بناء اقتصاد اسلامى هو من خير الابواب التى قد تماثل فى شدتها كل من الابواب السابقة .. بل وربما اكثرها اجتذابا واملا وموافقة مع الطبيعة البشرية وفطرتها الشغوفة بحب المال .. وهو مجال اخر بناء يمكن يتناسب وقدراتك وامكانياتك وعطاءك حتى لو بالخبرات او المهارات ..
لبناء صرح اقتصادى اسلامى قوى يمكن من خلاله تمويل كافة النشاطات الدعوية والاعلامية والاعانات والمساعدات وتوفير فرص عمل ومساعدة الشباب فى الزواج والمساعدات الصحية وغيرها من المجالات التى تتطلب اموال واقتصاد قوى .. وللحق هذا المجال وجد متنفسا له بالسبعينات وحتى الثمانييات حيث سنحت قوانين الانفتاح الاقتصادى عهد السادات الفرصة لان يثبت الكثير من الاسلاميين تفوقهم وبراعتهم فى ادارة المال .. لم تتوقع الحكومة بمصر عندما فتحت الباب لحرية الاستثمار اكتساح الاسلاميين لهذا المجال .. كان الغرض هو اجتذاب رؤس الاموال الاجنبية خاصة بعد معاهدة السلام وتعميق سياسة التطبيع بفتح ابواب الاستثمار لرؤس الاموال الاجنبية و الصهيونية كاثبات من الدولة على حسن النوايا والرغبة الحقيقية فى تعميق اسس السلام من مفهوم المعاهدة وتقديم التسهيلات لهم من اقامات واعفاءات ضريبية وحقوق استغلال وانتفاع لثروات البلاد .. كما ادى ولع رجال النظام وسيداته بالغرب ( حيث انتماءات زوجاتهن الغربية بالوراثة والنشأة )) الى الاتجاه الى علمنة مصر وابهارها بالرواج الاقتصادى الغربى وافتتان الشعب بالمال والانتعاش الاقتصادى للاشادة بالغرب والوجود الاجنبى .. ولم يكن بمقدور الدولة اصدار قوانين تطلق العنان للاجانب وتخصهم بالاهمية وتحد من نشاط الاسلاميين فى مجال الاقتصاد وتستثنيهم من التمتع بامتيازات قوانين الانفتاح .. لم تكن الدولة قد وصلت بعد للحالة التى هى عليها الان من التبجح والجرأة والمجاهرة فى اعلان اتجاهاتها العلمانية ومقتها لكل ما هو اسلامى .. وفوجئت الدولة فى سنوات قليلة بشركات ذات طابع اسلامى ورؤس اموال فاقت المليارات بكوادر فنية وعقول ادارية مميزة فى ادارتها لم تصمد فى مواجهتها الشركات الاجنبية .. وظهرت بجانبها شركات توظيف الاموال التى نالت من الثقة والامانة والاخلاص والمهارة فى ادارة الاموال ما جعلها تبرز اعلاميا خارج مصر وتضارب اقوى البورصات العالمية .. بل واحدثت بصيتها هزات عنيفة ببورصات وول ستريت بنيويورك وبورصات لندن واوروبا .. بل وحققت من الارباح ما جعلها تضارب باسعار الذهب وتحتكر سوقه .. فى سنوات معدودة لمجرد ان اتاحت قوانين مصر الفرصة للاسلاميين ضمن المستثمريين عامة ان يديروا اموالهم بحرية وان يخرجوها لخدمة اقتصاد البلاد اثبت الاسلاميون جدارتهم وبراعتهم حتى التجار الغير مؤهلين علميا منهم .. جميعهم تكاتفوا واستعانوا بكل الخبرات والكوادر والمهارات الاسلامية وايضا الاجنبية فى حدود الحجم الفعلى للحاجة اليهم
وظهرت شركات ومصانع بكل المجالات وباعلى المرتبات ووفرت العديد من الوظائف واتاحت الفرصة للشباب والكفاءات لتعطى وتساهم .. كما خصصت الاموال لدعم بناء مدارس للتربية والتنشئة والتعليم الاسلامى الممميز الذى فاق مدارس اللغات المعروفة .. ودعمت الثقافة الاسلامية واعيدت نشر امهات كتب التراث الاسلامى بافخم وارقى الطبعات التى تليق بقيمة تلك العلوم الاسلامية النورانية .. وحتى مجالات الصحة .. واستصلاح الاراضى ومجال العقارات واصبحت تلك الشركات والمؤسسات الاقتصادية منافسا قويا لاقوى الشركات المصرفية بل وسحبت البساط من البنوك الربوية .. وبنهاية الثمانييات تم القضاء نهائيا على اى وجود لاقتصاد يحمل بطياته اى رمز يشير للاسلام من قريب او بعيد .. بل ودون سابق انذار تم اختلاق اسباب لم يكن المودعيين بحاجة اليها ولم يشتكوا منها .. بل ان من كبار الدولة والدعاه كانوا من المودعيين .. ولكن السياسة العلمانية العامة للبلاد فوق اى وجود لقوة اسلامية اقتصادية .. وتم ظلما وعدوانا القاء التهم على اصحاب تلك الشركات وتشويه صورهم ونعتهم بالنصب والاحتيال افكا ومكرا وزورا وبهتانا .. بل وملاحقة اصحابها والتحفظ على املاكهم واموالهم وتصفية شركاتهم ومؤسساتهم ومصانعهم واراضيهم وعقاراتهم وتبديد كل مجهوداتهم وثرواتهم .. وشردوا منهم الكثير بالسجون وخارج البلاد .. واستمتع اهل المذاهب المضللة العلمانية والاشتراكية والشيوعية فى التشفى فى رجال الاقتصاد الاسلامى بمصر الذين اذهلوا مراكز المال العالمية فى خلال بضع سنين .. والى هنا تراجع الاقتصاد الاسلامى واستثماراته بعد ان تلقى صفعات ولكمات قوية مؤلمة من الدول المفترض ان تكون راعية له بعد ان فتحت له المجال وآمنته على امواله واستثماراته .. ورغم ما آلت اليه التجربة من خسائر فادحة ونكسة موجعة غادرة لكنها اثبتت بكل جدارة تفوق الاقتصاد الاسلامى وبراعة رجاله والعقول التى تديره اذا اتيحت له الفرصة فى مناخ آمن ومخلص لدين الله دون غدر او خيانة او ولاء خفى هالك .. وازداد الامر سوءا ان تبعه تواطؤ الحكومات الاجنبية المعادية للاسلام مع انظمة الحكم ببلادنا الموالية لها فى تجميد اموال مؤسسات وصروح اسلامية عملاقة كان لها عظيم الاثر فى انتعاش الاحوال الاقتصادية للبلاد والتى ساهمت فى حلول للبطالة وتقديم الاعانات الاجتماعية التى عجزت الدولة عن توفيرها .. وقد يبدو هذا المجال وكأنه اغلق وهناك المقولة التى تحكم الاسواق بالقول (رأس المال جبان ) .. وربما كانت سببا فى احجام الكثير من اصحاب الاموال من خوض التجربة .. ولكن تلك المقولة ليس لها موقع قدم فى فكرنا الاسلامى .. نعم الحكمة وتدبر الامور هو امر واجب ولكن اغلاق باب من ابواب الخير فتحة نخبه من خيرة صحابةرسول الله الذين برعوا فى مجالات التجارة وبحق هم اعلام فى مجال الاقتصاد دفعوا باموالهم عن الامة كل الهموم واطعموا مساكينها وبروا اهلها بكل ما استطاعوا من خيرات وبركات جرت على ايديهم .. هذا الباب والمدخل الكريم يجب ان يعاد فتحه ولا يشترط ان يعتمد على اصحاب رؤس الاموال الكبيرة
الغرض ليس التربح وتحقيق المكاسب للاستفادة على المستوى الشخصى ولا الاستمتاع بمباهج الدنيا وزينتها (( فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ))
ولكن الهدف اكبر من مؤسسات وصروح اسلامية واعلى واغلى من اقتناء حفنة اوراق وعملات صعبة وحسابات جارية وابعد من ان يحصر فى مكاسب وخسائر .. الهدف هو اعادة فتح هذا الباب لبناء اقتصاد اسلامى قوى يقدم الخدمات ويحمى شباب الامة من الفتن ويستوعب طاقاتهم وقدراتهم ومهاراتهم ويحفظهم من الضياع داخل اراضيهم او خارجها ببلاد المهجر ويمكن لهم دينهم وامنهم بديارهم ويحفظ للامة استقراراها ومواردها بدلا من الشتات واهدار مواردها فى بطون الغرب
Bookmarks