كتب سلطان العميري على صفحته في الفيسبوك :
بينما كنت أتحدث عن وجود الله وضرورة الإيمان به , اعترض أحدهم فقال : ولكني لا أستطيع الإيمان بالله ولا بوجوده !!
توقفت عن الحديث , وقلت له : لماذا ؟!
قال : لأنه هناك عقبات كثيرة تحول بيني وبين الإيمان بالله .
قلت : هل لك أن تذكر لي إحدى تلك العقبات ؟!
قالت : نعم , عقبة الحكمة , فإنا نرى في الكون أمورا كثيرة يبدو في العقل أنه لا فائدة منها وليس فيها أي معنى وإنما هي أقرب للثبت , فما فائدة أن ينزل مطر في الصحراء , بينما يموت عدد كبير من البشر بسبب العطش , وما فائدة كثير من المجرات والكواكب التي لا نرى لها أي فائدة , ثم تتحطم وتنتهي من الوجود .
قلت له : قبل أن أعلق على كلامك اسمح لي أن أحدثك عن قصة رجل من الرجال , كان هذا الرجل قرر ألا يقبل أي شيء إلا إذا عرف كل تفاصيله .
فلما مرض , قال للطبيب : لا يمكن لي أن أسلم بما تقول حتى أتعرف على كل التفاصيل التي بنيت عليها تقريرك الطبي , قال له الطبيب , إن بيان هذا أمر متعذر ؛ لكون ذلك يتحاج إلى سنوات كثيرة من الدراسة والبحث , ثم إنه يتعذر جدا أن أبين لكل مريض جميع ما لدي من معارف وعلوم .
فأبقى أن يقبل بعلاجه .
ثم خرج ذلك الرجل , فلما قدّم له ابنه السيارة ليركبها , قال : لا يمكن أن اقتنع بكون هذه الكومة من الحديد مناسبة للركوب حتى أتعرف على كل الحسابات والدقائق المتعلقة بها , فقال له ابنه : إن هذا متعذر يا أبي .
فأبى أن يركب السيارة .
وذهب إلى بيته ماشيا , ولكن لما أراد الدخول قال : لا يمكن أن أسلم بأن هذا البنيان مناسب للسكن حتى أتعرف على كل التفاصيل المتعلقة به , فقال له أبناءه : إن هذا المستحيل .
فأبى دخول البيت وبقي في الخارج .
فرقّ له أولاده وقدموا له الطعام وهو الخارج .
فلما أراد أن يأكل قال : لا يمكن أن اقتنع بصحة هذا الطعام , حتى أتعرف على كل التفاصيل المتعلقة به , فقال له أبناؤه : إن هذا مستحيل .
فبقي بدون طعام .
فقلت لذلك المعترض : ما تقول في هذا الرجل ؟!!
قال : لا بد أن يكون مجنونا , وفعله هذا لا يصنعه إلا المجانين .
فقلت معلقا : إن هذا الرجل لم يطب إلا أن يتعرف على علم بعض البشر فقط , ومع ذلك حكمت عليه بالجنون والخروج عن العقل ,
ومع ذلك فأنت تريد أن تتعرف على تفاصيل علم الله وحكمته , فلما لم يظهر لك ذلك امتنعت عن الإيمان بوجوده .
إن فعلك هذا لا يختلف في معناه ومنطلقه عن فعل ذلك الرجل , الذي حكمت عليه بنفسك بأنه مجنون , بل إن تعنتك في عدم الإيمان بوجود الله لكونه لم تظهر لك الحكمة من بعض أفعاله تعالى أشد وأقبح في العقل من قبح فعل ذلك الرجل .
Bookmarks