إنكار الله الخالق:
يرى " جوليان هكسلي " أن نظرية التطوُّر جعلت الإنسان يشعر أنه ذوي قربة للكائنات الأخرى من نباتات وحيوانات، لأنه عاش هذه الأطوار قبل أن يصل إلى مرحلة الإنسانية، فيقول "أن الإنسان يعرف الآن أنه ليست ظاهرة معزولة منفصمة عن بقية الطبيعة بسبب إنفراده الذي لا مثيل له.. ولكن على الرغم من كل تميزه عن سائر الكائنات إلاَّ أن وشائج (روابط) من الاستمرار الوراثي تربطه بكل سكان كوكبه الأخرى الأحياء، والحيوانات والنباتات، والكائنات الحية المصغرة Micro - organisms هي أبناء عمه جميعًا، وتمُت إليه بصلة قربى أكثر بعدًا وهي جميعًا أجزاء لمجرى واحد متفرع ومتطور من البروتوبلازم
ويقول "دكتور كمال شرقاوي غزالي": "عندما ظهرت نظرية داروين كانت بمثابة قنبلة فكرية هزت العالم أجمع، وقلبت المفاهيم رأسًا على عقب.. كان الغرض الخفي (من هذه النظرية) هو هدم العقائد المقدَّسة والقضاء عليها، وبالفعل سادت موجة عجيبة من الإلحاد " كما يقول أيضًا " لقد عرف ماركس ولينين ما في افتراضات داروين من اتجاه نحو المادية والإلحاد، ولم يكن ثمة حد لإعجابهما بداروين وأفكاره، فشيَّدوا متحفًا في قلب موسكو للداروينية وتمجيد داروين، ولكي تكون الخطة مُحكمة لانطلاق الماركسية على أساس نظرية داروين.. من هنا كانت أفكار داروين عونًا ومددًا لترسيخ المادية والإلحاد في المواجهة التي كانت دائرة بين العلم والدين
لقد أنكر الدارونيون خلق الله للإنسان الأول (آدم وحواء) وبالتالي أنكروا سقوط الإنسان في الخطية الجدية، وفساد الطبيعة البشرية، وبالتالي فليس ثمة حاجة للمسيح المخلص الفادي، فمن أي شيء يُخلّص مادام لم يكن هناك خطية ولا سقوط ولا فساد للطبيعة البشرية؟! وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. وأرجع الدارونيون تدني الأخلاق البشرية إلى أصل الإنسان الحيواني، فالإنسان في نظرهم قد ورث عن جده الحيوان الغرائز البهيمية التي تؤثر على سلوكه، كما أرجع التطوُّريون مبادئ الأخلاق والأدب إلى تطوُّر الإنسان من الناحية الأدبية.
ويرى "جوليان هكسلي" أن الإنسان هو الذي صنع الله من خياله، وأضفى عليه صورة الأب والقداسة فيقول: "والإنسان التطوري لم يعد يستطع الفرار من وحدته بالاحتماء نحو مأوى يقيه أحضان إله من صنع الإنسان نفسه، خلقه في صورة أب مضفيًا عليه ألوان القداسة
شرعية الصراع:
لقد أدخلت نظرية التطوُّر الإنسان في صراع قاسٍ من أجل البقاء، بدلًا من التعاون بين البشر، مع أن الأصل هو التعاون بين البشر، وما أجمل قول " ألبرت أينشتاين " عن خلق الإنسان، حيث يقول "غريب وضعنا على الأرض وكل منا يأتي في زيارة قصيرة، لا يعرف لماذا؟ ولكن في بعض الأحيان يبدو بأن هناك سببًا مقدَّسًا، من وجهة نظر الحياة اليومية. على كل حال، هناك أشياء نعرفها بأن الإنسان هنا من أجل الإنسان الآخر، وقبل كل شيء لأجل هؤلاء الذين نعتمد على سعادتهم وابتساماتهم لإسعادنا
وزرعت هذه النظرية فلسفة العنف والاعتداء، فالقوى يجتهد كيما يصعد على أشلاء الضعفاء، وتمخضت النظرية عن فلسفة "نيتشه" التي كان له الباع الأكبر في الفاشية والنازية، وسيادة الجنس الأري على جميع الأجناس، فأثارت هذه النزعة الحروب ونشرت الدمار، وجاء في كتاب علم الأحياء للصف الثالث الثانوي 1990 / 1991م ص 237 " ومما هو جدير بالذكر في هذا المجال الآثار التي أدت إليها نظرية داروين وبخاصة في مجال الفلسفة والسياسة والعلاقات البشرية. فقد ترتبت على نظرية الانتحاب الطبيعي ما يمكن أن يُسمى " فلسفة الاعتداء " أو فلسفة " العنف والاغتصاب " وتجاوبًا واطمئنانًا إلى هذه الفلسفة التي ساعد الفيلسوف الألماني نيتشه Nietzche (1844 - 1900م) على رواجها فدخل العالم في غمار حروب عامة منها حرب السبعين عامًا والحربين العالميتين الأولى والثانية، فقد أثارت النزاعات العدائية والحروب وأطلقت الشعارات بسيادة جنس على آخر
ويقول "أيريل كيرنز": "لقد استخدمت نظرية التطوُّر Evolution لتبرير فكرة سيادة جنس على غيره من الأجناس، وذلك لأن هذه الفكرة تتلائم مع مفهوم داروين عن [البقاء للأصلح] بل وأيضًا استخدمت لتبرير عدم الاعتراف بوجود أساس مُطلق للأخلاق.. بل تم أيضًا استخدام نظرية التطوُّر لتمجيد الحرب باعتبارها ممارسة شرعية لمبدأ البقاء للأصلح
وقد نجم عن " الداروينية " الشيوعية المُلحدة، وما أكثر ضحاياها!! فيقول "هارون يحيى": "وإذا أعتبرنا المفهوم الشيوعي للنزاع الجدلي الذي قتل نحو 120 مليون شخص طوال القرن العشرين (إله القتل) يمكننا حينئذ أن نفهم بشكل أفضل حجم الكارثة التي ألحقتها الداروينية بكوكبنا
وقد تأثر أدولف هتلر بفكرة الصراع من أجل البقاء بين الأجناس، واستوحى منها أفكاره في كتابه " كفاحي " وقال عن الصراع بين الأجناس " سوف يصل التاريخ إلى أوجه في إمبراطورية ألفية جديدة تتسم بعظمة لا مثيل لها، وتستند إلى تسلسل جديد للأجناس تقرره الطبيعة ذاتها" (16) كما قال أيضًا أن " الجنس الأعلى يُخضِع لنفسه الجنس الأدنى.. وهو حق نراه في الطبيعة ويمكن اعتباره الحق الأوحد القابل للإدراك
ويقول "الدكتور كمال شرقاوي": "وانتقلت فكرة التطوُّر لتصبح منهجًا للبعض، وجاء هتلر يومًا فأعلن عن فكرته النازية في استيلاد سلالات بشرية قوية، وإعدام السلالات الضعيفة، واتخذت الفاشية الافتراض المتعلق بالانتقال الطبيعي والبقاء للأصلح مبررًا للقضاء على بعض الأجناس البشرية، وأتخذها تجار الحروب مبررًا لهم لأن الحروب تقضي على العناصر الضعيفة وتستبقي العناصر القوية