في الواقع بعض الكلام تحار في التعليق عليه من شدة سخفه ولكنني أود التعليق بكلمات يسيرة لبيان أن هؤلاء لا يفهمون شيئاً في شيء
الوثنيون عبدة الأصنام عامتهم يؤمنون بوجود الله عز وجل ( القوة العليا ) ويتخذون الأصنام وسائط وقرابين ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )
وبعضهم يزعم أنها صورة الإله والإله نفسه الخالق والقوة العظمى لا يعتقدون أنه هو الصورة نفسها
ولهذا كفار قريش كانوا يقولون ( لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك )
ولهذا ألزمهم رب العالمين بإلزام عظيم فقال ( أفمن يخلق كمن لا يخلق )
وقال ( أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون )
فالأصنام البشر يصنعونها بأيديهم مع إقرارهم بوجود من صنعهم هم أنفسهم ، ويستحيل أن يكون هذا الصنم هو الصانع المصنوع ، ولهذا كانوا يقولون أنهم يتقربون إلى الله من خلال عبادتهم لهذه الأوثان
فالفرق مذكور في تلك الآيات وفي الكلام على العجل الذي عبدته بنو إسرائيل
( أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا)
وقال تعالى : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)
فالله عز وجل أنزل كتاباً فيه الهداية والنور والتبيان لكل شيء وهذا ما لا يوجد في الأوثان
الأمر الثاني : عباد الأوثان عامتهم يكفرون بالبعث ! أصلاً
الأمر الثالث : لا أحد يؤمن بأن ربه يعاقب في الآخرة فقط ! بل يؤمنون بأنه يثيب ويعاقب
الأمر الرابع : الله عز وجل دعا عباده إلى دعائه رأساً دون اتخاذ وسائط بل جعل اتخاذ الوسائط وعبادتها لتقرب إلى الله من أعظم الشرك ، وأما أمر الرسالة فهو تكريم لبيان ما يحب وما يبغض وتنبيه البشر إذا ضلوا وإلا فوجوده مركوز في الفطر ، فهو تفضل وليس احتياجاً فهو غني عن العالمين ، ولحكمة الاختبار يجعلهم بشر وربما جاء بهم على صفة لا يحبها المتكبرون تنكيلاً بهم
ثم ماذا لو ولد المرء من أبوين ملحدين هل عليه التبرؤ من الإلحاد لكي يكون متمرداً على الموروث
والواقع أن عامة البشرية آمنوا بوجود إله واتفقوا على مجموعة من صفاته أهمها أنه الخالق ذو القدرة المطلقة وتنوعهم في تسميته لا تنفي أنهم في أنفسهم يشيرون إلى معنى مشترك واختلفوا في أوصاف أخرى لأسباب كثيرة أهمها البعد عن الرسالات التي تبين المشكل وتوضح الأمور الغيبية التي لا تخضع للحس المباشر
وتنوع الناس في ذلك وتعدد أديانهم من أهم الدلائل على وجود ( فطرة العبودية ) في نفس الإنسان ثم بعد ذلك تؤثر أمور عديدة في حرف المسار
والإيمان قيمة إيجابية والقيم الإيجابية قد تأخذها من والديك وقد تتعلمها لاحقاً
فعلى سبيل المثال الكفاية أو الثراء من الناس من هو ثري بالوراثة ومنهم من اكتسب ذلك لاحقاً
وحتى القيم المعنوية فقد ينشأ المرء في أسرة منحرفة أخلاقياً ولكنه تستقيم أخلاقه فيما بعد ، وقد ينشأ إنسان آخر في بيئة فيها سمو أخلاقي أيضاً
فكون الشيء ورث أو اكتسب لا يؤثر تأثيراً مباشراً في كونه حقاً أو باطلاً
ولو فرضنا أن هناك إله صحيح ثم جاء أناس آخرون وادعوا بعض صفاته في آلهة باطلة ( وهذا واقع ) فهل يسوغ هذا الكفر المطلق بكل إله حقاً كان أو باطلاً
هذا غباء مستحكم
Bookmarks