وفاة أثناء الاحتجاز
تُوفِّي إدوار سالومو نسومبو، مواطن من جمهورية الكونغو الديمقراطية، أثناء احتجازه على يد الشرطة بعد القبض عليه فى ساعة مبكرة من صباح 29 أكتوبر/تشرين الأول فى ميدان بيغال. وكان إدوار نسومبو والداً لطفلين ومقيماً فى ألمانيا، وأُلقي القبض عليه فى باريس أثناء قيام الشرطة بفحص بطاقات الهُويَّة. ويفيد شاهد عيان كان جالساً وراء عجلة قيادة سيارته، أن المواطن الكونغولي طُرح أرضاً وأُطلق عليه غاز مسيل للدموع قبل اقتياده إلى مخفر شرطة شارع بارم، حيث فقد الوعي. وقد ورد أنه تُوفي أثناء نقله إلى المستشفى على يد المساعدين الطبيين. ولم تُخطر أسرته بوفاته إلا بعد مرور يومين، حسبما ورد. وتقول الشرطة، إن إدوار سالومو نسومبو تُوُفِّي نتيجة أزمة قلبية. بيد أن أقرباء الضحية، الذين يعتقدون أن الأزمة القلبية نتجت من سوء معاملة الشرطة، اتهموا رجالها رسمياً بممارسة عنف أفضى إلى الوفاة. وانضموا أيضاً إلى الإجراءات المدنية بصفتهم طرفاً مدنياً، وقامت منظمة "التحرك ضد العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب" غير الحكومية بعمل مماثل. وقد طلب المدعي العام من إدارة التحقيقات الداخلية فى الشرطة، التحقيق فى الوفاة. واستنتجت إدارة التحقيقات أن الشرطة لم تتصرف بعنف. هذا، وقد افتُتح تحقيق قضائي فى ملابسات الوفاة.
إفلات فعليّ من العقوبة: أحكام المحاكم
كان مما ضاعَف القلق بشأن إفلات الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين بالفعل، محاكمة شرطي أطلق النار على شاب من أصل جزائري وقتله فى 1991. وكان الشرطي، الذي اتُّهم بقتل يوسف خايف، قد بُرِّئ على يد محكمة جنايات إيفلين فى 28 سبتمبر/أيلول. ورغم استبعاد المدعي العام ادِّعاء الدفاع بأن الشرطي تصرف "نتيجة دفاع مشروع عن النفس"، وموافقته على أن يوسف خايف قُتل دون سند من القانون برصاصة فى مؤخرة رقبته أثناء قيادته سيارة كانت تبتعد بسرعة عن المكان، عمد المُدَّعي إلى إثارة التعاطف مع الشرطي المتهم من خلال استعراض ملابسات حادث القتل، حيث قال إن الحادث وقع بعد وفاة أحد زملاء الشرطي فى حادث آخر بفترة قصيرة. (حُكم على سائق السيارة المسروقة المسئول عن الاصطدام الذي تسبب فى وفاة الشرطي بالسَّجن لمدة عشر سنوات). وطالب المُدَّعي العام أيضاً بالحكم على الشرطي المتهم بالسجن مع إيقاف التنفيذ، استناداً إلى سجل خدمته المثالي. وقوبل الحكم ببراءة المتهم بمظاهرات احتجاج خارج مبنى المحكمة. ولا تتوافر حالياً الفرصة لاستئناف حكم البراءة الصادر من محكمة جنايات، ما لم يقرر المدعي العام استئناف الحكم أمام محكمة النقض.
وفي فترة سابقة، جرت فى شهر مارس/آذار محاكمة رجال شرطة لتورطهم فى وفاة عيسى إيهيتش فى مايو/أيار 1991 أثناء احتجازه. وكانت وفاة عيسى إيهيتش، هي التي تسببت فى قلاقل مانت لا جولي (إيفلين)، التي قُتل خلالها يوسف خايف. تُوفي عيسى على إثر إصابته بنوبة من الربو الشُّعَبي بعد ضربه بقسوة وهو مطروح على الأرض. وقد حُكم على اثنين من رجال الشرطة بأحكام بالسجن مدتها عشرة أشهر مع إيقاف التنفيذ على يد محكمة فيرساي الإصلاحية لارتكابهما أفعالاً تتصف بالعنف. وكان المدعي قد دفع ببراءة المتهمين. كذلك، حُكم على طبيب بالسجن لمدة اثني عشر شهراً مع إيقاف التنفيذ لاتهامه بالإهمال المفضي إلى القتل الخطأ. وفي ديسمبر/كانون الأول، استمعت محكمة استئناف فرساي إلى استئناف حكم المحكمة الإصلاحية المقدم من رجال الشرطة والطبيب، بيد أنها أجَّلت اتخاذ قرارها حتى فبراير/شباط 2002
وفي يناير/كانون الثاني، صدّقت محكمة استئناف إيكس أن بروفانس على أمر قاضي تحقيقات بعدم الاستمرار فى مقاضاة رجال الشرطة بشأن وفاة محمد علي سعود فى طولون فى 1998، نتيجة لاختناقه أثناء تكبيله مدة طويلة. وانضمت أسرة الضحية بصفتها طرفاً مدنياً إلى الإجراءات القانونية، واستأنفت قرار محكمة الجنايات.
وفي ديسمبر/كانون الأول، قررت محكمة استئناف أورليان عدم مواصلة الإجراءات ضد شرطي متهم بقتل عبد القادر بوزيان، البالغ ستة عشر عاماً، برصاصة فى 1997. وكان عبد القادر قد أُصيب برصاصة فى مؤخرة رقبته أثناء محاولته تجنب حاجز تفتيش. وكان قاضي التحقيق قد قرر فى وقت سابق محاكمة الشرطيين أمام محكمة الجنايات، لرفضه الادعاء بأن فعلهما كان "دفاعاً مشروعاً عن النفس". وصدقت محكمة استئناف باريس على القرار السابق بشأن أحد الشرطيين، ولكنها قررت التوقف عن نظر القضية فى حالة الشرطي الثاني. وفي 20 مارس/آذار، ألغت محكمة النقض الأمر بإحالة رجل الشرطة إلى محكمة الجنايات. هذا، وقد صرح محامي أسرة بوزيان أن استئنافاً لحكم محكمة أورليان قُدم لمحكمة النقض. وورد أنه قال: "إنني لا أرى كيف يستطيع أي إنسان اعتبار إطلاق رصاصة على مؤخرة رقبة شخص يقود سيارة بسرعة تقل عن 40 كيلومتراً فى الساعة فى محاولة هروب، دفاعاً مشروعاً عن النفس."((13) الصياغة الفرنسية لأقوال المحامي كما نشرتها صحيفة "لوموند" فى عدد 22 ديسمبر/كانون الأول 2001.13)
سوء معاملة الأطفال
بدأ مُدَّعي نانتير التحري عن سوء معاملة جسيمة مزعومة تعرض لها "ياسين" البالغ ستة عشر عاماً، على يد رجال شرطة فى مخفر أزنيير ـ سير ـ سين فى 10 يوليو/تموز 2001. وادَّعى "ياسين"، فيما ورد، أنه بعد استيقافه واستجوابه بشأن مُشَغِّل محرك سيارته المعطوب أثناء جلوسه فيها، اُقتيد إلى أحد الممرات حيث تعرض للّكم واللكز بالركبة والركل. ثم اصطُحب فى وقت لاحق إلى مستشفى بوجو فى تينون، حيث أُجريت له عملية جراحية فى الخصيتين. وأشار تقريران طبيان، حسبما ورد، إلى وجود عدة تجمعات دموية على ظهره وعلى إحدى فخذيه ومعصمه، بالإضافة إلى كدمات شديدة على وجهه. وبعد العملية بفترة قصيرة، ورد أن "ياسين" أُدخل بصفة مؤقتة مستشفى للطب النفسي لتصرفه بعنف إثر استرداده الوعي بعد التخدير.
وردت مزاعم فى يونيو/حزيران بشأن سوء معاملة مجموعة من الأطفال من ذوي الأصول الأفريقية والأفريقية الشمالية والغجرية المقدونية فى حي غوت دور فى باريس، وتعرضهم للسباب العنصري. وتحقق منظمة العفو الدولية أيضاً، فى أنباء حالات سوء معاملة على يد الشرطة، بما فى ذلك حالة من غيانا الفرنسية.
محاكمة الفريق أوساريس
رفض قاضي تحقيق فى باريس فى قرارين صدرا فى 11 يوليو/تموز و11 سبتمبر/أيلول، اتخاذ إجراء بشأن شكاوى مقدمة ضد الجنرال بول أوساريس، الذي كان ضابطاً كبيراً فى الجيش الفرنسي أثناء حرب استقلال الجزائر من عام 1954 حتى عام 1962، لارتكابه "جرائم ضد الإنسانية" (وثيقة منظمة العفو الدولية: Eur 01/003/2001). وتذرَّع القاضي بأن الأفعال التي اعترف بول أوساريس بارتكابها جرائم حرب، ويشملها بالتالي قانون العفو الصادر فى 31 يوليو/تموز 1968. بيد أن قرارات المحكمة استُؤنفت. وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني، مَثُل الجنرال من خلال إجراء منفصل أمام محكمة فى باريس (محكمة باريس الإصلاحية) "لضلوعه فى الدفاع عن جرائم حرب"، حيث أُجِّل الحكم إلى يناير/كانون الثاني 2002. وكان مما أثار توجيه الاتهام، كتاب نشره المذكور فى مايو/أيار 2001 عن حرب الجزائر،((14) "عمليات خاصة فى الجزائر 1955 ـ 1957"14) برر فيه التعذيب والإعدام دون محاكمة، وزعم فيه بالإضافة إلى أمور أخرى، أن الحكومة الفرنسية كانت تُبلغ بصفة منتظمة عن استخدام التعذيب والإعدام بدون محاكمة وطرد السكان القسري، وتقبلها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، اتُّخذت الخطوات الأولى الرامية إلى الاحتفال رسمياً بمذبحة الجزائر فى باريس فى 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961. فقام عمدة باريس بإزاحة ستار عن لوحة على جسر سان ميشيل، إحياءً لذكرى الجزائريين الكثيرين الذين قُتلوا فى ذلك اليوم على يد رجال الشرطة أثناء تظاهرهم ضد حظر التجول. ولا يزال عدد الذين قُتلوا فى المخافر أو غرقاً بعد إلقائهم فى نهر السين مجهولاً على وجه التحديد. بيد أنه يُعتقد أن 200 شخص قُتلوا فى ذلك اليوم. هذا، وقد اعترضت بعض اتحادات الشرطة وبعض السياسيين بشدة على إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية.
Bookmarks