الحمد للــه الذى انزل على عبدة الكتاب وجعل فية الحكمة والصواب وحير ببديع لفظة وعجيب نظمة الألباب وجعلة حلوةُ مجانية محكمةُ مبانية معجزةِ ألفاظة ومعانية.
وأشهد أن لا الة الا الله وحدة لا شريك لة رغم أنف من جحد بة وكفر وأشهد أن محمد عبدة ورسولة سيد البشر اللهم صل علية وعلى الة وصحبة وسلم.
أما بعد :
الإلحاد هو رؤية دينية متكاملة للحياة والكون والوجود، وهو يرتكن في ذلك إلى أدلة ميتافزيقية غير مدعومة بمنطق أو عقل أو حُجة أو سند علمي، فهو يزعم أن اللاشيء انضاف إلى اللاشيء فصار شيئًا عظيمًا من أروع ما يكون وبمنتهى المعايرة الدقيقة، وأن العشوائية أنتجت حياة، بينما العقل المادي في قمة جبروته الآن لا يستطيع أن يُنتج أبسط صور الحياة، وأن كل القيم الأخلاقية والتأصيلات القيمية التي نُسلم بصحتها والتي يسير أغلبها في اتجاه مضاد للمادة تمامًا هي من معطيات المادة ومنتوجاتها.
إن الإلحاد بمنتهى الدقة هو اتجاه أعمى يبحث في غرفة مظلمة عن قطة سوداء لا وجود لها، ظلمات بعضها فوق بعض.
إن القضية هي سفسطة أخطأت طريقها فأنتجت دينًا جديدًا يسمى إلحاد، فالإلحاد هو محاولة فاشلة للوصول بطرق ملتوية إلى أشياء لا داعي للوصول إليها، ولذا ظهر كهنة الإلحاد الجدد، ممن يبررون الشيء ونقيضه، وصار للإلحاد اليوم سماسرة مكرة وشمامسة أغبياء يكرزون به في كل مكان، وقمامصة يلوون عنق كل معطى علمي جديد يتناقض مع رؤيتهم الدينية فظهرت مؤتمرات تثبيت العقيدة الإلحادية، وندوات الدفاع عن الداروينية، وتنطع آبائهم الكهنة إلى بحث قضايا الوجود بغير وسيلة منهجية مناسبة له، فحاربوا قانونًا كونيًا مثل قانون السببية بأدلة سفسطية حتى تستقيم لهم دوغما الإلحاد، وحاربوا أدلة النظام والغائية والقصد والعناية، وتجاهلوا القضايا العقلية الكبرى مثل الإيجاد من اللازمان واللامكان، ودليل الحدوث، ومعجزة خلق الحياة، والنبوات والدين والفطرة والأخلاق، والمعايرة الدقيقة لحظة الخلق الأولى لكل الموجودات، والمعايرة الدقيقة لحظة خلق الكون، والمعايرة الدقيقة في كل شيء حولنا وداخلنا ومعضلة الخير واستيعاب الخير والشعور بالإمتنان وما لا يمكن حصره من الأدلة، وصار الإلحاد انتحار متواصل للعقل البشري، ويتطلب من أتباعه باستمرار إنكار بديهيات عقلية ومنطقية أقسى من أشد الديانات إغراقًا في الوثنية.
وصارت القضية الإلحادية اليوم حُبلى بالإشكاليات المعرفية والنظرية والمادية ومليئة بالتناقضات العقلية وصارت تُبرر المستحيل العقلي –إيجاد الزمان والمكان والعالم بمنتهى المعايرة الدقيقة من اللازمان واللامكان، وإيجاد الحياة من اللاحياة- كل هذا من أجل تسويغ وجودها الدوغمائي.
هذا كان مجرد تعريف مختصر للإلحاد الجديد الذي نبت في الغرب، بدواعي سياسية حينًا كما حدث في الإتحاد السوفيتي السابق، وبدواعٍ انتقامية حينًا آخر كما حدث إبان الثورة الفرنسية، ولم يظهر إطلاقًا كمبرر عقلي مستقل لأي قضية علمية أو فكرية أو مُعطى عقلي، وألحد على صيته الساذج هذا بعض الشباب؛ وأصبح الإلحاد اليوم أكلشيهًا جاهزًا لأي شاب يمر بأزمة نفسية أو مادية أو شبهة وقتية، وصار الإلحاد يولد باستمرار من رحم حُب الظهور والسخط على الوضع الإجتماعي أو السياسي أو المستوى المادي أو العلمي للدول العربية، وصارت القضية نفسية في المقام الأول والأخير بحاجة إلى حلول نفسية وإعادة تأهيل قبل كونها بحاجة إلى حشد حجج أو أدلة أو سياقات معرفية عقلية.
نطرح هنا نوعاً من الخلل النفسى Neurosis الذى يؤدى إلى تبنى الإلحاد على المستوى الفردى، وذلك حتى نستكمل دراسة العوامل النفسية المختلقة وراء تبنى الإلحاد.
بعد دراسات تحليلية مستفيضة أجراها أستاذ الطب النفسى بجامعة نيويورك، بول فيتز Paul Vitz، على شخصيات عديدة من ملاحدة العصر الحديث، توصل إلى أن تبنى الإلحاد قد يرجع إلى خلل نفسى عُصابى، Athiesm is a Neurosis تقف وراءه رغبة دفينة فى اللاشعور للتخلص من سيطرة الأب والحلول محله (كما يقول سيجموند فرويد)، بينما يقف وراء الإيمان بإله ما يحقق ذلك من الشعور بالأمان.
لذلك طرح بول فيتز مفهوماً أسماه (منظور التقصير الأبوى-Defective father Hypothesis) يربط فيه بين رفض سيطرة الأب البشرى، ورفض الأب الذى فى السماء، ويضرب فيتز الأمثلة على ذلك. فهذا الفيلسوف الفرنسى الكبير فولتير، الذى يُصنف من كبار الشكاكين، يعانى بشدة من سوء معاملة أبية، حتى أنة يرفظ أباه ويرفض أن يحمل اسمه. وتضم القائمة فرويد نفسه، وكارل ماركس، وتوماس هويز، واخرين.
كما يرى فيتز أن حرمان الطفل من أبيه بالموت، يعتبره الطفل خيانة حرمته من الدعم الأبوى، وتترك اثارها فى نفسه وتعزز فيه الشعور بالاستغناء، ويضرب مثالاً لهؤلاء ب"جان بول سارتر" و "بيرتراند راسل".
وقد ظل بول فيتز ملحداً حتى قارب الأربعين من عمره، ثم صار متديناً ومهتماً بالعلاقة بين الدين وعلم النفس، وطرح هذا المفهوم فى أشهر كتبه Fath of the fatherless, the psychology of Atheism، صدر عام 1999 [1]
وهذا فيلم صغير (أقل من دقيقتين) يؤكد كلام بول فيتز يبين ان اكثرهم كانو يعانون في الصغر من الفقدان المبكر لابائهم نتيجة الموت او الانفصال ,اوتعرضوا لاساءة جسديه من قبل ابائهم فاسقطوا الكره والحرمان على شكل انكار للرب.
وهذة دراسة أجريت عام 2012 من قِبل مجلة Scientific American توضح الشك والريبة فى نفسية الملحدين بأمريكا
http://www.scientificamerican.com/ar...s-we-distrust/
عندما سؤل مانفريد كيوتز (عالم النفس الألمانى) عن نفسية الملحد قال "الإلحاد هو التوهم, إذ يُعتبر هروباً من الحقيقة, ورغبه فى عدم لقاء الإله يوم القيامة خوفاً من محاسبته على ما جناه الشخص فى حياته, وبذلك يصبح الإلحاد اليه دفاعية هروبية خشية مواجهة الإنسان لنتائج أفعاله" [2]
و في دراسة تبين أن الملحدين هم أكثر الناس يأساً وإحباطاً وتفككاً وتعاسة!!! ولذلك فقد وجدوا أن أعلى نسبة للانتحار على الإطلاق كانت بين الملحدين واللادينيين، أي الذين لا ينتسبون لأي دين، بل يعيشون بلا هدف وبلا إيمان. هذة الدراسة أجراها باحثون أمريكيون عام 2004 وتهدف لدراسة علاقة الانتحار بالدين، أُجريت بعناية فائقة، وتم اختيار عدد كبير من الأشخاص الذين حاولوا الانتحار أو انتحروا بالفعل، ومن خلال سؤال أقاربهم وأصدقائهم ودراسة الواقع الديني والاجتماعي لهم، تبين أن أكثر المنتحرين هم الملحدون واللادينيون فقد جاؤوا على رأس قائمة الذين قتلوا أنفسهم ليتخلَّصوا من حياتهم وتعاستهم وخرجت نتائج هذة الدراسة بما يلى :
1- نسبة الانتحار لدى الملحدين أعلى ما يمكن!
2- نسبة الانتحار كانت أعلى لدى غير المتزوجين.
3- نسبة الانتحار قليلة بين من لديهم أطفال أكثر.
4- الملحدون أكثر عدوانية من غيرهم.
5_الدين يساعد على تحمل أعباء الحياة والإجهادات ويقلل فرص الإصابة بالاضطرابات النفسية المختلفة.
6_الملحدون كانوا أكثر الناس تفككاً اجتماعياً، وليس لديهم أي ارتباط اجتماعي لذلك كان الإقدام على الانتحار سهلاً بالنسبة لهم. [3]
وهذا تحليل د/مصطفى محمود -رحمة الله- لنفسية الملحد.
ويشرح لنا الدكتور أحمد عكاشة (رئيس سابق للجمعية العالمية للطب النفسي وأستاذ الطب النفسى) فيقول إن الإلحاد لعبة عقلية تتم في القشرة الخارجية للمخ cortex وهذه اللعبة العقلية أشبه ما تكون بتلك اللعبة العقلية التي تقول أثبت لي أن 1+1=2 فهذه المعادلة رغم إتفاق عقلاء الأرض على صحتها إلا أن باسكال نفسه لا يستطيع إثباتها أو نفيها فمِن أين لنا أن نثبت أن 1+1=2 وهل هو واحد مُطلق ثم هل كلمة زائد هي كلمة مُطلقة وهل واحد الثانية على نفس القدر من الإطلاق لواحد الأولى ثُم من أين لنا أن كلمة تساوي هي كلمة مُطلقة حتى تُعطي الناتج 2 بكل بساطة؟؟ إنها معادلة أوردها الفلاسفة في كتبهم ولم يجدوا لها حلا وأنا أستطيع أن أفتح مُنتدى أتحدى فيه جميع علماء الرياضيات أن يثبتوا لي ان 1+1=2 ولن أصل مع علماء الرياضيات لحل لأن الأمرببساطة لا يعدو أن يكون مجرد لعبة .....!!!
وعلى الرغم من أن أهل الأرض جميعا يتفقون على أن 1+1=2 إلا أن هذا أمر لا يُمكن اثباته بالتحليل المنطقي ولا يوجد من يطالب بإثبات قضية من هذا النوع إلا في كتب المنطق فقط أما عند العقلاء فالقضية منتهية كقضية وجود الله تماما إن هناك الكثير من الألعاب الرياضية التي يستطيع العقل أن يفترضها لكن ليس لهذه الألعاب موروث منطقي جيني إنها ألعاب عقليه مُسلية لكن نتفق في النهاية أنها ألعاب تافهة مثل لعبة الإلحاد تماما [4]
وفى النهاية أحب أن أوجة لسالة للمشرفين على المنتدى وهى أننا نحتاج إلى طبيب نفسى أو متخصص فى مجال العلاج النفسى فى منتدى التوحيد فالقضية نفسية في المقام الأول والأخير بحاجة إلى حلول نفسية وإعادة تأهيل قبل كونها بحاجة إلى حشد حجج أو أدلة أو سياقات معرفية عقلية.
اللهم هب ثواب هذا الموضوع لجدى المتوفى أسألكم الدعاء له بالرحمة والمغفرة.
__________________________________________________ ____________________________
[1] كتاب رحلة عقل للدكتور عمرو شريف ص20 & كتاب The psychology of Atheism لبول فيتز
[2] كتاب وهم الإلحاد للدكتور عمرو شريف
[3] http://ajp.psychiatryonline.org/arti...ticleid=177228
[4] لقاء الدكتور أحمد عكاشة مع قناة النيل الثقافية فى شهر 10 سنة 2007
Bookmarks