحنا ان البديهيات لا يُستدل عليها (إلا عند من فسدت فطرته)..وأضيف قول للدكتور يوسف كرم في كتاب العقل والوجود ص21-23 : " إنما يلتمس البرهان على صدق العقل في التعقل نفسه كما يستوثق من صلاح آلة باستعمالها. فالعقل حين يزاول فعله الأساسي الذي هو الحكم سواء أكان الحكم بديهيا أم نتيجة إستدلال يدرك مطابقته للموضوع المحكوم عليه..أي يحس ضمنا أنه يدرك ان الموضوع هو كما يُحكم عليه..وحين يعود على هذا الإدراك هذه المطابقة بالفعل يحس بالفعل أنه كفئ لإدراك الحق. فليس البرهان ههنا قياسا حتى يتسلسل من مقدمة إلى أخرى ولكنه اقتناع بديهي في مزاولة التعقل..أي بشكل أيسر وأوضح في التعقل البديهي للمبادي العامة"
    وهي ذات الفكرة التي خلص إليها شيخ الإسلام رحمه الله كما سبق وأشرنا في قوله: " من نظر في دليل يفيد العلم وجد نفسه عالمة عند علمه بذلك الدليل كما يجد نفسه سامعة رائية عند الإستماع للصوت والترائي للشمس أو الهلاك أو غير ذلك..والعلم يحصل في النفس كما تحصل سائر الإدراكات بما يجعله الله من الأسباب..والله سبحانه خلق عباده على الفطرة التي فيها معرفة الحق والتصديق به ومعرفة الباطل والتكذيب به "..
    وهذا متحقق عند كل من ينطق مثلا بجملة ( سبحانه الله ) مثلا، فهذه شهادة منه على أن الاثر المنظم فيه دليل على صانع الكون المتفرد بسييره والذي سخر له هذا المنظر الجميل بحيث تلفظ بهذه الكملة
    قال صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله )..ولم يقل حتى يقولوا سبحان الله..وكذلك أمر أصحابه وكل كافر او مشرك عند دخوله الإسلام..ولم يأمرهم ان يتأملوا ويتعقلوا ليثتوا ليسبحوا ليقولوا من بعده لا إله إلا الله..وتكفي هذه اللمحة لبيان أيهما أول الواجبات على المكلف..
    بحيث تبين سبب اختيارك مثلا للدليل العقلي من اجل الاستدلال على أن الله لا يكذب
    هذه النقطة شبيهة بقضية الشيطان الماكر عند ديكارت..سبحان الله أيستدل عاقلا سليم الفطرة على أن الله لا يكذب..

    شكرا على ملاحظاتك أخي حمزة رغم كونها متسرعة ومكانها في المحور الأول من الموضوع فهي من جنس ما وقع عرضه قبل أن يتم نقده..وأرجو منك تقبل ملاحظاتي على ملاحظاتك..ودمتَ سالما..
    التعديل الأخير تم 03-22-2014 الساعة 02:11 PM
    التعقيد في الفلسفة بمثابة أوثان مقدسة يُحرَّمُ الإقتراب منها بالتبسيط أو فك الطلاسم
    فمن خلال التبسيط يتكشَّف المعنى السخيف -لبداهَتِه أو لبلاهَتِه- المُتخفي وراء بهرج التعقيد وغموض التركيب..

    مقالاتي حول المذاهب والفلسفات المعاصرة


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    1,058
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ملاحظة : انا هنا اريد هنا ان اقنعك بتنبي منهج معين من اجل الدفاع عن العقيدة السلفية وليس نقد عقيدتك او الدفاع عن عقيدة معينة، يكفي ان نقطة الخلاف هذه مختلف فيها حتى في عقيدتي لذلك ارجو ان ترى في كلامي ما قد تتوهمه العقول.

    - الفكرة الكبيرة التي اتفقنا عليها : هي أننا لا يجب ان ندفع الناس في أمة الاسلام الى الشك في عقائدهم، بل يكفيهم الدليل الاجمالي الذي يعرفه كلنا تقريبا، والذي يلقنه الاب لابنه واتباع الفطرة السليمة، فان كنت ترى أنه لا يجب معرفة هذا الدليل، فاقول هذا تقليد محض، وهذا التقليد لا وجود له في واقع الاسلام، لان الاسلام بطبيعته لا يقبل هذا التقليد المحض. فعباداته كلها تعرفك بالله تعال من قراءة القران الى الصلاة وغير ذلك. فهو متحقق في كل الاحوال، ولا داعي للنقاش في هذه النقطة ما دمنا اتفقنا على اننا لا نجبر العوام او نكرهم على فعل شيء.

    لكني لا أتحدث هنا عن عوام المسلمين، بل أتحدث عني وعنك وعن طلبة العلم الذين يجب ان ينبني ايمانهم على اسس صلبة، فنحن لا نؤمن لانفسنا كالمقلدين، بل نحن نؤمن من اجل الدفاع عن عقائد الاسلام، لذك يجب ان يكون حصول الايمان فينا بطريقة منهجية ليس مبنية على مصادرات واخطاء تجعلنا كالمقلدين.

    فحتى لو تحققت لديك الفطرة، لكن انت كيف ستلزم غيرك بهذه الفطرة ؟ وطلبة العلم الذين تدرسهم بها ؟ لن تفيدك الفطرة هنا، بل يجب ان تبني عقائد الاسلام على منهجية ونظرية معرفة محترمة بحيث تشرح فيها اصول المذهب والدليل الذي جعلك تعتقد بصحة ذلك الاصل، بل والرد على من شكك في ذلك الاصل. مثلا انا جئت بشبهة : تقول كيف نعرف أن الله لا يكذب علينا، باستطاعة العقيدة السلفية ان وافقت المعتزلة في التحسين والتقبيح العقليين، اي ان الكذب قبيح ولذلك فهو محال على الله تعالى، فكذا ستلزم طلبة العلم في الفصل. فتوضح لهم ان صدق الله لا يعرف بدليل نقلي، فتترقى معهم فتستدل لهم على صدق الرسول، ثم بعد ذلت تناقش معهم التكليفات، هكذا هي منهجية طلب العلم. هي الاستدلال على كل اصل بدليل شرعي : سواء كان عقليا او نقليا، بحيث لا سنقط في الدور المنطقي، كأن تتوقف صدق الرسالة على صدق الله، ويتوقف صدق الله على الرسالة...أرجو ان تكون فهمت كلامي هنا، ولذلك سانقل لك كلاما نفيسا للامام السنوسي ادعوك كسلفي ان تتبناه، بالمناسبة - موفق الامام جانب الصواب في تلك النقطة الخاصة بالمقلدين وقد عاد عنها رحمه الله- فانظر الى ما قال بارك الله فيك بتجرد :

    قال رحمه الله : عقائد الايمان بنيت على ثلاث : الأول: ما لايصح أن يعلم إلا بالدليل العقلي وهو: كل ما تتوقف عليه دلالة المعجزة، كوجوده تعالى وقدرته وإرادته وعلمه وحياته، فإنه لو استدل على هذا القسم بالدليل الشرعي وهو متوقف على صدق الرسل المتوقف على دلالة المعجزة لزم الدور.

    أقول أنا حمزة : هذا هو ما نسميه بتقديم العقل على النقل في هذه القضايا الذي هم منهج المتكلمين عموما، وقد بان لك السبب الذي دفعنا للاخد به.

    ثم أكمل : القسم الثاني: ما يصح أن يستدل عليه بالدليل الشرعي وهو: كل ما لا تتوقف عليه دلالة المعجزة كالسمع والبصر والكلام والبعث وأحوال الآخرة جملةً وتفصيلاً.

    الثالث: ما اختلف فيه للتردد في هل هو من القسم الأول أو من القسم الثاني كالوحدانية، فإنه اختلف فيها هل يكفى فيها الدليل السمعي بناءً على عدم توقف دلالة المعجزة عليها في علم الناظر، وإن توقف وجود المعجزة عليها في نفس الأمر لاستحالة وجود الفعل مع وجود الشريك، أو لابد فيها من الدليل العقلي نظراً إلى توقف دلالة المعجزة على صحة وجود المعجزة المتوقف على الوحدانية لأن المعجزة فعل، والفعل يستحيل وجوده على تقدير الإثنينية في الألوهية، والمتوقف على المتوقف على شيء متوقف على ذلك الشيء.

    أيستدل عاقلا سليم الفطرة على أن الله لا يكذب..
    نعم يستدل سيدي، ليس لنفسه، بل لغيره من المهتمين بمباحث الالهيات واصحاب البدع والا لكان اعتقاده هذا مصادرة على المطلوب اثباته

    أقول : هذه المنهجية التي يجب ان يتقد بها طالب العلم المنصف، وهذه هي منهجية المكلمين عموما، اذ العقل الذي دلنا على أن الله لا يكذب، سواء بطريقة التحسين العقلي او باثبات الكلام النفسي هو نفسه الذي دلنا على أنه ليس كذا وكذا، ولا يمكن رد حكمه الذي قال لنا أن الله ليس بكذا وبكذا، لاننا سنكون عندها مناقضين لانفسنا، بل سنكون متحكمين اذ اخدنا بادلته في جانه وردننها في جانب اخر، اللهم ان كان النقاش في مقدمات الدليل، وهذا ما لا يحصل اذ الطرح السلفي لا يفعل ذلك في اغلب الاحوال، فالدليل العقلي في العقيدة المعينة اشبه بالنص المحكم، التي تستند عليها المتشابهات التي اختلف عليها الناس، فعوض التشبت بالمتشابهات يجب ان يكون النقاش على اساس الحاكم الوحيد المتبقي الذي هو العقل، فان قدم كل طرف نظرته العقلي الى امور الاعتقاد فسيتمكن طالب العلم من معرفة الفرقة المصيبة من الفرقة المخطئة.

    خلاصة الكلام : أنه يجب ان تكون هناك منهجية معينة وضوابط معرفية نستدل بها على اصول الاعتقاد، هذه هي فكرتي التي اردت ان اوصلها لك.

  5. #5

    افتراضي

    الأخ الفاضل حمزة..عذرا أخي لم أفتح هذا الشريط ليكون مصبا لنفايات عقول المعتزلة وأذنابها بطريقة إنشائية أضف أن لا علاقة لها بأصل هذا الشريط..
    قبلنا ملاحظاتك لأنها كانت في صلب الموضوع ولو أنها بغير فهم لا لما سطرناه ولا لأقوال من تدافع عنهم..!
    أما أن تأتي لتركم لنا قضايا شائكة مثل التحسين والتقبيح والكلام النفسي وتبسط لنا نفيات القوم في سياقك الإنشائي وكل قضية منها تحتاج لصفحات لبيان عوارها وفساد منطلقاتها درءا لشبهة قد تعلق في ذهن القارئ ولا الوقت ولا المقام يسمح بذلك فهذا الذي هو غير مقبول وليس من منهجية لا طالب الحق ولا الناقد بحق..ولا أرى من هذا الأسلوب غير الإغراق بإثارة عديد النقاط..فما هكذا يكون النقد فلسان حال المقال عندك يقول الثلاثة أكبر من العشرة بدليل أني أقلب العصا ثعبانا !!
    وليكن هذا آخر رد لي معك..فمنطق (ما أريكم إلا ما أرى ) بغير حجة ولا برهان واتباع منهج الإغراق لا أستسيغه وليس لنا من الوقت لمسايرته..
    وليكن هذا الرد مقتصرا على الجديد عندك مما له علاقة بأصل هذا الشريط مع غض الطرف عن المكرر من كلامك مما سبق بيانه ورده بغير طريقتك الإنشائية ! ولكن مرجعي في الرد هذه المرة سأجعله على لسان من عاين علم الكلام حق المعاينة فعرف قدره..وكما وصفه تلميذه بن العربي أنه: غاص في بطون الفلاسفة !
    لكني لا أتحدث هنا عن عوام المسلمين، بل أتحدث عني وعنك وعن طلبة العلم الذين يجب ان ينبني ايمانهم على اسس صلبة، فنحن لا نؤمن لانفسنا كالمقلدين، بل نحن نؤمن من اجل الدفاع عن عقائد الاسلام، لذك يجب ان يكون حصول الايمان فينا بطريقة منهجية ليس مبنية على مصادرات واخطاء تجعلنا كالمقلدين.
    يقول رحمه الله: (( فإني رأيتُ طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء بمزيد الفطنة والذكاء..قد رفضوا وظائف الإسلام من العبادات واستحقروا شرائع الدين..يتبعون فيها رهطا يصدون عن سبيل الله وهم بالآخرة كافرون..ولا مستند لكفرهم غير تقليد سماعي إلفي وغير بحث نظري صادر من التعثر بأذيال الشبه الصارفة عن صواب الصواب وإنما مصدر كفرهم سماعهم اسماء هائلة كسقراط وبقراط وأفلاطون وأرسطو طليس وامثالهم..فلما قرع ذلك سمعهم ووافى ما حكى من عقائدهم وطبعهم تجملوا باعتقاد الكفر تميزا إلى غمر الفضلاء بزعمهم وانخراطا في سلكهم وترفعا عن مسايرة الجماهير والدهماء..ظنا بأن التكايس فيى النزوع عن تقليد الحق بالشروع في تقليد الباطل جمال وغفلة منهم عن أن الإنتقال إلى تقليد عن تقليد خرق وخبال..فأي رتبة في عالم أخس من رتبة من يعمل بترك الحق المعتقد تقليدا بالمتسارع إلى قبول الباطل تصديقا دون ان يقبله خبرا وتحقيقا ))
    الغزالي-تهافت الفلاسفة-تحقيق د.سليمان دنيا-ط5-دار المعارف 1972-ص73-74
    التعديل الأخير تم 12-10-2015 الساعة 01:44 PM
    التعقيد في الفلسفة بمثابة أوثان مقدسة يُحرَّمُ الإقتراب منها بالتبسيط أو فك الطلاسم
    فمن خلال التبسيط يتكشَّف المعنى السخيف -لبداهَتِه أو لبلاهَتِه- المُتخفي وراء بهرج التعقيد وغموض التركيب..

    مقالاتي حول المذاهب والفلسفات المعاصرة


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    1,058
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مُستفيد مشاهدة المشاركة
    الأخ الفاضل حمزة..عذرا أخي لم أفتح هذا الشريط ليكون مصبا لنفايات عقول المعتزلة وأذنابها بطريقة إنشائية أضف أن لا علاقة لها بأصل هذا الشريط..
    قبلنا ملاحظاتك لأنها كانت في صلب الموضوع ولو أنها بغير فهم لا لما سطرناه ولا لأقوال من تدافع عنهم..!
    أما أن تأتي لتركم لنا قضايا شائكة مثل التحسين والتقبيح والكلام النفسي وتبسط لنا نفيات القوم في سياقك الإنشائي وكل قضية منها تحتاج لصفحات لبيان عوارها وفساد منطلقاتها درءا لشبهة قد تعلق في ذهن القارئ ولا الوقت ولا المقام يسمح بذلك فهذا الذي هو غير مقبول وليس من منهجية لا طالب الحق ولا الناقد بحق..ولا أرى من هذا الأسلوب غير الإغراق بإثارة عديد النقاط..فما هكذا يكون النقد ولكن لسان حال المقال عندك يقول الثلاثة أكبر من العشرة بدليل أني أقلب العصا ثعبانا !!
    وليكن هذا آخر رد لي معك..فمنطق (ما أريكم إلا ما أرى ) بغير حجة ولا برهان واتباع منهج الإغراق لا أستسيغه وليس لنا من الوقت لمسايرته..
    وليكن هذا الرد مقتصرا على الجديد عندك مما له علاقة بأصل هذا الشريط مع غض الطرف عن المكرر من كلامك مما سبق بيانه ورده بغير طريقتك الإنشائية ! ولكن مرجعي في الرد هذه المرة سأجعله على لسان من عاين علم الكلام حق المعاينة فعرف قدره..وكما وصفه تلميذه بن العربي أنه: غاص في بطون الفلاسفة !

    يقول رحمه الله: (( فإني رأيتُ طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء بمزيد الفطنة والذكاء..قد رفضوا وظائف الإسلام من العبادات واستحقروا شرائع الدين..يتبعون فيها رهطا يصدون عن سبيل الله وهم بالآخرة كافرون..ولا مستند لكفرهم غير تقليد سماعي إلفي وغير بحث نظري صادر من التعثر بأذيال الشبه الصارفة عن صواب الصواب وإنما مصدر كفرهم سماعهم اسماء هائلة كسقراط وبقراط وأفلاطون وأرسطو طليس وامثالهم..فلما قرع ذلك سمعهم ووافى ما حكى من عقائدهم وطبعهم تجملوا باعتقاد الكفر تميزا إلى غمر الفضلاء بزعمهم وانخراطا في سلكهم وترفعا عن مسايرة الجماهير والدهماء..ظنا بأن التكايس فيى النزوع عن تقليد الحق بالشروع في تقليد الباطل جمال وغفلة منهم عن أن الإنتقال إلى تقليد عن تقليد خرق وخبال..فأي رتبة في عالم أخس من رتبة من يعمل بترك الحق المعتقد تقليدا بالمتسارع إلى قبول الباطل تصديقا دون ان يقبله خبرا وتحقيقا ))
    الغزالي-تهافت الفلاسفة-تحقيق د.سليمان دنيا-ط5-دار المعارف 1972-ص73-74
    نترك الحكم للقارئ المنصف الذي يقدر على تمميز الانشائي من الخبري
    والسلام عليكم...

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    280
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    مقام يتناول شخصية الانسان بشكل فردي وهو مقام عوام الناس والعلماء جميعا بحيث يقول سادتنا العلماء كالامدي رحمه الله أن طرق تحصيل اليقين كثيرة جدا، وان الشك ليس حتميا، كأن يجد بعضهم الايمان بالله فطريا عند أول نظر في الكون وهذا محسوس عند معظم الناس، أو كأن يجد الواحد فينا اليقين بالله عن طريق الاجتهاد في العبادة وتزكية النفس منذ سنوات الصغر، وبعضهم بأن يلهمه الله في لحظة من لحظات الصفاء الذهني علما جازما بوجوده فيصير بعدها موقنا بوجود الحق سبحانه، فهذه كلها سبل من اجل الوصول الى الهداية المرجوية، والله تعالى هو الذي قال : ( لنهدينهم سبلنا ) أي طرق الوصول الى الله ليس محدودة بل هي عديدة متكثرة بكثرة مراتب حكمته سبحانه.
    جيد.
    والمطلوب من المكلف عند اغلب العلماء معرفة الدليل الاجمالي على وجود الله وهذا متحقق عند كل من ينطق مثلا بجملة ( سبحانه الله ) مثلا، فهذه شهادة منه على أن الاثر المنظم فيه دليل على صانع الكون المتفرد بسييره والذي سخر له هذا المنظر الجميل بحيث تلفظ بهذه الكملة. فكما يجب الايمان بسيدنا محمد بالدليل الاجمالي المعروف فكذلك الايمان بالله يكون كذلك. ولا اظنك تختلف معي عند هذا الحد.
    ان لم يختلف معك الأخ مستفيد عند هذه النقطة، فأنا معك أختلف.
    فاول مطلوب من المكلف هو شهادة ألا اله الا الله أن محمدا رسول الله.
    عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك ، عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى رواه البخاري ومسلم .
    بل كيف تقيم الحجة على هؤلاء بحيث يكونون مستحقين للعذاب الاخروي اذا الزمتهم واستكبروا بعد ذلك ؟
    رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا النساء (165)
    بحيث نلزمهم ونعتذر الى ربنا منهم
    فرق بين الالزام و اقامة الحجة
    بل الحرص على أن لا تتداخل مسلماتنا ككون رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا مع العملية المنطقية،
    هذا ان أردت أن تجد طريقا لتلزمه بها أما الحجة فتقوم عليه بتطبيق الحديث أعلاه.
    عندما تخلي ذهنك من كل اعتقاد مسبق، فانت تضع منهجا متكاملا يكون حجة على كل الناس، وعلى كل طالب في ذلك الفصل
    هيهات...

  8. #8

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أحمد العامري مشاهدة المشاركة
    ان لم يختلف معك الأخ مستفيد عند هذه النقطة، فأنا معك أختلف..
    وكيف لا أفعل أخي أبو أحمد..والنقطة من جوهر الموضوع:
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مُستفيد مشاهدة المشاركة
    قال صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله )..ولم يقل حتى يقولوا سبحان الله..وكذلك أمر أصحابه وكل كافر او مشرك عند دخوله الإسلام..ولم يأمرهم ان يتأملوا ويتعقلوا ليثبتوا ليسبحوا ليقولوا من بعده لا إله إلا الله..وتكفي هذه اللمحة لبيان أيهما أول الواجبات على المكلف..
    التعقيد في الفلسفة بمثابة أوثان مقدسة يُحرَّمُ الإقتراب منها بالتبسيط أو فك الطلاسم
    فمن خلال التبسيط يتكشَّف المعنى السخيف -لبداهَتِه أو لبلاهَتِه- المُتخفي وراء بهرج التعقيد وغموض التركيب..

    مقالاتي حول المذاهب والفلسفات المعاصرة


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    280
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    عذرا أخ مستفيد، فقد كنت مركزا على كلام الأخ حمزة أكثر لعجبي من بعضه.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قراءات فاحصة عن ** المشروع الفذّ العظيم ** للإمام الفلسفي طه عبدالرحمن
    بواسطة خلوصي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 03-16-2013, 01:14 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء